
الممرات الإقتصادية من فلسطين إلى الصحراء الغربية…اللعبة الخطيرة!محمد فاضل
الممرات الإقتصادية من فلسطين إلى الصحراء الغربية…اللعبة الخطيرة!!
بقلم: محمد فاضل محمد
ربما لازال البعض في المغرب العربي وبصفة أشمل في الشمال الغربي الأفريقي، يعتقد بأنه في منأى عما يجري في الشرق الأوسط من دمار وخراب،ودوس على القانون الدولي وكافة الأعراف المتفق عليهاعالميا.
إن هذه الحرب ما كانت لتكون في هذا الوقت بالذات وبهذا الحجم، لولا الخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة الأمريكية في قمة نيودلهي أواخر سنة 2022، بإنشاء وتمويل الممر الجيواقتصادي الذي يربط أسيا بأوروبا عن طرق الهند وعبر مواني اليونان مرورا بفلسطين المحتلة حيث سيكون ميناء حيفا هو البوابة نحو البحر الأبيض المتوسط.تلك الخطوة التي تريد منها الولايات المتحدة محاصرة الصين وتدمير 'خط الحرير' الذي استثمرت فيه بكين كل طاقتها في إطار الصراع على مناطق النفوذ ورسم حدود الجغرافية السياسية للعالم الجديد.
إن الفشل المزمن الذي يحصدها لمخزن بشأن تشريع احتلاله للصحراء الغربية بفضل صمود الشعب الصحراوي وتشبثه بقاعدة الحل المتفق عليه بين طرفي النزاع المتمثل في استفتاء تقرير المصير،دفعه الى الانتقال بالسرعة القصوى الى محاولة فرض الأمر الواقع الاستيطاني بتسليم المنطقة الى رأس المال العالمي من خلال الشركات المتعددة الجنسيات و بمباركة ودعم حكومات الدول الغربية في مقدمتها فرنسا و أمريكا واسرائيل، في هذا الإطار تأتي الواجهة الأطلسية أو ما يسمى 'بالممر الأطلسي' الذي منذ سنوات تروج لها ابواق الرباط، الممر الذي يربط أوروبا بالغرب الأفريقي،خزان الطاقة من غاز وبترول ومواد نادرة. ميناء الداخلة المحتلة – الميناء الإماراتي الأمريكي المشترك – هو قطب الرحى في هذه المعادلة وبقية المناطق المحتلة من الصحراء الغربية هي البساط التي ستقام عليها البنية التحتية لهذا الممر الاقتصادي إن كتب له ان يكون، سواء من أنابيب الغاز وسكك حديدية أو اسلاك كهربائية وكابلات انترنيت أو طريق سريع نحو معبر الكركرات أو ما يسمى في الجانب الموريتاني بالنقطة 55.
هكذا يكون المخزن قد قدّم أجلّ الخدمات للوبيات رأس المال الأجنبي بتسهيل نهب وتحويل إمكانات الشعوب الأفريقية الى أوروبا وأيضا الى الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعطي عناية متميزة لدول الغرب الأفريقي- الشرق الأوسط الجديد- كما تسميه مكاتب الدارسات في واشنطن والعواصم الأوروبية.
