
اسماعيل الشريف : ملاك
لم تأتِ أمريكا لتحريرنا، بل استبدلت ظلامًا بظلام آخر، ودمّرت ما تبقّى من كرامة لنا- ملالا جويا، كاتبة أفغانية.
حين شنّت الولايات المتحدة حربها على أفغانستان عام 2001، رفعت شعار «إنقاذ المرأة الأفغانية» كأحد مبررات الغزو الرئيسية لكسب التأييد الشعبي. انتشرت حينها صور نمطية محفورة في الذاكرة: نساء منقّبات محرومات من أبسط الحقوق، يعشن تحت وطأة نظام طالبان القمعي، في حاجة ماسة لـ»منقذ» من وراء البحار.
غير أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، كما أكدت شهادات المنظمات النسائية الدولية. لم تطلب النساء الأفغانيات تدخلاً عسكريًا، بل كانت احتياجاتهن أساسية واضحة: الأمان، لقمة عيش تُطعم أطفالهن، خدمات صحية أولية، ومأوى آمن. احتياجات إنسانية بسيطة سُلبت منهن باسم «التحرير» المزعوم.
تتبع الدولة المارقة النهج الأمريكي ذاته؛ فحين شنّت عدوانها على إيران، ادعت الدفاع عن النساء المضطهدات، وأعادت اللحن نفسه بشأن سوريا. ويسارع الإعلام الغربي المتحيز -بمؤازرة منظمات نسوية انتهازية- إلى نشر تقارير مُضللة عن «معاناة النساء» في غزة قبل طوفان الأقصى، ليخرج علينا قادة الكيان الصهيوني بتصريحات صادمة، زاعمين أن الإبادة الجارية في غزة تستهدف... «تحرير المرأة».
لكن تأتي قصة ملاك لتفضح زيف هذه الادعاءات وتعرّي حقيقتها المؤلمة.
في العشرين من عمرها، حملت ملاك مصلح حلمًا يزن أوطانًا: أن تقف في حلبات الملاكمة العالمية، حاملةً اسم فلسطين عاليًا. تمرّنت بجسدٍ نحيلٍ وإرادةٍ من حديد، وخاضت عشرات المعارك المحلية، لكنها لم تكن تعلم أن معركتها الحقيقية ستكون ضد صاروخٍ مُصنَّع في الغرب ثمنه مليون دولار، أُطلق عليها وهي جالسةً في مقهًى على شاطئ غزة، ليفتك بفتاةٍ لم يكفِها عمرٌ من التدريب لتفادي ضربة الموت.
في لقطاتٍ على اليوتيوب، تظهر ملاك وهي تتدرّب مع رفيقاتها على الشاطئ ذاته. قفازات بالية، أكياس ملاكمة مُرتجلة، وأجسادٌ تتحدّى الجوع والقصف والتهجير. خلفهنّ، مشهدٌ يُلخّص غزة: أنقاضٌ تعلوها سماءٌ مفتوحة على جراح العالم. لم يكن تدريبهنّ رياضةً عادية، بل كان رقصًا على حافة الموت، ورفعًا لقبضة الحياة في وجه آلة الإبادة.
مشهدهن وهن يتدربن بأبسط الإمكانيات، يحملن أكياس الملاكمة لبعضهن البعض، يفوق في صدقه وقوة تأثيره كل ما تنتجه صناعة السينما الهوليوودية من أعمال درامية وبطولات مصطنعة. فما تجسده هؤلاء الفتيات من إرادة صلبة وكرامة إنسانية يتجاوز بمراحل كل قصص البطولة الخيالية المُنتجة في استوديوهات الأفلام.
قبل أن تتحوّل غزة إلى ساحة إبادة، كانت ملاك ورفيقاتها الأربعين يتدربن في نادي «المشتل»، أول صالة ملاكمة نسوية فلسطينية. جدرانٌ بسيطةٌ تزينها صور أبطال عالميين، وحلبةٌ صغيرةٌ كانت تُنبِت أحلامًا أكبر من مساحتها. حتى جاء الاحتلال فدمّرها، كما يدمّر كلّ ما يرمز للحياة هنا. لكنّ الأكياس المُعلّقة على أشلاء الجدران لم تسقط، بل نُقلت إلى الشاطئ، حيث تواصل الفتيات تدريبهنّ تحت القصف، وكأنهنّ يقلن للعالم: «حتى لو حوّلتمونا رمادًا، سنظلّ جذورًا تنبت من جديد».
