
روسيا ستسلم أوكرانيا شروطها لإنهاء النزاع بعد تبادل الأسرى
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الجمعة، أن بلاده ستسلم أوكرانيا وثيقة تتضمن شروطها لإنهاء هجومها الذي بدأته في 2022، بعد انتهاء عملية تبادل الأسرى مع كييف، التي يتوقع أن تستمر حتى الأحد.
وقال لافروف، كما نقلت عنه الخارجية الروسية: «مع انتهاء تبادل أسرى الحرب، سنكون جاهزين لتسليم الطرف الأوكراني مشروع وثيقة يضع الطرف الروسي اللمسات الأخيرة عليها»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف وزير الخارجية الروسي أن موسكو ستواصل إعداد وثائق تتضمن الشروط والمتطلبات اللازمة لإبرام اتفاق مع أوكرانيا.
وانتقد لافروف سعي الاتحاد الأوروبي «لعسكرة» القارة بحلول عام 2030 بوصفه «استراتيجية خطيرة».
بدأت روسيا وأوكرانيا، الجمعة، عملية تبادل كبيرة لأسرى الحرب بينهما، في عملية جرى الاتفاق عليها خلال محادثات بينهما عقدت أخيراً في إسطنبول.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إتمام عملية التبادل. وكتب ترمب على منصته «تروث سوشيال»: «اكتملت للتو عملية تبادل سجناء كبيرة بين روسيا وأوكرانيا»، مضيفاً: «تهانينا للطرفين على هذه المفاوضات. هل يُفضي هذا إلى أمرٍ مهم؟»، من دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
كييف تتأهب.. "تعرضنا لهجوم روسي بمسيّرات وصواريخ"
وضعت السبت في حالة تأهب إثر هجوم روسي بمسيّرات وصواريخ استهدف العاصمة الأوكرانية، وفق ما أعلن رئيس بلديتها فيتالي كليتشكو. وجاء في منشور لكليتشكو على تليغرام: "انفجارات في العاصمة. تم تفعيل الدفاعات الجوية. المدينة والمنطقة تتعرض لهجوم مركب يشنه العدو"، وفق فرانس برس. كما أضاف أن شخصين أصيبا في منطقة دنيبروفسكي، مشيراً إلى أن خدمات الطوارئ كانت في الموقع. وأطلقت القوات الجوية الأوكرانية تحذيراً من صواريخ باليستية متجهة نحو العاصمة. اندلاع حريقين من جهته أفاد رئيس الإدارة المدنية والعسكرية في العاصمة تيمور تكاتشينكو عن اندلاع حريقين في منطقة سفياتوتشينسكي وسقوط حطام صاروخي في منطقة أوبولونسكي وحطام طائرة مسيرة على مبنى سكني في منطقة سولوميانسكي. كذلك قالت السلطات الأوكرانية إن صواريخ روسية قتلت شخصين وأصابت عدة أشخاص آخرين في مدينة أوديسا الساحلية الجمعة. فيما أعلنت القوات المسلحة الروسية أن أوكرانيا استهدفتها بـ788 طائرة مسيرة وصاروخ منذ الثلاثاء، جرى إسقاط 776 منها. تبادل أسرى أتت الهجمات مع بدء كييف وموسكو عملية تبادل للأسرى الجمعة ستكون في حال اكتمالها أكبر عملية تبادل منذ أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية بأوكرانيا قبل أكثر من 3 سنوات. وأعلن الطرفان عن تبادل 390 شخصاً من كل جانب، في "المرحلة الأولى"، على أن تستمر العملية السبت والأحد. فيما صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستسلم أوكرانيا وثيقة تتضمن شروطها لإنهاء الحرب.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
سوزي وايلز... رئيسة موظفي البيت الأبيض و«مفتاح» الوصول إلى الرئيس ومنفذة أجندته
