
تونس تعدل أسعار 285 صنفاً من الأدوية المستوردة
وقال كاتب عام نقابة الصيادلة، زبير قيقة، إن 285 صنفاً من الأدوية المستوردة شملها قرار التعديل في الأسعار، مؤكداً أن هذه المراجعة تمت في الاتجاهين، حيث جرى رفع أسعار بعض الأصناف وخفض أسعار أصناف أخرى.
وأكد قيقة، في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الجمعة، أن أسعار 60% من الأدوية المدرجة في القائمة التي نشرتها الصيدلية المركزية ارتفعت، بينما جرى خفض أسعار نحو 40% منها. وأشار كاتب عام نقابة الصيادلة إلى أن قائمة الأدوية التي شملها التعديل تتضمن أدوية مستوردة تُستعمل لعلاج الأمراض المزمنة، وتتوفر لها بدائل من الأدوية الجنيسة المصنعة محلياً. ورجّح أن يكون قرار تعديل
أسعار الأدوية
نابعاً من محاولة خفض كلفة الواردات التي تتحملها الصيدلية المركزية، وفسح المجال أمام الصناعة المحلية لتطوير حضورها في السوق وتعزيز الأمن الدوائي.
وفي سياق متصل، أوضح أن أسعار المواد الحيوية لصناعة الأدوية، إضافة إلى كلفة التعبئة والتغليف، شهدت قفزات كبيرة عالمياً بعد جائحة كورونا، ما ساهم في زيادة كلفة الأدوية، سواء المصنعة محلياً أو المستوردة. وكانت سلطات تونس قد رفعت، في فبراير/شباط 2024، أسعار 280 دواءً بنسب تراوحت بين 15 و30%، وشملت الزيادة حينها الأدوية التي لا يتجاوز سعرها 5 دنانير (1.8 دولار)، وأبرزها الأدوية المصنوعة من مادة "الباراسيتامول" الفعالة، والتي تُستخدم لتسكين الآلام وخفض الحرارة.
وتتكرر في تونس، خلال السنوات الأخيرة، أزمة نقص الدواء بسبب عدم قدرة الدولة على سداد مستحقات المزودين وإجراء طلبيات مبكرة لتحسين المخزون، غير أن النقص امتد في الأشهر الأخيرة إلى العقاقير الحياتية ليشمل أدوية الأمراض المزمنة. ويحتاج قطاع الدواء، بحسب رئيس نقابة الصيادلة، إلى إعادة نظر شاملة في سياسات التمويل والأسعار، وتمويل الأنظمة الاجتماعية، فضلاً عن مراعاة كلفة التصنيع وتداعيات الأزمات العالمية على هذه الصناعة الحيوية، وتحفيز الاستثمار فيها.
وتغطي صناعة الدواء المحلية نحو 63% من حاجيات السوق الداخلية، و23% من حاجيات المستشفيات، كما تساهم في توفير العملة الصعبة من خلال إيرادات التصدير. وقد بلغت قيمة الصادرات التونسية من المنتجات الصيدلانية 113.94 مليون دولار أميركي في عام 2023، بزيادة قدرها 6.5% مقارنة بعام 2022 (107 ملايين دولار)، من بينها 41 مليون دولار من الصادرات إلى السوق الفرنسية. وشكلت هذه الصادرات ما يعادل 0.568% من إجمالي صادرات تونس التي بلغت حوالي 20 مليار دولار في عام 2023.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
استهلاك المنتجات المحلية يُعزز النمو في تونس
ويعمل في قطاع الصيدلة أكثر من 73 مؤسسة، تشغل نحو 86 ألف شخص. ويرى خبراء البنك الدولي أن هذه الصناعة قادرة على مضاعفة فرص العمل في حال إجراء الإصلاحات وتيسير إجراءات الحصول على تراخيص الأدوية والتصدير. وبحسب البنك الدولي، ينمو قطاع الأدوية في تونس بمعدل متوسط يبلغ 15% سنوياً، لكنه لا يزال يُصدّر فقط نحو 6% من الإنتاج المحلي، وهي نسبة تقل كثيراً عن نظيراتها في دول مثل الأردن.
