الصراع بين الهند وباكستان: البراعة في منع الانفجار الشامل
حتى لحظة ما قبل الإعلان عن نجاح الوساطة الأميركية في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، عاش العالم لحظات عصيبة مع تجاوز الضربات العسكرية المتبادلة للحدود، واقترابها من عواصم البلدين، خوفاً من تدحرج المواجهة القائمة إلى أماكن لا يمكن السيطرة عليها، مما يضع منطقة جنوب ووسط آسيا برمتها على فوهة بركان، قد تحرق حممه الحارقة الجميع من دون استثناء.
لكن مهلاً، ورغم التصعيد الميداني الحاصل طوال الأيام الماضية، تؤكد الشواهد التاريخية أن الأمور ليست مرجحة للانفجار الشامل، والمثال الأكبر على ذلك، أنه خلال ما يزيد قليلاً على 25 عاماً من امتلاك البلدين للأسلحة النووية، أصبح كِلاهما بارعاً جداً في خوض مواجهات متوترة وعنيفة دون أن تتصاعد لتهدد الكوكب بأسره.
جذور الصراع حول كشمير
يقع إقليم كشمير، الذي عُرف باسم (جامو وكشمير)، في القسم الشمالي من شبه القارة الهندية، تحده الصين من الشمال، وولاية البنجاب الهندية جنوباً، ومن الغرب باكستان، وبذلك يحتل موقعاً استراتيجياً مهماً على حدود هذه الدول النووية الثلاث. تبلغ مساحة الإقليم حوالي 222 ألفاً و236 كيلومتراً مربعاً، تسيطر الهند على نحو 48٪ منه، فيما تحتفظ باكستان بما نسبته 35٪ من المساحة، أما الـ17٪ المتبقية فتخضع لنفوذ الصين.
يُعتبر إقليم كشمير، من الناحية السياسية، منطقة متنازعاً عليها بتعريف القانون الدولي، على إثر قيام الهند بضم الإقليم لها في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1947، وفرض حماية مؤقتة عليه، بعد أن تعهدت للشعب الكشميري (ذات الأغلبية المسلمة) وللأمم المتحدة، بمنح الكشميريين حق تقرير المصير عبر استفتاء عام حر ونزيه، يتم إجراؤه تحت إشرافها، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 47، الصادر عام 1948، وهو ما لم يتم حتى الآن.
وربطاً بهذه الأحداث، خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب، وواحدة مصغّرة. انتهت الأولى بتقسيم كشمير عام 1949، وفي حين لم تُفلِح الثانية عام 1965 في تغيير هذا الوضع، أسفرت الثالثة عام 1971 عن تقسيم باكستان نفسها إلى دولتين بعد انفصال باكستان الشرقية، وتأسيس جمهورية بنغلاديش. أما الرابعة، التي اندلعت عام 1999، فقد وُصفت بأنها مصغّرة، وعُرفت بـ"حرب كارغيل". بحلول ذلك الوقت، أُعلنت الهند وباكستان قوتين نوويتين.
الدور الأميركي في التهدئة
منذ اندلاع شرارة الصراع الأخير، كان واضحاً أن الجارين اللدودين لا يسعيان إلى حرب شاملة، وبالتأكيد ليس إلى تبادل إطلاق نار نووي. فالحكومتان، رغم خطابهما العدواني، كانتا تجهدان لضمان مكاسب سياسية داخلية من الأزمات، دون التسبب في تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.
وتبعاً لذلك، هناك عدة أسباب منعت انزلاق الهند وباكستان إلى حرب تقليدية شاملة، يمكن إيجازها بالآتي:
أولاً: امتلاك البلدين ترسانة نووية ضخمة، وهذا بدوره كفيل بمنع أي تصعيد قد يؤدي إلى كارثة عالمية تشمل تبريداً مناخياً، وأشعة مضرّة، وانهياراً في شبكات الغذاء، وبالتالي حدوث مجاعة واسعة النطاق.
ثانياً: اختلال التوازن العسكري لصالح الهند، وهذا أيضاً يُعتبر بمثابة عامل ردع قوي. فبحسب تقرير "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، بلغت النفقات العسكرية للهند – التي تُعد خامس أكبر إنفاق عسكري عالمياً – نحو 86.1 مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها 1.6٪، بينما بلغت نفقات باكستان العسكرية نحو 10.2 مليارات دولار.