صفات عدة أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على سوزي وايلز، التي دخلت التاريخ بعدما عيّنها أول امرأة تتولى منصب رئيس موظفي البيت الأبيض. منها تلقيبها بـ«طفلة الجليد» بعدما قال عنها إنها «صارمة وذكية وخلاّقة وتحظى بإعجاب الجميع واحترامهم». كيف لا وهي التي يُنسب إليها الفضل في إدارة حملة انتخابية «منضبطة» و«احترافية» ساعدت ترمب على تحقيق فوز ساحق في المجمع الانتخابي، وربما فوزه بالتصويت الشعبي أيضاً عام 2024. لذا لم يأت اختياره لوايلز مفاجئاً بعدما اكتسبت احترام الرئيس واهتمامه، وأثبتت قدرة على المساعدة في التحكم في انفعالات ترمب، إلى حد ما، بطريقة قلّما تمكّن غيرها من تحقيقه. ولدت سوزان وايلز (سوزان سمرال، قبل الزواج) يوم 14 مايو (أيار) 1957 في ولاية نيوجيرسي، ونشأت في سادل ريفر، وهي واحدة من ثلاثة أبناء لكاثي سمرال وبات سمرال، لاعب كرة القدم الأميركية الشهير والمذيع الرياضي الناجح. تخرجت وايلز في أكاديمية «الملائكة المقدسة» عام 1975، ثم في جامعة ماريلاند - كوليدج بارك بالضواحي الشمالية للعاصمة الأميركية واشنطن، ببكالوريوس آداب في اللغة الإنجليزية. وكانت لفترة غير قصيرة متزوّجة من لاني وايلز، وهو مستشار ومسؤول حملات جمهوري، وانتقلت معه إلى بونتي فيدرا بيتش، إحدى ضواحي جاكسونفيل بولاية فلوريدا عام 1985، إلا أنهما انفصلا عام 2017، ولديها ابنتان. وايلز مُقلّة في ظهورها الإعلامي، وكادت حتى في يوم تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) أن تتراجع عن إلقاء كلمتها عندما طلب منها ترمب ذلك، واكتفت ببضع كلمات مفضلة ظهوراً بسيطاً خلف الكواليس يمكن أن يكون فعالاً أكثر، في وظيفة تعد واحدةً من أكثر الوظائف الحكومية تطلّباً وحساسية وتعقيداً على الإطلاق. مع هذا، بعد أول 100 يوم من عهده الثاني، تولّت وايلز تقديم تقييم شامل لإنجازاته في مقابلة صحافية نادرة، واصفة إياها بأنها كانت «نجاحاً باهراً... ولكن لا يزال هناك المزيد مما يجب القيام به». وفي حين أن معظم الرؤساء المعاصرين حدّدوا حاجز الـ100 يوم معياراً للنجاح المبكر، رأت وايلز أن المقياس الأفضل هو أداء الإدارة في الأشهر الستة المقبلة. واستشهدت بـ142 أمراً تنفيذياً وقّعها ترمب منذ أدائه اليمين، و«حملته الناجحة» على الهجرة غير الشرعية، و«عمله على تأمين الاستثمار الأجنبي» في الولايات المتحدة و«الصفقات التجارية» مع أكبر الشركاء الاقتصاديين لأميركا. يزعم البعض أن وايلز، بصفتها «مفتاح» الوصول إلى ترمب وعقله وأجندته، هي التي لعبت دوراً كبيراً في إنجاح زيارته إلى المملكة العربية السعودية، بما فيها الترتيبات «الهادئة» و«الصامتة» التي أدت إلى «الاختراقات» الاقتصادية والسياسية التي شهدتها زيارته. أيضاً، ناقشت وايلز في مقابلتها الصحافية في 29 أبريل (نيسان) الماضي الاقتصاد، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفي غزة، والميزانية، والضرائب والرسوم التجارية. وقالت: «أرى مسؤوليتي هي التأكد من حصوله على معلومات نزيهة وحقيقة كاملة. ومهما كان عدد الأشخاص اللازمين للوصول إلى ذلك، وأياً كانوا - طبعاً في حدود المعقول - فإننا نشجع ذلك بالفعل». وأردفت أن ترمب سيركز على جذب الاستثمارات المتبادلة للولايات المتحدة خلال زيارته الخليجية، متحدثة عن علاقات ترمب الراسخة مع قادة دولها، وقالت «العلاقات راسخة للغاية». وعن الحرب الروسية في أوكرانيا، قالت وايلز إنه بينما يأمل ترمب في تسوية سريعة، قد لا يكون ذلك قابلاً للتحقيق. مُضيفةً: «لا أعرف إن كان ذلك سيحدث أم لا. أعني، قد نتمكن من إحراز بعض التقدم خلال الأسبوعين المقبلين، لكن لا أحد كان ليُحاول ذلك سوى دونالد ترمب. لا أحد كان ليُقنع هؤلاء الناس بالجلوس على طاولة المفاوضات سواه. وإذا أرادوا مواصلة قتل الناس، وهو أمرٌ مُشين، كما تعلمون، فهو لا يستطيع إيقافه». وعن غزة، قالت إنها لم تُفاجأ إطلاقاً عندما أعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة المُمزق بالحرب. وأضافت: «قال لي أحدهم إنني بدَوت مُتفاجئة. لكن لا، لقد كان يتحدث عن ذلك... لم أُفاجأ إطلاقاً، وهو يعتقد أنها يجب أن تكون منطقة حرية، منطقة سلام، ونحن الوحيدون القادرون على تحقيق ذلك. ولذا كان يعني ذلك، ولا يزال يعنيه». وفيما أكدت على أن ترمب سيركز جهوده من الآن فصاعداً على حث الكونغرس على إقرار سلسلة واسعة من وعود حملته الانتخابية - بما في ذلك إنهاء الضرائب على الإكراميات والعمل الإضافي ومزايا الضمان الاجتماعي، والحفاظ على الوحدة بين الأغلبية الجمهورية الضئيلة في مجلسي النواب والشيوخ، توقعت أن يحتفظ ترمب بجميع وزراء حكومته خلال السنة الأولى من ولايته، الأمر الذي عدّه البعض إشارة إلى «الدولة العميقة» الجديدة التي يقوم ترمب ببنائها، وقد تكون وايلز على رأس الطاقم الذي سيقود جهوده، مستفيداً من دروس ولايته الأولى والتغييرات التي أجراها على بنية الحزب الجمهوري. عندما انضمت وايلز إلى حملة ترمب للبيت الأبيض عام 2016 رئيسة مشاركة في حملته بولاية فلوريدا، واجهت تشككاً من بعض الجمهوريين. لكنها أوضحت لصحيفة «تامبا باي تايمز» آنذاك أنها شعرت أن أياً من الجمهوريين الآخرين المترشحين للبيت الأبيض لا يمثل التغيير الذي تحتاجه واشنطن. وقالت وايلز: «لا أريد أن يستمر هذا الوضع. أعتقد أنه سيضرّ جمهوريتنا بشكل خطير، ومَن مِن بين هذه المجموعة غير ترمب يملك الشجاعة لتغيير ما رأيته يحدث على مر السنين؟». وفي أبريل 2021، وصفت بأنها «الزعيمة الجديدة في عالم ترمب»، وبأنها ستمارس سلطة على مدير حملة 2020 السابق بيل ستيبين ومساعده الرئيسي جاستن كلارك. وبعدما تولت رئاسة لجنة العمل السياسي «أنقذوا أميركا»، غطت الرسوم القانونية للعديد من موظفي ترمب الحاليين والسابقين المتورطين في إجراءات قانونية ضد الرئيس السابق. حتى الآن، لا تزال تركيبة إدارة ترمب صامدة، على الرغم من «الانتكاسة» التي تعرّض لها مستشاره للأمن القومي، مايك والتز، الذي يعتقد على نطاق واسع أن وايلز لعبت دوراً رئيساً في إقصائه من منصبه، وإن بقي في الإدارة. والسبب ليس فقط قضية تسريبات ما يعرف بـ«سيغنال غيت» عن الحملة الجوية ضد الحوثيين في اليمن، بل بسبب تصادم «أجندته» مع الرئيس ومحاولته عقد «ترتيبات» سياسية، في إشارة إلى اتصالاته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إيران، من دون أن تمر عبر وايلز ولا تحظى بموافقتها. أيضاً ذكرت وسائل إعلام أميركية أن وايلز كانت على خلاف مع إيلون ماسك الذي يتولى الإشراف على دائرة الكفاءة الحكومية (دوج). وإنها، وفقاً لمصادر مقربة من البيت الأبيض، استاءت من إهمال استشارتها، عندما أرسل بريداً إلكترونياً إلى الموظفين الفيدراليين، طالباً منهم سرد خمسة أشياء أنجزوها في أسبوع واحد وإلا سيُطردون. وعندما سُئلت عن علاقة الإدارة بالصحافة، قالت وايلز إنها لا تعتقد أن صحافيي البيت الأبيض يخشون مخالفة الرئيس أو احتمال إلغاء اعتمادهم. وأوضحت: «لم يُستبعد من القائمة سوى شخص واحد من أصل 400 صحافي معتمد. لذا، إذا كان هناك عامل خوف، فأرى أنه لا أساس له من الصحة». وتابعت: «أعتقد، على مستوى ما، بينما ثمة العديد من الآراء حول أجندة الرئيس وما نفعله وما استند إليه في حملته الانتخابية، وربما لا يتفق الجميع على ذلك، فإنني أعتقد أنهم يُقدّرون الشفافية والحضور، لا سيما بعد إدارة بايدن». حقاً، بدت شخصية وايلز لافتةً في دفاعها عن ترمب، بعدما قالت في مقابلة سابقة إنها «لا ترحب بالذين يريدون العمل منفردين أو أن يكونوا نجوماً... وأنا وفريقي لن نتسامح مع الغيبة، أو التكهنات غير اللائقة، أو الدراما»، ما جعل الجمهوريين أكثر تحمساً واطمئناناً لها من تجاربه السابقة مع الذين تولّوا منصبها. أيضاً كانت وايلز شخصيةً ثابتةً على المسرح السياسي في فلوريدا لعقود قبل أن تُساعد كلاً من ترمب ورون دي سانتيس في الفوز بحملات انتخابية. ويُنسب إليها الفضل في إنقاذ حملة دي سانتيس عندما كان نائباً مغموراً في الكونغرس بطلب من ترمب، لمنصب الحاكم عام 2018. لكن انفصالها عنه لاحقاً، دفع دي سانتيس إلى إقناع فريق ترمب بطردها قبل حملته لعام 2020. وايلز لم تدع «الإهانة» تمر مرور الكرام، واستغلت معرفتها الوثيقة بدي سانتيس لإضعاف حملته عندما ترشح ضد ترمب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2024. وبعدما وصفت تجربتها معه بأنها «أكبر غلطة سياسية» اقترفتها، نشرت تغريدة نادرة لها على «إكس» في اليوم الذي أنهى فيه حملته الرئاسية، شامتةً «مع السلامة!». من جهة ثانية، قبل التحاقها بحملة ترمب، عملت وايلز لعقود في حملات محلية ووطنية، منها لمجموعات الضغط في القطاع الخاص، مع شركات كـ«جنرال موتورز» و«بالارد بارتنرز» و«ميركوري» العملاقة التي تضم قائمة عملائها «سبيس إكس»، و«إيه تي آند تي». وكشف تقرير لمنظمة «المواطن العام» التي أسسها الناشط رالف نادر، أن وايلز كانت تعمل كجماعة ضغط مسجلة لـ42 عميلاً مختلفاً بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 وأبريل 2024. بالإضافة إلى عمل وايلز مع النائب والمرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جاك كيمب في نيويورك، كانت مسؤولة عن «جدوَلة» اجتماعات الرئيس السابق رونالد ريغان، وعملت في وزارة العمل في عهده. ومنذ ذلك الحين، عملت مع جمهوريين من مختلف التوجّهات الآيديولوجية. وشغلت منصب نائب مدير العمليات في حملة جورج بوش «الأب» عام 1988، وكانت رئيسة مشاركة للمجلس الاستشاري للسيناتور ميت رومني في فلوريدا إبّان حملته الرئاسية عام 2012. وبعدما عينها ترمب رئيسة موظفي البيت الأبيض، وصفها حاكم فلوريدا السابق جيب بوش - الذي نافس ترمب على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة عام 2016 - بأنها «خيار رائع» لهذا المنصب. يرى كثيرون أن القاسم المشترك في حملة ترمب عام 2016، ووصوله إلى البيت الأبيض، وحملته الخاسرة عام 2020، كان الفوضى التي اتسمت بالصراعات الداخلية المُفرطة، والطعن في الظهر، والتسريبات، والشخصيات المثيرة للجدل التي تصدرت عناوين الصحف لأسباب عدة. ولكن عام 2021 مع وصول ترمب إلى الحضيض السياسي، بعد خسارته إعادة انتخابه، ودعم بعض الجمهوريين بعد اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني)، دخلت وايلز المشهد. وحقاً قلبت الأمور وأشرفت على عودته إلى البيت الأبيض. مُحترفو الحملات الانتخابية من كلا الحزبين وصفوا حملة ترمب 2024 بـ«الاحترافية للغاية» على الرغم من ميوله إلى تبنّي الفوضى. لكن وايلز نجحت في كبح جماحه، مُتدخلة أحياناً لإعادته إلى مساره الصحيح، وتخفيف حدة خطابه حول خسارة انتخابات 2020، وحثّت مؤيديه على التصويت عبر البريد. ولقد وصفها كريس لاسيفيتا، الذي كان مديراً مشاركاً للحملة مع ويلز: «تتمتع وايلز بقدرة فائقة على إدارة عدة أمور مهمة في آنٍ واحد، ما يجعلها، من وجهة نظر إدارية، الخيار الأمثل». وأضاف: «التنظيم مهم جداً... فإذا لم ننتبه للأمور الصغيرة، ستغفل الأمور الكبيرة».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
جيورجيا ميلوني... من التطرف إلى البراغماتية
أواخر عام 2012، وبعدما كان نجم سيلفيو برلوسكوني قد بدأ يأفل في المشهدين السياسيين الإيطالي والأوروبي، أقدمت مجموعة من قيادات حزبه، تتزعمها رئيسة الوزراء الحالية جيورجيا ميلوني ورئيس مجلس الشيوخ إيغناسيو لا روسّا، على الانشقاق عن الحزب الذي كان أسسه برلوسكوني وحمله أربع مرات إلى رئاسة الحكومة، وقرّرت تأسيس حزب جديد تحت مسمّى «إخوان إيطاليا»؛ تيمناً بعنوان النشيد الوطني الإيطالي. الدافع المعلن لهذه الخطوة كان رغبة المجموعة المنشقّة في إبراز الهوية اليمينية للتيار الذي كانت تمثله، والذي كان في معظمه من ركام الحزب الفاشي الإيطالي المحظور بموجب الدستور تحت مسمّى «التحالف الوطني» الذي تدرّجت ميلوني في صفوفه صبيّة في التاسعة عشرة رئيسةً لتيّار الشباب. غير أن السبب الحقيقي غير المعلن للانشقاق كان التموضع في المشهد السياسي تحسباً للانهيار الذي كانت بدأت تظهر تباشيره في صفوف اليمين الإيطالي، والذي كان حزب «الرابطة»، الانفصالي سابقاً، يتربّص لوراثة قيادته. في تلك المرحلة كان رصيد «إخوان إيطاليا» يقتصر على عشرة مقاعد في مجلس الشيوخ وستة في مجلس النواب. ولم يتمكن خلال الانتخابات العامة والإقليمية التي أجريت حتى عام 2020 من تجاوز حاجز الـ6 في المائة من أصوات الناخبين، أي ما يقارب نصف التأييد الذي كان يحظى به حزب «الرابطة» («رابطة الشمال» أساساً) الذي كان زعيمه ماتّيو سالفيني قد بدأ يحلم بقيادة اليمين الإيطالي على وقع تدهور صحة برلوسكوني. ولكن في عام 2022 انهارت الحكومة الائتلافية التي كان يقودها حزب «النجوم الخمس» بالتحالف مع «الرابطة»، فقرّر رئيس الجمهورية حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة عن موعدها أواسط صيف ذلك العام، خاضها اليمين ضمن تحالف ضمّ برلوسكوني وسالفيني وميلوني، بشرط أن يتولّى تشكيل الحكومة الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في حال فوز التحالف. وفي المقابل، وكعادته، خاض اليسار الانتخابات منقسماً على نفسه وسط تناحر تياراته. وكانت المفاجأة نيل حزب «إخوان إيطاليا» أكبر عدد من الأصوات بين قوى اليمين. وهكذا أصبحت رئاسة الحكومة من نصيب ميلوني، التي كان يهزأ برلوسكوني من احتمال وصولها إلى ذلك المنصب. عندما أقسمت جورجيا ميلوني يمين الولاء لمنصبها كأول امرأة تتولّى رئاسة الحكومة في إيطاليا، كانت قد سبقتها صورة اليمين المتطرف الصاعد من كهوف الفاشية، الذي تتسع شعبيته باطراد ويوقظ أشباح الماضي المخيف في المشهد الأوروبي. وفي العواصم الأوروبية الكبرى، كما في بروكسل «عاصمة» الاتحاد الأوروبي، سادت أجواء الترقّب من تداعيات وقوع السلطة، للمرة الأولى في تاريخ الاتحاد، بيد حزب مناهض للمشروع الأوروبي، على الأقل في صيغته الراهنة. ومعلومٌ أن «إخوان إيطاليا» يرفض أن تصدر عن زعيمته إدانة صريحة للنظام الفاشي، وأن يُزال رمزه التاريخي «الشعلة» عن شعار الحزب، بينما يفاخر رئيس مجلس الشيوخ – وساعد ميلوني الأيمن – بتمثال نصفي للزعيم الفاشي بنيتو موسوليني في دارته. الزعيم المجري فيكتور أوربان (رويترز) إلا أن الخطوات الأولى التي أقدمت عليها ميلوني، خاصةً نحو الخارج، أظهرت استعدادها للبقاء ضمن «السرب» الأوروبي، والتنسيق مع الشركاء في جميع الملفات الكبرى، مع الحفاظ على تمايز في ملف الهجرة الذي كان الرافعة الأساسية في صعودها السريع حتى وصولها إلى رئاسة الحكومة. إذ سارعت ميلوني إلى تأكيد الاصطفاف الإيطالي بجانب التحالف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، وبنت علاقات وثيقة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين، وفتحت قنوات الحوار التي كانت متعثرة مع فرنسا، مُبحرة بذلك عكس التيار السائد داخل الائتلاف الحاكم الذي تقوده. لقد أدركت ميلوني بسرعة أن الخروج عن خط الحليف الأميركي في السياسة الخارجية ليس وارداً، وأن المواجهة الصدامية مع الشركاء الأوروبيين مكلفة جداً بالنسبة للبلد الذي يرزح تحت عبء أعلى نسبة من الدين الخارجي والعجز العام داخل الاتحاد، وأن العداء مع فرنسا يجرّ متاعب كثيرة لا قدرة لإيطاليا على تحملها في المدى الطويل. في غضون ذلك، كانت ميلوني ترسّخ شعبيتها في الداخل وتدفع بأجندتها اليمينية من دون عقبات تذكر، مطمئنة إلى رصيدها الشعبي، والغالبية الساحقة التي تدعمها في البرلمان قبالة معارضة ضعيفة مشتتة. إلا أنه مع ظهور البوادر الأولى لانهيار الديمقراطيين في الولايات المتحدة، وما يستتبعه ذلك الانهيار من تداعيات خارجية - بخاصة على الجبهة الأوروبية - ومع اتساع دائرة الصعود اليميني المتطرف في أوروبا، بدأ كثيرون يرون في ميلوني «المرأة الحديدية» الجديدة في أوروبا. صارت ميلوني، بالفعل، الشخصية السياسية التي تنظر إلى قيادتها القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة الطامحة إلى السلطة في الاتحاد، الذي يعاني منذ سنوات تراجع الأحزاب التقليدية التي قام عليها مشروعه. من جهتها، حرصت ميلوني في التحالفات التي نسجتها على الجبهة اليمينية في أوروبا، على تجنّب الذهاب بعيداً نحو القوى المتطرفة في أقصى هذه الجبهة، مثل حزب «البديل من أجل ألمانيا» أو «التجمع الوطني» الذي تقوده مارين لوبان في فرنسا، بل حافظت دائماً على «شعرة معاوية» مع المؤسسات والأحزاب التقليدية، خاصةً بالنسبة للدعم الذي يقدمه الاتحاد لأوكرانيا منذ بداية الاجتياح الروس. رغم هذا، لم يمنع الحرص على تجنب الشطط أوروبياً الزعيمة الإيطالية من الانفتاح على جهات يمينية متطرفة خارج الإطار الأوروبي، مثل خابيير ميلي في الأرجنتين، أو الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تفاخر بصداقتها معه... وتطرح نفسها «وسيطاً» بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لاحتواء أزمة الرسوم الجمركية التي ما زالت تراوح مكانها. كذلك حافظت ميلوني، من موقعها رئيسةً للحكومة الإيطالية، أكثر من زعامتها لحزب يميني متطرف قام على أنقاض الفاشية، على علاقات جيدة مع البابا الراحل فرنسيس الذي كان طوال حبريته في مرمى سهام القوى اليمينية المتطرفة، خاصةً في موضوع الهجرة. ثم سارعت إلى تجديد هذه العلاقة مع خلفه لاوون الرابع عشر، مستفيدة من «الرافعة الفاتيكانية» لتعزيز حضورها على الصعيد الدولي. وحقاً، خلال أقل من سنتين تمكّنت ميلوني من تغيير صورة اليمين المتطرف في أوروبا، وأقامت علاقات مؤسسية سلسة مع كتلة الحزب الشعبي الأوروبي (يمين متطرف)، من غير أن تنضوي تحت لوائه، وأصبحت بمثابة «جسر» بين أقصى اليمين والمحافظين التقليديين، كما نجحت حتى الآن في احتواء الجناح المتطرف داخل حزبها. في هذه الأثناء، شكّلت القوى اليمينية المتطرفة التي حرصت ميلوني على النأي عنها في التحالفات التي نسجتها، بدورها «جبهتها» المستقلة. وبايعت هذه «الجبهة» رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، بمباركة مزدوجة من واشنطن وموسكو، ريثما تتضح الصورة التي سيرسو عليها اليمين الأوروبي بعد الانتخابات المقررة حتى أواخر العام المقبل لمعرفة الحصان الفائز بين ميلوني وأوربان. الخطوات الأولى التي أقدمت عليها ميلوني خاصةً نحو الخارج أظهرت استعدادها للبقاء ضمن «السرب» الأوروبي والتنسيق مع الشركاء في جميع الملفات الكبرى في الواقع، كثيرة هي الأمور التي تجمع بين ميلوني وأوربان، لكنهما يختلفان كثيراً من حيث أسلوب الزعامة وممارستها، وذلك بسبب التباين في المسار السياسي، وتاريخ البلدين، والعلاقة مع المؤسسات الأوروبية. أولاً، لا بد من التمييز بين الواقع السياسي في كل من المجر وإيطاليا. فالمجر خارجة من نظام خضع طيلة عقود للنير السوفياتي، غير أنها تحمل إرثاً غنيّاً بالنضال من أجل الاستقلال، أولاً عن الإمبراطورية النمساوية، ثم عن هيمنة موسكو. ويجمع كثيرون على أن الصفات اللغوية والثقافية والتاريخية التي تميّز المجريين عن جيرانهم السلاف والجرمان، تجعل منهم شعباً مندفعاً بقوة نحو التمرّد والإصلاح. أما الواقع السياسي الإيطالي، فهو وليد مخاض سياسي مديد يبدأ مع أول تجربة فاشية قبل الحرب العالمية الثانية، ويرسو عند نظام ضبابي سيطرت عليه الديمقراطية المسيحية طوال عقود، وقام لهدف أساسي هو كبح صعود الحزب الشيوعي، إلى أن تهشّم بفعل الفضائح والفساد، وانهار معه الحزبان الكبيران الاشتراكي والديمقراطي المسيحي اللذان تناوبا على السلطة في إيطاليا منذ سقوط موسوليني. من هنا يجد اليمين الأوروبي، التقليدي والجديد والناشئ، نفسه اليوم أمام زعامتين مختلفتين من حيث المسار والواقع السياسي. فيكتور أوربان، الذي ظهر في المشهد السياسي المجري عام 1989 زعيماً شاباً مناهضاً للشيوعية، تنقّل بين تجمّعات وأحزاب ليبرالية حتى انتخابه رئيساً للوزراء عام 2010. يومذاك قاد حكومة يمينية معتدلة إلى أن بدأت المفوضية الأوروبية تضغط عليه لإجراء تغييرات اقتصادية كان يرفض معظمها، أو يعجز عن تنفيذها، إلى أن راح يجنح نحو المواجهة الصدامية مع المؤسسات الأوروبية، بل ويطالب بالعودة إلى «جذور» المشروع الأوروبي وإعادة الصلاحيات إلى الدول الأعضاء، حتى أصبح القدوة التي ألهمت بعده العديد من قادة اليمين الأوروبي المتطرف. جورجيا ميلوني، من جهتها، هي وليدة التحول الذي شهده اليمين الإيطالي المتطرف في تسعينات القرن الفائت، إلى أن أصبح مقبولاً على الصعيد الأوروبي بفضل الذكاء الاستراتيجي الذي كان يتمتع به زعيمه (يومذاك) ورئيس مجلس النواب جيانفرنكو فيني، وتعاون سيلفيو برلوسكوني الذي كان يسعى إلى استقطاب أصوات اليمين من كل الاتجاهات. إلا أن ميلوني، التي تولّت إحدى الحقائب الوزارية في إحدى حكومات برلوسكوني، كانت لها الرؤية والشجاعة لتأسيس حزبها الخاص «إخوان إيطاليا» بالرصيد الضئيل الذي كان يملكه فيني مع حزب «التحالف الوطني». وعندما تولّى ماريو دراغي تشكيل «حكومة الإنقاذ الوطني» التكنوقراطية، انفردت ميلوني وحدها بمعارضة حكومته... لتغدو الملاذ الأول للناخبين اليمينيين بعد الفشل الذريع الذي أصاب حزب برلوسكوني المترهّل. > إيطاليا، كما يرى كثيرون، هي أقرب ما يكون إلى المختبر السياسي الأوروبي. والسياسة الإيطالية دائماً «مشفّرة» ليس من السهل قراءتها واستبيان مندرجاتها. والحقيقة أن الإيطاليين ليسوا في اليمين ولا في اليسار... ليسوا جمهوريين ولا ملكيين... بل إنهم يرفضون دائماً التموضع في مواقف متطرفة، أو الذهاب إلى المواجهة الصدامية لحسم الخلافات العقائدية. ومن هذا المنطلق يسهل فهم التقلبات التي طرأت على المشهد اليميني الإيطالي، والتي لم يرصدها المراقبون الأوروبيون قبل حدوثها أو حتى بعده. في البداية، تعرضت ميلوني لهجوم لاذع في وسائل الإعلام الأوروبية وكواليس العواصم الكبرى في الاتحاد. ولكن مع مرور الوقت اكتشف الأوروبيون زعيمة جديدة لليمين الأوروبي تحظى بنفوذ دولي غير مسبوق منذ أيام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. ويوم الأربعاء الماضي، وبعد المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وإطلاعه الأوروبيين على ما دار فيها، سارعت ميلوني إلى الاتصال بالبابا لاوون الرابع عشر للتنسيق معه حول العرض الذي قدمه الفاتيكان الأسبوع الماضي لاستضافة مفاوضات سلام بين موسكو وكييف. ويذكر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جمعت نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين على مائدتها بُعيد تنصيب الحبر الأعظم؛ بهدف «فتح قناة» حوار بين واشنطن وبروكسل حول حرب الرسوم الجمركية. وثمة كلام أيضاً عن احتمال استضافة إيطاليا مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمباركة أميركية وفاتيكانية. في أي حال، أسهُم ميلوني في الداخل الإيطالي مرشحة للصعود، أو الاستقرار في أسوأ الأحوال؛ نظراً للانقسامات الحادة في صفوف المعارضة. وهي إلى صعود أيضاً على الجبهة الأوروبية، شريطة ألاّ تسير في ركاب الرئيس ترمب وسعيه إلى التفرقة بين الشركاء الأوروبيين خلال الأشهر المقبلة. وللعلم، لعل ميلوني الوحيدة بين الزعامات اليمينية المتطرفة في أوروبا، التي صعدت إلى السلطة على متن الانتقاد المباشر للمؤسسات الأوروبية والعديد من سياساتها، لكنها منذ وصولها إلى الحكم تتصرف بحرص شديد على هذه المؤسسات وتسعى إلى تغييرها من الداخل. وتساعدها في ذلك التقلبات الجيوسياسية الأخيرة وانعطاف أقصى اليمين الأوروبي نحو الواقعية السياسية التي تفرضها ممارسة السلطة.