
مستورة المطيري لـ «الأنباء»: البيت المسلم يواجه تحديات خطيرة
أكدت أستاذة التفسير والحديث بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د. مستورة رجا حجيلان المطيري ان هناك ثلاث قواعد رئيسية لمواجهة التحديات التي تواجه البيت المسلم وهذه القواعد الثلاث هي: تعلم كتاب الله والعمل به، والقاعدة الثانية: مراعاة الحقوق والواجبات، أما القاعدة الثالثة فهي: ترك الاشتغال بما لا ينفع، وشرحت كل قاعدة على حدة للتغلب على هذه التحديات، وإلى نص الحوار.
كيف يواجه البيت المسلم العديد من التحديات التي تحاصر الأسرة المسلمة سواء ما يراه على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات العبثية المزيفة للحقائق والبعيدة عن ديننا الإسلامي؟
٭ البيت المسلم يواجه في هذا العصر تحديات كبيرة وخطيرة ظهرت آثارها في كيفية توجيه وضبط افراده بما يعود عليهم بالخير والنفع والفائدة، ووقايتهم من الشرور والفتن المحيطة بهم. وسبب ذلك كما هو معلوم الانفتاح المعرفي وغير المعرفي الذي ساهم في اختلاط الثقافات وضياع الهوية وتمييع القيم الإسلامية، مما جعل الحاجة ماسة الى النظر في الأصول والقواعد المستفادة من الكتاب والسنة التي تساعد أفراد البيت المسلم على مواجهة تلك التحديات والثبات أمامها، والتي يمكن إجمالها في ثلاث قواعد.
تعلم كتاب الله والعمل به
ماذا عن القاعدة الأولى؟
٭ من المعلوم أن قراءة كتاب الله وتلاوته وتدبره، والعمل بأحكامه، والوقوف عند حدوده، يعد أمرا مهما لازما لكل بيت مسلم، فالقرآن نور وهدى وحبل الله المتين من تمسك به لا يضل ولا يشقى.
قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا) (الإسراء:9).
لذا كان من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته التمسك بكتاب الله والاعتصام به، فقد روى مسلم في صحيحه في حديث طويل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب: وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به».
وزاد في طريق جرير و«كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به، وأخذ به، كان على الهدى، ومن أخطأ ضل».
ومن أخذ كتاب الله بإخلاص وفهم وتدبر كما جاء في قوله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولا الألــباب - ص: 29) سلم قلبه من الشهوات والشبهات والظنون والإرادة الفاسدة التي هي محل الفتن وشرورها. فقارئ القرآن على هذه الصفة على بصيرة يرى بنور ربه.
قال ابن القيم الجوزية، رحمه الله تعالى: «فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل به، وجمع الفكر فيه على معاني آياته، فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغايتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة».
ذكرت أن القاعدة الثانية هي مراعاة الحقوق والواجبات فما آثر تجاهل هذه الحقوق وإهمالها؟
٭ إن العناية بتبادل الحقوق والواجبات والنظر إليها بغاية الأهمية واستيفائها بين أفراد البيت المسلم بحسب القدرة والاستطاعة والتسامح فيها في بعض الأحيان، كما كان منهج عبدالله بن عباس رضي الله عنه مع أهله حين قال: «إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فستوجب حقها الذي لها علي لأن الله تعالى قال: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف - البقرة: 228). ومعني أستنظف: أي آخذ حقي كاملا. يعد كذلك حصنا قويا مانعا لهم من الوقوع في الفتن بل هو من تمام النصيحة في الدين والبر. وتحقيق القاعدة السابقة ينطلق من قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون - المائدة: 35)، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...» فالحقوق والواجبات إنما هي طاعات وقرب يثـمر العناية بها رضى الله وتوفيقه.
أما تجــاهل الحـــقوق والـواجبات وإهمالها والتقصير بها او التسويف في استيفائها يعد مدخلا عظيما للشقاق والنــزاع والفرقة والخصومات، وقطع الأرحــام والصلات التي تفتح باب شـــر مســـتطير على بيوت المسلـــمين، ممـــا يضــعف إيمانهم ويـــؤثر علـــى سلامة دينهم.
ترك ما لا يعنيك
وكيف نعزز الجانب الأخلاقي داخل البيت المسلم؟
٭ من خلال القاعدة الثالثة وهي ترك الاشتغال بما لا ينفع: فإن اشتغال البيوت المسلمة فيما لا ينفع ولا يعود بالخير والفائدة عليهم حتما سيقود الى الخوض في الباطل الذي هو مفتاح الشرور والسيئات. فعن مغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله كره لكم ثلاثا، قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال». وقال صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». وهذا كله يعزز الجانب الأخلاقي في بيوت المسلمين ويزيد من رسوخ الإيمان مما يجعلها قوية على مواجهة الفتن والثبات أمامها.
ولا يعني ذلك ان يكون المسلم سلبيا لا يفكر إلا بنفسه ومصالحه فقط، فهذا ايضا خلق مذموم منهي عنه في الإسلام، وإنما المراد الابتعاد عما يشغل المرء عن مصالح دينه ودنياه.
إن العناية بتطبيق القواعد السابقة التطبيق العملي الصحيح القائم على الفهم الصحيح لكتاب الله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لكفيل أن يقي البيت المسلم المعاصر من الفتن المحيطة به وتحصينه من شرورها، مما يسهم في بناء مجتمعات إنسانية قوية راقية ترفل بثوب الرضا والسعادة والاطمئنان. قال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون - الجاثية: 21). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه الطيبين الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ 20 ساعات
- الأنباء
مستورة المطيري لـ «الأنباء»: البيت المسلم يواجه تحديات خطيرة
أكدت أستاذة التفسير والحديث بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د. مستورة رجا حجيلان المطيري ان هناك ثلاث قواعد رئيسية لمواجهة التحديات التي تواجه البيت المسلم وهذه القواعد الثلاث هي: تعلم كتاب الله والعمل به، والقاعدة الثانية: مراعاة الحقوق والواجبات، أما القاعدة الثالثة فهي: ترك الاشتغال بما لا ينفع، وشرحت كل قاعدة على حدة للتغلب على هذه التحديات، وإلى نص الحوار. كيف يواجه البيت المسلم العديد من التحديات التي تحاصر الأسرة المسلمة سواء ما يراه على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات العبثية المزيفة للحقائق والبعيدة عن ديننا الإسلامي؟ ٭ البيت المسلم يواجه في هذا العصر تحديات كبيرة وخطيرة ظهرت آثارها في كيفية توجيه وضبط افراده بما يعود عليهم بالخير والنفع والفائدة، ووقايتهم من الشرور والفتن المحيطة بهم. وسبب ذلك كما هو معلوم الانفتاح المعرفي وغير المعرفي الذي ساهم في اختلاط الثقافات وضياع الهوية وتمييع القيم الإسلامية، مما جعل الحاجة ماسة الى النظر في الأصول والقواعد المستفادة من الكتاب والسنة التي تساعد أفراد البيت المسلم على مواجهة تلك التحديات والثبات أمامها، والتي يمكن إجمالها في ثلاث قواعد. تعلم كتاب الله والعمل به ماذا عن القاعدة الأولى؟ ٭ من المعلوم أن قراءة كتاب الله وتلاوته وتدبره، والعمل بأحكامه، والوقوف عند حدوده، يعد أمرا مهما لازما لكل بيت مسلم، فالقرآن نور وهدى وحبل الله المتين من تمسك به لا يضل ولا يشقى. قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا) (الإسراء:9). لذا كان من آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته التمسك بكتاب الله والاعتصام به، فقد روى مسلم في صحيحه في حديث طويل عن زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب: وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به». وزاد في طريق جرير و«كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به، وأخذ به، كان على الهدى، ومن أخطأ ضل». ومن أخذ كتاب الله بإخلاص وفهم وتدبر كما جاء في قوله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولا الألــباب - ص: 29) سلم قلبه من الشهوات والشبهات والظنون والإرادة الفاسدة التي هي محل الفتن وشرورها. فقارئ القرآن على هذه الصفة على بصيرة يرى بنور ربه. قال ابن القيم الجوزية، رحمه الله تعالى: «فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل به، وجمع الفكر فيه على معاني آياته، فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغايتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة». ذكرت أن القاعدة الثانية هي مراعاة الحقوق والواجبات فما آثر تجاهل هذه الحقوق وإهمالها؟ ٭ إن العناية بتبادل الحقوق والواجبات والنظر إليها بغاية الأهمية واستيفائها بين أفراد البيت المسلم بحسب القدرة والاستطاعة والتسامح فيها في بعض الأحيان، كما كان منهج عبدالله بن عباس رضي الله عنه مع أهله حين قال: «إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فستوجب حقها الذي لها علي لأن الله تعالى قال: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف - البقرة: 228). ومعني أستنظف: أي آخذ حقي كاملا. يعد كذلك حصنا قويا مانعا لهم من الوقوع في الفتن بل هو من تمام النصيحة في الدين والبر. وتحقيق القاعدة السابقة ينطلق من قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون - المائدة: 35)، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...» فالحقوق والواجبات إنما هي طاعات وقرب يثـمر العناية بها رضى الله وتوفيقه. أما تجــاهل الحـــقوق والـواجبات وإهمالها والتقصير بها او التسويف في استيفائها يعد مدخلا عظيما للشقاق والنــزاع والفرقة والخصومات، وقطع الأرحــام والصلات التي تفتح باب شـــر مســـتطير على بيوت المسلـــمين، ممـــا يضــعف إيمانهم ويـــؤثر علـــى سلامة دينهم. ترك ما لا يعنيك وكيف نعزز الجانب الأخلاقي داخل البيت المسلم؟ ٭ من خلال القاعدة الثالثة وهي ترك الاشتغال بما لا ينفع: فإن اشتغال البيوت المسلمة فيما لا ينفع ولا يعود بالخير والفائدة عليهم حتما سيقود الى الخوض في الباطل الذي هو مفتاح الشرور والسيئات. فعن مغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله كره لكم ثلاثا، قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال». وقال صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه». وهذا كله يعزز الجانب الأخلاقي في بيوت المسلمين ويزيد من رسوخ الإيمان مما يجعلها قوية على مواجهة الفتن والثبات أمامها. ولا يعني ذلك ان يكون المسلم سلبيا لا يفكر إلا بنفسه ومصالحه فقط، فهذا ايضا خلق مذموم منهي عنه في الإسلام، وإنما المراد الابتعاد عما يشغل المرء عن مصالح دينه ودنياه. إن العناية بتطبيق القواعد السابقة التطبيق العملي الصحيح القائم على الفهم الصحيح لكتاب الله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم لكفيل أن يقي البيت المسلم المعاصر من الفتن المحيطة به وتحصينه من شرورها، مما يسهم في بناء مجتمعات إنسانية قوية راقية ترفل بثوب الرضا والسعادة والاطمئنان. قال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون - الجاثية: 21). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه الطيبين الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


الأنباء
منذ 20 ساعات
- الأنباء
ما لك عندي غير سهمك
كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمشي في سكة من سكك المدينة، وحوله رهط من الصحابة رضوان الله عليهم، فرأى صبية صغيرة ممزقة الثياب، شعثاء، تتعثر على الأرض من الضعف والجوع، فتقوم تارة، وتقع أخرى. فقال: يا بؤسها! من يعرف هذه منكم؟ قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما الذي كان يقف إلى جانب أبيه: أما تعرفها يا أمير المؤمنين؟ قال: لا.. ومن هي؟ قال عبدالله رضي الله عنه: هذه إحدى بناتك. قال عمر رضي الله عنه: وأي بناتي هذه؟ قال عبدالله رضي الله عنه: هذه فلانة ابنة عبدالله بن عمر. قال عمر رضي الله عنه في غيظ: ويحك! ما صيرها إلى ما أرى؟ قال عبدالله رضي الله عنه: منعك ما عندك. قال عمر رضي الله عنه: ومنعي ما عندي منعك أن تطلب لبناتك ما يكسب الأقوياء لبناتهم؟! إنه والله ما لك عندي غير سهمك في المسلمين وسعك أو عجز عنك، وهذا كتاب الله بين وبينكم.


الأنباء
منذ 20 ساعات
- الأنباء
الامتثال لا يحصل إلا بترك المنهيات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «.. فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم». (أخرجه البخاري ومسلم). في هذه الجملة من الحديث فوائد: منها: 1 - كثرة المسائل سبب للهلاك إلا ما يحتاج إليه من مسائل الدين الواقعة. 2 - ذم الأمم السابقة بكثرة سؤالها واختلافها على أنبيائها. 3 - تحذير هذه الأمة من الاختلاف على نبيها صلى الله عليه وسلم، بمخالفة حكمه أو التنازع فيه.