
فيديو يشعل موجة تحريض ضد المسلمين في بلجيكا.. ما قصته؟
وسرعان ما صاحب انتشار الفيديو روايات مثيرة، كان أبرزها أن المرأة حوصرت وتعرضت للضرب في مدينة أنتويرب على يد رجال مسلمين لأنها "كشفت عن ذراعيها" رغم أنها منقبة.
ومع إعادة النشر من قبل حسابات مؤثرة، معظمها يمينية وإسرائيلية، تحول المقطع إلى مادة مشحونة بالتعليقات والتحليلات الهجومية، وسط مزاعم تتحدث عن عودة ما تسمى بـ"الدوريات الدينية" إلى قلب أوروبا.
فما حقيقة ما جرى في شارع "ماير" المزدحم بمدينة أنتويرب؟ ولماذا احتشد المارة حول المرأة وسط مشهد فوضوي؟ وما الذي استدعى تدخل الشرطة على عجل؟ هل كانت الحادثة بدافع ديني كما زعمت بعض الروايات، أم أن خلف هذه اللقطات المقتضبة قصة أخرى، أكثر تعقيدا؟
الادعاء
بدأت القصة مع مقطع فيديو قصير، لا تتجاوز مدته دقيقة واحدة، نشر على منصة "إكس" بزعم أنه يوثق اعتداء جماعيا على امرأة مسلمة بعدما كشفت عن ذراعيها، قبل لحظات من تدخل الشرطة في موقع الحادثة.
وخلال وقت قصير، التقطت حسابات إسرائيلية وأخرى أوروبية يمينية المشهد، وأعادت تداوله بكثافة، في حين لعب السياسي البلجيكي الفلامندي سام فان روي -المعروف بخطابه المعادي للإسلام- دورا بارزا في دفعه إلى واجهة الجدل، من دون أي إشارة إلى سياقه الحقيقي أو خلفياته.
وفي خضم إعادة نشر المقطع، ظهرت رواية أكثر إثارة للجدل تحت عنوان "دوريات الدين في أنتويرب"، وزعمت حسابات داعمة لإسرائيل على "إكس" أن امرأة مسلمة خرجت في طقس حار وذراعاها عاريتان، قبل أن يحاصرها مجموعة وصفوها بتعبير "الإخوة المسلمين" في الشارع ويعتدوا عليها بوحشية، في صيغة بدا معها الاعتداء ذا خلفية دينية.
خطاب عدائي
وبين تحذيرات من "الخطر الإسلامي" وغياب "الأمن في أوروبا"، تحولت اللقطات إلى وقود لخطاب عدائي تجاه المسلمين، بعد أن حققت بعض التغريدات مئات آلاف المشاهدات في غضون ساعات فقط، وسط بيئة رقمية، تُعيد تكرار نفس الصور والتعليقات العدائية بالسردية نفسها على نطاق واسع.
ورافق الفيديو موجة تعليقات تزعم أن المشهد يعكس "الفجوة الثقافية العميقة بين المهاجرين المسلمين وقيم الغرب" وتحذر من أن الدعوة إلى "تدمير إسرائيل" و"إقامة دولة فلسطينية" سيقود إلى واقع يتجاهل حقوق النساء، إذ دعا مروجو هذا الخطاب إلى تداول الفيديو عالميا بوصفه "ناقوس خطر"، مما أضفى على القصة بعدا أيديولوجيا يتجاوز حدود الحادثة نفسها.
رواية الشرطة
وفي رد رسمي على الجدل الذي أثاره المقطع، أكدت صحف ووسائل إعلام بلجيكية أن الادعاءات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تفتقر إلى الدقة، موضحة أن الفيديو لا يوثق "اعتداء على امرأة مسلمة"، بل اعتقال سيدة ارتكبت عملية سرقة من متجر.
ونقلت وسائل إعلام بلجيكية عن شرطة مدينة أنتويرب قولها "المزاعم التي تفيد بأن امرأة مسلمة تعرضت للضرب أو المضايقة بسبب مظهرها أو ملابسها غير صحيحة"، مضيفة أن الحادثة وقعت يوم 20 يوليو/تموز الماضي، لكن الصور والمقاطع بدأت بالانتشار مؤخرا على شبكة الإنترنت.
