
المعادن الاستراتيجية السورية: الكنز المخفي وراء مشروع إسرائيل الكبرى
جو 24 :
كتب د. وسيم جابر *
تحت أنقاض سوريا المدمرة، وخلف ستار الخطاب السياسي المرتبك، تكمن حقيقة أكثر صلابة من الصخور التي تختزنها أرضها. إنها ليست حرباً على النفوذ فحسب، بل سباق محموم على ثروات معدنية استراتيجية تتحكم بمستقبل الصناعات التكنولوجية المتقدمة في العالم.
الكوارتز السيليكوني: المعدن الذي سيحكم العالم
في المنطقة الجنوبية من سوريا، وتحديداً في محافظات درعا والسويداء، وصولاً إلى مناطق القريتين والتنف، تستلقي رواسب هائلة من الكوارتز السيليكوني النقي بنسبة تصل إلى 99%، وهو المادة الخام الأساسية لصناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات والخلايا الشمسية. هذه المنطقة تحديداً هي ما تقع اليوم ضمن ما يسمى "الممر الدرزي-الإسرائيلي" في خرائط التقسيم المزعومة.
ليس من قبيل الصدفة أن تتزامن حملة التطهير العرقي في هذه المناطق مع إعلان إسرائيل عن بناء أكبر مجمع تكنولوجي للمسيرات والإلكترونيات المتقدمة في صحراء النقب. هذه المعادلة الاقتصادية البسيطة هي التي تفسر الإصرار الإسرائيلي على توسيع نفوذها باتجاه العمق السوري.
إسرائيل لا تقاتل من أجل الأرض فحسب، بل من أجل ما تحت الأرض.
ثروة تفوق نفط الخليج
القيمة الاستراتيجية للمعادن السورية تتجاوز بمراحل الصدقة الخليجية على سوريا اليوم. وفقاً لتقديرات خبراء الجيولوجيا، فإن قيمة الكوارتز السيليكوني النقي الموجود في المنطقة الجنوبية السورية، إضافة إلى معادن استراتيجية أخرى كالفوسفات والزيوليت والرمال الكوارتزية، تفوق في قيمتها الاستراتيجية ثروات السعودية وقطر مجتمعة.
صعود صناعات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتقنيات العسكرية المتطورة يجعل من هذه المعادن أكثر قيمة من النفط في عالم الغد. تقارير استخباراتية إسرائيلية قدرت قيمة الثروات المعدنية السورية - إذا ما تم استغلالها بتقنيات متقدمة - بما يزيد عن 3 تريليونات دولار. (أعيد كتابة الرقم: 3 تريليونات دولار).
استراتيجية "الفوضى المخططة"
لم تكن الحرب في سوريا فوضى عشوائية، بل فوضى مُصممة بعناية. الصراع الطائفي والإثني الذي شهدته البلاد كان مقدمة ضرورية لتقسيم المنطقة وفق خارطة الثروات المعدنية:
روجافا (الشمال الشرقي): سيطرة أمريكية على حقول النفط والغاز
المنطقة الجنوبية: سيطرة إسرائيلية (عبر حلفاء محليين) على رواسب الكوارتز
الساحل: نفوذ روسي يضمن المصالح البحرية والعسكرية
المنطقة الوسطى: منطقة عازلة مفككة تمنع أي تواصل جغرافي بين مكونات سوريا التاريخية
هذا التقسيم ليس سياسياً فقط، بل جيولوجي بالدرجة الأولى. كل قوة دولية أو إقليمية تسعى للسيطرة على المنطقة التي تحتوي على المورد الاستراتيجي الذي يخدم مشروعها المستقبلي.
مجمع النقب التكنولوجي: البوابة الإسرائيلية للهيمنة
في مفارقة صارخة، بينما تتحدث وسائل الإعلام عن "مساعدات إنسانية" لسوريا، تبني إسرائيل في "صحراء النقب" مجمعاً تكنولوجياً ضخماً متخصصاً في صناعة المسيرات والإلكترونيات المتقدمة. هذا المجمع، المقرر افتتاحه هذا العام، سيحتاج إلى كميات هائلة من السيليكون النقي - وهو بالضبط ما تختزنه المناطق الجنوبية السورية.
