
من لا يعترف بفلسطين مشارك في جرائم إسرائيل ومرض ترامب النفسي
أوضح موقع 'أكسيوس' أن أستراليا ونيوزيلندا، حليفتي الولايات المتحدة، تعتزمان الانضمام إلى الدول التي ستعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتابع الموقع أن دولا أخرى تدرس أيضا قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية إضافة إلى فرنسا وبريطانيا وكندا، مثل فنلندا والبرتغال ولوكسمبورغ أعضاء الاتحاد الأوروبي. بل إن ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تعترف بالفعل بفلسطين.
أما وزارة الخارجية الأمريكية، فقد فضلت أن تتبنى وتعلن بيان اللوبي الصهيوني في البيت الأبيض، بعدم المشاركة في أعمال 'المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وتنفيذ حل الدولتين' برئاسة سعودية-فرنسية مشتركة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ومعارضة محتواه الذي يعد تحضيرا للاجتماع المرتقب للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي سيتم خلاله الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس إن المؤتمر 'غير بناء وغير مناسب'، مضيفة أنه ليس أكثر من 'حملة علاقات عامة تتم في وقت الجهود الدبلوماسية الحساسة الرامية إلى إنهاء الصراع'. وأكدت أن هذا المؤتمر 'لن يساهم في السلام على الإطلاق، بل سيطيل الحرب، وسيشجع حركة (حماس' ويكافئها على عرقلة وتقويض الجهود الحقيقية لإحلال السلام'.
إن الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة سيعيد لهيئة الأمم المتحدة أهميتها ويعيد لميثاق الأمم المتحدة والقرارات الصادرة عنها وزنها وقيمتها. أما اللوبي الصهيوني وانصياع البيت الأبيض له سيفقد الولايات المتحدة أهميتها واحترامها ومصداقيتها، في وقت تسيطر فيه أوهام الهيمنة و'القرن الأمريكي' وأحادية القطبية على ساكن البيت الأبيض دونالد ترامب.
تلك الأوهام التي هيئت ولا زالت تهيئ له إمكانية إصدار إنذار لروسيا، وتقليص فترة هذا الإنذار، بلا مراعاة حتى لآداب الدبلوماسية والكياسة السياسية.
لا شك أن هزيمة الغرب في أوكرانيا، وسمعة إسرائيل التي أصبحت في أسفل السافلين، بعدما رأينا دعوة وزير التراث عميحاي إلياهو من حزب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لاحتلال غزة بالكامل، وقال: 'ستكون غزة بالكامل يهودية'. ورأينا قبله رئيس الوزراء نتنياهو نفسه يقول إنه 'ليس هناك مجاعة في غزة'.
فعن أي ثقة وأي عقل وأي منطق يمكن الحديث؟ إنها عزلة إسرائيل والولايات المتحدة أمام أغلبية العالم التي تعترف بالدولة الفلسطينية وتعترف بالأمم المتحدة وبحل الدولتين، أما نتنياهو وترامب، فيقفان وحدهما يمارسان إبادة جماعية وقتل على الهوية وتجويع لأكثر من 2 مليون مواطن غزاوي في أكبر 'هولوكوست' حقيقي يختلف فقط عن سابقه في أنه بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة.
تقترب القوات المسلحة الروسية في عمليتها الخاصة بأوكرانيا من بلدة كراسنوارميسك (بوكروفسك الأوكرانية)، وبتحريرها سيصبح الطريق مفتوحا أمامها نحو مدينة كراماتورسك المحورية في جمهورية دونيتسك الشعبية وهو ما ينذر بانهيار الجبهة الأوكرانية في ظل معنويات منخفضة للجنود، وفي ظل فضيحة للرئيس الأوكراني المنتهية شرعيته زيلينسكي بشأن استقلالية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمدعي العام المختص بمكافحة الفساد، وعلى خلفية تسريبات الاستخبارات الخارجية الروسية بشأن الاجتماع السري في جبال الألب والذي جرى بين مدير مكتب زيلينسكي أندريه يرماك والسفير الأوكراني لدى بريطانيا والقائد العام السابق للجيش الأوكراني فاليري زالوجني، أقوى الأسماء المرشحة لخلافة زيلينسكي، ورئيس مديرية الاستخبارات العسكرية كيريل بودانوف في جبال الألب مع ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا.
