
لماذا لا تنتهي الحرب الأوكرانية الروسية؟
محمد الزلاوي، باحث في العلوم السياسية
مع تولي الرئيس ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض، وتصريحاته المتكررة حول إنهاء الصراع في أوروبا، يُصاب المراقب بالذهول لرؤية استمرار الهجمات والردود بين الروس والأوكرانيين، حيث تتواصل الغارات الصاروخية والهجمات بالطائرات المسيرة، بل وتصاعدت إلى عمليات اغتيال ميدانية كما في حادثة اغتيال الجنرال الروسي ياروسلاف موسكالك في 25 أبريل 2025 في منطقة موسكو.
يبدو أن الرئيس ترامب، الذي كان يُعتقد أنه قادر على كبح جماح هذه الحرب، قد انشغل مؤخراً بالحرب التجارية مع الصين. لكن من السذاجة الاعتقاد أن قضية كهذه يمكن أن تطغى على أخرى، خاصة بالنسبة لقوة عظمى مثل الولايات المتحدة. ربما اعتقدت الإدارة الأمريكية في البداية أنه من السهل إنهاء هذه الحرب المعقدة مع الحفاظ على مصالحها، قبل أن تدرك أن الأمر أكثر تعقيدًا مما يبدو. علاوة على ذلك، فإن الاجتماع بين ترامب وزيلينسكي الذي جرى يوم السبت 26 أبريل 2025 على هامش جنازة البابا فرانسيس يُظهر الاهتمام الكبير بإنهاء هذه الحرب.
هذا اللقاء الأول منذ الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بينهما في فبراير الماضي يطرح تساؤلاً محورياً: ما الذي يمنع إنهاء هذه الحرب رغم وصولها لمرحلة الاستنزاف المتبادل دون أفق للنصر الحاسم؟ ما الذي يدفع إلى مواصلة حرب وصلت إلى مرحلة الجمود والاستنزاف المتبادل لكلا الجانبين؟
أولى العقبات تتمثل في الجدل القانوني حول شرعية الرئيس زيلينسكي، حيث تشكك موسكو في قدرته على توقيع أي اتفاقيات سلام بسبب عدم إجراء الانتخابات سنة 2024. وقد عبر الرئيس بوتين عن هذا الموقف، مقترحاً تشكيل إدارة مؤقتة تحت إشراف دولي لتنظيم انتخابات، على غرار ما حدث في بعض الدول سابقاً. إنشاء إدارة مؤقتة في أوكرانيا تحت إشراف الأمم المتحدة وعدة دول، لتنظيم انتخابات كما حدث في تيمور الشرقية وغينيا الجديدة وأجزاء من يوغوسلافيا السابقة. ويبدو أن روسيا، في وقت كتابة هذا المقال، قد وضعت هذه الملاحظة جانبًا للمضي قدمًا في سبل تحقيق السلام. في تطور لافت، أبدت روسيا مؤخراً مرونة خلال جلسة مجلس الأمن في 29 أبريل، حيث أعلن مندوبها نيبينزيا عن استعداد بلاده لوقف إطلاق النار في مايو تمهيداً لمفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة، رغم التحفظات على شرعية القيادة الأوكرانية.
أما العقبة الثانية فتتمثل في الموقف الأوروبي الداعم لأوكرانيا، حيث سارعت عدة دول لتعويض الانسحاب الأمريكي المفاجئ من دعم كييف عسكرياً. فقد أعلنت هولندا عن حزمة مساعدات بقيمة 150 مليون يورو، بينما خصصت ألمانيا 15 مليار يورو حتى 2029، وتعهدت بريطانيا بـ450 مليون جنيه إسترليني، ووصلت مساهمة السويد إلى 16 مليار كرونة، كما قدمت فرنسا 2 مليار يورو إضافية.
في المجمل، يعد مجموعة الاتصال للدفاع عن أوكرانيا بمساعدات بقيمة 21 مليار يورو. كانت المجموعة تُدار سابقًا من قبل الولايات المتحدة، لكن يبدو أن الأوروبيين قد تولوا زمام الأمور الآن. هذه الإعلانات تمثل تصعيدًا كبيرًا في الدعم الغربي لكييف، وبالتالي تطيل أمد هذه الحرب تلقائيًا.
ومع ذلك، فإن تقدم الروسي الميداني في عدة مناطق بأوكرانيا وتحرير منطقة كورسك بالكامل (المنطقة الروسية التي كانت تحت سيطرة الأوكرانيين منذ غشت 2024) يكشف عن فشل الجيش الأوكراني في تثبيت خط الجبهة والحاجة إلى وقف إطلاق النار، رغم المساعدات العسكرية الأوروبية.
