
الإمارات والولايات المتحدة ترسمان ملامح مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي
إيطاليا تلغراف
عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم بايطاليا
في مشهد يؤكد عمق العلاقات والتحالفات الراسخة بين الدولتين، شهد قصر الوطن في أبوظبي استقبالاً رسميًا حافلًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وصل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة دولة هي الأولى له منذ مغادرته البيت الأبيض. زيارة لم تكن محض مجاملة دبلوماسية، بل خطوة مدروسة في سياق إعادة رسم ملامح التعاون الدولي في ظل عالم متغير.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، استقبل ضيفه الكبير بحفاوة تليق بحجم العلاقة التاريخية التي تربط البلدين. وما ميز هذا اللقاء لم يكن فقط رمزيته السياسية، بل مضمونه الاستراتيجي، حيث تطرقت المباحثات إلى ملفات بالغة الأهمية تمس حاضر المنطقة ومستقبلها.
العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج مسار طويل من التنسيق والتعاون في ملفات الأمن، الاقتصاد، التكنولوجيا، والطاقة. غير أن زيارة ترامب الأخيرة جاءت لتضخ دماء جديدة في هذه الشراكة، وتعيد التأكيد على توافق الرؤى بين البلدين، لا سيما في القضايا الكبرى مثل الذكاء الاصطناعي، أمن الطاقة، واستقرار الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، تم الإعلان عن تدشين 'مركز بيانات للذكاء الاصطناعي' بسعة هائلة تصل إلى 1 جيجاوات، كمكون أساسي لمجمع ذكاء اصطناعي مشترك بين البلدين، وهو ما يشير إلى توجه الإمارات لبناء اقتصاد معرفي متكامل يرتكز على التكنولوجيا والابتكار.
لم تغب الملفات السياسية الإقليمية عن المباحثات، حيث شكل الوضع في غزة والتصعيد المتنامي في المنطقة محورًا أساسيًا في النقاش. أكد سمو الشيخ محمد بن زايد على أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي القائم على حل الدولتين باعتباره الأساس لتحقيق سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط.
وقد أظهر الجانبان توافقًا ملحوظًا حول ضرورة العمل الجماعي متعدد الأطراف لمواجهة التحديات العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بالأمن الغذائي والتغير المناخي.
تثبت الإمارات، مرة تلو الأخرى، أنها لاعب دولي فاعل يمتلك القدرة على الموازنة بين العلاقات التقليدية والسياسات الديناميكية التي تتطلبها المرحلة الراهنة. فبينما تنفتح أبوظبي على تحالفات جديدة، تحرص على صون صداقاتها التاريخية، وفي مقدمتها العلاقة مع واشنطن.
كما أن استقبال دولة الإمارات للرئيس ترامب بهذه الحفاوة، بعد فترة من الغياب عن المشهد الرسمي، يعكس استقلالية القرار الإماراتي في علاقاتها الخارجية، وقدرتها على التعامل مع الشخصيات المؤثرة بغض النظر عن مواقعهم الراهنة، ما يعزز من مكانتها كجسر دبلوماسي بين الشرق والغرب.
لقد كانت زيارة ترامب لدولة الإمارات مناسبة لتجديد الالتزام المشترك بالعمل من أجل عالم أكثر استقرارًا وازدهارًا. مأدبة العشاء التي أقامها صاحب السمو رئيس الدولة على شرف الضيف الأميركي، والمراسم التي زينت شوارع العاصمة، لم تكن مجرد طقوس بروتوكولية، بل رسالة واضحة مفادها أن الإمارات لا تستقبل الضيوف… بل تبني معهم المستقبل.
