
عيديّة غير سارة.. كل يوم عمل مقابل مليون دولار
قرار رفع أسعار المحروقات كان أشبه بتهريبة ضريبيّة من خارج الموازنة العامة، حاولت الحكومة أن تغلّفها بقناع، فتفادت منحها التوصيف الضريبي، واستبدلته بعبارة 'اعتماد أسعار المحروقات السائلة على القيمة التي كانت معتمدة بتاريخ تشكيل الحكومة في 8 شباط 2025'. عيديّة الحكومة جوبهت برفض معظم القطاعات والاتحادات، وسط تلويح النقابات باللجوء إلى الشارع هذا الأسبوع ، في خطوة تصعيديّة بوجه الحكومة للمرة الأولى منذ تأليفها.
]]>
ضريبة المحروقات: 300 مليون دولار و3% تضخم
بموجب القرار، ارتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان بقيمة 100 ألف ليرة، ليبلغ مليوناً و489 ألف ليرة (نحو 16.6 دولار)، و98 أوكتان إلى مليون و529 ألف ليرة (نحو 17.1 دولار). كما ارتفع سعر صفيحة المازوت 174 ألف ليرة، ليبلغ مليوناً و393 ألف ليرة (نحو 15.6 دولار).هذه الضريبة تحصّلها الدولة فورًا من خلال عمليّة الاستيراد، وتسلك مسارها مباشرة إلى الخزينة، وتبلغ قيمتها 300 مليون دولار، وفق ما أوضح رئيس تجمع الشركات اللبنانية الخبير الاقتصادي باسم البواب في حديث لـ 'لبنان 24' لافتًا إلى أنّ لبنان يستورد محروقات بما يعادل 3 مليار دولار سنويًّا، والزيادة التي أقرّتها الحكومة تشكّل حوالي 10 %، أي أنّ كلّ يوم عمل على مدار السنة يقابله مليون دولار.
من الناحية الاقتصاديّة، تتخطّى مفاعيل رفع الرسوم على البنزين والمازوت حجم الزيادة التي أقرّتها الحكومة، كونها تطال كلّ القطاعات بفعل زيادة كلفة النقل، بحيث ترتفع أسعار كلّ البضائع بما فيها ربطة الخبز ومجمل السلّة الغذائيّة، والمفروشات والإلكترونيّات وغيرها من السلع. كما أنّ هذه الزيادة على المحروقات ترفع نسبة التضخّم بما يعادل 3%، في اقتصاد لا يتعدّى 30 مليار دولار، لتضاف إليها نسبة التضخم بفعل ارتفاع أسعار السلع عالميَّا.
انعكاسات الضريبة على المحروقات لن تستثني أحدًا، وستتبعها زيادات في مجالات عدّة يشير البواب، 'على سبيل المثال، سيطالب موظفو القطاع الخاص برفع بدل النقل، حينها ستعمد الشركات إلى تقليص عدد الموظفين أو زيادة سعر المنتج. السوبر ماركت بدورها سترفع من أسعار السلع ليس بما يتساوى مع معدّل الزيادة البالغة 3% بل أكثر منها. على سبيل المثال السلعة المسعّرة قبل ضريبة المحروقات بـ 100 ألف ليرة، لن يرتفع سعرها إلى 103 الآف ليرة أي ما يوازي زيادة الـ 3% بل إلى 105 آلاف ليرة، أي بنسبة 5 % وربما أكثر نظرًا لغياب الرقابة'.
ضريبة المازوت ..الأخطر
بلغت الضريبة على صفيحة المازوت (20 ليتراً) 178 ألفاً، أي حوالي دولارين لكلّ صفيحة، بما يوازي ضعف الرسم الموضوع على البنزين، وتأثيرها في السوق سيكون مضاعفًا وأكثر حدّة من الزيادة على مادة البنزين، نظرًا لاستخدام مادة المازوت في تشغيل آليات النقل، وفي المصانع، وفي قطاع الزراعة كونه يدخل في حراثة الأرض والحصاد وري المزروعات ونقل العمال والمنتجات، فضلًا عن استخدامه في التدفئة والتبريد وتوليد الكهرباء. من هنا يرى البواب أنّ هذه الضريبة سترفع من كلفة المنتوجات، وتحدّ من قدرة السلع اللبنانيّة على منافسة البضائع الأجنبية في الأسواق العالميّة، ما يعيق امكانيّة تصديرها إلى الخارج.
