logo
الأردن ومواجهة العطش.. دعوات لبناء مستقبل مائي آمن

الأردن ومواجهة العطش.. دعوات لبناء مستقبل مائي آمن

الغدمنذ يوم واحد

إيمان الفارس
اضافة اعلان
عمان- في وقت تلقي فيه أزمة المياه بظلال ثقيلة على الأردن، أكد خبراء بقطاع المياه، أن المملكة تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، حيث لا مجال لتأجيل اتخاذ قرارات جذرية ولا بد من تعبئة وطنية شاملة لبناء مستقبل مائي آمن.الندرة المزمنة للمياه، وتغير المناخ، وزيادة الضغط السكاني، عوامل فرضت على الأردن اعتماد نهج جديد يعتمد على الشراكة والتخطيط الجماعي، لا على الإجراءات الفردية أو السياسات القطاعية المجتزأة.وفي مواجهة أزمة مائية مركبة، بات من الواضح أن الأردن لا يستطيع أن يعوّل على الحكومة فقط؛ فمستقبل المياه بالمملكة مرهون بمدى قدرة الجميع من حكومة ومواطنين، وقطاع خاص، ومجتمع مدني، على التعاون المشترك والتخطيط القائم على الأدلة.قضية أمن وطنيففي بلد يعدّ من أكثر الدول فقرًا بالمياه على مستوى العالم، لم تعد أزمة المياه في الأردن مجرد تحدٍ بيئي أو تقني، بل تحولت لقضية أمن وطني وتنموي تتطلب استجابة جماعية على مستوى الدولة والمجتمع.وفي ظل تفاقم الضغوط الناتجة عن تغير المناخ والنمو السكاني والهجرات القسرية، بات من الواضح أن الحلول التقليدية لم تعد كافية، وأن الطريق لمستقبل مائي آمن لا يمكن أن يُرسم إلا عبر حشد كل الجهود والطاقات الوطنية.ومن هذا المنطلق، أشار مختصون، في تصريحات لـ'الغد'، إلى أن المرحلة الحالية تستدعي تبني نهج تشاركي شامل، يُعلي من دور المواطن، ويعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويعزز التعاون الإقليمي والدولي، ويُرسّخ مبدأ التكامل بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة.فما الخطوات التي اتخذها الأردن؟ وكيف يمكن تحويل التحدي إلى فرصة؟ وأين يقف المواطن والمجتمع المدني من هذه المعادلة؟وخلص الخبراء على عدد من المرتكزات الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الإدارة المستقبلية للمياه في الأردن؛ ومنها الشراكة الشاملة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الترشيد والحفاظ على المياه، وتمكين المجتمعات المحلية في صناعة القرار.كما أوصوا بضرورة تشجيع الحلول التكنولوجية وتوسيع آفاق البحث والابتكار، وتفعيل الدبلوماسية المائية إقليميا لتحويل الخلاف إلى فرص تعاون، واعتماد الشفافية والمساءلة كأدوات حاكمة في إدارة القطاع.قدرة مؤسسية لمواجهة تحديات المياهمن جهته، أكد المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه (INWRDAM) د.مروان الرقاد، أن الأردن يعمل على بناء قدرة مؤسسية جماعية لمواجهة تحديات المياه.وقال الرقاد 'أطلقنا في السنوات الماضية حوارات وطنية واسعة، كالحوار الوطني للحصاد المائي، بهدف بناء فهم مشترك حول التحديات المائية، وإيجاد حلول قائمة على الأدلة وبمشاركة فعلية من المجتمع'.وأشار الى أن الإستراتيجية الوطنية للمياه للأعوام 2023 – 2040، تمثل تحولا نوعيا، إذ تركز على الإدارة المتكاملة للموارد، وتعزز التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، بمساندة الشركاء الدوليين.ومن أبرز مشاريعها؛ الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر، الذي يُنفذ بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (BOT)، ما يعكس التوجه الجاد نحو الحلول طويلة المدى.وأضاف، إن قطاع المياه الأردني يسعى بشكل منهجي لحشد جهود أصحاب المصلحة المتعددين من أجل تعزيز القدرة على الصمود المائي في المستقبل، مدركًا أن التحديات المائية التي تواجه المملكة لا يمكن تجاوزها عبر تدخلات أحادية الجانب.