logo
على حلفاء أميركا إنقاذ أنفسهم

على حلفاء أميركا إنقاذ أنفسهم

Independent عربيةمنذ 13 ساعات

منذ عودته لمنصبه، شن الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجوماً على النظام العالمي الذي أنشأته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فلقد تحدى سيادة الحلفاء والشركاء من خلال تهديده بالاستيلاء على غرينلاند وضم كندا والسيطرة على قناة بنما، وعلاوة على ذلك فإن حربه التجارية العالمية تهدف إلى تحقيق مصلحة الولايات المتحدة على حساب جميع شركائها التجاريين، وقد انسحب من "اتفاق باريس للمناخ" و"منظمة الصحة العالمية"، ومن خلال تفكيك "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" تخلت إدارة ترمب عن التزامات الحزبين الطويلة الأمد تجاه التنمية الدولية، أما في طريقة تعامل ترمب مع أوكرانيا فقد أهان الطرف الأضعف والمظلوم واسترضى المعتدي حينما حاول الضغط على الأوكرانيين للتوصل إلى اتفاق سلام بدلاً من استخدام القوة الأميركية لإجبار روسيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
في الحقيقة يؤمن ترمب بأن القوة تصنع الحق، وقد نشر في أبريل (نيسان) الماضي [بالأحرف الكبيرة] على منصة "تروث سوشيال" أن "القاعدة الذهبية للتفاوض والنجاح هي من يملك الذهب يضع القواعد".
إن النظام العالمي والمؤسسات التي أنشأتها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية قد صممت لمقاومة هذا المنطق ولضمان ألا يتمكن الأقوياء من فعل ما يشاؤون ببساطة، وإجبار الضعفاء على المعاناة كما لو أن ذلك مصيرهم المحتوم، لكن ترمب لا يملك الوقت لمثل هذه المبادئ السامية، وبدلاً من ذلك أكد وجهة النظر المتشائمة التي ترى أن الولايات المتحدة لم تكن قط القوة المثالية والنزيهة التي تدعيها.
بالنسبة إلى أولئك الذين لا يزالون يؤمنون بصورة الولايات المتحدة القائمة على المبادئ والمشاركة فإن هذه لحظة صادمة من التنافر المعرفي، وواقع إدارة ترمب المتمثل في ازدراء القانون في الداخل والخارج والبلطجة والتخلي عن الاتفاقات والمعاهدات والتهديدات الموجهة إلى الحلفاء والتقرب من الطغاة واضح للعيان، لكن ذلك لا يزال يبدو غير قابل للتصديق، لذا يبحث بعض المراقبين عن تفسير حسن النية، وبحسب ما يتخيلون فإن ترمب ربما يلعب لعبة شطرنج رباعية الأبعاد [يتبع خطة معقدة وذكية لا يفهمها الآخرون] وتصرفاته الصادمة ليست سوى جزء من خطة عبقرية مدروسة، بينما يتشبث آخرون بالأمل بأن شيئاً ما سيغير مجرى الأحداث، حبكة مفاجئة تعيد الأمور لنصابها قبل أن تخرج عن السيطرة.
لكن الأمل يمكن أن يكون عزاء خطراً في مثل هذه الأوقات.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد أصبح ترمب هو الواقع الطبيعي الجديد في واشنطن، وفي الأقل حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة لا يبدو أن هناك تغييراً في الأفق، بيد أن هذا لا يعني أن على حلفاء الولايات المتحدة أن يخضعوا لترهيب ترمب، فمعاً يمكنهم أن يمارسوا تأثيراً كبيراً ويتعاملوا مع الفوضى التي أطلقتها واشنطن، ويجب على الدول التي تتشارك قيماً كانت تمثلها الولايات المتحدة في السابق، ولكنها لا تؤيدها حالياً، أن تتكاتف في سبيل الحفاظ على أفضل ما في النظام الذي يعتزم ترمب دفنه، وكما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي فإنه يجب على حلفاء الولايات المتحدة بناء تحالف من الدول "التي لن تخضع للترهيب".
الاعتماد على النفس
في عصر "أميركا أولاً" لم تعد الولايات المتحدة الشريك الأمني الموثوق الذي كانت عليه في السابق، ولا تدعي أنها كذلك، ولقد أدرك الحلفاء حول العالم أن عليهم بذل مزيد من الجهد للدفاع عن أنفسهم، ويجب عليهم امتلاك أنظمة أسلحة أكثر تطوراً ومخزونات أكبر من الذخيرة والمعدات، وأن يعملوا على تجنيد مزيد من الأفراد، وفي الوقت نفسه عليهم تعزيز "استقلالهم السيادي" وخصوصاً قدرتهم على العمل من دون الحاجة إلى موافقة الولايات المتحدة أو تعاونها، وإضافة إلى ذلك يتعين عليهم تطوير وتعزيز تحالفاتهم مع شركاء من ذوي التفكير المشابه غير الولايات المتحدة.
