
الممرات العربية للاجئين تقلق أوروبا
وشهدت معظم معابر الهجرة الرئيسية إلى أوروبا انخفاضاً ملحوظا باستثناء الطرق البحرية التي نقلت أكثر من 45 ألف لاجئ من الشواطئ المغاربية العربية، تونس وليبيا والجزائر والمغرب، إلى القارة العجوز خلال الأشهر السبعة المشار إليها.
وفق أرقام المنظمة التي ترفد حرس الحدود المحلي في الدول الأوروبية بنحو 3400 ضابط، ارتفعت أعداد قوارب المهاجرين في خط هجرة جديد ينطلق من شرق ليبيا إلى جزيرة كريت اليونانية بمعدل أربعة أضعاف مقارنة بالفترة ذاتها من 2024.
وتقول البيانات إن 10 آلاف مهاجر وصلوا من شرق ليبيا إلى الجزيرة الأوروبية بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) 2025، أما من تونس إلى إيطاليا فزادت عدد عمليات العبور بنسبة 9 في المئة لتصل إلى 36700 حالة وفق المقارنة ذاتها.
انطلاقا من شواطئ الجزائر والمغرب ازدادت رحلات تصدير المهاجرين إلى إسبانيا بنسبة 11 في المئة بين مطلع العام ونهاية يوليو الماضي، حيث يوفر المهربون للراغبين بالوصول إلى الجنة الأوروبية خيارات تتراوح كلفتها بين 900 و 20000 يورو، بحسب درجة أمان وضمان الوصول بأقل أخطار ممكنة على المهاجرين.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أكثر الجنسيات العابرة إلى قارة أوروبا عبر سواحل تونس وليبيا أو طريق (وسط المتوسط) كما تسميه "فرونتكس" هي البنغالية والإريترية والمصرية، أما معبر (غرب المتوسط) فضم ترتيب الجنسيات الأكبر الجزائرية والصومالية ثم المغربية.
عبر طريق "شرق المتوسط" الذي تمثل تركيا منطلقه، تمر ثلاث جنسيات رئيسية هي الأفغانية والمصرية والسودانية، ولكن إجمالي المستخدمين لهذا المعبر تراجع في الفترة المشار إليها بنسبة 16 في المئة إلى ما يزيد على 26 ألف عبور.
عربياً أيضاً يعد السوريون ثالث أكبر الجنسيات المهاجرة إلى الاتحاد الأوروبي عبر ما تدعوه المنظمة "طريق غرب البلقان" أو حدود صربيا، فيما يحتل الصوماليون المرتبة الثانية بين الدول المصدرة للاجئين عبر طريق "الحدود البرية الشرقية" أي بيلاروس.
من بين العابرين إلى الاتحاد الأوروبي عبر إجمالي الطرق الستة التي تتبعها وتراقبها منظمة "فرونتكس" هناك نحو 42 ألف مهاجر وصلوا إلى المملكة المتحدة خلال الأشهر السبعة في 2025 بنسبة زيادة 26 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الذي سبقه، أما أبرز جنسيات اللاجئين الذين عبروا بحر المانش فهي الإريترية والصومالية والأفغانية، على الترتيب.
ثمة طريق بحرية تنطلق من المغرب باتجاه أوروبا لكن عبر المحيط الأطلسي وليس المتوسط تسميها المنظمة "طريق غرب أفريقيا"، تقول البيانات إن عدد مستخدميها قد تراجع منذ بداية العام الحالي بنسبة 46 في المئة إلى 11575 عبوراً، ويبدو أنها ليست من الطرق المفضلة للعرب وفق جنسيات الدول الثلاث الأكثر عبوراً من خلالها.
التراجع بنسبة مقاربة طاول أيضاً طريقي "غرب البلقان" بـ 47 في المئة إلى 6543 عبوراً، و"الحدود البرية الشرقية" بـ 45 في المئة إلى 5456 عبوراً، مما جعل إجمالي عدد حالات العبور إلى القارة العجوز ينقص بنسبة 18 في المئة منذ بداية 2025.