إن القواعد العسكرية الأمريكية في المغرب وفي ساحل العاج حتى لا نذكر غيرها، ثم نزول الحلف الأطلسي بكل كله في موريتانيا والدفع بخبرائه العسكريين وجواسيسه الى حدود الصحراء الغربية، دون إهمال الضغوطات الكبيرة التي تمارسها دولة الإمارات على النواكشط في تماهي مع أهداف المخزن إنما هو تحرك يؤشر الى نوع من التحضير والاستعداد لدفاع الغرب عن مصالحه الجيوستراتجية الذي سيكون ممر الداخلة وميناؤها عمودها الفقري، كما هو بالضبط دفاعه اليوم عن ممر الهند اليونان،بشد عضد إسرائيل وفتح لها أبواب مخازن السلاح معتبر كافة جرائمها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
لقد راهن نتنياهو على الممر الاقتصادي الهند/ اليونان الذي ستتحكم فيه إسرائيل عند مدخل ميناء حيفا، ليجعل من الكيان الصهيوني بوابة كبرى ومعبرا دوليا لسلاسل الاستيراد والتصدير شمالا وجنوبا بين القارة الأسيوية والقارة الأوروبية،مُبطلة هكذا فعالية مضيقي 'المندب' الذي تطل عليه اليمن و'هرمز' الذي تراقبه إيران فضلا عن الاستغناء الكلي عن دور قناة السويس المصرية. إنه الممر الذي عرض خريطته نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر من مرة، مبرزا 'فوائده'على تنمية الشرق الأوسط وعلى السلام في المنطقة الشيء الذي يبرر في نظره حرب الإبادة التي يخوضها ضد الشعب الفلسطيني ' المعرقل' لهذا المشروع،من هنا نفهم أن هجوم طوفان الأقصى كان مفروضا على المقاومة الفلسطينية القيام به، لأن الوجود الفلسطيني كشعب وقضية أصبح على كف عفريت.
نفس السيناريو هو الذي يُطبخ على نار هادئة في الصحراء الغربية بدعم امريكي،اسباني و فرنسي وبتورط مباشر إسرائيلي إماراتي خاصة بعد اكتشاف جبل الكنوز في المياه الإقليمية الصحراوية 'جبل تروبيك' سنة 2017،ليقفز اليوم هذا السيناريو الى أقصى سرعة في التنفيذ،الشيء الذي لم يخفيه رأس نظام الاحتلال باستقباله الأسبوع الماضي لوزراء خارجية دول الساحل الساعية الى كيفية العودة الى المجتمع الدولي بعد أن عزلت نفسها عن محيطها الإقليمي وأصبحت تبحث عن أي قشة تتعلق بها إرضاء لفرنسا التي طردتها من الباب لترحب بعودتها من نافذة المغرب الملكي.
إن المخزن الهائج كالثور المثخن بالجراح يغامر بآخر أوراقه وذلك بجر الدول الاستعمارية الى المواجهة المباشرة مع الشعب الصحراوي بتقديم نفسه عراب مصالح هذه الدول في الغرب والساحل الأٍفريقي وبغية تثبيت الممر الاقتصادي ذا الواجهة الأطلسية الذي تجاوزت الدعاية له الإعلام المروكي الى تبنيه من طرف الإعلام الغربي خاصة الفرنسي والإسباني الذي أصبح يروج 'للخير العميم ' الذي سيغدقه على دول الساحل والغرب الأفريقي التي ستجد حسب رأي هذا الإعلام متنفسا عبر الممر الأطلسي المزعوم. بالتالي يكون المخزن قد ضرب عصفورين بحجر واحد:ترسيخ وجوده الاستيطاني في الصحراء الغربية و تقديم خدمة يشكر عليها للغرب في صراعه على النفوذ أمام المد الروسي الصيني في المنطقة.
إن جشع الدول الغربية في التعجيل بإنجاز الممر الاقتصادي العابر لفلسطين لم يؤخر فقط حل المشكل الفلسطيني، بل وضع وجود الشعب الفلسطيني وقضيته في خطر الدفن والإقبار مما حمّل المقاومة أكثر من طاقتها وأرغمها على الدفع بكل قوتها من أجل البقاء والوجود. إن السيناريو نفسه يسعى نظام المخزن أن يُجربه في الصحراء الغربية،من ' التدبير الى التغيير' كما قال رمز النظام في آخر خطاب له أي تغيير قواعد اللعبة بعد إبطال سيادته بحكم القانون على الإقليم. إن المتوقع هو إقدام الاحتلال على مغامرة خطيرة تستهدف استئصال مرتكزات وقواعد الكفاح الوطني الصحراويو القضاء على مقاومته أو على الأقل تقليل فعاليتها وحشرها في الزاوية. هذا هو المطلوب من نظام المخزن أوروبيا وإسرائيليا حتى تتم السيطرة على افريقيا من مدخلها الغربي ليتسع بعد ذلك الى شمالها ولتُحكم كفي الكماشة على الوطن العربي من شرقه الى غربه.