هذه الخطوات لا تشكل رفضاً للولايات المتحدة بل هي استجابة مباشرة لما تحث إدارة ترمب الحلفاء على القيام به، ففي مقابلة أجريت في أبريل الماضي أشاد نائب الرئيس جي دي فانس بالقائد الفرنسي شارل ديغول الذي، على رغم معارضة واشنطن خلال ستينيات القرن الـ 20، حرص على أن تحتفظ فرنسا، خلافاً للمملكة المتحدة، بسيادتها الكاملة على قدراتها العسكرية، بما في ذلك ترسانتها النووية.
وعلى حد قول فانس فقد أدرك ديغول "أنه ليس من مصلحة أوروبا ولا من مصلحة أميركا أن تبقى أوروبا تابعة أمنياً بصورة دائمة للولايات المتحدة".
لقد تغيرت رسالة واشنطن بصورة ملحوظة، فترمب ليس أول رئيس يطلب من الحلفاء تقديم مساهمة أكبر في الدفاع المشترك، ولكن بالنسبة إلى كثير من الحلفاء يبدو وكأنه يقول لهم إن عليهم زيادة إنفاقهم لأنهم قد يُتركون بمفردهم في النهاية.
لنأخذ على سبيل المثال تعامل ترمب مع أوكرانيا، فخلال الأشهر الأولى من ولايته الثانية بدا وكأنه غيّر موقف بلاده بالكامل من الحرب في أوكرانيا، إذ انحاز إلى روسيا وبدأ في الضغط على أوكرانيا للقبول بالسلام وفق الشروط التي يفضلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولسوء حظ ترمب فإن ثلاثة أشهر من الاسترضاء لم تنهِ الحرب، وقد يقف في وجه بوتين في نهاية المطاف أو يترك أوكرانيا لمواجهة مصيرها ببساطة.
لم تعد الولايات المتحدة الشريك الأمني الموثوق الذي كانت عليه سابقاً
وبعيداً من أوكرانيا تواجه الدول الأوروبية التهديد الأكثر إلحاحاً من روسيا، فلدى أعضاء حلف شمال الأطلسي الأوروبيين القدرة الاقتصادية على مضاهاة روسيا والتفوق عليها إذا اختاروا ذلك، وكما تساءل رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أخيراً "لماذا يحتاج 500 مليون أوروبي إلى 330 مليون أميركي للدفاع عنهم في مواجهة 140 مليون روسي؟"
ويدرك حلف شمال الأطلسي وجميع حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك أستراليا، الحاجة إلى زيادة الإنفاق، لكن الخلاف بين واشنطن والعواصم الحليفة يكمن في كيفية إنفاق هذه الأموال الإضافية، فالولايات المتحدة تريد بطبيعة الحال أن تستخدم هذه الأموال لشراء الأسلحة الأميركية، لكن الحلفاء يخشون أن شراء مزيد من المعدات والذخائر الأميركية قد يرضي ترمب، بيد أنه لن يمنحهم استقلالية أكبر، وفي الواقع فإن شراء كميات كبيرة من أنظمة الأسلحة الأميركية قد يؤدي إلى زيادة اعتماد الدول المشترية على الولايات المتحدة.
إذاً فالحل الطويل الأمد بالنسبة إلى حلفاء الولايات المتحدة هو أن يمتلكوا القدرة على ردع المعتدين باستخدام قدرات سيادية، ويفضل أن تكون منتجة محلياً، لكن الأهم أن تكون قابلة للنشر والتشغيل من دون الحاجة إلى موافقة الولايات المتحدة، وفي الوقت الحالي هذا غير ممكن، فمقاتلات "إف-35"، على سبيل المثال، التي تزود الولايات المتحدة حلفاءها بها، تعتمد بصورة كبيرة على البرمجيات وقطع الغيار الأميركية إلى درجة تجعل من الصعب تصور تشغيلها أو الاستمرار في استخدامها لفترة طويلة من دون موافقة واشنطن.
هذا النوع من الاعتماد، الشائع في معظم أنظمة الأسلحة الحديثة، لطالما كان مزعجاً لحلفاء الولايات المتحدة ولكنه لم يعتبر مشكلة كبيرة، إذ كان لدى الحلفاء في الـ "ناتو" ثقة في أنهم لن يقاتلوا بمفردهم مطلقاً، لذا فإن الاعتماد على الولايات المتحدة غير المبالية لم يكن سوى هاجس نظري، ولكن اليوم ومع مطالبة البيت الأبيض بأن يكون حلفاء الولايات المتحدة قادرين على الدفاع عن أنفسهم، فإن الظروف قد تغيرت كلياً، لذا ليس من المستغرب أن خطة الاتحاد الأوروبي للتسلح بقيمة 150 مليار يورو التي كشف عنها حديثاً، تستثني الشركات الأميركية إلى حد كبير، وفي الوقت نفسه أعلنت البرتغال أنها لم تعد تخطط لشراء مقاتلات من طراز "إف-35"، في حين أن كندا تعيد النظر في خططها لشراء 88 مقاتلة من الطراز نفسه.
