
حراك إقليمي ودولي لإحياء مفاوضات وقف حرب السودان
عاودت جهود إقليمية ودولية حراكها بشكل مكثف؛ سعياً لإحياء مبادرات إنهاء الحرب في السودان، بعد حالة من الجمود امتدت لأكثر من عام. وتعثرت محادثات جرت في أوقات سابقة بين طرفي القتال، الجيش و«قوات الدعم السريع»، في إحداث اختراق يذكر نحو الحل السلمي.
غير أن تعهد السعودية، في قمة بغداد الأخيرة، بمواصلة جهودها عبر «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية، حظي بقدر كبير من اهتمام السودانيين. وقالت منصة المتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية، يوم الأحد، إن اجتماعاً تشاورياً رفيع المستوى عُقد على هامش القمة، جمع كلاً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، ناقش إمكانية تحقيق استجابة دولية أقوى للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في السودان.
ومع تأكيد قادة المنظمات الثلاث على التزامهم بوحدة وسيادة السودان، لتفادي انهيار مؤسساته الوطنية، فقد أكدوا في الوقت نفسه الحاجة الملحة إلى وضع «رؤية ومقاربة متسقة» للأزمة في حل النزاع السوداني.
وكان عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، قد طرح في خطاب السودان أمام قمة بغداد، خريطة الطريق التي دفعت بها الحكومة للأمم المتحدة والوسطاء في مارس (آذار) الماضي، وتشمل وقف إطلاق النار مع انسحاب «قوات الدعم السريع» من كل المناطق والمدن التي تسيطر عليها.
وبحسب المسؤول السوداني، تحوي خريطة الطريق استئناف العملية السياسية بتعيين حكومة مدنية من الكفاءات المستقلة، يرافقها حوار سوداني- سوداني شامل يؤسس للوصول إلى الانتخابات.
عبد الفتاح البرهان يستقبل لعمامرة في بورتسودان خلال زيارة سابقة (أرشيفية - مجلس السيادة السوداني)
وأثار ترحيب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، بخريطة الطريق التي دفعت بها الحكومة السودانية، حينها، انتقادات عدد من القوى السياسية، واعتبرتها تمثل انحيازاً لأحد أطراف النزاع، كما تمثل إقصاءً لمكونات القوى المدنية.
وفي هذا الصدد، رأى رئيس المكتب التنفيذي لحزب «التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل، أن إعادة طرح خريطة الطريق السابقة في القمة العربية، «تشبه إملاء شروط طرف منتصر على طرف مهزوم، وهو أمر لا يعكس ما يجري على أرض الواقع». كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها «وسيطاً محايداً».
وأضاف فيصل في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أن على طرفي الحرب العودة إلى التفاوض في «منبر جدة»، وإجراء حوار جدي لوقف الاقتتال، ويستصحبوا فيه ما تم التوافق عليه في «اتفاق المنامة»، مشيراً إلى أن ما تم التوافق حوله حينها بلغ نسبة 85 في المائة حول تفاصيل وقف العدائيات وإطلاق النار.
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (أرشيفية)
وقال فيصل، لا توجد إرادة حقيقة كافية لوقف الحرب، وما كان يمكن تحقيقه قبل سنتين منذ اندلاع الحرب قد يصعب تحقيقه الآن. وأضاف أن إعلان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية - الأميركية بالرياض حول مواصلة الجهود لوقف الحرب في السودان «أمر جيد، ونتمنى اتباعه بخطوات تنفيذية لاستئناف منبر جدة، بدعوة الأطراف المتحاربة للعودة إلى التفاوض، خصوصاً أنه تم قطع أشواط كبيرة في المحادثات السابقة».
وأشار إلى أن المرجو من «منبر جدة» أن يصل بالأطراف المتحاربة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وترتيبات إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، وإفساح المجال أمام القوى المدنية لتقرر في العملية السياسية، ما بعد إيقاف الحرب.