إن طوفان الغدر والعدوان لا شك قادم، ونظام الاحتلال المغربي المحمي من طرف الأوروبيين الذين خسروا قانونيا أمام جبهة البوليساريو وفقدوا مرتكزاتهم في إفريقيا، سيلجئون الى القوة لفرض ما عجزوا عن تحقيقه بالقانون والمناورة السياسية والتدخل العسكري. لا محالة سيدفعون هذا النظام اليأس والمهترئ الى مغامرة في المنطقة غير محسوبة العواقب.بالمقابل لم يبق للشعب الصحراوي غير التحرر من أوهام الحل السياسي المتفق عليه،والاستعداد لحرب الوجود من أجل احترام الحدود.
2025-05-09

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
اقتحام مستودع للأمم المتحدة بغزة مع بدء دخول المساعدات، والاتحاد الأوروبي يقول إن الغارات الإسرائيلية "تتجاوز ما هو ضروري" لمحاربة حماس
قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن "حشوداً من الجوعى" اقتحمت يوم الأربعاء مستودعا للإمدادات الغذائية في وسط قطاع غزة. داعيا إلى "وصول إنساني آمن ومن دون عوائق، للسماح بتوزيع الغذاء فورا وبشكل منظّم" في قطاع غزة. وأشار البيان إلى أنّ برنامج الأغذية العالمي يحاول التأكد من تقارير تفيد بمقتل شخصين وإصابة آخرين في الواقعة. وأظهر مقطع فيديو التقطه شاهد وتحققت منه رويترز على نحو مستقل حشودا كبيرة من الناس تتدافع داخل المستودع وتخرج أكياسا وصناديق وسط سماع دوي إطلاق نار. ولم يتضح بعد كيف قتل أو أصيب الأشخاص في الواقعة. وقالت مبعوثة الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط سيغريد كاج في جلسة لمجلس الأمن إن حجم المساعدات التي سمحت إسرائيل للأمم المتحدة بتقديمها حتى الآن لا يمكن وصفها إلا وكأنها مجرد "قارب نجاة بعد غرق سفينة" في وقت يواجه فيه الجميع في غزة خطر المجاعة. وبرزت قضية المساعدات في ظل أزمة الجوع التي يشهدها قطاع غزة بعدما فرضت إسرائيل حصارا كاملا عليه منذ أكثر من شهرين، قبل السماح بدخول إمدادات بكميات قليلة الأسبوع الماضي. وقال برنامج الأغذية العالمي إنّ "الاحتياجات الإنسانية أصبحت خارجة عن السيطرة، بعد 80 يوما من الحظر الكامل لدخول جميع المساعدات الغذائية وغيرها من المساعدات إلى غزة". وحذرت وكالات الأمم المتحدة من أن سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، يواجهون مستويات كارثية من الجوع بعد حصار إسرائيلي دام قرابة ثلاثة أشهر، وخُفّف الأسبوع الماضي. وتدعم إسرائيل والولايات المتحدة نظاماً جديداً لتوزيع المساعدات تديره منظمة جديدة مثيرة للجدل، وهي مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) . ويستخدم نظام توزيع المساعدات التابع لمؤسسة غزة الإنسانية متعاقدين أمنيين أمريكيين، متجاوزاً الأمم المتحدة، التي رفضته باعتباره غير أخلاقي وغير عملي. وقالت الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية إن هذا النظام يمنع حماس من سرقة المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة. في غضون ذلك، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء، تأكيده على خطط نقل جميع سكان غزة إلى "منطقة معزولة" جنوبي القطاع، بينما تواصل القوات الإسرائيلية قتال حماس في مناطق أخرى. كما تعهد بتسهيل ما وصفه بـ"الهجرة الطوعية" لجزء كبير