وبحسب الشرطة، فإن المرأة أخرجت مقصا من حقيبتها اليدوية، وأصابت به يد أحد الموظفين بالمتجر أثناء محاولتها الهروب، قبل أن يتمكن عدد من المارة من توقيفها، وأنها أحيلت لاحقا إلى قاضي التحقيق بعد القبض عليها، ليتبين أنها "مدانة في قضايا سرقة سابقة".
تتبع أصل المقطع
وتتبع فريق "الجزيرة تحقق" أصل الفيديو للتأكد من تفاصيله وسياقه، ليتبين أن رواية الشرطة البلجيكية هي المطابقة للحقيقة، ويعتقد أن السيدة ارتدت النقاب بهدف التخفي.
وقاد البحث العكسي إلى أن المقطع نفسه نشر على منصة "تيك توك" في 21 يوليو/تموز الماضي، مما يؤكد أن الحادثة ليست جديدة كما روجت بعض الحسابات.
كما تمكن الفريق من تحديد الموقع الدقيق للحادثة باستخدام أداة "التجول الافتراضي" (Street View)، حيث جرى توقيف السيدة المتهمة بالسرقة أمام القصر الملكي في شارع مار بمدينة أنتويرب شمالي بلجيكا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 39 دقائق
- الجزيرة
كيف واصلت صربيا إغراق إسرائيل بالأسلحة؟
قد لا تحتاج بعض القصص السياسية إلى شهور من التقصي لكشف تناقضاتها، أحيانا تكفي بضعة أيام أو حتى ساعات، لتتعرى الفجوة بين الخطاب الرسمي وما يحدث على الأرض. ففي قلب أوروبا، كانت بلغراد في الأسابيع الماضية مسرحا لتحركات غامضة، وقرارات مثيرة للجدل، ووجهات شحن تثير أسئلة أكبر مما تجيب. وبينما أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش ، أمام الإعلام، وقف بيع الذخيرة لإسرائيل، كشفت صحيفة هآرتس أن بلاده سجلت هذا العام رقما قياسيا في صادرات السلاح إلى تل أبيب، متجاوزة إجمالي العام السابق، رغم استمرار حرب الإبادة في غزة. صفقات مستمرة في 23 يونيو/حزيران الماضي، أعلن فوتشيتش وقف بيع الذخيرة لإسرائيل خلال عدوانها على إيران، مبررا ذلك بأن الطرفين صديقان لبلاده، وأن أي استئناف للتصدير يتطلب قرارا خاصا. وبينما أشارت صحيفة هآرتس إلى أن القرار جاء بدافع الحفاظ على التوازن بين الجانبين، رجّحت كذلك أن التوبيخ العلني الذي تلقاه فوتشيتش من الكرملين بسبب إرسال أسلحة لأوكرانيا لعب دورا في اتخاذ هذا الموقف. ويرى الباحث المتخصص في السياسة الصربية أرتيوم كيربيش إينوك، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه التصريحات كانت موجهة أساسا للرأي العام الدولي، مشيرا إلى فضيحة سابقة حين عثر على أسلحة صربية لدى الجيش الأوكراني رغم تأكيد فوتشيتش للحياد، وهو ما يكشف -وفقا له- تناقضا معتادا بين المواقف المعلنة والحقيقة. يتطابق ذلك مع معطيات كشفتها هآرتس، فبعد ساعات فقط من التصريح هبطت في بلغراد طائرة شحن إسرائيلية من طراز بوينغ 747 مطلية بالكامل باللون الأبيض، أقلعت في اليوم التالي نحو قاعدة "نباطيم" الجوية في صحراء النقب ، وعند سؤاله عن الأمر اكتفى بالقول إنه لا يستطيع الإفصاح عما هبط أو أقلع من هناك. وتكشف البيانات أن صربيا أرسلت خلال 6 أشهر فقط شحنات تجاوزت قيمتها ما تم تصديره طوال العام السابق، وفق تقرير نشرته صحيفة هآرتس في 5 أغسطس/آب الجاري. ويُفسر إينوك أن استمرار هذه الصفقات يعود إلى مصالح اقتصادية ضيقة، إذ يعتمد نحو 24 ألف صربي على الإنتاج العسكري