logo
القدس في السينما المغربية.. حين تقتحم الكاميرا أسوار الوجدان

القدس في السينما المغربية.. حين تقتحم الكاميرا أسوار الوجدان

الجزيرة٢٣-٠٧-٢٠٢٥
مراكش – في زمن تنكمش فيه الشاشة العربية عن تناول القضايا المصيرية، يأتي حضور القدس الشريف في السينما المغربية ليكرس واقعا يواجه الكثير من التحديات.
في المغرب ، لم تنتج السينما المحلية سوى ثلاثة أفلام تناولت المدينة المقدسة بشكل مباشر، أحدها قصير وروائي هو "القدس، أبنادم" لمصطفى الشعبي، والثاني والثالث وثائقيان بعنوان "الأقصى يسكن الأقصى" لعبد الرحمن لعوان، و"القدس باب المغاربة" للراحل عبد الله المصباحي.
يبدو الأمر أنه لا يتعلق بعدد محدود من العناوين فحسب، بل بتجربة إبداعية تضع القدس في قلب انشغال مغربي يتجاوز البعد السياسي أو الديني، لينفذ إلى الذاكرة والوجدان.
وتأتي العودة إلى تناول هذه الأفلام في سياق وعي شعبي مغربي شديد الحساسية تجاه فلسطين والقدس، ليطرح السؤال الأهم، كيف عبرت الصورة عن مكان بعيد مكانيا، وقريب رمزيا؟ وكيف تُستحضر المدينة المقدسة في فضاء سينمائي مغربي؟ هذا هو الرهان الذي خاضه المخرجون الثلاثة، كل بطريقته.
يقول الناقد السينمائي مصطفى الطالب للجزيرة نت "الفيلم القصير "القدس، أبنادم" اختار الاشتغال على الرمز من خلال حكاية شبابية مرتبطة بكرة القدم، بينما انخرط الفيلمان الوثائقيان في تثبيت الحقائق والذاكرة".
ويضيف، "أهمية الأفلام تكمن في تكاملها، فالروائي يشعر، والوثائقي يُقنع، وكلاهما يكرس رمزية القدس قضية حية في الوعي المغربي".
فكرة وجدانية
ليست السينما أداة للتمثيل فحسب، بل كثيرا ما تكون تعبيرا عن سؤال داخلي، هذا ما يعبّر عنه المخرج عبد الرحمن لعوان وهو يسترجع بدايات مشروعه الوثائقي.
يقول للجزيرة نت "تولد عندي هذا التساؤل متزامنا مع اهتمامي بالإخراج السينمائي، ما هو السر وراء ارتباط المغاربة بأرض فلسطين وبقضاياها وهم أبعد الشعوب العربية غربا عنها؟" هذا السؤال تحول إلى فكرة، والفكرة إلى فيلم، والفيلم إلى تجربة وجدان.
أما مصطفى الشعبي، مخرج "القدس، أبنادم"، فقد انطلق من إحساس مختلف، نابع من شعور بالقهر الرمزي والخذلان.
في لقاء منشور له، يقول إن الفيلم اشتغل على "حالة الغيرة التي تحرك فتيان الحي حين يكتشفون قمصانا تحمل عبارة القدس عاصمة الكيان فيهاجمونها بالحجارة".
ليست مجرد لقطة رمزية، بل تعبير عن غريزة المقاومة الكامنة حتى في أبناء الأحياء الشعبية المغربية.
بينما يؤكد عز الدين شلح، رئيس مهرجان القدس الدولي، للجزيرة نت، أن مثل هذه المبادرات السينمائية تحتاج دافعا شخصيا قويا، "المشكلة أن هذا النوع من الدوافع غير متوفر دائما، خاصة عندما لا يكون السيناريست أو المخرج على تماس مباشر مع واقع المدينة".
لكن يبدو أن الوجدان المغربي، برمزيته العالية، يخلق هذا التماس من بعيد.
اللغة والرمز
حين تغيب القدرة على التصوير داخل القدس، تحضر الصورة الرمزية بديلا إبداعيا. اختار الشعبي في فيلمه "القدس، أبنادم" أن يحول ملعبا إلى جبهة، ولقطة إلى خطاب.
