
تقرير الأمراض الجلدية تفتك بأطفال غزة وسط انعدام الدواء
غزة/ جمال غيث:
على سرير داخل مستشفى عبد العزيز الرنتيسي في مدينة غزة، يتمدد الطفل أنس الترامسي، مغمض العينين، محاطًا بأجهزة التنفس وبعض الأدوية التي بالكاد تخفف عنه الألم.
لم يكن هذا ما حلمت به والدته، غدير الترامسي، التي انتظرته ستة أعوام كاملة. ففي يوم ميلاده الأول، لم يحتفل أنس بالكعكة أو البالونات، بل أمضى يومه في صمت داخل غرفة العلاج، يتنفس بصعوبة، محرومًا من أبسط حقوق الطفولة، بسبب الحرب الدامية التي تعصف بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
تجلس الترامسي بجوار نجلها "أنس"، تتأمله بعينين دامعتين، وتدعو الله عز وجل أن ينقذه من براثن المرض، وأن يُسمح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية التي تمنعها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان.
وتقول الأم بحرقة لصحيفة "فلسطين"، "ابني جاء بعد سنوات من الانتظار، والآن هو بين الحياة والموت بسبب نقص الأدوية. لا نعلم متى تنتهي هذه الحرب".
وتروي تفاصيل معاناة ابنها، إذ بدأت حالته الصحية تتدهور قبل نحو شهر ونصف، عندما ظهرت بثور على رأسه. تحسنت حالته قليلًا بعد تلقيه العلاج، لكنها سرعان ما انتكست مجددًا، وبدأت تظهر على جسده حبوب متغيرة اللون، استدعت تدخلًا جراحيًا لإزالتها. ثم توالت المضاعفات، وظهرت تقرحات أخرى، لتصبح حالته أكثر تعقيدًا.
اصطدمت غدير، كغيرها من أمهات غزة، بواقع طبي كارثي؛ فالأدوية شبه معدومة، والمستلزمات الصحية شحيحة. وتقول: "أحاول شراء ما أستطيع على نفقتي الخاصة، لكن الأسعار مرتفعة جدًا، والأدوية الضرورية غالبًا غير متوفرة، والمستشفى لا يملك إلا القليل، فيما يمنع الحصار إدخال الباقي".
شح الأدوية
ليست قصة "أنس" الوحيدة. ففي مخيم النزوح بمنطقة الشيخ رضوان، شمال غرب مدينة غزة، تعيش نجوى عبد الحميد داخل خيمة لا تقيها ولا أطفالها من حر الصيف، ولا من الأمراض المنتشرة.
تقول عبد الحميد، وهي أم لأربعة أطفال، لمراسل "فلسطين"، "منذ أن نزحنا بعد قصف مدينة بيت لاهيا ونحن نعيش هنا في ظروف لا يمكن وصفها؛ لا ماء، لا نظافة، لا دواء، حتى الهواء مشبع بالغبار والمرض".
تضيف، أن جسد ابنها امتلأ مؤخرًا بحبوب حمراء، ظنتها في البداية جدريًا، لكن الطبيب أخبرها بأنها مجرد حساسية ناتجة عن قلة النظافة وسوء البيئة المحيطة.
وتشير إلى أن أبناءها الأربعة أصيبوا بأمراض جلدية مختلفة، وتضطر إلى استخدام مياه مالحة لتحميمهم بسبب ندرة المياه العذبة، وغياب مواد التنظيف الأساسية.
وتحاول الأم التخفيف عنهم بما توفر من مراهم حصلت عليها من نقطة طبية في المدينة، لكنها، كما تقول، "لا تجدي نفعًا بسبب ضعف فعاليتها وغياب الأدوية الأساسية. الصيدليات فارغة، والمستودعات خاوية، وحتى إن توفر شيء، لا نستطيع شراءه بسبب غلاء الأسعار".
وضع كارثي
منذ بداية الحرب المدمرة على قطاع غزة، تشهد المنظومة الصحية انهيارًا غير مسبوق. آلاف الجرحى والمرضى، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، يصارعون الموت في مستشفيات مهددة بالإغلاق بسبب نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية، ولاستهدافها المتكرر من قبل جيش الاحتلال.
