
أستراليا ترفض استمرار هيمنة بكين على ميناء داروين
قال نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز إن الحكومة الفيدرالية تعارض استمرار ملكية الصين لميناء داروين، نافياً تعرض بلاده لضغوط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإيجاد مشترٍ جديد للميناء، الذي يخضع لتدقيق متزايد.
وأضاف مارلز، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ على هامش حوار شانجريلا في سنغافورة، السبت: "لا نرى أن من المناسب أن تكون هذه البنية التحتية في أيدي كيان مملوك علناً للحكومة الصينية"، وأضاف: "نعمل على التوصل إلى حل أفضل بشأن هيكل ملكية الميناء".
وقال مارلز، متحدثاً عن منشأة داروين الواقعة على الساحل الشمالي لأستراليا: "كنا قلقين بشأن تلك الملكية منذ اللحظة التي وصلنا فيها إلى الحكم".
في المقابل، وجه السفير الصيني لدى أستراليا شياو تشيان تحذيراً إلى كانبيرا داعياً إياها إلى توخي الحذر في قراراتها المتعلقة بعقد إيجار ميناء داروين، مؤكداً أن شركة لاندبريدج قامت بـ"استثمارات كبيرة" في المنشأة.
وكان رئيس الوزراء أنطوني ألبانيز تعهّد، قبيل الانتخابات التي جرت في وقت سابق من مايو الجاري، بإعادة ميناء داروين إلى السيطرة الأسترالية من شركة لاندبريدج الصينية، التي منحتها حكومة الإقليم الشمالي عقد إيجار لمدة 99 عاماً في عام 2015، في خطوة أثارت انتقادات مجموعة من السياسيين في أستراليا والولايات المتحدة، التي تستخدم منشأة تدريب عسكري قريبة من الموقع.
يشار إلى أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر لأستراليا بفارق كبير، وكانت قد عبّرت سابقاً عن غضبها من الضغوط التي مارستها إدارة ترمب بشأن قناة بنما، مما أدى إلى احتمال بيع تكتل مقره هونج كونج عملياته في ميناءين في بنما، وهي صفقة قالت بكين إنها ستخضع للمراجعة.
الجيش الصيني
وحث وزير الدفاع الأسترالي الصين على مزيد من الشفافية بشأن تحديث جيشها وعمليات الانتشار العسكري في الوقت الذي تستعد فيه دول المحيط الهادئ لوجود صيني أكثر حزماً.
وفي حديثه لرويترز، قال مارلز إنه في حين أن الصين لا تزال شريكاً استراتيجياً مهماً لأستراليا، فإن التواصل بشكل أكثر انفتاحاً بين البلدين هو مفتاح العلاقة "المثمرة".
وقال: "عندما تنظر إلى النمو في الجيش الصيني الذي حدث دون طمأنة استراتيجية أو شفافية استراتيجية.. فإننا نود أن تكون لدينا شفافية أكبر بشأن ما تسعى الصين إلى فعله، ليس فقط بالنسبة لتعزيزاتها لكن بالنسبة للتدريبات التي تجريها أيضاً".
وأضاف: "نريد أن تكون لدينا أفضل علاقة مثمرة مع الصين.. ونأمل أن نرى في سياق تلك العلاقة المثمرة شفافية أكبر وتواصلاً أكبر بين بلدينا فيما يتعلق بدفاعنا".
وفي مقابلة منفصلة مع هيئة الإذاعة الأسترالية، قال مارلز إن وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث حث أستراليا على زيادة إنفاقها العسكري "بطريقة محترمة وتصون الكرامة" خلال اجتماع على هامش حوار شانجريلا.
وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال شريكاً موثوقاً، أكد مارلز قوة العلاقات معها، مع التشديد أيضاً على أهمية الشراكات مع دول أخرى. وقال: "نعمل عن كثب مع الولايات المتحدة، ونواصل هذا التعاون في ظل إدارة ترمب"، مضيفاً: "لكننا نُعنى أيضاً ببناء علاقات تتجاوز الولايات المتحدة".
وكرر مارلز انتقاداته إلى بكين بسبب توسّعها العسكري، وقال: "الصين تقوم بأكبر حشد عسكري تقليدي يشهده العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويجري ذلك من دون شفافية استراتيجية أو تطمينات استراتيجية".
وأضاف: "وفي هذا السياق بالتحديد، نعمل على تعزيز قدراتنا الدفاعية بشكل غير مسبوق"، لكنه في كلمته التي ألقاها، السبت، في حوار شانجريلا، حذر مارلز أيضاً من تقسيم منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى مناطق نفوذ.
وقال: "تقسيم منطقة الهندي والهادئ إلى كتل جيوسياسية واقتصادية لن يجعلنا أكثر فقراً فحسب، بل سيجعلنا أيضا أكثر عرضة للصراع"، وأضاف: "التجارة هي شريان الحياة في منطقة آسيا".
العلاقات بين الصين وأستراليا
وشهدت العلاقات بين أستراليا والصين تحسناً كبيراً خلال السنوات الثلاث الماضية منذ انتخاب حكومة ألبانيز في مايو 2022، بما في ذلك رفع القيود التجارية التي فرضتها بكين في ذروة التوترات أثناء جائحة كورونا.
غير أن تطورات حديثة وضعت هذا التحسن موضع اختبار، من بينها قيام البحرية الصينية بإجراء مناورات غير مسبوقة بالذخيرة الحية قبالة الساحل الشرقي المكتظ بالسكان في أستراليا في فبراير.
وعبرت أستراليا ونيوزيلندا عن قلقهما، واشتكت كلتا الدولتين من تأخر الصين في الإخطار بالتدريبات، مما أدى إلى تحويل مسار 49 رحلة جوية تجارية.
وقال مارلز إنه على الرغم من أن التدريبات كانت متوافقة مع القانون الدولي، كان ينبغي على الصين أن تكون أقل إثارة للاضطراب.
وأشار المسؤولون الصينيون إلى أن من المتوقع إجراء المزيد من هذه المناورات لأنها كانت نشاطاً روتينياً للبحرية في المياه الدولية.
ويقول محللو الدفاع إن التدريبات تؤكد على طموح بكين في تطوير أسطول بحري عالمي قادر على استعراض القوة في المنطقة بشكل أكثر تواتراً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 36 دقائق
- الرياض
بعد ساعات من تلميح ترمب إلى تجدد التوترات التجاريةواشنطن تتهم الصين بالسعي لتغيير ميزان القوى في آسيا
حذّر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث من أن الصين "تستعد" لاستخدام القوة العسكرية لتغيير ميزان القوى في آسيا، متعهدا بأن الولايات المتحدة ستبقى بجانب حلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وتعليقات هيغسيث التي وردت خلال منتدى أمني سنوي في سنغافورة، تأتي في وقت تشهد العلاقات بين واشنطن وبكين توترات في ملفات عدة منها التجارة والتكنولوجيا والنفوذ في مناطق استراتيجية في العالم. ومنذ عودته الى البيت الأبيض في يناير، أطلق الرئيس دونالد ترمب حربا تجارية ضد الصين تقوم على رفع التعرفات الجمركية، ويعمل على تقييد حصولها على التقنيات الأميركية في مجال الذكاء الاصطناعي، ويواصل تعزيز العلاقات مع أطراف اقليميين على تباين مع بكين مثل الفلبين. وقال هيغسيث خلال منتدى حوار شانغريلا للأمن في سنغافورة إن "التهديد الذي تشكله الصين حقيقي وقد يكون وشيكا". وأشار إلى أن بكين "تستعد بصورة موثوقة لاستخدام محتمل للقوة العسكرية لتغيير ميزان القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، محذّرا من أن الجيش الصيني يعمل على بناء القدرات لاجتياح تايوان "ويتدرب" على ذلك فعليا. وزادت الصين من ضغوطها العسكرية على تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي لكن تعتبرها بكين جزءا من أراضيها، وأجرت العديد من المناورات العسكرية الواسعة في محيط الجزيرة شملت على وجه الخصوص محاكاة الحصار والغزو. هيغسيث: بكين ضالعة في هجمات سيبرانية ومضايقة جيرانها وأكد هيغسيث أن الولايات المتحدة "تعيد توجيه نفسها من أجل ردع عدوان الصين الشيوعية"، داعيا حلفاء بلاده وشركاءها في آسيا إلى الإسراع في رفع الإنفاق في المجال الدفاعي في مواجهة التهديدات المتزايدة. واعتبر أن على التصرفات الصينية أن تكون بمثابة "جرس إنذار"، متهما بكين بالضلوع في هجمات سيبرانية ومضايقة جيرانها، وصولا إلى "مصادرة أراضٍ وتحويلها للاستخدام العسكري بشكل غير قانوني" في بحر الصين الجنوبي. وتطالب بكين بالسيادة شبه الكاملة على هذا المسطح المائي الذي يمرّ عبره نحو 60 في المئة من التجارة البحرية، على رغم حكم قضائي دولي يعتبر أن لا أساس قانونيا لهذا المطلب. وسجلت على مدى الأشهر الماضية مناوشات بين البحريتين الصينية والفلبينية في هذه المنطقة. وتوقع مسؤولون أميركيون أن تكون هذه المنطقة وما تشهده من توترات، محورا أساسيا في النقاشات على هامش منتدى شانغريلا. وتزامنا مع كلمة هيغسيث في المنتدى، أعلن الجيش الصيني أن قواته البحرية والجوية تقوم بـ"دوريات استعداد قتالي" روتينية حول سلسلة من الشعاب والصخور المتنازع عليها مع مانيلا. وقال القائم بالأعمال في السفارة الأميركية في سنغافورة كايسي مايس إن "حزم الصين في بحر الصين الجنوبي زاد خلال الأعوام الأخيرة"، مؤكدا ضرورة مناقشة ذلك خلال منتدى سنغافورة. ولم ترسل بكين أي مسؤول من وزارة الدفاع للمشاركة في المنتدى، واكتفت بوفد من جامعة الدفاع الوطني التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني. وأثارت كلمة هيغسيث انتقاد بعض المحللين الصينيين في المنتدى. وقال دا وي، مدير مركز الأمن الدولي والاستراتيجية في جامعة تسينغهوا للصحافيين إن الخطاب كان "غير ودود للغاية" و"تصادميا للغاية". واتهم دا واشنطن باعتماد معايير مزدوجة لجهة مطالبة الصين باحترام جيرانها، بينما تقوم هي بمضايقة جيرانها مثل كندا وغرينلاند. وأتت تصريحات الوزير الأميركي بعد ساعات من تلميح ترمب إلى تجدد التوترات التجارية مع الصين، متهما إياها بـ"انتهاك" اتفاق يهدف إلى خفض التصعيد فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، قائلا إنه يتوقع أن يتحدث قريبا إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ. واتفقت أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم خلال مايو على تعليق العمل بالزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية بينهما فترة 90 يوما، بعد محادثات بين الطرفين في جنيف. لكن ترمب كتب عبر منصته تروث سوشال "الصين، وهو أمر قد لا يُفاجئ البعض، انتهكت اتفاقها معنا بشكل كامل"، بدون تقديم مزيد من التفاصيل. وفي مسعى لطمأنة الحلفاء في آسيا، شدد هيغسيث على أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ تبقى "أولوية" بالنسبة الى الولايات المتحدة، متعهدا ضمان أن "الصين لن تهيمن علينا أو على حلفائنا وشركائنا". وفي حين أشار إلى أن بلاده عززت تعاونها مع الفلبين واليابان، أعاد التذكير بأن "الصين لن تغزو تايوان" في عهده. وأضاف "من الصعب تصديق أنني أقول هذا، ولكن بفضل الرئيس ترمب، ينبغي على الحلفاء الآسيويين أن ينظروا إلى الدول في أوروبا كمثال جديد"، مستشهدا بتحرك دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك ألمانيا، نحو هدف الإنفاق الذي حدده الرئيس الأميركي بنسبة 5 % من الناتج المحلي الإجمالي. وأضاف "الردع لا يأتي رخيصا". من جهتها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن بعض دول القارة "أدركت منذ زمن أننا نحتاج للاستثمار في الدفاع". وأضافت "أعتقد أن قيامنا بالمزيد هو أمر جيد، لكن ما أريد التشديد عليه هو أن أمن أوروبا وأمن الهادئ مترابطان بشكل كبير"، معتبرة أن كلمة وزير الدفاع الأميركي تضمنت "بعض الرسائل القوية المتعلقة بالصين".


