
"972+": الإسرائيليون يتجرعون من الكأس المرّة نفسها
مجلة "972+" الإسرائيلية تنشر مقالاً يفيد بأنّ صواريخ إيران أثارت لدى العديد من الإسرائيليين قلقاً وجودياً للمرة الأولى. وفي حال صمود وقف إطلاق النار، فإن شعورهم المهتزّ بالحصانة سيظل قائماً.
ويتناول المقال الرقابة العسكرية المفروضة على الصحافة، والانتهاكات التي تطال حرية الإعلام، من ملاحقة الصحافيين، ومصادرة معداتهم، والتحقيق معهم، إلى منعهم من التصوير، وتوجيه الاتهامات إلى كل من يوثّق آثار الضربات الإيرانية وتهديده بالقتل.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
خلال الأيام الـ12 الماضية، قمتُ بتوثيق المشاهد اليومية للهجمات الصاروخية الإيرانية على "إسرائيل"، والتي وقعت أغلبها ليلاً. في بعضها، وصلتُ بعد دقائق فقط من الاصطدام، فيما كانت النيران لا تزال مشتعلة، وانتشال الجرحى من تحت الأنقاض لا يزال جارياً.
الوصول خلال الظلام دائماً ما يكون خادعاً، فلا ترى سوى سيارات الإسعاف وعربات الإطفاء. ومع بزوغ الفجر، يتكشف تدريجياً الحجم الحقيقي لموقع الكارثة: عدد المنازل والمركبات والنوافذ المتضررة، وما إذا كان هناك أشخاص لا يزالون مدفونين تحت الأنقاض. وبعد ساعات من وقوع الهجوم، يعود السكان لمحاولة استرداد بعض ممتلكاتهم، فيما يصل الجيران والمتفرجون الفضوليون لتفقد الأضرار.
وقد عملت فرق الإنقاذ في موقع الهجوم في "بات يام"، حيث قُتل 9 إسرائيليين، لأيّام من أجل إزالة الأنقاض وانتشال جميع الجثث. والمباني المنهارة، والحفر الهائلة، والأشجار والسيارات المغطاة بالرماد، والناس الفارون بملابس النوم مع أطفالهم وممتلكاتهم بين أذرعهم، تشبه بشكل مخيف الصور التي شاهدها الإسرائيليون وهم يخرجون من غزة على مدى العامين الماضيين، على الرغم من الرقابة الذاتية التي تمارسها وسائل الإعلام.
وبخلاف مشاهد هجمات إطلاق النار أو الهجمات الصاروخية السابقة في أنحاء "إسرائيل"، حيث كان شعار "الموت للعرب" يتردد في كل مكان، لم أصادف أي دعوات للانتقام أو هتافات تصدح بـ"الموت للإيرانيين". ولعل السبب في ذلك هو الصدمة التي أصيب بها الجميع، أو مبادرة "إسرائيل" بالهجوم على إيران، أو الحسابات الأعمق لحدود القوة الإسرائيلية، وهذه أول حرب تشنّها "إسرائيل" ضد دولة ذات سيادة منذ عام 1973، وأول حرب تشنّها ضد دولة منذ عام 1967.
وفي صباح 24 حزيران/يونيو، أُعلن عن وقف إطلاق النار الهشّ، ولكن ليس قبل أن يضرب صاروخ إيراني مبنى سكنياً في مدينة بئر السبع جنوبي "إسرائيل" ويتسبب بمقتل 4 أشخاص. وسواء صمد وقف إطلاق النار أم لم يصمد، يستطيع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن ينسب لنفسه الفضل في إنجاز كبير واحد، وهو تحطيم شعور الإسرائيليين بالحماية.
هذه الحرب، التي أودت بحياة ما لا يقل عن 28 شخصاً في "إسرائيل"، جعلت عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف، من الإسرائيليين، ولا سيّما في تل أبيب وضواحيها، يشعرون بخوف حقيقي على حياتهم.
لطالما رافق الخوف حياة الإسرائيليين، سواء من التعرض لإطلاق النار والطعن أو حدوث انتفاضات أو "جولات" قتال مع حماس وحزب الله، لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفاً. إنه ليس مجرد قلق وجودي، بل هو خوف شخصي مباشر، وخصوصاً في وسط البلاد، فالناس يشعرون باقتراب أجلهم كلّما دوّى صوت الصواريخ المنفجرة وشاهدوا حجم الدمار الذي يلي الضربات التي لم يتم اعتراضها.