يأتي ذلك أيضا بعد تقرير للصحفي الأمريكي المرموق والشهير سيمور هيرش، نقلا عن مصادر، بأنهم في الولايات المتحدة يفكرون في التخلص من زيلينسكي، ويبحثون عن الآلية السلمية التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك.
إذن، فمغامرة كورسك التي تبناها زيلينسكي ورفضها زالوجني قد فشلت بالكامل، وبعد مرور عام بالتمام والكمال، تمكنت القوات الروسية من طرد أو تحييد التشكيلات العسكرية الأوكرانية التي قامت بهذه المغامرة، وخسرت أوكرانيا مع ذلك أراض في مناطق سومي وخاركوف أيضا، إضافة إلى ما تخسره يوميا في دونيتسك وزابوروجيه وخيرسون.
وها هو الغرب يعترف بهزيمته وهزيمة ممثله الأوكراني المفضل الذي ملأ الدنيا صخبا وجلبة طوال الأعوام الثلاثة الماضية، وكان ضيفا عزيزا على جميع العواصم الأوروبية، وملء السمع والبصر في جميع أنحاء العالم. وها نحن نبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه، بينما يعيد المسؤولون الروس على أسماع نظرائهم أن التسوية في أوكرانيا لا بد وأن تكون بإزالة 'جذور الأزمة'، وجذور الأزمة في تمدد 'الناتو'، والاتفاق بشأن التسوية الأوكرانية لا بد وأن يكون بين موسكو وواشنطن، ثم تمتثل كييف لما تمليه عليها واشنطن.
لكن زيلينسكي، فيما يبدو، قرر الخروج عن السيناريو المكتوب له، وظن أو يظن أنه أو أن أوكرانيا التي ضحى بها على محراب المصالح الغربية هي دولة ذات سيادة وأنه صاحب 'إرادة سياسية' لا سمح الله. وكل تلك أوهام لا تقل وهما عن أوهام المشرف عليه دونالد ترامب بأنه 'مهيمن' على مصائر ومقادير العالم، فيسمح لنفسه بصك 'إنذار' و'مهلة' لروسيا ولبوتين.
أعتقد في ظني المتواضع أن القيادة الروسية تتفهم الحالة النفسية التي يعانيها الرئيس ترامب، وتتعامل معه من منطلق معاناته ووضعه الصحي النفسي المتردي، على أمل أن يحصل على التشخيص المناسب والعلاج المناسب من ذوي الخبرة في هذا المجال. وتأمل موسكو أن يعود ترامب إلى صوابه في القرب العاجل وأن يتحمل المسؤولية عن إخفاقاته المتعددة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وأن تتحرر إدارته من التأثير الصهيوني الذي تسبب في هزيمة الولايات المتحدة وحلفائها لا في أوكرانيا وحدها وإنما في قضايا الشرق الأوسط أيضا.
ختاما يجب علينا أن نثق في أنه لا توجد قوة في العالم يمكن أن تنتصر على روسيا والصين ووصول التهديدات و'الإنذارات' إلى مرحلة الحرب واستخدام الأسلحة النووية فإن الكارثة ستطال بالدرجة الأولى أوروبا وبلدان 'الناتو' بشكل أساسي.
واجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر المقبل هو بمثابة أكبر محكمة دولية (على غرار محكمة نورنبرغ) تقام لمحاكمة مجرمي الحرب الذين شاركوا في قتل ما يربو على الـ 60 ألفا، وجوّعوا الأطفال حتى الموت، وشردوا 2 مليون فلسطيني في أرضهم أغلبهم من المدنيين العزل. محكمة لمحاكمة من تسبب في ضياع أكثر من ربع أوكرانيا، وأكثر من مليون إنسان في حرب لا نتيجة لها سوى الهزيمة والكراهية والحقد والتقسيم.