ذرائع الحكومة ضعيفة
أتت الضريبة المفاجئة على المحروقات بحجّة تمويل المنحة الماليّة للأسلاك العسكريّة، بقيمة 14 مليون ليرة للعسكريين في الخدمة الفعليّة و12 مليون ليرة زيادة على رواتب المتقاعدين، لكن عمليّا تبخّرت منحة العسكريين قبل أن تصل إلى جيوبهم، نظرًا لموجة الغلاء التي بدأت تتكشّف شيئًا فشيئًا، بدءًا بفاتورة المولّدات بحيث سارع أصحاب المولّدات إلى رفع سعر الاشتراك وتعديل بدل الكيلوواط ساعة وفقاً للتسعيرة الجديدة لمادة المازوت. تعليقًا يلفت البواب 'الجميع يؤيّد إنصاف للعسكريين وسائر القطاع العام، ولكنّنا نعترض على كيفية تمويل المنحة الاجتماعية، بحيث لجأت الدولة إلى اسهل ضريبة رغم خطورتها، وبذلك حمّلت من يدفعون الضرائب أعباءً ضريبيّة جديدة، وتركت فئة المتهرّبين من الضرائب. من هنا نطالب بتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل هؤلاء، فالسوق السوداء تشكّل نصف الاقتصاد اللبناني، وتحرم الخزينة من إيرادات كبيرة، بالتالي كان يمكن لها أن تلجأ إلى تحصيل الضريبة من هذه الأبواب، عبر مكافحة الفواتير الجمركيّة المزورة والوهمية التي يجرب التلاعب بأرقامها، وبذلك يمكن تحصيل الضرائب الجمركيّة بسهولة، وبمردود يتجاوز بأضعاف الضريبة المفروضة على المحروقات. كما يمكن للدولة أن تفعّل الجباية من دون تسويات ووساطات، بحيث تعمل على تحصيل الرسوم والضرائب من كلّ المناطق والفئات والقطاعات، وعندها قد تصل الإيرادات إلى عشرة مليار دولار، من دون الحاجة إلى ضرائب ترهق المواطنين والاقتصاد'.
الذريعة الثانية لضريبة المحروقات، أنّها أعادت السعر إلى ما كان عليه في شباط 2025 'هي حجّة غير مبررة وغير منطقيّة، لا بل يستوجب هذا المفهوم خفض الرسوم على المحروقات بفعل انخفاض أسعارها عالميًا'.
تحرّك نيابي ونقابي
لاقت ضريبة المحروقات التي أتت من خارج المجلس النيابي ردود فعل نيابيّة رافضة، أبرزها من قبل النائبين نجاة صليبا وملحم خلف اللذين اعتبرا أن القرار يشكّل انتهاكاً صريحًا للدستور اللبناني، لا سيما المادة ٨١ التي تحصر صلاحيّة فرض الضرائب أو تعديلها أو إلغائها بمجلس النواب دون سواه. وأكّدا أنّ ما يسمّى بالفارق الثابت المدرج ضمن خانة المعاملات الجمركيّة يُعدّ فعليًّا شكلًا من أشكال الضريبة غير المباشرة المفروضة خارج الإطار التشريعي، ما يهدّد مبدأ الفصل بين السلطات، كما اعتبرا أنّ القرار يفتقر إلى أيّ تعليل قانوني أو اقتصادي واضح، ولم يُعرض على هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل أو على ديوان المحاسبة. كتلة الوفاء للمقاومة رفضت الزيادة على المحروقات، وكذلك فعلت كتل أخرى، في وقت يتجه تكتل الجمهورية القوية للتقدّم بطعن أمام مجلس شورى الدولةـ على الرغم من مشاركة وزرائه في جلسة مجلس الوزراء. بالتوزاي لوّح الاتحاد العمالي العام بتحركات عمالية ونقابية رفضاً لقرار زيادة الرسوم على المحروقات. فهل تدفع الاعتراضات النيابيّة والنقابيّة الحكومة للتراجع عن ضريبتها بالتزامن مع مرور مئة يوم على ولادتها؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 35 دقائق
- بيروت نيوز
ما جديد مصرف لبنان؟ آخر معلومة
كشفت مصادر مالية لـ'لبنان24″ أنَّ مصرف لبنان يقوم بوضع تصوّر لتحديد مصير الودائع، من دون الكشف عن تفاصيله حتى الآن. وذكرت المعلومات أنَّ بنود التصور لم تكتمل بعد، فيما ليس من الواضح ما إذا كان البنك المركزي سيعلن أي أمرٍ جديد في الوقت القريب بشأن الودائع. المصادر قالت أيضاً إن الحديث عن رفع السحوبات من 15 ألفاً إلى 89500 ليرة سابق لأوانه، مشيرة إلى أن الأمر هذا لم يحصل حتى الآن، وما من شيء رسمي بشأنه.


بيروت نيوز
منذ 35 دقائق
- بيروت نيوز
مفاجأة الحرب.. سلاح واحد غيّر كل المعارك ويقلق الجيوش
نشر موقع 'الخليج أونلاين' تقريراً جديداً قال فيه إنَّ المسيّرات تغيّر قواعد الحروب، واصفاً إياها بـ'السلاح الرخيص الذي يُرهق الجيوش'. وقال التقرير إنه 'يوماً بعد آخر، تثبت أنظمة الطيران المسيّر قليلة التكلفة، جدواها وتأثيرها في تغيير مسار الحروب، خصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية، لتخلق بذلك تحدياً كبيراً أمام أكبر جيوش العالم، وأكثرها تقدماً'. وأوضح أنَّ 'مسيّرات قليلة الكلفة أطلقها الحوثيون باتجاه مدمرات وبوارج وحاملات طائرات أميركية، أعادت تعريف التهديد لدى الجيش الأميركي، وكذلك الحال في الحرب الأوكرانية، والصراع الأخير الذي اندلع بين باكستان والهند'. ولفت التقرير إلى أن خطورة الطيران المُسير تكمن في كونه سهل التصنيع وقليل الكلفة، وهو ما يرهق القدرات الدفاعية للخصم، وهذا ما حدث على سبيل المثال في المواجهة البحرية بين الحوثيين والولايات المتحدة خلال العام 2024، ومطلع 2025. وفعلياً، فقد أطلق الحوثيون مئات الطائرات المسيرة باتجاه القطع الحربية الأميركية، وكانت حاملات الطائرات والبوارج والسفن الحربية هدفاً سهلاً لوابل من المسيّرات البدائية أحادية الاتجاه، وهو ما كلف البحرية الأميركي مبالغ ضخمة للتصدي لها. وخلال حرب التحرير التي خاضتها فصائل المعارضة السورية أواخر العام الماضي، كان لمسيّرات 'شاهين' دور محوري في تحقيق النصر على جيش النظام السوري السابق، في حين لجأت قوات 'الدعم السريع' في السودان مؤخراً لضرب منشآت حيوية في بورتسودان ومواقع أخرى، متسببةً بخسائر اقتصادية ومادية كبيرة. ونقل موقع قناة 'الشرق' في آب 2024 عن المحلل العسكري الأميركي، جون روسوماندو، قوله إن 'الطائرات المُسيرة تمتلك ميزة أهم من السرعة والمدى، وهي القدرة على الإفلات من رادارات الدفاع الجوي'. وأوضح روسوماندو أن المشكلة تتمثل في أن الفارق أصبح كبيراً بين الدفاع الجوي والطيران المسيّر، لافتاً إلى أن بعض المسيّرات الأكبر حجماً يبلغ سعرها نحو 20 ألف دولار، وقد تحتاج لصاروخ بتكلفة تصل إلى 5 ملايين دولار لإسقاطها. بدوره، يرى العقيد إسماعيل أيوب، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن 'مبدأ المفاجأة هو أحد أهم مبادئ الاستخدام القتالي، وحالياً السلاح المُسيّر هو مفاجأة الحروب الحديثة، بمختلف أشكاله'. وأضاف، في تصريح لـ'الخليج أونلاين': 'هذا السلاح أصبح في يد الاستخبارات وأيضاً في أيدي الجيوش وهناك المسيرات القتالية، والانتحارية، والاستطلاعية وغيرها'. وأشار أيوب إلى أن 'المسيّرات أحدثت فارقاً كبيراً في الحروب الحديثة، خصوصاً أن هناك مسيّرات صغيرة الحجم، مصنوعة من لدائن بلاستيكية، أو مواد غير قابلة للكشف بالرادارات، مع حجم صغير من المتفجرات، أو أسلحة دقيقة تحملها المسيرات الكبيرة'. ويتابع: 'أصبحت هذه الأسلحة تحدث فارقاً خصوصاً في الحروب الحديثة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية'، لافتاً إلى أن 'سهولة استخدام هذه المسيرات هي ما يحدث الفارق، وهذا ما حدث خلال استهداف أوكرانيا لقاذفات استراتيجية في روسيا مطلع يونيو الجاري'. ولفت أيوب إلى سهولة تصنيع هذه الطائرات، حتى لدى العديد من الدول النامية كإيران وغيرها، مشيراً إلى أنها 'أحدثت ثورة في عالم الحروب، وعالم الاستخبارات، وهذا أمر خطير جداً'. وختم: 'حتى الآن لم تستطع القوى العظمى أن تخترع السلاح الناجع المضاد لهذه الدرونات، لكن مع تقدم الزمن أعتقد أنه سيكون هناك مضاد، للحماية من هذه الدرونات، وهذا ليس غريباً، لأن كل سلاح متطور يحدث فارقاً، يُخترع له بعد مدة قصيرة، سلاحاً مضاداً'. (الخليج أونلاين)


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
ما جديد مصرف لبنان؟ آخر معلومة
كشفت مصادر مالية لـ" لبنان24" أنَّ يقوم بوضع تصوّر لتحديد مصير الودائع، من دون الكشف عن تفاصيله حتى الآن. وذكرت المعلومات أنَّ بنود التصور لم تكتمل بعد، فيما ليس من الواضح ما إذا كان البنك المركزي سيعلن أي أمرٍ جديد في الوقت القريب بشأن الودائع. المصادر قالت أيضاً إن الحديث عن رفع السحوبات من 15 ألفاً إلى 89500 ليرة سابق لأوانه، مشيرة إلى أن الأمر هذا لم يحصل حتى الآن، وما من شيء رسمي بشأنه.