يرى الناقد مصطفى الطالب أن قوة الفيلم تكمن في توظيفه للرمز، حيث "قام الفتيان بضرب الفريق الحامل لعبارات الاحتلال بالحجارة"، في مشهد يختصر الانتفاضة في لقطة، ويجعل من الطفل المغربي شبيها لطفل الحجارة الفلسطيني.
ويضيف "عنوان الفيلم نفسه يختزن قوة تحذيرية، "أبنادم" بالدارجة المغربية هي نداء واستفاقة، إنها القدس، احذر، لا تكن غافلا عنها، فهنا لا يتعلق الأمر برسالة مباشرة، بل بتحفيز وعي الجمهور عبر مشهدية مألوفة في السياق المغربي (كرة القدم) من أجل حمله نحو سؤال أكبر.
في المقابل، يتحدث لعوان عن خصوصية اللغة السينمائية في الشريط الوثائقي، "ما يميز قوة الشريط الوثائقي هو تكثيفه لمعطيات ومعانٍ وحقائق قد لا يجد الفرد من الزمن ما يكفي لقراءتها في المراجع".
ويضيف "بهذا المعنى، تصبح الصورة وسيلة للاختزال المكثف، وتحمل مضمونا تاريخيا وثقافيا يبث دون تنظير".
استنهاض الوعي
لا تخضع اللغة في الأفلام الثلاثة لتقنية جمالية محضة، بل تخدم غاية أعمق، واستنهاض الوعي، وتحريك الساكن الرمزي تجاه مدينة تُسرق في كل مشهد إخباري.
يتخذ الحكي في "القدس، أبنادم" طابعا تخييليا رمزيا، بينما يعتمد الشريطان الوثائقيان على التوثيق الصارم، هذا التباين لا يعكس تفاوتا في القوة السينمائية، بل تنوعا في أدوات التأثير.
يقول مصطفى الطالب "الفيلم القصير اشتغل على الرمز، بينما أبرز الفيلم الوثائقي دور الشريط في التعاطي مع القضايا المصيرية من خلال الغوص في الذاكرة الجماعية".
ويضيف "في فيلم الشعبي، الحكاية تُبنى من خلال مشاهد صامتة تقريبا، يتحدث فيها الفعل لا الحوار. حجر يرمى في وجه قميص يحمل جريمة رمزية، وطفل يتحول إلى حامل لقضية. إنه سرد شعبي، مباشر لكنه كثيف المعنى".
أما لعوان، فاعتمد على أرشيف وشهادات من طينة الدكتور عبد الهادي التازي وسعيد الحسن وغيرهما.
يقول لعوان "لقد شهدت معطيات الشريط يتحدث بها شباب ومثقفون ودعاة بعد ما كانت محدودة التداول".
هنا يتحول الوثائقي إلى قناة لنقل الذاكرة من النخبة إلى الجمهور، ومن النص إلى الصورة.
الفيلم الروائي والفيلم الوثائقي، رغم اختلاف بنيتهما، يلتقيان في نقطة واحدة، وإعادة صياغة حكاية القدس بلسان مغربي، يعبر عن انخراط وجداني حقيقي في صراع بعيد جغرافيا، لكنه قريب رمزيا وثقافيا.
قوة الصورة الرمزية
كيف يمكن استحضار القدس في فيلم مغربي؟ الإجابة قد تكون بصرية، ذهنية، أو كلاهما. في "القدس، أبنادم"، لا تظهر المدينة المقدسة أبدا، لكنّ كلّ مشهد فيها يحتوي على رمز أو صدى. ملعب الحي يصبح ساحة مقاومة، والقمصان أداة خطاب، والحجارة امتداد لذاكرة الانتفاضة.
يرى الطالب أن هذا الاشتغال غير المباشر يخدم الفكرة أكثر من محاكاة الواقع، لأن الصورة الرمزية تمتلك قوة الإيحاء التي تعوض غياب الموقع الفعلي. لا يصور الفيلم القدس، لكنه يجعلها تحضر نداء واستفزازا لوعي المتفرج.
في المقابل، اختار المصباحي ولعوان أن يستحضرا القدس من خلال شهادات ومشاهد وثائقية، الأول من خلال التصوير في القدس، والثاني اعتمد على أرشيف ومقابلات ومقاطع من داخل المغرب.
يقول لعوان للجزيرة نت "احتضان المغرب للجنة القدس ولبيت مال القدس، ووجود باب المغاربة، كلها مؤشرات جعلتني أرى أن القدس تسكن في الوعي المغربي، ولو لم أزرها فعليا". الفيلم يبرهن أن المكان قد لا يكون شرطا للتصوير، طالما أن الفضاء الحي هو الذاكرة والموقف.