لكن آلة الحرب الصهيونية فشلت في كسر عزيمة هؤلاء الشابات حتى بعد تدمير ناديهن الرياضي؛ فواصلن تدريباتهن على شاطئ البحر المفتوح، فوق الرمال الناعمة، تحت أشعة شمس حارقة تلفح وجوههن، يسرقن لحظات من الأمل والفرح وسط محيط من الأهوال والمآسي التي لا تنتهي. وحتى بعد استشهاد بطلتهن ملاك، لا تزال رفيقاتها يتدربن في المكان ذاته على الشاطئ، ويواصلن تحديهن الشجاع في وجه آلة الحرب الصهيوأمريكية المدمرة.
تُلقّننا المسيرة القصيرة والمشرقة للبطلة الراحلة ملاك دروسًا إنسانية عميقة؛ أولها أن نساء العالم الإسلامي يعشن حياة كريمة وحرة، خلافًا لما تروج له الآلة الإعلامية الغربية المضللة. كما فضحت بهدوءٍ صمتَ المنظمات «النسوية» التي تهلّل لو قُتلت فتاةٌ غربيةٌ في حادثٍ تافه. وتعلمنا أيضًا أنه رغم الفقر المدقع، والحرمان القاسي، والجوع المستمر، لا يزال في غزة شعب عاشق للحياة، يحمل في قلبه آمالًا وتطلعات وأحلامًا مشروعة... تمامًا مثل كل شعوب الأرض الحرة.
برحيل ملاك المبكر، لم تُدفن أحلام فتاة واعدة فحسب، بل وُجّهت ضربة قاصمة لكل القيم الإنسانية النبيلة التي يتشدق بها هذا العالم المنافق. رحلت ملاك إلى بارئها، وبقي صمت المنظمات الدولية المخزي، وتواطؤ المجتمع الدولي الفاضح، وعار المتفرجين الذين اكتفوا بدور المشاهد السلبي.
اليوم، بينما تُختزل فلسطين في أرقام الضحايا، تذكّرنا ملاك بأن تحت كلّ رقمٍ قصة حبٍ للحياة، وحلمٌ لم يُقتل لأنه صار وقودًا لأحلامٍ أخرى. ففي كلّ صباح، تعود رفيقاتها إلى الشاطئ، يلكمن الهواءَ كما يلكمن وجعَ العالم، ويُجدّدن القسم: أن تُروى أرض غزة إما بدموع الناجيات، أو بدماء الشهيدات.
أما ذلك الصاروخ المليوني؟ فلم يُدرك أنه بقتلها، حوّل قبضتها الصغيرة إلى أسطورةٍ تُربك حساباته: كيف لسلاحٍ فائق التطور أن يهزمه إصرارُ فتاةٍ لم يَكتمل حلمها بعد؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Amman Xchange
منذ 2 ساعات
- Amman Xchange
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان إلى اتفاق تجاري
إدنبره: «الشرق الأوسط» توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري بعد أسابيع من محادثات تجارية مكثفة بين الجانبين في محاولة لتجنب حرب تجارية عبر الأطلسي. وبموجب الاتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «أكبر اتفاق على الإطلاق»، سيتم فرض رسوم بنسبة 15 في المائة على سلع الاتحاد الأوروبي الداخلة إلى الولايات المتحدة، ومنها السيارات ومشتريات أوروبية كبيرة من الطاقة والمعدات العسكرية الأميركية. وتُمثّل هذه الصفقة مكافأةً كبيرةً قبل الموعد النهائي لفرض الرسوم، الذي حدده ترمب في الأول من أغسطس (آب)، نظراً لكون الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض بفارقٍ كبيرٍ، ويمثّلان ثلث التجارة العالمية. في عام 2024، وصلت تجارة السلع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ما يقرب من تريليون دولار، مما يجعل الاتحاد الأوروبي؛ الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة. وقال ترمب بعد محادثاته مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تيرنبيري باسكتلندا، إن الاتحاد الأوروبي وافق على شراء طاقة أميركية بقيمة 750 مليار دولار، وانه سيشتري كميات هائلة من المعدات العسكرية من الولايات المتحدة. وتابع قائلا: «الاتحاد الأوروبي وافق على استثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة». فيما قالت فون دير لاين، إنه تم الاتفاق على فرض رسوم جمركية بنسبة 15في المائة في جميع المجالات، موضحة أن الاتفاق سيجلب الاستقرار. وكان ترمب هدّد في في 12 يوليو (تموز) بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الموعد النهائي الذي ينتهي يوم الجمعة. وستُضاف هذه الرسوم إلى الرسوم الجمركية البالغة 25 في المائة على السيارات وقطع غيارها، و50 في المائة على الصلب والألمنيوم، المفروضة بالفعل. وفي حديثه إلى الصحافيين خلال لقائه فون دير لاين قبل اجتماعهما المغلق، طالب ترمب بتجارة أكثر عدلاً مع الاتحاد الأوروبي، ومهدداً بفرض رسوم جمركية باهظة لتحقيق ذلك، مع إصراره على ألا تقل ضرائب الاستيراد الأميركية عن 15 في المائة. فيما دعت فون دير لاين، إلى إعادة التوازن في التجارة الثنائية التي تُقدر بمليارات الدولارات بين الشريكين الحيويين. وفي حديثها للصحافيين، وضعت هي وترمب فرص التوصل إلى اتفاق بنسبة 50 - 50 مع اقتراب الموعد النهائي للبيت الأبيض يوم الجمعة. قال ترمب: «هذا الاتفاق أكبر من أي اتفاق آخر». وأشار إلى إمكانية إبرام اتفاق في وقت قصير. ووصف فون دير لاين بأنها «تحظى باحترام كبير»، وكان لقاؤه بها في ملعب تيرنبيري للغولف، حيث كان يلعب في الصباح، شرفاً كبيراً. قال الرئيس الجمهوري إن «نقطة الخلاف الرئيسية» كانت «العدالة». وألمح ترمب إلى أن أي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يجب أن «يخفض» معدل الرسوم الجمركية المقرر حالياً والبالغ 30 في المائة. وخلال تصريحاته أمام وسائل الإعلام، يوم الأحد، أشار إلى اتفاق أميركي حديث مع اليابان حدد معدلات الرسوم الجمركية على العديد من السلع بنسبة 15 في المائة، واقترح أن يوافق الاتحاد الأوروبي على اتفاق مماثل. وعندما سُئل عما إذا كان مستعداً لقبول معدلات رسوم جمركية أقل من ذلك، أجاب «لا». وقبل اجتماع ترمب وفون دير لاين، عقد مفاوضو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي محادثات نهائية بشأن الرسوم الجمركية التي تواجه قطاعات حيوية مثل السيارات والصلب والألمنيوم والأدوية. وسافر الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، إلى أسكوتلندا يوم السبت، ووصل مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش صباح الأحد. وصرّح لوتنيك لبرنامج «فوكس نيوز صنداي» بأنّ الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى فتح أسواقه أمام المزيد من الصادرات الأميركية لإقناع ترمب بخفض الرسوم الجمركية المُهدّد بها، والمُقرر تطبيقها في الأول من أغسطس. في وقت سابق من هذا الشهر، بدا أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قريبان من التوصل إلى اتفاق، لكن ترمب هدّد بدلاً من ذلك بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة. تغير الموعد النهائي لإدارة ترمب لبدء فرض الرسوم الجمركية في الأسابيع الأخيرة، لكنه الآن ثابت، كما تُصرّ الإدارة. «لا تمديدات، لا فترات سماح. في الأول من أغسطس، تُحدَّد الرسوم الجمركية، وستُطبَّق، وستبدأ الجمارك في تحصيل الأموال، وننطلق»، هذا ما صرّح به لوتنيك لبرنامج يوم الأحد. وأضاف، مع ذلك، أنه حتى بعد ذلك «لا يزال بإمكان الناس التحدث مع الرئيس ترمب. أعني، إنه دائماً على استعداد للاستماع». ومن المتوقع أن يلتقي ترمب، اليوم الاثنين، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، حيث سيحاول الأخير الضغط على الرئيس الأميركي لتسريع التوصل إلى اتفاق نهائي لخفض الرسوم الجمركية على الصلب البريطاني. وقال ترمب إنه سيلتقي ستارمر لـ«تحسين صفقة التجارة التي توصلنا إليها». وقد أدت اتفاقية التجارة التي كشف عنها ترمب في الثامن من مايو (أيار) إلى خفض التعريفات الجمركية على شركات صناعة السيارات البريطانية وشركات تصنيع الطائرات، لكن منتجي الصلب اضطروا إلى الانتظار لفترة أطول بسبب المخاوف الأميركية بشأن سلاسل التوريد البريطانية.


