logo
قردة "إنسان الغاب" تمتلك ذكاء لغويا اُعتقد أنه حصري على البشر

قردة "إنسان الغاب" تمتلك ذكاء لغويا اُعتقد أنه حصري على البشر

الجزيرةمنذ 2 أيام

في دراسة أجراها باحثون من جامعة وارويك البريطانية، وجدوا أن إنسان الغاب (الأورانجوتان) يُصدر أصواتًا بتعقيد متعدد الطبقات كان يُعتقد سابقًا أنه فريد من نوعه في التواصل البشري.
وإنسان الغاب هو نوع من القردة يعيش في الغابات المطيرة في إندونيسيا وماليزيا، خصوصًا في جزيرتي بورنيو وسومطرة، ويُعرف بذكائه، وطبيعته الهادئة، واعتماده الكبير على الأشجار في حياته اليومية.
الاستدعاء المتكرر
يعرف الاستدعاء المتكرر بأنه القدرة على إدراج جُمل أو عبارات داخل بعضها بعضا، مثل: "هذا هو الكلب الذي طارد القطة التي قتلت الفأر الذي أكل الجبن"، يُعتبر هذا النمط من التفكير والتعبير من سمات اللغة البشرية المعقدة.
يعني ذلك تكرار عناصر اللغة بطريقة مدمجة بحيث تُشكل فكرة أو عبارة مفهومة، وكما هو الحال في الدمى الروسية المتداخلة، فإن قوة هذا النمط من التكرار تعني أنه يمكننا دمج مجموعة محدودة من العناصر لإيصال مجموعة لا نهائية من الرسائل ذات التعقيد المتزايد.
وكان يُعتقد سابقا على نطاق واسع، أن التواصل المتداخل سمة فريدة لذكاء اللغة البشرية، مما يمنحنا تفكيرًا أكثر تعقيدًا، لكن الدراسة الجديدة، التي نشرت في دورية ، نُشر في دورية "أنيوالز أوف نيويورك أكاديمي أوف ساينس"، يروي قصة مختلفة.
طبقات الكلمات
وعند تحليل البيانات الصوتية لنداءات التنبيه الصادرة عن إناث إنسان الغاب السومطري، وجد الباحثون أن البنية الإيقاعية لأصوات إنسان الغاب كانت مدمجة ذاتيًا عبر ثلاثة مستويات.
وبحسب الدراسة، وجد الباحثون أن الأصوات الفردية التي يصدرها إنسان الغاب تأتي في مجموعات صغيرة (الطبقة الأولى)، ويمكن تجميع هذه المجموعات في نوبات أكبر (الطبقة الثانية)، ويمكن تجميع هذه النوبات في سلسلة أكبر (الطبقة الثالثة)، جميعها بإيقاع منتظم في كل مستوى.
ومثل مقطوعة موسيقية ذات أنماط متكررة، أخفى إنسان الغاب إيقاعًا داخل إيقاع آخر، ثم آخر، مكونًا بنية صوتية متطورة متعددة الطبقات، لم يكن يعتقد أن القردة العليا قادرة على ذلك.
ووجد الباحثون، أن هذا النمط لم يكن مصادفة، لأن إنسان الغاب غيّر أيضًا إيقاع نداءات الإنذار الخاصة به تبعًا لنوع المفترس الذي يواجهه في التجارب، فعندما رأى تهديدًا حقيقيًا، مثل نمر يقترب، كانت نداءاته أسرع وأكثر إلحاحًا، وعندما رأى شيئًا بدا تهديدًا، ولكنه يفتقر إلى مصداقية الخطر الحقيقي (مثل قطعة قماش منقطة بالألوان)، كانت نداءاته أبطأ وأقل انتظامًا.
وبحسب الدراسة ، تُظهر هذه القدرة على تكييف الإيقاعات الصوتية مع مختلف المخاطر، أن إنسان الغاب لا يُصدر ضجيجًا فحسب، بل يستخدم تكرارًا صوتيًا منظمًا لنقل معلومات ذات مغزى عن العالم الخارجي.
سمات ذكية
ومنذ عقود، يعرف العلماء، أن إنسان الغاب ليس فقط قادرًا على التواصل، بل يظهر أيضًا سلوكا يدل على ذكاء اجتماعي ووعي ذاتي.
وعلى سبيل المثال، يستخدم إنسان الغاب أدوات لصيد الأسماك أو لاستخراج الحشرات، ويخطط لتحركاته مسبقًا، ويظهر سلوكا يدل على فهمه للآخرين ولبيئته.
في تجارب مخبرية، أظهر إنسان الغاب قدرة على اتخاذ قرارات اقتصادية معقدة عند استخدام الأدوات للحصول على الطعام، حيث يوازن بين الجهد المبذول والمكافأة المتوقعة، مما يدل على مستوى عالٍ من التفكير التحليلي.
وإلى جانب ذلك، أظهرت الدراسات، أن إنسان الغاب يمتلك وعيًا ذاتيًا، حيث يستطيع التعرف إلى نفسه في المرآة، وهي قدرة نادرة في عالم الحيوان. كما أنه يُظهر سلوكا يدل على التفكير المجرد، مثل استخدام الأدوات بطرق غير تقليدية لتحقيق أهداف محددة.
بل وتم توثيق حالة لإنسان غاب في سومطرة استخدم نباتًا طبيًا لعلاج جرح في وجهه، مما يُعد أول دليل على استخدام حيوان بري نباتات طبية للعلاج الذاتي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف يخترق فيروس نقص المناعة البشرية الخلايا المناعية ويختطفها؟
كيف يخترق فيروس نقص المناعة البشرية الخلايا المناعية ويختطفها؟