من سكان غزة إلى دول أخرى، وهي خطة يراها الكثيرون تهجيرا قسريا. وشنت إسرائيل حملة عسكرية في غزة ردا على هجوم حماس عبر الحدود، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي قُتل فيه حوالي 1200 شخص وأخذ 251 آخرون كرهائن. وقُتل ما لا يقل عن 54 ألفا و84 شخصاً في غزة منذ ذلك الحين، وفقًا لوزارة الصحة في القطاع. الغارات الإسرائيلية على غزة "تتجاوز ما هو ضروري" لمحاربة حماس AFP قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن "الغارات الإسرائيلية على غزة تتجاوز ما هو ضروري لمحاربة حماس" في ظل استمرار ارتفاع عدد القتلى هناك. وأضافت كالاس أن الاتحاد الأوروبي لا يدعم نموذجاً جديداً لتوزيع المساعدات، تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل، والذي يتجاوز الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى. وقالت: "نحن لا ندعم خصخصة توزيع المساعدات الإنسانية. لا يمكن استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح". وأفادت وزارة الصحة في غزة والتي تديرها حماس بأن الغارات الجوية الإسرائيلية وغيرها من العمليات العسكرية، منذ استئنافها الحرب في مارس/آذار عقب وقف إطلاق النار، أسفرت عن مقتل 3924 شخصاً. وتقول إسرائيل إنها تعمل على تدمير حماس واستعادة الرهائن الذين تحتجزهم الحركة. أدت عمليات القصف الإسرائيلية الأخيرة إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين. في يوم الجمعة الماضي، أدت غارة جوية في خان يونس إلى مقتل تسعة من أصل عشرة أطفال لطبيبة فلسطينية. كما قُتل ما لا يقل عن 35 شخصاً في مبنى مدرسة "فهمي الجرجاوي"، التي تؤوي عائلات نازحة شمال غزة، ليل الأحد/ الاثنين. تأتي تصريحات كالاس عقب مداخلة للمستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرز، أعلن خلالها أنه "لم يعد يفهم" أهداف إسرائيل في القطاع المحاصر. وقال: "لم يعد من الممكن تبرير الطريقة التي تأثر بها السكان المدنيون... بالقول إنها لمحاربة إرهاب حماس". يُعد الاتحاد الأوروبي من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن كالاس قالت إن معظم هذه المساعدات غير قادر حاليا على الوصول إلى الفلسطينيين المحتاجين. وفرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على غزة في مارس/آذار، ولم تسمح إلا بدخول كميات ضئيلة بعد 11 أسبوعاً. وقالت كالاس: "يقدم الاتحاد الأوروبي غالبية المساعدات إلى غزة، لكنها لا تصل إلى السكان لأن إسرائيل تمنعها". وأضافت: "معاناة الناس لا تُطاق". في غضون ذلك، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على البنية التحتية المدنية في غزة بأنها "بغيضة" و"غير متناسبة". يأتي هذا في أعقاب أقوى انتقادات حتى الآن من المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، التي طالبت إسرائيل بإنهاء هجومها العسكري على غزة. وأعلنت المملكة المتحدة لاحقًا تعليق محادثاتها التجارية مع إسرائيل. كما بدأ الاتحاد الأوروبي مراجعة رسمية لاتفاقية التجارة الخاصة به مع إسرائيل، وقالت كالاس إنها ستطرح "خيارات" في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي القادم في بروكسل، في 23 يونيو/ حزيران القادم.