التناقض المُذهل يكمن في أن هذه المسيرات والتقنيات ستستخدم لاحقاً في استكمال السيطرة على المزيد من الأراضي السورية، في حلقة جهنمية لا تنتهي من الاستغلال والهيمنة.
العرب: من ممولي الدمار إلى متسولي الإعمار
الدور الخليجي في المعادلة السورية يثير الاستغراب والسخرية معاً. الدول التي أنفقت مئات المليارات لتدمير سوريا، تتصدق اليوم بـ 200 مليون دولار لدعم جهود الجولاني وتحقيقه الغاية". هذه المبالغ الهزيلة لا تُفهم إلا في سياق تهيئة الأرض لمشروع إقليمي أكبر، يستهدف تحويل المنطقة العربية إلى كانتونات ضعيفة متناحرة.
تدمير سوريا لم يكن مجرد إزاحة لنظام سياسي معين، بل تدميراً لدولة محورية كانت تشكل القلب النابض للمقاومة ضد المشروع الإسرائيلي في المنطقة.
المعادلة الصفرية: سوريا مقابل إسرائيل
ما نشهده اليوم هو تطبيق عملي لنظرية المؤامرة التي طالما تم التشكيك بها. إضعاف سوريا وتقسيمها إلى دويلات متناحرة يعني بالضرورة تعزيز قوة إسرائيل وتمكينها من تنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى".
الخطة ذات ثلاثة أبعاد متكاملة:
عسكرياً: تدمير القدرات العسكرية السورية وتشتيت الجيش
اقتصادياً: السيطرة على الموارد الاستراتيجية وإفقار السكان
ديموغرافياً: تهجير السكان الأصليين وإحداث تغيير ديموغرافي
في النهاية، ليست المعركة على سوريا سوى معركة على مستقبل الشرق الأوسط برمته. من يسيطر على الكوارتز السيليكوني السوري، سيتحكم بصناعة التكنولوجيا المستقبلية. ومن يتحكم بالتكنولوجيا، يتحكم بالعالم.
الصحوة الأخيرة قبل السقوط
أمام هذه الحقائق الصادمة، يقف السوريون والعرب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام للمشروع الإسرائيلي وما يتبعه من تحول المنطقة إلى مستعمرات تكنولوجية تابعة، أو إعادة توحيد الصفوف والمقاومة.
لن تُجدي المناشدات الأخلاقية، ولن ينقذ المنطقة سوى وعي شعوبها بالثروات الحقيقية التي تملكها، والدفاع عنها كمصير وجودي. سباق المعادن الاستراتيجية قد بدأ، وسوريا هي ساحته الرئيسية.
والسؤال المُلح: هل يعي العرب قيمة ما يملكون، أم سيستمرون في تسليم ثرواتهم إلى مشاريع الهيمنة الخارجية، واحدة تلو الأخرى؟
لا شك أن المنطقة تقف على مفترق طرق تاريخي. إما تُعيد اكتشاف ثرواتها وتستعيد السيطرة عليها، أو تستمر في دور الضحية في مسرحية كُتبت فصولها قبل عقود، وها نحن نشهد تطبيقها حرفياً على أرض الواقع.
أيها العرب، قاتلوا بأسنانكم وأظفاركم مشروع إسرائيل! من لم يُشعل نار المقاومة اليوم فقد دفن شرف العروبة حياً، وخان وعد الله قبل خيانة الأرض! ليس بعد الآن إلا دمٌ أو دمع... فاختاروا!