ثالثاً: اتساع الفجوة العسكرية بين الدولتين من حيث الحجم، والتسليح، والقدرات البشرية والمالية. فوفقاً لتصنيف "Global Firepower"، تحتل الهند المرتبة الرابعة عالمياً، في حين تأتي باكستان في المرتبة الثانية عشرة، من أصل 145 دولة شملها التقييم السنوي للمؤشر. كما أن الجيش الهندي يفوق بأضعاف عدد خصمه الباكستاني.
رابعاً: تركيز الهجمات العسكرية على خط السيطرة الذي يفصل كشمير، مما يحد من الخسائر البشرية ويوفّر بالتالي مجالاً للتهدئة.
خامساً: تمسك الصين العصا من المنتصف، فهي تحتفظ بعلاقات استراتيجية وثيقة مع إسلام آباد، لكنها تُدرك، في الوقت ذاته، أن استمرار التوتر مع نيودلهي قد يفتح جبهات معقدة على حدودها الشرقية، خصوصاً في ظل النزاع الحدودي التاريخي الذي يمتد على أكثر من 3 آلاف و500 كيلومتر.
سادساً: خوف واشنطن من أن يؤثّر النزاع القائم على مصالحها وأهدافها الاستراتيجية في المنطقة، لا سيّما أنها تسعى إلى الحفاظ على توازن دقيق بين علاقاتها مع الهند – التي تُعتبر شريكاً اقتصادياً وصناعياً مهماً في مواجهة النفوذ الصيني – وبين دعمها التقليدي لباكستان، المرتبطة معها بتعاون أمني واستخباراتي طويل الأمد، خصوصاً في ملف أفغانستان ومكافحة الإرهاب.
القدرات النووية للهند وباكستان
تشير التقديرات إلى أن باكستان تملك بين 170 و200 رأس نووي، بينما يوجد لدى الهند حوالي 170 إلى 172 رأساً (وفقاً لمركز مراقبة الأسلحة ومنع الانتشار).
ومع أن الدولتين تتبادلان سنوياً قوائم منشآتهما النووية، إلا أنهما ليستا من الدول الموقّعة على معاهدة حظر الانتشار النووي.
الجدير بالذكر، أن باكستان لا تعتمد سياسة "عدم الاستخدام الأول" لتلك الأسلحة، ما يعني أنها لا تستبعد استخدام القوة النووية لردع هجوم تقليدي. كما أنها أدخلت مؤخراً أسلحة نووية "تكتيكية" منخفضة القدرة إلى ترسانتها، بهدف استخدامها ميدانياً لمواجهة التفوّق العسكري التقليدي للهند.
على المقلب الآخر، تُعلن الهند رسمياً التزامها بسياسة "عدم الاستخدام الأوّل"، لكن بعض التصريحات الصادرة مؤخراً عن مسؤولين هنود أثارت شكوكاً حول مدى تمسكها الفعلي بهذه السياسة.
في المحصلة، أظهر هذان البلدان، اللذان كانا في حالة عداء طويل الأمد، قدرة على إبقاء هذه النزاعات محدودة، وهو ما حصل فعلاً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
"صواريخ تهدد أميركا".. تهديد قائم وترامب يتحرّك
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الخطوط العريضة لخطته لبناء نظام دفاع صاروخي حول الولايات المتحدة ، وهي الخطوة الأولى في مشروع ضخم ومذهل. ولم تُحدد بعد الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام في البرنامج، المعروف الآن باسم " القبة الذهبية"، وهي: شكل النظام، ومن سيبنيه، وكيفية التحكم فيه، وما إذا كان سيحمي الأمريكيين من التهديدات الصاروخية من جميع أنحاء العالم. ويقول الكاتب في شؤون الأمن القومي في " نيويورك تايمز" دبليو. جيه. هينيغان إن ما نعرفه هو أن التكلفة لن تكون سهلة، أو سريعة، وأضاف: "من المؤكد أن المشروع سيستغرق جهداً طويل الأمد، ومليارات الدولارات، ويشمل أنظمة في الجو والبر والبحر والفضاء". وقدّر ترامب التكلفة الإجمالية بـ 175 مليار دولار، لكن مراجعة مكتب الميزانية في الكونغرس قدّرت أن العناصر الفضائية وحدها قد تصل إلى 542 مليار دولار