
هل على اللبنانيين الاختيار بين إسرائيل وإيران؟
أتابع الحرب الإسرائيليّة – الإيرانيّة وأرتعب. ليس فقط من الصواريخ ولا من الخطر النووي، بل ممّا تحمله تعليقات شعبي من مواقف حادة مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك.
قسم من شعبي يتحمَّس لإسرائيل وقسم آخر لإيران. أستخدمُ تعبير "يتحمّس" لأن في التعليقات شحنة عاطفيّة ترافق الحجج الفكريّة. للأسف، ليس جديداً أن يتحمّس شعبي لــ"ثنائيّة" خارجيّة وينقسم حيالها، وقد سبق ان نشرت نصاً في "النهار" سنة 2017 بعنوان "ثنائيات قاتلة تلاحقنا كاللعنة" جاء في مقدمته: "مع نشأة الكيان اللبناني كان السؤال، انتداب عربي أم فرنسي؟ البارحة كان السؤال احتلال إسرائيلي أم سوري؟ اليوم أصبح السؤال هيمنة ايرانية أم سعوديّة؟ ثنائيات قاتلة تلاحقنا كاللعنة، منذ ولادتنا في هذا البلد، تحتّل عقلنا وقلبنا قبل ان تستبيح أرضنا وسماءنا. القوى المسيطرة في الداخل، يمينا ويسارا، مذاهب وعقائد، ومنذ نشأة الكيان، استتبعت نفسها لهذه الثنائيات، واختصرت خياراتنا بهذه اللعنة أو تلك، عن طريق الضغط علينا، بالمال والعنف والمؤسسات الدستورية وغير الدستورية، والضجيج الضجيج الإعلامي والأيديولوجي."
في هذه المرحلة التاريخية، يتصرف شعبنا تلقائياً وكأنه عليه أن يختار بين إسرائيل وإيران. حتى لو لم يطلب منّا الخارج ان نختار بل ان نبقى على الحياد عسكريًّا، وذلك بموافقة جميع الأطراف المتناحرة سياسيًّا، لا نترك فرصة في لقاءاتنا أو عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إلا ونعبِّر فيها عن تحيّزنا لهذا الفريق أو ذاك.
فنحن لا نتفرّج على هذه الحرب عن بعد، من على شاشات التلفزة، أو من خلال مراقبة الصواريخ الإيرانيّة تمر فوق رؤوسنا باتجاه إسرائيل. نحن معنيون بهذه الحرب بطرفيها وبنتائجها، فإسرائيل تحتّل أرضنا وتقصفنا كل يوم، وإيران بعقيدتها وسلاحها وأموالها وسياساتها، أصبحت جزءاً من نسيجنا الوطني. لذلك من الطبيعي ان يكون للشعب اللبناني مواقفه من الحرب بين البلدين.
أعبّر في هذا النص عن موقفي الشخصي ومن مسألة الانحياز لهذا الطرف أو ذاك.
من حيث القانون الدولي، لا شك أن إسرائيل هي المعتدية، ولا يحق لها مهاجمة إيران بحجة القضاء على مفاعلها النووية وصواريخها الباليستية، خاصة انها الوحيدة في المنطقة التي تمتلك أسلحة نووية.
من حيث تضرر مصالح الشعوب والدول، لا شك أيضاً ان ايران تتعرض للوحشية الإسرائيلية بأسلحتها الفتاكة، بشكل لا يقارن على الإطلاق بما يتعرض له الشعب الاسرائيلي من اعتداءات ايرانية. وينسحب هذا الأذى، معنوياً على الأقل، على معظم افراد الطائفة الشيعية بحكم المشاعر المذهبية من جهة وارتباط حزب الله بالنظام الايراني من جهة ثانية، خاصة وان هذه الطائفة لم تخرج بعد من نكبتها إثر حرب إسرائيل على حزب الله ولبنان.
قد أتفهّم ان ينحاز اللبناني الى أحد الطرفين المتحاربين، بسبب انتمائه الطائفي أو تجربته التاريخية أو توجهاته العقائدية، لكنني أستغرب واستهجن ان يُرفِق هذا الشخص موقفه السياسي بحجج أخلاقيّة أو قيميّة أو سلوكية، ذلك أنني أجد في سياسات البلدين، تشابهاً مذهلاً على المستويات الثلاث، رغم ان إسرائيل، خاصة بعد حرب الابادة على غزة، تفوقت على جميع البلدان في مستوى الانحطاط الأخلاقي والقيمي.
فإسرائيل وإيران تحاربان باسم الله الواحد، وتبرّران حروبهما بانتظار المخلّص، المسيح اليهودي عند إسرائيل، والمهدي المنتظر عند إيران.
إسرائيل وإيران تدّعيان انهما تدافعان عن أنفسهما وتستخدمان سلاحهما للسيطرة على البلدان العربيّة وشعوبها ومن بينها لبنان.
إسرائيل وإيران يعرّفان عن أنفسهما وعن الآخرين بحسب هويتهما الدينيّة، ويغذّيان النزعات المذهبية في المنطقة.
إسرائيل وإيران يستلهمان الماضي طريقًا للحاضر والمستقبل.
إسرائيل وإيران يستعينان بمظلوميّة الماضي ليبررا ممارستهما الظلم على الآخرين في الحاضر.
إسرائيل وإيران يهجّران أناساً دفاعاً عن مقدّساتهما.
إسرائيل وإيران يقرّران عن الفلسطينيين من يمثلهم ومن لا يمثّلهم.
إسرائيل تحتلنا وإيران تستخدمنا، الأولى تقتلنا فنستشهد، والثانية تستشهدنا فنُقتل.
لا أعتقد بأن صمود إيران عسكريًّا وبقاء نظام الولي الفقيه على قيد الحياة يمكن ان يكون له تأثير إيجابي على لبنان. فهي لم تستخدم صواريخها للدفاع عنّا ولن تستخدمها في المستقبل. وعلى الارجح انها زودت حزب الله بصواريخ باليستية ليستخدمها دفاعاً عنها وليس عن لبنان. لكن شاءت الظروف أن يضعف هو عسكرياً قبل ان تتعرض هي للإعتداءات الإسرائيلية. كما أني أعتقد أن صمودها قد يزيد من تعنّت حزب الله من دون ان يسمح له بالمقابل من مواجهة إسرائيل، مما يعرقل أكثر قيام الدولة اللبنانيّة وعمليّة الإصلاح والإنقاذ... وبالتالي يصعّب مواجهة اسرائيل من خلال الوحدة الوطنية والتمسك بالحقوق.
كذلك ان تراجع نفوذ إيران وحزب الله في لبنان ربما يسمح للبنانيين بالخروج من لعبة المحاور والتوقف عن دفع ثمنها كما يحصل منذ عقود. وقد يؤدي ذلك الى الإعتماد أكثر في الموقف الوطني على اللعبة الديمقراطيّة في مقاربة واقعهم الجديد ومستقبلهم، انطلاقًا من مصالحهم المشتركة، في ظل مخاطر الهيمنة الأميركيّة-الإسرائيليّة المتصاعدة في المشرق العربي.
عندما يكون هناك شبه إجماع وطني على تحييد لبنان عسكريًّا عن الحرب الإسرائيليّة-الإيرانيّة، وعندما يكون حزب الله حتى الآن من ضمن هذا الإجماع ولو مجبراً، نكون قد خطونا خطوة مهمّة باتجاه إيجاد مقاربة وطنيّة لتفاعلنا مع أحداث المنطقة. مقاربة لا تتنكّر لواقع انه لم يعد بإمكان وطننا إلاّ ان يكون حياديًّا على المستوى العسكري، بعيدًا عن المغامرات التي أوصلته الى الانهيار على كافة المستويات، انهيارٌ لم يعد تنفع معه كل التنظيرات التي تريد القفز فوق مسلّمة الحياد، وذلك على الأقل لعقد من الزمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 38 دقائق
- صدى البلد
في ذكرى وفاته.. مركز الأزهر للفتوى: الشعراوي علامة فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديثة
أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانا بمناسبة ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، استعرض فيه مسيرة إمام الدعاة وأبرز المحطات في حياته. وأوضح المركز أن فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي ولد في 15 أبريل عام 1911م، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظي بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق. وبعد حصوله على الثانوية الأزهرية، التحق بكلية اللغة العربية؛ لتكون اللغة العربية بابَه إلى جميع العلوم الشرعية، علاوة على ما تمتع به الشيخ من تمكُّنٍ في فنون اللغة العربية وملكاتها، كالنحو، والصرف، والبديع، ونظم الشعر، والخطابة، وطلاقة اللسان، ووضوح البيان. وبالفعل كانت اللغة العربية وملكاتها سبيله إلى تفسير القرآن الكريم، وتدبّر آياته، وإيصال معانيه إلى جمهور المسلمين في صورة سهلة واضحة وشيقة؛ حتى صار الإمامُ إمامًا للدعاة وعلامةً فارقة في عصر الدعوة الإسلامية الحديث، وصار الناس ينتظرون أحاديثه الأسبوعية أمام شاشات التلفاز، وعبر أثير إذاعة القرآن الكريم، وارتبط وجدانهم بحديثه وخواطره حول كتاب الله عز وجل. وأشار المركز إلى أن الشيخ له مواقف وطنية مشرفة ضد قوى الاحتلال، وجهودٌ موفقة في رد الشبهات عن الإسلام والقرآن وسيدنا رسول الله ﷺ، وتقديمِ ردود عقلانية ومنطقية عليها من خلال لقاءات إعلامية وميدانية مع شرائح المجتمع المختلفة؛ سيما الشباب منهم. وأضاف أنه في كل مكان مرّ عليه الشيخ أو منصب تقلده؛ كان له فيه عظيم النفع والأثر، في مصر و خارجها، ومن أشهر مواقفه إرساله برقية إلى الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أثناء إقامته بالمملكة العربية السعودية يعترض فيها على نقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتوسعة المطاف حول الكعبة الشريفة؛ مؤيِّدًا رأيه بالأدلة الشرعية على عدم جواز ذلك. وقد استجاب الملك سعود رحمه الله لخطاب الشيخ، وأقر رأيه، ومنع نقل المقام من مكانه، واستشاره في بعض شئون توسعة الحرم المكي الشريف، وأخذ بمشورته. ومن أبرز المناصب التي خدم من خلالها الشيخُ الشعراوي الدعوةَ الإسلامية منصب مدير إدارة مكتب فضيلة الإمام الأكبر حسن مأمون شيخ الأزهر الأسبق 1964م، ورئيس بعثة الأزهر الشريف في الجزائر 1966م، ووزير الأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، كما شغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية 1980م، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م، إضافة إلى العديد من المناصب التي عُرضت عليه واعتذر عنها؛ تفرغًا للعلم والدعوة وخدمة المُحتاجين. ونوه المركز بأن الشيخ له مؤلفات علمية عديدة منها: معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة. وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
الحرب على إيران تأخذ منحى تصاعديًا.. هل من أفق لإنهائها؟!
عندما شنّت إسرائيل هجومها على إيران فجر الجمعة، كان واضحًا أنّ الأمر مختلف عن كلّ الضربات السابقة، فحجمه كان كافيًا للدلالة على أنّ الأمر أكثر من مجرّد "رسالة" ترغب تل أبيب بإيصالها لطهران، أو حتى محاولة للتدخّل في المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، كما أنّ مستوى ونوع الاغتيالات التي طالب كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين، لم يكن بالإمكان أن يفسَّر سوى على أنّه "إعلان حرب" بأتمّ معنى الكلمة. ومع أنّ المسؤولين الإسرائيليّين كانوا واضحين بكلامهم عن "جولة افتتاحية"، وليس عن مجرد "هجوم" يُضاف إلى غيره، ما فُسّر على أنّه تمهيدًا لمعركة طويلة، في سياق معارك "طوفان الأقصى" المتنقّلة، إلا أنّ الانطباع الذي ساد حينها لم يصل لحدّ التكهّن بحربٍ بأتمّ معنى الكلمة، بل كان الاعتقاد بأنّ المعركة ستدوم أيامًا في حدّها الأقصى، تنتزع بموجبها الولايات المتحدة أوراق قوة توظّفها في المفاوضات النووية، لفرض الشروط على إيران. وعلى الرغم من أنّ إسرائيل حاولت "استنساخ" تجربة حربها ضدّ "حزب الله" إيرانيًا، في ظلّ الكثير من نقاط التشابه والتقاطع، خصوصًا على مستوى الاغتيالات لقادة الصف الأول، إلا أنّ الوقائع على الأرض بدت مختلفة، فأخذت المعركة منحى تصاعديًا، بدت معه إيران كمن "استوعب" صدمة الضربة الأولى، التي لم تكن "قاضية" كما خُطّط لها، فهل من أفق لهذه الحرب، وإلى أيّ مدى يمكن أن تتوسّع أكثر؟! لا خطوط حمراء الواضح حتى الآن، أنّ هذه الحرب لا تشبه أيًا من الحروب أو الضربات السابقة، سواء تلك التي تواجه فيها الإيرانيون والإسرائيليون بشكل مباشر، والتي كانت في أغلبها ضربات "محدودة"، بل "شكليّة" برأي كثيرين، أو تلك التي تواجهوا فيها بشكل غير مباشر، من خلال القوى والأطراف المحسوبة على إيران، أو من يصنّفون في مكانٍ ما على أنّهم "وكلاؤها" في المنطقة، وفي مقدّمتها "حزب الله" الذي خاض عدّة حروب في وجه إسرائيل. وإذا كانت إسرائيل بادرت إلى شنّ هذه الحرب، فإنّ الواضح أنّها تخلّت معها عن كلّ "الخطوط الحمراء"، وهو ما أظهره المنحى التصاعدي للهجمات منذ يوم الأمس، فصحيح أنّ الجولة الافتتاحية كانت صادمة ومباغتة، إلا أنّ الضربات التي أعقبتها لم تقلّ شأنًا، وصولاً إلى استهداف مبنى التلفزيون الإيراني بعد ظهر الإثنين، وهو الذي حمل رسالة واضحة مفادها أنّ كل المؤسسات الإيرانية في مرمى الاستهداف، بما في ذلك ما يصنّف على أنه منشآت مدنية. في المقابل، يبدو أنّ الإيرانيّين أيضًا تخطّوا "صدمة" الهجوم الأول، وانتقلوا إلى التصعيد والهجوم، وهو ما تجلّى في الهجمات الصاروخية التي استهدفوا من خلالها مواقع عدّة في إسرائيل، وخصوصًا في تل أبيب، لدرجة أن مشهد الدمار في إسرائيل بات أخيرًا منتشرًا، كما لم يكن على امتداد الجبهات التي فُتِحت منذ معركة "طوفان الأقصى"، وهو ما أدّى إلى تدخّل الرقابة العسكرية، لمنع النشر في الكثير من الأحيان، وهو ما بدا لافتًا للانتباه. السيناريوهات والاحتمالات هكذا، يبدو واضحًا أنّ الحرب على إيران، أو ربما ما يمكن تسميتها بالحرب الإسرائيلية الإيرانية، باعتبار أنّها لم تعد من طرف واحد كما بدأت على الأقلّ، رغم اعتبار البعض أنّ "التوازن" مفقود بين ضربات الطرفين، مفتوحة على كلّ السيناريوهات والاحتمالات، وسط مخاوف تبدو مشروعة من أن تتوسّع أكثر، وتنزلق بالمنطقة برمّتها إلى أتون لا أحد يرغب به، خصوصًا إذا ما أصبحت "حربًا نووية" بأتمّ معنى الكلمة. يقول العارفون إنّ المنحى "التصاعدي" الذي أخذته المواجهة في اليومين الماضيين يمكن أن يُفهَم بالاتجاهين، فهو يمكن أن يعني المضيّ بالمعركة حتى النهاية مهما كان الثمن، وهو ما يلمّح إليه الإسرائيليون، الذين بدأوا باكرًا بالتلويح بإعلان "النصر"، مع التحرّر من كلّ القيود، حتى إنّ الحديث عن احتمال اغتيال المرشد الأعلى السيد علي خامنئي لم يعد من "المحرّمات" في خطابهم، بل ثمّة من يوحي بأنّه سيكون "الضربة القاضية" على النظام الإيراني ككلّ. وإذا كان هناك من يعتقد أنّ الهدف الإسرائيلي شبه المُعلَن بالقضاء على النظام، سيشرّع توسعة الحرب إلى أقصى الحدود، ثمّة من يرى أنّ كلّ ذلك يندرج في خانة "الإعداد" للعودة إلى طاولة المفاوضات، متى نضجت مقوّماتها، علمًا أنّ التسريبات عن طلب إيراني بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب، لا تبدو بريئة، كما "مفارقة" تزامنها مع تهديدات إيرانية وصلت إلى الذروة، في تكتيك يمكن أن يُفهَم على طريقة "العين بالعين"، ولكن أيضًا وفق منطق "الردع الاستراتيجي". لعلّها الحرب الأكبر وقعًا منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، بكلّ محطّاتها، من غزة إلى لبنان مرورًا باليمن، بل هناك من يعتبرها المعركة الحاسمة والفاصلة، التي مهّدت لها المعارك السابقة، وقد أضحت قصّة "حياة أو موت" بالنسبة لإسرائيل وإيران على حدّ سواء، فالأولى تتحدّث عن "تغيير وجه الشرق الأوسط"، والثانية تدرك أنّ المخطّط هو إسقاط النظام، وهو ما ستواجهه مهما كان الثمن، وهنا بيت القصيد! انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
ذكرى وفاة الشيخ الشعراوي.. أشهر أعماله خواطر الإمام.. وهذه آخر 18 يومًا بحياته
يوافق اليوم، الثلاثاء السابع عشر من يونيو، ذكرى وفاة الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي، والذي توفي في عام 1998م. ولد الشيخ الشعراوي في قرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وفي عام 1922م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغًا منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق. وتزوج محمد متولي الشعراوي وهو في الثانوية بناءً على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة، وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين والمحبة بينهما. وعين مدرسًا بمعهد طنطا الأزهري وعمل به، ثم نقل إلى معهد الإسكندرية، ثم معهد الزقازيق، وأعير للعمل بالسعودية سنة 1950م، وعمل مدرسًا بكلية الشريعة، بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وعين وكيلًا لمعهد طنطا الأزهري سنة 1960م، وعين مديرًا للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م، وعين مفتشًا للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م، وعين مديرًا لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964م، وعين رئيسًا لبعثة الأزهر في الجزائر 1966م، وعين أستاذًا زائرًا بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م. وعين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972م، وعين وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م، وعين عضوًا بمجمع البحوث الإسلامية 1980م، واختير عضوًا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م، وعرضت علية مشيخة الأزهر وكذا منصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية. ومنح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15 أبريل 1976 قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983 وعام 1988، ووسام في يوم الدعاة، وحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية. واختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر، وجعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989 والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين. وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محليًا، ودوليًا، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة، واختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى عام 1418 هجري الموافق 1998م. أشهر آرائه 'خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيرا للقرآن، وإنما هي هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات'. استجابة الله لدعاء الشعراوي روى الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أن إمام الدعاة، كانت له الكثير من الكرامات التي تظهر على يد الأولياء الصالحين بسبب تقواهم في الدنيا. وأضاف «هاشم»، في تصريح له، أنه عمل مع الشيخ الشعراوي في جامعة مكة بالمملكة العربية السعودية، وذات يوم وجد جماعة يبكون من كرب نزل بهم، وطلبوا من الشعراوي أن يذهب معهم إلى مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليدعو لهم أمام الحجرة النبوية الشريفة. وتابع: «ذهب الشعراوي معهم ووقف أمام الحجرة النبوية الشريفة في الروضة، ودعا لهؤلاء المكروبين، وتوسل إلى الله تعالى، قائلا: «مولاي -مخاطبا الرسول- ضيفك من كل الدنى جاءوا، فامنن عليهم بما شاءوا وفوق ما عرفوا من فضل ربهم ما قد عرفت، وكم لله آلاء من علوم الفضل أنت قاسمها والله معطاء، وأخذ الشعراوي يدعو في الروضة حتى إذا ما وصل هؤلاء المكروبون إلى مكة وجدوا الكرب قد كشفه الله بفضل دعائه». موقف آخر، للشيخ الشعراوي واستجابة الدعاء، روته الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية، التي قالت إنها تتلمذت على يد الإمام الشعراوي حينما كانت في مرحلة الجامعة، وطلبت منه أن يدعو لها بأن تكون رسالتها في الماجستير والدكتوراه في «تفسيره»، فرفع يده بالدعاء قرابة الثلث ساعة داعيا لها، منوهة بأنه لقبها بالدكتورة قبل تخرجها وبالفعل استجاب الله لدعائه. وأثنت «عمارة»، في تصريح لـ«صدى البلد»، على الداعية الراحل، قائلة: «لقد سلك الشيخ الشعراوي مسلكا جديدا في تفسير القرآن الكريم، واستطاع به أن يجذب الجماهير إليه»، مشيرة إلى أن من أهم سمات منهجه في التفسير، أنه كان دائم الربط بين موضوعات القرآن الكريم وواقع المجتمع الإسلامي ومتطلباته. آخر 18 يوما في حياة الشعراوي روى الشيخ عبد الرحيم الشعراوي، نجل إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، تفاصيل آخر 18 يومًا في حياة الإمام. وقال عبد الرحيم الشعراوي إن والده كان يكره المستشفيات والتواجد بها، وإنه قبل وفاته بحوالي 18 يومًا انفصل تماما عن العالم الخارجي، ورفض الطعام والشراب والدواء، وحتى الرد على الهاتف المحمول، واكتفى فقط بتواجد أبنائه وأحفاده من حوله. وأضاف أنه قبل وفاة والده بيومين، طلب منه والده أن يجري تجهيزات الجنازة الخاصة به، وعندما رأى الشيخ الشعراوي الدموع في عين نجله قال له: «نعم؟ من أولها؟ قد المسئولية ولا مش قد المسئولية.. ربنا هيعينك إن شاء الله.. أنا عارف إن انت اللي هتتحمل ومتتفاجئش وتبقى رابط الجأش». وأكد أنه مع بدء الساعات الأولى لليوم الذي حدد الشعراوي أنه اليوم الذي سيقابل فيه ربه، بدأ يقلق على والده، حيث ثطلب في هذا اليوم تقليم أظافره وأن يستحم ويلبس ملابس جديدة تمامًا، وطلب من أولاده أن يتركوه بمفرده، قائلًا له: «عاوز أقعد مع ربنا شوية». وبيّن تفاصيل لحظة وفاته، قائلًا: «بص والدي لفوق وقعد يقول أهلًا سيدي أحمد.. أهلا سيدي إبراهيم.. أهلًا السيدة زينب.. أهلًا والله أنا جايلكم.. أنا أستاهل كل ده؟.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك محمدًا رسول الله، وطلع السر الإلهي».