
"طهران تايمز": معركة إيران الأبدية ضد الانقسام
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
إيران أمةٌ تتألف من مجموعات مختلفة من الناس. وقد عاش الفرس، والأذريون، والجيلاك، والمازندرانيون، والبلوش، والتركمان، والكرد، واللور، والعرب جنباً إلى جنب لفترة طويلة ضمن مساحة جغرافية كانت في السابق أكبر بكثير مما يُعرف اليوم بإيران.
ولآلاف السنين، حافظت هذه المجتمعات على ثقافاتها ولغاتها الفريدة مع استخدام اللغة الفارسية كوسيلة مشتركة للتواصل وربط المناطق القريبة والبعيدة. وعلى مدى العقود القليلة الماضية، أدى ارتفاع معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة والتكامل الاجتماعي العميق إلى تعزيز هذه الروابط وترسيخ الهوية الإيرانية المرنة، وهي الهوية التي تدعمها دراسات الحمض النووي التي تكشف عن روابط جينية وثيقة بين المجموعات العرقية المتنوعة في البلاد. والإيراني من محافظة سيستان وبلوشستان يتقاسم مع الكردي من محافظة كرمانشاه أكثر مما يتقاسمه أي منهما مع الأجانب.
وهذا ما ساعد إيران على الاستمرار لآلاف السنين وجعلها أقدم دولة قائمة بشكل مستمر في التاريخ، إلى جانب كل السنوات التي حارب فيها الإيرانيون وتاجروا وتزوجوا ودفنوا موتاهم تحت سماء واحدة. وعلى مرّ السنين، سادت وحدة الشعب الإيراني وولاؤه، سواءً في مواجهة جيوش الإسكندر أو الخلافة العربية أو جحافل المغول أو أباطرة النفط البريطانيين. واليوم، في عام 2025، يبدو أنّ هذه الوحدة ذاتها تُمثل هدفاً رئيساً لخصوم إيران، ولا سيّما "إسرائيل" والولايات المتحدة.
عندما وصل اللاجئون اليهود إلى فلسطين خلال الأربعينيات هرباً من أهوال الحرب العالمية الثانية، كانت المنظمات الصهيونية تعمل بالفعل منذ سنوات على إنشاء دولة يهودية هناك، وهي الجهود التي بدأت بعد "وعد بلفور" في عام 1917. وبعد إنشاء "إسرائيل" رسمياً، ومع مرور الوقت، بدأت الفصائل الصهيونية المختلفة بالدعوة علانية إلى إنشاء "دولة إسرائيل الكبرى"، التي تشمل جميع الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى أجزاء من الأردن ولبنان وسوريا والعراق وحتى المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من أنّ أي مسؤول إسرائيلي لم يعترف علناً بهذه الأيديولوجية، فإنّ فشل "إسرائيل" المستمر في تحديد حدودها وضمّها إلى الضفة الغربية ومرتفعات الجولان في سوريا يشير إلى التزامها المستمر برؤية "إسرائيل الكبرى".
اليوم 11:09
اليوم 10:09
إنّ تحقيق رؤية "إسرائيل الكبرى" لا يستلزم إزالة الحكومات المركزية والمناطق المستقلة القائمة داخل هذه الأراضي فحسب، بل يتطلب أيضاً تحييد أي قوة إقليمية مؤثرة قادرة على معارضة التوسع الإسرائيلي. وبالتالي، لا بدّ من مواجهة إيران، التي تشكل العقبة غير الفلسطينية الأكثر أهمية أمام تحقيق هذا التوسع.
لقد استخدمت "إسرائيل" والولايات المتحدة أساليب متنوعة لإلحاق الضرر بإيران على مدار الـ46 عاماً الماضية. واستنفدتا وسائل مختلفة لإضعاف الحكومة المركزية وإحداث فوضى داخل إيران، من العقوبات الاقتصادية إلى العمل العسكري. ومن ضمن التكتيكات البارزة تأجيج المشاعر الانفصالية وتحفيزها داخل البلاد، من خلال القيام بالحملات الدعائية وتمويل الجماعات الانفصالية المتمركزة بالقرب من الحدود الإيرانية وتسليحها.