وتابع 'أُطلقت خلال السنوات الأخيرة سلسلة من الحوارات الوطنية، من أبرزها الحوار الوطني للحصاد المائي، والذي شمل فئات واسعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك ممثلو المجتمع المحلي، والقطاعين العام والخاص، والنساء والشباب، بهدف بناء فهم مشترك للتحديات وتطوير حلول عملية قائمة على الأدلة والمشاركة'.وبين أن تبني الأردن لنهج ترابط المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية (WEFE Nexus)، يعد دليلًا على تطور النظرة المؤسسية نحو إدارة متكاملة للموارد، تعترف بالترابط بين القطاعات وتؤمن بأن التنمية لا تتحقق إلا من خلال العمل التشاركي.ورأى أن هذا الالتزام، تم تتويجه بقرار الحكومة بإنشاء وحدة وطنية لترابط القطاعات الأربعة داخل وزارة التخطيط والتعاون الدولي، مما يعكس إرادة سياسية واضحة لتبني منهج شمولي يحقق أهداف الأمن المائي والطاقي والغذائي، مع المحافظة على النظم البيئية.كما أن الأردن، بحكم موقعه كدولة مصب تعتمد على مصادر مائية عابرة للحدود، يدرك أن دبلوماسية المياه ليست خيارا بل ضرورة وجودية، وفق الرقاد الذي لفت لأنه من هذا المنطلق، يشارك بفعالية في مبادرة 'السلام الأزرق في الشرق الأوسط' (BPME) التي تنسقها الشبكة.وتعد هذه المبادرة منصة إقليمية للحوار وبناء الثقة بين الدول المتشاطئة، وتعمل على تحويل المياه من مصدر للنزاع إلى أداة للتعاون والازدهار المشترك، عبر مشاريع عملية قائمة على مبادئ الترابط والشراكة.وتكاملا مع دعوة سمو الأمير الحسن بن طلال لتأسيس مجلس اقتصادي واجتماعي إقليمي يُعنى بالتنمية المستدامة في المنطقة العربية، أطلقت INWRDAM 'مجتمع ممارسة ترابط المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية' كمنصة إقليمية متعددة الأطراف تعزز تبادل المعرفة والخبرات وتوسيع دائرة التعاون.وبات هذا المجتمع مساحة فكرية وعملية تعكس رؤية الأمير الحسن في تعزيز الشراكات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف 17، عبر دمج البحث العلمي والسياسات والمجتمعات في منظومة متكاملة نحو مستقبل أكثر صمودًا وعدالة.أهمية إشراك المواطن في الحلمن جهتها، سلطت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه م. ميسون الزعبي، الضوء على أهمية إشراك المواطن في الحل، مشيرة لأنه 'إدارة المياه لن تنجح دون مشاركة المجتمع المحلي.. وعي المواطن وسلوكه هو حجر الأساس.. والمشكلة أن الكثير من الأردنيين لا يدركون حتى الآن مدى خطورة الوضع'.وحمّلت الزعبي جزءًا من المسؤولية للجهات المعنية بعدم تطوير حملات كافية لتغيير السلوكيات، مؤكدة ضرورة تعزيز دور التعليم والإعلام والدين جميعا، باعتبارها أدوات أساسية لخلق ثقافة جديدة في التعامل مع المياه.كما أشارت لنموذج عملي ناجح هو منتدى مياه المناطق المرتفعة، الذي أسسته بهدف الحد من الضخ الجائر للمياه الجوفية، مشددة على أن مثل هذه المنصات يمكن أن تعزز من قدرة المجتمعات المحلية على المشاركة الحقيقية في صنع القرار.وتعليقا على ضرورة التعاون عبر الحدود، حذّرت الزعبي من ضعف التنسيق الإقليمي، قائلة إن بعض المؤسسات الإقليمية 'لا تملك صفة الإلزام'، ما يحوّل تقاريرها إلى 'كلام على ورق'.لكنها رأت في مبادرة 'السلام الأزرق في الشرق الأوسط'، نموذجا واعدا للتعاون الفعلي، حيث توفر المبادرة منصة لبناء الثقة والتفاهم بين الدول المتشاطئة وتحويل المياه من عامل صراع إلى جسر للتعاون والتنمية.ولفتت لأن التنسيق بادارة قطاع المياه مع جميع أصحاب المصلحة، ما يزال ضعيفا، مشددة على دور التنسيق والتخطيط المشترك بين صناع القرار الرئيسيين بما في ذلك الهيئات التنظيمية والمستثمرين والمستخدمين، لتحقيق تطوير البنية التحتية وتخصيص المياه بكفاءة واستدامة، والأهم من ذلك، التخطيط القائم على الأدلة والبراهين.