في هذا السياق، يقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف إطلاق نار لمدة ثلاثة أيام، من 8 إلى 10 ماي، بمناسبة احتفالات يوم النصر. إنها يد ممدودة لأوكرانيا لإيقاف الدوامة المميتة. لكن من جانبه، رفض فولوديمير زيلينسكي اقتراح روسيا بوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن كييف 'لا تستطيع ضمان أمن الضيوف الأجانب' الذين سيحضرون العرض العسكري في موسكو في 9 ماي.
وفي تطور جديد، يلوح في الأفق عودة الدعم الأمريكي بعد اتفاق حول المعادن النادرة، مما يطرح تساؤلات عن إمكانية تحقيق السلام قريبا. الأسابيع المقبلة ستكشف حتماً عن اتجاه الذي سيأخذه منحى هذا الصراع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 3 ساعات
- هبة بريس
من الصويرة.. أفارقة يطلقون رؤية جديدة للتعاونيات في القارة السمراء
هبة بريس – الصويرة احتضنت مدينة الصويرة، خلال الفترة من 20 إلى 22 ماي الجاري، النسخة الحادية عشرة لاجتماع اللجنة التقنية للمؤتمر الوزاري الإفريقي حول التعاونيات (TCAMCCO)، تحت شعار: 'إبراز التعاونيات من أجل إفريقيا أفضل'، وذلك بمبادرة من كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومكتب تنمية التعاون، وبشراكة مع الحلف التعاوني الدولي – منطقة إفريقيا. ويأتي هذا الحدث القاري في إطار الاحتفال بالسنة الدولية للتعاونيات 2025 التي أعلنت عنها الأمم المتحدة. وشهد اللقاء مشاركة واسعة لأزيد من 300 خبير ومتدخل يمثلون 15 دولة، من ضمنها المغرب، كينيا، غانا، نيجيريا، ليسوتو، زيمبابوي، تنزانيا، جنوب إفريقيا، جنوب السودان، إثيوبيا، ليبيريا، التوغو والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن الحكومات، وخبراء دوليين، وشركاء القطاع التعاوني. ويعتبر اجتماع اللجنة التقنية للمؤتمر الوزاري الإفريقي حول التعاونيات (TCAMCCO) آلية محورية تُعنى بتحضير وتتبع تنفيذ القرارات الوزارية المتعلقة بتنمية التعاونيات على المستوى الإفريقي. كما تسعى إلى تعزيز الحوار السياسي والتقني حول قضايا محورية مثل الحكامة، التمويل، المساواة بين الجنسين، إدماج الشباب، والتحول الرقمي، بهدف جعل التعاونيات رافعة رئيسية للتنمية المستدامة في القارة. وفي كلمته الافتتاحية، أكد السيد حسن الشويخ، الكاتب العام لكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، على التزام المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بجعل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ركيزة أساسية للتنمية المجالية. من جهته، شدد السيد أييولا أوريومي، رئيس الحلف التعاوني الدولي – منطقة إفريقيا، على أهمية النموذج التعاوني كأداة فعالة لمواجهة التحديات التي تعاني منها القارة الإفريقية، وفي مقدمتها البطالة، الهشاشة الاجتماعية، والإقصاء الاقتصادي. وأبرزت السيدة عائشة الرفاعي، المديرة العامة لمكتب تنمية التعاون، الدينامية المتنامية للنسيج التعاوني بالمغرب، مشيرة إلى وجود ما يقارب 61 ألف تعاونية تضم أكثر من 764 ألف عضو، مؤكدة أن هذا التطور يعكس الرغبة الوطنية في ترسيخ الاقتصاد الاجتماعي كخيار استراتيجي للتنمية الشاملة. واعتبرت أن انعقاد اللجنة التقنية في الصويرة يمثل مرحلة تحضيرية أساسية للمؤتمر الوزاري الإفريقي حول التعاونيات (AMCCO) المزمع تنظيمه قريبًا في كينيا، ما يشكل فرصة لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، وتبادل التجارب الناجحة. وتضمن برنامج المؤتمر جلسة افتتاحية تحت عنوان: 'إبراز التعاونيات: رافعة لمستقبل إفريقيا'، أدارها السيد عزيز بوستة، بمشاركة نخبة من المتدخلين، من بينهم السيدة بشرى رحموني، مديرة مختبر 'سوشال لاب' بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات، السيد ديفيد أوبونيو، خبير في التنمية التعاونية، والسيد جورج موسيمبي، مسؤول التعاونيات بمقاطعة نيروبي الكينية. وإلى جانب الجلسات الموضوعاتية، التي ركزت على مواضيع محورية مثل الابتكار الرقمي، تسهيل التمويل، إدماج الشباب، ودعم المساواة بين الجنسين، شملت فعاليات المؤتمر زيارات ميدانية لتعاونيات محلية، ما أتاح للمشاركين فرصة الاطلاع على التجارب المغربية الناجحة عن كثب. واختُتم المؤتمر بالتأكيد على ضرورة تسريع وتيرة التنسيق القاري، وتعزيز سياسات عمومية داعمة للنموذج التعاوني، بما يضمن تموقعه كفاعل رئيسي في أجندة التنمية الإفريقية خلال السنوات المقبلة.


