logo
الشرع وفاتورة رحلة الرياض

الشرع وفاتورة رحلة الرياض

إيطاليا تلغرافمنذ 4 ساعات

إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 9 و 13 دقيقة
إيطاليا تلغراف
رغيد عقلة
كاتب سوري في واشنطن.
لم تنتظر المتحدّثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى واشنطن، لتصرّح بأن هناك خمسة مطالب حدّدتها الإدارة الأميركية في مقابل الانفتاح على الإدارة السورية الجديدة، والمضي في رفع العقوبات عن سورية، وهي التي رشح أن ترامب قدّمها لرئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال لقائهما المُقتضَب في الرياض، الأسبوع الماضي.
المطلب الأول، كما ورد في الترجمة الحرفية لتصريح ليفيت، هو 'توقيع الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل'، الذي كان واضحاً أنه يتمحور حول إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، من دون إشارة إلى الجولان المحتل، وقبول إسرائيل في الوعي الجمعي السوري بتركيبتها الحالية القائمة على يهودية الدولة. لكنّ السؤال الأهم: هل سيستطيع الشرع تسويق فكرة الاتفاقات الإبراهيمية بجانبها العَقَدي الإيماني للدائرة الأقرب من محازبيه ومريديه؟ خصوصاً في صفوف المقاتلين المتشدّدين الذين ليس سرّاً أنه وإياهم يلتزمون نهجاً وفكراً سلفيّاً صارماً، إلى الدرجة التي دفعته إلى أن يقيم صلاة عيد الفطر الفائت في القصر الرئاسي، في سابقة لم تحصل في التاريخ السوري، ليتفادى ببراعة أن يكون مضطرّاً لحضور صلاة عيد قد تتخلّلها المدائح والأذكار النبوية المعتادة على طريقة الإسلام الشامي الأشعري؟
رغم ما يجمع السعودية وتركيا من رؤى، إلا أن ذلك لن يمنع وجود حالة تنافسية حادّة بينهما على النفوذ في سورية
يتعلق المطلب الثاني بالطلب 'من جميع الإرهابيين الأجانب مغادرة سورية'، وكان دوماً مطلباً سورياً داخلياً، بدأ مع رفض السوريين الفصائل الطائفية كافّة، التي استقدمها النظام الساقط، واستخدمها في حربه عليهم، ولكنّها تنسحب اليوم حسب صياغة ليفيت، وكما أشير إليه صراحةً من مسؤولين أميركيين ودوليين، على المقاتلين الذين دخلوا سورية مع عملية 'ردع العدوان' كافّة، وينتمون إلى الجنسيات الشيشانية والإيغورية والتركستانية والعربية وغيرها، الذين تتهمهم جهاتٌ عديدةٌ بأنهم كانوا القوة الضاربة الحقيقية في أحداث الساحل الدامية. وفي وقتٍ قد لا تنقص فيه الشرع البراغماتية اللازمة لتلبية هذا الطلب، إلا أن السؤال الحقيقي يتمحور حول مدى قدرته على تنفيذه، خصوصاً أن هؤلاء المقاتلين الأجانب الجزء الأكبر والأقوى من القوات الداعمة له، في ظلّ الإحجام عن قبول أعداد كبيرة من العسكريين السوريين المنشقّين في صفوف القوات السورية النظامية الجديدة، مع الجيش النظامي السوري، وهما الأمران اللذان يجعلان حاجة الشرع لهؤلاء المقاتلين الأجانب ضرورةً حيويةً، وما ينطوي عليه تحييدهم من مخاطر جمّة، لا تستثنى منها إمكانية فتح حالة صراع عنيف وحقيقي معهم، قد لا يكون الشرع مستعدّاً لها أو قادراً عليها.
المطلب الثالث يتعلق بـ'ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين'، كما جاء في تصريح ليفيت. والتعامل معه قد يكون أسهل لوجود حالة عدم حماس شعبي عريضة للمقصودين في هذه التسمية لدى التيّارات السورية الأكثر ولاءً للشرع، فيما فلسطين تاريخياً في عمق وجدان السوريين.