لنشرها وتشغيلها على مدى السنوات العشرين المقبلة. وفي إشارة إلى صدمة الأسعار المتوقعة، خصص الكونغرس 25 مليار دولار للقبة الذهبية في ميزانية الدفاع للعام المقبل. ويُجري المقاولون العسكريون الأميركيون وشركات الصواريخ، بما في ذلك شركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك ، بالفعل استراتيجياتٍ للفوز بمنافساتٍ على عقود بناء النظام، وأنفقت الحكومة الأميركية ما يقارب 300 مليار دولار على أنظمة الدفاع الصاروخي على مدى العقود الأربعة الماضية. ويرى الكاتب أنه "ستكون هناك حاجةٌ إلى جيلٍ جديد من الرادارات وأجهزة الاستشعار والصواريخ الاعتراضية والأنظمة المرتبطة بها في إطار برنامج القبة الذهبية لكشف صواريخ الأعداء وتتبعها وتدميرها قبل أن تضرب، أي أن "القبة الذهبية" ليست برنامجاً منفرداً، بل من المرجح أن تتكون من 100 برنامج أو أكثر تُدمج معاً لتكوين درعٍ شاملٍ من الساحل إلى الساحل، ومن الحدود إلى الحدود، ضد الهجمات الجوية. وبمجرد بناء هذه المكونات، سيحتاج الجيش إلى طريقةٍ لتنظيم كل ذلك من خلال نظام قيادةٍ وتحكم. وصرح ترامب بأنه سيكتمل في غضون ثلاث سنوات، لكن مسؤولي الصناعة والمحللين يتوقعون أن تستغرق العناصر الفضائية وقتاً أطول بكثير. وذكر الرئيس أيضاً أن كندا ترغب في تغطية نظام القبة الذهبية، وأن قيادة البلاد ترغب في لعب دور، لكنه لم يُفصّل في هذا الشأن. ويأمل ترامب في تكرار ما يراه على أنه نجاحات خارجية للدفاعات الصاروخية داخل البلاد. وفي كانون الثاني، دعا أمره التنفيذي الأول إلى تكرار نظام القبة الحديدية الإسرائيلي في الولايات المتحدة. وكرر الكاتب ما قاله سابقاً إن مساحة إسرائيل تعادل مساحة ولاية نيوجيرسي، والصواريخ التي تُطلق عليها غالباً ما تكون مقذوفات غير موجهة وبطيئة الحركة تُطلق من مكان قريب - وليست الصواريخ التي تمتد عبر العالم التي يخشاها المخططون العسكريون الأميركية أكثر من غيرها. وأوضحت وكالة استخبارات الدفاع الأسبوع الماضي التهديدات المتزايدة التي تواجه الولايات المتحدة من دول مثل الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية في تقييم غير سري بعنوان "القبة الذهبية لأميركا". وصوّر الرسم البياني تشكيلة متنوعة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، وصواريخ كروز الهجومية البرية، والأسلحة الأسرع من الصوت القادرة على الوصول إلى سرعات تزيد عن خمسة أضعاف سرعة الصوت. ولا شك أن الولايات المتحدة معرضة لخطر الهجمات الصاروخية، ولكن من غير الواضح ما إذا كان نظام "القبة الذهبية" قادراً على سد هذه الثغرة باستخدام التكنولوجيا الحديثة. وحتى إذا ثبتت فعالية النظام من خلال الاختبارات، فسيُطلب من الكونغرس مواصلة تدفق التمويل بمليارات الدولارات سنوياً. وصرح ترامب بأنه "يُكمل المهمة" التي بدأها الرئيس رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي ببرنامجه للدفاع الصاروخي الفضائي الذي لم يُحقق نجاحاً كبيراً، وأطلق عليه اسم "حرب النجوم". أُلغي البرنامج بعد أن ثبتت صعوبة التغلب على التحديات التكنولوجية، على الرغم من سنوات من الجهد ومليارات الدولارات من الإنفاق الفيدرالي. وللإشراف على تطوير "القبة الذهبية"، عيّن ترامب الجنرال مايكل أ. غيتلين، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس عمليات الفضاء في قوة الفضاء الأميركية.