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

كيف يخترق فيروس نقص المناعة البشرية الخلايا المناعية ويختطفها؟

كشفت دراسة جديدة عن سر خفي في دورة حياة فيروس نقص المناعة البشرية من النوع الأول، وسلطت الضوء على كيفية تعزيز الفيروس لاستمراره وتكاثره وقدرته على التهرب من جهاز المناعة. يوجد نوعان من فيروس نقص المناعة البشري، الأول والثاني. ويتشابه فيروس نقص المناعة البشرية من النوع الأول مع فيروس نقص المناعة البشرية من النوع الثاني في العديد من الجوانب، منها ترتيبهما الجيني الأساسي، وطرق انتقالهما، ومسارات تكاثرهما داخل الخلايا، وعواقبهما؛ وكلاهما يؤدي إلى الإصابة بالإيدز. ولكن النوع الثاني يتميز بانخفاض قابليته للانتقال وانخفاض احتمالية تطور المرض إلى مراحل متقدمة. وأجرى الدراسة باحثون من كلية تشارلز إي. شميدت للطب بجامعة فلوريدا أتلانتيك في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة إن بي جاي فيروسز (npj Viruses)، وكتب عنها موقع يوريك أليرت. الثغرة يمكن تلخيص الإستراتيجية الجديدة بأن فيروس نقص المناعة البشرية من النوع الأول ينصب فخا إسفنجيا يمتص به الجزيئات التي تنتجها الخلية لتنقذ نفسها منه ويحتجزها ليمنعها من أداء عملها. تتكون الفيروسات من جزيئات صغيرة تحمل مادتها الوراثية وغلافا تحيط نفسها به، ولكنها تفتقر إلى كل شيء آخر فلا يمكنها أن تتكاثر إلا باستخدام أدوات الخلايا الحية، فتستغل الفيروسات النباتات والحيوانات والبشر لتقوم بذلك. إعلان ويمكن للمادة الوراثية التي تحملها الفيروسات أن تكون على شكل أشرطة حلقية أو مستقيمة، وقد تتكون هذه الأشرطة من جزيئات الحمض النووي المنقوص الأكسجين المعروف اختصارا بـ دي إن إيه "DNA" (المادة الوراثية الأصلية التي تحمل التعليمات) أو الحمض النووي الريبي "(RNA) Ribonucleic acid" (نسخة المادة الوراثية التي يمكن أن تفهمها آلات صنع البروتينات في الخلية). فيروس نقص المناعة البشرية ينتمي فيروس نقص المناعة البشرية إلى عائلة الفيروسات القهقرية (Retrovirus). والفيروس القهقري يعمل عن طريق تحويل الحمض النووي الريبي الخاص به إلى "دي إن إيه" بمجرد وجوده في الخلية المضيفة، ثم يقوم بدمج هذا الحمض النووي في الحمض النووي للخلية المضيفة، مما يسمح للفيروس بالتكاثر. قال الدكتور ماسيمو كابوتي الباحث المشارك في الدراسة والأستاذ في قسم العلوم الطبية الحيوية