logo
'ممر ترامب'.. أميركا دولة جوار لإيران من خرم الإتفاق الأرميني الأذربيجاني!محمد صالح صدقيان

'ممر ترامب'.. أميركا دولة جوار لإيران من خرم الإتفاق الأرميني الأذربيجاني!محمد صالح صدقيان

ساحة التحريرمنذ 2 أيام
'ممر ترامب'.. أميركا دولة جوار لإيران من خرم الإتفاق الأرميني الأذربيجاني!
محمد صالح صدقيان
رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ورئيس أذربيجان حيدر علييف في البيت الأبيض اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أصبح بموجبه 'ممر زنغزور' يخضع لإدارة الولايات المتحدة، ما يجعل الأخيرة دولة جوار لإيران، كما كان الحال أثناء احتلال أفغانستان.
من المنتظر أن يُوفّر اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان خاتمة لمسلسل من الحروب والتوترات الأمنية والسياسية عمرها أكثر من مائتي سنة وشاركت فيها أطراف دولية كبريطانيا والاتحاد السوفياتي السابق والخلافة العثمانية.
وحسب رواية يريفان، فإن جمهورية أرمينيا ترغب في أن تشمل منطقة ناخيتشيفا المناطق الأساسية من البلد (شرق أرمينيا) وبالتحديد محافظة يريفان كما ترغب في تملك الأجزاء الشرقية والجنوبية من محافظة إليزابيثبول، وفي المقابل، ترفض أذربيجان ترفض هذه المعطيات وتُؤكد على وحدة أراضيها وحقها السيادي على كل تلك المناطق. الجدير ذكره أنه خلال العامين الماضيين خاضت أذربيجان حرباً مع أرمينيا لاستعادة اقليم قرباغ المتنازع عليه بينهما، وتمكنت بمساعدة تركيا من احتلال الإقليم وطرد السكان الأرمن منه، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف النار والاعتراف بالسيادة الأذربيجانية علی الإقليم.
ومع بدء ولايته الثانية، مطلع هذه السنة، قرّر ترامب الدخول على خط الأزمة بين باكو ويريفان حيث بذل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمساعدة مندوب الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف جهوداً للتوصل إلی اتفاق بعدما قرّرت موسكو الوقوف على الحياد، ومن ثم انتظار المباحثات المنتظرة التي سيجريها الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في آلاسكا في الخامس عشر من هذا الشهر والتي ستكون مخصصة بالدرجة الأولى للملف الروسي الأوكراني.
وبموجب الإتفاق الأذربيجاني الأرميني، ستتولى الولايات المتحدة إدارة الطريق الممتد من تركيا شمالاً إلی العاصمة الأذرية باكو مروراً بـ'ممر زنغزور' في الأراضي الأرمينية، على أن يخضع هذا الممر لإدارة الأميركيين لمدة 99 عاماً. وإذا ما عرفنا أن هذا الممر يمتد حتى حدود إيران الشرقية، فهذا يعني أن الولايات المتحدة ستكون جارة إيران لمدة 99 عاماً علی حدودها الشمالية الشرقية.
هذه المقاربة السريعة كانت مهمة للتدليل على تداعيات مثل هذا الاتفاق علی الوضع الجيوسياسي في منطقة تتواجد فيها اضافة إلی أرمينيا وأذربيجان كلٌ من تركيا وإيران وبحر قزوين، والآن دخلت الولايات المتحدة كطرف في الاتفاق لتثبيته بعد أن أصبح الممر يحمل اسم ترامب بدلاً من 'زنغزور' تقديراً لجهود رئيس الولايات المتحدة المتعطش لنيل جائزة نوبل للسلام.