صوت لبنان
منذ ساعة واحدة
- صوت لبنان
واشنطن تضغط وبيروت تتجاهل الشروط... بين السلاح والإصلاح: ماذا وراء تأجيل زيارة مبعوثة ترامب إلى لبنان؟
أُثيرت تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والإعلامية حول خلفيات تأجيل زيارة مبعوثة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مورغان أورتاغوس، إلى بيروت. وبينما رُبط هذا التأجيل بتقارير صادرة عن صندوق النقد الدولي تدعو لإقرار قوانين مالية عاجلة، برزت معطيات تشير إلى أن الأسباب الحقيقية تتجاوز الاعتبارات الاقتصادية، وتتصل بشكل مباشر بالأوضاع السياسية والأمنية في لبنان، لا سيما ملف السلاح غير الشرعي والإصلاحات المتعثرة. في هذا الإطار، قال الصحافي علي حمادة: "الحديث عن تأجيل زيارة مبعوثة إدارة الرئيس ترامب، مورغان أورتاغوس، إلى بيروت بسبب اطلاعها على تقديرات صندوق النقد الدولي، الذي يضغط باتجاه إقرار قوانين عاجلة تتعلق بالمسألة المالية، هو أمر غير صحيح". وأشار إلى أن "هذا الادعاء يُعدّ ترويجًا لرؤية داخلية لبنانية لا علاقة لها بمورغان أورتاغوس، إذ إن الموضوع مختلف تمامًا". ولفت حمادة في حديث لـ"VDLNews" إلى أن "الدليل على ذلك أن مورغان أورتاغوس، وقبل ساعات فقط من صدور خبر تأجيل زيارتها إلى لبنان، كانت قد صرّحت بأن لبنان ليس مضطرًا إلى طلب قروض من صندوق النقد الدولي، بل عليه فقط التنسيق معه، وأكدت أن الأهم من القروض هو جذب الاستثمارات". وأضاف: "تقديرات إدارة ترامب بخصوص لبنان تشير إلى ضرورة التخلي عن سياسة "الشحادة" واللجوء المستمر إلى القروض، وبدلاً من ذلك، يجب أن يتحول لبنان إلى بيئة حاضنة وجاذبة للاستثمارات". وأوضح أن ذلك يتطلب شرطين أساسيين: "الشرط الأول: "نزع سلاح حزب الله وكل الجماعات المسلحة، سواء اللبنانية أو الفلسطينية، المنتشرة على الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى مكافحة مصادر تمويل هذه الجماعات، مثل جمعية "القرض الحسن" والشركات المالية غير القانونية التي تعمل على تبييض أموال حزب الله، وأموال مهرّبة من سوريا، والتي يستغلها الحزب". وتابع: "نحن نتحدث هنا عن مبالغ ضخمة، تصل إلى نحو 7 أو 8 مليارات دولار، أما الشرط الثاني: "تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، سواء على صعيد قوانين المصارف أو تطبيق القوانين القائمة. فلبنان، في الحقيقة، لا يعاني من نقص في القوانين، بل من غياب في تنفيذها، لذلك، فإن الأساس ليس في إقرار قوانين جديدة بقدر ما هو في احترام وتنفيذ القوانين القائمة". واعتبر حمادة أن "الزيارة المقبلة للبنان ستتضمّن موقفًا صارمًا بخصوص موضوع سلاح حزب الله". وتابع: "رأيتم ماذا حدث أمس، حملة غارات جديدة من إسرائيل على عدد كبير من الأهداف التابعة لحزب الله في الجنوب والبقاع، والولايات المتحدة، والمجتمع الدولي، والعالم العربي، ينتظرون من الدولة اللبنانية أن تقوم بواجباتها وتنفّذ تعهداتها وتعمل على نزع سلاح حزب الله والجماعات المسلحة، أما التذرّع بالحوار، فهو غير مقنع إذا لم يُترجم إلى أفعال". وختم حمادة: "محاولة التلهي وجرّ الناس بحديث عن إصلاحات تروّج لها الحكومة، من رئيسها إلى وزرائها، فهذا الموضوع لن يمرّ لا في الداخل، ولا عند العرب، ولا لدى المجتمع الدولي".


