logo
«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

«إسرائيل الكبرى»: الحلم القديم الجديد

السوسنةمنذ يوم واحد
إسرائيلُ من دون أي تحاملٍ هي كيانٌ محتلٌّ وغَاشمٌ. فمنذ تاريخِ ظهوره تنفيذاً لوعد بلفور وهو يقترف الجرائمَ والمجازرَ، ويتجاوز القانونَ الدوليَّ ويضرب بكل القيم الأخلاقية والإنسانية عرضَ الحائط. بل إنَّه كيان مهووس بتصفية الشَّعب الفلسطيني؛ كي يهنأ بالأراضي الفلسطينية كاملةً وأكثر من ذلك.هكذا هي إسرائيلُ. ولكن هذا الكيان الذي أصاب ضميرَ العالم في مقتل هو نفسه الذي - مع الأسف الشديد - نشاهد تشبُّثَه بوهمه وحلمه المزعوم المتمثل في إقامة «إسرائيل الكبرى». نشاهد تمسُّكَه بكذبةٍ تاريخية ونحن في المقابل رغم امتلاكِنا الحقَّ التاريخيَّ، فإنَّنا فعلنا كلَّ ما يؤدي إلى التفريط فيه. وهكذا نفهم كيف أنَّه حتى الأكذوبة والوهم يعيشان أطولَ زمناً عندما يجدان من يتمسَّك بهما.هذا هو التعليق السريع الذي بدا لنا مناسباً لتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يكشف عن حلمِه بإقامة «إسرائيل الكبرى» في اللحظة التي يمزّق فيها الجوع أمعاء أهلِ غزة، وتتواتر علينا صور الأطفال الذين أصبحوا عبارةً عن هياكلَ عظمية من شدَّة الجوع وسوء التغذية.لنتذكر جيداً أنَّ الوضع في غزة مأساوي جداً إنسانياً، ومن فرط المأساوية والإحراج العالمي رأينا كيف أنَّ دولاً هدَّدت بالاعتراف بفلسطين وأخرى اعترفت بها. وهو أمرٌ لم يكن سهلاً لولا أنَّ التجويع القاتل الذي تمارسه إسرائيلُ ضد أهالي غزة وأطفالِها لم يترك أي مجال للمناورة والصَّمت سياسياً.وكي يحوِّلَ وجهةَ الرأي العام إلى موضوع آخر؛ انخرط نتنياهو في خطاب البوح بحلمه التاريخي والروحي، مطلقاً عبارة «إسرائيل الكبرى» أسلوباً يهدف إلى تلهية العالم لينسى الصورة المعدّة بالذكاء الاصطناعي المنتشرة حول شخصه وهو يسبح في دم الفلسطينيين.فعلاً، لا شيء جديداً في هذا الخطاب الذي أدار الأعناقَ التي كانت ملتفتة للجائعين ولتعنت إسرائيل في السماح للمساعدات الدولية الإنسانية بالوصول إلى أهالي غزة. ذلك أنَّ «إسرائيل الكبرى» هي «أرض الميعاد» التي اعتمدها الخطاب التاريخي الإسرائيلي. فالاثنان واحد في الحلم والأكذوبة والحدود والخريطة والجغرافيا والوهم. فقط، سياسياً عبارة «إسرائيل الكبرى» مناسبة أكثر من «أرض الميعاد» ذات المرجعية اللغوية الروحية التاريخية وفق المزاعم الإسرائيلية. هذا علاوة على أنَّ عبارة «إسرائيل الكبرى» قد سبق استعمالها في عام 1967.طبعاً استحضار هذا الحلم المزعوم في هذه اللحظة علاوة على ما يمثله من محاولة لتشتيت اهتمام الرأي العام، فإنَّه يعبر بوضوح عن الشعور الإسرائيلي بالتقدم في تحقيق الحلم بتعزيز مشروع إقامة إسرائيل، وفي إحراز خطوات مهمة، وفي الاستعداد للانتقال إلى «إسرائيل الكبرى».بطريقة أخرى، فإنَّ إسرائيل الآن تعلن اكتمال فرض حلمها، بخاصة بعد القضاء على الممانعين والأطراف التي كانت تهدد أمنها وتعلن أيضاً عن الشروع في الجزء الثاني من الحلم: إقامة «إسرائيل الكبرى»، وهي بالضبط تحمل نفس جغرافية «أرض الميعاد» التي تقع - حسب مزاعم الإسرائيليين وبخاصة المتطرفون منهم - في منطقة الشرق الأوسط، وتشمل أجزاء من مصر، وفلسطين، ولبنان، وسوريا والأردن. لذلك؛ فإنَّ الرسالة من وراء استخدام عبارة «إسرائيل الكبرى» قد وصلت، وهو ما يفسر الإدانات الرسمية التي صدرت عن الأردن ومصر.الملاحظة الأخرى الواضحة جداً، أنَّ خطاب إسرائيل رغم كل الضغوط من دول عدة في العالم، فإنَّها تبدو في وضع سياسي مرتاح، أي أنَّها تصرّح وتتصرَّف بوصفها دولة رابحة ومنتصرة وبفارق كبير جداً في النتيجة. وكي نؤكدَ هذه الملاحظة؛ فإنَّنا نطرح السؤال التالي:في الوقت الذي يحاول فيه لبنان تقوية أجهزة دولته والاستئثار بالسلاح، يتم النفخ في مشروع «إسرائيل الكبرى» لبلبلة الأوضاع وإضعاف كل الأطراف التي تعمل من أجل معالجة التوتر في المنطقة. هو نوع من تأجيج الأوضاع والاستفزاز حتى يتم استدراج هذه الطراف لمعارك تخص مشروع «إسرائيل الكبرى » هذه المرة. السؤال: هل الدول العربية التي آمنت بالتفاوض وبالقبول الاضطراري بإسرائيل قد أخطأت؟ ألم توقّع مصر في عهد السادات على اتفاقية سلام ودفعت مقابل ذلك أثماناً باهظة؟ فهل يكون جزاء عقلاء منطقة الشرق الأوسط الانقلاب على البعض منهم باعتبار أن ذلك الانقلاب حتمية يفرضها مشروع «إسرائيل الكبرى»؟ الوضع حالياً إشكالي وكأنه يجر أخطاء بدايات الصراع العربي - الإسرائيلي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شكراً لولي العهد .. خدمة العلم حلم يتحقق
شكراً لولي العهد .. خدمة العلم حلم يتحقق