وأطلقت وزارة الصحة في القطاع مرارًا نداءات استغاثة للمجتمع الدولي، محذرة من كارثة صحية وشيكة، إلا أن الاحتلال لا يزال يفرض حصارًا مشددًا ويمنع دخول الاحتياجات الطبية.
ولاحظ مراسل "فلسطين" أن الوضع ازداد سوءًا مع استمرار موجات النزوح، إذ تنتشر الأمراض المعدية والجلدية بسرعة داخل المخيمات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط النظافة والسلامة. فبعض الأطفال يتعافون فقط لأن ذويهم تمكنوا من الحصول على الدواء بطرق استثنائية أو عبر مساعدات نادرة، بينما يعاني آخرون في صمت.
في كل زاوية من زوايا غزة، هناك قصة طفل يتألم، وأم تواسيه، وممرض يقف عاجزًا عن فعل شيء. المستشفيات تعمل فوق طاقتها، وأعداد المرضى في ازدياد، فيما لا تزال الحرب تفتك بالبشر والحجر، وتحرم آلاف الأطفال من حقهم في الحياة.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 4 ساعات
- فلسطين أون لاين
تقرير الأمراض الجلدية تفتك بأطفال غزة وسط انعدام الدواء
غزة/ جمال غيث: على سرير داخل مستشفى عبد العزيز الرنتيسي في مدينة غزة، يتمدد الطفل أنس الترامسي، مغمض العينين، محاطًا بأجهزة التنفس وبعض الأدوية التي بالكاد تخفف عنه الألم. لم يكن هذا ما حلمت به والدته، غدير الترامسي، التي انتظرته ستة أعوام كاملة. ففي يوم ميلاده الأول، لم يحتفل أنس بالكعكة أو البالونات، بل أمضى يومه في صمت داخل غرفة العلاج، يتنفس بصعوبة، محرومًا من أبسط حقوق الطفولة، بسبب الحرب الدامية التي تعصف بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. تجلس الترامسي بجوار نجلها "أنس"، تتأمله بعينين دامعتين، وتدعو الله عز وجل أن ينقذه من براثن المرض، وأن يُسمح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية التي تمنعها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العدوان. وتقول الأم بحرقة لصحيفة "فلسطين"، "ابني جاء بعد سنوات من الانتظار، والآن هو بين الحياة والموت بسبب نقص الأدوية. لا نعلم متى تنتهي هذه الحرب". وتروي تفاصيل معاناة ابنها، إذ بدأت حالته الصحية تتدهور قبل نحو شهر ونصف، عندما ظهرت بثور على رأسه. تحسنت حالته قليلًا بعد تلقيه العلاج، لكنها سرعان ما انتكست مجددًا، وبدأت تظهر على جسده حبوب متغيرة اللون، استدعت تدخلًا جراحيًا لإزالتها. ثم توالت المضاعفات، وظهرت تقرحات أخرى، لتصبح حالته أكثر تعقيدًا. اصطدمت غدير، كغيرها من أمهات غزة، بواقع طبي كارثي؛ فالأدوية شبه معدومة، والمستلزمات الصحية شحيحة. وتقول: "أحاول شراء ما أستطيع على نفقتي الخاصة، لكن الأسعار مرتفعة جدًا، والأدوية الضرورية غالبًا غير متوفرة، والمستشفى لا يملك إلا القليل، فيما يمنع الحصار إدخال الباقي". شح الأدوية ليست قصة "أنس" الوحيدة. ففي مخيم النزوح بمنطقة الشيخ رضوان، شمال غرب مدينة غزة، تعيش نجوى عبد الحميد داخل خيمة لا تقيها ولا أطفالها من حر الصيف، ولا من الأمراض المنتشرة. تقول عبد الحميد، وهي أم لأربعة أطفال، لمراسل "فلسطين"، "منذ أن نزحنا بعد قصف مدينة بيت لاهيا ونحن نعيش