من لا يعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة سيكون مشاركا في كل هذه الجرائم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 2 ساعات
- موقع كتابات
مقابل منحة مالية .. اتفاق بين واشنطن ورواندا على استقبال 250 مهاجرًا مرحّلًا من أميركا
وكالات- كتابات: أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية ومسؤول في البلاد، في تصريح لوكالة (رويترز)، أن 'الولايات المتحدة الأميركية' و'رواندا' اتفقتا على قبول البلد الإفريقي ما يصل إلى: (250) مهاجرًا مرَّحلين من 'أميركا'. اتفاق لترحيل 250 مهاجرًا.. وكشف المسؤول الرواندي؛ الذي تحدث مشترطًا عدم الكشف عن هويته، أن مسؤولين أميركيين وروانديين وقّعوا على الاتفاق في 'كيغالي'؛ في حزيران/يونيو، مشيرًا إلى أن 'واشنطن' أرسلت بالفعل قائمة أولية تضم: (10) أشخاص للنظر في أمرهم. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية؛ 'يولاند ماكولو': 'اتفقت رواندا مع الولايات المتحدة على قبول ما يصل إلى: (250) مهاجرًا. يرجع ذلك جزئيًا إلى أن كل أسرة رواندية تقريبًا عانت من مشّاق النزوح، وقيّمنا المجتمعية تقوم على إعادة الإدماج والتأهيل'. وبموجب الاتفاق؛ وفقًا لـ'ماكولو': 'بوسع رواندا أن توافق على كل فرد يتم اقتراح إعادة توطينه. وسيتم تزويد من تتم الموافقة عليهم بتدريب القوى العاملة والرعاية الصحية ودعم الإقامة لبدء حياتهم في رواندا، ما يُتيح لهم الفرصة للمساهمة في أحد أسرع الاقتصادات نموًا في العالم خلال العقد المنصرم'. ولم يصدَّر تعليق بعد من 'البيت الأبيض' أو 'وزارة الخارجية' الأميركية. منحة أميركية لرواندا.. وكشف المسؤول أن 'الولايات المتحدة' ستدفع أموالًا لـ'رواندا' في شكل منحة، لكنه أحجم عن الإفصاح عن قيمتها، مشيرًا إلى أن 'واشنطن' و'كيغالي' يُمكنهما توسيّع الاتفاق بالتراضي ليتجاوز: (250) شخصًا، وأن المرحلين إلى 'رواندا' ليسوا مُلزمين بالبقاء هناك ويُمكنهم المغادرة في أي وقت. ولفت إلى أن 'كيغالي' ستّقبل فقط أولئك الذين انتهت مدة عقوبتهم في السجن أو الذين لا يواجهون قضايا جنائية، إذ لا يوجد اتفاق مع 'واشنطن' يسمح للأشخاص بقضاء مدة عقوبتهم الصادرة في 'الولايات المتحدة' في 'رواندا'. ولن يتم قبول أي من مرتكبي الجرائم الجنسية ضد الأطفال. يُذكر أن اتفاق قبول المهاجرين المرحلين من 'الولايات المتحدة' ليس أول اتفاق من نوعه تبَّرمه 'رواندا'؛ فقد وقّعت 'كيغالي' اتفاقًا مع 'بريطانيا'؛ عام 2022، لاستقبال الآلاف من طالبي اللجوء، وهو اتفاق ألغاه العام الماضي، رئيس الوزراء المنتخب حديثًا آنذاك؛ 'كير ستارمر'. ولم يتم إرسال أي شخص إلى 'رواندا' بموجب الخطة؛ بسبب تقديم طعون قانونية على مدى سنوات. وحاليًا، تضغط إدارة 'ترمب' على دول أخرى لاستقبال المهاجرين. وبالفعل، رحلت أكثر من: (200) فنزويلي متهمين بالانتماء إلى عصابات إلى 'السلفادور'؛ في آذار/مارس، إذ تم سجنهم حتى إطلاق سراحهم في عملية تبادل للسجناء الشهر الماضي.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 6 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
باكستان تستأنف عمليات ترحيل 1.4 مليون لاجئ أفغاني
المستقلة/- استأنفت السلطات الباكستانية عمليات الترحيل للاجئين الأفغان بعد رفض الحكومة الفيدرالية تمديد مهلة نهائية رئيسية لإقامتهم، حسبما صرح مسؤولون يوم الاثنين. يؤثر هذا القرار على ما يقرب من 1.4 مليون أفغاني يحملون بطاقات إثبات التسجيل (PoR)، والذين انتهت صلاحياتهم القانونية بنهاية يونيو. وكان الكثيرون يأملون في تمديد لمدة عام واحد لتسوية أمورهم الشخصية، مثل بيع الممتلكات أو إتمام الأعمال التجارية، قبل العودة إلى أفغانستان. بالإضافة إلى حاملي بطاقات إثبات التسجيل، يحمل حوالي 800 ألف أفغاني بطاقات المواطنة الأفغانية. وتقول الشرطة إنهم يعيشون أيضًا في البلاد بشكل غير قانوني ويتم احتجازهم قبل عمليات الترحيل في شرق البنجاب وجنوب غرب بلوشستان وجنوب إقليم السند. أثار قرار يوم الاثنين انتقادات من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. أُجبر ما لا يقل عن 1.2 مليون أفغاني على العودة من إيران وباكستان هذا العام، وفقًا لتقرير صادر عن المفوضية في يونيو. إن عمليات الإعادة إلى الوطن على هذا النطاق الضخم من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع الهش في أفغانستان، حيث تولت حكومة طالبان السلطة في عام 2021. أكد إشعار حكومي صادر في 31 يوليو/تموز، اطلعت عليه وكالة أسوشيتد برس، قرار باكستان إعادة جميع المواطنين الأفغان الذين يحملون بطاقات إقامة منتهية الصلاحية. وينص الإشعار على أن الأفغان الذين لا يحملون جوازات سفر سارية المفعول وتأشيرات باكستانية موجودون في البلاد بشكل غير قانوني، وعليهم العودة إلى وطنهم بموجب قوانين الهجرة الباكستانية. ووفقًا لمسؤولين حكوميين وأمنيين تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لعدم تخويلهما بالحديث علنًا، تحتجز الشرطة في جميع أنحاء باكستان الأفغان لنقلهم إلى المعابر الحدودية. وأكدا عدم وجود اعتقالات جماعية، وأن الشرطة طُلب منها تفتيش المنازل وإجراء عمليات تفتيش عشوائية لاعتقال الأجانب المقيمين في البلاد بشكل غير قانوني. وقال شاكيل خان، مفوض شؤون اللاجئين الأفغان في مقاطعة خيبر بختونخوا شمال غرب البلاد: 'نعم، يُعاد اللاجئون الأفغان المقيمون في باكستان بشكل غير قانوني بطريقة كريمة'. وأضاف أن هذه العملية الأخيرة هي أهم خطوة حتى الآن بموجب أوامر من الحكومة الفيدرالية في إسلام آباد. فرّ الملايين إلى باكستان على مدى العقود الأربعة الماضية هربًا من الحرب والاضطرابات السياسية والصعوبات الاقتصادية. وتأتي حملة الترحيل المتجددة في أعقاب حملة قمع وطنية أُطلقت عام 2023 استهدفت الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني في باكستان.