كمصدر دخل مباشر، و150 ألفا بشكل غير مباشر، وهو ما يجعل الحكومة تقدّم الربح على حساب الموقف الأخلاقي من الحرب على غزة. كما أظهر تحقيق مشترك بين صحيفة هآرتس وشبكة البلقان للصحافة الاستقصائية "بيرن" أن النصف الأول من عام 2025 شهد تصدير أسلحة إلى إسرائيل بقيمة 55.5 مليون يورو، محطمة الرقم القياسي السابق البالغ 48 مليون يورو في العام الماضي. ويصف إينوك هذا الأمر بأنه مثال على سياسة "اللعب على الحبلين" التي تتبعها بلغراد؛ إذ تدين الحرب والإبادة لفظيا، لكنها تواصل عمليا دعم المعتدي، مضيفا أن إسرائيل قد لا تكون الحليف الأهم لصربيا، لكنها شريك مربح يوفّر لها مكاسب سياسية واقتصادية، خصوصا مع دعم تل أبيب لموقفها في إنكار الإبادة الجماعية في البوسنة. وخلال الفترة نفسها، سجلت بيانات الطيران العلنية ما لا يقل عن 16 رحلة شحن إسرائيلية إلى بلغراد، حملت الأسلحة المطلوبة من قبل جيش الاحتلال ، في ظل رفض الحكومة الصربية الكشف عن طبيعة هذه الشحنات. شبكة شركات مصدّرة لم تكن الأرقام القياسية في صادرات السلاح من صربيا إلى إسرائيل مجرد نشاط حكومي منظم، بل تقف خلفها شبكة معقدة من الشركات، تجمع بين كيانات رسمية وأخرى خاصة، ترتبط جميعها بعقود وصفقات تمتد من مصانع الذخيرة في بلغراد إلى ميادين القتال في غزة. تتصدر شركة إنتاج الأسلحة الصربية "يوغوإمبورت إس دي بي آر" (Yugoimport–SDPR) المشهد، إذ تستحوذ على الحصة الأكبر من الصادرات، وهي مملوكة للحكومة بشكل كامل وتصنف نفسها على موقعها الرسمي بأنها العمود الفقري لصناعة السلاح في صربيا، وواجهة الدولة في سوق الأسلحة العالمي. ومن إجمالي صادرات عسكرية بلغت 55.5 مليون يورو إلى إسرائيل في النصف الأول من هذا العام، استحوذت شركة يوغوإيمبورت على أكثر من 50 مليون يورو، بينما تولّت 4 شركات خاصة صربية تصدير المبلغ المتبقي، وهي: روماكس تريد (Romax Trade) وإيديبرو (Edepro) وكونفيدكس (Confidex) وإل إس إي لاند سيستمز إنجنيرينغ (LSE Land Systems Engineering). كما شاركت شركة خاصة خامسة في عمليات التصدير العام الماضي، وفقا لصحيفة هآرتس العبرية. وتُعد روماكس تريد، التي تتخذ من مدينة نوفي ساد مقرا لها، من أكثر الشركات إثارة للجدل، إذ أظهرت بيانات رسمية من وزارة التجارة الصربية أنها حصلت في عامي (2021 و2022) على تراخيص لتصدير ذخيرة وأسلحة من مصنع كروشيك (Krušik) المملوك للدولة إلى إسرائيل. وأثارت الشركة جدلا داخليا بعد اتهام المعارضة لها بشراء "مدافع صوتية" أو أجهزة صوتية بعيدة المدى (LEADs) لمصلحة الشرطة الصربية، وهي أجهزة قال متظاهرون إنها استخدمت لتفريق حشود كبيرة خلال احتجاجات مارس/آذار الماضي. هذا العام، صدّرت روماكس ذخيرة من إنتاج كروشيك إلى شركة إيسبرا الإسرائيلية (ISPRA By E.I Ltd)، المتخصصة في منتجات السيطرة على الحشود غير الفتاكة. وتضم قائمة عملاء إيسبرا مصلحة السجون الإسرائيلية، والشرطة، وجيش الدفاع الإسرائيلي. إعلان وبحسب قاعدة بيانات الصادرات العسكرية الإسرائيلية، تصدّر إيسبرا إلى عشرات الدول في العالم، ويُقال إن قنابل الغاز المسيل للدموع التي تنتجها استُخدمت العام الماضي لتفريق