ويذكر أن التحدي الذي تواجهه أوروبا لا يقتصر على توفير التمويل لإعادة التسلح بل يتعداه إلى تجاوز التنافسات الوطنية والتوصل إلى توافق حول عدد من الشركات الرائدة في مجال الصناعات الدفاعية، على غرار ما فعلته فرنسا وألمانيا عندما اجتمعتا لإنشاء "إيرباص" عام 1970، ويمكن لأوكرانيا أن تكون مثالاً ملهماً لأوروبا (ولحلفاء الولايات المتحدة الآخرين)، إذ أنتجت صناعتها الدفاعية المحلية قدرات مبتكرة ومؤثرة وأقل كلفة، مثلما أظهرت الهجمات المدهشة التي شنتها القوات الأوكرانية بطائرات مسيرة على قواعد جوية روسية في وقت سابق من هذا الأسبوع.
السعي نحو السيادة الذاتية
في أوروبا يتمتع حلفاء الولايات المتحدة بقرب جغرافي من بعضهم بعضاً، وتربطهم علاقات إستراتيجية واقتصادية قوية، أما الوضع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ فهو مختلف تماماً، فمن جهة تعد الصين أقوى بكثير مقارنة بجيرانها الآسيويين مما هي عليه روسيا مقارنة بجيرانها الأوروبيين، ومن جهة أخرى، وعلى رغم أن ترمب منح الأوروبيين سبباً للقلق من احتمال أن تترك أوروبا لمصيرها، لكنه لم يلمح بعد إلى احتمال تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها في آسيا.
ونقطة التوتر الواضحة هي تايوان، إذ تقدم إدارة ترمب إشارات متضاربة في شأنها، فقد صرح ترمب بنفسه بأن الدفاع عن تايوان أمر صعب، واشتكى من صناعة أشباه الموصلات فيها زاعماً أن الجزيرة "سرقت صناعة الرقائق" من الولايات المتحدة ويجب أن تدفع في مقابل الحماية الأميركية، ومع ذلك، وفي خطاب حديث له في حوار "شانغريلا" في سنغافورة، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إن ترمب كان واضحاً بأن "الصين الشيوعية لن تغزو تايوان في عهده"، وأن الولايات المتحدة ستعمل على جعل كلفة الغزو باهظة جداً على الصين، مما يضمن أن يكون السلام في مضيق تايوان هو الخيار الوحيد، وهذه الطمأنة تتناقض مع ما يجري على الأرض، فالمناورات العسكرية الصينية حول تايوان تبدو أكثر فأكثر وكأنها تدريبات تمهيدية لغزو فعلي، وقد أقر هيغسيث نفسه في خطابه بأن الهجوم قد يكون وشيكاً، أما السياسة التايوانية فتعاني عدم استقرار ولا يوجد توافق وطني على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي، كما أن هناك مجموعة من الإجراءات القسرية، من دون اللجوء إلى القوة العسكرية، قد تمكن الزعيم الصيني شي جينبينغ من السيطرة على تايوان من دون إطلاق رصاصة واحدة.
وعلى رغم كلمات هيغسيث الاستفزازية في سنغافورة فإن تايوان أقرب إلى بكين وأهم بكثير بالنسبة إليها مما هي عليه بالنسبة إلى واشنطن، وإذا كان ترمب لا يعتبر حرب أوكرانيا حربه ولا يراها تستحق التدخل (وهو أمر دائماً ما يكرره ويؤكد عليه)، فمن غير المرجح أن يخاطر بخوض حرب ضد الصين من أجل تايوان، وهي حرب حتى لو ظلت تقليدية فستؤدي إلى تدمير جزء كبير من الأسطولين الأميركي والصيني، ومع امتلاك الصين قدرة على بناء السفن تفوق قدرة الولايات المتحدة بأكثر من 200 مرة، فإنها ستتمكن من تعويض خسائرها قبل أن تتمكن أميركا من القيام بذلك بوقت طويل، واستيلاء الصين على تايوان سيفقد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ثقتهم بمظلتها الأمنية وفعالية قوة الردع الأميركية التي لا تقاس بالقوة العسكرية وحسب، بل أيضاً بقوة الإرادة.
من الممكن أن تسيطر الصين على تايوان من دون إطلاق رصاصة واحدة
وعلى رغم تعرضهما لتهديد مباشر، تمتلك اليابان وكوريا الجنوبية القوة الاقتصادية اللازمة لتعزيز قدراتهما الدفاعية بصورة كبيرة، فكوريا الجنوبية تعد بالفعل من كبار مصدري المعدات الدفاعية، كما أن الدولتين تستضيفان قواعد عسكرية أميركية ذات قدرات هائلة، لكن في حال فقدتا الثقة في استعداد واشنطن للقتال في آسيا فقد تصبح هذه القواعد عبئاً، مما يصعب على كل منهما إدارة شؤونه الدفاعية والدبلوماسية من دون موافقة الولايات المتحدة، والمنطق ذاته الذي استخدمه نائب الرئيس جاي دي فانس في مدح فرنسا بقيادة ديغول، يمكن تطبيقه على اليابان وكوريا الجنوبية، فلا بديل عن تحقيق السيادة الذاتية، وقد تصل الدولتان إلى استنتاج مفاده أن امتلاك رادع نووي خاص بهما هو الخيار الأمثل.