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
رأفةً بالسلاح: فوحده يجلب الأموال ويؤمن الإعمار، ويضع لبنان على الخارطة!ميخائيل عوض
رأفةً بالسلاح: فوحده يجلب الأموال ويؤمن الإعمار، ويضع لبنان على الخارطة! ميخائيل عوض ١ تنشد الجماعات الإنسانية وكذا الشركات والعائلات والأفراد المكانة والتميز. لتحقيقها تتعرف على ميزاتها وخاصياتها وعناصر قوتها وما تملك من قدرات وبيئات لبلوغ مكانتها. ولبنان لديه الكثير من الميزات، واللبنانيون حيث ذهبوا وحلوا فاعلون مميزون منذ أزمنه غابرة. وقد توفرت بيئات وظروف وفرَّت للبنان مكانة فتنمية واستقرار، كانت بغالبيتها خارجية وطارئة. فاحتلال فلسطين هجر الرأسمالية الفلسطينية، وكانت قوية وخبيرة وفاعلة، فوفرت شروطاً لتمكن لبنان. ثم جاءت حرب الـ،٦٧ وإقفال قناة السويس، وفرض الحصار على ميناء حيفا، فشهد لبنان مرحلة ازدهار، وشكَّل بوابة الترانزيت والتجارة المثلثة، ونما القطاع المالي والمصرفي والتجاري والوكالات. ٢ أدت إجراءات التأميم في مصر وسورية والعراق إلى رفد السوق اللبنانية بكتلة مالية، وبرأسماليين هاربين توطنوا فيه. وأصبح قبلة التجارة والسياحة، وجامعة ومشفى العرب، وجريدتهم، وفسحتهم للتنزه وقضاء أيام ممتعة. اللبنانيون من أكثر شعوب العالم شغفاً بالعلم والتحصيل، ولعبت التبشيريات دوراً في تأهيله مدرسة وجامعة ومطبعة العرب، وأكثروا من المعاهد والكليات المتخصصة بفروع الاقتصاد وإدارة الثروات، والإمكانات، والأزمات، فصدَّر لبنان عدداً وافراً من أبنائه الخبراء والقادرون، وقد برزوا عالمياً في تلك التخصصات. ٣ لأسبابهم وثقافتهم، وبنية نظامهم المتخلف، ودستورهم الأشد عنصرية، ولطبقتهم ومنظومتهم السياسية، وبالأصل لطابع الاقتصاد الليبرالي الخدمي، خالفوا ما تعلموه وما درَسوه ودرَّسوه، وساقوا البلاد إلى حربٍ أهلية، ومحنةٍ وطنية مديدة فتَكَت بالكثير مما تحقق لهم في مراحل العز. والحرب فرَّخت حروباً، 'الكل ضد الكل' فهجرَّت نخبتهم والمتعلمين والأنتليجنسيا الانتاجية والفاعلة. فتجذرت أزماتهم البنيوية، وتسلطت عليهم منظومة 'مافياوية، لصوصية، نهابة'، كما وصفتها الصحافة العالمية، نهبت الثروات والواردات والودائع وأموال البلديات والنقابات والمتقاعدين. بل الأخطر فوتت على لبنان فرص الاستفادة من ظروف عربية، أدَّت بدورها إلى هجرة مئات مليارات الدولارات للقطاع المصرفي اللبناني، نُهِبت وبُدِدت ومنها السورية والليبية والعراقية واليمنية والمغتربين. ٤ على عكس ما تعلَّموه وعلِموه، دمروا كل وأي من الخاصيات وعناصر القوة والمميزات! بحرهم وساحلهم بمميزاته النوعية، وكان غابة من الأعشاب البحرية، والآثار التاريخية، دُمِر بفعل فاعلٍ أحمق، فتحول إلى مكبات نفايات، ومصب مجارير، بلا الثروة السمكية والبحرية! جبلهم؛ من الأجمل في العالم، ومناخهم من الأروع، ففتكوا به وحولوا الغابات والغطاء الأخضر إلى غابات من الاسمنت