شفق نيوز
منذ 10 ساعات
- شفق نيوز
لماذا توترت علاقة بوتين وترامب؟ وهل يقتربان من "تصادم مباشر"؟
هل انحرفت العلاقة بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين عن مسارها؟ تعتقد صحيفة روسية شهيرة ذلك، وقد استعانت بالقطارات لتوضيح الوضع الراهن للعلاقات الأمريكية الروسية. إذ تقول صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الشعبية: "يبدو أن الاصطدام المباشر أمر لا مفر منه"، وتضيف: "قطار ترامب وقطار بوتين يتجهان بسرعة نحو بعضهما البعض، ولن يتوقف أي منهما أو يتراجع". أما "قطار بوتين"، فيمضي بكامل قوته، مع ما يسمى "العملية العسكرية الخاصة": حرب روسيا في أوكرانيا. لم يُبدِ زعيم الكرملين أي رغبة في إنهاء الأعمال العدائية وإعلان وقف إطلاق نار طويل الأمد. وفي غضون ذلك، يُسرّع "قطار ترامب" جهوده للضغط على موسكو لإنهاء القتال: مُعلناً عن مواعيد وإنذارات نهائية، وتهديدات بفرض عقوبات إضافية على روسيا، ورسوم جمركية على شركائها التجاريين، مثل الهند والصين. إضافة إلى الغواصتين النوويتين الأمريكيتين اللتين يدّعي الرئيس ترامب أنه أعاد تموضعهما بالقرب من روسيا. عندما تنتقل من الحديث عن القطارات إلى الغواصات النووية، تُدرك أن الأمور خطيرة. ولكن، هل يعني هذا أن البيت الأبيض يسير حقاً في "مسار تصادمي" مع الكرملين بشأن أوكرانيا؟، أم أن زيارة ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لدونالد ترامب، إلى موسكو هذا الأسبوع، تُشير إلى أنه على الرغم من كل هذا التصعيد، لا يزال التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأمريكا لإنهاء الحرب ممكناً؟ بداية دافئة بعد عودة ترامب في الأسابيع الأولى من رئاسة ترامب الثانية، بدت موسكو وواشنطن على الطريق الصحيح لإعادة إطلاق علاقاتهما الثنائية. لم تكن هناك أي إشارة إلى تصادم مباشر، بل على العكس تماماً، بدا الأمر في بعض الأحيان، كما لو أن فلاديمير بوتين ودونالد ترامب يسيران في نفس المسار. وفي فبراير/شباط، انحازت الولايات المتحدة إلى روسيا في الأمم المتحدة، في مواجهة قرار أوروبي يدين "عدوان" روسيا على أوكرانيا. وفي مكالمة هاتفية في ذلك الشهر، تحدّث الرئيسان عن زيارة بعضهما البعض، وبدا الأمر وكأن قمة بوتين وترامب قد تُعقد في أي لحظة. وكانت إدارة ترامب تمارس ضغوطاً على كييف، لا على موسكو، وتثير خلافات مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، مثل كندا والدنمارك. وفي خطاباتهم ومقابلاتهم التلفزيونية، انتقد المسؤولون الأمريكيون بشدة حلف الناتو والقادة الأوروبيين، وكان كل هذا بمثابة موسيقى لاستمالة الكرملين. وقال عالم السياسة كونستانتين بلوخين من مركز الدراسات الأمنية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم لصحيفة إزفستيا في مارس/آذار، إن "أمريكا الآن لديها قواسم مشتركة مع روسيا أكثر مما لدى واشنطن مع بروكسل أو كييف". في الشهر التالي، صرّحت الصحيفة نفسها، بأن "الترامبيين ثوريون. إنهم مُخرّبو النظام. لا يمكن دعمهم إلا في هذا. وحدة الغرب لم تعد قائمة. ومن الناحية الجيوسياسية، لم يعد هناك أي تحالف. لقد دمر الترامبيون التوافق عبر الأطلسي بسرعة وبخطوات ثابتة". وفي هذا الوقت، انتظمت زيارات