جفرا نيوز
منذ 6 ساعات
- جفرا نيوز
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتوصلان لاتفاق رسوم 15% على سلع التكتل
جفرا نيوز - أبرمت الولايات المتحدة اتفاق إطار تجاريا مع الاتحاد الأوروبي الأحد، تفرض بموجبه رسوما جمركية 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، ليتجنبا حربا بين حليفين يمثلان ما يقرب من ثلث التجارة العالمية. وجاء هذا الإعلان بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منتجع الجولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعيا لإتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس. وقال ترامب للصحفيين بعد اجتماعٍ استمر ساعة مع فون دير لاين "أعتقد أن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق". وردت فون دير لاين بالقول إن الرسوم الجمركية البالغة 15% تطبق "على جميع القطاعات". وأضافت "لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية. إنه اتفاق ضخم. سيحقق الاستقرار". يشمل الاتفاق أيضا استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراءه طاقة وعتادا عسكريا بمبالغ كبيرة. ومع ذلك، سينظر الكثيرون في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15% على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل لاتفاق لإلغاء الرسوم، رغم من أنها أفضل من 30% التي هدد بها ترامب. وتشبه هذه الاتفاقية في جانب منها الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه الولايات المتحدة مع اليابان الأسبوع الماضي. وقال ترامب "اتفقنا على أن الرسوم الجمركية... على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوما مباشرة 15%". ومع ذلك، لن تطبق نسبة 15% الأساسية على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50% سارية عليهما. وفي إطار سعيه لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي وتقليص العجز التجاري الأميركي المستمر منذ عقود، تمكن ترامب حتى الآن من إبرام اتفاقيات مع بريطانيا واليابان وإندونيسيا وفيتنام، رغم أن إدارته لم تف بوعدها بإبرام "90 صفقة خلال 90 يوما". ودأب على انتقاد الاتحاد الأوروبي، قائلا إنه "تأسس لخداع الولايات المتحدة" في التجارة. ولدى وصوله إلى اسكتلندا، قال ترامب إن الاتحاد الأوروبي "يريد بشدة إبرام صفقة"، وأضاف، في أثناء لقائه بفون دير لاين، أن أوروبا "ظلمت الولايات المتحدة ظلما شديدا". ويمثل العجز التجاري الأميركي في السلع مع الاتحاد الأوروبي مصدر قلقه الرئيسي، إذ تشير بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أنه سجل 235 مليار دولار في 2024. ويشير الاتحاد الأوروبي إلى فائض في الخدمات لصالح الولايات المتحدة، والذي يقول إنه يحقق التوازن جزئيا. وتحدث ترامب اليوم عن "مئات المليارات من الدولارات" التي ستجلبها الرسوم الجمركية. وفي 12 تموز، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية 30% على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول آب، بعد مفاوضات لأسابيع مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد رسوما جمركية مضادة على 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) من السلع الأميركية في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وفي حال مضى ترامب قدما في فرض رسوم 30%. وضغط بعض الدول الأعضاء الاتحاد الأوروبي إلى استخدام أقوى سلاح تجاري لديه، وهو أداة مكافحة الإكراه، لاستهداف الخدمات الأميركية في حال عدم التوصل إلى اتفاق.