إنّ ما كان يُمكن قمعه أو إدارته سابقاً من خلال بعض مظاهر الروتين يتطلب اليوم مواجهة مباشرة، فالقتل وتدمير المنازل وتعطيل الحياة اليومية دليل على أنّ سياسات نتنياهو تجعل "إسرائيل" غير صالحة للعيش لسكانها.
لم تتسبب الحرب بأضرار مادية فحسب، بل بآثار نفسية مدمّرة أيضاً. على مدار العامين الماضيين، اعتاد الإسرائيليون سماع صفارات الإنذار ودخول الملاجئ. ومع ذلك، عندما أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه "إسرائيل"، وأصدروا إشعارات إخلاء تُحاكي إشعارات "الجيش" الإسرائيلي في غزة، سخر منهم عدد كبير من الإسرائيليين. في المقابل، ألحقت صواريخ حماس وحزب الله أضراراً جسيمة بجنوب "إسرائيل" وشمالها.
لكن صواريخ إيران لها تأثير مختلف، بحيث أصبحت شوارع وسط تل أبيب مهجورة تقريباً، في مشاهد تذكرنا بفترة "كوفيد-19"، ولكن من دون الأمان الذي يوفره الخروج في الهواء الطلق. وبينما يتمتع معظم اليهود الإسرائيليين بملاجئ في وحداتهم السكنية أو لديهم القدرة على الوصول إلى الملاجئ العامة القريبة، وهو ما يفتقر إليه الفلسطينيون، فقد توجه الكثير منهم إلى مواقف السيارات تحت الأرض، مع العلم أنّ أي شيء فوق الأرض يمكن أن يُمحى من خلال ضربة مباشرة. اليوم 13:52
25 حزيران 12:59
وبحلول منتصف الأسبوع الماضي، امتلأ موقف السيارات في مركز "ديزنغوف" التجاري بالخيام والفرش وكراسي الشاطئ والمراوح الكهربائية، وظهر مشهد مماثل في الملجأ العام، الذي يتسع لـ16 ألف شخص، والواقع أسفل محطة الحافلات المركزية جنوبي تل أبيب، والذي فُتح أبوابه لأول مرة منذ حرب الخليج بين عامي 1990 و1991.
وفي هذا السياق، قالت مالي، البالغة 30 عاماً، والتي كانت تحتمي مع قطتها في الطابق الرابع من مركز "ديزنغوف"، لمجلة "+972": "جئتُ إلى هنا لأن الصواريخ الإيرانية أكبر بكثير، وأعلى صوتاً، وأكثر رعباً، وأكثر تدميراً من صواريخ حزب الله والحوثيين. قررتُ أن من الأفضل البقاء هنا حفاظاً على سلامتي"، في حين قالت بنينا، البالغة 46 عاماً، إنّ "رؤية الدمار في أماكن أخرى دفعتنا إلى القدوم إلى هنا.. أنام هنا كل ليلة".
في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، انتهجت "إسرائيل" سياسة تحويل حياة كل من يُعتبر عدواً إلى جحيم من خلال تدمير غزة، والتطهير العرقي في الضفة الغربية، والضربات الجوية على لبنان واليمن وسوريا، والآن إيران.
لقد تم نقل "عقيدة غزة" إلى إيران، مصحوبة بتصريحات غريبة من المتحدث باسم "جيش" الدفاع الإسرائيلي حول "إخلاء" أحياء بأكملها في طهران، إلى جانب مبررات لقصف محطة تلفزيونية بتهمة "التحريض على الإبادة الجماعية" وجامعة بتهمة "الارتباط بالحرس الثوري". وكان الضرر الجانبي لهذا السعي إلى "النصر الكامل" هو جعل حياة الإسرائيليين العاديين لا تُطاق.
وكما في كثير من الحالات السابقة، فإن من يرى الوضع بشكل أكثر وضوحاً هم أولئك الذين فقدوا كل شيء والذين يستطيعون رؤية الكارثة الكبرى من خلال مأساتهم الشخصية. قال محامٍ إسرائيلي لمجلة "+972": "ننتهي من القتال في غزة ونبدأ في لبنان؛ ثم ننتهي في لبنان ونبدأ في سوريا؛ بعدها ننتهي في سوريا ونبدأ في إيران؛ ثم ننتهي في إيران ونبدأ حرباً ثالثة أو رابعة في لبنان. لم نعد نتذكر سبب هذه الحروب بعد الآن". وأضاف: "ما الذي نتعامل معه؟ حروب وضحايا. لا نريد مزيداً من الضحايا. أوقفوا هذه الحرب اللعينة بأي وسيلة. تحاوروا وامنعوا وقوع المزيد من الضحايا".
بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم يهرب معظم من غادروا "إسرائيل" من هجوم حماس نفسه، بل من الواقع الذي فرضه الرد الإسرائيلي من حرب انتقامية وتخلٍّ عن الرهائن إلى انهيار العقد الاجتماعي بين الحكومة والمستوطنين. وقد شنّت الحكومة الإسرائيلية على الفور حملة قمع غير مسبوقة على حرية التعبير ضد معارضي الحرب، مستهدفةً بشكل خاص المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل". واليوم، بات الشعب بأكمله يرزح تحت وطأة هذا القمع، الذي يعد أوضح مظاهره حظر مغادرة البلاد عن طريق الجو والتحذيرات الشديدة من خطر العبور براً إلى الأردن أو مصر، ما يحول "إسرائيل" عملياً إلى "غيتو". كما تجلّت مظاهر القمع في الهجوم على حرية الصحافة في شكل توجيهات رسمية من جانب الرقابة العسكرية الإسرائيلية بعدم نشر مواقع الضربات الصاروخية، ما دفع السكان والأقارب إلى اللجوء إلى التخمينات وسط سيل من الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي.
في الوقت نفسه، تصاعد التحريض ضد وسائل الإعلام، إذ يقوم اليمينيون بمطاردة المصورين وفرق التصوير في مواقع الهجمات الصاروخية ومضايقتهم. وفي موقع سقوط الصاروخ في بئر السبع، في 24 حزيران/يونيو، تجمّع عدد من السكان حول مراسل القناة 13، متهمين إياه بالعمل لمصلحة الخارج. وبينما كنت ألتقط الصور من موقع الحدث، قال لي صاحب متجر قريب: "أنت تخدم العدو".
وليلة السبت الفائت، دهمت الشرطة فندقاً في حيفا يستخدمه عدد من الشبكات التلفزيونية، وصادرت كاميرات 3 صحافيين عرب يعملون في وسائل إعلام أجنبية، وقام الضباط بتفحص بطاقاتهم الصحافية واستدعائهم للاستجواب. ولم تتم إعادة معدات الصحافيين حتى الآن.
وقبل يوم، أصدرت الرقابة العسكرية توجيهات مألوفة، إلا أنّ النسخة الإنكليزية منها تضمنت بنداً مثيراً للجدل يُلزم الصحافيين الأجانب بالحصول على موافقة مسبقة من الرقابة على ما ينشرونه، وهو مطلب يتجاوز السلطة القانونية للرقابة.
دافع وزير الاتصالات شلومو كرعي عن هذه الخطوة، مؤكداً أنّ الأمن القومي أهم من حرية الصحافة. ومع ذلك، أفادت التقارير بأنّ المدّعي العام غالي بهاراف - ميارا اعترض وطالب الوزراء المعنيين بتقديم توضيحات. وزعم المسؤولون سراً عدم وجود تغيير كبير في السياسة، لكنهم أقروا بوجود تطبيق غير متسق، ونصحوا الصحافيين بالحصول على موافقة مسبقة كإجراء احترازي.
من الواضح أنّ التحريض الميداني يؤثر في حرية الصحافة، بغض النظر عن المناقشات القانونية. وفي هذا الصدد، قال صحافي عربي (طلب عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام) ينقل الأحداث باللغة العربية لشبكة دولية: "يقول الناس لي :سنقطع رأسك". وأضاف قائلاً: "يحاول الصحافيون الآن البقاء أقصر وقت ممكن في التغطية الميدانية".
وبعد ضرب إيران، حظرت الحكومة الإسرائيلية جميع الاحتجاجات، وقامت الشرطة بقمع حتى أصغر التظاهرات بشكل ممنهج خلال الأسبوع والنصف الماضيين. وتم التخلي تماماً عن التظاهرات المستمرة منذ فترة طويلة من أجل صفقة الرهائن، بحيث أدى الحظر إلى اختفاء هذه القضية من الوعي العام.