كان البندَان الأخيرَان حول الطلب من الشرع مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتولّي مسؤولية مراكز اعتقال عناصره في شمال شرقي سورية، وقد يحمل هذان الأمران تحوّلاً أساسياً في الموقف الأميركي الذي كان يستند دوماً (ومعه الموقف الدولي) إلى حصر هذه المهمة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وقد يكون للبنتاغون فيه رأي مخالف لتوجه الرئيس بتكليف الشرع وإدارته هذا الملفّ، الذي لن يمرّ بالضرورة من دون معوقات في واشنطن كما في الأرض، لاعتقاد ثابت لدى العديد من المعنيين بوجود حالة تعاطف أقلَّه في مستوى القواعد بين مقاتلي هيئة تحرير الشام وأسرى تنظيم 'داعش'، الأمر الذي قد يُعقّد مهمة الشرع لتلبية هذين المطلبين، خصوصاً في ظلّ عدم وجود قوات كافية لديه بعيدة من المناخات الفكرية لكلا التنظيمين المستندَين لأفكار متشابهة، وأصل عضوي واحد.
صحيح أن السعودية (محمّد بن سلمان شخصياً) كانت الضامن الرئيس للشرع لدى الرئيس ترامب، إلا أن الشرع لا تنقصه أبداً حصافة إدراك أن تركيا ورئيسها أردوغان في المشهد، وأن عليه دوماً مراعاة توازن دقيق في كلّ ما يقوم به بين النفوذَين السعودي والتركي في بلده، ورغم أن الرياض وأنقرة ليستا بالضرورة خصمتَين في المشهد السوري أو في تداعياته الإقليمية، فهناك كثير ممّا يجمع بين رؤى البلدَين هناك، إلا أن ذلك لن يمنع وجود حالة تنافسية حادّة بينهما على النفوذ في سورية، قد يكون التعامل معها تحدّياً جدّياً للشرع رغم ما يحمله هذا التحدّي من فرص مهمة له ولبلده، إذا استطاع التعامل معها ببراغماتية لا تنقصه، ولكن المشكلة تكمن في قلّة أدواتها في يده.
سيكون من المبكّر جدّاً الحكم على قدرة الشرع على الوفاء بالالتزامات التي تعهّد بها في الرياض، الأمر الذي أكّده وزير خارجية الإمارات، عبدالله بن زايد، في مقابلته في 'فوكس نيوز'، خصوصاً البند المتعلّق بالمقاتلين الأجانب، وإذا كان خطابه عشية عودته من السعودية قد افتقر لمبادرات سياسية جريئة انتظرها منه سوريون كثر، فلعلّ في ذلك مؤشّراً جدّياً على مدى تعقيد مهمته وصعوبة القيام بها، على أن من وضع البنود المتعلّقة بالإصلاح السياسي في صلب كلّ المطالب الدولية والأميركية المتعدّدة، يدرك بوضوح أنه وحده سيهيئ للشرع ولسورية الرافعة السياسية التي ستمكّنهما من إيجاد حلول لأغلب المعضلات السورية، فالسياسة الأميركية رغم أنها مبنية أولاً وقبل كل شيء على المصالح الذاتية، إلا أنها تتسم دوماً بالواقعية لجهة تحديد مدى قدرة الأطراف التي تتعاطى معها على القيام بما تطلبه منها.
لن يكون من الإنصاف تحميل الشرع وحده مسؤولية مراعاة توازناتٍ دوليةٍ دقيقة في بلده
لن يكون من الإنصاف تحميل الشرع وحده مسؤولية مراعاة توازناتٍ دوليةٍ دقيقة في بلده، ولا الاستعصاءات العديدة التي تواجه قدرته على تنفيذ تعهداته لترامب وولي عهد السعودية، محمّد بن سلمان، فكثير منها نتيجة حالة تراكمية تتحمّل الأطراف الإقليمية والدولية والنظام البائد مسؤوليات جسيمة عنها، ولكن طريقة إدارته المشهد السياسي السوري، ومدى قدرته على الانفتاح على الشرائح الأعرض لعموم السوريين، السياسية والاجتماعية والطائفية والعرقية والدينية، وتحديداً ضمن محيطه السُّني، ستكون الفيصل في تحديد مدى قدرته على دفع فواتير لن تقبل التأخير، والتزامات لا ترضى التسويف، كانت ضغوطها واضحة في حالة الإرهاق الظاهرة عليه قبيل خطابه للسوريين عشية عودته من الرياض، والذي لم يحمل جديداً واعداً بعد.