وتابعت، 'وما يزال رفع مستوى الوعي العام بأزمة المياه المتزايدة وإشراك المواطنين في الحفاظ على المياه يشكل تحديًا كبيرًا للحكومة'، موضحة أنه بسبب كون ندرة المياه جزءا من الحياة لعقود من الزمن، فإن العديد من الأردنيين لا يدركون حجم المشكلة أو خطورتها.'ولهذا السبب يعد التعليم مهمًا - ليس فقط تثقيفهم حول طرق الحفاظ على المياه والحفاظ عليها، ولكن أيضًا شرح سبب أهميتها'، بحسبها.وأطلقت الحكومة، فضلاً عن العديد من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة، مبادرات في هذا الاتجاه، بما في ذلك الحملات الإعلامية والكتب المدرسية التي تناقش أزمة المياه والحاجة إلى تغيير السلوك على المستوى المحلي، وتدريب الزعماء الدينيين وزيادة مشاركتهم.وأشارت لأن مفتاح نجاح الإدارة المتكاملة للموارد المائية، يكمن في تمكين المجتمع وتعزيز الحوكمة على جميع المستويات، داعية وزارة المياه والري لاعتماد نهج شامل يعزز مشاركة جميع الجهات المعنية ويعزز المسؤولية المشتركة لتحقيق الأهداف.وأكدت ضرورة أن تركز على التعاون والتآزر مع المشاريع والبرامج القائمة لتعظيم الأثر، وتبادل المعرفة، والبناء على الإنجازات السابقة، وتجنب تكرار الجهود.القطاع الخاص شريك أساسيمن ناحيته، شدد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري م. إياد الدحيات، على أن الرؤية الاقتصادية الحديثة في الأردن، ترتكز على توفير المياه كشرط أساسي للنمو، مؤكدًا أن التشاور مع القطاعات المنتفعة، الزراعة، الصناعة، السياحة، هو ضرورة لتحديد أولويات التزويد والاستثمار'.وقال الدحيات 'القطاع الخاص شريك أساسي، ليس فقط في تمويل المشاريع، بل في تطوير الابتكار، وتقييم التكلفة، وتحسين الأداء الخدمي'، مضيفا أن إشراك المزارعين والصناعيين وشركات التكنولوجيا من البداية يضمن نجاح المشاريع، ويعزز العدالة في التوزيع والكفاءة في الاستخدام.وشدد على أهمية إشراك اصحاب المصلحة من مزارعين وصناعيين وشركات مياه بتحديد القيمة الاقتصادية المضافة لتوفير وتزويد المياه، بما فيها الكلفة والسعر العادل الواجب اعتماده ومؤشرات أداء الخدمة المطلوب تقديمها.وبين أن كل ذلك سيساهم على تحديد المشاريع الواجب تنفيذها خلال الفترة المتوسطة لطويلة المدى سواء أكانت مشاريع تزويد أو إدارة طلب على المياه، ويتبع ذلك تحديد الأدوات التمويلية المناسبة لتمويل هذه المشاريع التي من الممكن أن تكون من المساعدات الخارجية من منح أو قروض تنموية ميسرة والتي يتم تأمينها بالعمل مع الشركاء وأصحاب المصلحة غير المباشرين من مؤسسات تمويلية وبنوك تنمية عالمية، أو عبر طرح المشاريع كفرص استثمارية لتمويل القطاع الخاص على مبدأ الشراكة وتبادل المخاطر بين القطاعين العام والخاص، وفق الدحيات.وبهدف إيجاد حلول تكنولوجية مبتكرة تساعد بتعزيز منعة ومرونة قطاع المياه وأنظمته التشغيلية، رأى الدحيات أنه يتحتم العمل مع شركاء وأصحاب مصلحة غير مباشرين مثل شركات ومختبرات التكنولوجيا بهدف إيجاد حلول عملية متقدمة لتحديات القطاع المتعددة كفاقد المياه والاعتداءات والتبخر من السدود.وخلص لأهمية العمل على استخدام أنظمة الرقابة والتقييم في قياس الأثر اللاحق لتنفيذ هذه المشاريع على تحقيق المستهدفات الرئيسية والمؤشرات السابقة بهدف التحسين والتعلم وتعزيز المنعة للأنظمة المائية واستدامتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الخارجية ونظيره العُماني يؤكدان خطورة استمرار التصعيد في المنطقة
وزير الخارجية ونظيره العُماني يؤكدان خطورة استمرار التصعيد في المنطقة

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

وزير الخارجية ونظيره العُماني يؤكدان خطورة استمرار التصعيد في المنطقة

أكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ووزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي خطورة استمرار التصعيد الذي تشهده المنطقة. وشدّد الصفدي ونظيره العُماني خلال اتصال هاتفي، السبت، على ضرورة تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لإنهائه. وجدّد الوزيران في اتصال هاتفي إدانة العدوان الإسرائيلي على إيران، وما يمثله من خرق للقانون الدولي، وتصعيد يؤجّج التوتر والصراع في المنطقة.

لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

حقق النفط ارتفاعاً بنحو 7 في المئة، منذ شنت إسرائيل هجوماً ضد أهداف إيرانية في الساعات الأولى من الجمعة. وغالباً ما نشاهد صعوداً حاداً للأسعار العالمية للنفط كلما تصاعدت التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. في هذا التقرير نتناول أهم أسباب ارتباط المكاسب الهائلة للنفط بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة التوترات الحالية بين إيران وإسرائيل. كانت إسرائيل قد دخلت في الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضية في مواجهة مباشرة مع إيران، بإعلانها بدء عملية عسكرية واسعة النطاق تحت اسم 'عملية الأسد الصاعد'، تهدف بحسب الجيش الإسرائيلي إلى 'إزالة التهديد النووي الإيراني'. وقال المتحدث باسم الجيش إن العملية ستُنفّذ وفق خطة منظمة وتدريجية، لكنها ستكون طويلة الأمد، وتشمل أهدافاً دقيقة محددة مسبقاً. وذكر بيان للجيش الإسرائيلي أن هذه الضربات استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، وحققت ضرراً كبيراً في مفاعل نطنز النووي، الذي يُعد أحد الركائز الأساسية في البرنامج النووي الإيراني. بعد ساعات، ردت إيران بعملية سمتها 'الوعد الصادق 3″، استهدفت 'عشرات الأهداف و القواعد والبنى التحتية العسكرية' في إسرائيل. إيران والمعروض النفطي بحسب بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، تنتج إيران نحو 3.3 مليون برميل يومياً في حين تصل صادراتها من الخام الأسود والوقود إلى 2 مليون برميل يومياً، مما يجعلها من أهم الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط. وبلغ إنتاج أوبك من النفط في نهاية مايو/ أيار الماضي 26.75 مليون برميل يومياً بارتفاع بلغ نحو 150 ألف برميل يومياً الشهر السابق، وفقاً لمسح أجرته وكالة أنباء رويترز. وتوضح هذه الأرقام مدى الأهمية التي تتمتع بها إيران بالنسبة للمعروض العالمي من النفط. وقال محمد حسن زيدان، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق المال لدى شركة كافيو للوساطة المالية لبي بي سي: 'من المتوقع على المدى القصير ارتفاع حاد في أسعار النفط مدفوعاً بعامل الخوف، لكن التأثير الحقيقي يكون في حالة تحول التوترات الحالية إلى صدام إقليمي أوسع نطاقاً'. وأضاف: 'في هذه الحالة سوف نجد أننا نتحدث عن تهديد فعلي لإمدادات النفط من دول الخليج، خاصة عبر مضيق هرمز الذي يمر من خلاله نحو 20 في المئة من إمدادات النفط على مستوى العالم'. ومن الطبيعي أن تؤثر حصة إيران من إنتاج أوبك في المعروض العالمي للنفط. في حال غياب هذه الحصة عن الأسواق يتراجع المعروض، ومن ثم ترتفع الأسعار. ويشرح زيدان أن 'غياب النفط الإيراني من شأنه أن يحدث فراغاً ملحوظاً في الأسواق ليس من السهل تعويضه، إذ تنتج نحو 3 مليون برميل من النفط يومياً وتصدر ما يتراوح بين 1.5 إلى 2 مليون برميل يومياً، أي ما يزيد على 11 في المئة من إنتاج دول أوبك'. وتحول اهتمام أسواق النفط العالمية من قضية الزيادة في المعروض العالمي من النفط – التي تتابعها بحرص شديد منذ زيادة أوبك معدلات إنتاجها للمرة الثالثة على التوالي في مايو/أيار الماضي – إلى التركيز على توقعات العجز المحتمل في الإمدادات بسبب التصعيد الدائر بين إسرائيل وإيران. وقررت مجموعة أوبك+، في اجتماعها المنعقد في 30 مايو/ أيار الماضي، زيادة إنتاجها بواقع 41 ألف برميل يومياً، بدءاً من الأول من يوليو/ تموز المقبل، وهي الزيادة الثالثة على التوالي في معدل إنتاج دول المجموعة. وتضم أوبك+، أعضاء منظمة أوبك إضافة لدول غير أعضاء من كبار مصدري النفط على مستوى العالم في مقدمتهم روسيا. وقال رائد حامد الخضر، مدير تطوير الأعمال لدى مجموعة Equities للوساطة المالية، لبي بي سي إن 'إيران تُعد من كبار المنتجين في أوبك، وإذا خرجت مؤقتاً من معادلة التصدير، فقد لا تكفي قدرات الدول الأخرى (كالسعودية والإمارات) لسد الفجوة دون التأثير على توازنات السوق ودفع مستويات التضخم عالمياً لمزيد من الارتفاعات'. كيف تتأثر الاقتصادات العربية؟ قال الخضر إن 'اقتصادات الخليج من جهتها تقف أمام معادلة دقيقة: من جهة، الاستفادة من ارتفاع الأسعار لتعزيز الفوائض المالية، ومن جهة أخرى، الحذر من أن تتحول المنطقة إلى بؤرة تهدد إمدادات الطاقة العالمية، ما قد ينعكس على تكلفة التأمين، والنقل، وثقة المستثمرين الدوليين'. وتعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على صادرات النفط إلى الأسواق العالمية، في مقدمتها السعودية التي تحتل المركز الأول بين مصدري النفط بين دول أوبك، في توفير احتياجاتها التمويلية الضرورية. ورغم محاولات بعض دول الخليج، في مقدمتها السعودية والإمارات، تنويع الاقتصاد بهدف توفير مصادر مختلفة للدخل، تظل العائدات النفطية هي المصدر الأساسي لتمويل هذه الدول، وعصب الموازنات العامة لها. وأضاف زيدان 'بالنسبة لدول الخليج، فسوف تحقق مكاسباً كبيرة من ارتفاع النفط على المدى القصير. لكن من جهة أخرى، أي تهديد حقيقي لممرات النفط البحرية عبر المنطقة أو المنشآت النفطية لهذه الدول، خاصة السعودية والإمارات، من شأنه أن يضع اقتصاداتها تحت ضغوط قوية ويجعلها أكثر حذراً فيما يتعلق بحساباتها وخططها المالية'. وارتفعت العقود الآجلة للنفط الأمريكي الجمعة الماضية إلى 73.51 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 70.27 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي إلى أدنى مستوى لها في يوم التداول الجاري عند 70.78 دولار للبرميل مقابل أدنى المستويات الذي سجل 78.45 دولار للبرميل. كما ارتفعت عقود خام برنت إلى 74.74 دولار للبرميل في ذات الفترة، مقابل الإغلاق المسجل في جلسة التداول السابقة عند 70.27 دولار للبرميل، وفقاً للرسم البياني الحي لموقع وقالت رانيا وجدي، كبيرة استراتيجيي الأسواق في شركة OW Markets، لبي بي سي: 'أتوقع أن تشهد دول الخليج، خصوصاً السعودية والإمارات والكويت، ضغطاً إيجابياً على أسعار صادراتها النفطية، ما قد يعزز الإيرادات العامة'. لكنها حذرت من إمكانية أن 'تكون هناك بعض المخاطر التي تكمن بشكل أساسي في ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين كما أن هناك مخاوف من تأثير بيئي على الأمن المائي لدول الخليج في حال استهداف منشآت نووية إيرانية'. الجغرافيا تتحكم في الأسواق يعبر 20 مليون برميل من النفط ومنتجاته مضيق هرمز، الذي يربط بين الخليج العربي وخليج عمان، يومياً. وهو لا يزال مفتوحاً أمام حركة الملاحة التجارية رغم القصف الصاروخي المتبادل بين إيران وإسرائيل. يقول الخضر إن المستجدات الجيوسياسية الراهنة فرضت ما يُعرف بـ 'علاوة المخاطرة على أسعار النفط الخام، ومع تسعير الأسواق لاحتمال اندلاع نزاع إقليمي أوسع، قد يهدد جزءاً كبيراً من الطاقة العالمية المنقولة بحرياً'. لكن مؤسسة الأمن البحري البريطانية 'أمبري' أوصت شركات الشحن والحاويات بالاستعداد من خلال اتخاذ مسارات أخرى بخلاف مضيق هرمز في أعقاب الضربات العسكرية التي شهدتها المنطقة. وقال زيدان 'بكل تأكيد، فتحت الضربة الإسرائيلية لإيران باباً جديداً للتوتر في منطقة شديدة الحساسية للطاقة العالمية، والأسواق بطبيعتها تكره الغموض وأي تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل في المنطقة يعيد إلى الأذهان سيناريوهات القفزات المفاجئة للأسعار'. وأضاف 'نتعامل مع سوق شديد الحساسية في الوقت الراهن تتحكم فيه الجغرافيا بقدر ما تتحكم فيه الأرقام. وأي خطأ في الحسابات السياسية قد يؤدي إلى انفجار أسعار النفط العالمية على المدى القصير'. بينما قالت وجدي ' تثير مخاوف الحرب الإقليمية المحتملة قلقاً بالغاً بشأن مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خمس إلى ثلث تجارة النفط العالمية'. وأضافت 'حال تعمق الصراع يمكن أن نكون أمام توقف محتمل لتدفق نحو 1.75 مليون برميل يومياً من الإنتاج الإيراني خلال 6 أشهر، بحسب تقديرات Goldman Sachs '، مؤكدة أن نقصاً بهذا الحجم يمكن أن يؤثر بقوة على استقرار الإمدادات العالمية، مما يدفع الأسعار نحو مزيد من الصعود. استثمارات النفط الإيرانية تضخ استثمارات هائلة من دول مختلفة وشركات عالمية في قطاع الطاقة الإيراني، بهدف تمويل أنشطة التنقيب عن النفط واستخراجه، وغير ذلك من أعمال ذات صلة بالنفط. ومن الطبيعي أن يؤدي أي اضطراب في تدفق هذه الاستثمارات إلى التأثير سلباً على مستويات الناتج النفطي الإيراني. يقول زيدان إنه 'على صعيد استثمارات النفط الإيرانية، فمجرد الحديث عن الحرب يدفع الشركات العالمية إلى تجميد استثماراتها في قطاع الطاقة الإيراني الذي يعاني بالأساس من عزلة مالية وعقوبات أمريكية'. في حين يرى الخضر أن هناك أضرار بالغة قد تلحق بالبُنى التحتية للنفط، مما من شأنه أن يجعل طهران في حاجة ماسة إلى المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة التي تشير توقعات إلى إمكانية أن تكون محدودة في الفترة المقبلة بسبب التوترات الجيوسياسية. ويضيف 'بالنسبة لإيران، فإن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى تضرر بنيتها التحتية النفطية، وبالتالي تعطل إنتاجها الذي يتجاوز 3 ملايين برميل يومياً، مما سيُضعف دورها داخل أوبك ويقلل من صادراتها، التي تعتمد بشكل كبير على الأسواق الآسيوية. كما أن تفاقم التوتر سيعمق من معاناة الاقتصاد داخل إيران، أو التوسع في مشاريع نفطية جديدة'. وأكدت إسرائيل في بيانها الصادر بشأن الضربة التي وجهت إلى إيران أنها ركزت على 'أهداف نووية' علاوة على استهداف عدد كبير من القيادات العسكرية الإيرانية دون أن يتضمن ذلك إشارة إلى أي منشآت نفطية. ولعل ذلك هو ما دفع رانيا وجدي إلى أن تختلف مع الخضر بشأن الاستثمارات النفطية في إيران والدور المحتمل أن تلعبه في توجيه الأسعار العالمية. وقالت وجدي إن 'البنية التحتية النفطية الإيرانية لم تتضرر بشكل مباشر نتيجة للضربات الإسرائيلية حتي الآن وهذا يعكس أن المخاوف الحالية ليست بسبب نقص فعلي في العرض. ولكن تعكس توقع اضطرابات الإمدادات، وليس تغييرات فعلية في توافر النفط'. وأثارت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع داخل الأراضي الإيرانية مخاوف حيال تراجع الاستثمارات في قطاع الطاقة لأن الاستثمارات، خاصة الأجنبية منها، بطبيعة الحال تتأثر سلباً بالحروب والصراعات المسلحة، مما قد ينعكس على القطاع الإيراني في شكل انخفاض بمعدلات إنتاج النفط.

مستو: استمرار تقييم المخاطر على حركة الطيران المدني تبعا للتطورات الجارية
مستو: استمرار تقييم المخاطر على حركة الطيران المدني تبعا للتطورات الجارية

الغد

timeمنذ 2 ساعات

  • الغد

مستو: استمرار تقييم المخاطر على حركة الطيران المدني تبعا للتطورات الجارية

أكد رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم الطيران المدني الأردني الكابتن هيثم مستو، استمرار الهيئة بتقييم المخاطر على حركة الطيران المدني ومتابعة التطورات الجارية بعد إعادة فتح الأجواء صباح اليوم. اضافة اعلان وقال في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) اليوم السبت، إن الهيئة ستتخذ القرار المناسب بالنسبة لحركة الطيران واستمرار فتح الأجواء أو إغلاقها تبعا للتطورات الجارية ومدى تأثيرها على حركة الطيران المدني بما يضمن سلامة المسافرين. وأضاف إنه سيتم إبلاغ شركات الطيران بالمعلومات اللازمة لتقوم بدورها باطلاع المسافرين والمعنيين على آخر البيانات المتعلقة بحركة الطيران. وكانت الهيئة قد أعلنت عن إعادة فتح أجواء المملكة ابتداء من الساعة 7:30 صباحاً بعد ان تم إغلاق أجواء المملكة يوم أمس الجمعة، بشكل مؤقت وتعليق حركة الطيران أمام جميع الطائرات القادمة والمغادرة والعابرة للمملكة، تحسباً لأية مخاطر قد تنتج جراء التصعيد الحاصل في المنطقة. وأشار الى أن قرار الإغلاق الذي تم امس، جاء التزاماً بالاتفاقيات الدولية لسلامة الطيران المدني منها اتفاقية شيكاغو للطيران المدني المتعلقة بقواعد الملاحة الجوية وسلامتها. واكد مستو أن سلامة الأجواء والمسافرين تأتي في مقدمة أولويات الهيئة وأن أي قرار يتخذ يأتي ضمن إجراءات الهيئة الاحترازية.-(بترا)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store