وعلى رغم هذا التراجع، تقول "فرونتكس" إن الخسائر البشرية بين المهاجرين لا تزال كبيرة، حيث تقدر المنظمة الدولية للهجرة أن 947 شخصاً لقوا حتفهم أثناء عبورهم البحر المتوسط باتجاه القارة الأوروبية منذ بداية العام الحالي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 4 أيام
- حضرموت نت
فرصة لليمنيين للسفر إلى ألمانيا للدراسة الجامعية وبرسوم رمزية
فرصة ذهبية تمنحها الجامعات الألمانية للطلاب اليمنيين للدارسة الجامعية سواء البكالريوس أو الماجستير أو حتى الدكتوراة، برسوم رمزية وميسورة ومقدور عليها، وهو الأمر الذي أكده بروفيسور يعمل أستاذ جامعي لتكنولوجيا المعلومات العصبية في كلية الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات في جامعة أوتو فون الألمانية. ففي لفتة رائعة وجميلة يستحق عليها البروفيسور اليمني الأصل 'أيوب قاسم الحمادي' الشكر والتقدير والثناء قام بنشر توضيح شامل وكامل كشف فيه للطلاب اليمنيين وأولياء أمورهم إمكانية مواصلة التعليم في الجامعات الألمانية بطريقة سهلة وغير معقدة، وهو التوضيح الذي سيغير وجهة النظر والمعتقدات الراسخة في أذهان كثير من أولياء الأمور الراغبين بمواصلة أبنائهم وبناتهم العملية التعليمية في الجامعات. فقد كان الغالبية الساحقة من أولياء الأمور يعتقدون ان الدراسة في الجامعات الأوروبية على حسابهم الشخصي مكلفة ماديا خاصة الجامعات الألمانية، فكانوا يرسلون أبنائهم إلى دول مثل ماليزيا أو مصر أو الهند، معتقدين انها أقل تكلفة، لكن الحمادي أوضح ان الأمر ليس كذلك وهو ما يفتح أبواب الجامعات الألمانية العريقة أمام الطلاب اليمنيين. فقد أوضح البروفيسور الحمادي إن الكثير من الرسائل تصله للاستفسار عن الدراسة في المانيا، فنشر توضيح كامل يستحق عليه الشكر، وفي ختام منشوره، وجه نصيحة للطلاب الراغبين في الدراسة في مختلف الجامعات الألمانية الدخول على صفحة اتحاد طلاب اليمن في ألمانيا، وقال ان الطلاب في الاتحاد يقومون بجهود رائعة ويجيبون على جميع الاستفسارات من قبل الطلاب العرب في كل أنحاء الوطن العربي. وأترك لكم نص المنشور التوضيحي الذي نشره البروفيسور أيوب الحمادي دون زيادة أو نقصان ???? (( اولا الدراسة في المانيا بلاش بدون مقابل، عليك فقط مصاريف المعيشة حدود ٧٠٠ الى ٨٠٠ يورو شهريا منها التأمين الصحي، هناك رسوم للجامعات تختلف من مدينة لمدينة وهي لاتتجاوز مثلا في جامعتي ١٢٩ يورو تقريبا يحصل الطالب بموجبها على تذكرة لاستخدام كل المواصلات ل ٦ اشهر اي فصل كامل فمثلا لو اشترى تذاكر مواصلات شهرية سوف يدفع مايقارب ٥٩ يورو شهريا اذا لم يكن طالب هنا وايضا الاكل يكن بسعر رمزي له في مطعم الطلبة للطالب، وايضا لو عنده ازمة مالية هناك قسم قد يساعده كرعاية اجتماعية طلابية يعني يعطيه كم مرة قيمة اكل او سلفة يعني ١٢٩ يورو تعود عليه بخدمات وليس الامر تجارة هنا الطلاب شريحة فقيرة هنا في المجتمع ويجب دعمهم هنا، وعلى الطالب فقط للحصول على فيزا وإقامة ان يكن معه اعتماد مالي يكفي لمصاريف المعيشة هنا ويكن عنده قبول ويكن عنده لغة، ثانيا هناك شروط لدراسة البكالوريوس هنا والدراسة باللغة الالمانية الى الان وهذا يشترط لغة المانية