بدوره قال رئيس حزب «الأمة -الإصلاح والتجديد»، مبارك الفاضل المهدي، إن خريطة الطريق المقدمة من الجيش إلى الأمم المتحدة، «غير واقعية، وأغفلت أي إشارة إلى التزامه بتعهداته في اتفاق جدة لحماية المدنيين الموقع في مايو(أيار) 2023، برعاية السعودية والولايات المتحدة».
وأضاف في بيان: «كما تجاهلت الخريطة أيضاً اتفاق المنامة الذي وقعه نائب القائد العام للجيش، الفريق شمس الدين كباشي، وقائد ثاني (قوات الدعم السريع)، عبد الرحيم دقلو، وهي وثيقة مهمة، وضعت إطاراً للحل السياسي والعسكري».
حرب المسيَّرات في السودان دمَّرت كثيراً من المرافق العامة (رويترز)
وأشار المهدي إلى أن اتفاقَي جدة والمنامة وضعا الأساس الحقيقي لإنهاء الحرب، والعودة إلى الحكم المدني وتشكيل جيش مهني لا علاقة له بالسياسة. ودعا المهدي، قيادة الجيش و«الدعم السريع» إلى الالتزام التام باتفاقَي جدة والمنامة، والاستجابة للدعوات الإقليمية والدولية، وتنفيذها لإنهاء المأساة الإنسانية الكبرى التي حلت بالشعب السوداني.
من جانبه، قال رئيس حزب «مؤتمر البجا»، أسامة سعيد، وهو أحد فصائل تحالف «التأسيس» المؤيد لـ«الدعم السريع»، إن «خريطة طريق الجيش محاولة للالتفاف على أسس ومبادئ الحل التي جاءت في اتفاق المنامة». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن ما جاء في خريطة الطريق هو «فرض شروط وإملاءات لن تؤدي إلى عملية سلام في السودان»، مشيراً إلى أن أي عملية سلام يجب أن تقوم على أسس ومبادئ يتراضى عليها طرفا النزاع، وأن الوصول إلى إنهاء الحرب لا يتم إلا بمخاطبة جذور الأزمة، عبر الجلوس إلى طاولة مفاوضات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
حياة عادية
... وإليكم هذا النبأ البالغ الأهمية: القمة العربية الرابعة والثلاثون تنعقد في بغداد! ولكن أليس هذا نبأ عادياً؟ تقول الزميلة فتحية الدخاخني (المصري اليوم) إن الكهرباء تنقطع عدة مرات في اليوم، كأي عاصمة عربية. وإن لطف العراقيين يعوض ويتحول إلى إضاءة فورية. لا أخبار عاجلة من بغداد. لا أبطال يفجرون المارة في الشوارع، ولا جثث تتطاير في الهواء من دون أن تعرف لماذا، والتلامذة الصغار يذهبون إلى المدارس ويعودون. هذا هو الحدث في العالم العربي اليوم: الحياة العادية. الشارع الآمن، والمصانع الآمنة، ومحلات بيع «المن والسلوى». وقد كان ذلك صعباً، أو مستحيلاً، في السنوات الأربع والثلاثين الماضية. كانت في العراق أحلام كبرى مثل احتلال الكويت لاستعادة فلسطين. ودحر إيران من أجل توحيد العرب، وقتل مليون عراقي في سبيل حياة أفضل. لا أذكر أن العراق عرف يوماً طبيعياً منذ 1963. من أجل الأمة الماجدة، وصل بالانقلابات الطموحة إلى موريتانيا. وقرر إحياء أسطورة جلجامش. وعرّج على بابل. وعلق «وجبات» الإعدام في ساحات بغداد. وبعد أماجد «البعث»، جاء أماجد «داعش»، وإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً، كنموذج للحل الداعشي الأثير. لم يعد العراقي يريد شيئاً سوى أن يذهب إلى عمله ويعود. لا أمجاد العباسيين، ولا «بيوت الحكمة»، وعز المأمون وأزمنة الثقافة. كل ما يريد يوم عادي بسيط، بسيط. الحياة فيه كالحياة، والموت كالموت. هذا ما يعد به العراق اليوم. تقول فتحية الدخاخني في رسالتها: إن بغداد تنكشف عن عاصمة حذرة، ولكن عن خطوات ثابتة في طريق العودة إلى حياة العواصم. ولعل أكثر ما يحلم به العراقي الآن أن يصبح قادراً، مثل أي بشري في كل مكان، على شراء بطاقة سفر والتوجه إلى المطار من دون حماية مسلحة، أو أن يشعر، من جديد، بأنه ينتمي إلى بلد عريق غني بالثروات البشرية والطبيعية. كم أهدر وأضاع هذا البلد ما بين الرافدين والنهرين، ولا ينقصه في المثنيات سوى الطمأنينة، وهي الأكثر أهمية.