السابق
ستيفان دوجاريك: ما دخل إلى غزة ليس إلا قطرة في محيط احتياجات غزة
التالي
ما هو 'مشروع إستير' الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي "الهندوتفا" الهندية؟
يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي "الهندوتفا" الهندية؟

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 4 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي "الهندوتفا" الهندية؟

إيطاليا تلغراف رمضان بورصة صحفي وباحث تركي على الرغم من أن قضية كشمير المستمرّة منذ عام 1947 وحتى اليوم تُعتبر سببًا للصراع بين الهند وباكستان، إلا أن الأيديولوجية القومية المتطرفة الهندوتفا تكمن في أساس الأزمة التي تعيشها الهند داخل حدودها ومع الدول المجاورة. في الهند، أدّى وصول ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا (BJP)، الذي يمثل مركزًا لأيديولوجية الهندوتفا، إلى السلطة في عام 2014، إلى تصاعد سياسات الدولة التمييزية ضد الأقليات داخل البلاد، وخاصة المسلمين. شجعت سياسات مودي التمييزية والإقصائية الجماعات القومية الهندوسية على مهاجمة المسلمين. إنّ تغيير ناريندرا مودي قانونَ تعديل المواطنة (CAA) والذي يهدف إلى إقصاء المسلمين، والسجلّ الوطني للمواطنين (NRC) الذي يلحق الضرر بهم، وإعادة تنظيم المادة 370 التي تضمن الوضع الخاص لكشمير بطريقة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية المسلمة في المنطقة، وهدم مسجد بابري- الذي بناه الإمبراطور بابر- على يد الآلاف من القوميين الهندوس بالفؤوس والمعاول، كلها مؤشرات تدل على أن أيديولوجية الهندوتفا قد اكتسبت مكانة مؤثرة في الدولة مع مودي. وبالتالي، عندما نقوم بتقييم المشاكل داخل الهند والصراع الهندي الباكستاني، والنزاعات في الجغرافيا الهندية من خلال الوجود القوي لأيديولوجية الهندوتفا في الدولة، فإننا نصل إلى نتائج جديدة ومختلفة. مرة أخرى، تكتسب العلاقة القوية والإستراتيجية بين الهند وإسرائيل والدعم القوي الذي تقدمه إسرائيل للهند في الصراع الهندي الباكستاني، معنى عند تقييمها من خلال التاريخ والجذور الأيديولوجية الهندوتفية. الهندوتفا والصهيونية من الممكن تقييم القومية في الهند من خلال تيارين رئيسيين. يحتوي هذان التياران القوميان على اختلافات متعارضة. أول هذه التيارات القومية هو الخط القومي الذي وضعه غاندي وجواهر لال نهرو، والآخر هو الهندوتفا الذي يعتبر فيناياك دامودار سافاركار الأب الروحي له، والذي أدّى أيضًا إلى اغتيال غاندي. يميل خط غاندي وجواهرلال نهرو القومي في الغالب إلى أن يكون مناهضًا للإمبريالية، ومناهضًا للصهيونية، وشاملًا، وتعدديًا، وديمقراطيًا. أما الهندوتفا، التي أسسها سافاركار، فهي تتبنى أيديولوجية فاشية تمجد الهُوية العرقية الهندية وتوسعها. تشكل أسس أيديولوجية الهندوتفا (الهندية) كتاب سافاركار الذي نُشر عام 1923 بعنوان، 'أساسيات الهندوتفا'. في هذا الكتاب، تناول سافاركار عناوين الهندوسية والهندوتفا بشكل جديد، وأظهر أن 'الهندوسية ليست هي نفسها الهندوتفا، وأن الهندوسية