أما في أماكن أخرى من آسيا فإن دول جنوب شرق آسيا متنوعة للغاية في توجهاتها الجيوسياسية لدرجة تعوق التعاون الدفاعي المشترك، وبعض هذه الدول، مثل لاوس وميانمار، متحالف بالفعل مع الصين، بينما تستفيد دول أخرى من الاضطرار إلى اتباع سياسة توازن بين الصين والولايات المتحدة، لكن في حال انسحبت الولايات المتحدة من المنطقة فمن المرجح أن تقع جميع هذه الدول ضمن مجال النفوذ الصيني.
لننظر على سبيل المثال إلى الفيليبين، الحليف الرسمي للولايات المتحدة بموجب معاهدة، فلقد تعرض الأرخبيل لاعتداءات متزايدة من الصين في وقت تسعى بكين إلى فرض مطالبها في بحر الصين الجنوبي، ولكن على رغم وجود معاهدة دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والفيليبين لكن واشنطن لم تفعل أكثر من مجرد الاحتجاج، في وقت تواصل الصين بناء جزر صناعية وتزويدها بقدرات عسكرية، بل وحتى الدخول في مواجهات مباشرة مع السفن الفيليبينية، وفي غياب دعم أميركي حازم ستشعر الفيليبين حتماً بأنها مضطرة إلى الاستجابة لمطالب الصين.
خلال الأعوام الأخيرة أصبحت أستراليا أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة على رغم تراجع موثوقية واشنطن، وتتجلى هذه الديناميكية بوضوح عندما يتعلق الأمر بتشكيل شراكة "أوكوس" الأمنية لعام 2021 بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، فقد ألغت أستراليا برنامجاً لبناء 12 غواصة تعمل بالديزل والكهرباء بالتعاون مع فرنسا، وفضلت بناء ثماني غواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية وتحمل أسلحة تقليدية بالتعاون مع المملكة المتحدة، ومع ذلك فلن تكون هذه الغواصات جاهزة قبل أربعينيات القرن الـ 21، ومن أجل تجنب فراغ دفاعي بين تقاعد أسطول الغواصات الأسترالي القديم ووصول الغواصات الجديدة، اتفق المسؤولون على أن تبيع الولايات المتحدة لأستراليا ما بين ثلاث إلى خمس غواصات من طراز "فرجينيا" بحلول عام 2032 تقريباً، لكن التشريع الأميركي المتعلق بشراكة "أوكوس" ينص صراحة على أنه لا يمكن بيع الغواصات إلا إذا أكد الرئيس أن بيعها لن يضعف قدرات الولايات المتحدة تحت الماء، ونظراً إلى أن البحرية الأميركية تعاني نقصاً بنحو 20 غواصة هجومية عن حاجتها، وأن أحواض بناء السفن الأميركية لا تبني إلا نصف العدد اللازم من الغواصات التي تحتاج إليها البحرية الأميركية لاستبدال الغواصات القديمة، فيبدو من غير المرجح أن تحصل أستراليا على أي غواصات "فرجينيا" خاصة بها في عصر "أميركا أولاً".
بعد الاتفاق على صفقة "أوكوس" للغواصات عام 2021، قال وزير الخارجية الفرنسي بغضب مفهوم "لقد ضحت أستراليا بسيادتها من أجل أمنها، ومن المحتمل أن تخسر الاثنين معاً"، وقد تكون صفقة "أوكوس" بمثابة عبرة تحذيرية لحلفاء آخرين، فالسيادة والاستقلال الذاتي أصبحا أكثر أهمية من أي وقت مضى، والتفريط بهما مخاطرة لا تحمد عقباها.
"الحروب التجارية جيدة ويسهل الفوز بها"
في مجال التجارة أيضاً سعى ترمب إلى تقويض الشراكات والتحالفات القائمة، فسياسة التعرفات الجمركية التعسفية القائمة على الترهيب تهدف إلى تأكيد القوة الأميركية وانتزاع تنازلات كبيرة من الآخرين، وكل ذلك على حساب نظام التجارة الذي ساعدت الولايات المتحدة في بنائه، وقال ترمب في أبريل الماضي إن "هذه الدول تتصل بنا، وتقبّل مؤخرتي [وتتملقني] إنها تتوق إلى إبرام اتفاق".
إن وجهة نظري المبنية على تجربتي مع ترمب هي أن استرضاءه ليس الخيار الصائب، فأجندة ترمب تهدف إلى استخدام الرسوم الجمركية لإجبار المستوردين على نقل إنتاجهم إلى الولايات المتحدة، وبطبيعة الحال هذا النهج يتعارض مع المبادئ الأساس للاقتصاد، وعلى سبيل المثال لنأخذ كندا التي تستورد منها الولايات المتحدة 40 في المئة من حاجاتها من الألومنيوم، فإنتاج الألومنيوم يتطلب كميات هائلة من الطاقة الرخيصة، وكندا تمتلك موارد ضخمة من الطاقة الكهرومائية، وبالتالي فإن كُلف الطاقة في صناعة الألومنيوم هناك تعادل ثلث كُلفها في الولايات المتحدة، إذاً تتمتع كندا بميزة نسبية طبيعية، والرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على الألومنيوم بنسبة 50 في المئة (بعد أن كانت 25 في المئة) سترفع سعر الألومنيوم في الولايات المتحدة، مما يعود بالفائدة فقط على منتجي الألومنيوم الأميركيين على حساب المستهلكين والشركات المصنعة.