المحتجين في كينيا. ارتفاع وتيرة التصدير كشفت شبكة البلقان للصحافة الاستقصائية عن تفاصيل شحنات تجارية مرتبطة بإسرائيل، حيث تم تصدير بضائع كبيرة عبر رحلات شحن جوية إسرائيلية في فترتين رئيسيتين: في يناير/كانون الثاني، تم إرسال 3 شحنات بقيمة نحو 15 مليون يورو، بالتزامن مع وصول 3 طائرات شحن إلى مطار نيكولا تسلا في بلغراد ومغادرتها إلى قاعدة نباطيم. في مايو/أيار، صدّرت 3 شركات ما مجموعه 21.3 مليون يورو، وفي الشهر نفسه سُيّرت 6 رحلات جوية للجيش الإسرائيلي عبر بلغراد. يفسر رئيس تحرير مركز الدراسات العربية الأوراسية، أحمد دهشان، ذلك بأن ذروة الشحنات في هذين الشهرين تزامنت مع أشد فترات العدوان الإسرائيلي على غزة مما عزز حاجة إسرائيل إلى هذه الأسلحة الخفيفة والفردية، إذ كانت في ذلك الوقت تعمل على اجتياح القطاع بشكل موسع. ويضيف دهشان أن الصفقات المبرمة بين الجانبين تركز على أسلحة خفيفة وذخائر مناسبة لحروب العصابات والقتال الفردي، وهي أنواع مطلوبة في المواجهات داخل قطاع غزة ، خصوصا أن المقاومة الفلسطينية لا تمتلك دفاعات جوية أو مدرعات أو أسلحة ثقيلة. ويرى أن صربيا تمثل مصدرا مثاليا لإسرائيل بسبب قرب المسافة، وانخفاض الكلفة، وامتلاكها قاعدة صناعية قوية، في وقت امتنعت فيه العديد من الدول الأوروبية عن تصدير السلاح لتل أبيب. ولم تقتصر العلاقات العسكرية بين صربيا وإسرائيل على الشركات المحلية، بل امتدت إلى صفقات مباشرة مع كبرى شركات السلاح الإسرائيلية. ففي يناير/كانون الثاني، أبرمت بلغراد صفقة مع شركة " إلبيت سيستمز" بقيمة 335 مليون دولار لشراء أنظمة صواريخ متعددة الفوهات من طراز "بلس" وطائرات استطلاع مسيرة من طراز "هيرمز 900″، وفق ما ذكرته صحيفة هآرتس العبرية. وتُعد "إلبيت سيستمز"، بحسب وكالة رويترز، أكبر شركة دفاع في إسرائيل، إذ وفّرت منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ذخائر، وطائرات مسيّرة، وأنظمة صواريخ موجهة، وقدرات استطلاع، وأنظمة أخرى للجيش الإسرائيلي. وتشير الوكالة إلى أن نحو 32% من إيرادات الشركة تأتي من السوق الإسرائيلية، في حين تأتي النسبة المتبقية من الخارج، مع بلوغ قائمة طلبياتها 23.1 مليار دولار، يُنفَّذ أكثر من نصفها خلال عامي 2025 و2026. ووفق تقرير المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي، تُعتبر "إلبيت سيستمز" من بين الشركات التي تنتج أدوات المراقبة والسيطرة على الحشود والحرب الحضرية، إضافة إلى تقنيات التعرف على الوجوه والاغتيالات الموجهة، وهي أدوات قالت إنها "تُختبر عمليا على الفلسطينيين". روابط شخصية وصفقات خلف الكواليس لم تقتصر صفقات السلاح بين صربيا وإسرائيل على العلاقات الرسمية بين الحكومتين، بل لعبت شبكة من الشخصيات المقرّبة من صناع القرار دورا مهما في استمرار تدفق الأسلحة حتى في أوج الحرب على غزة. ففي أواخر يوليو/تموز، وصل فريق من المحققين الإسرائيليين إلى بلغراد لاستجواب مستشار العلاقات العامة الإسرائيلي سوروليك أينهورن، وقد عمل هذا الرجل سابقا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، كما كان مستشارا للرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، ويمتلك