في المقابل، تواجه الصيدلية المركزية صعوبات مالية ومشاكل في سداد مستحقات المخابر العالمية، التي أصبحت أكثر تشدداً في طلب ضمانات السداد أو الدفع نقداً لمواصلة تزويد تونس بالأدوية. وقد برزت مشاكل السيولة المالية لدى الصيدلية المركزية منذ أكثر من خمس سنوات، ما أثّر على قدرتها على تسديد مستحقات مزوّديها الأجانب، ودفع بعضهم إلى تقليص التزود أو فرض شروط صارمة للخلاص.
ويرتبط نقص الدواء في
الأسواق
التونسية بعاملين أساسيين، أولا توقّف بعض المصانع المحلية عن إنتاج أصناف معينة بسبب عدم تغطية أسعارها لتكلفة الإنتاج، وثانياً عدم قدرة الصيدلية المركزية على استيراد الأدوية نتيجة الأزمة المالية ونقص الأرصدة من العملة الصعبة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
حمص مطحون وأوراق شجر مغلية.. حلول يائسة لإطعام رضع غزة
في خيمة على شاطئ غزة، تطحن جدة الطفلة منتهى البالغة من العمر ثلاثة أشهر الحمص حتي يصل إلى أنعم قوام ممكن لتحويله إلى معجون لتطعمه للرضيعة، في محاولة يائسة لإنقاذ الحفيدة من الموت جوعاً ، رغم علمها بأن المعجون سيبكيها من شدة الألم. وتقول عبير حمودة خالة منتهى، إنه لو كان بإمكان الرضيعة الكلام لصرخت في وجههم متسائلة عما يضعونه في جوفها. وعبس وجه منتهى وتلوى جسدها بينما كانت جدتها تطعمها المعجون بواسطة محقنة. وعائلة منتهى واحدة من العديد من عائلات غزة التي تواجه خيارات صعبة في محاولة إطعام أطفالها الرضع، خاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر والذين لا يستطيعون تناول الطعام الصلب وهضمه. وشح الحليب الصناعي للرضع بشدة بعد تراجع وصول المساعدات إلى غزة. وتعجز العديد من النساء عن إرضاع أطفالهن بسبب سوء التغذية ، بينما ينفصل أطفال آخرون عن أمهاتهم بسبب النزوح أو الإصابة أو الموت كما هو الوضع بالنسبة لمنتهى. وتقول عائلتها، إن والدة الطفلة أصيبت برصاصة أثناء حملها وأنجبت قبل الأوان وهي فاقدة للوعي في العناية المركزة وتوفيت بعد بضعة أسابيع. وأشار مدير مجمع الشفاء الطبي إلى هذه الحالة في منشور على "فيسبوك" في 27 إبريل/ نيسان، بعد أربعة أيام من ولادة منتهى. وتفيد جدتها نعمة حمودة، بأنها تشعر بالخوف الشديد بشأن مصير الطفلة، وأضافت "أطلقنا عليها اسم والدتها.. آملين أن تنجو وتعيش طويلاً، لكننا خائفون جداً، فنحن نسمع أن الأطفال والكبار يموتون جوعاً كل يوم". وأشارت أسرة منتهى إلى أن وزنها الآن حوالي 3.5 كيلوغرامات تقريبا، وهو بالكاد يزيد عن نصف وزن طفل في مثل عمرها. وتعاني من اضطرابات في المعدة مثل القيء والإسهال بعد الرضاعة. وقال مسؤولون صحيون وعمال إغاثة وعائلات من غزة لـ "رويترز"، إن عدة عائلات تطعم الأطفال الرضع الأعشاب المغلية والشاي أو تطحن الخبز أو السمسم. وأبلغت وكالات إغاثة إنسانية أيضا عن حالات يقوم فيها الأهالي بغلي أوراق الشجر في الماء وتناول علف الحيوانات وطحن الرمل وتحويله إلى طحين. ووفق خبراء صحة الأطفال، فإن إطعام الأطفال المواد الصلبة في وقت مبكر للغاية يمكن أن يعرقل تغذيتهم ويسبب مشاكل في المعدة ويمكن أن يتسبب في خطر الاختناق. وأفاد سليم عويس المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) "إنها خطوة يائسة لتعويض نقص الغذاء.. عندما لا تستطيع الأمهات الإرضاع أو توفير حليب الأطفال الصناعي، فإنهن يلجأن إلى طحن الحمص والخبز والأرز وأي شيء يتمكن من الحصول عليه لإطعام أطفالهن.. وهذا يعرض صحتهم للخطر لأن هذه المواد ليست ليتغذى عليها الرضع". زجاجات أطفال بلا حليب دفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مرصد عالمي رئيسي لمراقبة الجوع، إلى القول يوم الثلاثاء إن أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف في القطاع، وإنه يتعين القيام بتحرك فوري لتجنب انتشار الموت. وأحدثت صور الأطفال الفلسطينيين المصابين بالهزال صدمة في العالم. وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء، أنه لا يزال يفتقر إلى التصاريح اللازمة لإيصال مساعدات كافية. وتقول وكالات إغاثة إنسانية، إن حليب الأطفال في غزة يكاد ينفد. ويتجاوز سعر العلب المتوفرة في السوق 100 دولار وهو ثمن يستحيل على عائلات مثل أسرة منتهى التي أصبح والدها من دون عمل منذ تسبب الحرب في إغلاق محل الفلافل الذي كان يملكه وتشريد العائلة من منزلها. ونفدت مخزونات حليب الأطفال تقريبا من قسم الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط غزة. وشرحت إحدى الأمهات كيف سكبت طحينة السمسم السميكة في زجاجة الرضاعة وخلطتها بالماء. وقالت أزهار عماد (31 عاما) والدة جوري البالغة من العمر أربعة أشهر "جيبت لها طحينة في قلبها سمسم وحطيتها بنتفة مايه (بعض الماء) وشربتها للبنت، بس البنت مش قابلاها، باعتبار إني أعوضها عن الحليب". وأضافت وهي في حالة ذعر أثناء وصف كيفية تسبب هذه المحاولات في مرض طفلتها بدلا من تغذيتها "مفيش إشي متوفر، أنا باعملها حلبة، يانسون، كراوية، أي إشي أعشاب". خطر يهدد رضّع غزة وتحدث أفراد الطاقم الطبي في المستشفى عن عجزهم وهم يشاهدون صحة الأطفال تتدهور من دون أي وسيلة آمنة لإطعامهم. وقال الطبيب خليل دقران "الأطفال الآن يتم إرضاعهم إما بالمياه أو ببعض طحين البقوليات الصلبة وهذا مؤذ للأطفال". وأضاف "إذا استمر التجويع، إذا لم يأكل الطفل لمدة ثلاثة أو أربعة أيام يفارق الحياة". قضايا وناس التحديثات الحية أطفال غزة... هياكل عظمية في مواجهة التجويع وارتفع عدد الوفيات جراء الجوع في غزة إلى 159 منذ بدء الحرب بعد تسجيل حالتي وفاة جديدتين خلال الساعات الـ 24 الماضية إحداهما لطفل، حسب ما أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم الخميس. وبحسب بيانات الوزارة، من بين عدد الوفيات 90 طفلا، في وقت لا تزال فيه الإمدادات الغذائية والطبية محدودة بشكل حاد بسبب استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات. ويشهد القطاع أزمة إنسانية حادة في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكانت إسرائيل قد أغلقت في الثاني من مارس/آذار 2025 جميع المعابر المؤدية إلى غزة، وهو ما أدى إلى تفاقم أوضاع السكان الذين يعانون من نقص حاد في المواد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء. وتحذر منظمات إنسانية دولية من خطر حدوث مجاعة واسعة النطاق، في وقت لا تزال فيه جهود الإغاثة محدودة وتعاني من قيود لوجستية وأمنية في معظم أنحاء القطاع. (رويترز، أسوشييتد برس)


