
العنف ضد المرأة جرح في ضمير الإنسانية
في الزمن الذي يفترض فيه أن تكون الحضارة درعاً والعقل سيداً، لا تزال المرأة تُضرب، وتُهان، وتُقتل، لا لأنها مذنبة بل لأنها امرأة. وكأن أنوثتها جريمة، وصوتها خروج عن النص ووجودها إعلان تمرد على نظام كُتب بلغة ذكورية.
تتزايد هذه الأيام حوادث العنف ضد النساء في مجتمعاتنا بوتيرة موجعة.. القتل لم يعد فعلاً استثنائياً بل مشهداً متكرراً في نشرات الأخبار.. والعين اعتادت الدم حتى صارت لا تدمع، لكن السؤال الفلسفي الأعمق ليس فقط: لماذا يُقتل الجسد؟ بل: لماذا يُلغىَ الوجود؟.. لماذا يخاف الإنسان من المرأة إلى هذا الحد؟ أو كما يقول الفيلسوف حسن حماد: 'إن القاتل الحقيقي ليس السكين، بل الثقافة التي باركت يد القاتل وأغمضت عينها عن الضحية'. ويرى في كتابه "القمع المقدس" أن الأديان الإبراهيمية جميعا ازدرت المرأة وجعلت منها شريكة الشيطان لا شريكة الإنسان. ففي اليهودية، تعتبر حواء أصل الخطيئة وسر الطرد من الجنة. وفي المسيحية، يرسخ المجمع المسكوني الرابع بأن المرأة سبب سقوط الرجل. أما في بعض القراءات الإسلامية المتشددة، فيصور جسدها كمصدر دائم للفتنة، وعقلها كنصف لا يكتمل.
إننا لسنا أمام أزمة قانون، بل أمام انهيار في البنية الأخلاقية والوعي الجمعي، حيث تصاغ الأنوثة كتهديد، لا كقيمة، وحيث تضرب المرأة بحجة التأديب، ويُغسل دمها بماء الشرف.
فكيف يمكن لفلسفة تؤمن بالحرية، ولمجتمع يدعي الحداثة أن يقف عاجزاً أمام هذه الأحداث اليومية؟ وهل يمكن للضمير أن يستيقظ، أم أن صوت المرأة سيبقى محاصراً بين جدران الخوف والخذلان؟
في كل مرة تضرب فيها امرأة، لا يكسر عظمها فقط، بل يهشم المعنى ذاته، ذلك المعنى الذي يجعل من الإنسان كائناً أخلاقياً لا بيولوجياً فقط. فالصفعة على وجه امرأة هي في حقيقتها صفعة على وجه الحضارة، وطعنة في قلب العقل، وانحدار في قاع الوحشية.
إن تزايد حوادث ضرب وقتل النساء ليس مجرد إحصاء في تقارير حقوق الإنسان، بل هو مؤشر على فشل الإنسان في أن يكون إنساناً. وكما يقول الفيلسوف أحمد برقاوي: "حين يغيب الوعي بالآخر كذات حرة، يصبح العنف هو اللغة الوحيدة للتعامل معه".
العنف ضد المرأة لا ينبع من رجولة فائضة، بل من رجولة ناقصة، تخاف من الاستقلال، وترتعب من القوة الكامنة في المرأة. إنه عنف الضعفاء الذين لم يتصالحوا مع ذواتهم، فصبوا أزماتهم على أجساد النساء.
العنف هنا ليس فعلاً لحظياً، بل نتيجة لتراكم سرديات مشوهة عن الأنوثة، تبدأ من التراث والمرويات مروراً بمناهج التعليم. وفي كثير من الحالات، يعاد إنتاج العنف من خلال خطاب ديني مؤوّل، وتقاليد لا تزال تبرر تأديب المرأة أو حتى قتلها تحت ذرائع الشرف والغيرة والرجولة، وانتهاء بالإعلام الذي يشيطن المرأة الحرة ويرتقي بالخاضعة.