كواليس اليوم
منذ 3 ساعات
- كواليس اليوم
نساء الاتحاد الاشتراكي يدافعن من إسطنبول عن معاناة نساء تندوف ويطالبن بتحقيق دولي
كواليس في موقف نسائي جريء وقوي، رفعت منظمة النساء الاتحاديات صوتها من إسطنبول، حيث تشارك في مؤتمر الأممية الاشتراكية المنعقد يومي 21 و22 ماي 2025، لتذكر العالم بأن حقوق المرأة لا تتجزأ، وأن المآسي التي تعيشها النساء المحتجزات في مخيمات تندوف ليست مجرد أرقام، بل جراح نازفة في جسد الإنسانية. البيان الصادر عن النساء الاتحاديات في هذه التظاهرة العالمية، والذي توصلت جريدة 'كواليس' الإلكترونية بنسخة منه، أكد التزامهن الثابت بقيم العدالة والمساواة وحق الشعوب في الحلول السلمية والديمقراطية للنزاعات، وفي مقدمتها النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. لكنهن وجهن في الوقت ذاته، نداءً مدويًا ضد التواطؤ الدولي مع جرائم ترتكب يوميًا فوق التراب الجزائري في مخيمات تندوف. حيث لم تتردد المشاركات في الكشف عن معطيات صادمة، تؤكدها تقارير مستقلة وشهادات ناجيات، حول اغتصاب منهجي، واستغلال جنسي، وإنجاب قسري، وحرمان من التعليم والتنقل، وهي جرائم تصنف ضمن خانة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تتم في ظل غياب تام للحماية الدولية. النساء الاتحاديات اعتبرن أن صمت المنتظم الدولي إزاء هذه الفظائع لم يعد حيادًا، بل أصبح تواطؤًا يسهم في الإفلات من العقاب، وطالبن بإلحاح بفتح تحقيق دولي عاجل في أوضاع النساء داخل هذه المخيمات، وتمكين الأمم المتحدة من إحصاء المحتجزات كخطوة أولى نحو الحقيقة والإنصاف. وفي الوقت نفسه، قدم الوفد النسائي صورة مضيئة من داخل المغرب، حيث ذكّر أن العديد من نساء المؤتمر سبق لهن زيارة العيون والداخلة وبوجدور، وشهدن واقع المرأة الصحراوية داخل الوطن، كيف تشارك في التنمية، وتحظى بتمثيلية سياسية، وتضطلع بأدوار قيادية في المؤسسات المنتخبة، مما يكشف زيف الدعاية الانفصالية. وجددت النساء الاتحاديات دعوتهن إلى المنتظم الدولي لزيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة، والاطلاع على الواقع الحقيقي، مؤكدات أن التمثيلية الشرعية لنساء ورجال الصحراء توجد داخل المغرب، وليس في مخيمات معزولة تسيرها ميليشيات خارج أي شرعية. واختتم البيان بتأكيد نساء الاتحاد على أن نضالهن الوطني من أجل مغرب الكرامة والمساواة والعدالة، لا ينفصل عن التضامن مع كل النساء المضطهدات، مهما كان موقعهن، ومهما كانت الجهة التي تنتهك حقوقهن. فمعاناة النساء، كما جاء في البيان، لا تقبل التجزئة، ولا تحتمل الصمت أو التأجيل.


طنجة 7
منذ 4 ساعات
- طنجة 7
سلوفاكيا تعتبر الحكم الذاتي المغربي أساسا من أجل تسوية نهائية لقضية الصحراء
أعلنت سلوفاكيا إنها تعتبر المبادرة المغربية، المقدمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 11 أبريل 2007، بمثابة أساس من أجل تسوية نهائية تحت إشراف الأمم المتحدة' لقضية الصحراء المغربية. وعبرت جمهورية سلوفاكيا عن هذا الموقف في إعلان مشترك تم توقيعه عقب لقاء جرى، اليوم الخميس بالرباط، بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره السلوفاكي، يوراي بلانار، وزير الشؤون الخارجية والأوروبية. وجاء في الإعلان المشترك أن 'سلوفاكيا تشيد بالجهود الجادة وذات المصداقية التي يبذلها المغرب من أجل الدفع بالمسار السياسي نحو تسوية، وتدعم حلا سياسيا عادلا ودائما ومقبولا من لدن الأطراف، قائما على التوافق، تماشيا مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار S/RES/2756 الصادر في 31 أكتوبر 2024'.