هنا في ظروف لا يمكن وصفها؛ لا ماء، لا نظافة، لا دواء، حتى الهواء مشبع بالغبار والمرض". تضيف، أن جسد ابنها امتلأ مؤخرًا بحبوب حمراء، ظنتها في البداية جدريًا، لكن الطبيب أخبرها بأنها مجرد حساسية ناتجة عن قلة النظافة وسوء البيئة المحيطة. وتشير إلى أن أبناءها الأربعة أصيبوا بأمراض جلدية مختلفة، وتضطر إلى استخدام مياه مالحة لتحميمهم بسبب ندرة المياه العذبة، وغياب مواد التنظيف الأساسية. وتحاول الأم التخفيف عنهم بما توفر من مراهم حصلت عليها من نقطة طبية في المدينة، لكنها، كما تقول، "لا تجدي نفعًا بسبب ضعف فعاليتها وغياب الأدوية الأساسية. الصيدليات فارغة، والمستودعات خاوية، وحتى إن توفر شيء، لا نستطيع شراءه بسبب غلاء الأسعار". وضع كارثي منذ بداية الحرب المدمرة على قطاع غزة، تشهد المنظومة الصحية انهيارًا غير مسبوق. آلاف الجرحى والمرضى، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، يصارعون الموت في مستشفيات مهددة بالإغلاق بسبب نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية، ولاستهدافها المتكرر من قبل جيش الاحتلال. وأطلقت وزارة الصحة في القطاع مرارًا نداءات استغاثة للمجتمع الدولي، محذرة من كارثة صحية وشيكة، إلا أن الاحتلال لا يزال يفرض حصارًا مشددًا ويمنع دخول الاحتياجات الطبية. ولاحظ مراسل "فلسطين" أن الوضع ازداد سوءًا مع استمرار موجات النزوح، إذ تنتشر الأمراض المعدية والجلدية بسرعة داخل المخيمات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط النظافة والسلامة. فبعض الأطفال يتعافون فقط لأن ذويهم تمكنوا من الحصول على الدواء بطرق استثنائية أو عبر مساعدات نادرة، بينما يعاني آخرون في صمت. في كل زاوية من زوايا غزة، هناك قصة طفل يتألم، وأم تواسيه، وممرض يقف عاجزًا عن فعل شيء. المستشفيات تعمل فوق طاقتها، وأعداد المرضى في ازدياد، فيما لا تزال الحرب تفتك بالبشر والحجر، وتحرم آلاف الأطفال من حقهم في الحياة. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير أنس أبو خوصة.. يتحدى البتر ويعود بعزيمة أقوى
غزة/ هدى الدلو: في مدينة أنهكها القصف والخوف، ووسط الركام والدمار، وُلدت حكاية بطولة من نوع مختلف. أنس خالد أبو خوصة، فتى في السابعة عشرة من عمره، من سكان شرق مدينة غزة، لم يكن مجرد رقم جديد في سجل الإصابات، بل بات رمزًا للصبر والإرادة. في إحدى ليالي نوفمبر 2023، كان أنس يجلس مع عائلته في الغرفة الأقرب إلى مخرج المنزل، بعد تلقيهم تهديدًا بقصف المنزل المجاور من الجهة الخلفية. اللحظات كانت ثقيلة، يغلفها الصمت والقلق. وبينما كانت الأسرة تنتظر الضربة، دوى الانفجار. اعتقدوا أن القصف أصاب منزلهم، فاندفع أنس ليرى ما جرى. يقول والده، خالد أبو خوصة لصحيفة "فلسطين": "ما كنت أتخيل إن اللحظة اللي فتح فيها أنس باب البيت، حتكون بداية قصة جديدة من حياته. بمجرد ما وقف، سمعت صوت صاروخ، وانفجر أمامه مباشرة". سقط أنس أرضًا، والدماء تغمر جسده. بُترت ساقه اليسرى من أسفل الركبة، وأصيب بشظايا في أنحاء جسده. لم يفقد