لا يؤمن ترمب بمبدأ الميزة النسبية بل يعتبر، بدلاً من ذلك، أن الدولة التي لديها عجز في التجارة هي دولة خاسرة، بينما تلك التي تحقق فائضاً تجارياً دولة رابحة، وأتذكر لقائي به في مانيلا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 عندما كنتُ رئيس وزراء أستراليا وكان يشكو بمرارة من حجم العجز التجاري الأميركي مع الصين، وسألني ماذا سيحدث لو حظر كل الواردات الصينية؟ فأجبته بهدوء "كساد عالمي"، وقد يكون مستعداً لدفع هذا الثمن لكن بقية العالم يجب ألا تسمح لسياسة الولايات المتحدة بأن تتسبب في انهيار الاقتصاد العالمي.
وعلى الدول التي لا تزال تؤمن بالتجارة الحرة أن تعمل معاً لتعزيز ترتيبات تجارية حرة جديدة (وتوسيع الاتفاقات القائمة) لا تشمل الولايات المتحدة، ولنأخذ على سبيل المثال "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ" (CPTPP) الذي جاء خلفاً لاتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادئ" (TPP)، فقد انسحب ترمب من اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادئ" بعد وصوله إلى البيت الأبيض عام 2017، وظن معظم الناس أن الاتفاق انتهى، وكان عدد من الدول الأعضاء في "الشراكة عبر المحيط الهادئ"، بما في ذلك اليابان، متشككاً للغاية في إمكان إبرام اتفاق من دون الولايات المتحدة، وكان بعضهم متوتراً من أن خطوة مثل هذه قد تثير غضب ترمب، لكنني استطعت إقناع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بعدم القلق حيال هذا الشأن، وعلاوة على ذلك قد تغير الولايات المتحدة رأيها يوماً ما، ومن خلال إبقاء الاتفاق حياً فإننا نحافظ فعلياً على إمكان انضمام واشنطن إليه مجدداً في المستقبل.
سألني ترمب ماذا سيحدث لو حظر كل الواردات الصينية؟ فأجبته بهدوء "كساد عالمي"
بحلول عام 2018 خسر اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادئ" عضواً واحداً لكنه اكتسبت صفتين جديدتين، فقد ولد "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ" المكون من 11 عضواً، وانضمت المملكة المتحدة إلى الاتفاق التجاري، وأعربت اقتصادات كبرى أخرى عدة، بما في ذلك الصين وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وتايوان، عن اهتمامها بالانضمام، ويعد "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ" أهم اتفاق تجاري دولي جرى التفاوض عليه على الإطلاق منذ انتهاء "جولة أوروغواي" للمفاوضات عام 1994 التي أسفرت عن إنشاء "منظمة التجارة العالمية"، وقد أبرم هذا الاتفاق في وقت كان فيه التيار الحمائي يتصاعد في الدول حول العالم، وبخلاف الاتفاقات التقليدية التي تقتصر على خفض الرسوم الجمركية على السلع، فإن "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ" يضع قواعد ملزمة للتجارة الرقمية والتجارة الإلكترونية وتدفق البيانات وحماية الملكية الفكرية، كما يضمن حقوق العمال الأساس، بما في ذلك حق تشكيل نقابات عمالية مستقلة، ويحظر التمييز في العمل على أساس خصائص مثل العرق أو الدين أو الجنس، وإضافة إلى ذلك فإنه يلزم الأطراف بعدم تفضيل مؤسساتهم الحكومية بطريقة تضر بالمنافسين الأجانب.
واستطراداً يمثل "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ" رداً جريئاً على رفض ترمب القيادة التجارية المتعددة الأطراف، وقد أظهر أعضاؤه قدرتهم على تقليل تعرضهم لعدم استقرار السياسة الأميركية ونهج واشنطن الأحادي في التجارة، وأثبتوا في الوقت ذاته أن بإمكان العالم الاستمرار في صياغة القواعد من دون مشاركة الولايات المتحدة أو موافقتها.
ويحتاج حلفاء الولايات المتحدة إلى إيجاد بدائل لقوة السوق الأميركية، وقد أنشأ الأوروبيون بالفعل منطقة تجارة حرة ضخمة خاصة بهم، لكنهم يسعون إلى إقامة مزيد من علاقات التجارة الحرة مع الآخرين، وقد أعيد إحياء المفاوضات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وأستراليا التي بدأت عام 2017 وتوقفت عام 2023 بسبب الخلافات حول الصادرات الزراعية، وكما قال ماكرون من سنغافورة في مايو (أيار) الماضي، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إبرام اتفاقات جديدة مع "رابطة دول جنوب شرق آسيا"، وربما حتى الانضمام إلى "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ" أو الارتباط به.
وفي شرق آسيا تسعى حليفتان قويتان للولايات المتحدة، وهما اليابان وكوريا الجنوبية، إلى تعزيز علاقاتهما مع الصين، ومع تصاعد التكهنات حول رسوم ترمب الجمركية في مارس (آذار) الماضي، اتفق وزراء خارجية الدول الثلاث على الدخول في مفاوضات "شاملة ورفيعة المستوى" بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري حر، ومن شأن مثل هذا الاتفاق المساعدة في بناء "بيئة تجارية واستثمارية يمكن التنبؤ بها [مستقرة]" وسط التقلبات التي تسببت بها واشنطن، ويمكن أن ينسب ترمب الفضل لنفسه في تقريب هذه الدول الثلاث من بعضها بعضاً، فنظراً إلى لعداوات التاريخية بينها فسيكون هذا إنجازاً كبيراً (ولو كان غير مقصود).
عالم مظلم
تقف الصين على أعتاب مكاسب هائلة من تقلبات سياسة ترمب الخارجية، ولطالما شعرت بكين بالامتعاض من هيمنة الولايات المتحدة وعملتها [الدولار] على النظام العالمي للتجارة والتمويل، لكن هذه العظمة تهتز الآن، ليس بسبب ما فعلته الصين بل بسبب أفعال ترمب، وقد أظهرت الفوضى في أسواق السندات بعد إعلان ترمب الرسوم الجمركية في أبريل الماضي تراجع الثقة في استقرار الولايات المتحدة وقوتها، ولنأخذ مثلاً حماقة تعامل ترمب مع أستراليا، إذ تتمتع الولايات المتحدة بفائض تجاري كبير مع أستراليا، ووفقاً لترمب فإن الولايات المتحدة تربح بالفعل في هذه العلاقة الثنائية، وليس لديها حليف أو شريك تجاري أفضل، ومع ذلك اختار فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10 في المئة على السلع الأسترالية، وتعرفة جمركية بنسبة 25 في المئة (أصبحت الآن 50 في المئة) على الصلب والألومنيوم الأستراليين، في وقت تسعى واشنطن إلى حشد حلفائها ضد الصين، وفي الواقع يذهب ثلث صادرات أستراليا إلى الصين، وفي ظل هذه الظروف ستتردد كانبيرا في الالتزام التام بخط واشنطن، فإبطاء نمو الاقتصاد الصيني (وتقليص الطلب على الموارد الأسترالية) لا يصب في مصلحة أستراليا.
لا يتظاهر ترمب بأنه يسعى إلى إرساء تجارة عادلة بحق أو تكافؤ فرص حقيقي، فهدفه هو إعادة إحياء القطاع الصناعي في الولايات المتحدة وإعادة المصانع من الصين وأوروبا وجنوب شرق آسيا، ويريد أيضاً فرض الهيمنة الأميركية في نصف الكرة الغربي حتى وهو يقلص التدخل الأميركي في بقية العالم، وسيتعين على الناخبين في الولايات المتحدة في نهاية المطاف أن يقرروا ما إذا كانت هذه أهدافاً قابلة للتحقيق أو تستحق العناء، ولكن ينبغي أن يكون حلفاء الولايات المتحدة قد حسموا أمرهم بالفعل.
لطالما وثق حلفاء الولايات المتحدة بها وبقيمها بدافع الأمل أكثر من التوقع [انطلاقاً من الأمل أكثر من اعتمادهم على توقعات عقلانية]، لكن تلك الثقة كانت حقيقية وهي الآن تتآكل، وترمب يدعو إلى نوعٍ مختلف من الثقة في الولايات المتحدة: اليقين بأن واشنطن ستسعى بلا هوادة إلى تحقيق مصالحها الذاتية، وستستخدم قوتها لانتزاع أفضل صفقة لنفسها، وقد يحاول قادة أميركيون في المستقبل إرجاع الدور الأخلاقي القيادي لبلادهم، لكن من الصعب استعادة الثقة إذا فقدت، فالصفقات التجارية تأتي وتذهب، ولكن إذا كان النور الساطع على التل [منارة الأمل] لا يضيء إلا للأميركيين، فسيكون ترمب قد أدخل العالم بأسره في مرحلة أكثر ظلاماً.
مالكوم تورنبول كان رئيس وزراء أستراليا بين عامي 2015 و 2018.
مترجم عن "فورين أفيرز"، 6 يونيو (حزيران) 2025

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد تحذيرات ترمب. عراقجي: هجوم إسرائيل ما كان ليحدث بدون موافقة أميركا
بعد تحذيرات ترمب. عراقجي: هجوم إسرائيل ما كان ليحدث بدون موافقة أميركا

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

بعد تحذيرات ترمب. عراقجي: هجوم إسرائيل ما كان ليحدث بدون موافقة أميركا

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد، إن طهران لا تريد توسيع نطاق الحرب مع إسرائيل، إلا حال أُجبرت على ذلك، موضحاً أن الهجوم ما كان ليحدث دون "ضوء أخضر من أميركا"، مؤكداً أن الرد يرتكز على "الدفاع عن النفس"، وذلك في وقت حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، طهران من استهداف الولايات المتحدة "بأي شكل". وأضاف عراقجي خلال لقائه بالسفراء الأجانب المقيمين في طهران: "الهجوم الإسرائيلي ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر والدعم الأميركي"، وقال إن "جولة المحادثات النووية التي كانت مقررة مع واشنطن، الأحد، كان من الممكن أن تفتح الطريق أمام اتفاق، لكن إسرائيل ضد ذلك". وأردف: "هجمات إسرائيل استهدفت إفشال المحادثات ونأسف لمشاركة أميركا في هذا"، محذراً من أن "هجوم إسرائيل على مقاطعة عسلوية (بمحافظة بوشهر) يجعل الصراع يمتد إلى الخليج"، وذلك في إشارة إلى الحريق الذي اندلع في حقل "بارس" الجنوبي للغاز بمحافظة بوشهر في جنوب إيران، إثر ضربة إسرائيلية للبنية التحتية للطاقة. وأوضح وزير الخارجية الإيراني أن الهجوم وقع في وقت "كنا فيه في خضم المفاوضات مع الولايات المتحدة"، موضحاً أن إيران "مستعدة" لأي اتفاق يهدف إلى عدم تمكين إيران من الحصول على سلاح نووي، لكنه شدد على أنهم "غير مستعدين لأي اتفاق يهدف إلى حرمان إيران من حقوقها النووية". وحذر عراقجي من أن تجاهل المجتمع الدولي لهذا الأمر ستكون له تبعات على جميع الدول الأخرى. إيران: أميركا شريك في الهجمات ونقلت وكالة "مهر" للأنباء عن عراقجي قوله إن تجاوز إسرائيل "لم يكن ليحدث أبداً دون توافق ودعم من الولايات المتحدة"، مشيراً لوجود أدلة واضحة لمساعدة القواعد الأميركية في المنطقة بالهجمات التي شنتها إسرائيل. وأضاف: "تصريحات رئيس الولايات المتحدة، التي أعلن فيها صراحةً دعمه عبر منشوراته، تعتبر من أهم الأدلة"، مشدداً على أن الولايات المتحدة "شريك في هذه الهجمات ويجب أن تتحمل مسؤوليتها"، فيما أكد أن إيران "لا تسعى لتوسيع الحرب إلا إذا تم فرضها عليها". وأشار عراقجي إلى أن إسرائيل لا تعتبر نفسها ملزمة بالقوانين الدولية، مضيفاً أنها "تجاوزت خطاً أحمر جديداً في القانون الدولي من خلال هجومها على المنشآت النووية، وللأسف واجهنا تجاهلاً من مجلس الأمن". وفيما يتعلق بالهجوم على منشآت "نطنز" النووية، أوضح عراقجي أنه طلب عقد اجتماع مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي سيعقد الثلاثاء، فيما عبر عن أمله في أن يتم إصدار قرار ضد إسرائيل بسبب الهجوم على هذه المنشآت. تحذير ترمب وكان الرئيس الأميركي قال، في وقت سابق الأحد، إن بلاده لم تكن لها أي علاقة بالهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران، مساء السبت، محذراً طهران من استهداف الولايات المتحدة "بأي شكل". وذكر ترمب عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال": "لم تكن للولايات المتحدة أي علاقة بالهجوم على إيران، الليلة.. وإذا تعرضنا لأي هجوم من إيران بأي شكل أو طريقة، سترد القوات المسلحة للولايات المتحدة بكل قوتها وقدرتها بمستويات لم يحدث لها مثيل من قبل". وتابع: "ومع ذلك، يمكننا بسهولة التوصل إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل وإنهاء هذا الصراع الدموي". في حين، أعاد دان سكافينو، مساعد ترمب ونائب رئيس موظفي البيت الأبيض، نشر المنشور ذاته عبر منصة "إكس"، مع توجيه إعادة النشر إلى حساب المرشد الإيراني علي خامنئي. وكانت الخارجية الإيرانية اعتبرت، السبت، أن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة أصبحت "غير ذات معنى" بعد الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق واسعة في إيران، فيما أعلنت سلطنة عُمان أن جولة المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران التي كانت مقررة الأحد في مسقط "لن تُعقد". ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي قوله: "تصرف الطرف الآخر (الولايات المتحدة) بطريقة تجعل الحوار بلا معنى". وأضاف: "لا يمكنك ادعاء التفاوض وفي الوقت نفسه تقسم العمل بالسماح للنظام الصهيوني (إسرائيل) باستهداف الأراضي الإيرانية". وقال إن إسرائيل "نجحت في التأثير" على العملية الدبلوماسية، وإن الهجوم الإسرائيلي "ما كان ليحدث لولا موافقة واشنطن".

10 قتلى و180 مصابا بهجمات إيران الصاروخية على إسرائيل
10 قتلى و180 مصابا بهجمات إيران الصاروخية على إسرائيل

