
ماذا تعني معدلات تخصيب اليورانيوم الحالية في إيران؟
أعلنت إسرائيل يوم الجمعة 13 يونيو الجاري أنها هاجمت منشآت نووية وعسكرية في إيران، بهدف ضرب برامجها العسكرية والنووية.
وجاءت هذه الهجمات بعد أن تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا ضد إيران لـ«عدم الوفاء» بالتزاماتها ضمن خطة العمل المشتركة (المعروفة بالاتفاق النووي)، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز السقف المحدد عند 3.67%.
وتحولت مسألة تخصيب اليورانيوم إلى محور الخلاف بين إيران والولايات المتحدة خلال المحادثات النووية، وهو خلاف مستمر رغم خمس جولات من المحادثات غير المباشرة.
وكانت القيود المتعلقة بالتخصيب من أبرز نقاط الخلاف في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني على مدى العقدين الماضيين.
ما اليورانيوم وما مصدره؟
اليورانيوم عنصر طبيعي ثقيل موجود في الصخور والتربة وحتى في مياه البحر، ورغم انتشاره الواسع في قشرة الأرض، لا يستخرج بتركيزات عالية إلا في بعض المناطق.
ومن أبرز منتجيه: كازاخستان، كندا، أستراليا، وعدد من الدول الأفريقية. كما تمتلك إيران احتياطيات يورانيوم وتستخرجه من مناجم محلية.
لكن اليورانيوم في حالته الطبيعية لا يستخدم بشكل فاعل في إنتاج الطاقة أو الأسلحة، لأن أكثر من 99% منه يورانيوم-238، غير القابل للانشطار. أما النظير النادر والقيم فهو يورانيوم-235، الذي لا يشكل سوى 0.7% من اليورانيوم الطبيعي، وهو القادر على توليد الطاقة من خلال الانشطار النووي.
وانشطار ذرات اليورانيوم - 235 يطلق طاقة كبيرة. وتستخدم هذه الطاقة في المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء، أما في القنبلة النووية، فيحدث هذا التفاعل بسرعة ودون سيطرة، مما يؤدي إلى انفجار هائل.
ما التخصيب وما مستوياته الشائعة؟
سواء تعلق الأمر بأغراض مدنية أو عسكرية، يجب معالجة اليورانيوم لزيادة نسبة يورانيوم-235 فيه، وهي عملية تعرف بـ «التخصيب».
ويجرى التخصيب باستخدام أجهزة طرد مركزي غازية تدور بسرعة كبيرة تفصل بين النظير الأخف (يورانيوم-235) والنظير الأثقل (يورانيوم-238).
وتصنف مستويات تخصيب اليورانيوم كالتالي:
- يورانيوم طبيعي: يحتوي على 0.7% من يورانيوم-235، ولا يمكن استخدامه مباشرة في الطاقة أو الأسلحة.
- يورانيوم منخفض التخصيب (حتى 5%): يستخدم في معظم محطات الطاقة النووية. ونسبة 3.67% كانت الحد الأقصى لإيران وفق اتفاق عام 2015.
- يورانيوم متوسط التخصيب (نحو 20%): يستخدم في مفاعلات الأبحاث لإنتاج النظائر الطبية وبعض التطبيقات الصناعية، ويعد خطوة تقنية نحو التخصيب العالي.
- يورانيوم عالي التخصيب (فوق 60%): وهو قريب من مستوى التخصيب لصناعة الأسلحة. تمتلك إيران حاليا مخزونا منه، ما يثير قلق الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنه يعتبر تمهيدا تقنيا لصنع سلاح نووي.
- يورانيوم مخصب بنسبة 90% أو أكثر: يستخدم لصناعة الأسلحة النووية. وتعتبر الوكالة أن امتلاك 25 كيلوغراما من هذا النوع كاف لصناعة قنبلة نووية بسيطة. وكلما زاد تخصيب اليورانيوم، أصبح الطريق إلى صنع الأسلحة أقصر وأكثر خطورة.
جرى تحديد مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67% في الاتفاق بين إيران والقوى العالمية عام 2015. وقد تم التوصل إلى هذا الرقم نتيجة لتفاهم سياسي وتقني يهدف إلى تحقيق توازن بين حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وضمان المجتمع الدولي بعدم امتلاكها لسلاح نووي.
وتقنيا، يعد اليورانيوم المخصب بنسبة 3.67% مناسبا للاستخدام في مفاعلات الطاقة النووية المدنية، حيث يستخدم لإنتاج تفاعل نووي متسلسل يمكن التحكم فيه لتوليد الكهرباء.