صيدا أون لاين
منذ ساعة واحدة
- صيدا أون لاين
التحدّي كبير... وهذا ما كشفه وزير المال عن إعادة الودائع
تفقّد وزير المالية ياسين جابر مبنى الضريبة على القيمة المضافة في منطقة كورنيش النهر، حيث جال على أقسامه مطلعا على سير العمل، وعقد اجتماعا مع مدراء مديرية المالية العامة متحدثا أمامهم عن الخطوات التي هو ماض في القيام بها من أجل تحديث الإدارة وتطويرها لتسهيل سير المعاملات من جهة، ومن جهة ثانية نظرا لتعزيز الإنتاجية باعتبار المديريات التي يشغلها المبنى خصوصا الواردات والضريبة على القيمة المضافة، إضافة إلى مديريات المحاسبة العامة والصرفيات والخزينة التي تشكل العصب الرافد للدولة بالموارد المالية" . وقال الوزير جابر: "زيارتنا اليوم هي للتأكيد على أهمية هذا المبنى والذي بدأنا بجدية العمل على إعادة الحياة إليه. أعرف أنكم جميعا قدمتم في السنوات الماضية تضحيات، لأنه ومع الانهيار المالي الذي حصل في لبنان مرت فترة أصبحت معها حياة الموظف جحيما بسبب عدم تغطية قيمة الراتب ثمن صفيحة بنزين. فترة صعبة ومرت. واليوم هناك فجر جديد وإمكانية جدية للبدء ليس فقط ببناء المؤسسات فحسب كي نتمكن من بناء وطن، وإنما أيضا لتحسين أوضاعكم وأوضاع الشعب اللبناني الذي بمجمله ضحى وعانى العذاب مع الانهيار العام، وهذا لم يطل فقط القطاع العام، إنما أيضا القطاع الخاص والخدمات". أضاف: "بكل ثقة أقول، إن لبنان مليء بالكفاءات والشباب المثقف، والجامعات الرائدة وشبابنا منتشرون في كل أنحاء العالم، وهذا ما شاهدناه في خلال لقاءاتنا في اجتماعات الربيع في واشنطن، وفوجئنا أن هناك 400 شاب وصبية لبنانيين يعملون في الصندوق والبنك الدوليين، إضافة إلى العاملين في القطاع الخاص، لكننا للأسف نحن مقصرون. أينما ذهبنا في العالم نرى الكفاءات اللبنانية، اليوم جاء الوقت أن نركز الاهتمام على المساهمة في بناء بلدنا، إذ لا يجوز أن يجهد اللبناني ويحصل في المقابل على كم محدود من ساعات الكهرباء، فهل من الجائز أن ينفق بلد ملياري دولار سنويا للحصول على أربع أو خمس ساعات من الكهرباء، لا يوجد بلد في العالم يخسر فيه قطاع الكهرباء إلا نحن". وتابع: "اليوم حان الوقت لنبني البلاد سويا، علينا كل من مكانه أن نتعاون، وبالقدر الذي نعمل فيه ونجهد نتمكن من تحسين الأوضاع لكم كموظفين وللبلد بشكل أكبر، لذلك نطالب بالالتزام بالحضور خصوصا وأن العيون منصبة على وزارة المالية، باعتبارها بكل قطاعاتها ومؤسساتها من إدارة جمركية إلى الشؤون العقارية ومالية عامة هي المعنية بإعادة ترتيب أوضاع البلاد وإعادة تقوية مداخيل الدولة لتتمكن بدورها من تقديم ما عليها من واجب تجاه مواطنيها، وأنتم الوسيلة التي بواسطتكم تستطيع الدولة القيام بذلك ونأمل أن نحققهها قريبا". وأردف: "نتفهم ظروف الموظف المعيشية، لكن لتغيير هذه الظروف والواقع يجب أن تكون يدنا بيدكم لنعمل سويا على تحسين الأوضاع. أتفهم أن تكون ظروف عمل الموظف جيدة ولهذا بدأنا العمل على تأمين كل مستلزمات الراحة والمكان اللائق في كل المباني التابعة للوزارة، وكذلك تجهيزات المكننة والأنظمة الرقمية لنعطي إنتاجية أفضل، ونحن أمام تحد لإنجاز هذه الأمور بسرعة. وكلما تقدمنا بتحسين المداخيل صار بإمكاننا تكبير حجم الموازنة والتي سيكون من ضمنها حصة للموظف لجهة التحسن في الدخل، ونأمل بجهودكم أن نسجل نقلة نوعية في المرحلة المقبلة". وقال جابر: "اليوم لدينا رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، ورئيس مجلس النواب يدركون حجم التحدي الكبير، والبرنامج الإصلاحي انطلق والقطاعات التي شكلت عبئا على الدولة يعاد اليوم هيكلتها بشكل كامل، سنشهد تعيين هيئات رقابية وتنظيمية جديدة، وخلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة ستلمسون عملاً أو فعلاً، فالتعيينات انطلقت وكانت بدايتها مجلس الإنماء والإعمار وكانت التجربة الأولى والأمور ستسير تباعا". وكشف جابر انه "تقدم إلى مجلس الإنماء والإعمار/650/ طلب ترشيح وقطاع الاتصالات تقدم /530/ طلبا والكهرباء قرابة /350/ طلبا ستفتح باب التغيير الكبير وستعمل على إدخال القطاع الخاص كمواضيع الجباية والتوزيع في قطاع الكهرباء وحتى في الإنتاج، نقوم بتوقيع قروض كبيرة