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

10 قتلى و180 مصابا بهجمات إيران الصاروخية على إسرائيل

لا تزال الضربات الجوية المتبادلة متواصلة بين إيران وإسرائيل بعد يومين من تنفيذ إسرائيل هجوماً جوياً كاسحاً على عدوها القديم، أسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء وقصف مواقع نووية، فيما قالت إنه محاولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي. وأعلنت إسرائيل ، ليل أمس السبت، أنها تنفذ ضربات في طهران مع محاولتها اعتراض صواريخ أطلقتها إيران نحو أراضيها، في ثاني يوم من تصعيد غير مسبوق بين البلدين بدأته إسرائيل، أول من أمس الجمعة، باستهداف مواقع عسكرية ونووية في الجمهورية الإسلامية. وكان الإعلام الإيراني أفاد في وقت سابق عن تفعيل الدفاعات الجوية في طهران ومناطق أخرى منها محيط ميناء بندر عباس (جنوب)، بينما توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب "كل هدف تابع للنظام" في إيران. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان ليل أمس السبت، "بينما تعمل قوات الدفاع الجوي على اعتراض الصواريخ التي أطلقت من إيران، يقوم سلاح الجو الإسرائيلي حالياً بضرب أهداف عسكرية في طهران". وأتى ذلك بعدما طلبت الجبهة الداخلية الإسرائيلية من السكان لزوم الملاجئ. وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني من جهته بـ"بدء جولة جديدة من هجمات الوعد الصادق 3"، في إشارة إلى اسم عملية الرد على الضربات الإسرائيلية. وفي وقت سابق أمس السبت، شددت إسرائيل على أن سلاح الجو بات يتمتع بـ"حرية الحركة" في غرب إيران وصولاً لطهران، كما أعلن جيشها أنه قصف منشأة تحت الأرض تضم صواريخ أرض-أرض وكروز في مدينة خرم آباد بغرب الجمهورية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، "سنضرب كل موقع، كل هدف تابع للنظام"، مضيفاً "وجهنا ضربة فعلية لبرنامجهم النووي". وتابع "لقد عبدنا طريقاً إلى طهران. قريباً جداً سترون الطائرات الإسرائيلية، سلاح جونا، طيارونا، في سماء طهران". وأكد أن الضربات تحظى بـ"دعم صريح" من الرئيس الأميركي دونالد ترمب. من جهته أكد ترمب أنه توافق ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي السبت، على أن النزاع الحالي بين إسرائيل وإيران "يجب أن ينتهي". وكتب على منصته "تروث سوشيال" أن بوتين "يشعر، مثلي، بأن هذه الحرب بين إسرائيل وإيران يجب أن تنتهي كذلك"، في إشارة إلى الحرب بين موسكو وكييف. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، مساء أمس، بأن الدفاعات الجوية "بدأت تنشط ضد أهداف معادية" فوق طهران ومحافظات أخرى بينها هرمزكان (جنوب) وكرمنشاه (غرب) وقم (وسط) وأذربيجان الغربية (غرب) وخوزستان (جنوب غرب). كما أفاد التلفزيون بتفعيل الدفاعات الجوية في محيط بندر عباس، أهم موانئ البلاد الواقع في جنوبها "للتصدي لمسيرات صغيرة"، من دون تقديم تفاصيل. كما تسبب هجوم بطائرة مسيرة على أحد أقسام حقل بارس الجنوبي للغاز إلى انفجار وحريق، بحسب الإعلام المحلي. من ناحية أخرى، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس السبت، أن الجيش شن هجوماً على اليمن في الآونة الأخيرة محاولاً اغتيال قيادي حوثي كبير. ويسيطر الحوثيون المتحالفون مع إيران على مناطق من اليمن، ونفذوا أكثر من 100 هجوم على سفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، فيما يقولون إنه تضامن مع الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على حركة "حماس" في غزة. تابعوا معنا آخر التطورات في هذه التغطية المباشرة

نتنياهو: إيران قد ترد بموجات عنيفة.. وإسرائيل لن تتوقف حتى إزالة التهديد النووي
نتنياهو: إيران قد ترد بموجات عنيفة.. وإسرائيل لن تتوقف حتى إزالة التهديد النووي

سعورس

timeمنذ 3 ساعات

  • سعورس

نتنياهو: إيران قد ترد بموجات عنيفة.. وإسرائيل لن تتوقف حتى إزالة التهديد النووي

وفي كلمة مصوّرة، قال نتنياهو: "نتوقع أن نتعرض لعدة موجات من الهجمات الإيرانية"، داعياً المواطنين الإسرائيليين إلى الالتزام بالتعليمات الأمنية والبقاء في الملاجئ لفترات قد تطول، إذا لزم الأمر. وأكد نتنياهو أن إسرائيل نفذت "ضربة افتتاحية ناجحة للغاية" ضد أهداف إيرانية حساسة، مشيراً إلى أن العملية استهدفت "قلب برنامج التخصيب النووي الإيراني وقلب برنامج الأسلحة النووية". وشملت الضربات منشأة نطنز الرئيسية وعدداً من المواقع العسكرية والعلمية، ما أسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء فيزيائيين نوويين بارزين. وأعلن نتنياهو أن العملية العسكرية، التي أطلق عليها اسم "الأسد الصاعد"، تهدف إلى "القضاء على التهديد الوجودي الذي تمثله إيران على إسرائيل"، مشيراً إلى أن العملية ستستمر "لعدة أيام، حسب الحاجة". وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن بلاده لم تجد خياراً سوى التحرك عسكرياً، متهماً إيران بعدم الرغبة في التوصل إلى تسوية دبلوماسية بشأن برنامجها النووي أو التنازل عن قدرات تخصيب اليورانيوم. وفي ما يخص التنسيق الدولي، قال نتنياهو إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة مسبقاً بخطط الهجوم، وأضاف: "ما ستفعله واشنطن الآن متروك للرئيس دونالد ترمب. لقد أُخطروا مسبقاً، وترامب يتخذ قراراته باستقلالية كاملة". وفي السياق ذاته، ذكرت مصادر إسرائيلية أن الرد الإيراني قد يكون وشيكاً ويتضمن إطلاق المئات من الصواريخ الباليستية، ما يرفع من مستوى التوتر في المنطقة بشكل غير مسبوق. من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن طهران تقترب من "نقطة اللاعودة" في سعيها لامتلاك سلاح نووي، مضيفاً أن إسرائيل اعتمدت على معلومات استخباراتية تفيد بتسارع غير مسبوق في البرنامج النووي الإيراني. وأشار إلى أن جميع الجهود الدبلوماسية السابقة فشلت في ردع طموحات إيران النووية، ما دفع إسرائيل للتحرك عسكرياً. ولم يقدّم الجيش أدلة على تلك المعلومات الاستخباراتية، مكتفياً بالتأكيد على أن الضربات جاءت في إطار حماية الأمن القومي الإسرائيلي ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store