مع سنة تحضيرية قبل الجامعة، اما الماجستير فهناك برامج باللغة الإنجليزية ومدتها فقط سنتين بمعنى اسهل بشرط وجود لغة انجليزية مثل التوفيل. طلاب الماستر يجدون فرص عمل اذا كانوا متفوقين في الأقسام ومن بيده مهارات مثل البرمجة وأساس علمي متين تفتح له الابواب، ولذا انصح انا الطالب او الطالبة ان يستثمروا وقتهم ليس في الهدرة والمناقشة والسياسية والفيس بوك ومجالس القات وانما في اللغات والبرمجة وتحسين المهارات والبرامج التعليمية وفي تعلم الانجليزي بشكل مكثف اقلها عبر النت اذا كان في المدرسة او الجامعة انصح ان يدرس البكالوريوس في بلده ومن اراد هندسة، ولم يحصل على مقعد هندسة ادخلوا كلية العلوم مثل الفيزياء او الأحياء او الكيمياء او الرياضيات وبعدها الماجستير في المانيا في تخصصات الهندسة القريبة من ذلك واقول القريبة من ذلك او علوم الحاسوب لاختصار السنوات والتذبذبات والارهاق والمصاريف على أهله. يعني بكالريوس ممكن يكن في العلوم في اليمن يفتح الباب للماجستير في الهندسة هنا بشرط لغة انجليزية مرتبة بمعنى توفيل مهم ان يتفوق الشخص في بلده لان التفوق يجعل الابواب مفتوحة في الفرز والمنافسة ايضا ماجستير في العلوم بتفوق في جامعة يمنية معترف بها تفتح الباب لدكتوراه بالهندسة هنا ويجب ان تكن لغته الانجليزية ايضا رائعة، ومن هو متفوق سوف يجد منحة اكيد في المانيا او غيرها، لان في السنوات القادمة هناك احتياج كبير هنا في الغرب لكن للافضل قد يتم اضافة مادة او مادتين فقط على الشخص المختصر هنا ان الغرب مثل المغناطيس يسحب طلاب العالم المتفوقين اليه في التخصصات التقنية ونحن نكدسهم في تخصصات ادبية او تخصصات بعيدة عن الواقع او تخصصات تاريخية او دينية ثالثا لا يوجد هنا منح مالية لطلاب البكالوريوس والماستر او اقدر أقول صعب ذلك وان وجدت فهي بيد منظمات او تعطى للحكومة اليمنية، بمعنى الموضوع هذا صعب ولا داعي لسؤال اريد ارسل ابني او ابنتي واريد لها منحة، لان ذلك لا نحتكم عليه حتى كبرفسورات الاسهل لنا كبروفوسرات من يريد دكتوراه هناك طرق عدة للحصول على منح او دعم او غيره بشرط تجد بروفيسور يقتنع بك وعندك الشروط كاملة لبرنامج الدكتوراه وانت متفوق جدا في مجال علمي رابعا تتم المراسلة من الشخص نفسه عبر النت في الماستر يتم الفرز من فريق هنا في الجامعة لقبول عدد معين الفرز يعود هل الجامعة معترف بها وهل الدرجات جيدة وهل اللغة الانجليزية مكتملة المراسلة تتم في العادة عبر اوني اسست يفحصون الاوراق ويرسلوها للجامعات والجامعة تبت بعدها هولاء ياخذوا ٧٥ يورو على كل طلب فحص اوراق رتب اوراقك مع التوثيق والسيرة الذاتية وتطابق التواريخ والاسماء بحيث لايختلف حرف قبل المراسلة خامسا البرفيسورات فقط يمتلكون قرار قبول الاشخاص في برامج الدكتوراه، اما الماستر والبكلريوس دراسة عادية تمر عبر قنوات التسجيل في قطاع الادارة ولا نتدخل بذلك ولانلتقي بالطلاب او نبدأ التعامل معهم الا في قاعات المحاضرات سادسا هناك توجه لفتح برامج بكالريوس باللغة الانجليزية وبذلك يدخر الطالب سنتين فمثلا تدور هنا نقاشات على مستويات عالية لذلك وقد يتم إقرار ذلك خلال سنة الى سنتين طيب احدكم سوف يقول وايش الفائدة لنا