* موقع كلمة
تابعو الأردن 24 على

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جهينة نيوز
منذ 32 دقائق
- جهينة نيوز
ارتفاع أسعار الذهب عالميا في المعاملات الفورية
تاريخ النشر : 2025-05-22 - 10:26 am ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس، وسط إقبال المستثمرين على الملاذ الآمن، نتيجة لتزايد المخاوف إزاء مستويات الدين الحكومي الأميركي، وضعف الطلب على سندات للخزانة الأميركية لأجل 20 عامًا. ووفقا لوكالة "بلومبرغ " للأخبار الاقتصادية، صعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة ليصل إلى 3320.37 دولار للأوقية (الأونصة)، كما زادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3 بالمئة لتصل إلى 3322.20 دولار. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.3 بالمئة إلى 33.47 دولار للأونصة، وانخفض البلاتين 0.4 بالمئة إلى 1072.70دولار، وهبط البلاديوم 1.1 بالمئة إلى 1026.58 دولار. تابعو جهينة نيوز على


جهينة نيوز
منذ 32 دقائق
- جهينة نيوز
وزارة الطاقة تكرم المهندس العتوم لابتكاره نظام تخزين الطاقة الذكي بمصنع "الدرة"
تاريخ النشر : 2025-05-22 - 01:24 pm سلمت أمين عام وزارة الطاقة والثروة المعدنية المهندسة اماني العزام، المهندس عمار العتوم اليوم الخميس، شهادة تقديرية مقدمة من المجلس الوزاري العربي للكهرباء، لفوزه بجائزة اليوم العربي لكفاءة الطاقة بدورتها الثالثة عشرة، والتي تناولت موضوع "أفضل براءة اختراع في مجال كفاءة الطاقة". وفاز العتوم بالجائزة عن مشروعه المقدم بعنوان "التخزين الصناعي والتحكم الأمثل للطاقة الشمسية الليثيوم السائل التبريد لمصنع الدرة" مناصفة مع مشروع "بيشة" السعودي في حفل توزيع الجوائز على هامش أسبوع الكويت للطاقة المتجددة المنعقد خلال أيار الحالي في دولة الكويت. وقالت العزام خلال لقائها العتوم وممثلين من غرفة صناعة الأردن، بحضور مدير مديرية كفاءة الطاقة والتغير المناخي المهندسة لينا مبيضين، ومدير مديرية التحول الطاقي المهندس يعقوب مرار، إن هذا الاختراع يمثل تقنية هامة في أنظمة تخزين الطاقة التي تغطي احتياجات القطاع الصناعي، وترفع من معدلات كفاءة الطاقة في المصانع. وأشارت إلى أن مشروع التخزين، مثال يحتذى به وتجربة متميزة تستحق أن تعمم على مختلف القطاعات، سعيا للاعتماد على مصادر طاقة متجددة خضراء. من جهته، قدم العتوم نبذة عن المشروع، موضحا هدفه بتخزين الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المصانع، من خلال دمج الطاقة الشمسية مع نظام ذكي يساهم في خفض تكاليف التشغيل وتقليل الاعتماد على الشبكة الكهربائية الوطنية، ويحقق الاستدامة البيئية، حيث تم تصميم المشروع ليكون نموذجا قابلا للتكرار في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، لا سيما في الدول الدول التي تعاني من ارتفاع أسعار الكهرباء أو عدم استقرار الشبكة. وقال إن "المشروع يعتمد على أحدث تقنيات إدارة الطاقة وتخزينها باستخدام بطاريات الليثيوم التي تعمل بتقنية التبريد السائل، ما يضمن كفاءة تشغيلية عالية حتى في درجات الحرارة المرتفعة. ونوه إلى أنه يتم تخزين الكهرباء في بطاريات الليثيوم المتطورة 0.540 ميجاوات ساعة، حيث تستخدم هذه البطاريات نظام تبريد السائل، ما يعزز كفاءتها التشغيلية بنسبة 25 بالمئة مقارنة بالبطاريات التقليدية ويطيل عمرها الافتراضي لتصبح الكفاءة التخزينية والتحويلية 93.7 بالمئة. وأشار إلى أن النظام الذكي يعتمد على خوارزميات تحليل البيانات بالذكاء الاصطناعي لمراقبة الإنتاج والاستهلاك والتنبؤ بالتغير المناخي، من خلال الربط مع محطة الرصد والمتابعة للمنطقة الصناعية. وأوضح أنه بعد تشغيل النظام حقق خفضا في استهلاك المصنع من الشبكة الكهربائية بنسبة 78 بالمئة، حيث كان الاستهلاك قبل تشغيل النظام 4.100 ميجاوات ساعة سنويا وبعد تشغيل النظام انخفض استهلاكه إلى 900 ميجاوات ساعة سنويا، ما أدى إلى توفير 3.200 ميجاوات ساعة سنويا أي ما يعادل 320 ألف دولار سنويا، إلى جانب خفض تكاليف الإنتاج بنسبة 16 بالمئة . وأعرب العتوم عن شكره لوزارة الطاقة والثروة المعدنية على دعم المبتكرين في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، مشيرا الى أن هذا التكريم يضاف الى منجزات الوطن الكبيرة في مجال الطاقة. تابعو جهينة نيوز على