عمون

timeمنذ 21 دقائق

  • عمون

شكراً لولي العهد .. خدمة العلم حلم يتحقق

لطالما طالب الأهالي، وعلى مدار سنوات، بضرورة إعادة خدمة العلم لأبنائنا لما لها من أثر عميق في التربية والانضباط وصقل السلوك، ولما تمثّله من امتداد لنهج الآباء والأجداد الذين شرفوا بخدمة الوطن. فما أعظم من شرف خدمة العلم، وحماية الأرض والعِرض، تحت راية الجيش العربي المصطفوي الذي نفخر بالانتماء إليه، ونجلّ قيادته الهاشمية. وإن إعلان سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حفظه الله اليوم في مبادرة طيبة ومباركة، ما هي إلا استجابة لتطلعات الأردنيين جميعاً، لا كمبادرة مباركة فحسب، بل كتلبية لطموح كل أسرة أردنية تحلم أن ترى أبناءها ينالون شرف خدمة العلم، خدمةً تعزز الانتماء للهوية الوطنية الجامعة، وتعمّق مفهوم المواطنة الحقّة. وخصوصاً وأن الجيش العربي الأردني هو مدرسة في التعليم والتدريب والانضباط، فإن هذا القرار التاريخي يتجلى اليوم كرسالة واضحة في ظل تصعيدات بنيامين نتنياهو . وتهديداته لدول المنطقة، ليؤكد أن أبناء الأردن هم السدّ المنيع، والدرع الصلب الذي يذود عن الوطن في وجه كل طامع أو متربص.

منذ فجر الأحد.. الاحتلال يقتل 27 فلسطينيا في غزة بينهم 13 من منتظري المساعدات
منذ فجر الأحد.. الاحتلال يقتل 27 فلسطينيا في غزة بينهم 13 من منتظري المساعدات

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ ساعة واحدة

  • سواليف احمد الزعبي

منذ فجر الأحد.. الاحتلال يقتل 27 فلسطينيا في غزة بينهم 13 من منتظري المساعدات

#سواليف استشهد 27 فلسطينيا بينهم 13 من #منتظري_المساعدات، الأحد، بنيران #الجيش_الإسرائيلي في مناطق متفرقة من قطاع #غزة، بينما واصلت قواته عمليات نسف المنازل ضمن #الإبادة المتواصلة التي تنتهجها تل أبيب في القطاع. وقال مصدر طبي في المستشفى المعمداني بمدينة غزة: '7 #شهداء وعدد من #الجرحى، جراء قصف مسيرة إسرائيلية على محيط المستشفى من جهة الشمال'. كما أفاد مصدر طبي في وزارة الصحة بغزة، بـ'استشهاد شاب فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي قرب #محور_نتساريم وسط القطاع'. وفي جنوب القطاع، أكد مصدر طبي في مستشفى 'ناصر' سقوط '4 شهداء في قصف إسرائيلي استهداف خيمة تؤوي نازحين بالقرب من أبراج طيبة غرب خان يونس'. وفي بيان منفصل، قال مستشفى 'ناصر': '13 شهيدا من منتظري المساعدات بنيران الاحتلال قرب محور موراج، ومراكز توزيع مساعدات بقطاع غزة'. أما في وسط القطاع، فقال مصدر طبي في مستشفى 'شهداء الأقصى': 'شهيد ومصابون باستهداف طائرة مسيرة إسرائيلية تجمعًا مدنيًا في منطقة البصة غرب مدينة دير البلح'. وأشار المصدر إلى 'استشهاد الفلسطيني رامي سعدي الحلو (40 عاما) بقصف إسرائيلي استهدف منزله بمخيم النصيرات'. في السياق، نفذ الجيش الإسرائيلي 3 عمليات نسف في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة، وعمليتي نسف شمال غربي مدينة خان يونس، وفق شهود عيان. وفي 8 أغسطس/ آب الجاري، أقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر 'الكابينت' خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة. وفي 11 من الشهر ذاته، وفي إطار تنفيذ الخطة، بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا على حي الزيتون، تخلله نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري، وفق شهود عيان.