بهذا المعنى، تصبح القدس في السينما المغربية فضاء داخليا أكثر منه جغرافيا، تستدعى عبر التاريخ الرموز والشهادات، ويُعاد تشكيلها على الشاشة بصريا من داخل أحياء مغربية.
رهان يستحق العناء
أن تنجز فيلما عن القدس من المغرب ليس فقط تحديا فنيا، بل مغامرة إنتاجية محفوفة بالعقبات.
يتحدث لعوان عن صعوبات البداية، "لم يكن استصدار الترخيص من المركز السينمائي المغربي سهلا، مما يدل على أهمية الأعمال السينمائية المحددة الهدف". لم تكن تلك العقبة الأخيرة، لكن الشريط الوثائقي وجد لاحقا صدى واسعا في المهرجانات والمؤسسات، مما أثبت أن الرهان يستحق العناء.
أما الناقد مصطفى الطالب، فيرى أن ضعف الإمكانيات لم يمنع الشعبي من إبداع فيلم رمزي قوي، "لو كانت له إمكانيات كبيرة لكان الفيلم أقوى، لكنه رغم ذلك استطاع التذكير بالقضية".
هذا ما يعكسه الواقع العربي الأوسع، كما يقول عز الدين شلح "الإنتاج الذاتي يتطلب خطة تسويقية، والدعم الحكومي شبه منعدم، مع الأسف، لا يوجد اهتمام كافٍ يجعل قضية القدس أولوية في تمويل الأفلام".
تغيب القدس عن السينما ليس لأن المخرجين لا يهتمون، بل لأن الصناعة السينمائية لا تضعها ضمن أولوياتها.
وبين غياب الدعم وصعوبة التسويق، تظل أفلام مثل "القدس، أبنادم" و"الأقصى يسكن الأقصى" بمثابة استثناء نبيل، وصوت فردي في صمت جماعي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الوحدة العربية والحصاد المر
الوحدة العربية والحصاد المر

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

الوحدة العربية والحصاد المر

تتشابك أيدينا الصغيرة، وبمجرد أن نجلس في دائرة على الأرض استعدادا للعب، يُخرج أحدنا منديلا من القماش استعدادا للغناء: "طاق طاق طاقية.. تعيش الوحدة العربية.. رن رن يا جرس.. محمد راكب ع الفرس.."، وصولا إلى نهاية الأغنية. ثم نضع المنديل خلف شخص من الدائرة، ونعيد الغناء بأعلى صوت لنا: "طاق طاق طاقية.. تعيش الوحدة العربية"، على أمل أن يخترق صوتنا الحدود، على أمل أن يقطع المسافات برسالة صغيرة مفادها: "تعيش الوحدة العربية". ولكنْ، ثمة شيء غريب؛ منذ ذلك الحين وأنا أسمع صدى الصوت في قلبي فقط، رغم أننا غنيناها من أعلى مكان في غزة؛ على "الجبل الكاشف"، الذي نرى منه أراضينا المحتلة 1948، وجبال الخليل. مارس/ آذار 2008 في آخر يوم من فبراير/ شباط، لفظت جدتي آخر أنفاسها. مضت ساعات قليلة، فبدأت أفاوض أمي: "لن أذهب إلى المدرسة طوال أيام العزاء! جدتي ماتت". كانت هذه الفرصة الوحيدة بالنسبة لي لتحقيق الأمنية المنتظرة: الغياب عن المدرسة ولو ليوم واحد! ويا ليتني ذهبت.. في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، في الأول من مارس/ آذار 2008، استيقظت على همسات أمي لتنقلنا من بيتنا إلى بيت عمي المقابل لنا، البيت الأكثر أمنا مقارنة ببيتنا المطل على الشارع. بعيون نصف مغمضة، أخبرنا عمي أن الكهرباء قد قُطعت، وأننا