والعشوائية! سهولهم؛ التي مولَّت روما، تحولت إلى مكبات أو غابات باطون، وأُفسِدت تربتها، وحُرِمت من المياه. بلد يعوم على المياه، ولديه أكثر الأنهار نسبة للمساحة وعدد السكان، وهطولاته المطرية فائضة ونوعية، يعطش شعبه، ويدفع ثلاث فواتير لمياه الشرب والاستخدام، وقد احتكرت مياه الشرب وتباع بأغلى من النفط! موقعه الجغرافي والجيبولوتيكي حاكم، وهدف للقوى الاقتصادية الصاعدة، ولا من يستفيد، بالعكس التفريط والتخريب هي القاعدة! مرافئه محط الأنظار منذ بدء التاريخ، وكانت منصة التجارة العالمية من أيام الفراعنة والفينيقيين، صارت دماراً وخراباً! تنوعه الإنساني والثقافي ثروة جعلته منارة الشرق على مدى العصور، حوله الساسة والمهووسين بالتوريث والمحاصصة إلى بيئات مغلقه عنصرية ومحتربة! ٥ ومازالوا يعملون على نقيض ما تعلَّموا وعلِموا، وما كان عليه الأجداد الفاعلون منشئي الحضارات وعلوم التجارة والتسويق والزراعة والتصنيع. نموذج يجب أن يدَّرس في العلوم الاقتصادية والتجارية، وفي الأزمات وإدارتها لزيادتها وتعميقها، و'الحبل على الجرار'. ٦ ما تقدم لنصل إلى بيت القصيد: السلاح المذموم والمتهم، والجارية حملات لتصفيته وتبديده، وإلغاء دوره المحوري في إخراج لبنان من أزماته. السلاح بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت ورجاله هو وهم من أعزوا لبنان، ووضعوه على الخرائط، واستوجب واستدرج أنهر من الأموال وعشرات مليارات الدولارات الريعية. ما أَمنَّ الاستقرار الاجتماعي، ووفر السلم الأهلي، وحمى الميثاقية، وأمنَّ فرص استمرار المنظومة ونهبها وثرائها الفاحش. دفعت إيران أكثر من سبعين مليار دولار بحسب الأنباء المتداولة. دفعت السعودية بحسب إعلانات بن سلمان ٣٠ مليار دولار. دفعت أمريكا بحسب تصريحات سفيرها السابق ١٠ مليار دولار. ناهيك عن مؤتمرات باريس وأصدقاء لبنان وأموال الـNGOs ووكالة التنمية الدولية، وقطر والإمارات والعراق …. ٧ في الدبلوماسية والسياسة أَلزم السلاح الدول كبيرها وصغيرها، وبأعلى مستويات حكامها باحترام لبنان، ووضعه على خارطة السياسة والدبلوماسية، وألزمهم بزياراته. فكل زيارة لوزير خارجية أو مبعوث للمنطقة كان يبدأ رحلته من لبنان أو يختمها فيه. واستوجب تحرير عام 2000 قمةً عربية وقمة فرنكوفونية، عدا عن عشرات المؤتمرات وزيارات الوفد والمسؤولين الكبار، وكل ذلك بفضل السلاح ورجاله ودوره. قبل أن يقول قائل أننا نزيد في قيمة ودور السلاح، نسأله منذ تسلَّم العهد كم من مسؤول زار لبنان؟ كم من مؤتمر أو وفد قصده؟ كم رئيس دولة اتصل؟… ولولا أن فخامة الرئيس شاب ونشط وساع لاستحضار لبنان بزيارته، لكان ربما لم يذكر في نشرات الأخبار والتغطيات. ٨ أما بعد؛ وبدلالات قاتلة عن قصور الوعي والتفكير وتجاهل الجاري نسأل؛ ماذا يبقى للبنان من مبرر وجود الكيان، أو أي دور يُذكر، إذا سُحِب السلاح وجرِّد لبنان من آخر عناصر قوته وتميزه واستحضاره على الطاولات؟؟؟ إذا استقر الجولاني في سورية، واستثمرت الإمارات مرفأ طرطوس، وتم التتبيع، ماذا يفيد مرفأ بيروت المدمر ومرافئ طرابلس وصور وصيدا المعطلة؟؟ فالتجارة ستكون بين طرطوس وحيفا! ماذا عن القطاع المصرفي المأزوم والقاصر والمتهم في لبنان والخارج، وأقيمت في وجهه عشرات الدعاوي في العالم؟! ماذا عن التجارة المثلثة والوكالات؟! ماذا عن السياحة الأغلى في العالم والأكثر تخلفاً؟! ماذا عن حماية الميثاقية، والصيغة والتنوع، والسواطير والسيوف تشحذ وتنتظر فرصتها؟! ماذا عن الكيان وبقائه، والنظام وقدرته على الاستمرار، مع وقف الهبات والمساعدات والإنفاق السياسي، وتجاهل حاجات وحالة لبنان لإدارة وتأمين دولته، وتغطية نفقات جيشه ومؤسسته الضامنة للسلم والاستقرار؟! هل يأمل أحد بأن دولاراً واحداً سيأتي هبة للبنان، أو للتمويل السياسي وإعادة البناء، إذا انتفت وظيفة السلاح، وسُلِّم ودُمِر بأوامر من المندوب السامي؟! ليدلنا أحدكم بحق الله ماذا سيكون دور ووظيفة لبنان؟ ومن سيتعامل معه باعتبار ويحسب له حساب؟ ولماذا ولأية أهداف؟ لبنان بلا السلاح ورجاله كـ 'عرس بلا عريس' ٩ تنبهوا واستفيقوا من أفكاركم المتقادمة، وتحرروا من عنصريتكم القاتلة. فإن أحببتم لبنان، ورغبتم ببقائه وتمويله، فأحبوا السلاح ورجاله. السلاح حررنا مرات، وحقق انتصارات، وأَمنَّ الصيغة والميثاقية، وجلب الأموال، وحقق الكرامة والسيادة، واستحضر لبنان لاعباً حيوياً ومؤثراً. بلا السلاح يُعدُّ للبنان وسورية أن يعودوا ولايات تركية. من لا يصدق ليقرأ تغريدة 'مبعوث ترامب لسورية' عند استقباله للجولاني في تركيا. غداً الوصفة الأمريكية لآسيا العربية 'التتريك' والشهادة من فم مبعوث ترمب! ٢٧/٥/٢٠٢٥


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
لا تزال طرق الحرب على غزة طويلة!سعادة مصطفى أرشيد
لا تزال طرق الحرب على غزة طويلة! سعادة مصطفى أرشيد* تُعقد في العاصمة القطرية الدوحة مفاوضات بين المقاومة وحكومة الاحتلال تهدف لإنهاء الحرب برعاية قطرية أميركية وكما أوردت الفضائيّات العبرية أن الإدارة الأميركية قد تقدّمت بطلب للحكومة (الإسرائيلية) تدعوها الى تأجيل عمليتها العسكرية في غزة لعدة أيام بهدف إنجاح المفاوضات، فيما العملية العسكرية (الإسرائيلية) قد انطلقت بوحشية غير مسبوقة ولا يبدو أنها ستتوقف فبنيامين نتنياهو يريد أن يفاوض تحت النار متخذاً من نموذج كيسنجر في مفاوضاته مع الفيتناميين نموذجاً يتّبعه. نتنياهو مستمرّ في هذه الحرب وهو يدرك مقدار انخفاض جدّية الإدارة الأميركية في طلبها المذكور أعلاه، فهذا الضغط الأميركيّ هو موضع شك، حيث إن الإدارة الأميركية لو أرادت ذلك حقاً لاستطاعت إلزامه لا بوقف هذه العملية العسكرية وإنما بوقف الحرب برمّتها ونتنياهو يعرف أنه يستطيع أن يشاغب على الأميركيين أو أن يماطل، ولكنه كما غيره من قادة (إسرائيل) لا يستطيع رفض الأوامر الأميركية