الفائدة اذا كان ابنك او ابنتك في التعليم الثانوي حاليا فخليهم يهتمون بشكل مكثف باللغة الإنجليزية بدل الامور التي لاتفيد لانها قد تفتح لهم ابواب ايضا هناك مواعيد لتقديم الاوراق لايمكن تتأخر يوم وتنتظر يردوا عليك بمعنى تتأخر يوم عليك تنتظر سنة او ٦ اشهر للفصل القادم وايضا الاسماء والتواريخ لابد ان تكن في كل الوثائق منطبقة لايزيد حرف او ينقص غير ذلك تتعقد الامور مهم البرامج الماستر الانجليز دون توفيل لن تقبل لايكفي ان يكن لديك رغبة وانما يجب ان تكن لديك قدرة وتحمل وصبر واجتهاد ومثابرة لان الاغتراب اما ان يرفعك او تسقط فتنكسر وتضيع ايامك دون فائدة فتعاني وقبل الاخير اذا كنت تشعر ان ابنك او ابنتك غير راكز ولامتزن ولا يمتلك قيم دينية مغروسة فيه فلا تبعثه للغرب لانه سوف يضيع عليك للابد، اتركه يدرس بجانبك اقلها يخف الصداع لك وله اخيرا العالم يحتاج طلاب في التخصصات التقنية ولذا في المانيا لايوجد شروط معدل ثانوية للقبول لكن الطالب الغير مجتهد يتعثر في أول فصل ولايستطيع يمشي مادة بسهولة الدراسة صعبة هنا وتحتاج اساس علمي متين وفهم واستنفار)) انتهى كلام البروفيسور والشكر والتقدير للبروفيسور على هذا التوضيح وأتمنى التوفيق لكل طالب يمني سواء في الجامعات الألمانية أو في غيرها من الجامعات الأوروبية، فقد وضع الحمادي النقاط على الحروف، وشرح كل شيء بالتفصيل، وترك الكورة في ملعب الطلاب وأولياء أمورهم للوصول لتلك الجامعات والدراسة فيها.


Independent عربية
منذ 5 أيام
- Independent عربية
زحام ولا أحد... كيف مات شعورنا بالآخر؟
كانت المدينة القديمة كائناً حياً ينبض بالعلاقات بين سكانها، أي بين الجار وجاره، والبائع وزبونه، والمار وسكان الأحياء الذين يحولون الساحات إلى أمكنة للتلاقي والتسامر وتبادل الأحاديث. وكان سكان الحارات يعرفون بعضهم بعضاً، وأبواب بيوتهم مفتوحة من دون أن تعلوها كاميرات مراقبة، وكانت التحية الملقاة فعلاً بديهياً لا مجاملة ثقيلة، والتعاون وتبادل المساعدة والخدمات هو القاعدة، وحين يمرض أحد سكان الحي يهرع الجيران إلى مساعدته من دون أن يطلب. وكما في الأحزان كذلك في الأفراح، كان الجميع يتبادلون المشاعر في ما بينهم إما لمساندة الحزين أو لمشاركة السعيد فرحه. لكن هذا النمط من العلاقات لم يعد يحتل المشهد في المدينة الحديثة، حيث صارت العلاقة بين الجيران محصورة بإلقاء تحية الصباح أو المساء كما لو أنها فرض واجب، ومن دون أن يعرف أحدهم اسم الآخر. قد يعود الأمر إلى صعود الحياة الرقمية على حساب الروابط الاجتماعية بعدما تحول التواصل إلى مجرد إشعارات تمر في التطبيقات الإلكترونية، وغابت الأيدي التي تطرق الباب لتسأل الجار عن حاله، أو إذا ما كان يحتاج إلى المساعدة في أمر ما. الفردانية الحديثة والاكتئاب بدأ علم النفس الاجتماعي يسلط الضوء على العلاقات الاجتماعية في المجتمعات التقليدية، التي كانت تخلق إحساساً بالانتماء إلى الجماعة أو المكان أو إلى تقاليد عامة مشتركة، وقد وجد علماء النفس وعلماء الاجتماع أن هذا الشعور بالانتماء كان عنصراً محورياً في استقرار الفرد النفسي، وأن غياب الدعم الاجتماعي الذي لا يعتمد على فائدة أو مصلحة يجعل الإنسان أكثر عرضة للاكتئاب والقلق والشعور بالعزلة. وتؤكد تقارير صادرة عن منظمة الصحة العالمية أن المجتمعات التي لا تزال تحتفظ ببعض مظاهر العلاقات التقليدية، تشهد نسباً أقل من الأمراض النفسية وحالات الانتحار مقارنة بتلك التي تعيش تحت وطأة الفردانية الحديثة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والفردانية الحديثة تبدو تحرراً شكلياً يراه بعض الفلاسفة قيداً مموهاً، وكما يشير عالم الاجتماع دوركهايم فإن الإنسان لم يخلق ليكون جزيرة في بحر المجتمع بل عقدة في نسيج اجتماعي حي، وكما استنتج دوركهايم نفسه فقد سكنا المدن الجديدة، لكننا لم نعرف كيف نتساكن نفسياً مع بعضنا بعضاً في داخلها. في الدراسات الأنثروبولوجية التي تناولت المجتمعات الحضرية، ثمة شبه إجماع على أن المدن التقليدية في الشرق كانت تقوم على "شبكات اجتماعية حيوية". لم تكن البنية الحضرية معمارية فحسب، بل أخلاقية وعاطفية. البيت كان جزءاً من الشارع، والشارع جزءاً من الحي، والحي امتداداً للعائلة. على سبيل المثال في العاصمة اللبنانية بيروت وفي دمشق والقاهرة قبل عقود لم تكن الشرفات للفصل بين الجيران بل لتواصلهم. كانت النساء يتبادلن الطعام، والأطفال يتقافزون بين بيوت لا تفرق بينهم، والعتبة مساحة سردية تتشكل عليها الحكايات. لم يكن هناك شيء اسمه "خصوصية مفرطة"، بل شيء يشبه الأمان الجماعي. في المقابل، أفرزت المدن الحديثة ما يمكن تسميته سوسيولوجيا العزلة، وهو نمط الحياة القائم على الانفصال. فالأبراج الشاهقة والمجمعات السكنية الضخمة حيث لا يعرف السكان أسماء بعضهم بعضاً، أخفت "الإنسان الحميمي" أو العلاقات الحميمية بين الناس والسكان. كان عالم النفس إريك فروم أشار مبكراً إلى هذه الظاهرة، وكتب أن "المدينة الحديثة لا تقتل التواصل فحسب، بل تخلق شعوراً دائماً بالاغتراب حتى وأنت بين الناس". عتبة تلد الحكاية في كثير من القرى والبلدات في العالم العربي لا تزال العتبة تحتفظ بمعناها ودورها القديمين، حيث هي مكان للجلوس ولرؤية العالم يمر، ولطرح الأسئلة وتبادل الأحاديث مع المارة، وهناك مئات الأمثال الشعبية حول أهمية عتبة الباب، التي تدل على الكرم أو البخل أو على اتساع صدر أصحاب البيت أو ضيقه أو على ثراء وفقر صاحب العتبة. فعتبة البيت دليل إلى ما فيه، وهي في الوقت نفسه حده الذي يوصله بالشارع أو بالحي. وإذا كانت المدينة القديمة قد حاولت محاكاة هذا التكوين، فإن المدينة الحديثة تخلت عنه طوعاً، لأن العتبة ليست مجرد بناء هندسي، إنها رمز ثقافي واجتماعي وهندسي عمراني، إنها صلة بين الداخل والعالم، بين الأنا والآخرين، ومن ثم فإن خسارة العتبة ودورها ربما يعني خسارتنا أنفسنا ككائنات اجتماعية. ففي المدينة القديمة، لم يكن العمل مجرد مصدر للدخل، بل وأيضاً سبباً للعلاقات الاجتماعية المتينة. فصاحب المهنة كان أب المتدربين عنده أو العاملين، والزبائن لم يكونوا مجرد زبائن بل وجوهاً مألوفة تعرف بالاسم. وكان في الحي المديني لكل دكان جمهوره، وكل مهنة مرتبطة بعلاقة ثقة تدوم من جيل إلى جيل، بينما في أيامنا هذه تحولت العلاقات إلى عقود واتفاقات وربما إلى انتباه وارتياب من الآخر بعدما اختفى التواصل الحي والمباشر بين