الآن محاصرون من قبل القوات الخاصة الإسرائيلية، لذلك علينا البقاء طوال الليل على ضوء شمعة واحدة. في تلك الليلة، تخيلت جنود الاحتلال كأنهم كائنات ضخمة، بذيول طويلة، يشبهون ما أراه في الرسوم المتحركة "دراغون بول"؛ فلست سوى طفلة في العاشرة! تلك الليلة، كانت الليلة الأولى التي تصطدم فيها طفولتي بجنود الاحتلال الإسرائيلي. وكانت تلك الأيام الثلاثة كابوسا يلاحقني طوال السنوات الماضية، كابوسا أتجنب مواجهته، كابوسا بصوت "الحاجة رضا" التي كانت تصرخ على أحفادها الذين قُتلوا في غرفتهم.. كابوسا بصوت جارنا "أبو إياد"، وهو يناشد لإنقاذ شاب من شباب الحارة: "المسكين أُعدم في الشارع وحيدا!". في عملية أسماها الاحتلال "عملية الشتاء الساخن"، انطلق صراعي مع الحياة.. في لحظات كنت أقرأ القرآن بقلب عابد، وفي لحظات أخرى أسأل الله بقلب طفل لا يشاهد سوى "سبيستون": "لماذا لا تعطيني يا الله قدرات خارقة؟ أريد فقط غلافا يحمينا من الخطر!". في سن العاشرة، بدأت أطرح أسئلتي الوجودية عن البشر، عن حقوق الإنسان التي تشرحها لنا المعلمة في المدرسة. في سن العاشرة، فقدت إحساسي بأن هناك من يشعر بنا.. الجميع خارج حدود هذه المنطقة- حارتنا- تسير حياته بشكل طبيعي! يذهبون إلى الحمام دون الخوف من دبابة أو جرافة متمركزة أمام البيت، يأكلون ويشربون دون خوف من رصاصة قد تقتلهم، يصلون على ضوء الكهرباء.. أما نحن، فنخشى ظلنا؛ نخشاه لأنه أصبح دلالة على وجودنا، أصبح إشارة للقناص الإسرائيلي لإطلاق رصاصته نحونا. لثماني عشرة سنة، وأنا أبحث عن تفسير منطقي لـ"حكم الإعدام" الذي يُفرض علينا.. لثماني عشرة سنة، وأنا أتحسس صدى غنائنا: "تعيش الوحدة العربية".. أصغي، أراقب، أرتقب.. هل سيلوح أحد لنا من بلاد بعيدة، ليقول: "لقد وصل الصدى"؟ فقد صعدت إلى الجبل مرات عديدة، ولكني لم أرَ أي منديل يلوح لي. لربما لا يملكون منديلا! فإن لم يملكوا منديلا، فسأمنحهم ميراثي من جدتي حليمة.. سأعطيهم منديلها! منديل جدتي حليمة قيل لي إنه بمجرد دخول جدتي حليمة لأي عرس داخل المخيم، يتحول إلى ساحة انتفاضة، إلى ميدان ثوري. تُخرج المنديل من زنارها، تمسكه بيدها، ومع أول تلويح به، يعلو تصفيق النساء؛ تحية لزوجة الشهيد وأم الأسرى، تحية لثوبها المطرز بأناملها، لزنارها، لشالها، ولحذائها الذي لطالما حفظته سجون الاحتلال. تغني بصوت مرتفع.. بصوت القرية المسلوبة، بصوت يصارع للبقاء، بصوت الشعب الغريق: "بارودنا اللي ضرب ورصاصنا مصري.. لاس بدي (لازم ولا بد) يا دولة إسرائيل تنكسري".. كانت تعتقد، كغيرها من المنكوبين، أننا لن نُترك وحدنا! كانت تغني لحلم أبدي، لمطلب شعبي: "بدي لأبو عمار طيارة حربية.. تضرب مطار اللد وتنزل ع سوريا". حوصر أبو عمار في رام الله، ولم يأتِ زعماء العرب له برغيف خبز واحد، أو كوب من الماء! مات ببطء.. مات بصمت.. لا بد أن يموت؛ هذا ما تستوجبه المرحلة. وحوصرت غزة أيضا، يا جدتي، ورأينا