إيطاليا تلغراف

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 22 دقائق
- إيطاليا تلغراف
جولة ترامب ومستقبل فلسطين
إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 6 و 35 دقيقة إيطاليا تلغراف غازي العريضي وزير ونائب لبناني سابق. مع كلّ انتخابات رئاسية أميركية، وانشغال العالم بنتائجها وانعكاساتها في التوازنات الدولية والإقليمية، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً، والعلاقات بين الكبار، كنت أقول: 'ما يعنينا في المنطقة موقف الرئيس الأميركي من فلسطين وقضيتها، وحقّ شعبها في إقامة دولته في أرضه، والعيش بحرية وأمان واستقرار'. اليوم، ومع كلّ الضجّة التي رافقت زيارة دونالد ترامب التاريخية بعض دول الخليج، وما حظيت به من اهتمام دولي وإقليمي واسع، يبقى الثابت فلسطين وقضيتها ومصيرها. عندما احتلّ صدّام حسين الكويت، ورُكّب تحالفٌ دوليٌّ بقيادة الولايات المتحدة لطرد الاحتلال العراقي، خرجتْ نظرية تقول: 'جاء الأصيل أميركا، وانتهى دور الوكيل إسرائيل'. كانت وجهة نظري أنه لا يجوز الوقوع في هذا الخطأ في قراءتنا الاستراتيجية المعادلة في المنطقة. لقد جاء الأصيل لتثبيت وتدعيم وتعزيز دور الوكيل وحمايته. وهذا ما جرى. اليوم جاء ترامب، قال ما قاله، فعل ما فعله، غادر محمّلاً بأربعة آلاف مليار دولار، فاجأ العالم بقرارات، وأكّد توجّهات، ورسم ملامح منطقة جديدة وتوزيع الأدوار فيها. حقّق الآتي: الإنجاز الكبير بلقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي خرج بعده ليشيد بوسامته وقوته وتاريخه القوي (وكان يتّهمه بالإرهاب)، والأكثر أهمية، ليعلن رفع العقوبات عن سورية. هذه خطوة متقدّمة من ترامب، بعد أن طلبها منه كلٌّ من الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وولي العهد السعودي محمّد بن سلمان. خطوة ستكون لها نتائجا الكبيرة على مجمل الواقع السوري الداخلي والمنطقة. إعلان ترامب رفع العقوبات عن سورية خطوة متقدّمة ستكون لها نتائجها الكبيرة على مجمل الواقع السوري الداخلي والمنطقة أكّد ترامب الإصرار على الذهاب إلى الآخر، في محاولته الوصول إلى اتفاق مع إيران حول مشروعها النووي، وعدم رغبته في الذهاب إلى الحرب. وكان قد عقد اتفاقاً مع الحوثيين في اليمن (يعني مع إيران عملياً) يقضي بوقف العمليات العسكرية بينهم وبين واشنطن، مؤكّداً أن 'موقفه يقف عند حدود عدم تعريض حياة أيّ جندي أميركي للخطر'. وكما هو معلوم، فاجأ قراره نتنياهو، لأن الاتفاق لا يشمل وقف العمليات العسكرية الحوثية ضدّ إسرائيل. جاء القرار بالتزامن مع التقدّم في المفاوضات الإيرانية الأميركية، ومحاولة الإسرائيلي تخريبها. ومن قطر، خاطب ترامب إيران: 'على إيران شكر أمير دولة قطر شكراً عظيماً فآخرون يودون أن نوجه ضربة قاسية لإيران على عكس قطر'، مضيفاً 'إيران محظوظة بأن يكون في قطر أمير يكافح من أجل عدم توجيه ضربه لهم'. وهي إشارة لها دلالات كثيرة في ظلّ الانتقادات والاتهامات التي كان نتنياهو وأركان حكومته يوجّهونها إلى قطر ودورها. تحدّث الرئيس ترامب عن تركيا ودورها، وتأثيرها، وعلاقته بالرئيس أردوغان، الذي شارك في اللقاء الذي جمعه مع محمّد بن سلمان والشرع. ماذا يعني ذلك كلّه؟… منذ بدايات الحراك العربي، كنا نقول إن دولاً ثلاثاً غير عربية تقرّر مصير العرب، والأخيرين خارج المعادلة ودائرة القرار، إيران وتركيا وإسرائيل. اليوم دخلت السعودية بدور فيه مسؤولية كبيرة، هي تحتضن سورية وترعاها، هي مع لبنان (بشروطها طبعاًُ)، وتريد أن تكون فلسطين وقضيتها معها، خصوصاً بعد تسمية حسين الشيخ نائباً للرئيس محمود عبّاس. نحن إذاً أمام محاولة تشكيل منطقة جديدة تُحدَّد فيها أدوار اللاعبين المذكورين على قاعدة تقسيم مناطق النفوذ. ومع دفاتر الشروط المطروحة، والملازمة لرفع العقوبات هنا، وفتح الباب هناك (لبنان)، ستشهد ولادة هذه المنطقة توتّراتٍ لتسديد الفواتير، وترتيب الأوضاع في سورية ولبنان، ولكن ماذا عن فلسطين وهي القضية الأمّ؟ يخطئ كثيراً من يبني حساباته على أساس أن ثمّة خلافاً جوهرياً بين ترامب ونتنياهو. يزور ترامب إسرائيل أو لا يزورها خلال جولته، الأمر ليس مهمّاً. الأكثر أهميةً أنه لم يُجرِ اتصالاً بملك الأردن ورئيس مصر، ولم يُدعَ اثناهما إلى المشاركة في جانب من أعمال القمّة الخليجية التي عقدت مع ترامب أو في لقاءات منفردة. ومعروفة الضغوط التي تمارس على البلدَين كليهما لاستقبال الفلسطينيين من غزّة، والضفة الغربية لاحقاً، وبالتالي تدمير القضية الفلسطينية. ورغم بعض الكلام الذي صدر خلال محطّات الزيارة عن دولة فلسطينية أو مبادرة عربية عام 2002، وقراراتها، فلا مكان لذلك في أرض الواقع. ثمّة اتفاق تامّ بين ترامب ونتنياهو على مصير غزّة في المرحلة الأولى للوصول إلى الضفة في المرحلة الثانية. غادر الرئيس الأميركي إلى بلاده فخوراً بأنه يحمل أربعة آلاف مليار دولار، ستوفّر ملايين فرص العمل للأميركيين على مدى سنوات، وستنعش الاقتصاد، وأهل غزّة يتضوّرون جوعاً بشكل مذلّ، ولا يستطيع أحد إدخال ماء أو موادّ غذائية أو طبّية إليهم. أحسن إليهم ترامب ببعض الكلام حول إدخال الطحين والمطابخ المتنقّلة، في وقتٍ ترتفع أصواتٌ داخل الكونغرس، وفي دول العالم، عن 'العار الكبير بحقّ الإنسانية'، في توصيف هذا المشهد. يضاف إلى ذلك (وهنا الأساس) أن نتنياهو أمر بتوسيع العمليات العسكرية لاحتلال غزّة، وقد حصدت مئات من الشهداء والجرحى خلال أيام. والسلطات العسكرية الإسرائيلية تحتل أكثر وتتوسّع أكثر في الضفة، ولا أحدَ يستطيع التأثير، ووقف هذه المجازر المفتوحة، بل تمّ تمرير خبر مهمّ من أميركا يقول: 'إدارة ترامب تعمل في خطّة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا'. غادر ترامب المنطقة بأربعة آلاف مليار دولار، ستوفّر ملايين فرص العمل للأميركيين، وأهل غزّة يتضوّرون جوعاً، ولا يستطيع أحد إدخال ماء أو موادّ غذائية أو طبّية إليهم جاء الإعلان بعد ساعات من اندلاع اشتباكات مفاجئة في العاصمة الليبية، ونقل طائرات من المطار، واتخاذ إجراءات لحماية مؤسّسات معيّنة، واستقالة عدة وزراء، وهذا كلّه تمهيد لضغوط (أو خطوات) لتنفيذ قرار تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا، إضافة إلى عدة دول أفريقية أعلنها ترامب من دون أن يسمّيها. وقال: 'القطاع يعدّ منطقة ذات أهمية كبرى من الناحية العقارية. أقترح نقل السكّان من القطاع إلى دول أخرى مستعدّة لاستقبالهم. ستكون منطقة حرية بدلاً من مكانٍ يموت فيه الجميع ويشبه الجحيم. مستوى القتل في غزّة مذهل. ولا يمكن أن يستمرّ طويلاً'. هل ثمّة أوضح من ذلك؟ إصرار على اعتبار غزّة منطقةً عقاريةً ولا بدّ من تهجير أهلها لإقامة الريفييرا فيها. من يقتل في غزّة؟ من يدير الجحيم؟ من يرتكب الإبادة الجماعية؟… الجواب بألسنة رؤساء دول ووزراء وسياسيين من العالم أجمع يدين ما تفعله إسرائيل، وترامب يؤكّد دعمها في طرد الفلسطينيين من أرضهم، إما الموت جوعاً، أو قتلاً، أو اقتلاعاً من الأرض. فهل تكون هناك منطقة جديدة بأدوار جديدة آمنة ومستقرّة في ظلّ هذا الوضع؟ حتى لو فرض هذا المشروع بعد مخاض دموي كبير وقاس، وخلال وقت معين، فليس في ذلك إنجاز عربي أو دور عربي فاعل ومؤثّر. المعيار فلسطين وأمانتها وثبات أهلها في أرضهم. السابق جولة ترامب ومستقبل فلسطين التالي يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي 'الهندوتفا' الهندية؟


إيطاليا تلغراف
منذ 22 دقائق
- إيطاليا تلغراف
الشرع وفاتورة رحلة الرياض
إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 9 و 13 دقيقة إيطاليا تلغراف رغيد عقلة كاتب سوري في واشنطن. لم تنتظر المتحدّثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى واشنطن، لتصرّح بأن هناك خمسة مطالب حدّدتها الإدارة الأميركية في مقابل الانفتاح على الإدارة السورية الجديدة، والمضي في رفع العقوبات عن سورية، وهي التي رشح أن ترامب قدّمها لرئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال لقائهما المُقتضَب في الرياض، الأسبوع الماضي. المطلب الأول، كما ورد في الترجمة الحرفية لتصريح ليفيت، هو 'توقيع الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل'، الذي كان واضحاً أنه يتمحور حول إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، من دون إشارة إلى الجولان المحتل، وقبول إسرائيل في الوعي الجمعي السوري بتركيبتها الحالية القائمة على يهودية الدولة. لكنّ السؤال الأهم: هل سيستطيع الشرع تسويق فكرة الاتفاقات الإبراهيمية بجانبها العَقَدي الإيماني للدائرة الأقرب من محازبيه ومريديه؟ خصوصاً في صفوف المقاتلين المتشدّدين الذين ليس سرّاً أنه وإياهم يلتزمون نهجاً وفكراً سلفيّاً صارماً، إلى الدرجة التي دفعته إلى أن يقيم صلاة عيد الفطر الفائت في القصر الرئاسي، في سابقة لم تحصل في التاريخ السوري، ليتفادى ببراعة أن يكون مضطرّاً لحضور صلاة عيد قد تتخلّلها المدائح والأذكار النبوية المعتادة على طريقة الإسلام الشامي الأشعري؟ رغم ما يجمع السعودية وتركيا من رؤى، إلا أن ذلك لن يمنع وجود حالة تنافسية حادّة بينهما على النفوذ في سورية يتعلق المطلب الثاني بالطلب 'من جميع الإرهابيين الأجانب مغادرة سورية'، وكان دوماً مطلباً سورياً داخلياً، بدأ مع رفض السوريين الفصائل الطائفية كافّة، التي استقدمها النظام الساقط، واستخدمها في حربه عليهم، ولكنّها تنسحب اليوم حسب صياغة ليفيت، وكما أشير إليه صراحةً من مسؤولين أميركيين ودوليين، على المقاتلين الذين دخلوا سورية مع عملية 'ردع العدوان' كافّة، وينتمون إلى الجنسيات الشيشانية والإيغورية والتركستانية والعربية وغيرها، الذين تتهمهم جهاتٌ عديدةٌ بأنهم كانوا القوة الضاربة الحقيقية في أحداث الساحل الدامية. وفي وقتٍ قد لا تنقص فيه الشرع البراغماتية اللازمة لتلبية هذا الطلب، إلا أن السؤال الحقيقي يتمحور حول مدى قدرته على تنفيذه، خصوصاً أن هؤلاء المقاتلين الأجانب الجزء الأكبر والأقوى من القوات الداعمة له، في ظلّ الإحجام عن قبول أعداد كبيرة من العسكريين السوريين المنشقّين في صفوف القوات السورية النظامية الجديدة، مع الجيش النظامي السوري، وهما الأمران اللذان يجعلان حاجة الشرع لهؤلاء المقاتلين الأجانب ضرورةً حيويةً، وما ينطوي عليه تحييدهم من مخاطر جمّة، لا تستثنى منها إمكانية فتح حالة صراع عنيف وحقيقي معهم، قد لا يكون الشرع مستعدّاً لها أو قادراً عليها. المطلب الثالث يتعلق بـ'ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين'، كما جاء في تصريح ليفيت. والتعامل معه قد يكون أسهل لوجود حالة عدم حماس شعبي عريضة للمقصودين في هذه التسمية لدى التيّارات السورية الأكثر ولاءً للشرع، فيما فلسطين تاريخياً في عمق وجدان السوريين. كان البندَان الأخيرَان حول الطلب من الشرع مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتولّي مسؤولية مراكز اعتقال عناصره في شمال شرقي سورية، وقد يحمل هذان الأمران تحوّلاً أساسياً في الموقف الأميركي الذي كان يستند دوماً (ومعه الموقف الدولي) إلى حصر هذه المهمة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وقد يكون للبنتاغون فيه رأي مخالف لتوجه الرئيس بتكليف الشرع وإدارته هذا الملفّ، الذي لن يمرّ بالضرورة من دون معوقات في واشنطن كما في الأرض، لاعتقاد ثابت لدى العديد من المعنيين بوجود حالة تعاطف أقلَّه في مستوى القواعد بين مقاتلي هيئة تحرير الشام وأسرى تنظيم 'داعش'، الأمر الذي قد يُعقّد مهمة الشرع