هي مجرد جزء من الهندوتفا'. يصف سافاركار الهندوتفا في كتابه 'أساسيات الهندوتفا' على النحو التالي: 'تشمل الهندوتفا جميع فروع الفكر والعمل للعرق الهندي وتحيط بوجوده الكامل'. لقد كان فيناياك دامودار سافاركار شخصًا يهتم دائمًا بالصهيونية، وقد تأثر بشدة بالأيديولوجية الصهيونية أثناء تشكيل أسس الهندوتفا. يتضح تأثير الصهيونية على سافاركار بوضوح في كتبه وتصريحاته. أدلى سافاركار بالتصريح التالي، مستهدفًا حكومة نهرو التي لم تعترف رسميًا بإسرائيل: 'إذا اندلعت حرب بين الهند وباكستان غدًا، فإن جميع المسلمين تقريبًا سيقفون إلى جانب باكستان، لكن إسرائيل ستكون إلى جانبنا. لهذا السبب يجب على الهند أن تعترف بإسرائيل على الفور'. لقد صمم سافاركار الهندوتفا كحاجز ضد الإسلام في الهند والمنطقة. في الواقع، في كتابه 'أساسيات الهندوتفا'، يؤكد سافاركار على موقفه ضد الإسلام ونهج الهندوتفا تجاه الإسلام بالعبارات التالية: 'مرت سنوات وعقود وحتى قرون؛ لم تعد الجزيرة العربية جزيرة عربية، وتم تدمير إيران. مصر وسوريا وأفغانستان وبلوشستان وتتارستان – استسلمت الأمم والحضارات من غرناطة إلى غزنة أمام سيف الإسلام السلمي'. تتبنَّى الهندوتفا اعتقادًا مشابهًا للاعتقاد بأرض الميعاد، وهو أحد أسس الصهيونية. ووفقًا لذلك، فإن أيديولوجية الهندوتفا، تشمل المنطقة النائية للهند الحالية، وجنوب جبال الهيمالايا، وباكستان، وبنغلاديش، وسريلانكا، وأفغانستان. الاعتقادُ بأنّ أرض الميعاد قد أعطيت لليهود من قبل الله، موجودٌ أيضًا في الهندوتفا التي أنشأها سافاركار. وفقًا لسافاركار، الهند مقدسة. وحسب سافاركار، فإن الهندوتفا مؤهلة أيضًا لتحديد الأراضي والأماكن المقدسة للهنود. سردَ سافاركار المبادئ الأساسية للهندوتفا في 6 مواد. في 5 مواد، يجادل بأن الأراضي المقدسة للهنود يمكن أن تكون الهند فقط، وتشمل الهند، جنوب جبال الهيمالايا، وباكستان، وبنغلاديش، وسريلانكا، وأفغانستان. يرى سافاركار أن الشخص الذي يعتبر أراضيَ أخرى غير الأراضي الهندية مقدسة يفتقر إلى الوعي الهندي. وطبقًا لسافاركار، يمكن لليهود فقط أن يكونوا على دراية بهذا الوعي العالي الذي قدمته الهندوتفا. يؤكد سافاركار على هذه النقطة في كتابه على النحو التالي: 'خارج الهنود، اليهود فقط هم من استطاعوا الاقتراب من فهمنا المذكور'. في كتابه 'أساسيات الهندوتفا'، يدافع سافاركار عن وجوب تحقيق الصهيونية أهدافها. لقد أدخل سافاركار في أيديولوجية الهندوتفا، التي حدد مبادئها، أفكارًا صهيونيّة. يكشف سافاركار عن هذا النهج في كتابه بالعبارات التالية: 'إذا تحققت أحلام الصهاينة يومًا ما، فسوف نفرح بقدر ما يفرح أصدقاؤنا اليهود على الأقل. وكما أقام المحمديون سيادتهم على أراضيهم المقدسة (مكة والمدينة)، سيتولى اليهود إدارة أراضيهم المقدسة أيضًا. العناصر المختلفة وغير المتوافقة تشكل تهديدًا لمستقبل الهند ووحدتها'. في الوقت الحاضر، يكمن في أساس العلاقة الوثيقة بين الهند وإسرائيل خلال فترة حكومة مودي، تأثر أيديولوجية الهندوتفا بالصهيونية. مرة أخرى، يُرى أن مصدر