بكلية شميدت للطب في جامعة فلوريدا أتلانتيك في الولايات المتحدة: "يتميز فيروس نقص المناعة البشرية من النوع الأول بخصائص فريدة، فهو يندمج في جينوم المضيف ويسيطر على آلية معالجة الحمض النووي الريبي في الخلية، مما يمنحه قدرة نادرة بين فيروسات الحمض النووي الريبي على توليد جزيئات الحمض النووي الريبي الدائري المستقر (circular RNA)". وأضاف "لقد كنا نعلم أن الحمض النووي الريبي الدائري يظهر في فيروسات الدي إن إيه مثل فيروس إبشتاين-بار و فيروس الورم الحليمي البشري ، لكن رؤية أنه يتم توليده بواسطة فيروس الحمض النووي الريبي مثل فيروس نقص المناعة البشرية هو أمر مثير للغاية". ويُمكّن الشكل الدائري الحمض النووي الريبي من العمل كالإسفنج، إذ يمتص الحمض النووي الريبي الصغير (miRNAs) ويمنعه من أداء وظائفه المعتادة التي تشمل التحكم في الجينات التي تُفعّل أو تُعطّل. وعلى الرغم من أن العلماء اكتشفوا سابقا آلافا من جزيئات الحمض النووي الريبي الدائري في الخلايا البشرية والحيوانية، فإنه لم يُعثر إلا على عدد قليل منها في الفيروسات، خاصة في فيروسات الحمض النووي الكبيرة مثل فيروسات الهربس التي تتميز بجينومات كبيرة، ويمكن أن تبقى مختبئة في الجسم لسنوات قبل أن تنشط مجددا. حدد الفريق ما لا يقل عن 15 نوعا مختلفا من الحمض النووي الريبي الدائري لفيروس نقص المناعة البشرية-1، وأكد وجودها باستخدام تقنيات جزيئية متقدمة وأدوات تسلسل. وقال كابوتي "عندما يصيب فيروس نقص المناعة البشرية الجسم، تستجيب خلايا مناعية معينة تسمى الخلايا التائية سي دي 4+ (CD4+T cells) بزيادة مستويات نوعين من الحمض النووي الريبي الصغير اللذين يُحتمل أن يساعدا في مكافحة الفيروس". عادة، توجد جزيئات صغيرة من الحمض النووي الريبي بمستويات منخفضة، لكنها تزداد عند إصابة الشخص بفيروس نقص المناعة البشرية. ويبدو أن فيروس نقص المناعة البشرية يُقاوم عن طريق إنتاج جزيئات الحمض النووي الريبي الدائرية التي تحبس هذه الجزيئات الدقيقة، فيضعف ذلك الاستجابة المناعية ويساعد الفيروس على إنتاج المزيد من نسخه. وهذا يُشير إلى أن جزيئات الحمض النووي الريبي الدائرية الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية قد تُساعد في الحفاظ على الخلايا المُصابة حية وتسمح للفيروس بالبقاء مُختبئا في الجسم مدة طويلة، وهو أحد الأسباب الرئيسة لصعوبة علاج فيروس نقص المناعة البشرية.

قردة "إنسان الغاب" تمتلك ذكاء لغويا اُعتقد أنه حصري على البشر
قردة "إنسان الغاب" تمتلك ذكاء لغويا اُعتقد أنه حصري على البشر

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

قردة "إنسان الغاب" تمتلك ذكاء لغويا اُعتقد أنه حصري على البشر

في دراسة أجراها باحثون من جامعة وارويك البريطانية، وجدوا أن إنسان الغاب (الأورانجوتان) يُصدر أصواتًا بتعقيد متعدد الطبقات كان يُعتقد سابقًا أنه فريد من نوعه في التواصل البشري. وإنسان الغاب هو نوع من القردة يعيش في الغابات المطيرة في إندونيسيا وماليزيا، خصوصًا في جزيرتي بورنيو وسومطرة، ويُعرف بذكائه، وطبيعته الهادئة، واعتماده الكبير على الأشجار في حياته اليومية. الاستدعاء المتكرر يعرف الاستدعاء المتكرر بأنه القدرة على إدراج جُمل أو عبارات داخل بعضها بعضا، مثل: "هذا هو الكلب الذي طارد القطة التي قتلت الفأر الذي أكل الجبن"، يُعتبر هذا النمط من التفكير والتعبير من سمات اللغة البشرية المعقدة. يعني ذلك تكرار عناصر اللغة بطريقة مدمجة بحيث تُشكل فكرة أو عبارة مفهومة، وكما هو الحال في الدمى الروسية المتداخلة، فإن قوة هذا النمط من التكرار تعني أنه يمكننا دمج مجموعة محدودة من العناصر لإيصال مجموعة لا نهائية من الرسائل ذات التعقيد المتزايد. وكان يُعتقد سابقا على نطاق واسع، أن التواصل المتداخل سمة فريدة لذكاء اللغة البشرية، مما يمنحنا تفكيرًا أكثر تعقيدًا، لكن الدراسة الجديدة، التي نشرت في دورية ، نُشر في دورية "أنيوالز أوف نيويورك أكاديمي أوف ساينس"، يروي قصة مختلفة. طبقات الكلمات وعند تحليل البيانات الصوتية لنداءات التنبيه الصادرة عن إناث إنسان الغاب السومطري، وجد الباحثون أن البنية الإيقاعية لأصوات إنسان الغاب كانت مدمجة ذاتيًا عبر ثلاثة مستويات. وبحسب الدراسة، وجد الباحثون أن الأصوات الفردية التي يصدرها إنسان الغاب تأتي في مجموعات صغيرة (الطبقة الأولى)، ويمكن تجميع هذه المجموعات في نوبات أكبر (الطبقة الثانية)، ويمكن تجميع هذه النوبات في سلسلة أكبر (الطبقة الثالثة)، جميعها بإيقاع منتظم في كل مستوى. ومثل مقطوعة موسيقية ذات أنماط متكررة، أخفى إنسان الغاب إيقاعًا داخل إيقاع آخر، ثم آخر، مكونًا بنية صوتية متطورة متعددة الطبقات، لم يكن يعتقد أن القردة العليا قادرة على ذلك. ووجد الباحثون، أن هذا النمط لم يكن مصادفة، لأن إنسان الغاب غيّر أيضًا إيقاع نداءات الإنذار الخاصة به تبعًا لنوع المفترس الذي يواجهه في التجارب، فعندما رأى تهديدًا حقيقيًا، مثل نمر يقترب، كانت نداءاته أسرع وأكثر إلحاحًا، وعندما رأى شيئًا بدا تهديدًا، ولكنه يفتقر إلى مصداقية الخطر الحقيقي (مثل قطعة قماش منقطة بالألوان)، كانت نداءاته أبطأ وأقل انتظامًا. وبحسب الدراسة ، تُظهر هذه القدرة على تكييف الإيقاعات الصوتية مع مختلف المخاطر، أن إنسان الغاب لا يُصدر ضجيجًا فحسب، بل يستخدم تكرارًا صوتيًا منظمًا لنقل معلومات ذات مغزى عن العالم الخارجي. سمات ذكية ومنذ عقود، يعرف العلماء، أن إنسان الغاب ليس فقط قادرًا على التواصل، بل يظهر أيضًا سلوكا يدل على ذكاء اجتماعي ووعي ذاتي. وعلى سبيل المثال، يستخدم إنسان الغاب أدوات لصيد الأسماك أو لاستخراج الحشرات، ويخطط لتحركاته مسبقًا، ويظهر سلوكا يدل على فهمه للآخرين ولبيئته. في تجارب مخبرية، أظهر إنسان الغاب قدرة على اتخاذ قرارات اقتصادية معقدة عند استخدام الأدوات للحصول على الطعام، حيث يوازن بين الجهد المبذول والمكافأة المتوقعة، مما يدل على مستوى عالٍ من التفكير التحليلي. وإلى جانب ذلك، أظهرت الدراسات، أن إنسان الغاب يمتلك وعيًا ذاتيًا، حيث يستطيع التعرف إلى نفسه في المرآة، وهي قدرة نادرة في عالم الحيوان. كما أنه يُظهر سلوكا يدل على التفكير المجرد، مثل استخدام الأدوات بطرق غير تقليدية لتحقيق أهداف محددة. بل وتم توثيق حالة لإنسان غاب في سومطرة استخدم نباتًا طبيًا لعلاج جرح في وجهه، مما يُعد أول دليل على استخدام حيوان بري نباتات طبية للعلاج الذاتي.

ذوبان الجليد يهدد التنوع البيولوجي والنظام البيئي
ذوبان الجليد يهدد التنوع البيولوجي والنظام البيئي

الجزيرة

timeمنذ 5 أيام

  • الجزيرة

ذوبان الجليد يهدد التنوع البيولوجي والنظام البيئي

تحتضن الأنهار الجليدية والنظم البيئية المتأثرة بها تنوعا بيولوجيا فريدا، لكن هذه الأنهار آخذة في التراجع مع ارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي مما يُهدد الأنواع المتخصصة ووظائف النظم البيئية واستقرارها. وتلقي دراسة جديدة نُشرت في مجلة" نيتشر" مزيدا من الضوء على كيفية دفع تراجع الأنهار الجليدية إلى تغييرات عميقة في الجليد والمياه والأرض، وكيف يهدد فقدانها صحة كوكبنا. وقام البحث بتحليل أكثر من 160 ورقة بحثية تركز على جوانب محددة من تراجع الأنهار الجليدية للكشف عن التأثير العالمي على التنوع البيولوجي ووظيفة النظام البيئي، والتي تُبين أن الآلاف من الأنواع التي تطورت للعيش في هذه النظم البيئية الفريدة مهددة جراء الذوبان السريع للأنهار الجليدية. وقالت الباحثة المتخصصة في علوم أحياء تغير المناخ والمشاركة في الدراسة شارون روبنسون "إن الأنهار الجليدية تحتوي على جليد يمكن أن يصل عمره إلى آلاف السنين، مما يوفر صورة حيوية لكيفية تطور تاريخ وصحة الأرض بمرور الوقت". وأضافت أن الأنهار الجليدية من أهم الأدوات التي نمتلكها لفهم صحة كوكبنا، لا سيما في ظل ارتفاع درجة حرارة المناخ. وتحتضن الأنهار الجليدية والنظم البيئية المتأثرة بها تنوعا بيولوجيا فريدا، إلا أن الأنهار الجليدية تتراجع مع ارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي، مما يهدد الأنواع المتخصصة ووظائف النظم البيئية واستقرارها. وحسب الدراسة، أحدث تراجع الأنهار الجليدية تغييرات في التنوع البيولوجي ووظائف النظم البيئية في عدد لا يُحصى من السوائل المختلفة، بدءًا من أسطح الأنهار الجليدية ووصولا إلى النظم البيئية الأرضية والبحرية المكشوفة حديثًا. وتحتوي النظم البيئية الجليدية في جميع أنحاء العالم على آلاف الكائنات الحية الدقيقة، والنباتات، واللافقاريات والفقاريات. ونتيجة لارتفاع درجة حرارة المناخ، تتراجع الأنهار الجليدية بمعدل أسرع من أي وقت مضى في التاريخ، ومن المتوقع أن تفقد ثلث كتلتها على مستوى العالم بحلول عام 2050. حاضنة بيئية وحسب الدراسة، يؤثر فقدان الأنهار الجليدية على وظائف بيئية متعددة تُسهم في تنظيم المناخ، وموارد المياه العذبة، ودورة الكربون والمغذيات، وتنمية التربة، والإنتاجية الأولية، واستقرار الشبكة الغذائية. وتتشكل الأنهار الجليدية على اليابسة، وعندما تذوب ببطء، تتدفق