شبكة علاقات واسعة في المنطقة. ووفقا للتحقيق المشترك، استغل أينهورن هذه العلاقات لتسهيل صفقات سلاح من صربيا إلى إسرائيل بناء على طلب مباشر من مكتب نتنياهو، وكان الهدف ضمان وصول ذخيرة وأسلحة يحتاجها الجيش الإسرائيلي، رغم النقص الذي سببته الحرب. وقد جرى التحقيق في بلغراد تحت إجراءات مشددة، وفرضت السلطات الصربية أمرا بحظر نشر بعض تفاصيله باعتبارها "سرية للغاية"، وتشير تقارير هآرتس إلى أن هذه السرية تشمل بالتحديد المعلومات المتعلقة بصفقات السلاح التي ساعد أينهورن في إبرامها. ورغم رفض الحكومة الصربية الكشف عن محتوى الشحنات، تشير تقارير سابقة إلى أنها شملت قذائف مدفعية من عيار 155 ملم، وهي ذخائر ثقيلة قد تسبب دمارا واسعا إذا استُخدمت في مناطق مأهولة. والتُقطت صور في مطار بلغراد أظهرت شاحنات محمّلة بهذه القذائف قبيل وصول طائرات الشحن الإسرائيلية. ويرجح إينوك -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه الشحنات أسهمت في تجديد ترسانة إسرائيل خلال وقف إطلاق النار بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025، بعدما استهلك الجيش الإسرائيلي كميات كبيرة من هذه القذائف، كما أن الشحنات التي تلتها ارتبطت -على الأرجح- ببدء عملية "عربات جدعون" ضد غزة في مايو/أيار من العام نفسه. ويرى ميركو داوتوفيتش، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ويبستر بطشقند، أن العلاقات بين نتنياهو وفوتشيتش تقوم على "تفاهمات بين زعماء شعبويين يسعون للبقاء في الحكم عبر السيطرة على المؤسسات"، مؤكدا أن صربيا استفادت من صفقات مراقبة وتسليح مع شركات إسرائيلية، بينها برمجيات تجسس قالت منظمة العفو الدولية إنها استُخدمت ضد صحفيين وناشطين. ومع ذلك، يشير دهشان إلى أنه لم تسجل أي دولة عربية اعتراضا رسميا على هذه العلاقات، رغم أن استمرارها قد يسهم في زيادة الدمار في غزة، في ظل غياب أي محاسبة دولية لإسرائيل على انتهاكاتها للقوانين الدولية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
موانئ ومطارات أوروبية تعطل شحنات السلاح إلى إسرائيل
القدس المحتلة – تشهد القارة الأوروبية اتساعا غير مسبوق في أنشطة النقابات العمالية الرافضة لنقل الأسلحة والعتاد العسكري إلى إسرائيل، بسبب استخدامها المباشر في الحرب على قطاع غزة ، التي تصفها النقابات بأنها " إبادة جماعية". ولم تعد هذه التحركات محلية أو معزولة، بل تحولت إلى شبكة تضامن عابرة للحدود، طالت الموانئ والمطارات في إيطاليا و فرنسا و بلجيكا و اليونان و السويد و بريطانيا ، ما أدى لتعطيل سلسلة الإمداد البحري والجوي لإسرائيل بشكل متزايد، إلى جانب تعطيل جماعة أنصار الله (الحوثيين) الملاحة في البحر الأحمر. ومع اتساع رقعة هذه الأنشطة وتزايد تأثيرها على سلاسل التوريد العسكرية لإسرائيل، ترسم النقابات العمالية الأوروبية ملامح جبهة ضغط جديدة على إسرائيل، رافضة أن تكون الموانئ والمطارات الأوروبية جسورا لنقل السلاح إلى حرب توصف بالإبادة. عصيان العمال وجاءت هذه التطورات المتلاحقة بعد خطوة مفصلية تمثَّلت في قرار المستشار الألماني فريدريش ميرتس حظر توريد الأسلحة لإسرائيل، ما أضاف زخما كبيرا للحراك النقابي الأوروبي. وفي تحقيق استقصائي بعنوان "حظر اللجان.. كيف منعت النقابات العمالية في الموانئ الأوروبية شحنات معدات عسكرية إلى إسرائيل"، أعدّه الصحفي ميلان تشيرني لصالح موقع "شومريم" والقناة الـ12 الإسرائيلية، تتكشف تفاصيل مثيرة عن اتساع نطاق العصيان العمالي ضد شحن السلاح إلى تل أبيب. ويبرز ميناء "فوس سور مير"، قرب مرسيليا جنوب فرنسا، كمسرح لواحدة من أبرز هذه المحطات. ففي الشهر الماضي، يقول تشيرني "عكف عمال الميناء على البحث بين آلاف الحاويات عن شحنة محددة يشتبه بأنها تحتوي على مكونات أسلحة موجهة إلى إسرائيل، وكان من المقرر تحميلها على متن السفينة "كونتشيب إيرا". وبسبب صعوبة تحديد مكانها، تواصلت لجنة عمال الميناء الفرنسي مع زملائهم بميناء جنوة الإيطالي، حيث كان من المقرر أن ترسو السفينة لاحقا، وطلبوا منهم الاستعداد للتدخل في حال فشلوا هم في منع مرور الشحنة، وقد تجاوب الإيطاليون بسرعة، معلنين استعدادهم لتعطيل المسار. وتطورت القصة حين دخلت على الخط منظمة قانونية فرنسية تدعى "جوردي"، وقدمت استئنافا أمام محكمة محلية، ما أدى لاحتجاز السفينة لعدة أيام قبل أن تبحر في النهاية دون حمولتها المشبوهة. ويقول المحامي وعضو المنظمة الفرنسية ألفونسو دورادو "رفض عمال الميناء تحميل الحاويات، هذا نصرنا الصغير". لكن فرنسا لم تكن الاستثناء، فقد بادرت نقابات عمالية في إيطاليا، واليونان، وبلجيكا، و المغرب ، والسويد إلى تحركات مشابهة، بعضها اتخذ شكل إجراءات مباشرة وفعالة حالت بالفعل دون وصول شحنات عسكرية إلى إسرائيل. آثار التعطيل وهذه الجهود، مع القيود الرسمية التي تفرضها دول أوروبية على بيع أو نقل الأسلحة، إضافة لتهديدات الحوثيين المستمرة في البحر الأحمر التي تعرقل الشحن من آسيا، شكلت مجتمعة ضغطا متزايدا على سلسلة التوريد العسكرية الإسرائيلية، حسب ما ورد في التحقيق الاستقصائي. ووفق مصادر مطلعة، تحدثت إليها القناة الـ12 الإسرائيلية، يعتمد الإنتاج الدفاعي في إسرائيل على شبكة معقدة من الموردين الدوليين، وأي تعطل في وصول مكوّن صغير قد يؤدي إلى تأخيرات ممتدة ويترك انعكاسات إستراتيجية مباشرة على القدرات العسكرية. وبدأت قصة تعطيل الشحنات العسكرية المتجهة إلى إسرائيل من ميناء "فوس سور مير" في أبريل/نيسان الماضي، عندما قام عمال الميناء بتفتيش إحدى الشحنات المشتبه باحتوائها على مكونات لطائرات مقاتلة، ولم يعرف مصير تلك الشحنة حتى الآن، غير أن الحادثة سرعان ما انعكست على حركة الملاحة. وفي منتصف يوليو/تموز، أعلنت نقابة عمال ميناء "بيريوس" في اليونان أن عمالها رفضوا تفريغ شحنة من الفولاذ مخصصة للاستخدام العسكري والمتجهة لإسرائيل، وكانت معدة للنقل من سفينة إلى أخرى. وفي بلجيكا، دعت 4 منظمات عمالية لوقف شحنات من قطع غيار يزعم أنها كانت متجهة إلى مصنع ينتج مكونات دبابة ميركافا ، وكان من المفترض أن تمر عبر ميناء أنتويرب، ثاني أكبر ميناء بأوروبا. أما في السويد، فقد صوت 68% من أعضاء نقابة عمال الموانئ في يناير/كانون الثاني لصالح مقاطعة جميع الشحنات العسكرية من وإلى إسرائيل، وتبرز