logo
هل أصبحنا اليوم في حاجة إلى تعديل دستوري يضمن تأسيس أحزاب ذات بعد جهوي؟

هل أصبحنا اليوم في حاجة إلى تعديل دستوري يضمن تأسيس أحزاب ذات بعد جهوي؟

بديلمنذ 6 أيام
في ظل عجز الأحزاب السياسية في صيغتها الحالية عن تأطير الحياة السياسية، حيث أصبحت تقتصر على إدارة الصراع بين النخب الحزبية، التي وإن اختلفت انتماءاتها المناطقية والجهوية، فإن تأثيرها وحلبة صراعها تبقى حبيسة محور القنيطرة الدار البيضاء.
إن الوظيفة الأساسية للأحزاب، والمتمثلة في تأطير المواطنين ضمن الحياة السياسية، يفترض بها أن تكون أحزاب قواعد تصنع النخب، لا أحزاب نخب تصنع تبعية القواعد العمياء.
من خلال تجربتي المتواضعة في إطار العمل السياسي، أو حتى إبان التحصيل العلمي، حضرت العديد من المؤتمرات لأحزاب مختلفة يمينا، يسارا ووسطا. وإن كنا في المغرب، كما في العديد من بلدان العالم النامي، نعيش مشكلا على مستوى هوية أغلب الأحزاب السياسية، فلم نعد نفرق بين حزب اليمين واليسار، ناهيك عن الوسط، فقد لاحظت أن تأثير القواعد الحزبية الممثلة للجهات والأقاليم لا يعدو أن يكون مسرحيات يتم من خلالها توظيف البعد الجهوي والإثني لمناطق المغرب، لترسيخ شرعية قيادات حزبية متحكمة، تحتاج لنغمات ومظاهر فلكلورية تثبت من خلالها أنها تضع البعد الجهوي في صلب اهتماماتها. في حين أنها في الواقع لا تعيره أي اهتمام، ولا يخرج في أغلب الأحيان عن 'شوي ديال الصواب' أو إرضاءات ظرفية حتى يمر المؤتمر بسلام.
إن مكمن الداء في معضلة الأحزاب السياسية هو أنها لم تعد أحزاب قواعد، بل أحزاب نخب، همها الوحيد هو كيف تصل إلى السلطة، ولا تحمل أغلبها، مع كامل الأسف، مشروعا مجتمعيا، وإن كانت بعضها تحمل إرهاصات لذلك.
لكن المرحلة الحالية تحتاج مشروعا مجتمعيا ذا بعد جهوي، خاصة عندما نتحدث عن منطقتنا التي تستعد لتنزيل مشروع الحكم الذاتي. فهل تعي الأحزاب الوطنية حساسية الظرفية والمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها؟
مع كامل الأسف، لا زالت جل الأحزاب السياسية لا تتعامل مع المنطقة باعتبارها بوابة كل تغيير. فالخير كله يأتي من الصحراء، والشر كله يأتي منها أيضا، وهي مقولة خالدة للراحل المغفور له الملك الحسن الثاني. ولا أظن أن القيادات الحزبية الحالية أكثر بعد نظر أو أفهم لواقع المنطقة من جلالته، ولا من قيادات الأحزاب الوطنية التي، وإن ارتكبت أخطاء تاريخية في عدم فهمها لواقع المنطقة وحاجياتها وتطلعات شبابها، فإن أغلب من تقدم بهم العمر في الحياة، على الأقل، أقروا بتلك الأخطاء في نهاية حياتهم السياسية.
- إشهار -
لكن الأكثر خطورة اليوم هو تواجد قيادات حزبية تعاني من فقر معرفي، يحول دون فهمها لواقع المنطقة، ويضعف من أي دور محوري لها في الاصطفاف خلف السياسات الملكية بشكل إيجابي.
يعود ذلك، بالأساس، لأن أغلبهم لم يعايش عن قرب ما جرى في الصحراء، ولا يعرف عن المنطقة سوى أنها خزان انتخابي يضمن له مقاعد نيابية، ويحتاج لعدد لا بأس به من 'الدراريع والملاحف' والأغاني الوطنية، وصياغة خطابات حماسية في البيانات الختامية للمؤتمرات.
إن عدم قدرة أغلب الأحزاب الوطنية على فهم متطلبات المنطقة، سواء في مرحلة نظام الدولة المركزية أو نظام الجهوية الحالي، يجعلها أقل قدرة على التكيف مع نظام الحكم الذاتي، وأقل فاعلية في الاصطفاف خلف مسيرة التغيير التي يقودها جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
إن وجود أغلب الأحزاب السياسية في شكلها الحالي، وهي غير قادرة على مواكبة المشروع الملكي لتنزيل مبادرة الحكم الذاتي، يجعلنا ربما في أمس الحاجة لتعديل دستوري يسمح بإنشاء أحزاب جهوية، تكون قادرة على تأطير الحياة السياسية في المنطقة، وتكون بداية خير من الصحراء في اتجاه باقي جهات المملكة، التي ستكون هي الأخرى على موعد مع نظام جهوي جديد أكثر تقدما.
عندها فقط، سيصبح من المستساغ أن تبقى الأحزاب الوطنية حبيسة حساباتها النخبوية في إطار الاستحقاقات الوطنية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'صفا ومروة… والهرولة خارج شعائر الله!'
'صفا ومروة… والهرولة خارج شعائر الله!'

صوت العدالة

timeمنذ 2 ساعات

  • صوت العدالة

'صفا ومروة… والهرولة خارج شعائر الله!'