مياهها الجارية إلى الأنهار والجداول. وعندما تذوب بسرعة، يجهد الجريان المائي الهائل النظم البيئية المحلية، ويُقلل من الأمن المائي للإنسان والنباتات والحيوانات، ويُسهم في ارتفاع منسوب مياه البحار. كما يمكن أن يؤدي تراجع الأنهار الجليدية إلى تغيير تيارات المحيطات، وقد ارتبط بأنماط الطقس العالمية المدمرة وانهيار مصائد الأسماك في جميع أنحاء العالم. وأشارت شارون روبنسون إلى أن اختفاء الأنهار الجليدية يؤدى إلى سلسلة من التأثيرات على الأنواع والمغذيات التي تتخذ من هذه النظم البيئية الحيوية موطنا لها، فالتغيير في النظام البيئي يؤدي في النهاية إلى فقدان التنوع البيولوجي. وأضافت أن "النظام البيئي الفريد الذي يميز الأنهار الجليدية، والتركيبة المعقدة من التنوع البيولوجي والكائنات الحية الدقيقة التي تزدهر في هذا المكان، يتراجع بمرور الوقت، حيث تتولى الأنواع العامة، الأنواع التي يمكن أن تزدهر في العديد من الأماكن المختلفة، ولكنها ليست فريدة من نوعها في تلك البيئة زمام الأمور". وبما أن 3 أرباع المياه العذبة على الأرض مخزنة في الأنهار الجليدية، فإن التراجع السريع سيؤدي إلى اختفاء أو اضطراب كبير في العديد من النظم البيئية والأنواع المائية. ويشمل ذلك إمدادات الغذاء، ومناطق البحث عن الطعام، وأماكن التزاوج، وقد يؤدي إلى انقراضات محلية. كما أن مستقبل الثدييات التي تستخدم الأنهار الجليدية كملاجئ أو أماكن للتعشيش غير واضح، فقد تتآكل الوظائف المميزة للأنهار الجليدية، مما يؤدي إلى آثار طويلة الأمد على النظام البيئي الحساس للكوكب. وتسلط الدراسة الضوء على أهمية فهم أفضل لتطور النظم البيئية والتفاعل المعقد بين الأنواع بعد تراجع الأنهار الجليدية، وهو ما من شأنه أن يساعد في التنبؤ بالعواقب على التنوع البيولوجي وتطوير إستراتيجيات الحفاظ الدقيقة والتي يمكن أن تخفف من التغيرات المدمرة التي تحدث في المشهد الجليدي. وأعلنت الأمم المتحدة عام 2025 باعتباره السنة الدولية للحفاظ على الأنهار الجليدية، وهي فرصة لرفع مستوى الوعي العالمي بالدور الحاسم الذي تلعبه الأنهار الجليدية في النظام المناخي والدورة الهيدرولوجية، والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذه التغيرات الوشيكة، وفق المنظمة. وكانت دراسات سابقة قد حذرت من أنه في سيناريو حدوث انبعاثات منخفضة من المتوقع أن تفقد الأنهار الجليدية نحو 25% إلى 29% من كتلتها بحلول عام 2100، أما في حال استمرار الانبعاثات العالية، فقد ترتفع هذه النسبة إلى 46% أو إلى 54%.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store