وعيه كليًا، لكنه شعر وكأن الزمن توقف. يضيف والده: "نظر إلى ساقه فلم يجدها، لكنه لم يبكِ. قال لي بصوت خافت وعينين لامعتين: (حسيت إن الله كاتبلي امتحان، ولازم أنجح فيه)". تم إسعافه إلى مستشفى الشفاء، حيث بدأت رحلة العلاج الطويلة. ومع الازدحام الشديد ونقص الإمكانيات، كان الألم مضاعفًا. أجرى الأطباء عملية بتر نظيفة، تلتها جلسات تنظيف الجرح والتأهيل، قبل أن يُسافر لاستكمال العلاج وتركيب طرف صناعي. ورغم الإصابة، لم ينكسر أنس. يواصل والده حديثه: "أنس معروف بشخصيته القوية، متفوق دراسيًا، وحافظ للقرآن الكريم. لما صحى في المستشفى بعد العملية، كان يتمتم بآيات من القرآن لتهدئة قلبه". قبل إصابته، كان أنس يعشق رياضة كمال الأجسام، ويمارسها بانتظام. يقول والده: "كان يرى نفسه في جسده وعضلاته التي بدأ يبنيها، لكن بعد الإصابة لم يعرف الاستسلام، وقرر أن يتخطى هذه المحنة بعزيمة أقوى". بدأ أنس مرحلة التأهيل الجسدي والنفسي استعدادًا لتركيب الطرف الصناعي. ومع كل جلسة علاج طبيعي، كان يعود أكثر إصرارًا. يقول أنس دائمًا: "أنا مش ناقص.. أنا كامل بعزيمتي. رجلي مش هي اللي كانت تخليني قوي.. قلبي هو اللي بيقودني". يوضح والده أن أنس يحلم بالعودة إلى مقاعد الدراسة، رغم التحديات التي قد تواجهه في التنقل والحركة، لكنه واثق من قدرة ابنه على الاندماج مجددًا في المجتمع والمشاركة في الأنشطة الرياضية والترفيهية. وفي رسالة أنس الأخيرة التي يرددها دائمًا لوالده: "أنا ما خسرتش رجلي.. أنا ربحت تجربة قربتني من ربي، وعلّمتني إن الإنسان أقوى بكتير مما بيظن". المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 4 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير حليب الأطفال يسعِّر بالدَّم... والرُّضَّع في غزَّة يدفعون الثَّمن
غزة / مريم الشوبكي لم تختر "رانيا عاشور" أن تُطعم طفلها الرضيع ذو الأربعة أشهر منقوع البابونج واليانسون، ولا أن تغذيه بالطعام الذي تصنعه كحساء الملوخية أو فتات الخبز في صلصة البندورة. لكنها لم تجد في بيتها علبة حليب، ولا في صدرها ما يكفي لإرضاعه. إنها قصة واحدة من آلاف الأمهات في غزة اللواتي وجدن أنفسهن أمام معادلة قاسية: إما الجوع... أو بدائل قد تقتل الأطفال بصمت. تروي سائدة أبو القمبز، أم لطفل يبلغ من العمر ثلاثة أشهر، قصتها وهي تغالب البكاء: "أعاني من مشاكل في الرضاعة الطبيعية، وطفلي لا يتقبل الحليب مني، ولم أعد أملك المال لشراء حليب الأطفال الذي ارتفع سعره من 30 شيقلاً لأكثر من 100 شيقل، ولا أجد علبة في السوق. فبدأت أغلي يانسون وبابونج، وأخلط معه القليل من السميد وأطعمه بالملعقة". لم تكن تعلم أن هذه البدائل قد تؤدي إلى كوارث صحية. وبعد أيام قليلة، بدأ طفلها يضعف، يفقد وزنه، لا يرضى بالنوم، ثم أصيب بإسهال حاد وجفاف، ما اضطرها لنقله إلى مستشفى الأطفال. وأضافت أبو القمبز لصحيفة "فلسطين": "شخّص الطبيب حالة طفلي بسوء تغذية حاد من الدرجة الثانية، وكان على وشك فقدان وعيه نتيجة الهزال والجفاف الشديد". أمضى الطفل أسبوعًا