عندما يأتي الرد عسكريًا .. إعادة خدمة العلم خطوة في تمتين الجبهة الداخلية
عندما يأتي الرد عسكريًا .. إعادة خدمة العلم خطوة في تمتين الجبهة الداخلية

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

عندما يأتي الرد عسكريًا .. إعادة خدمة العلم خطوة في تمتين الجبهة الداخلية

كبرنا ونحن نسمع حكايات من سبقونا من آبائنا وأخوالنا وأعمامنا الذي كبروا في أجيال كانت خدمة العلم لزاماً، حكايات عن أيام غيّرت في نفوسهم الكثير، عن شباب دخلوا التجربة فخرجوا منها أكثر انضباطاً وأعمق انتماءً، وأصدق ارتباطًا بالأرض والوطن، حيث كانت خدمة العلم مدرسة تزرع الرجولة والجدية والالتزام، وتعلّمهم أن الوطن أكبر من الفرد، وأن المسؤولية ليست شعارًا يُرفع بل سلوك يُمارَس. هذه القصص لم تكن مجرد ذكريات، بل إرث وطني اجتمعت فى خدمة واحدة اسمها: خدمة العلم. تشهد المنطقة تحديات وتهديدات إقليمية غير مسبوقة تستوجب يقظة وطنية واستعدادًا شاملاً. فقد كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحاته الأخيرة عن إيمانه برؤية 'إسرائيل الكبرى' التوسعية، متبجحًا بخريطة تضم أجزاءً من فلسطين المحتلة وحتى من الأردن وبلدان عربية مجاورة . ولم تكن تلك مجرد تصريحات عابرة، إذ رافقها حراك سياسي على الأرض تمثّل في قرارات لفرض واقع جديد في الضفة الغربية والقدس المحتلة، بما فيها المصادقة على بناء ٣٤٠٠ وحدة استيطانية تربط القدس بالضفة . في ضوء ذلك، برز قرار إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم بقيادة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني كخطوة سيادية واستراتيجية تُقرَأ تهديفاً إلى رفع الجاهزية الوطنية والاصطفاف شعبياً ورسمياً في خندق الدفاع عن الوطن، وكما قال الملك الحسين بن طلال رحمه الله عند تأسيس خدمة العلم في سبعينيات القرن الماضي، فإن هذه الخدمة تُعد 'إعلانًا عن أقصى أنواع الولاء للوطن' . إنّ شباب الأردن هم عماد مستقبله ودرع حاضره. ومن هنا تأتي أهمية توجيه بوصلتهم نحو البناء وخدمة الوطن، بدل تركهم فريسة للفراغ أو التأثيرات الهدّامة العابرة للحدود، من مخدرات ووسائل تواصل اجتماعي باتت ميداناً مفتوحاً لحرب ناعمة تستهدف العقول والانتماءات، وقد أكد ولي العهد حديثًا ضرورة تهيئة الشباب ليكونوا جاهزين لخدمة الوطن والدفاع عنه، مشيرًا إلى أن كل من خاض تجربة خدمة العلم يدرك قيمتها. كما شدّد سموه على أن الخدمة إلى جانب نشامى القوات المسلحة الأردنية تسهم في صقل شخصية الشباب وانضباطهم وترسّخ هويتهم الوطنية التي تملك أن تبني جيلاً قوي الإرادة صعب الانقياد، مستعدًا للتضحية ومفعمًا بروح الوطنية الصحيحة. يأتي إعلان ولي العهد عن عودة خدمة العلم بمثابة نداء وطني جامع للالتفاف حول راية الوطن. إنها رسالة واضحة بأن تمتين الداخل هو خط الدفاع الأول والأقوى أمام كل من يتربص بالأردن سوءاً، وهي الخطوة التي نؤمن ونأمل أن خطوات ستتبعها تفتح أبواب الحوار وتضع خطوات واضحة فيما يصبّ في حماية حريات الشباب والضمانات الحقيقية لأمان انتساباتهم الحزبية والسياسية والفكرية التي يدخلونها لأجل الوطن وإصلاحه، ولقد أثبت التاريخ أن الأردن، بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الواعي، قادر على تحويل التحديات إلى دوافع لمزيد من التماسك والمنعة، فالأردن يقدم رسالته واضحةً بأنه لن تنال منّا التهديدات ما دمنا متحصنين بمناعة جبهتنا الداخلية، فبوحدتنا ويقظتنا سنظل الأقدر على حماية وطننا ومقدراتنا، والرد على كل طامع ومتربص. فهذا الوطن الأبيّ علّمنا أن القوة الحقيقية تنبع من الداخل المتماسك، وأن وحدة الأردنيين وحماية حقوقهم وإعطاءهم مساحات التعبير عن الرأي وصلابتهم هي الرد الوطني الأمثل على أي تحدٍ خارجي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store