الصراع الهندي الباكستاني، والعديد من المشاكل داخل الهند، والمشاكل في المنطقة، هو أيديولوجية الهندوتفا السائدة في الهند. تاريخ علاقة إسرائيل بالجماعات القومية في الهند كانت العلاقات بين الهند وإسرائيل فاترة ومتوتّرة من الخمسينيات من القرن الماضي، عندما اعترفت نيودلهي بإسرائيل كدولة، حتى التسعينيات. كانت إسرائيل ممثلة في الهند بقنصلية فقط. بينما كانت الهند تتبنى نهجًا أقرب إلى سياسات الدول العربية، كانت تفضل دعم سياسات الدول العربية في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. حدث تدهور خطير في العلاقات عندما قام القنصل الإسرائيلي في الهند، يوسف حسين، بانتقاد الحكومة الهندية في مقابلة مع صحيفة محلية؛ بسبب دعمها للعرب، مما أدى إلى إعلانه شخصًا غير مرغوب فيه. بالإضافة إلى ذلك، كانت الحكومة الهندية تضع العديد من الصعوبات أمام السياح الإسرائيليين، بل وترفض منح الإسرائيليين تأشيرات لحضور المؤتمرات الدولية التي تنظم في البلاد. وردت هذه المعلومات في تقرير أعدته وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 1985 ونشرته صحيفة هآرتس. بعد أن كانت علاقاتها سيئة مع الحكومة الهندية، اتصلت إسرائيل بالجماعات القومية الهندية وأقامت علاقات قوية. من بين العلاقات التي أقامتها إسرائيل مع الأحزاب القومية الهندوسية الراديكالية، فإن العلاقة مع حزب هندو ماهاسابها هي الأكثر إثارة للاهتمام. بعد شهر من إقامة إسرائيل علاقات مع حزب هندو ماهاسابها الباريسي، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 1973، زار شخص مفاجئ مبنى القنصلية الإسرائيلية في الهند. غوبال غودسي، شقيق قاتل غاندي. حُكم على غودسي نفسه بالسجن المؤبد لتورطه في مؤامرة الاغتيال. أُطلق سراحه عام 1965. يعود اتصال إسرائيل بحزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الذي يتزعمه مودي أيضًا إلى السبعينيات. عقد دبلوماسيون وأعضاء كنيست إسرائيليون سلسلة من الاجتماعات مع حزب بهاراتيا جاناتا في السبعينيات. أقامت إسرائيل أيضًا علاقات في نفس التواريخ مع منظمة المتطوعين الوطنية (راشتريا سوايامسيفاك سانغ / RSS)، حيث يتبنى مودي أيضًا أيديولوجية الهندوتفا، والتي تأسست عام 1925. دعمت إسرائيل أنشطة RSS وقامت بتمويلها. منظمة يمينية قومية أخرى تتبنى أيديولوجية الهندوتفا في الهند، هي المجلس الهندوسي العالمي (فيشفا هندو باريشاد / VHP). يعود تطوير إسرائيل علاقات وثيقة مع VHP إلى الثمانينيات. في حين أن إسرائيل لم تتمكن من إقامة علاقات دبلوماسية منخفضة مع الدولة الهندية حتى التسعينيات، نرى أن علاقتها بالمنظمات اليمينية القومية والمليشيات التي تتبنّى أيديولوجية الهندوتفا المتأثرة بالصهيونية تعود إلى السبعينيات. العلاقات الهندية الإسرائيلية، التي تطورت ببطء تدريجيًا بعد التسعينيات، شهدت صعودًا سريعًا مع وصول مودي إلى السلطة في عام 2014، وهو يتبنّى أيديولوجية الهندوتفا. تعتبر زيارة مودي لإسرائيل في عام 2017 كرئيس وزراء للهند بمثابة نقطة تحول في العلاقات الهندية الإسرائيلية.