ومؤخراً، خلال الحرب الإيرانية - الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً في حزيران/ يونيو، كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية على غير عادتها عن الأهداف الأساسية للنظام. فعلى سبيل المثال، كتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنّ على واشنطن تشكيل تحالف إقليمي لـ"تقسيم" إيران، وتشجيع "الخطط طويلة الأمد لإقامة إيران مقسمة أو فيدرالية". وتهدف هذه الخطة إلى فصل الأذريين والكرد والبلوش عن بقية الشعب الإيراني. إلا أنّ التركيز الأساسي لـ"إسرائيل" كان دائماً على الكرد، المنتشرين في أنحاء المنطقة في إيران وسوريا والعراق وتركيا.
يقول البروفيسور محمود جعفري دهاقي، الباحث المشهور في التاريخ الإيراني واللغات الإيرانية القديمة في جامعة طهران، إنّ "الشعب الكردي هو من بين أكثر الشعوب الإيرانية أصالة. وتُعدّ اللغة الكردية لغة إيرانية حديثة، وتصنف لغوياً كجزء من اللغات الشمالية الغربية التي يتحدث بها سكان الهضبة الإيرانية".
ويشير البروفيسور إلى أنّه في ملحمة الشاهنامة للشاعر الفردوسي، وهي قصيدة ملحمية أساسية في الأدب الفارسي ألفها منذ أكثر من ألف عام، انضم الكرد إلى انتفاضة كاوه الحداد ضد الضحّاك، الشخصية الاستبدادية الأكثر شهرة في الملحمة، وساعدوا في تحرير إيران.
وقد كتب ابن مجرم الحرب الأسبوع الماضي: "الكرد هم أكبر شعب بلا دولة في العالم، إذ يبلغ عددهم نحو 45 مليون نسمة. وهم علمانيون وحلفاء للغرب. أراضيهم مقسمة ومحتلة من قبل تركيا وإيران والعراق وسوريا. فلماذا لم تعترف فرنسا وإسبانيا وإيرلندا والمملكة المتحدة والنرويج والبرتغال وكندا وألمانيا ومالطا وسلوفينيا بكردستان؟
ويقول أردشير باشانغ، الباحث في شؤون منطقة غرب آسيا والمتخصص في الشؤون الكردية (مؤلف كتاب "الكرد في الحرب الإيرانية - العراقية")، إن الشعب الكردي استُخدم أحياناً كأداة بيد "إسرائيل". وخلال حديثه إلى صحيفة "طهران تايمز"، قال: "لنكن واضحين، خطاب إسرائيل المفاجئ 'المؤيد للكرد' ليس إلا مسرحية سياسية. فتاريخ "إسرائيل" الممتد لـ70 عاماً يُثبت أنها لم تكن يوماً داعمة للشعب الكردي. بل على العكس من ذلك، فقد وجهت في مراحل مختلفة ضرباتٍ للحركات الكردية وقادتها".
وذكر باشانغ كيف لعب عملاء الموساد دوراً أساسياً في القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان عام 1999، وكيف قدمت "إسرائيل" مراراً الدعم الاستراتيجي لتركيا في العمليات المناهضة للكرد.
وخلص الخبير إلى أنّ "هذه المبادرات الإعلامية الأخيرة ما هي إلا محاولات واضحة لزعزعة استقرار إيران وتركيا وسوريا والعراق من خلال استغلال التطلعات الكردية. والأمر المثير للدهشة هو أنه لطالما وقفت معظم الفصائل الكردية إلى جانب الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي. واهتمام "تل أبيب" المفاجئ بالكرد لا يقلّ مصداقية عن عرض الثعلب حراسة خُمّ الدجاج".