أمثلة أخرى من موانئ في إيطاليا والمغرب. قيود وتداعيات ولم تقتصر الضغوط على النقابات العمالية، إذ انضمت دول بدورها إلى فرض قيود مباشرة على مرور الأسلحة، ففي خطوة جماعية، أعلن أعضاء مجموعة لاهاي ، التي تضم بلدانا مثل بوليفيا وتشيلي وكوبا وكولومبيا وماليزيا وجنوب أفريقيا وغيرها، حظرا شاملا لتوريد الأسلحة إلى إسرائيل، ومنع السفن المحملة بالأسلحة من الرسو في موانئها. وقبل ذلك، كانت كل من إسبانيا و تركيا قد اتخذتا إجراءات مشابهة لتقييد تصدير ونقل الأسلحة إلى إسرائيل. ولم تقتصر الاعتراضات على الموانئ البحرية، بل امتدت للمطارات أيضا، ففي مطار شارل ديغول بباريس، اكتشف العمال أن شحنة من العربات المدرعة المخصصة لشركة إلبيت الإسرائيلية كان من المفترض أن تمر عبر المطار. وقد تأخرت هذه الشحنة في أوروبا لنحو شهر كامل، عقب إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي ردا على الهجوم الإيراني، لتصبح في متناول معلومات عدة نقابات عمالية، من سائقي الشاحنات إلى عمال المراكز اللوجيستية، الذين نسقوا جهودهم لإيقافها. ويرى مدير مركز الأمن القومي والديمقراطية في معهد الديمقراطية الإسرائيلي الدكتور عيران شامير بورير أن حملات الحظر على الشحنات العسكرية ليست جديدة، لكنها تشتد وتتوسع بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة. ويضيف "سابقا، كانت مشاكل سلسلة التوريد أصغر حجما وأقل انتظاما، وتركزت بالأساس على الضغط العام والإجراءات القانونية، أما اليوم فنحن أمام تعبئة نقابية دولية غير مسبوقة، وهذا يجب أن يقلق إسرائيل". وحذر شامير بورير من أن تداعيات هذه التعبئة قد تكون بعيدة المدى، موضحا أنه بينما تحاول إسرائيل التقليل من شأن الاحتجاجات، "فإن عدم قدرة الأجهزة الأمنية على الحصول على مكون صغير وضروري من بلد آخر قد يعني ببساطة غيابه عند الحاجة"، ما يفرض -برأيه- "تداعيات اقتصادية وتشغيلية خطيرة، وتحول الموانئ والمطارات الأوروبية إلى ساحة مواجهة جديدة".


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
"كنياز بوجارسكي" غواصة روسية نووية باليستية
"كنياز بوجارسكي" اسم روسي أطلق على الغواصة الثامنة ضمن سلسلة غواصات "مشروع 955". بدأ تصنيعها في ديسمبر/كانون الأول 2016، وبعد اجتيازها جميع مراحل التجارب البحرية، دخلت الخدمة رسميا في يوليو/تموز 2025. التصنيع والتطوير في مايو/أيار 2012 قررت روسيا بناء الغواصة النووية "الأمير بوجارسكي" (كنياز بوجارسكي بالروسية) بموجب عقد أُبرم بين وزارة الدفاع الروسية والمؤسسة المتحدة لبناء السفن (أوه إس كيه)، تضمن أيضا إنشاء 4 غواصات أخرى. انطلقت أعمال البناء فعليا في ديسمبر/كانون الأول 2016، مع وضع العارضة الأولى في مصنع "سيفماش" بمدينة سيفيرودفينسك، وهو حوض بناء السفن المتخصص في الغواصات النووية. يأتي المشروع في إطار الإستراتيجية الروسية لتعزيز قدرات الردع النووي البحري، وتعد الغواصة الخامسة من النسخة المطورة "بوريه-إيه"(مشروع 955)، والثامنة إجمالا ضمن فئة "بوريه" الحديثة. أُطلقت الغواصة إلى المياه في الثالث من فبراير/شباط 2024، وبدأت سلسلة من التجارب البحرية المكثفة التي