ويوم الأحد الماضي، تجمع نحو 20 متظاهراً بصمت في ساحة هابيما في تل أبيب، رافعين لافتات مناهضة للحرب، ومتباعدين لتجنب انتهاك الحظر المفروض على التجمعات العامة. وفي غضون دقيقة، وصلت وحدة من الشرطة تساوي عدد المتظاهرين وقامت بتمزيق اللافتات واعتقال عدد من المتظاهرين بأسلوب عنيف.
في اليوم التالي، اعتقلت الشرطة في حيفا عدداً من المتظاهرين، بزعم أن قمصانهم المناهضة للحرب غير قانونية. وفي وقت لاحق، اعتقلت الشرطة شخصين خلال الليل، أحدهما الناشط المناهض لنتنياهو، أمير هاسكل، الذي وقف على رصيف في تل أبيب حاملاً لافتة كُتب عليها: "53 رهينة في غزة - وقتهم ينفد". وقدم صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان الدعم القانوني لـ12 متظاهراً تم اعتقالهم منذ الضربة الإسرائيلية الأولى على إيران.
وبعد 12 يوماً ارتعب خلالها كثير من الإسرائيليين، بات السكان منهكين. ويشعر الناس بالارتياح لأن وقف إطلاق النار، إن صمد، سيسمح لهم بالعودة إلى روتينهم المعتاد، وسيُعلن نهاية حرب أيدها الكثيرون، لكنهم خشوا أيضاً أن يطيلها نتنياهو لأشهر أو أكثر، كما حدث في غزة، إلا أنّ بعض الأشخاص الذين فقدوا ثقتهم بوقف إطلاق النار لم يعودوا إلى ديارهم بعد وفضّلوا البقاء خارج وسط البلاد أو قرب الملاجئ.
وحتى مع إعلان نتنياهو أنّ "إسرائيل" "أزالت تهديداً وجودياً" بهجماتها على إيران، فإنّ "الروتين" الذي يعود إليه الإسرائيليون لا يزال يتمثّل في الحرب المستمرة، بحيث يواصل "جيشهم" التسبب بالمآسي في غزة.
نقلته إلى العربية: زينب منعم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LBCI
منذ 44 دقائق
- LBCI
نتنياهو يرى فرصة لـ"توسيع اتفاقات السلام" بعد الحرب مع إيران
رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن هناك فرصة لـ"توسيع اتفاقات السلام" بعد انتهاء الحرب مع إيران والتي استمرت 12 يوما. وقال نتنياهو في مقطع فيديو وزعه مكتبه: "لقد حاربنا إيران بعزم وحققنا نصرا كبيرا، هذا النصر يفتح الطريق لتوسيع اتفاقات السلام بشكل كبير". ويشير في تصريحه إلى اتفاقات التطبيع التي أبرمتها إسرائيل مع كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
سخرية إسرائيلية من طلب ترامب إلغاء محاكمة نتنياهو: يُهديه قطعة حلوى
بعد العاصفة التي أثارها "المنشور الاستثنائي" للرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر منصته "تروث سوشال"، والذي دعا فيه إلى إلغاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً فورياً، وهاجم فيه القضاء الإسرائيلي واصفاً القضية ضد حليفه بأنها "ذات دوافع سياسية"، تلقف الصحافيون الإسرائيليون التصريح بسخرية يمكن وصفها بـ"الكوميديا السوداء". وكتب أحد الصحافيين متهكماً: "طائرة B2 في طريقها لقصف المحكمة العليا الإسرائيلية"، وآخرون شبّهوا خطاب ترامب بـ"عرض مرعب يُظهر إلماماً واسعاً، لكنّه يذكّر بباغز باني". وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن مصادر مطلعة أن ترامب قد يتوجه برسالة إلى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ يطلب فيها العفو عن نتنياهو، رغم أن مثل هذا التدخل لا يدخل ضمن صلاحيات رئيس الولايات المتحدة، بل هو من اختصاص الرئيس الإسرائيلي وحده. من جهة أخرى، احتفى وزراء الائتلاف الحاكم بتصريحات ترامب، بينما اعتبرت عضو الكنيست عن حزب "العمل" نعمة لزيمي أن "نتنياهو ليس بريئاً لدرجة أنه يحتاج إلى تدخل ترامب لإنقاذه من المحاكمة"، مضيفة: "ما نشره ترامب يبيّن كيف تُؤخذ دولة بأكملها رهينة لمتهم جنائي. لا يمكن لفساد شخص واحد أن يدمّر مجتمعاً بأسره. كفى". أما عضو الكنيست غلعاد كَريڤ، فرأى أن "لا أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الحكومة. هذا المبدأ من ركائز الدولة اليهودية الديموقراطية، وهو منصوص عليه بوضوح في قوانينها". الصحافي بن كسبيت، المعارض لنتنياهو، كتب في "معاريف": "يبدو طلب ترامب وكأنه جزء من صفقة منسقة، أو على الأقل شكل من أشكال 'العصا والجزرة': فمن جهة، أوقف ترامب نتنياهو عن مواصلة الهجمات على إيران، وربما سيجبره أيضاً على إنهاء الحرب غير الضرورية في غزة (آمل ذلك)، ومن جهة أخرى، منحه قطعة حلوى شخصية لتحلية مرارة الوضع". وأضاف كاسبيت: "لست متأكداً من وجود صفقة صريحة، وقد يكون ما حدث مجرد ارتجال. كما لست واثقاً من أن توقيت الهجوم على إيران لا يرتبط ببداية الاستجواب. لكن من يفهم القضية كان يتوقع أن يحاول نتنياهو بكل جهده تفادي الشهادة والخضوع لتحقيق حقيقي. وإن كان الهجوم على إيران قد ساعده على تجاوز شلله وخوفه، فقد كان الأمر يستحق بالنسبة له". ويصف كاسبيت ترامب بأنه "خليط من قطار ملاهٍ وإعصار، لا يمكنك التنبؤ بما سيكون عليه لاحقاً. قد يكون معك في شهر عسل، وفي اليوم التالي يُعلن حرباً عالمية... المشكلة أن ترامب يتنقل باستمرار بين الإهانات والإطراء، ليس فقط مع نتنياهو، بل مع الحياة نفسها. إنه يعتبر نفسه ضحية 'حملة اضطهاد' بسبب القضايا الجنائية التي يواجهها، والتي يؤكد أنها ذات دوافع سياسية". عقلية نتنياهو من جهته، اعتبر الصحافي في "هآرتس" غيدي فايتس، أن "بعد قصف الجمهورية الإسلامية، أصبح نتنياهو أكثر خطورة مما كان عليه سابقاً". ونقل عن مقربين منه قوله إن "الدولة العميقة، وعلى رأسها مكتب المدعي العام، أخطر من حزب الله، وربما حتى من إيران". وأوضح فايتس أن نتنياهو، رغم خوضه حرباً كبرى، لم يتراجع عن مشروعه الرئيسي، وهو السيطرة على أجهزة الدولة، من الشرطة، إلى الشاباك، والقضاء، والإعلام، مع ترهيب المعارضين والمنتقدين وإخضاع من يسميهم بـ"العدو من الداخل"، وذلك على الرغم من تضارب المصالح في ظل تحقيقات تطال مساعديه في قضية "قطرغيت". وأشار فايتس إلى أن نتنياهو "شوّه فهم خصومه للواقع" خلال الحرب مع إيران، قائلاً: "من دون إيران لا وجود لنتنياهو". وأضاف أن الحرب أصبحت وسيلة لتسريع حملة شطب محاكمته، خصوصاً بعد ثلاثة أيام من الاستجواب المتبادل الذي تورّط خلاله في شبكة من "الأكاذيب المحرجة". ونقل فايتس عن استجواب سابق قول نتنياهو عندما سُئل عن صناديق الشمبانيا التي تلقتها زوجته سارة من أصدقاء أثرياء: "أنا أعدّ الصواريخ، لا زجاجات الشمبانيا". وهي نكتة تهدف لتقديمه بصورة "قائد تاريخي" لا يهتم بالتفاهات مثل من دفع ثمن السيجار أو المجوهرات. ورأى فايتس أن تصرفات نتنياهو لا تحركها اعتبارات الأمن القومي، بل هدفها "تفكيك المؤسسات التي حاسبته، وتقديمه للمحاكمة، ومحاولة كبح نفوذه"، مضيفاً أن "مع وجود إجماع وطني حول الحرب، قد يكون الطريق إلى إلغاء محاكمته أقصر مما كان متوقعاً". واختتم فايتس بالإشارة إلى أن نتنياهو "في حالة ذهنية شبه مسيانية"، وأن ظهوره العلني البهيج "مثير للقلق" لمن يتذكر مسار حكمه بين 2015 و2022. فما يبدو اليوم سيطرة إسرائيلية على سماء طهران قد لا يكون سوى ستار دخاني يُخفي وراءه خطة للاستيلاء على ما تبقى من الديموقراطية، عبر نشوة قومية متصاعدة وحلفاء لا يكبحهم شيء.