نقلته إلى العربية: زينب منعم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
الصين وروسيا تتفقان على تعزيز العلاقات.. وبكين تجدد دعمها للتسوية السياسية في أوكرانيا
أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، أنّ بلاده ستواصل تعزيز محادثات السلام في أزمة أوكرانيا، وتشجّع على الحفاظ على قنوات الاتصال بين روسيا والولايات المتحدة، بما يسهم في دفع التسوية السياسية. وجاء ذلك خلال محادثة هاتفية أجراها شي، اليوم الجمعة، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما نقلته قناة تلفزيون الصين المركزية. اليوم 14:46 اليوم 10:37 وقال الرئيس الصيني إنّ بلاده "ترحب بالحفاظ على الاتصالات بين روسيا والولايات المتحدة، وتطوير العلاقات، ودفع عجلة التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية"، مشدداً على أن الصين "سعيدة برؤية موسكو وواشنطن تحافظان على التواصل وتحسنان العلاقات". وأجرى الرئيسان تقييماً إيجابياً لمستوى الثقة السياسية المتبادلة والتعاون الاستراتيجي القائم بين الصين وروسيا، مؤكدَين عزمهما على تعزيز تطوير العلاقات الثنائية بشكل مشترك. واتفق الجانبان على العمل معاً للإعداد لقمة منظمة "شنغهاي" للتعاون المرتقبة في تيانجين، بما يجعلها قمة "ودية وموحدة ومثمرة"، ويسهم في تعزيز التنمية عالية الجودة للمنظمة.


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
الهند تعلّق خطط شراء أسلحة أميركية وسط توتر متصاعد بسبب رسوم ترامب الجمركية
علّقت الهند خططها لشراء أسلحة وطائرات أميركية جديدة، في مؤشر واضح على استيائها من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على صادرات نيودلهي، والتي دفعت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوى لها منذ عقود. وكان البيت الأبيض أعلن، يوم الأربعاء، عن فرض رسوم جمركية على الهند بنسبة 25%، بأمر تنفيذي من الرئيس دونالد ترامب. وذكر الأمر التنفيذي لترامب أنّ "الهند تستورد نفطاً من روسيا، بشكل مباشر أو غير مباشر". اليوم 13:47 اليوم 12:49 وكان من المقرر أن يزور وزير الدفاع الهندي، راجناث سينغ، واشنطن في الأسابيع المقبلة للإعلان عن صفقات تشمل شراء 6 طائرات استطلاع من طراز "بوينغ P8I" وأنظمة دعم للقوات البحرية بقيمة 3.6 مليار دولار، إلا أن الرحلة أُلغيت، وسط غياب أي تعليمات مكتوبة لوقف الشراء مما يُبقي الباب مفتوحاً أمام تراجع محتمل. ورغم هذا التوتر، أكّد مسؤولون هنود لـ"رويترز" استمرار الشراكة الدفاعية الأوسع بين الهند والولايات المتحدة، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات العسكرية المشتركة. "السياسة الأميركية هي سياسة ابتزاز اقتصادي تمارس ضد الهند ودول أخرى"الكاتب والخبير بالشؤون الآسيوية د. وائل عواد في #نقاش #الهند@abunouman الوقت ذاته، تظل نيودلهي منفتحة على تقليص وارداتها من النفط الروسي، مع إمكانية إبرام صفقات جديدة مع جهات أخرى إذا توفرت أسعار مناسبة، بحسب المصادر الهندية. من جهة أخرى، تروج موسكو بنشاط لبيع تقنيات دفاعية متقدمة للهند، مثل منظومة الدفاع الجوي "S-500"، غير أن نيودلهي ترى حالياً أن الحاجة إلى صفقات تسليح جديدة مع روسيا ليست ملحة، لكنها ستستمر في الاعتماد على الدعم الروسي بسبب الشراكة الطويلة بين البلدين.


LBCI
منذ 3 ساعات
- LBCI
الرئيس الصيني لبوتين: بكين "ترغب برؤية" موسكو وواشنطن تحسنان علاقاتهما
أكد الرئيس الصيني شي جينبينغ في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن بكين "ترغب برؤية" موسكو وواشنطن تحسنان علاقاتهما، بحسب ما ذكر الإعلام الرسمي. ونقلت شبكة "سي سي تي في" عن شي قوله لبوتين إن "الصين ترغب بأن ترى روسيا والولايات المتحدة تحافظان على اتصالاتهما وتحسنان علاقاتهما وتدعمان تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية".