
العلاقة المعقدة بين التغذية الحديثة والأمراض العصبية
تزايد الاهتمام العلمي مؤخرا بدراسة تأثير أنماط التغذية الحديثة على صحة الدماغ، لا سيما في ظل انتشار الأطعمة المصنّعة والمعبأة على نطاق واسع في مختلف المجتمعات.
وقد دفعت التغيرات الكبيرة في مكونات الغذاء وطرق معالجته، خاصة خلال العقود الأخيرة، الباحثين إلى التساؤل عن مدى ارتباط هذه التحولات ببعض الاضطرابات العصبية والنفسية التي تشهد تزايدا ملحوظا.
وبهذا الصدد، حذّرت مراجعة علمية حديثة من أن تناول الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) – مثل رقائق البطاطا وألواح البروتين والمأكولات السريعة – قد يزيد خطر الإصابة بأمراض عقلية مزمنة مثل الاكتئاب والقلق والخرف، بل وربما التوحد.
وكشفت الدراسة عن صلة مقلقة بين هذه الأطعمة وانتشار الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وهي جزيئات مجهرية تتسلل إلى الجسم عبر الغذاء وتصل إلى الدماغ.
وأوضح العلماء أن الأطعمة المعالجة أكثر عرضة للتلوث بالبلاستيك الدقيق خلال عمليات التعبئة والتغليف. وتبيّن أن هذه الجسيمات قادرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي – وهو خط الدفاع الطبيعي للدماغ – والتراكم في أنسجته بمستويات خطيرة.
وقال الدكتور نيكولاس فابيانو، من جامعة أوتاوا وأحد معدي الدراسة:
"نرصد اليوم تركيزات مرتفعة من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الأطعمة فائقة المعالجة، وهي تثير القلق نظرا لقدرتها على التراكم داخل الدماغ".
وأشار الدكتور وولفغانغ ماركس، من جامعة ديكين، إلى وجود تداخل كبير بين الطرق التي تؤثّر بها الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والأطعمة المصنّعة على الدماغ. كلاهما يساهم في الالتهاب والإجهاد التأكسدي واختلال النواقل العصبية، وهي عوامل ترتبط بتدهور الصحة النفسية.
وتوصلت المراجعة الشاملة لدراسات تناولت العلاقة بين الأطعمة فائقة المعالجة والبلاستيك الدقيق والصحة العقلية، إلى أن الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بالاكتئاب بنسبة 22%، والقلق بنسبة 48%، واضطرابات النوم بنسبة 41%.
ويرجّح العلماء أن الضرر لا يقتصر على الدماغ مباشرة، بل يبدأ في الأمعاء. فاختلال توازن ميكروبيوم الأمعاء – وهو شائع لدى مستهلكي الأطعمة المصنّعة – قد يؤدي إلى اضطراب في محور الأمعاء- الدماغ، ما يؤثر على المزاج والسلوك.
كما أن هذه الأطعمة غالبا ما تحتوي على محليات صناعية ومعادن ثقيلة مثل الزئبق والرصاص، التي قد تضعف الاتصال العصبي وتفاقم الأعراض النفسية أو العصبية.
وفي دراسة تشريحية حديثة (لم تُدرج في مراجعة المقال) على 54 دماغا بشريا، اكتشف الباحثون وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة في جميع العينات، بل وُجدت بتركيز أعلى 10 مرات لدى الأشخاص المصابين بالخرف مقارنة بغيرهم.
أما التوحد، فقد أثار العلماء احتمال ارتباطه غير المباشر باضطراب ميكروبيوم الأمعاء والتأثيرات الجينية الناتجة عن استهلاك UPFs، إلى جانب التأثيرات السامة للمعادن الثقيلة.
واقترح معدو المراجعة الشاملة تطوير مؤشر للجسيمات البلاستيكية الدقيقة الغذائية (DMI)، يقيّم مدى التعرض للبلاستيك الدقيق من الطعام. كما أشار الدكتور ستيفان بورنشتاين إلى إمكانية استخدام تقنية فصل مكونات الدم (Apheresis) لإزالة الجسيمات البلاستيكية من الجسم بطريقة طبية متقدمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار مصر
منذ 2 ساعات
- أخبار مصر
لا تقتصر على الدايت.. تعرف على أهم فوائد الجبنة القريش لمرضى السكر
لا تقتصر على الدايت.. تعرف على أهم فوائد الجبنة القريش لمرضى السكر تحتل الجبنة القريش مكانة مميزة بين المنتجات الطبيعية التي تجمع بين الفوائد الصحية والسعرات المنخفضة٬ فهي ليست فقط خيارًا مثاليًا لمن يسعى لإنقاص الوزن، بل تُعد أيضًا مصدرًا ممتازًا للبروتين والكالسيوم.فوائد الجبنة القريش الصحية الجبنة القريش ليست مجرد منتج ألبان تقليدي، بل هي غذاء متعدد الفوائد يدعم الجسم من نواحٍ عديدة وفقاً لموقع «هيلث لاين» المختص بالتغذية الصحية٬ إليك بعضاً منها: – تحتوي الجبنة القريش على نسبة عالية من البروتين عالي الجودة، مما يساعد في بناء العضلات، الحفاظ على الكتلة العضلية، والشعور بالشبع لفترات أطول، وهو ما يدعم برامج فقدان الوزن.- بفضل محتواها القليل من السعرات والدهون (خصوصًا…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر 'إقرأ على الموقع الرسمي' أدناه


نافذة على العالم
منذ 3 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : العلاقة المعقدة بين التغذية الحديثة والأمراض العصبية
الأحد 25 مايو 2025 05:30 صباحاً نافذة على العالم - تزايد الاهتمام العلمي مؤخرا بدراسة تأثير أنماط التغذية الحديثة على صحة الدماغ، لا سيما في ظل انتشار الأطعمة المصنّعة والمعبأة على نطاق واسع في مختلف المجتمعات. وقد دفعت التغيرات الكبيرة في مكونات الغذاء وطرق معالجته، خاصة خلال العقود الأخيرة، الباحثين إلى التساؤل عن مدى ارتباط هذه التحولات ببعض الاضطرابات العصبية والنفسية التي تشهد تزايدا ملحوظا. وبهذا الصدد، حذّرت مراجعة علمية حديثة من أن تناول الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) – مثل رقائق البطاطا وألواح البروتين والمأكولات السريعة – قد يزيد خطر الإصابة بأمراض عقلية مزمنة مثل الاكتئاب والقلق والخرف، بل وربما التوحد. وكشفت الدراسة عن صلة مقلقة بين هذه الأطعمة وانتشار الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وهي جزيئات مجهرية تتسلل إلى الجسم عبر الغذاء وتصل إلى الدماغ. وأوضح العلماء أن الأطعمة المعالجة أكثر عرضة للتلوث بالبلاستيك الدقيق خلال عمليات التعبئة والتغليف. وتبيّن أن هذه الجسيمات قادرة على عبور الحاجز الدموي الدماغي – وهو خط الدفاع الطبيعي للدماغ – والتراكم في أنسجته بمستويات خطيرة. وقال الدكتور نيكولاس فابيانو، من جامعة أوتاوا وأحد معدي الدراسة: "نرصد اليوم تركيزات مرتفعة من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الأطعمة فائقة المعالجة، وهي تثير القلق نظرا لقدرتها على التراكم داخل الدماغ". وأشار الدكتور وولفغانغ ماركس، من جامعة ديكين، إلى وجود تداخل كبير بين الطرق التي تؤثّر بها الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والأطعمة المصنّعة على الدماغ. كلاهما يساهم في الالتهاب والإجهاد التأكسدي واختلال النواقل العصبية، وهي عوامل ترتبط بتدهور الصحة النفسية. وتوصلت المراجعة الشاملة لدراسات تناولت العلاقة بين الأطعمة فائقة المعالجة والبلاستيك الدقيق والصحة العقلية، إلى أن الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة ترتفع لديهم احتمالات الإصابة بالاكتئاب بنسبة 22%، والقلق بنسبة 48%، واضطرابات النوم بنسبة 41%. ويرجّح العلماء أن الضرر لا يقتصر على الدماغ مباشرة، بل يبدأ في الأمعاء. فاختلال توازن ميكروبيوم الأمعاء – وهو شائع لدى مستهلكي الأطعمة المصنّعة – قد يؤدي إلى اضطراب في محور الأمعاء- الدماغ، ما يؤثر على المزاج والسلوك. كما أن هذه الأطعمة غالبا ما تحتوي على محليات صناعية ومعادن ثقيلة مثل الزئبق والرصاص، التي قد تضعف الاتصال العصبي وتفاقم الأعراض النفسية أو العصبية. وفي دراسة تشريحية حديثة (لم تُدرج في مراجعة المقال) على 54 دماغا بشريا، اكتشف الباحثون وجود جسيمات بلاستيكية دقيقة في جميع العينات، بل وُجدت بتركيز أعلى 10 مرات لدى الأشخاص المصابين بالخرف مقارنة بغيرهم. أما التوحد، فقد أثار العلماء احتمال ارتباطه غير المباشر باضطراب ميكروبيوم الأمعاء والتأثيرات الجينية الناتجة عن استهلاك UPFs، إلى جانب التأثيرات السامة للمعادن الثقيلة. واقترح معدو المراجعة الشاملة تطوير مؤشر للجسيمات البلاستيكية الدقيقة الغذائية (DMI)، يقيّم مدى التعرض للبلاستيك الدقيق من الطعام. كما أشار الدكتور ستيفان بورنشتاين إلى إمكانية استخدام تقنية فصل مكونات الدم (Apheresis) لإزالة الجسيمات البلاستيكية من الجسم بطريقة طبية متقدمة.


الدستور
منذ 5 ساعات
- الدستور
كيف تضعف الأطعمة الغنية بالدهون دفاعات الأمعاء؟
كشفت دراسة جديدة، أجرها معهد WEHI الأسترالي، عن التأثيرات المباشرة للنظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة على صحة الأمعاء، لتصبح الأولى من نوعها التي تبرز هذا الرابط الحاسم. وأظهرت نتائج الدراسة، التي أجريت في المرحلة ما قبل السريرية على نماذج حيوانية، أن تناول عدد قليل من الوجبات الغنية بالدهون المشبعة قادر على إثارة التهابات داخل الجسم، حتى وإن تأخرت الأعراض الجسدية لسنوات على شكل أمراض مزمنة. وقال الدكتور سيريل سيليت، أحد كبار الباحثين في الدراسة: "كل وجبة نتناولها تترك أثرا على صحة الأمعاء، وكلما ارتفعت نسبة الدهون المشبعة، تراكم الالتهاب تدريجيا، ما يضعف دفاعات الجسم الداخلية ويمهد الطريق لالتهاب مزمن، قد لا تظهر أعراضه لسنوات". ورغم عدم وجود علامات جسدية فورية، مثل زيادة الوزن، رصد الباحثون تغيرات مجهرية في أنسجة الأمعاء لدى الفئران بعد تناول بضع وجبات دهنية، ما يبرهن على أن الالتهاب يمكن أن يتطور بصمت. وأظهرت الدراسة أن النظام الغذائي عالي الدهون يؤدي إلى انخفاض سريع في مستويات بروتين IL-22، وهو عنصر أساسي في حماية الأمعاء من الالتهاب وتنظيم استجاباتها المناعية. وأشار الباحث لي شيونغ، المعد المشارك في الدراسة، إلى أن الدهون المشبعة لا تسبب الالتهاب فقط، بل تعطّل أيضا قدرة الجسم على مكافحته. وقال: "يعد IL-22 خط الدفاع الأول للأمعاء. واكتشفنا أن الفئران فقدت هذا البروتين الحيوي خلال يومين فقط من تناول الأطعمة الغنية بالدهون، ما أدى إلى خلل في وظائف الأمعاء، رغم أن الفئران لم تظهر أي أعراض واضحة". كما لاحظ الفريق أن الدهون غير المشبعة – مثل تلك الموجودة في المكسرات والأفوكادو – تعزز إنتاج IL-22، وهو اتجاه يعتقد أنه ينطبق على البشر أيضا. وتمكن الباحثون من استعادة صحة الأمعاء لدى الفئران عبر رفع مستويات IL-22، ما يشير إلى إمكانية تطوير تدخلات علاجية مستقبلية للبشر تعتمد على تعزيز هذا البروتين أو الحفاظ على مستوياته طبيعيا. ويأمل الفريق أن تساهم نتائجهم في تعديل الإرشادات الغذائية مستقبلا لتشجيع استهلاك الدهون غير المشبعة وتفادي الدهون المشبعة، خاصة بين الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض التهابية مزمنة.