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
"بلومبرغ": إيران كبّدت "إسرائيل" خسائر تُقدّر بـ3 مليارات دولار في 12 يوماً
نقل موقع "بلومبرغ" الأميركي، في تقرير، أنّ تكلفة الأضرار التي تكبّدتها "تل أبيب" خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إيران، تقدّر بـ10 مليارات شيكل، أي نحو 3 مليارات دولار. وأشار الموقع إلى أنّ هذه التكلفة تشمل ترميم المباني التي طالتها الصواريخ ودفع التعويضات للشركات المتضررة، استناداً إلى بيانات من وزارة المالية وهيئة الضرائب في كيان الاحتلال الإسرائيلي. وأشارت البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية، في هذا الإطار، إلى أنّ حجم الأضرار يُظهر مدى اختراق الصواريخ الإيرانية لمنظومات الدفاع الإسرائيلية، خلال ما يقرب من أسبوعين من إطلاق الصواريخ. وقال شاي أهارونوفيتش، المدير العام لسلطة الضرائب، إنّ ما جرى هو "أكبر تحدٍ واجهناه - لم يكن هناك مثل هذا القدر من الأضرار في تاريخ إسرائيل". ولا تشمل هذه التقديرات تكلفة استبدال الأسلحة ومنظومات الدفاع التي استُخدمت، والتي من المرجح أن ترفع التكلفة الإجمالية إلى مستوى أعلى بعد استكمال التقييمات. اليوم 19:59 اليوم 17:33 وفي هذا السياق، صرّح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بأنّ إجمالي الخسائر قد يصل إلى 12 مليار دولار، بينما قدّر محافظ "بنك إسرائيل"، أمير يارون، الرقم بنصف ذلك، خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ". لكن مهما كان الرقم النهائي، فإنّه "يمثل تحدياً لاقتصاد يعاني بالفعل من ضغوط بسبب 20 شهراً من الصراع الأوسع"، بحسب "بلومبرغ". وكانت الحرب قد اندلعت في 13 حزيران/يونيو حين شنّ الاحتلال الإسرائيلي عدواناً على إيران بإطلاقه وابلاً من الطائرات المسيّرة والصواريخ، فيما ردّت إيران بقصف كيان الاحتلال واستهداف مواقع عسكرية وأمنية واقتصادية، حتى إعلان وقف إطلاق النار، فجر الثلاثاء. وخلال تلك الأحداث، عُطّل الاقتصاد الإسرائيلي بالكامل تقريباً، مع إغلاق المدارس والشركات باستثناء المؤسسات المصنفة كـ"ضرورية". وقدّرت وزارة المالية أنّ التعويضات المخصصة للشركات قد تصل إلى 5 مليارات شيكل، في رقم يُعدّ ضعف ما دفعته الحكومة لتعويض الأضرار منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، بما في ذلك الهجمات التي شنّتها حركة حماس، وضربات حزب الله على المستوطنات الشمالية. وتعود الكلفة المرتفعة للحرب الأخيرة مع إيران إلى عاملين رئيسيين، بحسب التقرير. أولًا، استهدفت إيران مباشرة مدناً مكتظة بالمستوطنين في وسط "إسرائيل"، خلافاً للهجمات السابقة التي طالت مناطق ريفية صغيرة، بحيث تغطي تلك المنطقة قرابة 1600 كلم²، وتشمل "تل أبيب" الكبرى التي يقطنها ما لا يقل عن نصف مستوطني الكيان. ثانياً، تمتلك إيران ترسانة من الصواريخ الباليستية المتطورة، بعضها يحمل ما لا يقل عن 500 كلغ من المتفجرات والشظايا، ما زاد من شدة الأضرار. كما لحقت أضرار جسيمة بمعهد "وايزمان" للعلوم، أحد أبرز المراكز البحثية في "إسرائيل"، وبأكبر مصفاة نفط في مدينة حيفا، إضافة إلى مستشفى عام في الجنوب، تعرّض لإصابة مباشرة.