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
وزير الخزانة الأميركي: ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج سيتحدثان قريباً
قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأحد، إنه يعتقد أن الرئيس دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينج سيتحدثان قريباً لمعالجة القضايا التجارية، بما في ذلك المعادن النادرة. وأضاف بيسنت في برنامج Face the Nation على شبكة CBS: "أعتقد أننا سنرى شيئاً ما قريباً جداً" وذلك عند سؤاله عما إذا كان قد تم تحديد موعد لمكالمة بين الزعيمين. وعند سؤاله عما يقصده ترمب بحديثه عن انتهاك الصين لاتفاق جنيف قال:"أنا واثق من أنه عندما يجري ترمب والرئيس الصيني اتصالاً، سيتم تسوية هذا الأمر". وأضاف: "في الحقيقة إنهم يحجبون بعض المنتجات التي وافقوا على إصدارها في اتفاق جنيف، ربما يكون خللاً في النظام الصيني، أو ربما يكون متعمداً، سنرى بعد الاتصال بين الطرفين". وبشأن موعد الاتصال المرتقب خاصة أن ترمب صرح أكثر من مرة بأنه سيتحدث إلى الرئيس الصيني، قال بيسنت:" أعتقد سيكون قريباً جداً". واعتبر بيسنت أن الأسعار لم تشهد زيادات كبيرة، وأن أرقام التضخم في انخفاض فعلي، مبيناً أن التضخم شهد أول انخفاض منذ 4 سنوات، إذ كانت أرقام التضخم الأسبوع الماضي مناسبة جداً للمستهلك. اتصال لحل الخلافات وكان ترمب، قد أعلن الجمعة، أنه سيتحدث إلى نظيره الصيني على أمل التوصل إلى حل لخلافاتهما بشأن التجارة والرسوم الجمركية، وسط تصاعد المخاوف من انهيار "الهدنة التجارية" القائمة بين أكبر اقتصاديين في العالم. وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، بأن "الهدنة التجارية" القائمة بين الولايات المتحدة والصين مهددة بالانهيار، في ظل غضب إدارة ترمب من بطء إجراءات الصين في تصدير المعادن النادرة. وقالت مصادر مطلعة على الأمر للصحيفة، إن إبرام الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال محادثات جنيف في وقت سابق من الشهر الجاري، كان مشروطاً بتقديم بكين "تنازلات" في ملف المعادن النادرة، وهي من المكونات الأساسية في صناعة هواتف آيفون، والسيارات الكهربائية، والأسلحة المهمة مثل مقاتلات F-35 وأنظمة الصواريخ. وذكرت المصادر أن المفاوضين التجاريين الأميركيين قدموا لنائب رئيس مجلس الدولة الصيني خه ليفنج طلباً بأن تستأنف بكين تصدير المعادن النادرة، مقابل أن توافق الولايات المتحدة على تعليق مؤقت للرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً. مباحثات ماراثونية ووافق المسؤول الصيني على المطلب الأميركي في الساعات الأخيرة من "المباحثات الماراثونية" مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير، ووفقاً للمصادر. وبموجب الاتفاق، علّق الجانبان معظم الرسوم الجمركية، وهو ما لاقى ترحيباً من المستثمرين والشركات حول العالم. لكن منذ جنيف، استمرت بكين في إجراءاتها البطيئة للموافقة على تراخيص تصدير المعادن النادرة وعناصر أخرى ضرورية لتصنيع السيارات والرقائق وغيرها. واتخذت الإدارة الأميركية، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، خطوات لإلغاء تأشيرات دخول الطلاب الصينيين، كما علّقت بيع بعض التقنيات الحيوية للشركات الصينية. وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، صباح الجمعة، ذكر ترمب أن الصين "انتهكت بالكامل الاتفاق المبرم معنا"، مضيفاً: "لقد أبرمت اتفاقاً سريعاً مع الصين لإنقاذهم من وضع كنت أعتقد أنه سيكون سيئاً للغاية"، لكنه استدرك معبراً عن غضبه: "وداعاً للطيبة". ولاحقاً، حثت الصين الولايات المتحدة على إنهاء "القيود التمييزية" ضدها، داعيةً للتعاون في الحفاظ على "التوافق" الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات رفيعة المستوى التي جرت في جنيف.