إن شعر بجديّتها. لا أحد جاد في إيقاف إجرام نتنياهو وربما لا أحد يستطيع، فقط واشنطن التي تستطيع الفرض وإلزام تل أبيب، أما المطبّعون الإبراهيميّون فيبدو أنهم لا يرغبون بذلك أصلاً بل إن أخباراً تتردّد أن سفير الإمارات في واشنطن العتيبي قد طالب صراحة في اجتماعاته بضرورة الإسراع بتهجير أهل غزة حتى ينطلق مشروع إعادة الإعمار، وأوروبا بدورها غير جادّة وإنما تعطيه مهلاً إضافية بحجة درس نصوص اتفاقية الشراكة التجارية خاصة في بندها الثاني وفحص إن كانت (إسرائيل) تخالف قواعد حقوق الإنسان – وكأن الأمر يحتاج إلى إثبات – أما داخل الكيان (الإسرائيلي) الذي أصبح يُبدي قلقاً متزايداً من مفاعيل الحرب على المدى الطويل ومقدار تأثيرها على (إسرائيل) فعلينا أن نسمع موشي يعلون نائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق يقول: إن الحرب على غزة تملك كامل مواصفات حروب الإبادة. وهو يقول أيضاً: لقد أصبحت أعتذر عن المشاركة في أي مؤتمر في الخارج أو أن أقابل الصحافة الأجنبية إلا أنني لا أستطيع الدفاع عن «إسرائيل» ويرى هو وغيره أن الرواية الأهم التي تمّ ترويجها دعماً لـ(إسرائيل) منذ ثلاثينيّات القرن الماضي كانت رواية الهلوكوست الألماني الذي عرفه العالم بأسره من خلال الروايات والأفلام السينمائيّة والوثائقيّة ولم يشاهده مباشرة ولكنه يرى اليوم في غزة هولوكوست حقيقياً، ولكن المجرم القاتل هو اليهوديّ. لكن بنيامين نتنياهو لا يلقي بالاً لكل ذلك فهو ماض في حربه ويرى أن الهدف ليس إطلاق سراح الأسرى أو استعادة جثامين القتلى، فذلك ليس إلا أضراراً جانبية وخسارة محدودة، ولا يكتفي بضمان القضاء على المقاومة التي تمت تصفية معظم قياداتها السياسية والعسكرية، فنتنياهو يرى أن الحرب هي الهدف ويرى أن التهجير هو الهدف والقضاء على المقاومة فقط وإنما على كل غزة وأهلها هو الهدف، وهذا ما يتفق في خلاصاته الأخيرة مع الخطة المعلنة للرئيس الأميركي ولعل الحرب عند نتنياهو هي فرصته الأخيرة والأثمن التي إن فاز بها فهو قادر على الحفاظ على بقائه السياسيّ وربح جولة جديدة في الانتخابات. هكذا نستطيع أن نقول إن الحرب لا زالت طويلة وإن خطط نتنياهو للخلاص من غزة لا زالت موضع شك في نجاحها فالقتل والتدمير لا يصلح انتصاراً والتهجير بشكله التطوّعي أو القسري لا زال يثبت أنّ الباقين في غزة برغم الخطر والجوع والمرض والحر والبرد ما زالوا أكثر بكثير من الذين غادروها أو سيغادرونها، استطاع نتنياهو ولا شك ذبح ما يزيد عن 60 ألف في غزة وأن يدمّر معظم القطاع وأن يقتل معظم القادة السياسيين والعسكريين وحتى معظم مَن شارك في مفاجأة صبيحة السابع من تشرين الأول 2023 لكن النتيجة أنه لم يحقق أهدافه ولن يحقق أهدافه وربحت غزة والمقاومة في قلب صورة (إسرائيل) وإعادة صناعة الهولوكوست بشكل مقلوب وهذه النتائج سيكون حصولها في مصلحتنا كبيراً وبطريقة التراكم وليس سريعاً. 2025-05-28