الشرع وفاتورة رحلة الرياض
الشرع وفاتورة رحلة الرياض

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 4 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

الشرع وفاتورة رحلة الرياض

إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 9 و 13 دقيقة إيطاليا تلغراف رغيد عقلة كاتب سوري في واشنطن. لم تنتظر المتحدّثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى واشنطن، لتصرّح بأن هناك خمسة مطالب حدّدتها الإدارة الأميركية في مقابل الانفتاح على الإدارة السورية الجديدة، والمضي في رفع العقوبات عن سورية، وهي التي رشح أن ترامب قدّمها لرئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال لقائهما المُقتضَب في الرياض، الأسبوع الماضي. المطلب الأول، كما ورد في الترجمة الحرفية لتصريح ليفيت، هو 'توقيع الاتفاقات الإبراهيمية مع إسرائيل'، الذي كان واضحاً أنه يتمحور حول إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، من دون إشارة إلى الجولان المحتل، وقبول إسرائيل في الوعي الجمعي السوري بتركيبتها الحالية القائمة على يهودية الدولة. لكنّ السؤال الأهم: هل سيستطيع الشرع تسويق فكرة الاتفاقات الإبراهيمية بجانبها العَقَدي الإيماني للدائرة الأقرب من محازبيه ومريديه؟ خصوصاً في صفوف المقاتلين المتشدّدين الذين ليس سرّاً أنه وإياهم يلتزمون نهجاً وفكراً سلفيّاً صارماً، إلى الدرجة التي دفعته إلى أن يقيم صلاة عيد الفطر الفائت في القصر الرئاسي، في سابقة لم تحصل في التاريخ السوري، ليتفادى ببراعة أن يكون مضطرّاً لحضور صلاة عيد قد تتخلّلها المدائح والأذكار النبوية المعتادة على طريقة الإسلام الشامي الأشعري؟ رغم ما يجمع السعودية وتركيا من رؤى، إلا أن ذلك لن يمنع وجود حالة تنافسية حادّة بينهما على النفوذ في سورية يتعلق المطلب الثاني بالطلب 'من جميع الإرهابيين الأجانب مغادرة سورية'، وكان دوماً مطلباً سورياً داخلياً، بدأ مع رفض السوريين الفصائل الطائفية كافّة، التي استقدمها النظام الساقط، واستخدمها في حربه عليهم، ولكنّها تنسحب اليوم حسب صياغة ليفيت، وكما أشير إليه صراحةً من مسؤولين أميركيين ودوليين، على المقاتلين الذين دخلوا سورية مع عملية 'ردع العدوان' كافّة، وينتمون إلى الجنسيات الشيشانية والإيغورية والتركستانية والعربية وغيرها، الذين تتهمهم جهاتٌ عديدةٌ بأنهم كانوا القوة الضاربة الحقيقية في أحداث الساحل الدامية. وفي وقتٍ قد لا تنقص فيه الشرع البراغماتية اللازمة لتلبية هذا الطلب، إلا أن السؤال الحقيقي يتمحور حول مدى قدرته على تنفيذه، خصوصاً أن هؤلاء المقاتلين الأجانب الجزء الأكبر والأقوى من القوات الداعمة له، في ظلّ الإحجام عن قبول أعداد كبيرة من العسكريين السوريين المنشقّين في صفوف القوات السورية النظامية الجديدة، مع الجيش النظامي السوري، وهما الأمران اللذان يجعلان حاجة الشرع لهؤلاء المقاتلين الأجانب ضرورةً حيويةً، وما ينطوي عليه تحييدهم من مخاطر جمّة، لا تستثنى منها إمكانية فتح حالة صراع عنيف وحقيقي معهم، قد لا يكون الشرع مستعدّاً لها أو قادراً عليها. المطلب الثالث يتعلق بـ'ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين'، كما جاء في تصريح ليفيت. والتعامل معه قد يكون أسهل لوجود حالة عدم حماس شعبي عريضة للمقصودين في هذه التسمية لدى التيّارات السورية الأكثر ولاءً للشرع، فيما فلسطين تاريخياً في عمق وجدان السوريين. كان البندَان الأخيرَان حول الطلب من الشرع مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتولّي مسؤولية مراكز اعتقال عناصره