القدس العربي
منذ 4 أيام
- القدس العربي
أوبزيرفر: الجوع في غزة لا يفتك بك جسدياً فحسب بل عقلياً أيضاً.. وألفا دولار لا تكفي لشراء خبز لأسبوعين
لندن- 'القدس العربي': نشرت صحيفة 'أوبزيرفر' تقريرًا لمراسلتها روث مايكلسن، قالت فيه إن الجوع في غزة لا يفتك بالسكان جسديًا فقط، بل وعقليًا أيضًا، وإن مبلغ 2000 دولار لم يعد كافيًا لشراء خبز يكفي لأسبوعين. فمن لديه القدرة على شراء الطعام، وإن بأسعار باهظة، لا يتناول سوى وجبة صغيرة واحدة يوميًا، أما البقية فيمضون يومهم دون طعام. وبالنسبة لحسن، فإن النجاة من المجاعة تتعلق بالحسابات اليومية، بدءًا من كيفية تقسيم قطعة خبز، حيث يتحوّل كل ربع منها إلى وجبة. فهو يمشي يوميًا ثلاثة أميال بحثًا عن خضروات، ويجمع ما يجده من حطب لطهو ما توفر من طعام. بعد عثوره على 3 علب فاصولياء، قضى حسن وقتًا طويلًا يفكر في كيفية توزيعها على أفراد أسرته الخمسة، بل لجأ إلى 'تشات جي بي تي' للحصول على نصائح بشأن إستراتيجيات توزيع السعرات الحرارية وفي الأسبوع الماضي، قضى أربعة أيام بحثًا دون جدوى عن طحين أو معكرونة، وبدلاً من ذلك، شاهد أشخاصًا يُغمى عليهم في الشوارع بسبب الجوع. وبعد عثوره على ثلاث علب فاصولياء، قضى وقتًا طويلًا يفكر في كيفية توزيعها على أفراد أسرته الخمسة، بل لجأ إلى 'تشات جي بي تي' للحصول على نصائح بشأن إستراتيجيات توزيع السعرات الحرارية. فَقَدَ حسن 38 كيلوغرامًا منذ مارس/آذار، عندما بدأت إسرائيل حصارها المشدد على غزة وأصبح الطعام نادرًا. وقال: 'يجب أن نحسب كل شيء من أجل البقاء'، وأضاف: 'هذا النوع من التجويع لا يؤثر علينا جسديًا فقط، بل عقليًا أيضًا… إنه كفاح'. ورغم معاناته، يُعدّ حسن من القلة المحظوظة، إذ إن عمله في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يوفر له دخلًا ثابتًا، إلا أنه لا يكفي لإعالة أسرته. وقد أجلى زوجته وأطفاله مع بداية الحرب، وبقي في غزة لرعاية والديه المسنين. ويجمع دخله مع دخل شقيقيه لتوفير وجبة أو وجبتين يوميًا لوالديهم. وقد طلبت 'أونروا' عدم الكشف عن اسم حسن الحقيقي لحمايته. وبات الحصول على وجبة يومية رفاهية نادرة في غزة، حيث يقول الكثير من السكان إنهم يقضون أيامًا كاملة دون أن يدخل شيء إلى معدتهم. وقد توفي 100 شخص على الأقل، معظمهم من الأطفال، نتيجة سوء التغذية. ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن معظم سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، يعيشون على وجبة واحدة فقط يوميًا. أما برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فقد قدّر أن نحو نصف مليون شخص في غزة يعانون من جوع حاد. وقال حسن: 'بالنسبة لي، كشخص يتقاضى راتبًا جيدًا مقارنةً بغيري في غزة، أحصل على 2000 دولار شهريًا، لكن هذا لا يغطي تكلفة الخبز لأسبوعين فقط'. وبسبب نظام تحويل الأموال، يخسر نصف راتبه الذي يحصل عليه نقدًا، فضلًا عن ارتفاع الأسعار الجنوني، إذ يصل سعر كيلوغرام الطماطم إلى نحو 30 دولارًا، والخيار إلى 26 دولارًا، وكيس البصل إلى 47 دولارًا. ولذا فهو يشتري نوعًا واحدًا فقط في كل مرة. وفي بعض المحلات القليلة التي تبيع السكر والقهوة، تُباع هذه المواد بالغرامات، ويُستخدم ميزان دقيق يُستعمل عادة لوزن المجوهرات. وتكلف كل علبة فاصولياء – التي وزعها حسن بحذر على أفراد أسرته – نحو 11 دولارًا، بينما كان سعرها قبل الحرب لا يتعدى شيكلًا واحدًا (نحو 30 سنتًا). ويتذكر حسن عندما كانت أقل كمية من السكر تُباع هي 3 كيلوغرامات، أما اليوم فتُباع بالغرام. وقال: 'طلبت مني والدتي في الأسبوع الماضي أن أبيع قطعة من أساورها التي احتفظت بها منذ مهرها، لأنها أرادت أن تشعر بأنها تساهم وليست عبئًا'، وقد وافق أولادها، بتردد، على بيعها. وأضاف حسن أنه يقضي أحيانًا ساعة كاملة في كتابة رسالة بريد إلكتروني واحدة بسبب ضعف التركيز الناتج عن الجوع. وقال مسؤولون من ثلاث مؤسسات تابعة للأمم المتحدة إنهم قلقون بشأن حالة الموظفين الذين ينهارون من الإعياء. وفي الأسبوع الماضي، قال صحفيون من ثلاث وكالات كبرى، من بينها 'بي بي سي'، إن زملاءهم في غزة يعانون من الظروف نفسها، وغير قادرين على العمل بسبب نقص الطعام. وقالت جولييت توما، مديرة الاتصالات في 'أونروا': 'لدينا نحو 12,000 موظف، وهو أكبر عدد من موظفي الأمم المتحدة في غزة، ويقولون لنا إنهم غير قادرين على العمل بسبب الإجهاد… إنهم يسيرون أميالًا يوميًا بحثًا عن شيء يأكلونه، ويُغمى على بعضهم أثناء العمل، ولهذا فحتى الحراس في غزة بحاجة إلى من يرعاهم'. ومنذ أن شددت إسرائيل حصارها على غزة، في أوائل مارس/آذار، لم تدخل سوى كمية محدودة من المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة. وبدلاً من ذلك، دعمت كل من واشنطن وتل أبيب خطة عسكرية مثيرة للجدل تُعرف باسم 'مؤسسة غزة الإنسانية'، لتوزيع صناديق الطعام، وتزعم أنها وزعت ملايين الوجبات، رغم تفاقم المجاعة بشكل واضح. تُباع بعض المواد، مثل السكر والقهوة، بالغرامات، ويُستخدم ميزان دقيق يُستعمل عادة لوزن المجوهرات وقد ثبت أن هذه الخطة كانت قاتلة أيضًا – إذ يقدّر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 1,000 شخص قُتلوا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات منذ بدء عمليات المؤسسة. وتُقدّر 'أونروا' أن لديها نحو 6,000 شاحنة محملة بالمساعدات متوقفة في الأردن ومصر، تنتظر السماح لها بالدخول. وأشارت السلطات الإسرائيلية إلى تكدس المساعدات عند معبر كرم أبو سالم جنوب غزة، متهمةً الأمم المتحدة بعدم قدرتها على جمعها. وأعرب ماكس رودينبيك، من مجموعة الأزمات الدولية، عن أسفه لانهيار محادثات وقف إطلاق النار، واصفًا المجاعة في غزة بأنها 'كارثة من صنع الإنسان'، داعيًا إسرائيل إلى فتح المعابر أمام المساعدات الدولية. وفي السياق ذاته، قالت أولغا شيريفكو، المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، إن عملية جمع المساعدات تتطلب تنسيقًا دقيقًا مع السلطات الإسرائيلية، لأن نحو 90% من أراضي غزة أصبحت اليوم إما مناطق عسكرية أو خاضعة لأوامر إخلاء. وأضافت: 'إذا تمت الموافقة على مهمة لجمع المساعدات، فعليك الانتظار أحيانًا حتى 46 ساعة للتنقل، لأننا بحاجة إلى تنسيق مع القوات على الأرض لوقف القتال والسماح لنا بالتحرك… هذا قد يستغرق ساعات، أو لا يؤدي إلى شيء أبدًا، عندما ننتظر الضوء الأخضر الذي لا يأتي'.


القدس العربي
منذ 5 أيام
- القدس العربي
غزة أمام خطر المجاعة وحرب مصطلحات حول قطاع مدمر ومحاصر
باريس: إن كانت الأمم المتحدة وعدد من المنظمات غير الحكومية تحذر من خطر مجاعة وشيكة ومعممة في قطاع غزة، إلا أنه لا يمكن إعلان المجاعة رسميا إلا بموجب معايير محددة تقوم على أدلة علمية. ومن المستحيل حاليا جمع هذه الأدلة لأسباب عدة أبرزها صعوبة الدخول إلى القطاع أو حتى التنقل فيه في ظل الحصار الإسرائيلي المحكم عليه. ما هي المجاعة؟ تم تعريف مصطلح 'المجاعة' منذ العام 2004 بموجب مقاييس دقيقة وصارمة تستند إلى مؤشر لقياس الأمن الغذائي يعرف بـ'التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي' (IPC) ويقوم على معايير علمية دولية. المجاعة هي المرحلة الخامسة والأشدّ من هذا المقياس (IPC5)، وتتميز بـ'الحرمان الشديد من الغذاء'. تحدث المجاعة في منطقة محددة عند بلوغ ثلاث عتبات، وهي حين تواجه 20% من الأسر فيها نقصا حادا في الغذاء، ويعاني 30% من الأطفال سوء التغذية الحاد، ويموت شخصان بالغان من كل عشرة آلاف يوميا 'كنتيجة مباشرة للجوع أو للتفاعل بين سوء التغذية والمرض'. وعندما تتحقق هذه المعايير، يعود للجهات المعنية على مستوى البلاد كالحكومات ووكالات الأمم المتحدة أن تعلن حالة المجاعة. ما هو الوضع في غزة؟ أعلنت أماند بازيرول منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود 'لا يمكننا اليوم إجراء التحقيقات التي تسمح لنا بتوصيف المجاعة رسميا'، مضيفة 'من المستحيل علينا معاينة (السكان).. لأخذ مقاساتهم وتقييم نسبة الوزن إلى الطول وما إلى ذلك'. من جانبه، قال جان رافايل بواتو مسؤول الشرق الأوسط في منظمة 'العمل ضد الجوع' إن 'ما يعقد الأمور إلى حد بعيد كل هذه التنقلات المتواصلة (نزوح السكان القسري مع إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بالإخلاء)، وتعذر الذهاب إلى شمال (القطاع) كما إلى أماكن كثيرة حيث السكان الأكثر عرضة' لنقص الغذاء. وأوضح نبيل طبال من برنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية 'واجهنا صعوبات على صعيد البيانات والوصول إلى المعلومات'، مشددا 'نحن في حاجة ماسة للاستناد إلى بيانات موثوقة… وهذا العمل جار'. والمؤشرات القليلة المتوافرة ترسم صورة مقلقة عن الوضع الغذائي في القطاع، في وقت حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس بأن 'نسبة كبيرة' من السكان 'تتضور جوعا'. وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن ربع أطفال غزة بين سن الستة أشهر والخمس سنوات والنساء الحوامل والمرضعات الذين قصدوا عياداتها للمعاينة الأسبوع الماضي، كانوا يعانون سوء التغذية الحاد، متهمة إسرائيل باستخدام الجوع 'سلاح حرب'. من جانبه، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الجمعة أن حوالي ثلث سكان القطاع 'لا يأكلون لأيام'، مشيرا إلى تزايد سوء التغذية بشكل كبير. وأكد أحد مستشفيات غزة الثلاثاء وفاة 21 طفلا خلال 73 ساعة جراء سوء التغذية والجوع. والمواد الغذائية النادرة جدا المتوافرة في القطاع لا يمكن الحصول عليها بسبب ارتفاع أسعارها إلى حدّ باهظ، حيث بلغ سعر كيلوغرام الطحين مئة دولار، في وقت جعلت الحرب الأراضي الزراعية غير صالحة. وتفيد المنظمات غير الحكومية بأن شاحنات المساعدات العشرين تقريبا التي تدخل القطاع يوميا تتعرض بشكل منتظم للنهب، وهي بالأساس غير كافية إطلاقا لسد حاجات أكثر من مليوني نسمة من سكان غزة. وقالت أماند بازيرول 'بات الأمر محض تقني أن نشرح أننا في وضع انعدام حاد للأمن الغذائي من الدرجة الرابعة على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، يطال السكان بصورة شبه كاملة، فهذا لا يعني شيئا للناس، في حين أننا في الواقع نتوجه بسرعة إلى المجاعة، هذا مؤكد'. هل ما زال من الممكن تفاديها؟ دعت حوالي مئة منظمة غير حكومية دولية بينها أطباء بلا حدود وأطباء من العالم وكاريتاس ومنظمة العفو الدولية وأوكسفام، إسرائيل إلى فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية. لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفي أن يكون يمنع دخول المساعدات، وأكد الثلاثاء أن ثمة 950 شاحنة مساعدات في غزة تنتظر أن تتسلمها الوكالات الدولية لتوزيعها. غير أن المنظمات غير الحكومية تندد بالقيود الصارمة التي تفرضها سلطات الاحتلال، وتنتقد نظام التوزيع الذي أقامته إسرائيل والولايات المتحدة عبر هيئة خاصة تُعرف بـ'مؤسسة غزة الإنسانية'. واتهمت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الثلاثاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف شخص في غزة منذ نهاية أيار/ مايو أثناء سعيهم للحصول على مساعدات إنسانية، وكان معظمهم قرب مراكز مؤسسة غزة الإنسانية. وترى فرنسا أن 'خطر المجاعة' في غزة هو 'نتيجة الحصار' الذي تفرضه إسرائيل، على ما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأربعاء. ورد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر 'ليس هناك في غزة اليوم مجاعة تسببت بها إسرائيل' متهما حركة حماس بمنع توزيع المساعدات وبنهبها، وهو ما تنفيه الحركة. ويرى البعض أن هذا الجدل الفني أو اللفظي حول إعلان المجاعة لا معنى له إزاء الوضع الطارئ والحاجات الملحة. وقال جان مارتان باور مدير تحليل الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي إن 'أي إعلان مجاعة… يأتي بعد فوات الأوان. حين تعلن المجاعة رسميا، تكون أزهقت أرواح كثيرة'. ففي الصومال، حين أعلنت المجاعة رسميا عام 2011، كان نصف العدد الإجمالي لضحايا الكارثة قضوا جوعا قبل ذلك الحين. (أ ف ب)