وعدا عن استفادة أرمينيا وأذربيجان من الاتفاق، اقتصاداً وسياسةً وأمناً، فإن تركيا الدولة العضو في حلف شمال الاطلسي (الناتو) ستكون الرابح الأبرز لأن 'ممر ترامب' سيربطها بآسيا الوسطی؛ أما إيران، فتعتبر أن هناك من يتحرك عند خاصرتها الرخوة التي تتأثر بمثل هذه التطورات وخصوصاً إذا عرفنا أن إسرائيل ليست بعيدة عن هذه التطورات علی خلفية العلاقات الدبلوماسية التي تمتلكها مع أذربيجان والتعاون المشترك بينهما في مجالات مختلفة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب. كما أن هناك تبادلاً تجارياً وسياحياً بينهما، واللافت للانتباه أن إسرائيل وقفت مع أذربيجان في قضية إقليم قرباغ علی حساب أرمينيا التي تمتلك هي الأخری علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أصابها شيء من التوتر بسبب موقف تل أبيب من قضية قرباغ.
واستناداً إلی ذلك، يُشكّل 'ممر ترامب' تحدياً جيوسياسياً وجيوستراتيجياً للجمهورية الإسلامية بسبب سيطرة الأميركيين علی هذا الممر الحيوي الذي يبدأ من الأراضي التركية وصولاً للعاصمة باكو القريبة من بحر قزوين مروراً بالأراضي الأرمينية الجنوبية، أي أن الممر صار أميركياً شكلاً ومضموناً وإسماً ولم يعد أرضاً أرمينية، وهذا الأمر يُعتبر ركيزة أساسية في اتفاق سلام سيخضع لنوع من السيادة المحدودة أو الإشراف الدولي والإقليمي باعتباره ممراً عابراً للحدود وسيكون معفياً من الرسوم الجمركية ويُمكن للمركبات والقطارات المرور من خلاله دون توقف أو تفتيش علی غرار 'الممرات الآمنة' في العديد من مناطق النزاعات في العالم التي تخضع لنفوذ جهة ثالثة لأهداف جيوسياسية.
هذا التطور الذي حدث ويحدث في القوقاز يتزامن مع ما يحدث في الشرق الأوسط من إعادة رسم للخارطة الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية حيث يتم ابعاد إيران عن خريطة الطاقة الجغرافية في المنطقة إضافة إلی استكمال 'حزام الإحتواء' لإيران.
اقتصادياً، يساهم 'ممر ترامب' في خفض عائدات النقل لأنه يتجاوز الأراضي الإيرانية للربط بين تركيا ودول القوقاز كما أنه يحد من تواصل إيران مع جيرانها الاقليميين في الوقت الذي يستقطب دولاً محاذية لإيران لحشدها في محاور معادية لطهران.
لكن المسألة الأمنية والعسكرية تشكل تحدياً خطيراً لإيران، لأن 'ممر ترامب' سوف يكون متاحاً للتواجد العسكري الأميركي ولقوات حلف 'الناتو' المتواجدة أصلاً في تركيا العضو في هذا الحلف.
صحيح أن طهران رحبت بالاتفاق لأنه ينهي خلافاً تاريخياً مزمناً قرب حدودها الشمالية الشرقية لكنه يضعها أمام تحدٍ كبيرٍ في ضوء المتغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط ولا سيما في ضوء التمدد الإسرائيلي المدعوم أميركياً.
(U2saleh@gmail.com)
‎2025-‎08-‎13
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يصل ألاسكا للقاء القمة مع بوتين بصيغة "ثلاثة لثلاثة"
ترامب يصل ألاسكا للقاء القمة مع بوتين بصيغة "ثلاثة لثلاثة"