طائرات "العروبة"، لكنها لم تضرب مطار اللد، بل جاءت بالطعام لنا في مجاعتنا التي لم تنتهِ! تماما كمشهد المروحية التي أتت لنقل عرفات إلى آخر محطات حياته! جاءت، وعُقدت لها الأفراح، أتت بالطعام لشعب يباد! لشعب يُقتل شبابه لأجل رغيف خبز واحد! جاءت.. لتشاهد احتضار غزة! وتغني نداء فلسطين: "زارعنا الميرمية ع باب الدار.. فلسطين بتنادي على الثوار.. زارعنا الميرمية في القنية.. فلسطين بتنادي ع الفدائية". سمع ثوارها وفدائيوها النداء، لكن لم يكفهم منديل الطفولة، ولا منديل جدتي! لم يكفهم سوى منديل واحد: "سبل عيونه ومد إيده يحنوله.. خصرو رقيق وبالمنديل يلفونه..". كثيرة هي المناديل يا جدتي، كثيرة هي.. كثيرة إلى الحد الذي وصلت فيه أن تكون "مساعدات إنسانية عاجلة"! أ كتوبر/ تشرين الأول 2023 عاد المشهد أمامي مجددا؛ أيدي الأطفال متشابكة، تبدأ إشارة اللعب والغناء، ولكن.. بدون منديل، وبأغنية مختلفة عما اعتدت عليه.. يغنون: "طاق طاق طاقية.. شبكين بعلية". لا أعلم، أملّ الأطفال من النداء على العروبة، أم نضجوا للدرجة التي أدركوا فيها أن النداء ما عاد مجديا؟! لا أعلم، أضاع المنديل، أم دُفن؟ هذه المرة، غنيت معهم بصوت الرثاء لا الأمل؛ بصوت العجز، بصوت الخذلان، بصوت أرهقه الزمان: "طاق طاق طاقية.. تعيش الوحدة العربية"! لم أقبل بأغنية لا يغنَى فيها للعروبة التي أعرفها.. عروبة الكرامة. أما المنديل، فأخذت في البحث عنه بسوق الكرامة: هل رأيت يا سيدي منديلا اسمه: "تعيش الوحدة العربية"؟ هل رأيته؟ أم يتوجب عليّ البحث عن منديل آخر؟! منديل يناسب معايير "المجتمع الدولي"، منديل يناسب معايير "العروبة الحديثة"، منديل يلوح به صاحبه مناديا: "مين يشتري الكرامة ويعطينا طحينا؟!". علمتنا فلسطين أن العروبة ما زالت على قيد الحياة، أما الإبادة فقد علمتنا أن ضريح العروبة هناك! في مقبرة الفالوجة، بين قبور المنسيين، بجوار قبر جدتي.

مبابي وحكيمي.. صداقة وطيدة لا تنتهي
مبابي وحكيمي.. صداقة وطيدة لا تنتهي

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

مبابي وحكيمي.. صداقة وطيدة لا تنتهي

نشر كيليان مبابي هداف منتخب فرنسا ونادي ريال مدريد الإسباني صورة له رفقة المدافع المغربي الدولي أشرف مبابي أثناء تدريبهما معا. وأظهرت الصورة التي نشرها مبابي عبر حسابه على منصة " إنستغرام" لتبادل الصور، استعداده وحكيمي بكل قوة للموسم الشاق الذي ينتظرهما. وتزامل اللاعبان لأكثر من 3 أعوام في باريس سان جيرمان، ويبدو أن رحيل مبابي إلى ريال مدريد، لم يؤثر على صداقته الوطيدة مع حكيمي. وقضى اللاعبان أجازتهما الصيفية سويا وحضرا معا حفلا موسيقيا في بورتو ريكو مؤخرا. وكان مبابي انضم إلى سان جيرمان في 2017 على سبيل الإعارة من موناكو قبل التعاقد معه بشكل نهائي في العام التالي، لكنه رحل عن العملاق الباريسي العام الماضي. أما حكيمي فيلعب في صفوف سان جيرمان منذ 2021.

الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم

في عالم تعج فيه الأخبار العاجلة والصور القاسية، تقف الترجمة الأدبية كجسر إنساني حساس، يربط بين القلوب والعقول، وينقل معاناة الشعوب من وراء الجدران والصمت الدولي. غزة، هذه الرقعة الصغيرة التي أصبحت عنوانا للألم والمعاناة والجوع، تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى أدوات تعبير تتجاوز الحصار، وتصل إلى وجدان الشعوب، لا سيما من خلال الأدب المترجم. فالترجمة الأدبية ليست مجرد نقل لغوي، بل فعل مقاومة ثقافية وأخلاقية، تتحول عبره القصص والقصائد والنصوص الشعرية والنثرية من أصوات محلية إلى شهادات عالمية، تكسر التعتيم، وتعيد للإنسان الغزي صورته الحقيقية كفرد لديه أحلام وأوجاع. في حديثه للجزيرة نت، يرى أستاذ الأدب والنقد الإنجليزي في جامعة الأزهر بغزة، مروان حمدان، أن الترجمة الأدبية تلعب دورا حيويا في إبراز البعد الإنساني بعيدا عن التجاذبات السياسية، وكشف التفاصيل اليومية للمعاناة من منظور شخصي وعاطفي، وتعزيز التضامن الدولي عبر إشراك القراء في معاناة وآمال الكتاب الغزيين، وإحياء الذاكرة الغربية حول النكبة والإبادة والحصار من خلال الأدب. وتهدف الترجمة إلى نقل الأدب الفلسطيني إلى جمهور عالمي متنوع، لا سيما أعمال الكتاب من غزة، وبناء شبكات تضامن ثقافي عالمية عبر أعمال أدبية مترجمة، وتمكين الكتاب الفلسطينيين من التواجد في محافل أدبية دولية، وتعزيز الصورة الثقافية لغزة بوصفها حاضنة للإبداع، لا مجرد مسرح للحرب. إن الترجمة الأدبية من غزة ليست عملا ثقافيا فحسب، بل شهادة على واقع إنساني يجب أن يسمع. وهي دعوة للعالم كي ينصت، لا إلى دوي الطائرات والصواريخ فقط، بل إلى صوت الشاعر والروائي. وقد أكد على أهمية تسليط الضوء على الأصوات الأدبية والأعمال الإبداعية في قطاع غزة، من خلال ترجمة مختارات منها إلى لغات عالمية، لنقل صورة أعمق عن القضية الفلسطينية إلى العالم بلغات مختلفة، وفتح آفاق جديدة أمام المترجمين المهتمين بها، ودعم الكتاب والمترجمين الشباب، وتوفير منصات لنشر أعمالهم. تثبيت الهوية وتعزيز السردية تمثل الكتابة الإبداعية في السياق الفلسطيني ضرورة ملحة، وسلاحا يعبر الأجيال ويخترق حدود اللغة نحو العالم، فهي ليست ترفا أدبيا، بل فعل مقاومة، وصرخة وعي، وذاكرة تحفظ ما يحاول المحتل طمسه. إنها أداة لاسترداد الحق، وتثبيت الهوية، وعين لا تغفو في زمن المسخ الإعلامي والتزييف السياسي. فالكاتب الفلسطيني ليس مجرد راو، بل شاهد ومقاتل، وناقل لنبض شعبه بلغة لا تهادن ولا تساوم. الشاعر حيدر الغزالي، الذي كانت له إسهامات جليلة في تسليط الضوء على أهمية القضية الفلسطينية، ومظلومية الشعب الفلسطيني، وتعزيز السردية القائمة على الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في أرضه، شارك في فعاليات أدبية كبيرة في فرنسا وإيطاليا والبرازيل والولايات المتحدة. وقال في حديثه للجزيرة نت: "كانت لي مشاركات أدبية من خلال نصوص شعرية عن القضية الفلسطينية والإبادة في غزة، فقد أسهمت مع مجموعة من الشعراء الغزيين، منهم يوسف القدرة، هند جودة، مروان مخول، علي أبو خطاب، الشهيد رفعت العرعير، نعمة حسن، الشهيدة هبة أبو ندى، دارين الطاطور، ويحيى عاشور، الذين شعروا بمسؤوليتهم تجاه القضية الفلسطينية وتجاه الإبادة في غزة، في إصدار مجموعة شعرية مشتركة باللغة الإيطالية بعنوان (صراخكم من صوتي)، وكانت واحدة من أكثر المجموعات الشعرية مبيعا في إيطاليا". وأضاف: "ترجمت لي قصيدة (أعدني إلى صباي) ونشرت على صفحات مجلة Ord Bild السويدية، وهي أقدم مجلة أدبية في السويد، كما ترجمت قصيدة (كلما خرجت من البيت أودعه) إلى اللغة المالايالامية ، ونشر نص قصيدة (انتفاضة الشباب الحر في الجامعات) في جريدة (The New York War Crimes) الأميركية، التي كانت تصدر في وقت اعتصام طلاب الجامعات في أميركا ضد الحرب على غزة". مقاومة الصمت واختراق الحدود وفي معرض رده على سؤال حول جدوى هذه الفعاليات الأدبية ودورها، أضاف: "الترجمة الأدبية ضرورة ملحة، وأداة لا بد منها لعبور المسافات واختراق الحدود نحو نبض الشارع، وصوت الإنسان البسيط، وحكاية الوطن المسلوبة. إنها الكلمة التي تقاوم الصمت، وتمنح اللغة حرارة الرفض، وكرامة البوح في وجه القهر. وهي التي تواجه سردية الكذب الإسرائيلية، وتوقع على القاتل صفة الإجرام والدموية. فالكتابة في زمن الإبادة تتطلب انغماسا تاما في الوجع، للدفاع عن الروح البشرية، واقتحام أغوار آلامها، إلى درجة تتطلب أحيانا أن يتجاهل النص خلفيته القومية والوطنية، لصالح ما هو أعم وأشمل. والترجمة هي التي توصل النص إلى حده العالمي، وتطوع اللغات لخدمة أهدافها". جوديث كيزنر ، كاتبة وفنانة تشكيلية ألمانية، وعضو أكاديمية قصر العزلة في برلين، ومن أكثر الداعمين للقضية الفلسطينية ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين، أسهمت في إقامة مدرسة "زهرة أمل" للطلاب الفلسطينيين في منطقة المواصي. ورأت في تصريحها للجزيرة نت أن "الكتابة الأدبية وترجمتها تمنح أهل غزة صوتا غالبا ما يتم تجاهله في السياسة. فمن خلال الكتب والقصص والقصائد، يتمكن الغرب من التعرف على تجاربهم الشخصية ومشاعرهم، وفهم معاناتهم بشكل أعمق، مما يسهم في اتخاذ مواقف أو القيام بأفعال من أجلهم". وأضافت: "الترجمة الأدبية لا تنقل فقط أخبار الحرب والدمار في غزة، بل تكشف عن تفاصيل الحياة اليومية التي تستمر رغم كل شيء، وتجعل المعاناة ملموسة، وتعيد للضحايا أسماءهم وملامحهم، وتذكرنا بمسؤوليتنا تجاههم كأفراد ومجتمعات". حكايات حية وشهادات موروثة إن الترجمة الأدبية من غزة ليست عملا ثقافيا فحسب، بل شهادة على واقع إنساني يجب أن يسمع. وهي دعوة للعالم كي ينصت إلى صوت الشاعر، والروائي، والأديب، لأن الأدب هو المصدر الإنساني الصادق لرصد ما يجري عبر العصور. إعلان هذا ما قالته رئيسة الملتقى الثقافي وملتقى الأدب الفلسطيني في أوروبا، والمختصة في الترجمة الأدبية، نجوى غانم، وتروي للجزيرة نت كيف أسهمت في ترجمة جميع قصائدها التي كتبتها خلال الحرب على غزة إلى الإنجليزية والألمانية، تحت عنوان: "أغنية الحياة على تلة الذبح، قصائد الإبادة"، كما ترجمت القصيدة التي كتبتها ابنتها نيسان أبو القمصان بعنوان "خان حرب" إلى اللغة الإنجليزية. كما شاركت في ترجمة كتاب "الوصايا: شهادات مبدعات ومبدعين من غزة في مواجهة الموت" (2024)، الذي يضم 17 نصا لعدد من الكتاب الفلسطينيين، وقد جاء إهداء لروح الفنانة التشكيلية الفلسطينية هبة زقوت، التي ارتقت مع طفلها جراء قصف غادر في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد تضمن الكتاب لوحاتها كتعزية فنية وعاطفية. كذلك ترجمت كتاب "الكتابة، كل ما ظل لي" للكاتبة الغزية الشابة دانا فليفل إلى الإنجليزية والفرنسية (2025)، وكتاب "48 قصة قصيرة فلسطينية" لـ 48 كاتبا فلسطينيا من الوطن والشتات إلى اللغة الإنجليزية، وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لذكره. واعتبرت غانم أن هذه الترجمات الأدبية تمثل شهادات موروثة للغربيين، عرفوا من خلالها "قصة أبي اللاجئ المنكوب، وجدي الذي عاش ومات رافضا الخنوع والاعتراف بأنه لاجئ، ومعاناة جدتي، وقصصي على الحواجز العسكرية، والإبادة التي يعيشها شعبي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store