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
«اجتماعات البنك الإسلامي»... دعوات لتبادل التجارب الناجحة ومواجهة تحديات الشباب
شدد وزير الشباب الجزائري، مصطفى حيداوي، على ضرورة تعزيز تبادل التجارب الناجحة بين بلدان العالم الإسلامي، ومواجهة التحديات المشتركة التي تواجه الشباب، بمجالات التنمية والابتكار والعدالة الاجتماعية، مؤكداً أن بلاده عازمة على مواصلة دعم الشباب وبناء طاقاتهم وكفاءاتهم. وقال حيداوي لدى مخاطبته أعمال الاجتماعات السنوية لـ«مجموعة البنك الإسلامي للتنمية» لعام 2025 في الجزائر، الاثنين، إن تجربة بلاده «اليوم ترتكز على جناحين؛ جناح سياسي يوفّر البيئة المناسبة للشباب للمشاركة في القرار، واقتصادي وتقني يُمكّنه من إطلاق مبادراته ومشروعاته في بيئة حاضنة ومحفزة». وأضاف حيداوي أنه «منذ خطوات 2019، شهدت الجزائر بزوغ شعور جديد وتوجه سياسي متجدد، بشأن فئة الشباب، حيث اتخذت جملة من الإصلاحات وضعت الشباب في قلب صناعة القرار الوطني، ومنحته دوراً محورياً في رسم السياسات المستقبلية». ووفق حيداوي، فإن ذلك «تجلى في دسترة دور الشباب بوصفه ركيزةً أساسيةً في التنمية الوطنية ضمن (دستور 2020)، وإدراج تمكين الشباب اقتصادياً ضمن التعهدات الرئاسية، وإنشاء المجلس الأعلى للشباب، ليكون صوتاً مدافعاً عن انشغالات هذه الفئة، وشريكاً فعلياً في صياغة القرارات العمومية». وتابع: «جرى استحداث وزارة خاصة بالشباب، وتعديل قانون الانتخابات؛ لتمكينهم من دخول الهيئات المنتخبة محلياً ووطنياً، فكل هذه المبادرات أسّست منظومة بيئية محفزة، مكنت الشباب من أن يكون مساهماً فعالاً في الشأن العام، خصوصاً في المجال الاقتصادي، في ظل تحولات كبرى يشهدها العالم». وأكد أن ذلك يثمر «التمكين الاقتصادي، والحصول على فرص العمل، واكتساب المهارات والتأقلم مع السوق»، مشيراً إلى أنه «أُنشئت برامج ومبادرات تدعم المؤسسات الناشئة، والمقاولات المصغرة، واقتصاد المعرفة والابتكار؛ مما ساعد في خلق منظومة اقتصادية متكاملة يُعدّ الشباب ركيزتها الأساسية». من جهته، دعا وزير التكوين والتعليم المهنيَّين الجزائري، ياسين وليد، إلى «ضرورة التكاتف من أجل تمكين الجيل المقبل من الأدوات والمهارات والعقلية التي تتيح له أن يكون فاعلاً في اقتصاد عالمي سريع التحول». وأضاف: «وفق تقارير منظمة العمل الدولية لسنة 2024، يبلغ معدل بطالة الشباب في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط نحو 25.1 في المائة، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم. بل وفي بعض الدول يتجاوز هذا الرقم 30 في المائة». ووفق الوزير: «علينا أن نعيد النظر بعمق في مناهج التعليم، وأنظمة التدريب، واستراتيجيات التشغيل. فالتحولات التكنولوجية التي نشهدها اليوم، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، تعيد تشكيل سوق العمل من أساسه». وتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي وحده بنحو 320 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحلول عام 2030، مشدداً على ضرورة تجاوز التحديات، ومبيناً أن 44 في المائة من المهارات التي يعتمد عليها العمال حالياً ستتغير خلال السنوات الخمس المقبلة. وتابع أن «الذكاء الاصطناعي يخلق فجوة كبيرة في سوق العمل، ويهدد كثيراً من المهن، لا سيما تلك التي تعتمد على مهارات متوسطة مثل الترجمة، والاستشارة، والخدمات الإدارية»، مبيناً أن «تنمية مهارات المستقبل، والتفكير النقدي، والابتكار، والتعاون الرقمي، وريادة الأعمال، والقدرة على التعلم مدى الحياة، قادرة على التصدي لذلك». وقال الوزير ياسين وليد: «أردنا أن نؤسس مدرسة للمهارات، وخلال السنوات الخمس الماضية، تحقق ذلك بالفعل، وقد قرر رئيس الجمهورية أن يكون مدير هذه المدرسة من رواد الأعمال وليس موظفاً إدارياً تقليدياً، وفي عام 2024، جرى اختياري لقيادة هذه المدرسة الوطنية للريادة». وأشار إلى «الحاجة لنظام تعليمي وتكويني مرن، ومتكامل، وموجه وفق الطلب»، مؤكداً أن «التكوين المهني والتقني يجب ألا يكون خياراً ثانوياً؛ بل يجب أن يكون مساراً ذا قيمة مهنية واجتماعية عالية». وتطرق إلى تقارير «البنك الدولي» الذي أفاد بأن «كل زيادة بنسبة 10 في المائة بالإنفاق على التكوين، تقابلها زيادة بنسبة 0.5 في المائة من النمو الاقتصادي بالبلدان النامية، والتكوين الناجح لا يخلق فرص عمل فقط، بل أيضاً يرفع الإنتاجية، ويعزز التنافسية، ويحسن الأداء الاقتصادي العام». إلى ذلك، وُقعت مذكرة تفاهم بين «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» و«المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي (IOFS)»، تهدف إلى «تعزيز الأمن الغذائي والتنمية الزراعية في غرب ووسط أفريقيا، مع التركيز على تمكين النساء والشباب اقتصادياً».


أرقام
منذ 6 ساعات
- أرقام
ترامب: روسيا وأوكرانيا ستبدآن مفاوضات سلام على الفور
قال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الإثنين، إن روسيا وأوكرانيا ستبدآن فورًا مفاوضاتٍ لبحث وقف إطلاق النار، والأهم من ذلك، لبحث إنهاء الحرب. وذكر "ترامب" بعد مكالمة هاتفية استمرت ساعتين مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين": "سيجري التفاوض على شروط ذلك بين الطرفين، وهو أمرٌ لا مفر منه، لأنهما يعرفان تفاصيل المفاوضات التي لا يعلمها أحدٌ سواهما". وأضاف "ترامب" في منشور عبر "تروث سوشيال"، أن "لهجة وروح المحادثة كانتا ممتازتين"، وأن روسيا ترغب في تجارة واسعة النطاق مع الولايات المتحدة بعد انتهاء "هذه المذبحة الكارثية". وتابع: "أنا أتفق مع ذلك، وهناك فرصةٌ هائلةٌ أمام روسيا لخلق فرص عملٍ وثرواتٍ ضخمة، وإمكانات لا حدود لها، وأوكرانيا يمكن أن تستفيد بشكل كبير من التجارة". وأشار "ترامب" إلى أن الفاتيكان، ممثلاً بالبابا، أكد أنه مهتم للغاية باستضافة المفاوضات.