شفق نيوز

timeمنذ 37 دقائق

  • شفق نيوز

ترامب يصل ألاسكا للقاء القمة مع بوتين بصيغة "ثلاثة لثلاثة"

شفق نيوز – ألاسكا وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء اليوم الجمعة، إلى أنكوريج في ولاية ألاسكا لعقد لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما أفادت وكالة رويترز. وأوضح البيت الأبيض، بحسب رويترز، أن القمة ستعقد بصيغة "ثلاثة لثلاثة" بمشاركة وزراء ومسؤولين أمريكيين، وليس في صيغة ثنائية بين الرئيسين فقط. وأفاد بأن وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف سينضمان إلى اجتماع ترامب وبوتين، إضافة إلى غداء رسمي يضم وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، وكبيرة موظفي البيت سوزي وايلز من الجانب الأمريكي. ومن المقرر أن يشمل الاجتماع الثلاثي الرئيس ترامب، وستيف ويتكوف، وروبيو مقابل بوتين وعدد من المسؤولين الروس، لمناقشة ملفات الحرب في أوكرانيا، والتعاون الاقتصادي، والأمن العالمي. وفي وقت سابق اليوم، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، من أنه سيغادر اجتماعه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إذا لم تسِر المباحثات على ما يرام، مشيراً إلى أمله في التوصل إلى "شيء ما" خلال المحادثات. وأضاف أن أي تقدم في المفاوضات بشأن أوكرانيا قد يمهد لاحقاً لمناقشة العلاقات الاقتصادية مع روسيا، محذراً من أن "التداعيات الاقتصادية على روسيا ستكون وخيمة إن لم نتوصل إلى اتفاق". ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الجمعة، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لدى نزوله من طائرته في ألاسكا، وفقا لما أفاد به الكرملين. ويأتي اللقاء المرتقب بينهما في ولاية ألاسكا، التي كانت تاريخيا جزءا من روسيا قبل أن تصبح أمريكية، في سياق يحمل رمزية كبيرة واستراتيجية معقدة، إذ يسعى الزعيمان، عبر هذه القمة، إلى مناقشة إنهاء الحرب في أوكرانيا التي ترسم خطوط الصراع الجيوسياسي بين البلدين.

قمة ألاسكا: مصير أوكرانيا على جليد هش!سعيد محمد
قمة ألاسكا: مصير أوكرانيا على جليد هش!سعيد محمد