وقد جرى تحديد هذه النسبة بهدف إطالة «زمن الاختراق النووي» (أي الوقت الذي قد تحتاج اليه إيران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية)، ليصل إلى نحو عام، مما يمنح المجتمع الدولي فرصة للتدخل ديبلوماسيا أو تقنيا في حال حدوث خرق للاتفاق. اليورانيوم الصالح للاستخدام في الأسلحة هو يورانيوم يحتوي على نظير مخصب بنسبة 90% من اليورانيوم-235. وتستخدم هذه المادة في تصنيع الأسلحة النووية، لأن هذا المستوى من التخصيب يسمح بحدوث تفاعل متسلسل سريع وغير منضبط، يؤدي إلى انفجار نووي.
لكن الوصول إلى هذا المستوى لا يتم دفعة واحدة، بل يمر عبر مراحل تدريجية. ومن الناحية التقنية، كلما ارتفعت نسبة التخصيب، أصبحت الخطوة التالية أسهل وأسرع. ولهذا يثير امتلاك إيران مخزونا من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% قلقا كبيرا، ليس فقط لأنه قريب تقنيا من مستوى التخصيب المستخدم في الأسلحة، بل أيضا لأنه عديم الجدوى تقريبا في الاستخدامات السلمية والمدنية. إذ لا توجد مفاعلات طاقة أو مشاريع علمية مدنية معروفة تتطلب يورانيوم مخصبا بهذه النسبة.
وبالتالي، يثير وجود مثل هذا المخزون تساؤلات حول الغرض الحقيقي من إنتاجه. ومن بين أبرز المخاوف أن إيران، بامتلاكها كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، تستطيع تقليص «زمن الاختراق النووي» (أي الوقت اللازم لإنتاج سلاح نووي) إلى بضعة أسابيع فقط، إذا ما قررت اتخاذ القرار السياسي بذلك.
وتشدد طهران دائما على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية.
ما «زمن الاختراق» وما التقديرات بشأن إيران؟
يشير مصطلح «زمن الاختراق» إلى المدة الزمنية التي تحتاج اليها دولة لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى يسمح بصنع قنبلة نووية، بدءا من لحظة اتخاذ القرار بذلك. ولا يشمل هذا الزمن تصنيع القنبلة أو إيصالها، بل يقتصر على إنتاج المواد الانشطارية اللازمة فقط.
وعند بدء تنفيذ الاتفاق النووي عام 2015، قدر زمن الاختراق بالنسبة لإيران بعام تقريبا. لكن مع وجود كميات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، انخفض هذا الزمن بشكل ملحوظ.
ووفق تقييم حديث أصدره «معهد العلوم والأمن الدولي» في 9 يونيو 2025، تستطيع إيران إنتاج أول 25 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب المستخدم في الأسلحة خلال يومين إلى ثلاثة أيام فقط في منشأة فوردو. وتشير التقديرات إلى أن إيران قادرة على إنتاج 233 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب خلال ثلاثة أسابيع، وهو ما يكفي لصنع تسع قنابل نووية.
وإذا أجرت إيران التخصيب في منشأتي فوردو ونطنز معا، فإنها قد تنتج ما يكفي لصنع 11 سلاحا في الشهر الأول، و15 بحلول نهاية الشهر الثاني، وأكثر من 20 قنبلة خلال خمسة أشهر.
ولا يشمل هذا التحليل الوقت اللازم لتحويل المواد إلى سلاح فعلي، والذي يقدره خبراء ببضعة أشهر إلى عام بمجرد توفر المواد الانشطارية.
الوكالة الذرية ومخــزون إيــران من اليورانيوم المخصب
أفاد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الصادر في مايو 2025، بأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ مستويات غير مسبوقة.
وبحسب التقرير، بلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم، بجميع مستويات التخصيب والأشكال الكيميائية، 9247.6 كيلوغراما (من حيث كتلة اليورانيوم) حتى 17 مايو، بزيادة قدرها 953.2 كيلوغراما مقارنة بالتقرير السابق.
لكن الجزء الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية، يتعلق باليورانيوم المخصب بنسبة 60%، أي أقل بدرجة واحدة فقط من المستوى المطلوب لصنع الأسلحة. إذ تمتلك إيران حاليا 408.6 كيلوغرامات من هذا النوع من اليورانيوم.
وأشار تقرير الوكالة الذرية إلى أن إيران تواصل بسرعة تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى يورانيوم مخصب بنسبة 60%، وهي خطوة لا تقتصر فقط على تقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، بل تعكس أيضا الجاهزية التقنية لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات تؤهله لصنع الأسلحة خلال فترة زمنية أقصر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ ساعة واحدة
- الرأي
التلفزيون الإيراني: إسقاط مسيّرة إسرائيلية في إقليم أصفهان
أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بإسقاط مسيّرة إسرائيلية في إقليم أصفهان. وأصفهان هي مدينة إيرانية عريقة تعد مركزا بارزا في مجال التصنيع العسكري، وتضم مواقع نووية وعسكرية حساسة جعلتها عرضة للاستهداف مثل منشأة نطنز النووية لتخصيب اليورانيوم وصناعة أجهزة الطرد المركزي، وقاعدة هشتم شكاري الجوية التابعة للجيش الإيراني، وقاعدة نصر الجوية لصناعة المسيّرات التابعة للحرس الثوري الإيراني.