كاملاً في المستشفى، تلقى خلالها التغذية عبر أنبوب، ثم خرج بعد أن استعاد بعض عافيته. لكن الخوف ما زال يرافق والدته: "أعيش كابوسًا يوميًا، أخشى أن يمرض مرة أخرى. لا أعرف إن كنت سأجد له علاجًا في المرة القادمة". وفي مخيم الشاطئ غرب غزة، تعيش السيدة إيمان حميد تجربة مشابهة، لكنها أشد وطأة. لم تجد حليبًا لابنها البالغ أربعة أشهر، فقررت أن تطعمه "مهروس البسكويت بالماء"، ثم خلطت له النشا وماء الأرز. تقول حميد لـ"فلسطين": "لم يكن يأكل بارتياح، ثم بدأ يتقيأ ويعاني من إسهال مستمر، ثم وجدت دمًا في حفاضه". في المستشفى، شخّص الأطباء حالته بـالتهاب حاد في الأمعاء الدقيقة، وإسهال دموي بسبب سوء التغذية والإطعام غير المناسب لعمره. خرج الطفل بعد ثلاثة أيام، لكنه لم يعد كما كان. تقول الأم: "أصبحت أتنازل عن وجباتي، وأبيع طعامي القليل من أجل شراء حليب له، ولو بالديْن، فقط حتى لا يدخل المستشفى مرة ثانية". بدائل قاتلة قال رئيس أقسام الأطفال والولادة في مستشفى ناصر الطبي، الدكتور أحمد الفرا: "نلاحظ ارتفاعًا حادًا في أعداد الأطفال الذين يصلون إلى أقسام الطوارئ بسبب الإطعام الخاطئ. الرضع دون 6 أشهر لا يمكن إطعامهم النشا أو ماء الأرز أو الأعشاب. هذا يؤدي إلى التهابات في الجهاز الهضمي وفشل تغذوي سريع". وأشار الفرا إلى أن معظم الأمهات يلجأن لهذه البدائل تحت الضغط، لا بسبب الجهل، بل لأن الحليب مفقود تمامًا أو سعره باهظ، وقد تصل علبة الحليب في السوق السوداء إلى 150-200 شيقل. وأكد أن قطاع غزة لم يستقبل أي شحنات من حليب الأطفال منذ أكثر من أربعة أشهر (منذ فبراير 2025)، سواء للمستشفيات أو الأسواق أو المنظمات الدولية، مما أدى إلى انعدام المخزون بالكامل. ولفت إلى أنه في قسم الحضانة بمجمع ناصر الطبي، يوجد حوالي 25 طفلاً، بينهم خُدج، يعانون من نقص حاد في الحليب (رقم 1 و2)، بينما الحليب الخاص بالخُدج غير متوفر تمامًا. وحذر الفرا من أن الأطفال الخُدج والرضع قد يفقدون حياتهم خلال 48 ساعة إذا لم يتم توفير الحليب المخصص فورًا، واصفًا الوضع بـ"كارثة صحية وشيكة". وناشد الفرا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للضغط على إسرائيل للسماح بدخول حليب الأطفال، مؤكدًا أن الوضع وصل إلى "نقطة الصفر". أمومة تحت الحصار في تقريرها الأخير، أكدت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 335,000 طفل في غزة معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية، في حين لم تُسجّل أي شحنات جديدة من حليب الأطفال منذ مارس 2025. وقالت منظمة اليونيسيف: "نقص الحليب الصناعي الخاص بالرضع والخُدج في غزة بلغ مستويات كارثية. البدائل المستخدمة تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال". وراء كل طفل مريض أمٌ تجوّعت، واختارت أن تأكل أقل، أن تسهر على بكائه، أن تبتكر طعامًا لا يليق بجسده الصغير، فقط لأن العالم قرر أن يحاصره بالحليب. في غزة، أصبح الإطعام جريمة، والرعاية مغامرة، والبكاء حق طفل لا يسمعه أحد. المصدر / فلسطين أون لاين