رؤيا
منذ ساعة واحدة
- رؤيا
رئيس الوزراء: تشرفت بتدشين مشروع التوسع الجنوبي لشركة البوتاس العربية
رئيس الوزراء: المشروع يعد استثماراً نوعياً يرفع من تنافسية الشركة عالمياً قال رئيس الوزراء جعفر حسان اليوم الخميس:"تشرفت أمس بتدشين مشروع التوسع الجنوبي لشركة البوتاس العربية، الذي يعد استثماراً نوعياً يرفع من تنافسية الشركة عالمياً ويعزز دورها المحوري في دعم الاقتصاد الوطني". وأضاف حسان في تغريدة عبر حسابه الرسمي على منصة X، "هذا المشروع وسائر المشاريع الاستراتيجية الكبرى، تُعدُّ مقومات أساسية لمشاريع مستقبلية يكون للأردن فيها تنافسية عالية، وجميعها تنسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي". وكان دشّن رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، مشروع التوسع الجنوبي لشركة البوتاس العربية، الذي يُعد واحداً من أكبر المشاريع الصناعية الاستراتيجية في المملكة، وتقدَّر كلفته التقديرية بنحو 1.1 مليار دولار أمريكي. وأشاد رئيس الوزراء، خلال اجتماعه برئيس مجلس إدارة الشركة المهندس شحادة أبو هديب ورئيسها التنفيذي الدكتور معن النسور وأعضاء مجلس الإدارة، بحضور وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، بحرص الشركة على توسيع مشاريعها وفتح أسواق جديدة تعزز مكانة الأردن في صناعة البوتاس والصناعات المشتقة عنه، لافتاً إلى أهمية هذا المشروع الذي ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي الهادفة إلى زيادة معدلات النمو وتوفير فرص التشغيل. وأشار إلى أن هذا المشروع، وسائر المشاريع الاستراتيجية الكبرى، مثل مشروع الناقل الوطني للمياه ومشروع سكة الحديد من العقبة إلى الشيدية وغور الصافي، ومشاريع الهيدروجين الأخضر وغيرها، تُعدُّ مقومات أساسيَّة لمشاريع مستقبلية يكون للأردن فيها تنافسية عالية. ولفت إلى أنه وبالتوازي مع إطلاق هذا المشروع فإنه من الواجب تهيئة فرص التدريب والتأهيل لأبناء وبنات المجتمع المحلي ومحافظات الجنوب، ليكونوا جاهزين للاستفادة من فرص التشغيل التي يوفرها المشروع في كل مراحله. وأشاد رئيس الوزراء بجهود الشركة ضمن مشروع المسؤوليَّة المجتمعيَّة، حيث ساهمت مبادرتها في تحفيز العديد من الجهات والمؤسسات على دعم هذا المشروع، مجدداً التأكيد على أن الحكومة تسعى لمأسسة المسؤولية المجتمعية، وجعلها نهجاً مؤسسيَّاً بالشَّراكة ما بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المحلِّي. ويُعد مشروع التوسع الجنوبي علامة فارقة في تاريخ الشركة، والذي يهدف إلى رفع الطاقة الإنتاجية للشركة من مادة البوتاس بواقع (740) ألف طن سنوياً ليصل إنتاج الشركة الإجمالي إلى حوالي (3.7) مليون طن سنوياً، منسجمة بذلك مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، لا سيما تلك الواردة لقطاعي التعدين والأسمدة، اللذين يشكلان مرتكزيْن رئيسيين للاقتصاد الوطني لما لهما من دور فاعل في تعظيم العوائد من الموارد الطبيعية وتحقيق مستويات أعلى من الربحية والمساهمة في تحقيق مستويات مستهدفة من النمو الاقتصادي. إذ سيسهم المشروع في زيادة صادرات المملكة وتعزيز الاحتياطي من العملات الأجنبية وزيادة إيرادات الدولة من المدفوعات المباشرة وغير المباشرة وتوليد فرص العمل.