في شمال شرقي سورية، وقد يحمل هذان الأمران تحوّلاً أساسياً في الموقف الأميركي الذي كان يستند دوماً (ومعه الموقف الدولي) إلى حصر هذه المهمة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وقد يكون للبنتاغون فيه رأي مخالف لتوجه الرئيس بتكليف الشرع وإدارته هذا الملفّ، الذي لن يمرّ بالضرورة من دون معوقات في واشنطن كما في الأرض، لاعتقاد ثابت لدى العديد من المعنيين بوجود حالة تعاطف أقلَّه في مستوى القواعد بين مقاتلي هيئة تحرير الشام وأسرى تنظيم 'داعش'، الأمر الذي قد يُعقّد مهمة الشرع لتلبية هذين المطلبين، خصوصاً في ظلّ عدم وجود قوات كافية لديه بعيدة من المناخات الفكرية لكلا التنظيمين المستندَين لأفكار متشابهة، وأصل عضوي واحد. صحيح أن السعودية (محمّد بن سلمان شخصياً) كانت الضامن الرئيس للشرع لدى الرئيس ترامب، إلا أن الشرع لا تنقصه أبداً حصافة إدراك أن تركيا ورئيسها أردوغان في المشهد، وأن عليه دوماً مراعاة توازن دقيق في كلّ ما يقوم به بين النفوذَين السعودي والتركي في بلده، ورغم أن الرياض وأنقرة ليستا بالضرورة خصمتَين في المشهد السوري أو في تداعياته الإقليمية، فهناك كثير ممّا يجمع بين رؤى البلدَين هناك، إلا أن ذلك لن يمنع وجود حالة تنافسية حادّة بينهما على النفوذ في سورية، قد يكون التعامل معها تحدّياً جدّياً للشرع رغم ما يحمله هذا التحدّي من فرص مهمة له ولبلده، إذا استطاع التعامل معها ببراغماتية لا تنقصه، ولكن المشكلة تكمن في قلّة أدواتها في يده. سيكون من المبكّر جدّاً الحكم على قدرة الشرع على الوفاء بالالتزامات التي تعهّد بها في الرياض، الأمر الذي أكّده وزير خارجية الإمارات، عبدالله بن زايد، في مقابلته في 'فوكس نيوز'، خصوصاً البند المتعلّق بالمقاتلين الأجانب، وإذا كان خطابه عشية عودته من السعودية قد افتقر لمبادرات سياسية جريئة انتظرها منه سوريون كثر، فلعلّ في ذلك مؤشّراً جدّياً على مدى تعقيد مهمته وصعوبة القيام بها، على أن من وضع البنود المتعلّقة بالإصلاح السياسي في صلب كلّ المطالب الدولية والأميركية المتعدّدة، يدرك بوضوح أنه وحده سيهيئ للشرع ولسورية الرافعة السياسية التي ستمكّنهما من إيجاد حلول لأغلب المعضلات السورية، فالسياسة الأميركية رغم أنها مبنية أولاً وقبل كل شيء على المصالح الذاتية، إلا أنها تتسم دوماً بالواقعية لجهة تحديد مدى قدرة الأطراف التي تتعاطى معها على القيام بما تطلبه منها. لن يكون من الإنصاف تحميل الشرع وحده مسؤولية مراعاة توازناتٍ دوليةٍ دقيقة في بلده لن يكون من الإنصاف تحميل الشرع وحده مسؤولية مراعاة توازناتٍ دوليةٍ دقيقة في بلده، ولا الاستعصاءات العديدة التي تواجه قدرته على تنفيذ تعهداته لترامب وولي عهد السعودية، محمّد بن سلمان، فكثير منها نتيجة حالة تراكمية تتحمّل الأطراف الإقليمية والدولية والنظام البائد مسؤوليات جسيمة عنها، ولكن طريقة إدارته المشهد السياسي السوري، ومدى قدرته على الانفتاح على الشرائح الأعرض لعموم السوريين، السياسية والاجتماعية والطائفية والعرقية والدينية، وتحديداً ضمن محيطه السُّني، ستكون الفيصل في تحديد مدى قدرته على دفع فواتير لن تقبل التأخير، والتزامات لا ترضى التسويف، كانت ضغوطها واضحة في حالة الإرهاق الظاهرة عليه قبيل خطابه للسوريين عشية عودته من الرياض، والذي لم يحمل جديداً واعداً بعد. السابق ستيفان دوجاريك: ما دخل إلى غزة ليس إلا قطرة في محيط احتياجات غزة التالي ما هو 'مشروع إستير' الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟

الإمارات والولايات المتحدة ترسمان ملامح مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي
الإمارات والولايات المتحدة ترسمان ملامح مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 8 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

الإمارات والولايات المتحدة ترسمان ملامح مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي

إيطاليا تلغراف عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم بايطاليا في مشهد يؤكد عمق العلاقات والتحالفات الراسخة بين الدولتين، شهد قصر الوطن في أبوظبي استقبالاً رسميًا حافلًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي وصل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة دولة هي الأولى له منذ مغادرته البيت الأبيض. زيارة لم تكن محض مجاملة دبلوماسية، بل خطوة مدروسة في سياق إعادة رسم ملامح التعاون الدولي في ظل عالم متغير. صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، استقبل ضيفه الكبير بحفاوة تليق بحجم العلاقة التاريخية التي تربط البلدين. وما ميز هذا اللقاء لم يكن فقط رمزيته السياسية، بل مضمونه الاستراتيجي، حيث تطرقت المباحثات إلى ملفات بالغة الأهمية تمس حاضر المنطقة ومستقبلها. العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج مسار طويل من التنسيق والتعاون في ملفات الأمن، الاقتصاد، التكنولوجيا، والطاقة. غير أن زيارة ترامب الأخيرة جاءت لتضخ دماء جديدة في هذه الشراكة، وتعيد التأكيد على توافق الرؤى بين البلدين، لا سيما في القضايا الكبرى مثل الذكاء الاصطناعي، أمن الطاقة، واستقرار الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، تم الإعلان عن تدشين 'مركز بيانات للذكاء الاصطناعي' بسعة هائلة تصل إلى 1 جيجاوات، كمكون أساسي لمجمع ذكاء اصطناعي مشترك بين البلدين، وهو ما يشير إلى توجه الإمارات لبناء اقتصاد معرفي متكامل يرتكز على التكنولوجيا والابتكار. لم تغب الملفات السياسية الإقليمية عن المباحثات، حيث شكل الوضع في غزة والتصعيد المتنامي في المنطقة محورًا أساسيًا في النقاش. أكد سمو الشيخ محمد بن زايد على أهمية تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي القائم على حل الدولتين باعتباره الأساس لتحقيق سلام شامل ودائم في الشرق الأوسط. وقد أظهر الجانبان توافقًا ملحوظًا حول ضرورة العمل الجماعي متعدد الأطراف لمواجهة التحديات العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بالأمن الغذائي والتغير المناخي. تثبت الإمارات، مرة تلو الأخرى، أنها لاعب دولي فاعل يمتلك القدرة على الموازنة بين العلاقات التقليدية والسياسات الديناميكية التي تتطلبها المرحلة الراهنة. فبينما تنفتح أبوظبي على تحالفات جديدة، تحرص على صون صداقاتها التاريخية، وفي مقدمتها العلاقة مع واشنطن. كما أن استقبال دولة الإمارات للرئيس ترامب بهذه الحفاوة، بعد فترة من الغياب عن المشهد الرسمي، يعكس استقلالية القرار الإماراتي في علاقاتها الخارجية، وقدرتها على التعامل مع الشخصيات المؤثرة بغض النظر عن مواقعهم الراهنة، ما يعزز من مكانتها كجسر دبلوماسي بين الشرق والغرب. لقد كانت زيارة ترامب لدولة الإمارات مناسبة لتجديد الالتزام المشترك بالعمل من أجل عالم أكثر استقرارًا وازدهارًا. مأدبة العشاء التي أقامها صاحب السمو رئيس الدولة على شرف الضيف الأميركي، والمراسم التي زينت شوارع العاصمة، لم تكن مجرد طقوس بروتوكولية، بل رسالة واضحة مفادها أن الإمارات لا تستقبل الضيوف… بل تبني معهم المستقبل. إيطاليا تلغراف

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store