انطلقت رسميا في 28 يوليو/تموز 2024. وبعد عودتها إلى سيفيرودفينسك في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2024 لاستكمال مراحل الاختبارات النهائية، أثبتت جاهزيتها القتالية، ودخلت الخدمة رسميا في 24 يوليو/تموز 2025. أقيمت مراسم التدشين في قاعدة "جادجييفو" البحرية التابعة لأسطول الشمال بمقاطعة مورمانسك، ورُفع العلم البحري الروسي (علم القديس أندرو) إيذانا بانضمامها إلى الفرقة 31 للغواصات المتمركزة في المدينة المغلقة "زاتو جادجييفو" بشبه جزيرة كولا. شهد الحفل حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، والنائب الأول لرئيس الوزراء دينيس مانتوروف، ومستشاري الرئيس أليكسي ديومين ونيكولاي باتروشيف، والقائد العام للقوات البحرية ألكسندر موي، والمدير التنفيذي لمؤسسة بناء السفن المتحدة أندري بوشكوف. التسمية سميت الغواصة باسم "الأمير بوجارسكي" تيمنا بالأمير "ديميتري ميخائيلوفيتش بوجارسكي (1578-1642)، الذي ارتبط اسمه بإعادة بناء الدولة الروسية. كما اشتهر بدوره القيادي في الانتفاضة الشعبية الكبرى التي تمكنت بين عامي 1611 و1612 من طرد القوات البولندية-الليتوانية من الأراضي الروسية. المميزات والمواصفات تتميز الغواصة النووية الروسية "الأمير بوجارسكي" بمستوى متقدم من القدرات التقنية يجعلها ضمن أقوى منصات الردع الإستراتيجي البحري عالميا. ومن أبرز مواصفاتها: إعلان الإزاحة فوق السطح: نحو 14 ألفا و700 طن. الإزاحة تحت الماء: حوالي 24 ألف طن، ما يضعها ضمن أكبر الغواصات من نوعها. الطول: 170 مترا. العرض: 13.5 مترا. سرعة الإبحار فوق السطح: 15 عقدة بحرية. السرعة تحت الماء: 29 عقدة بحرية. مدة العمل المستقل في البحر: تصل إلى 3 أشهر دون الحاجة للعودة إلى القاعدة. عدد الطاقم: نحو 107 أفراد. عمق الغوص التشغيلي: بين 400 و480 مترا. القدرات القتالية تعمل الغواصة بمحرك نووي من نوع "في إم-5" بالماء المضغوط "وسيطا لنقل الحرارة داخل المفاعل النووي"، ويولد طاقة حرارية تصل إلى 190 ميغاواط، وتعتمد على مفاعل نووي لتوليد الطاقة. كما تستخدم نظام دفع "بامب جيت" أو الدفع النفاث المائي، الذي يمنحها قدرة عالية على تقليل الضوضاء مقارنة بالغواصات التقليدية، مما يعزز قدراتها على التخفي وإجراء الهجمات دون كشف موقعها. تمتلك الغواصة أيضا أنظمة دفاعية متقدمة، تمكنها من حماية نفسها في بيئات الحرب البحرية المعقدة، مع قدرة هجومية فائقة تشمل إطلاق صاروخ "آر بي كيه-6 فييوغا" المضاد للغواصات، ما يزيد من قدرتها على البقاء في المياه الخطرة. التسليح والعتاد الصواريخ الباليستية: 16 صاروخا من طراز "آر إس إم-56″، كل صاروخ مزود بعدد من الرؤوس النووية الموجهة بشكل مستقل. الطوربيدات: 6 أنابيب طوربيد عيار 533 ملم، مع نظام دفاع ذاتي ضد الطوربيدات. أنظمة ملاحة واتصالات متطورة: تمكن الغواصة من تنفيذ مهامها بسرية تامة ومدة طويلة في أعماق المحيطات، مع القدرة على رصد موقع وسرعة العدو بدقة. وتم تصميم غواصات فئة "بوريه-إيه" لتكون بديلا حديثا لغواصات دلتا وتايفون القديمة، مع تعزيز قدرات الردع النووي والاستمرارية في العمليات البحرية الإستراتيجية.