مبعوث دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، لروسيا، إذ قام بأربع زيارات إلى روسيا خلال شهرين تقريباً، حيث أجرى محادثات مع فلاديمير بوتين، وحتى أن زعيم الكرملين أهداه صورةً لدونالد ترامب ليأخذها معه إلى البيت الأبيض. وقيل إن الرئيس ترامب "تأثر بشدة" بهذه البادرة. لكن ترامب لم يكن يتطلع إلى مجرد لوحة من موسكو، بل أراد من الرئيس بوتين أن يوقّع على وقف إطلاق نار شامل وغير مشروط في أوكرانيا. إحباط ترامب ومن منطلق الثقة في أن قواته تمسك بزمام المبادرة في ساحة المعركة، يتردد فلاديمير بوتين في وقف القتال، رغم ادعائه بأن موسكو ملتزمة بالحل الدبلوماسي. ولهذا السبب تزايد إحباط دونالد ترامب من الكرملين. وفي الأسابيع الأخيرة، أدان هجمات روسيا المتواصلة على المدن الأوكرانية ووصفها بأنها "مقززة" و"مخزية"، واتهم الرئيس بوتين بـ"عدم الجدية" حول أوكرانيا. وفي الشهر الماضي، أعلن دونالد ترامب عن مهلة نهائية مدتها 50 يوماً للرئيس بوتين لإنهاء الحرب، مهدداً بفرض عقوبات ورسوم جمركية. ثم خفّضها لاحقاً إلى عشرة أيام. ومن المقرر أن تنتهي المهلة بنهاية هذا الأسبوع. وحتى الآن، لا توجد أي مؤشرات على أن فلاديمير بوتين سيخضع لضغوط واشنطن. ولكن، ما حجم الضغط الذي يشعر به فلاديمير بوتين؟ تعتقد نينا خروشيفا، أستاذة الشؤون الدولية في جامعة ذا نيو سكول في مدينة نيويورك، أنه "نظراً لأن دونالد ترامب غيّر العديد من المواعيد النهائية بطريقة أو بأخرى، لا أعتقد أن بوتين يأخذه على محمل الجد". وسيُقاتل بوتين لأطول فترة ممكنة، أو ما لم تعلن أوكرانيا: "لقد تعبنا، ونحن على استعداد لقبول شروطكم". أعتقد أن بوتين يجلس في الكرملين ويظن أنه يُحقق أحلام القياصرة الروس، ثم الأمناء العامين مثل جوزيف ستالين، بإظهاره للغرب أنه لا ينبغي معاملة روسيا بقلة احترام. التوصل إلى اتفاق ما زال ممكناً ومن الصورة التي تظهر حتى الآن، قد يبدو أن الاصطدام المباشر بين قطاري بوتين وترامب أمرٌ حتمي، ولكن حدوث ذلك ليس بالضرورة. إذ يعتبر دونالد ترامب نفسه صانع صفقات بارعاً، ويبدو أنه لم ييأس من محاولة إبرام صفقة مع فلاديمير بوتين. ومن المقرر أن يعود ستيف ويتكوف إلى روسيا هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع زعيم الكرملين. لا نعرف نوع العرض الذي قد يحمله معه، لكن بعض المحللين في موسكو يتوقعون أن يكون أسلوب الترغيب حاضراً أكثر من الترهيب، خاصة وأن الرئيس ترامب قال يوم الأحد إن روسيا "تبدو بارعة جداً في تجنب العقوبات". ويقول إيفان لوشكاريف، الأستاذ المشارك في النظرية السياسية بجامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية (MGIMO)، لصحيفة إزفستيا، إنه لتسهيل الحوار، قد يُقدّم ويتكوف "عروضاً قيّمة للتعاون [مع روسيا]، والتي ستُفتح بعد التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا". فهل يمكن أن يكون ذلك كافياً لإقناع الكرملين بإحلال السلام بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من الحرب؟ لا يوجد ضمان حتى الآن، ففي نهاية المطاف، لم يتزحزح فلاديمير بوتين حتى الآن في أوكرانيا عن مطالبه المُبالغ فيها بشأن الأراضي، وحياد أوكرانيا، وحجم الجيش الأوكراني المُستقبلي.