ساحة التحرير

timeمنذ 8 ساعات

  • ساحة التحرير

قمة ألاسكا: مصير أوكرانيا على جليد هش!سعيد محمد

قمة ألاسكا: مصير أوكرانيا على جليد هش! تتجه الأنظار إلى أنكوريج في أقصى شمال العالم حيث يسعى ترامب لعقد صفقة شخصية مع بوتين تنهي حرب أوكرانيا، فيما يتوجس الأوروبيون والأوكران من تسوية تتم على حسابهما. سعيد محمد* تتجه أنظار العالم غداً الجمعة إلى أنكوريج، في ولاية ألاسكا، حيث اكتملت الاستعدادات لقمة ثنائية طارئة تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في أحدث محاولة للتوصل إلى تسوية تنهي الحرب في أوكرانيا. وبينما يلوّح ترامب بـ 'عواقب وخيمة جداً' إذا رفض بوتين وقف القتال، يسود قلق عميق في العواصم الأوروبية وكييف من أن هذه القمة، التي تم ترتيبها على عجل وبغياب الخبراء وبمعزل عن الحلفاء الرئيسيين، قد تتحول إلى 'يالطا جديدة' – تربط يالطا في الذاكرة السياسية بتقسيم العالم بين القوى الكبرى إشارة إلى قمة 1945 التي جمعت ستالين وروزفلت وتشرشل (بريطانيا) لمناقشة ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية -، يبرم فيها مصير أوكرانيا، ومستقبل أمن أوروبا كلها دون حضورهما. وتأتي القمة في لحظة تقاطع حرجة، حيث يتبنى الرئيس الأمريكي نهجاً دبلوماسياً شخصياً ومتقلباً، ويواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أزمات داخلية وعسكرية خانقة، بينما يحقق الجيش الروسي تقدماً بطيئاً لكن مضطرداً على الأرض ويجد القادة الأوروبيون أنفسهم محشورين في دائرة انعدام التأثير، ويكاد دورهم يقتصر على الجعجعة بشروط انتصار موهوم للغرب. من وجهة نظر الإدارة الجمهورية في البيت الأبيض، تمثل القمة فرصة لإثبات فعالية أسلوب الرئيس القائم على عقد الصفقات الشخصية. فبعد أشهر من التعبير عن الإحباط من استمرار الحرب، يعتقد ترامب أن لقاءً وجهاً لوجه مع بوتين قد يكسر الجمود. وقد صرح للصحفيين بأنه سيعرف 'في أول دقيقتين' ما إذا كان التوصل إلى اتفاق ممكناً، واصفاً الاجتماع تارة بأنه 'جلسة استكشافية'، وتارة أخرى مهدداً بعواقب لم يحددها إذا لم يحصل على ما يريد. وتتلخص رؤية الرئيس الأمريكي في أن استمرار الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا عبء يجب التخلص منه، وأن الحل يكمن في جلوس الأطراف المتصارعة على طاولة المفاوضات، حتى لو كان الثمن تنازلات مؤلمة. وهو لا يرى في بوتين العدو الذي يتحدث عنه الكثيرون في الغرب، بل يعتبره لاعباً براغماتياً يمكن التوصل معه إلى تفاهمات. وفي حساباته الذاتية، فإن تحقيق السلام، حتى لو كان منقوصاً، سيقدمه للناخب الأمريكي كـ 'صانع سلام' قوي، على نقيض الإدارات السابقة التي اتهمها بإطالة أمد الصراعات. على أنّ هذا النهج يثير قلقاً بالغاً في دوائر السياسة الخارجية التقليدية في واشنطن. فالقمة تفتقر إلى التحضير الدبلوماسي المعتاد الذي يقوده مجلس الأمن القومي، بل وشهد المجلس ووزارة الخارجية موجة من عمليات التسريح والاستقالات التي أفرغت الإدارة من المتخصصين في الشأن الروسي والأوكراني. ويقود المفاوضات من الجانب الأمريكي شخصيات مثل ستيف ويتكوف، سمسار العقارات المفتقر للخبرة في السياسة الخارجية، ما يترك ترامب معزولاً عن المشورة المتخصصة في مواجهة مفاوض مخضرم مثل بوتين. ويشير دبلوماسيون سابقون إلى أن الرئيس الروسيّ، المعروف بتمكنه من التفاصيل وقدرته على استغلال نقاط ضعف محاوريه، قد يجد في ترامب خصماً سهل الإقناع. وتزيد من هذه المخاوف سابقة قمة هلسنكي عام 2018، حين بدا أنه يتبنى رواية بوتين بشأن عدم تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية على نقيض استنتاجات أجهزته الاستخباراتية – ثبت لاحقاً أنها استنتاجات مسيسة ولا أساس لها من الصحة -. ويزعم الساسة الديمقراطيون في واشنطن أن الجمع بين حاجة وشهيّة ترامب لتحقيق 'نصر' دبلوماسي سريع تزامناً مع فراغ الخبرة المحيط به يخلق وصفة مثالية لمخاطرة كبرى قد تكون نتائجها عكسية على المصالح الأمريكية والأوكرانية. من الجانب الآخر، يدخل فلاديمير بوتين القمة في موقع قوة تكتيكي. فالرئيس الروسي ليس يائساً لإنهاء الحرب، بل يريد حسمها سلماً أو حرباً وفق شروطه التي تضمن له مكاسب استراتيجية دائمة. ولعل هدفه الأول من قبول المشاركة في القمة كسر العزلة الدولية التي فُرضت على روسيا، والظهور بمظهر الند للرئيس الأمريكي، متجاوزاً بذلك أوروبا وأوكرانيا. ويبدو أن عقد القمة على أرض أمريكية يعد بالفعل وبغض النظر عن نتائجها انتصاراً دعائياً بالنسبة لموسكو. ويقدّر الخبراء بأن بوتين سيسعى إلى تثبيت مكاسبه العسكرية على الأرض. إذ يسيطر الجيش الروسيّ على مساحات واسعة من شرق وجنوب أوكرانيا، وأي اتفاق يجمّد خطوط التماس الحالية، أو يعترف بـ 'الواقع على الأرض'، سيكون بمثابة إعلان نصر للكرملين. وسيهدف إلى الحصول من ترامب على ضمانات أمنية طويلة الأمد، وعلى رأسها حياد أوكرانيا ومنع انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يعتبر توسعه شرقاً تهديداً وجودياً لروسيا. ومن المرجح أن استراتيجية بوتين التفاوضية ستتركز على محاولة تقديم صفقة ترضى غرور ترامب. وتشير تسريبات عشية القمة إلى أن موسكو طرحت أفكاراً مثل 'تبادل الأراضي' ووقف إطلاق النار مقابل انسحاب القوات الأوكرانية بالكامل من منطقة دونيتسك الشرقية. وبذلك سيحاول بوتين تصوير نفسه على أنه الطرف الراغب في السلام، وأن نظام الرئيس فولوديمير زيلينسكي هو العقبة أمام فرص التسوية بسبب 'تشدده' ورفضه تقديم تنازلات. ويأمل بوتين أن يضع ملف أوكرانيا ضمن سلة تشمل مسائل اقتصادية واستثمارية ودبلوماسية عدة بحيث يمكن إغواء ترامب بصفقة يمكن فرض خلاصتها الأوكرانية لاحقاً على كييف، أو على الأقل دق إسفين بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين من بوابة فرص الاستثمار والتعاون الروسي- الأمريكي في التجارة وإدارة الموارد. في برلين وباريس ولندن، أثارت القمة المرتقبة حالة من الاستنفار الدبلوماسي. حيث يخشى القادة الأوروبيون من صفقة متسرعة تتجاهل مصالح أوكرانيا وأمن القارة ككل. وقد سارع المستشار الألماني فريدريش ميرتز، بالتعاون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقادة آخرين، إلى تنظيم مكالمة فيديو عاجلة مع ترامب قبل القمة في محاولة لتوحيد الموقف ووضع 'خطوط حمراء'. ووفقاً لمصادر أوروبية، فقد تم التأكيد في المكالمة على مطالبات يراها الأوروبيون أساسية بما في ذلك أولوية وقف شامل للقتال قبل مناقشة أيّة تسوية