logo
وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد

وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد

مصراويمنذ 7 ساعات

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم ومحيطها تفشيًا متسارعًا لوباء الكوليرا، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ناجمة عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فقد سجلت وزارة الصحة السودانية أكثر من 2,300 إصابة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، توزعت غالبيتها — بما نسبته 90% — في المناطق الأكثر تضررًا من الحرب داخل ولاية الخرطوم، لا سيما محليتي كرري وجبل أولياء.
وبلغ عدد الوفيات المؤكدة جراء المرض حتى الآن 51 حالة، في وقت حذرت فيه منظمات دولية من خروج الوضع عن السيطرة إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة.
انهيار الخدمات الأساسية
وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تدير سبع وحدات لعلاج الكوليرا وتساهم في تشغيل مراكز لإعادة الإماهة الفموية داخل الخرطوم، إلى أن تفشي المرض مرتبط بشكل مباشر بانهيار خدمات الكهرباء والمياه في العديد من مناطق العاصمة.
وتسبب الهجمات بالطائرات المسيرة، التي استهدفت محطات الكهرباء ومحطات معالجة المياه، في انقطاع شامل للخدمات الأساسية، ما اضطر السكان للاعتماد على مصادر ملوثة للمياه مثل الآبار السطحية أو مياه النيل الخام، وهي بيئة خصبة لانتشار الأمراض المنقولة بالمياه وعلى رأسها الكوليرا.
وأكدت "أطباء بلا حدود" أن فرقها استقبلت ما يزيد عن 570 مريضًا بين 17 و21 مايو فقط في مركزين للعلاج في مدينة أم درمان. أما في يوم 21 مايو وحده، فقد تم تسجيل 500 إصابة جديدة، وهو ما يعادل ربع الإصابات المبلغ عنها في الأسابيع الثلاثة السابقة، مما يعكس تسارعًا خطيرًا في وتيرة انتشار المرض.
الوضع الطبي في العاصمة
الوضع الصحي في الخرطوم بات على شفا الانهيار، بحسب تصريحات سليمان عمار، منسق الشؤون الطبية في منظمة "أطباء بلا حدود" داخل السودان، والذي أكد أن الحرب تسببت في تدمير عدد كبير من المرافق الصحية، بينما أُجبر كثير من العاملين في القطاع الطبي على الفرار نتيجة تصاعد القتال.
وأضاف عمار، أن غياب الرعاية الصحية الأساسية، إلى جانب شُح الموارد الطبية، جعل من المستحيل السيطرة على انتشار المرض داخل الفئات السكانية الأكثر ضعفًا.
وأشار عمار إلى أن فرق المنظمة تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة لتعزيز نظام الرصد الوبائي، من أجل فهم أفضل لمصدر الإصابات وتوجيه التدخلات بشكل أكثر فاعلية. كما دعا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لتمويل مبادرات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، وناشد الجهات السودانية المسؤولة تسريع جهود استعادة خدمات الكهرباء والمياه في المناطق المتضررة.
السودان في قلب أزمة قارية
يمثل تفشي الكوليرا في السودان جزءًا من موجة أوسع من الأوبئة التي تضرب القارة الأفريقية منذ بداية عام 2025، حيث أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض في أفريقيا تسجيل أكثر من 115,000 إصابة بالكوليرا و2,424 وفاة في القارة حتى منتصف مايو. وتتصدر كل من السودان وجنوب السودان، وجمهورية الكونجو الديمقراطية، وأنجولا قائمة الدول الأكثر تضررًا، إذ تمثل هذه الدول الأربع وحدها 84% من الإصابات و92% من الوفيات المسجلة هذا العام.
وقال ياب بوم، نائب مدير إدارة الطوارئ، خلال مؤتمر إعلامي إن تفشي الكوليرا في هذه الدول الأربع "شديد الخطورة"، محذرًا من أن استمرار ضعف الوصول إلى المياه النظيفة والأنظمة الصحية المتهالكة في مناطق النزاع يُفاقم من الأزمة الصحية ويزيد من احتمالية انتشار الأوبئة الأخرى. حيث بلغت وفيات الكوليرا في جنوب السودان وحدها 848 حالة، تليها أنجولا بـ609، والكونجو الديمقراطية بـ513، بينما تتصاعد الأرقام في السودان بشكل سريع.
نموذج إمبوكس
وفي مواجهة هذا الوضع، أعلنت منظمة "أفريقيا سي دي سي" أنها ستعتمد على نموذج الاستجابة الذي استخدمته لمكافحة تفشي مرض "إمبوكس"، والذي أثبت فاعليته في احتواء الأزمة الصحية السابقة. وصرّح الدكتور نجاشي نجونجو، المستشار الرئيسي لمدير الوكالة، أن الدروس المستفادة من تلك التجربة، خاصة في مجال التنسيق متعدد الأطراف، سيتم تطبيقها في الجهود الحالية لمكافحة الكوليرا.
وتشارك في هذه الجهود منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة "غافي" للقاحات، إلى جانب 26 شريكًا آخرين. وتهدف هذه المنظومة إلى دعم الدول المتضررة بإمدادات طبية عاجلة، وفرق طوارئ صحية، وتوسيع شبكات المياه والصرف الصحي.
وأدى النزاع المسلح المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي اندلع في أبريل 2023 على خلفية خلافات حول دمج القوات خلال مرحلة الانتقال السياسي، إلى كارثة إنسانية شاملة. فإلى جانب النزوح الجماعي وانعدام الأمن الغذائي، تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات ومحطات الكهرباء والوقود، ما أدى إلى تفشي أمراض عدة مثل الكوليرا، وحمى الضنك، والملاريا.
وفي تقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخرًا، حذرت المنظمة من أن "الخدمات العامة التي كانت تعاني أصلًا من ضغط شديد، لم تعد قادرة على الاستجابة للتحديات المركبة الناجمة عن انقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصحة السودانية: 800 إصابة بوباء الكوليرا تتلقى العلاج في ولاية الخرطوم
الصحة السودانية: 800 إصابة بوباء الكوليرا تتلقى العلاج في ولاية الخرطوم

مصراوي

timeمنذ 5 ساعات

  • مصراوي

الصحة السودانية: 800 إصابة بوباء الكوليرا تتلقى العلاج في ولاية الخرطوم

الخرطوم - (د ب أ) أعلنت وزارة الصحة السودانية، اليوم الأحد، تسجيل 45 حالة إصابة جديدة بوباء الكوليرا ليرتفع عدد الإصابات التي تتلقى العلاج إلى 800 في ولاية الخرطوم . وكشفت لجنة الطوارئ الصحية بوزارة الصحة بولاية الخرطوم، في تقريرها اليومي حول الوضع الوبائي للإسهال المائي الحاد (الكوليرا) الذي أوردته وكالة السودان للأنباء ( سونا) اليوم ، عن تنفيذ تدخلات واسعة للحد من انتشار الوباء خاصة في محلية أم درمان الكبرى. وشملت التدخلات تطهير 434 منزلاً، وتوزيع 1089 ملجما من مادة الكلور لتعقيم مياه الشرب، إلى جانب تنفيذ أنشطة توعوية استفاد منها 1736 شخصاً لتعزيز مفاهيم الصحة الوقائية. وأكد التقرير خلو مراكز العزل في مستشفيات البلك، وأم درمان، وصالحة القيعة، وهجيلجية من حالات الوفاة، بينما استقبلت العيادات الميدانية 13 حالة جديدة ، مشيرا إلى أن فرق الاستجابة السريعة سجلت 45 حالة إصابة جديدة يوم أمس. ولفت تقرير غرف العزل بالمستشفيات إلى وجود نحو 800 حالة إصابة تتلقى العلاج، تعافى منها 218 شخصاً غادروا إلى منازلهم بعد استكمال الرعاية الصحية، في حين تم تنويم 206 حالات في 13 مستشفى بالولاية. وجددت وزارة الصحة بولاية الخرطوم مناشدتها للمواطنين بضرورة شرب المياه المعالجة بالكلور، والالتزام بغسل الأيدي وسلامة الأغذية، باعتبارها إجراءات وقائية أساسية للحد من انتشار الوباء. وانتشر وباء الكوليرا بعد قصف قوات الدعم السريع ثلاث محطات للكهرباء في أم درمان، أدى إلى توقف عمل محطات المياه نظرًا لانقطاع التيار، مما جعل السكان يضطرون إلى استخدام مياه غير آمنة مثل الآبار السطحية أو المياه المسحوبة من النيل مباشرة ، وفق موقع "سودان تربيون". ويقول الموقع إن مدن العاصمة السودانية تشهد تفشٍ متسارع لوباء الكوليرا، حيث تم تسجيل نحو 2500 حالة إصابة بالمرض خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بينها 500 حالة في يوم واحد.

وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد
وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد

مصرس

timeمنذ 7 ساعات

  • مصرس

وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم ومحيطها تفشيًا متسارعًا لوباء الكوليرا، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ناجمة عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فقد سجلت وزارة الصحة السودانية أكثر من 2,300 إصابة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، توزعت غالبيتها — بما نسبته 90% — في المناطق الأكثر تضررًا من الحرب داخل ولاية الخرطوم، لا سيما محليتي كرري وجبل أولياء. وبلغ عدد الوفيات المؤكدة جراء المرض حتى الآن 51 حالة، في وقت حذرت فيه منظمات دولية من خروج الوضع عن السيطرة إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة.انهيار الخدمات الأساسيةوأشارت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تدير سبع وحدات لعلاج الكوليرا وتساهم في تشغيل مراكز لإعادة الإماهة الفموية داخل الخرطوم، إلى أن تفشي المرض مرتبط بشكل مباشر بانهيار خدمات الكهرباء والمياه في العديد من مناطق العاصمة.وتسبب الهجمات بالطائرات المسيرة، التي استهدفت محطات الكهرباء ومحطات معالجة المياه، في انقطاع شامل للخدمات الأساسية، ما اضطر السكان للاعتماد على مصادر ملوثة للمياه مثل الآبار السطحية أو مياه النيل الخام، وهي بيئة خصبة لانتشار الأمراض المنقولة بالمياه وعلى رأسها الكوليرا.وأكدت "أطباء بلا حدود" أن فرقها استقبلت ما يزيد عن 570 مريضًا بين 17 و21 مايو فقط في مركزين للعلاج في مدينة أم درمان. أما في يوم 21 مايو وحده، فقد تم تسجيل 500 إصابة جديدة، وهو ما يعادل ربع الإصابات المبلغ عنها في الأسابيع الثلاثة السابقة، مما يعكس تسارعًا خطيرًا في وتيرة انتشار المرض.الوضع الطبي في العاصمةالوضع الصحي في الخرطوم بات على شفا الانهيار، بحسب تصريحات سليمان عمار، منسق الشؤون الطبية في منظمة "أطباء بلا حدود" داخل السودان، والذي أكد أن الحرب تسببت في تدمير عدد كبير من المرافق الصحية، بينما أُجبر كثير من العاملين في القطاع الطبي على الفرار نتيجة تصاعد القتال.وأضاف عمار، أن غياب الرعاية الصحية الأساسية، إلى جانب شُح الموارد الطبية، جعل من المستحيل السيطرة على انتشار المرض داخل الفئات السكانية الأكثر ضعفًا.وأشار عمار إلى أن فرق المنظمة تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة لتعزيز نظام الرصد الوبائي، من أجل فهم أفضل لمصدر الإصابات وتوجيه التدخلات بشكل أكثر فاعلية. كما دعا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لتمويل مبادرات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، وناشد الجهات السودانية المسؤولة تسريع جهود استعادة خدمات الكهرباء والمياه في المناطق المتضررة.السودان في قلب أزمة قاريةيمثل تفشي الكوليرا في السودان جزءًا من موجة أوسع من الأوبئة التي تضرب القارة الأفريقية منذ بداية عام 2025، حيث أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض في أفريقيا تسجيل أكثر من 115,000 إصابة بالكوليرا و2,424 وفاة في القارة حتى منتصف مايو. وتتصدر كل من السودان وجنوب السودان، وجمهورية الكونجو الديمقراطية، وأنجولا قائمة الدول الأكثر تضررًا، إذ تمثل هذه الدول الأربع وحدها 84% من الإصابات و92% من الوفيات المسجلة هذا العام.وقال ياب بوم، نائب مدير إدارة الطوارئ، خلال مؤتمر إعلامي إن تفشي الكوليرا في هذه الدول الأربع "شديد الخطورة"، محذرًا من أن استمرار ضعف الوصول إلى المياه النظيفة والأنظمة الصحية المتهالكة في مناطق النزاع يُفاقم من الأزمة الصحية ويزيد من احتمالية انتشار الأوبئة الأخرى. حيث بلغت وفيات الكوليرا في جنوب السودان وحدها 848 حالة، تليها أنجولا ب609، والكونجو الديمقراطية ب513، بينما تتصاعد الأرقام في السودان بشكل سريع.نموذج إمبوكسوفي مواجهة هذا الوضع، أعلنت منظمة "أفريقيا سي دي سي" أنها ستعتمد على نموذج الاستجابة الذي استخدمته لمكافحة تفشي مرض "إمبوكس"، والذي أثبت فاعليته في احتواء الأزمة الصحية السابقة. وصرّح الدكتور نجاشي نجونجو، المستشار الرئيسي لمدير الوكالة، أن الدروس المستفادة من تلك التجربة، خاصة في مجال التنسيق متعدد الأطراف، سيتم تطبيقها في الجهود الحالية لمكافحة الكوليرا.وتشارك في هذه الجهود منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة "غافي" للقاحات، إلى جانب 26 شريكًا آخرين. وتهدف هذه المنظومة إلى دعم الدول المتضررة بإمدادات طبية عاجلة، وفرق طوارئ صحية، وتوسيع شبكات المياه والصرف الصحي.وأدى النزاع المسلح المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي اندلع في أبريل 2023 على خلفية خلافات حول دمج القوات خلال مرحلة الانتقال السياسي، إلى كارثة إنسانية شاملة. فإلى جانب النزوح الجماعي وانعدام الأمن الغذائي، تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات ومحطات الكهرباء والوقود، ما أدى إلى تفشي أمراض عدة مثل الكوليرا، وحمى الضنك، والملاريا.وفي تقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخرًا، حذرت المنظمة من أن "الخدمات العامة التي كانت تعاني أصلًا من ضغط شديد، لم تعد قادرة على الاستجابة للتحديات المركبة الناجمة عن انقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة".

وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد
وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد

مصراوي

timeمنذ 7 ساعات

  • مصراوي

وباء وسط الأنقاض.. الكوليرا تحاصر السودان وتسجيل 500 إصابة في يوم واحد

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم ومحيطها تفشيًا متسارعًا لوباء الكوليرا، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ناجمة عن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فقد سجلت وزارة الصحة السودانية أكثر من 2,300 إصابة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، توزعت غالبيتها — بما نسبته 90% — في المناطق الأكثر تضررًا من الحرب داخل ولاية الخرطوم، لا سيما محليتي كرري وجبل أولياء. وبلغ عدد الوفيات المؤكدة جراء المرض حتى الآن 51 حالة، في وقت حذرت فيه منظمات دولية من خروج الوضع عن السيطرة إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة. انهيار الخدمات الأساسية وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تدير سبع وحدات لعلاج الكوليرا وتساهم في تشغيل مراكز لإعادة الإماهة الفموية داخل الخرطوم، إلى أن تفشي المرض مرتبط بشكل مباشر بانهيار خدمات الكهرباء والمياه في العديد من مناطق العاصمة. وتسبب الهجمات بالطائرات المسيرة، التي استهدفت محطات الكهرباء ومحطات معالجة المياه، في انقطاع شامل للخدمات الأساسية، ما اضطر السكان للاعتماد على مصادر ملوثة للمياه مثل الآبار السطحية أو مياه النيل الخام، وهي بيئة خصبة لانتشار الأمراض المنقولة بالمياه وعلى رأسها الكوليرا. وأكدت "أطباء بلا حدود" أن فرقها استقبلت ما يزيد عن 570 مريضًا بين 17 و21 مايو فقط في مركزين للعلاج في مدينة أم درمان. أما في يوم 21 مايو وحده، فقد تم تسجيل 500 إصابة جديدة، وهو ما يعادل ربع الإصابات المبلغ عنها في الأسابيع الثلاثة السابقة، مما يعكس تسارعًا خطيرًا في وتيرة انتشار المرض. الوضع الطبي في العاصمة الوضع الصحي في الخرطوم بات على شفا الانهيار، بحسب تصريحات سليمان عمار، منسق الشؤون الطبية في منظمة "أطباء بلا حدود" داخل السودان، والذي أكد أن الحرب تسببت في تدمير عدد كبير من المرافق الصحية، بينما أُجبر كثير من العاملين في القطاع الطبي على الفرار نتيجة تصاعد القتال. وأضاف عمار، أن غياب الرعاية الصحية الأساسية، إلى جانب شُح الموارد الطبية، جعل من المستحيل السيطرة على انتشار المرض داخل الفئات السكانية الأكثر ضعفًا. وأشار عمار إلى أن فرق المنظمة تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة لتعزيز نظام الرصد الوبائي، من أجل فهم أفضل لمصدر الإصابات وتوجيه التدخلات بشكل أكثر فاعلية. كما دعا المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لتمويل مبادرات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، وناشد الجهات السودانية المسؤولة تسريع جهود استعادة خدمات الكهرباء والمياه في المناطق المتضررة. السودان في قلب أزمة قارية يمثل تفشي الكوليرا في السودان جزءًا من موجة أوسع من الأوبئة التي تضرب القارة الأفريقية منذ بداية عام 2025، حيث أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض في أفريقيا تسجيل أكثر من 115,000 إصابة بالكوليرا و2,424 وفاة في القارة حتى منتصف مايو. وتتصدر كل من السودان وجنوب السودان، وجمهورية الكونجو الديمقراطية، وأنجولا قائمة الدول الأكثر تضررًا، إذ تمثل هذه الدول الأربع وحدها 84% من الإصابات و92% من الوفيات المسجلة هذا العام. وقال ياب بوم، نائب مدير إدارة الطوارئ، خلال مؤتمر إعلامي إن تفشي الكوليرا في هذه الدول الأربع "شديد الخطورة"، محذرًا من أن استمرار ضعف الوصول إلى المياه النظيفة والأنظمة الصحية المتهالكة في مناطق النزاع يُفاقم من الأزمة الصحية ويزيد من احتمالية انتشار الأوبئة الأخرى. حيث بلغت وفيات الكوليرا في جنوب السودان وحدها 848 حالة، تليها أنجولا بـ609، والكونجو الديمقراطية بـ513، بينما تتصاعد الأرقام في السودان بشكل سريع. نموذج إمبوكس وفي مواجهة هذا الوضع، أعلنت منظمة "أفريقيا سي دي سي" أنها ستعتمد على نموذج الاستجابة الذي استخدمته لمكافحة تفشي مرض "إمبوكس"، والذي أثبت فاعليته في احتواء الأزمة الصحية السابقة. وصرّح الدكتور نجاشي نجونجو، المستشار الرئيسي لمدير الوكالة، أن الدروس المستفادة من تلك التجربة، خاصة في مجال التنسيق متعدد الأطراف، سيتم تطبيقها في الجهود الحالية لمكافحة الكوليرا. وتشارك في هذه الجهود منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة "غافي" للقاحات، إلى جانب 26 شريكًا آخرين. وتهدف هذه المنظومة إلى دعم الدول المتضررة بإمدادات طبية عاجلة، وفرق طوارئ صحية، وتوسيع شبكات المياه والصرف الصحي. وأدى النزاع المسلح المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي اندلع في أبريل 2023 على خلفية خلافات حول دمج القوات خلال مرحلة الانتقال السياسي، إلى كارثة إنسانية شاملة. فإلى جانب النزوح الجماعي وانعدام الأمن الغذائي، تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات ومحطات الكهرباء والوقود، ما أدى إلى تفشي أمراض عدة مثل الكوليرا، وحمى الضنك، والملاريا. وفي تقرير أصدرته الأمم المتحدة مؤخرًا، حذرت المنظمة من أن "الخدمات العامة التي كانت تعاني أصلًا من ضغط شديد، لم تعد قادرة على الاستجابة للتحديات المركبة الناجمة عن انقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store