الجريدة
منذ 2 ساعات
- الجريدة
«معهد ستوكهولم»: إسرائيل تمتلك 90 رأساً نووياً
تقول تسع دول حاليا إنها تمتلك أسلحة نووية أو يُعتقد أنها تمتلكها. وكانت أولى الدول التي امتلكت أسلحة نووية هي الدول الخمس الأصلية المالكة للأسلحة النووية: الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة. الدول الخمس الأصلية وتُعد هذه الدول الخمس من الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والتي تُلزم الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية بعدم بنائها أو الحصول عليها، كما تُلزم الدول التي تمتلكها بـ«السعي للتفاوض بنية حسنة» بهدف نزع السلاح النووي. الهند وباكستان الهند وباكستان، الخصمان الإقليميان، لم توقعا على المعاهدة، وقامتا ببناء ترسانتيهما النوويتين على مدى السنوات الماضية. وكانت الهند أول من أجرى اختبارا نوويا عام 1974، ثم تبعته باختبار آخر في عام 1998، وسرعان ما أجرت باكستان اختبارات نووية خاصة بها بعد ذلك بأسابيع قليلة. كوريا الشمالية وانضمت كوريا الشمالية إلى معاهدة عدم الانتشار النووي عام 1985، لكنها أعلنت انسحابها من المعاهدة في عام 2003، مشيرة إلى ما وصفته بـ«العدوان الأميركي». ومنذ عام 2006، أجرت سلسلة من التجارب النووية. إسرائيل أما إسرائيل، التي لم توقع على المعاهدة أيضا، فلم تعترف يوما بامتلاكها أسلحة نووية، لكن يُعتقد على نطاق واسع أنها تملكها. ماذا عن إيران؟ أما إيران، فطالما أكدت أن برنامجها النووي لأغراض سلمية فقط، وقدّرت وكالات الاستخبارات الأميركية أن طهران لا تسعى حاليا إلى امتلاك قنبلة نووية بشكل نشط، إلا أنها في السنوات الأخيرة قامت بتخصيب اليورانيوم حتى مستوى 60% من النقاء، وهو قريب من المستوى المستخدم في الأسلحة النووية (90%). وفي تقييم سنوي صدر هذا الأسبوع، قدّر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام عدد الرؤوس الحربية النووية العسكرية التي تمتلكها هذه الدول التسع حتى شهر يناير 2025 على النحو التالي: • روسيا: 4309 • الولايات المتحدة: 3700 • الصين: 600 • فرنسا: 290 • المملكة المتحدة: 225 • الهند: 180 • باكستان: 170 • إسرائيل: 90 • كوريا الشمالية: 50


الأنباء
منذ 8 ساعات
- الأنباء
الكويت: قلقنا شديد إزاء الانتهاكات الصارخة للاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين
أعرب الوفد الدائم للكويت لدى الأمم المتحدة في جنيف أمس عن قلقه الشديد لما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة من انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة واستهداف واسع النطاق للمدنيين ومواقع الإغاثة والعاملين في المجال الإنساني. جاء ذلك في كلمة ألقاها ممثل المندوبية الدائمة للكويت لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف المستشار ناصر الرامزي في إطار الحوار التفاعلي مع المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان ضمن أعمال الدورة الـ 59 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقد في جنيف. وجدد الرامزي دعوة الكويت للمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته كافة لإدانة هذه الانتهاكات من قبل القوة القائمة بالاحتلال ضد المدنيين العزل والضغط لفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية بخاصة الصحية منها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لما له من أهمية بالغة في إنقاذ الأرواح. وأشار في هذا الصدد إلى ما يعانيه سكان قطاع غزة من نقص الماء والغذاء والدواء وتزايد حالات سوء التغذية الحادة عند الأطفال والمجاعة المتعمدة من قبل القوة القائمة بالاحتلال. وأكد الرامزي دعم الكويت لدور المفوض السامي لحقوق الانسان فولكر تورك في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والدعوة لنبذ مظاهر الكراهية والعنصرية واحترام التنوع الثقافي والديني، بالإضافة إلى بناء وصنع السلام والمساعدة الإنسانية والتنمية المستدامة والالتزام بتعزيز سيادة القانون كأساس للعلاقات الدولية.