سياسية، وعدم اتخاذ قرارات مصيرية بشأن أوكرانيا في غيابها، وأن يظل أي تفاهم حول 'تبادل الأراضي' قراراً سيادياً أوكرانياً بحتاً على أن يتضمن أي اتفاق سلام دائم ضمانات أمنية لأوكرانيا، مع عدم إغلاق الباب أمام طموحاتها المستقبلية في الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي. وكخط رجعة في حال فشل المفاوضات بسبب 'تعنت بوتين' يريد الأوروبيون أن تعمل الولايات المتحدة وأوروبا على تكثيف العقوبات لخنق روسيا اقتصادياً، بما في ذلك فرض عقوبات ثانوية على الشركاء التجاريين الرئيسيين لموسكو. وعلى الرغم من أن ترامب وصف المكالمة مع الزعماء الأوروبيين بال'جيدة جداً و 10/10″، وإعلانه رغبته في أن يتبع قمة ألاسكا لقاء ثلاثي يجمعه مع بوتين وزيلينسكي، مع التلويح ب'عقوبات وخيمة' إن لم يوافق الرئيس الروسي على وقف الحرب، إلا أن القلق في برلين وباريس ولندن لا يزال قائماً، إذ يعي الأوروبيون أن الرئيس الأمريكي قد يغير موقفه سريعاً بمجرد أن يكون في غرفة واحدة مع بوتين، فيما موقفهم ضعيف نسبياً، وهم يدركون أن قدرتهم على اسناد أوكرانيا عسكرياً ومالياً محدودة للغاية حال قررت واشنطن تغيير مسارها، ورهانهم يعتمد كليّة على حسن نية ترامب والتزامه بوعوده السائلة لهم. أما بالنسبة لزيلينسكي، فتأتي القمة في 'أحلك ساعة' على حد وصف نيويورك تايمز. فالرئيس الأوكراني يواجه ضغوطاً هائلة على جبهتين: عسكرياً، حيث تحقق القوات الروسية مكاسب بطيئة ولكن ثابتة على خطوط دفاعه المنهكة؛ وسياسياً، حيث تراجعت شعبيته محلياً بعد أزمة تتعلق بمحاولاته للحد من استقلالية هيئات مكافحة الفساد، وبدا حينها أن الأمريكيين قد لا يمانعون في رحيله عن السلطة. السيناريو الكابوسي لكييف أن يتم إجبارها على الاختيار بين أمرين: إما قبول صفقة غير عادلة وغير مستدامة تفرض عليها التنازل عن أراضٍ وسيادة، أو رفض الصفقة ومواجهة غضب إدارة ترامب التي قد تعاقبها بوقف المساعدات العسكرية والاستخباراتية التي لا يمكن عملياً للجيش الأوكراني الاستمرار بالقتال من دونها. ويحاول زيلينسكي، مستعيناً بالدعم الأوروبي، التأثير على ترامب من خلال التحذير المسبق من 'مخاتلة' بوتين الذي – وفق زيلينسكي دائماً – سيحاول التقليل من تأثير العقوبات الغربية على روسيا، والتأكيد على أن موسكو لا ترغب بتحقيق السلام بقدر ما تسعى لتفكيك أوكرانيا بالكامل ونزع سيادتها. كما يكرر خطوطه الحمراء بأن الدستور الأوكراني يمنعه من التنازل عن الأراضي، وأن أي اتفاق يجب أن يحظى بموافقة البرلمان والشعب، وهو أمر شبه مستحيل في ظل الرفض الشعبي والعسكري الواسع لأي تنازلات إقليمية. سيحدد نجاح هذه القمة – أو فشلها – ليس مصير أوكرانيا فحسب، بل أيضاً مستقبل التحالف عبر الأطلسي، وربما شكل النظام العالمي لعقود قادمة. ولعل التحدي – والفرصة في ذات الآن – الذي يواجه الزعيمين يكمن في جسر الهوة السحيقة بين تصوراتهما للتسوية. فترامب يريد حلاً سريعاً يريحه من 'العبء الأوكراني'، بينما يسعى بوتين إلى إعادة تعريف النظام الأمني في أوروبا بما يحفظ مصالح روسيا. وفي المدرجات عن بعد، تقف أوكرانيا وأوروبا، بلا حول ولا قوة، يتغشاهما القلق من أن يأتي نجاح القمة على حسابهما. – لندن ‎2025-‎08-‎15