لتلبية هذين المطلبين، خصوصاً في ظلّ عدم وجود قوات كافية لديه بعيدة من المناخات الفكرية لكلا التنظيمين المستندَين لأفكار متشابهة، وأصل عضوي واحد. صحيح أن السعودية (محمّد بن سلمان شخصياً) كانت الضامن الرئيس للشرع لدى الرئيس ترامب، إلا أن الشرع لا تنقصه أبداً حصافة إدراك أن تركيا ورئيسها أردوغان في المشهد، وأن عليه دوماً مراعاة توازن دقيق في كلّ ما يقوم به بين النفوذَين السعودي والتركي في بلده، ورغم أن الرياض وأنقرة ليستا بالضرورة خصمتَين في المشهد السوري أو في تداعياته الإقليمية، فهناك كثير ممّا يجمع بين رؤى البلدَين هناك، إلا أن ذلك لن يمنع وجود حالة تنافسية حادّة بينهما على النفوذ في سورية، قد يكون التعامل معها تحدّياً جدّياً للشرع رغم ما يحمله هذا التحدّي من فرص مهمة له ولبلده، إذا استطاع التعامل معها ببراغماتية لا تنقصه، ولكن المشكلة تكمن في قلّة أدواتها في يده. سيكون من المبكّر جدّاً الحكم على قدرة الشرع على الوفاء بالالتزامات التي تعهّد بها في الرياض، الأمر الذي أكّده وزير خارجية الإمارات، عبدالله بن زايد، في مقابلته في 'فوكس نيوز'، خصوصاً البند المتعلّق بالمقاتلين الأجانب، وإذا كان خطابه عشية عودته من السعودية قد افتقر لمبادرات سياسية جريئة انتظرها منه سوريون كثر، فلعلّ في ذلك مؤشّراً جدّياً على مدى تعقيد مهمته وصعوبة القيام بها، على أن من وضع البنود المتعلّقة بالإصلاح السياسي في صلب كلّ المطالب الدولية والأميركية المتعدّدة، يدرك بوضوح أنه وحده سيهيئ للشرع ولسورية الرافعة السياسية التي ستمكّنهما من إيجاد حلول لأغلب المعضلات السورية، فالسياسة الأميركية رغم أنها مبنية أولاً وقبل كل شيء على المصالح الذاتية، إلا أنها تتسم دوماً بالواقعية لجهة تحديد مدى قدرة الأطراف التي تتعاطى معها على القيام بما تطلبه منها. لن يكون من الإنصاف تحميل الشرع وحده مسؤولية مراعاة توازناتٍ دوليةٍ دقيقة في بلده لن يكون من الإنصاف تحميل الشرع وحده مسؤولية مراعاة توازناتٍ دوليةٍ دقيقة في بلده، ولا الاستعصاءات العديدة التي تواجه قدرته على تنفيذ تعهداته لترامب وولي عهد السعودية، محمّد بن سلمان، فكثير منها نتيجة حالة تراكمية تتحمّل الأطراف الإقليمية والدولية والنظام البائد مسؤوليات جسيمة عنها، ولكن طريقة إدارته المشهد السياسي السوري، ومدى قدرته على الانفتاح على الشرائح الأعرض لعموم السوريين، السياسية والاجتماعية والطائفية والعرقية والدينية، وتحديداً ضمن محيطه السُّني، ستكون الفيصل في تحديد مدى قدرته على دفع فواتير لن تقبل التأخير، والتزامات لا ترضى التسويف، كانت ضغوطها واضحة في حالة الإرهاق الظاهرة عليه قبيل خطابه للسوريين عشية عودته من الرياض، والذي لم يحمل جديداً واعداً بعد. السابق ستيفان دوجاريك: ما دخل إلى غزة ليس إلا قطرة في محيط احتياجات غزة التالي ما هو 'مشروع إستير' الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟


الخبر
منذ 2 ساعات
- الخبر
المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي...
تقدمت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية، اليوم الثلاثاء، بتعازيها في وفاة الصحفي القدير نور الدين عزوز. وجاء في نص التعزية: "بتأثر بالغ وحزن عميق، تلقت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية نبأ فاجعة انتقال الصحفي القدير نور الدين عزوز إلى جوار ربه، تغمده الله بواسع رحمته، بعد مسيرة طويلة من العطاء الإعلامي الملتزم والمحترف، عبر العديد من المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة. و"إثر هذا المصاب، تتقدم المديرية العامة للاتصال بأصدق تعازيها إلى عائلته، وإلى الأسرة الإعلامية قاطبة. نتضرع إلى الله العلي القدير، أن يرحمه ويغفر له ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون".