
محلل: إذا اتجه نحو ركود تضخمي حقيقي، لن يكون أمام الفيدرالي سوى التضحية بالنمو
تصاعدت المخاوف بشأن ركود النمو الاقتصادي الأميركي وسط قلق متزايد من عودة التضخم، مما يهدد بإحياء ظاهرة اقتصادية لم تشهدها الولايات المتحدة منذ 50 عامًا.
يأتي الحديث عن "الركود التضخمي" في وقت يبدو فيه أن الرئيس دونالد ترامب عازم على فرض تعريفات جمركية على كل شيء تقريبًا يدخل إلى البلاد، في حين تشير العديد من المؤشرات إلى تراجع النشاط الاقتصادي، بحسب ما ذكرته "CNBC" واطلعت عليه "العربية Business".
ويثير هذا التهديد المزدوج - ارتفاع الأسعار وتباطؤ النمو - القلق بين المستهلكين وقادة الأعمال وصانعي السياسات، ناهيك عن المستثمرين الذين بدأوا بالتخلص من الأسهم والاتجاه نحو شراء السندات.
وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس": "نتجه نحو الركود التضخمي. فالسياسات الحالية، مثل التعريفات الجمركية وسياسات الهجرة، تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتراجع النمو الاقتصادي."
مؤشرات مقلقة
لم تصل الولايات المتحدة بعد إلى نفس مستويات الركود التضخمي التي شهدتها في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، لكنها بدأت تلمس بعض مظاهره. فقد ارتفعت توقعات التضخم طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها في 30 عامًا، في حين تراجعت ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة أن إنفاق المستهلكين انخفض في يناير/كانون الثاني بأكبر نسبة خلال أربع سنوات، رغم ارتفاع الدخل بشكل ملحوظ. كما كشف مؤشر مديري المشتريات التابع لمعهد إدارة التوريدات أن النشاط الصناعي توسع بالكاد في فبراير/شباط، في حين سجلت الطلبات الجديدة أكبر تراجع لها في نحو خمس سنوات، وقفزت الأسعار بأعلى معدل شهري في أكثر من عام.
في أعقاب هذا التقرير، خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا توقعاته للنمو الاقتصادي في الربع الأول إلى تراجع سنوي بنسبة 2.8%، وهو أول رقم سلبي منذ الربع الأول من عام 2022 وأكبر انخفاض منذ إغلاق الاقتصاد بسبب جائحة كورونا في أوائل 2020.
تتحسب الأسواق الآن لاحتمالية خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة بدءًا من يونيو/حزيران، مع توقعات بخفض إجمالي يصل إلى 0.75 نقطة مئوية هذا العام لمنع حدوث تباطؤ اقتصادي.
لكن زاندي يرى أن الفيدرالي قد يفعل العكس تمامًا - أي رفع الفائدة لمحاربة التضخم، كما فعل رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق، بول فولكر، في الثمانينيات، مما أدى إلى دخول الاقتصاد في ركود عميق. وأضاف: "إذا بدا أن الاقتصاد يتجه نحو ركود تضخمي حقيقي، فسيكون الخيار أمام الفيدرالي هو التضحية بالنمو الاقتصادي."
تقلبات الأسواق المالية
تشهد الأسواق المالية اضطرابات حادة، حيث دخلت الأسهم في موجة بيعية كبيرة هذا الشهر، مما أدى إلى محو المكاسب التي تحققت بعد فوز ترامب في الانتخابات.
ورغم أن مؤشر داو جونز الصناعي سجل انخفاضًا أخر يوم الثلاثاء، ليخسر حوالي 4.5% منذ بداية مارس/آذار، لم تثر الموجة البيعية ذعر الأسواق، حيث ظل مؤشر تقلبات السوق (VIX) عند مستويات قريبة من المتوسط طويل الأجل.
وقال مارك هاكيت، كبير استراتيجيي السوق في "ناشيون وايد": "هذا ليس وقت الهلع. أعتقد أن ما يحدث الآن هو مجرد إعادة ضبط صحية للتوقعات."
لكن السندات تقدم صورة مختلفة. إذ تراجعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية بشكل حاد في الأيام الأخيرة بعد ارتفاعها منذ سبتمبر/أيلول، حيث انخفضت عائدات السندات لأجل 10 سنوات إلى نحو 4.2%، وهو أقل بنصف نقطة مئوية عن ذروته في يناير/كانون الثاني. كما انعكس منحنى العائدات بين السندات لأجل 3 أشهر والسندات لأجل 10 سنوات—وهو مؤشر ركود موثوق منذ الحرب العالمية الثانية.
موقف البيت الأبيض
على الجانب الآخر، لا تزال الإدارة الأميركية ترى أن التأثيرات قصيرة الأجل للتعريفات الجمركية سيتم تعويضها بالفوائد طويلة الأجل.
وقال وزير التجارة هاورد لوتنيك في مقابلة مع "CNBC": "قد نشهد بعض التقلبات السعرية على المدى القصير، لكن على المدى الطويل، سيكون الوضع مختلفًا تمامًا."
وأضاف: "أمريكا ستكون في أفضل حالاتها. سنحقق ميزانية متوازنة، وسنشهد تراجعًا حادًا في أسعار الفائدة، قد يصل إلى 100 أو 150 نقطة أساس."
أما وزير الخزانة سكوت بيسنت، فقال لشبكة "فوكس نيوز" إن الإدارة تركز على "الشارع الرئيسي" أكثر من "وول ستريت"، مشيرًا إلى أن "وول ستريت كانت في وضع جيد، لكنها ستظل على ما يرام. أما نحن، فهدفنا هو إعادة التوازن إلى الاقتصاد وإعادة الوظائف الصناعية إلى البلاد."
يترقب المحللون تقرير الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة كمؤشر رئيسي على اتجاه الاقتصاد. فإذا جاء التقرير قويًا، فقد يعزز الثقة بأن البيانات الاقتصادية الأساسية لا تزال صلبة رغم تراجع المعنويات.
أما إذا أظهر التقرير ضعفًا في سوق العمل مع استمرار ارتفاع الأجور، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الحديث عن الركود التضخمي.
وأوضح هاكيت أن مجرد الحديث عن الركود التضخمي يمكن أن يجعله يتحقق جزئيًا. فالبلاد لم تخل في مرحلة الركود التضخمي بعد، لكن هذا هو السيناريو الأسوأ الذي يجب الحذر منه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
استثمار 33 مليون دولار في "شارك تانك" يحقق مكاسب خيالية لمارك كوبان
عُرضت الحلقة الأخيرة من برنامج "شارك تانك" على قناة "ABC" يوم الجمعة، لرائد الأعمال والمستثمر الملياردير مارك كوبان، مُختتماً بذلك مسيرته التي استمرت 15 موسماً. لم تكن كل الاستثمارات ناجحة خلال السنوات الطويلة الماضية، إلا أنه خرج بمحفظة استثمارية قوية، وفقاً لما ذكره خلال العرض الأخير. وقال كوبان لشبكة "CNBC"، إن إجمالي استثماراته بلغ حوالي 33 مليون دولار خلال فترة عمله في البرنامج. ويُقدّر أنه حصل من هذه الاستثمارات على عوائد نقدية تصل إلى 35 مليون دولار، وأن قيمة أسهمه السوقية من هذه الشركات تبلغ 250 مليون دولار على الأقل. وأشار كوبان في حديث لمجلة "فورتشن" في يناير، إلى تحقيقه نجاحاً باهراً، والذي انعكس عل القيمة السوقية الإجمالية لعشرات الشركات التي استثمر فيها منذ انضمامه إلى برنامج "شارك تانك" عام 2011. أمام الكاميرا، خصص كوبان ما يصل إلى 61.9 مليون دولار أميركي لأكثر من 200 صفقة، وفقاً لموقع "شارك تانك إنسايتس" الإلكتروني، لكن الصفقات التي تُعقد على الشاشة لا تُثمر دائماً عن استثمارات ناجحة بعد انتهائها. ولكن الغريب، أن هدف كوبان الأساسي من المشاركة في البرنامج لم يكن "جني المال"، على حد قوله. كتب كوبان، على تويتر في يوليو 2022، في منشور لم يعد يظهر على منصة التواصل الاجتماعي، المعروفة الآن باسم "إكس": "لا أُشارك في البرنامج للحصول على أفضل الاستثمارات. ولا أستثمر دائماً لأنني أعتقد أنني سأجني المال. أحياناً تكون صفقاتي بحتة لمساعدة [رائد أعمال] أو توجيه رسالة". (استثمر كوبان، وهو نباتي منذ عام 2019 على الأقل، في العديد من علامات الأطعمة النباتية في البرنامج). في ذلك الوقت، أشار كوبان إلى أنه تكبد خسارة صافية "نقداً" من استثماراته في برنامج "شارك تانك"، قبل احتساب قيمة أسهمه النشطة. أما الآن، فيقول إنه يحقق مكاسب من حيث النقد والقيمة السوقية، وهو مصطلح محاسبي يشير إلى تقييم الأصول، مثل الاستثمار، بناءً على قيمتها السوقية العادلة الحالية. يُعدّ التقييم السوقي في الأساس وسيلةً يستخدمها كوبان لتحديد القيمة الإجمالية لاستثماراته، والتي لم يتخارج منها بعد، بناءً على كيفية نمو القيمة السوقية لتلك الشركات منذ استثماره الأول.


سويفت نيوز
منذ 7 ساعات
- سويفت نيوز
'جنرال موتورز' تتوقف عن شحن بعض سياراتها من أمريكا إلى الصين بسبب الرسوم الجمركية
ميشيغان – سويفت نيوز: أوقفت شركة جنرال موتورز شحن عدد محدود من السيارات المصنّعة في الولايات المتحدة إلى الصين، وذلك في ظل تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أثرت على قطاع السيارات العالمي. تأتي هذه الخطوة كجزء من إعادة هيكلة Durant Guild وهي ذراع تابعة لشركة جنرال موتورز والتي أُطلقت في عام 2022 بهدف إدخال طرازات فاخرة من سياراتها، مثل GMC Yukon وChevrolet Tahoe إلى السوق الصينية. وأكدت 'جنرال موتورز' التزامها بمواصلة تطوير أعمالها في السوق الصينية، لكنها أشارت إلى وجود تغيرات كبيرة في الظروف الاقتصادية تؤثر على عملياتها. ولا تزال الشركة تحتفظ بشراكات استراتيجية مع شركاء محليين في الصين، تمكّنت من خلالها من بيع نحو 442 ألف مركبة خلال الربع الأول من العام الجاري، مؤكدة التزامها بهذه المشاريع المشتركة رغم التحديات. مقالات ذات صلة


سويفت نيوز
منذ 7 ساعات
- سويفت نيوز
الرسوم الأميركية تؤثر على صادرات كوريا الجنوبية من السيارات في أبريل
سيول – سويفت نيوز: تراجعت صادرات كوريا الجنوبية من السيارات في شهر أبريل الماضي مقارنة بالعام السابق، بسبب الانخفاض الحاد في الصادرات إلى الولايات المتحدة بعد فرض واشنطن رسومًا جمركية باهظة على السيارات الأجنبية الصنع. وبلغت قيمة الشحنات الصادرة من السيارات الكورية 6.53 مليار دولار خلال الشهر الماضي، بانخفاض 3.8% عن العام السابق، وفقًا لبيانات وزارة التجارة والصناعة والطاقة. وبحسب المناطق، انخفضت الصادرات إلى أميركا الشمالية بنسبة 17.8% على أساس سنوي إلى 3.36 مليار دولار، مع انخفاض الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 19.6% إلى 2.89 مليار دولار، وفق وكالة 'يونهاب' الكورية للأنباء. في المقابل، ارتفعت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 26.7% لتصل إلى 953 مليون دولار، مدفوعة بالمبيعات القوية لسيارة 'EV3' من شركة 'كيا' و'كاسبر إلكتريك' من شركة 'هيونداي موتور'. وعلى الصعيد المحلي، فقد ارتفعت مبيعات السيارات للشهر الثالث على التوالي في أبريل، حيث نمت بنسبة 6.7% مقارنة بالعام السابق. وقاد هذا الارتفاع الطلب القوي على السيارات الكهربائية والطرازات الهجينة، والتي شهدت نموًا في المبيعات بنسبتي 50.3% و29.9% على أساس سنوي على التوالي. وشكلت السيارات الكهربائية والهجينة 46% من إجمالي 151 ألف سيارة تم بيعها في السوق الكورية خلال الشهر الماضي. وتراقب صناعة السيارات في كوريا الجنوبية تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة 25%، والتي دخلت حيز التنفيذ في 3 أبريل الماضي. وردًا على ذلك، أعلنت الحكومة الكورية عن خطط لضخ سيولة إضافية بقيمة تريليوني وون '1.43 مليار دولار' في الصناعة، بالإضافة إلى 13 تريليون وون من التمويل الذي تم التعهد به سابقًا. كما تعهدت سيول أيضًا بالنظر في مجموعة من التدابير لتعزيز قطاع السيارات المحلي، بما في ذلك توسيع نطاق الدعم لشراء السيارات الكهربائية، وتمديد الحوافز الضريبية لمشتري السيارات الجديدة، والجهود المبذولة لتنويع أسواق التصدير. مقالات ذات صلة