الجيران أو بين الموظفين ومديريهم لمصلحة البريد الإلكتروني وخدمة العملاء الآلية أو مجموعات الـ"واتساب"، أو يكتفي الجميع بالتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ناشراً للصور، وعارضاً حياته اليومية أمام الآخرين، وكأنه بذلك يقوم بكل ما هو مطلوب منه للحفاظ على العلاقات الاجتماعية التي تصير إلى ما يشبه التلصص بين الأصدقاء والأقارب على بعضهم بعضاً، وتصبح المشاركة بـ"اللايك" أو القلب أو الضحكة على البوست المنشور بديلاً عن تبادل الأحاديث والنقاش وتفعيل الذاكرة المشتركة للطفولة مثلاً. اليوم، يعيش الأطفال داخل جدران مؤسسات مغلقة مثل الحضانات والمدارس والأندية وشاشات الهواتف والكمبيوتر، فانقطعت صلتهم بالمحيط المكاني، سواء كان الجيران في المبنى أو الحي والزقاق. وما عاد بإمكان طفل اليوم أن يكون ذاكرة جمعية عن المدينة، بل يعيش في فضائه الخاص. وينطبق الأمر على النساء في المدينة القديمة اللاتي كن صانعات للنسيج الاجتماعي للحي، وكان تبادل الزيارات والصبحيات والجلسات المسائية والاحتفالات والتحضير لها وتبادل الطعام والطبخ بمثابة الشبكة الحامية لاستمرار العلاقات الاجتماعية الصحية. أما في المدينة الحديثة فقد تزايد ضغط العمل وتقلص هذا الدور واختفت المجالس النسائية المفتوحة التي كانت تكرس التربية والتضامن. في المدن التقليدية، كان الحي كياناً حياً تنسج فيه ذاكرة مشتركة. ولم يكن الشارع ممراً فحسب، بعدما صار مجرد وظيفة أو شقة للاستئجار أو عنوان على "جي بي أس". وكان الحديث مع شخص غريب في باص أو مقهى أمراً عادياً وشائعاً يولد حكاية أو صداقة، وكان الناس يرمقون بعضهم باهتمام عكس اليوم، حيث كل شخص يقبع خلف سماعة أو شاشة محاطاً بجدار من الصمت الرقمي. وحين نريد أن نعبر عن مشاعرنا للآخرين تحل محلها رموز مبتسمة أو غاضبة ترسل عبر أثير الإنترنت. الهندسة المضادة للعلاقات اليوم معظم المدن الكبرى صممت لأجل المرور لا لأجل اللقاء. وقد أظهرت دراسة أجراها Urban Land Institute أن 74 في المئة من مشاريع التطوير الحضري في السنوات الـ10 الأخيرة ركزت على الكفاءة والنقل والربحية، بينما تراجعت الاعتبارات الاجتماعية والبيئية. المدينة الحديثة، كما يصفها علم الاجتماع الحديث لم تعد جسداً حياً بل آلة مخصصة للتنقل والعمل. تقرير WHO لعام 2022 كشف عن أن سكان المدن يعانون الاكتئاب بنسبة 39 في المئة أكثر من سكان الأرياف. أما القلق المزمن، فارتفعت معدلاته بنسبة 60 في المئة بين من يعيشون في مناطق حضرية مكتظة. ويلاحظ تقرير مشترك بين جامعة "طوكيو" ومؤسسة Gallup أن معدلات الانتحار في المدن الكبرى تضاعفت مرتين في العقد الأخير، مع روابط واضحة بانعدام الدعم الاجتماعي والشعور باللاجدوى. منذ العقد الثاني من الألفية، بدأت حركات مدنية وحكومية في أوروبا وأميركا تعيد النظر في هذا المسار. وبحسب تقرير نشره معهد Project for Public Spaces الأميركي، فإن "تصميم المساحات لا يتعلق بالجمال أو التنقل فحسب، بل بإعادة إحياء الحميمية الجماعية". في العاصمة الألمانية، طورت بلدية برلين منذ 2016 مشروعاً اسمه Berliner Begegnungsorte أو "أماكن اللقاء البرلينية"، حيث حولت الأرصفة المتروكة في