بقلم: دواي طارق في زمن تتعدد فيه الأقنعة، وتغيب فيه النية، صرنا نرى طوابير من الساعين… لا إلى الحق، بل خلف مصالحهم. ساعون هرولوا بين الصفا والمروة، لا كما أمر الله، بل كما أمرهم ذكاؤهم الماكر في التحايل على القانون، وتطويعه حتى صار القانون نفسه أداة مرنة في يد من يمسك بالقلم لا بالميزان. هم ليسوا بسطاء، بل فقهاء قانون،أشخاص امتهنوا النصوص لا لتطبيقها بعدل، بل لتدويرها مثل عجلة الحظ، فيخرج منها دوماً الرابح نفسه،المتحايل،هؤلاء لا يشبهون الطغاة الذين يهدمون القانون علناً… بل هم أخطر !يعبدونه في الظاهر، ويذبحونه في السر. هم يعلمون الفروق الدقيقة بين 'الفقرة' و'العبارة'، ويعرفون كيف يصوغون مرسوماً بوجهين، ويحررون عقداً له لسانان: لسان للعلن ولسان للبنوك. المشي بين الصفا والمروة… شعيرة،لكن مشي هؤلاء هرولة مشبوهة بين مصالح متضاربة، بين كرسي وكرسي، بين مصلحة حزب ومصلحة جيب. نسوا أن السعي الذي شرعه الله كان طاعةً، لا مناورة، وكان إخلاصاً لا التواءً. رئيس حكومة؟ ووزير عدل؟ ونواب؟كلهم في مسيرة قانونية… لكن أين الوجهة؟هل يطوفون حول مصلحة الشعب؟ أم أنهم عاكفون حول مصالحهم؟يرفعون شعار 'دولة القانون'، لكنهم أول من يغرس المسامير في نعشه. يدّعون حماية الدستور، وهم أول من يشوه روحه بلغة باردة في مذكرات تفسيرية ملتوية.والمثير أن المواطن البسيط حين يُخطئ، يُسحق تحت عجلة القانون، أما هم، فالقانون نفسه يقف ليحيّيهم، ويمنحهم ممرًا آمناً،نعم، لقد أبدعوا في الهرولة هرولة تشبه رقصة الظلال… لا تثبت على موقف، ولا تمسك بمبدأ. يركضون، يتسابقون، يتناوبون على تبرير القرارات والتعيينات والتراجعات، حتى نسينا ملامح الحقيقة تحت غبار خطبهم. أين هي العدالة؟ هل اختبأت بين دفتي الدستور؟ أم ضاعت في دهاليز المحاكم؟هل يعقل أن تكون 'المشروعية' أداة للمكر؟ أم أن 'النية' أصبحت شيئاً منسيّاً في عُرف المشرّعين الجدد؟ لا يا سادة، لا يليق أن نُشبّه ما تفعلونه بشعيرة من شعائر الله. الشعائر تُؤدّى بنقاء، وأنتم تسعون بالقلوب الميتة. تمشون، تسرعون، تبرّرون، وتظنون أنكم تطوفون… لكن الطواف لا يُقبل بنية ملتوية

جلالة الملك يهنئ الرئيس المصري بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليوز
جلالة الملك يهنئ الرئيس المصري بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليوز

جريدة الصباح

timeمنذ 5 ساعات

  • جريدة الصباح

جلالة الملك يهنئ الرئيس المصري بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليوز

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر، بمناسبة تخليد بلاده لذكرى ثورة 23 يوليوز. وأعرب جلالة الملك في هذه البرقية، باسم جلالته الخاص وباسم الشعب المغربي، عن أطيب التهاني للسيسي، 'راجيا من الله تعالى أن يعيد هذا اليوم الوطني المجيد على الشعب المصري الشقيق بمزيد الرخاء والازدهار'. ومما جاء في البرقية 'كما أود، بهذه المناسبة السعيدة، أن أجدد لفخامتكم اعتزازي بالعلاقات الأخوية المتميزة التي تجمع بلدينا، والتي لي كامل اليقين أنها ستواصل تطورها المطرد بفضل إرادتنا المشتركة وتنسيقنا المستمر في خدمة مصالح وتطلعات شعبينا الشقيقين'.

تهنئة من السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، بمناسبة الذكرى الـ26 لعيد العرش المجيد
تهنئة من السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، بمناسبة الذكرى الـ26 لعيد العرش المجيد

طنجة نيوز

timeمنذ 12 ساعات

  • طنجة نيوز

تهنئة من السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، بمناسبة الذكرى الـ26 لعيد العرش المجيد

بمناسبة حلول الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على عرش أسلافه المنعمين، يتشرف السيد محمد بولعيش، رئيس جماعة اكزناية، أصالة عن نفسه ونيابة عن كافة أعضاء المجلس، بأن يرفع إلى السدة العالية بالله أسمى عبارات التهاني وأصدق مشاعر الولاء والإخلاص، مقرونة بخالص الدعاء لجلالته بدوام الصحة والعافية وطول العمر. سائلاً المولى عز وجل أن يُعيد هذه المناسبة الوطنية المجيدة على جلالته باليُمن والبركات، وأن يقر عينه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا خديجة، وأن يحفظه في شقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. وإننا في جماعة اكزناية، إذ نجدد بهذه المناسبة المباركة ولاءنا وارتباطنا المتين بأهداب العرش العلوي المجيد، نسأل الله أن يديم على بلدنا الأمن والاستقرار، وأن يحقق على يدي جلالة الملك كل ما يصبو إليه شعبه الوفي من تنمية وازدهار. إنه سميع مجيب الدعاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store