قمة ترامب-بوتين: ماذا يريد الرئيسان… والغائب زيلينسكي؟
قمة ترامب-بوتين: ماذا يريد الرئيسان… والغائب زيلينسكي؟

الزمان

timeمنذ 11 ساعات

  • الزمان

قمة ترامب-بوتين: ماذا يريد الرئيسان… والغائب زيلينسكي؟

انكوريج (الولايات المتحدة) (أ ف ب) – يعقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قمة في ألاسكا الجمعة، ستكون الحرب في أوكرانيا الأبرز على جدول أعمالها. فماذا يريد كل من الرئيسين من اللقاء الأول بينهما منذ عودة ترامب الى البيت الأبيض مطلع العام الحالي؟ وماذا يريد الغائب الأبرز عنها، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؟ – ماذا يريد ترامب؟ – باختصار، جائزة نوبل السلام. لم يخف ترامب مرارا وتكرارا رغبته، وما يعتبرها جدارته، في الحصول على الجائزة المرموقة، على رغم أن العديد من المراقبين يستبعدون أن تكرّم اللجنة النروجية الرئيس المعروف بموافقه وتصرفاته المثيرة للجدل. تباهى ترامب بمهاراته في عقد الصفقات وتعهّد بإنهاء حرب أوكرانيا سريعا، لكن دعواته إلى بوتين لم تلق استجابة، حتى بعدما كثّف الضغط على زيلينسكي للتوصل إلى تسوية، بما في ذلك قطع المساعدات الأميركية. كما أكد الثري الجمهوري أنه يرى فرصا تجارية في روسيا التي لا تزال تحت العقوبات الغربية بسبب الحرب. يخشى العديد من القادة الأوروبيين أنه في الاجتماع الثنائي بين الرئيسين الأميركي والروسي، قد يفرض بوتين تأثيره على ترامب الذي سبق له أن فاجأ كل المتابعين بعد قمتهما في هلسنكي 2018، بتأييد ما أدلى به بشأن نفي تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016، على رغم أن تقديرات أجهزة الاستخبارات في واشنطن كانت تشير الى النقيض من ذلك. – ماذا يريد بوتين؟ – الاحتفاظ بأكبر مساحة ممكنة من أوكرانيا. عند بدء الغزو في شباط/فبراير 2022، لم تتمكن روسيا من السيطرة سريعا على أوكرانيا. لكنها حققت مكاسب ميدانية ثابتة خلال الأشهر الأخيرة، ما دفع بوتين إلى الاعتقاد بتمتعه بتفوق عسكري يتيح تحقيق مكاسب سياسية. وقال السفير الأميركي السابق لدى كييف جون هيربست إن بوتين يدرك من الآن ما سيكون عليه الاتفاق بشأن أوكرانيا: وقف لإطلاق النار مع شكل من أشكال الضمانات الأمنية لأوكرانيا. أضاف الدبلوماسي السابق، وهو حاليا باحث في مركز يوراسيا التابع للمجلس الأطلسي، أن ذلك 'لا يعطي بوتين ما يريده، وهو السيطرة على كامل أوكرانيا. ولكن ليس مهما ما يريده بوتين. إذا لم يستطع الحصول على شيء أكثر، فقد يكتفي بما هو متاح'. طرح بوتين الاجتماع مع ترامب بعدما لوّح الرئيس الأميركي بفرض عقوبات جديدة على روسيا ما لم تمضِ نحو وقف إطلاق النار في أوكرانيا. واعتبر سام غرين، الباحث في المركز الأوروبي لتحليل السياسات، أن 'أفضل سيناريو لروسيا هو… التمكن من وضع اتفاق على الطاولة يوفر نوعا من وقف إطلاق النار، ولكنه يتيح لروسيا السيطرة على الديناميات التصعيدية، ولا يخلق أي نوع من الردع الحقيقي على الأرض أو في السماء فوق أوكرانيا'. – ماذا يريد زيلينسكي؟ – مقعد الى طاولة التفاوض، وانسحاب روسيا من أوكرانيا. لم يدع ترامب زيلينسكي الى القمة، في تحول جذري عن إصرار الرئيس الأميركي السابق جو بايدن على عدم بحث 'أي شي عن أوكرانيا من دون أوكرانيا'. لكن ترامب تعهد بألا ينجز في قمة الجمعة، أي تسوية بشأن أوكرانيا، وأن يبقى ذلك رهن اجتماع ثلاثي يعقد في مرحلة لاحقة. لكن لقاء كهذا يبقى رهن موافقة بوتين على لقاء زيلينسكي. لكن الرئيس الأميركي كرر التلميح الى أن أوكرانيا تحتاج الى تقديم تنازلات لتبادل أراضٍ مع روسيا من أجل التوصل الى تسوية، وهو ما رفضه زيلينسكي. ورأت أولغا توكاريوك، الباحثة في المركز الأوروبي لتحليل السياسات، أنه من منظار الأوكرانيين 'يبدو أن قوتين كبيرتين تقرران حصرا مصير أوكرانيا في غياب أي أوكرانيين على الطاولة'. وأشارت الى أن السيناريو الأمثل بالنسبة الى كييف هو عدم توصل ترامب وبوتين الى أي اتفاق، وفرض عقوبات غربية جديدة على موسكو. من جهته، اعتبر هيربست أن زيلينسكي قد يوافق على تسوية تتيح لروسيا الاحتفاظ بالسيطرة على مناطق تواجدها، من دون إقرار رسمي بذلك. في المقابل، سيقبل بوتين بأن سعيه 'للاستيلاء على المزيد من أوكرانيا واستعادة الإمبراطورية الروسية قد انتهى'، بحسب هيربست.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store