بعض الأحياء إلى نقاط تجمع محلية، وضعت فيها مقاعد ملونة، وخزائن كتب صغيرة مجانية. وفي العاصمة الفرنسية باريس، أطلقت البلدية مشروعJardins partagés (الحدائق المشتركة)، حيث يمنح سكان الأحياء إمكانية إنشاء حديقة في مساحة فارغة مهجورة، يزرعون فيها، يلتقون، ويطبخون أحياناً. هذه الحدائق، التي تتجاوز اليوم 150 حديقة في العاصمة وحدها، صارت بمثابة غرف معيشة خارجية. في دراسة لبلدية باريس، قال 78 في المئة من المشاركين إنهم تعرفوا إلى جيرانهم للمرة الأولى من خلال هذه الحدائق. في مانهاتن، حيث تقدر قيمة العقار بالمليمتر، بدا من المستحيل تحرير مساحات للناس. لكن تجربةOpen Streets عام 2020 أثناء جائحة كورونا فتحت العيون، فحين أغلقت شوارع أمام السيارات، وتركت للمشاة والدراجات والأنشطة الفنية ازدهرت الحياة، لذا وبعد انتهاء مرحلة كورونا تم تثبيت هذه التجربة في 2023، وإغلاق 80 شارعاً أمام السيارات أيام العطل. وبحسب تقرير لبلدية نيويورك، فإن هذه المبادرة أسهمت في تعزيز الصحة النفسية. من أكثر التجارب راديكالية تجربة "السوبر بلوك" (Superilla) في برشلونة. تقوم الفكرة على دمج تسعة مربعات سكنية في وحدة واحدة تغلق أمام المرور غير الضروري، وتخصص للمشاة والأطفال والموسيقى والأنشطة المجتمعية.


Independent عربية
٠٩-٠٨-٢٠٢٥
- Independent عربية
إخماد حريق اندلع في مسجد-كاتدرائية قرطبة
اندلع حريق في مسجد-كاتدرائية قرطبة الشهير في جنوب إسبانيا أمس الجمعة، لكن رجال الإطفاء تمكنوا من إخماد النيران وإنقاذ هذا المَعلم التاريخي. وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها النيران وهي تتصاعد من داخل المعلم الديني والسياحي المدرج في قائمة التراث العالمي لـ"اليونيسكو"، والذي يزوره نحو مليوني شخص سنوياً. وقال رئيس بلدية مدينة قرطبة خوسيه مارا بيليدو لقناة "كادينا" التلفزيونية، "أُنقذ المعلم التاريخي. لن يكون هناك انتشار للنيران، ولن تكون كارثة، دعونا نضع الأمر على هذا النحو". وأعلن رئيس البلدية في وقت لاحق أن الحريق الذي أعلن رجال الإطفاء في وقت سابق عن أنه "تحت السيطرة"، جرى إخماده الآن. وكتب على منصة "إكس"، "لحسن الحظ، حال التدخل السريع والرائع لرجال إطفاء قرطبة دون وقوع كارثة. أُخمد الحريق الآن، وسيبقى رجال الإطفاء وفرق الشرطة المحلية في الموقع الليلة لتجنب أي خطر". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واندلع الحريق قرابة الساعة التاسعة مساء (19:00 ت غ)، مما أثار المخاوف في شأن هذه التحفة المعمارية التي تعود إلى العصور الوسطى وأعاد إلى الأذهان حريق عام 2019 الذي أتى على كاتدرائية نوتردام في باريس. ووفقاً لوسائل إعلامية فإن سبب الحريق اشتعال النار في آلية تستخدم لكنس الأرض. ويعد مسجد-كاتدرائية قرطبة جوهرة معمارية شيدت على يد أمراء وخلفاء أمويين بين القرنين الثامن والعاشر. وبدأت أعمال البناء على موقع كنيسة في القرن الثامن على يد الأمير عبدالرحمن الأول الملقب بـ"الداخل"، ثم تم التوسع على مدى أربعة قرون. وبعدما استردت الممالك المسيحية شبه الجزيرة الأيبيرية من المسلمين عام 1236 كرس الموقع كاتدرائية وأضيفت إليه عناصر معمارية كاثوليكية.