الشرق السعودية
منذ 3 ساعات
- الشرق السعودية
ملفات السياسة الخارجية.. مشكلات جيوسياسية واقتصادية تعزز "استياء" ترمب
يعتقد كل رئيس أميركي أن بإمكانه تغيير العالم، لكن الرئيس دونالد ترمب لديه شعور أكبر بـ"القدرة الشخصية المطلقة"، يفوق حتى أسلافه في الآونة الأخيرة؛ لكن يبدو أن الأمور لا تسير على ما يرام للرئيس الـ47 للولايات المتحدة، وفق شبكة CNN. وبينما ينجح ترمب في "ترهيب" عمالقة التكنولوجيا لإجبارهم على الالتزام بتوجهاته، ويستخدم السلطات الحكومية لممارسة الضغط على مؤسسات مثل جامعة "هارفارد" والقضاء، لا يمكن إخضاع بعض القادة العالميين بهذه السهولة. وقالت الشبكة الأميركية في تقرير، الأحد، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يزال يتجاهل ترمب ويحرجه، متحدياً الجهود الأميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، والإعلام الروسي بات يصوّر ترمب على أنه رجل "كثير الوعود، قليل الأفعال، لا يفرض عقوبات". كما ظن ترمب أنه قادر على تطويع الصين من خلال الدخول في حرب تجارية مع الرئيس شي جين بينج، لكنه أساء فهم السياسة الصينية، فالشيء الوحيد الذي يستحيل أن يفعله زعيم في بكين هو الرضوخ أمام رئيس أميركي، حسبما ذكرت CNN. وفي الوقت الراهن، يعرب مسؤولون أميركيون عن شعورهم بالإحباط من عدم التزام الصين بتعهدات كانت تهدف إلى خفض حدة النزاع التجاري. تراجع ترمب عن مواقفه ومثلما حدث مع الصين، تراجع ترمب عن موقفه في حرب الرسوم الجمركية مع الاتحاد الأوروبي. وهو ما دفع الكاتب في صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية روبرت أرمسترونج، إلى إثارة غضب الرئيس باختراع مصطلح "تجارة التاكو" TACO، وهي اختصار لعبارة Trump Always Chickens Out، التي تعني "ترمب ينسحب دائماً". وكان الجميع يتوقع توافقاً بين ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ لا سيما وأن الرئيس الأميركي منحه خلال ولايته الأولى كل ما كان يريده تقريباً. لكن مع محاولاته الحالية للوساطة في عملية سلام بالشرق الأوسط، اكتشف ترمب أن استمرار الحرب في غزة يمثل "مسألة وجودية" لمسيرة نتنياهو السياسية، تماماً كما تمثل أوكرانيا قضية وجودية لبوتين، وفق CNN. كما أن مساعي ترمب للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران تصطدم بخطط إسرائيلية لاستغلال لحظة "الضعف الاستراتيجي"، التي تمر بها طهران لتنفيذ ضربة عسكرية ضد منشآتها النووية. وقالت CNN إن القادة الأقوياء حول العالم يسعون إلى تنفيذ رؤاهم الخاصة للمصلحة الوطنية، في واقع موازٍ وجداول زمنية مختلفة، سواء من حيث التاريخ أو الوقائع، مقارنةً بطموحات الرؤساء الأميركيين "الأقصر أمداً والأكثر نفعية". وأضافت الشبكة أن غالبية هؤلاء القادة لا يستجيبون لمجرد نداءات شخصية لا تقابلها مكاسب. وبعد محاولات ترمب "إذلال" الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا داخل المكتب البيضاوي، بدأت جاذبية البيت الأبيض تتلاشى بحسب الشبكة الأميركية. وأمضى ترمب شهوراً خلال حملته الانتخابية العام الماضي يروج لـ"علاقته الجيدة جداً" مع الرئيسين الروسي والصيني، زاعماً أنها ستؤدي "بشكل سحري" إلى حل مشكلات جيوسياسية واقتصادية عميقة تبدو عصية على الحل. ووفقاً لشبكة CNN، ترمب ليس أول رئيس أميركي يقع في هذا "الوهم"، إذ قال جورج بوش الابن إنه نظر في عيني بوتين واستشعر "روحه". أما باراك أوباما فقلل من شأن روسيا واعتبرها قوة إقليمية آيلة للانهيار، ووصف بوتين ذات مرة بأنه "الفتى الممل في آخر الصف". ولم تسر الأمور على ما يُرام عندما ضم ذلك "الفتى الممل" شبه جزيرة القرم. رؤساء القرن الـ21 "رجال أقدار" وذكرت CNN أن رؤساء القرن الـ21 كانوا يتصرّفون كما لو أنهم "رجال أقدار"، موضحة أن بوش جاء إلى السلطة مصمماً على عدم لعب دور "شرطي العالم"، لكن هجمات 11 سبتمبر جعلته يفعل العكس تماماً، فخاض حروباً في أفغانستان والعراق، انتهت بانتصار عسكري وهزيمة في تحقيق السلام. أما هدفه في ولايته الثانية لنشر الديمقراطية في العالم العربي فلم يتحقق. وحاول أوباما تصحيح مسار "الحرب على الإرهاب"، وسافر إلى مصر داعياً المسلمين لـ"بداية جديدة". وكان يعتقد أن شخصيته الاستثنائية وخلفيته الفريدة تمثلان بحد ذاتهما علاجاً عالمياً. أما جو بايدن، فسافر حول العالم ليعلن أن "أميركا عادت" بعد إخراج ترمب من البيت الأبيض. لكن بعد 4 سنوات، وبسبب قراره الكارثي جزئياً بالترشح لولاية ثانية، اختفت الولايات المتحدة، أو على الأقل النسخة الدولية منها التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية. وعاد ترمب إلى الساحة. ويعتمد خطاب "أميركا أولاً" الذي يتبناه ترمب على فرضية أن الولايات المتحدة تعرّضت للاستغلال طيلة عقود، متجاهلاً أن تحالفاتها وتأثيرها في تشكيل الرأسمالية العالمية هو ما جعلها القوة الأعظم في التاريخ، بحسب CNN. واعتبرت CNN أن ترمب يتقمص في الوقت الراهن دور "الزعيم القوي الذي يجب على الجميع الانصياع له"، لكنه في الواقع "يبدد هذا الإرث السياسي ويدمر القوة الناعمة للولايات المتحدة، أي قدرتها على الإقناع، بسلوكه العدائي". وأظهرت الأشهر الأربعة الأولى من رئاسة ترمب، بما شهدته من تهديدات بفرض رسوم جمركية وتحذيرات من توسع إقليمي أميركي في كندا وجرينلاند وتقليص حاد في برامج المساعدات الإنسانية العالمية، أن لبقية دول العالم رأياً فيما يحدث أيضاً. وحتى الآن، يبدو أن قادة الصين وروسيا وإسرائيل وأوروبا وكندا توصلوا إلى قناعة بأن ترمب ليس بالقوة التي يتصورها، وأن تحديه لا يكلفهم شيئاً، أو أن اعتباراتهم السياسية الداخلية تفرض عليهم مقاومته.