رؤيا
منذ 8 ساعات
- رؤيا
اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة واسكتلندا وترمب يصفه بـ"أعظم اتفاق"
ترمب: توصلنا أعظم اتفاق تجاري على الإطلاق توصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، إلى اتفاق تجاري جديد خلال اجتماع سريع جرى الأحد في منتجع "تورنبري" الفخم الذي يملكه ترمب على الساحل الغربي لاسكتلندا. وأعلن ترمب بحماسة: "توصلنا إلى اتفاق"، واصفاً إياه بـ"أعظم اتفاق تجاري على الإطلاق"، معتبراً أنه يمثّل "وعداً بالوحدة والصداقة". من جانبها، وصفت فون دير لايين الاتفاق بـ"الجيد"، مشيرة إلى أنه "يحقق الاستقرار"، فيما تبادل الوفدان الأمريكي والأوروبي التصفيق أثناء مصافحة المسؤولين. بنود الاتفاق: رسوم وشراء واستثمارات وبحسب ما كشفت عنه مذكرة الاتفاق، فإن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية، مقابل التزام الاتحاد الأوروبي بشراء منتجات طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار، واستثمار 600 مليار دولار إضافية داخل الولايات المتحدة. وكان ترمب، المعروف بسياساته الحمائية، قد لوّح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على المنتجات الأوروبية بحلول الأول من آب/أغسطس في حال فشل المفاوضات. قبل بدء الاجتماع، أثنت فون دير لايين على مهارات ترمب التفاوضية، واصفة إياه بـ"المفاوض البارع"، مشددة على أهمية "إعادة التوازن" في العلاقات التجارية عبر الأطلسي. ورغم الإعلان الرسمي، ما تزال تفاصيل الاتفاق غير مكتملة وتنتظر مصادقة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حيث أُطلع سفراؤها على آخر مستجدات المفاوضات. ردود أوروبية: ترحيب وتحفظ في أول رد فعل أوروبي، رحّب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، قائلاً: "الاتفاق جنّب تصعيداً تجارياً غير ضروري عبر الأطلسي، رغم أنني كنت آمل أن أرى المزيد من التسهيلات". ويرى مراقبون أن اتفاق تورنبري يمثل بداية عصر جديد من الحمائية الأمريكية، خاصة وأن متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الأوروبية كان سابقاً بحدود 4.8% فقط، بينما ارتفع فعلياً إلى 15% بعد فرض إدارة ترمب ضريبة إضافية بنسبة 10%. خلفية سياسية وضغوط أوروبية الاتحاد الأوروبي كان مستعداً للرد بقوة في حال فشل المفاوضات، حيث هدد بفرض ضرائب انتقامية على منتجات وخدمات أمريكية، كما لوّحت المفوضية الأوروبية – بتأثير من دول مثل فرنسا – بإنهاء وصول الشركات الأمريكية إلى المناقصات العامة الأوروبية، ومنع بعض الاستثمارات. وكانت هذه الإجراءات تُشكّل ما وصفه المسؤولون الأوروبيون بـ"الأداة المضادة للإكراه"، التي كادت أن تدفع أوروبا وأمريكا إلى أزمة دبلوماسية واقتصادية غير مسبوقة. ورغم إعلان ترمب أنه في موقع قوة، تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين يشككون في استراتيجيته الجمركية وفي طريقته في إدارة الملفات التجارية. ترمب يبحث عن إنجاز في ظل قضايا معلقة يحاول ترمب، الذي يواجه انتقادات داخلية وفضائح سياسية، أن يصرف الأنظار عن القضايا المثيرة للجدل، ومنها علاقته برجل الأعمال الراحل جيفري إبستين، الذي عُثر عليه مشنوقاً قبل محاكمته بجرائم جنسية. ورداً على سؤال أحد الصحفيين حول هذه القضية خلال المؤتمر الصحفي، قال ترمب مستنكراً: "إنها مزحة، أليس كذلك؟ لا علاقة لها بالموضوع. أنت الوحيد الذي تظن ذلك في يوم جيد للاقتصادين الأوروبي والأمريكي". وكان ترمب قد وقّع أيضاً خلال الأيام الأخيرة اتفاقات تجارية مع اليابان، وفيتنام، والفلبين، وإندونيسيا، في محاولة لتعزيز الاقتصاد الأمريكي مع اقتراب الانتخابات. وفي سياق متصل، من المتوقع أن يلتقي المفاوضون الأمريكيون مع نظرائهم الصينيين يوم الاثنين في ستوكهولم، في محاولة جديدة لتجنب استئناف التصعيد التجاري بين واشنطن وبكين.