الضرب والقتل ليسا فقط أفعالاً جسدية، بل هما شكل من أشكال إنكار الذات الأنثوية ورفض حريتها. وهو ما يشير إليه الفيلسوف حسن حماد بقوله: "المرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي قلب المجتمع وعقله، ولكنها ضحية لعقل ذكوري مهووس بالقوة، يخفي ضعفه وراء قناع الهيمنة".
والأخطر من ذلك، أن النساء أنفسهن في كثير من المجتمعات يجبرن على الصمت، ويقنعن بأن معاناتهن جزء من القدر أو الطبيعة الأنثوية وكأن الألم قدرٌ حتمي والسكوت عنه فضيلة.
وليس العنف ضد المرأة مجرد حالة فردية، بل هو انعكاس لبنية ثقافية واجتماعية ترى في المرأة كائناً ثانوياً، وتمنح الرجل امتيازات غير مبررة لمجرد كونه ذكراً. وكما يوضح الفيلسوف أحمد برقاوي: المرأة ليست هي الصورة النمطية التي صنعها المجتمع، بل هي إمكان إنساني مفتوح. وجود لا يختزل في أمومة ولا يحبس في جسد.
إن الفلسفة، في جوهرها، تدين كل أشكال الإلغاء. فهي تعتبر الإنسان كائنا حرا، لا يختزل في الجسد أو النوع.. فالعنف ضد المرأة ليس مجرد فعل جسدي أو نفسي، بل هو فعل وجودي، ينتهك كرامة الكائن، ويجرده من معناه الإنساني. وكما قال جان بول سارتر: "الآخر هو الجحيم حين يسلبنا حريتنا"، وهنا، يصبح العنف وجها للجحيم، حين يمارس على من وجدت لتكون نبعاً للحنان والسلام.
إن هذا العنف، بمختلف أشكاله، لا يعكس قوة الجلاد بقدر ما يفضح هشاشته، لأن من يملك الوعي لا يحتاج للقسوة، ومن يعرف جوهر المرأة لا يستطيع إلا أن يجلها. وكما يقول سقراط: "الحياة غير المفحوصة لا تستحق أن تعاش"، فإن مجتمعاً لا يفحص ممارساته تجاه المرأة، هو مجتمع فاقد لأهليته الأخلاقية.
الفلسفة تعلمنا أن الإنسان يعرف بإرادته الحرة، وأن الكائن العاقل كما يرى كانط، لا يجب أن يعامل أبداً كوسيلة، بل كغاية في ذاته.. فأي انحدار أخلاقي حين تتحول المرأة إلى وسيلة لإثبات السلطة أو تنفيس الغضب أو ترسيخ الهيمنة الذكورية؟.
إن العنف ضد المرأة ليس مسألة نسوية فقط، بل قضية فلسفية وأخلاقية من الطراز الأول. إنه اعتداء على قيمة العدالة وانحراف عن جوهر الإنسانية. فمن يضرب امرأة، يضرب المعنى، ويشوه الفكرة.
إن كل امرأة تضرب أو تقتل هي جرح في ضمير المجتمع، وندبة في وجه العدالة. وإذا كان الصمت عن الجريمة مشاركة فيها، فإن التبرير لها خيانة للإنسانية. ولا يمكن للمجتمع أن يرتقي ما دامت نساؤه يكسرن في الخفاء، ويسكتن باسم الأعراف أو الدين أو الخوف. وكما قال نيتشه: "كل من يقاتل الوحوش عليه أن يحذر ألا يتحول هو نفسه إلى وحش." فلنحذر أن يصبح الصمت على العنف ضد المرأة، وحشا يلتهم ما تبقى فينا من ضمير.. مجتمع يعنف نساءه هو مجتمع ينتحر معنوياً كل يوم.
ولا خلاص من هذا الموت البطيء إلا بإعادة الاعتبار للمرأة كذات حرة، كصوت لا يقصى، وكحضور لا يختزل في الدور أو الجسد.
علينا أن نصغي إلى صرخة المرأة لا لأنها ضحية فقط، بل لأنها ناقوس الوعي. وكما قال نيتشه: كل ما لا يقتلني يجعلني أقوى، إلا أن المرأة لم تخلق لتنجو فحسب، بل لتحب، وتبدع، وتعيش.
*كاتبة وباحثه في الفلسفة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 6 أيام
- البوابة
العنف ضد المرأة جرح في ضمير الإنسانية
في الزمن الذي يفترض فيه أن تكون الحضارة درعاً والعقل سيداً، لا تزال المرأة تُضرب، وتُهان، وتُقتل، لا لأنها مذنبة بل لأنها امرأة. وكأن أنوثتها جريمة، وصوتها خروج عن النص ووجودها إعلان تمرد على نظام كُتب بلغة ذكورية. تتزايد هذه الأيام حوادث العنف ضد النساء في مجتمعاتنا بوتيرة موجعة.. القتل لم يعد فعلاً استثنائياً بل مشهداً متكرراً في نشرات الأخبار.. والعين اعتادت الدم حتى صارت لا تدمع، لكن السؤال الفلسفي الأعمق ليس فقط: لماذا يُقتل الجسد؟ بل: لماذا يُلغىَ الوجود؟.. لماذا يخاف الإنسان من المرأة إلى هذا الحد؟ أو كما يقول الفيلسوف حسن حماد: 'إن القاتل الحقيقي ليس السكين، بل الثقافة التي باركت يد القاتل وأغمضت عينها عن الضحية'. ويرى في كتابه "القمع المقدس" أن الأديان الإبراهيمية جميعا ازدرت المرأة وجعلت منها شريكة الشيطان لا شريكة الإنسان. ففي اليهودية، تعتبر حواء أصل الخطيئة وسر الطرد من الجنة. وفي المسيحية، يرسخ المجمع المسكوني الرابع بأن المرأة سبب سقوط الرجل. أما في بعض القراءات الإسلامية المتشددة، فيصور جسدها كمصدر دائم للفتنة، وعقلها كنصف لا يكتمل. إننا لسنا أمام أزمة قانون، بل أمام انهيار في البنية الأخلاقية والوعي الجمعي، حيث تصاغ الأنوثة كتهديد، لا كقيمة، وحيث تضرب المرأة بحجة التأديب، ويُغسل دمها بماء الشرف. فكيف يمكن لفلسفة تؤمن بالحرية، ولمجتمع يدعي الحداثة أن يقف عاجزاً أمام هذه الأحداث اليومية؟ وهل يمكن للضمير أن يستيقظ، أم أن صوت المرأة سيبقى محاصراً بين جدران الخوف والخذلان؟ في كل مرة تضرب فيها امرأة، لا يكسر عظمها فقط، بل يهشم المعنى ذاته، ذلك المعنى الذي يجعل من الإنسان كائناً أخلاقياً لا بيولوجياً فقط. فالصفعة على وجه امرأة هي في حقيقتها صفعة على وجه الحضارة، وطعنة في قلب العقل، وانحدار في قاع الوحشية. إن تزايد حوادث ضرب وقتل النساء ليس مجرد إحصاء في تقارير حقوق الإنسان، بل هو مؤشر على فشل الإنسان في أن يكون إنساناً. وكما يقول الفيلسوف أحمد برقاوي: "حين يغيب الوعي بالآخر كذات حرة، يصبح العنف هو اللغة الوحيدة للتعامل معه". العنف ضد المرأة لا ينبع من رجولة فائضة، بل من رجولة ناقصة، تخاف من الاستقلال، وترتعب من القوة الكامنة في المرأة. إنه عنف الضعفاء الذين لم يتصالحوا مع ذواتهم، فصبوا أزماتهم على أجساد النساء. العنف هنا ليس فعلاً لحظياً، بل نتيجة لتراكم سرديات مشوهة عن الأنوثة، تبدأ من التراث والمرويات مروراً بمناهج التعليم. وفي كثير من الحالات، يعاد إنتاج العنف من خلال خطاب ديني مؤوّل، وتقاليد لا تزال تبرر تأديب المرأة أو حتى قتلها تحت ذرائع الشرف والغيرة والرجولة، وانتهاء بالإعلام الذي يشيطن المرأة الحرة ويرتقي بالخاضعة. الضرب والقتل ليسا فقط أفعالاً جسدية، بل هما شكل من أشكال إنكار الذات الأنثوية ورفض حريتها. وهو ما يشير إليه الفيلسوف حسن حماد بقوله: "المرأة ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي قلب المجتمع وعقله، ولكنها ضحية لعقل ذكوري مهووس بالقوة، يخفي ضعفه وراء قناع الهيمنة". والأخطر من ذلك، أن النساء أنفسهن في كثير من المجتمعات يجبرن على الصمت، ويقنعن بأن معاناتهن جزء من القدر أو الطبيعة الأنثوية وكأن الألم قدرٌ حتمي والسكوت عنه فضيلة. وليس العنف ضد المرأة مجرد حالة فردية، بل هو انعكاس لبنية ثقافية واجتماعية ترى في المرأة كائناً ثانوياً، وتمنح الرجل امتيازات غير مبررة لمجرد كونه ذكراً. وكما يوضح الفيلسوف أحمد برقاوي: المرأة ليست هي الصورة النمطية التي صنعها المجتمع، بل هي إمكان إنساني مفتوح. وجود لا يختزل في أمومة ولا يحبس في جسد. إن الفلسفة، في جوهرها، تدين كل أشكال الإلغاء. فهي تعتبر الإنسان كائنا حرا، لا يختزل في الجسد أو النوع.. فالعنف ضد المرأة ليس مجرد فعل جسدي أو نفسي، بل هو فعل وجودي، ينتهك كرامة الكائن، ويجرده من معناه الإنساني. وكما قال جان بول سارتر: "الآخر هو الجحيم حين يسلبنا حريتنا"، وهنا، يصبح العنف وجها للجحيم، حين يمارس على من وجدت لتكون نبعاً للحنان والسلام. إن هذا العنف، بمختلف أشكاله، لا يعكس قوة الجلاد بقدر ما يفضح هشاشته، لأن من يملك الوعي لا يحتاج للقسوة، ومن يعرف جوهر المرأة لا يستطيع إلا أن يجلها. وكما يقول سقراط: "الحياة غير المفحوصة لا تستحق أن تعاش"، فإن مجتمعاً لا يفحص ممارساته تجاه المرأة، هو مجتمع فاقد لأهليته الأخلاقية. الفلسفة تعلمنا أن الإنسان يعرف بإرادته الحرة، وأن الكائن العاقل كما يرى كانط، لا يجب أن يعامل أبداً كوسيلة، بل كغاية في ذاته.. فأي انحدار أخلاقي حين تتحول المرأة إلى وسيلة لإثبات السلطة أو تنفيس الغضب أو ترسيخ الهيمنة الذكورية؟. إن العنف ضد المرأة ليس مسألة نسوية فقط، بل قضية فلسفية وأخلاقية من الطراز الأول. إنه اعتداء على قيمة العدالة وانحراف عن جوهر الإنسانية. فمن يضرب امرأة، يضرب المعنى، ويشوه الفكرة. إن كل امرأة تضرب أو تقتل هي جرح في ضمير المجتمع، وندبة في وجه العدالة. وإذا كان الصمت عن الجريمة مشاركة فيها، فإن التبرير لها خيانة للإنسانية. ولا يمكن للمجتمع أن يرتقي ما دامت نساؤه يكسرن في الخفاء، ويسكتن باسم الأعراف أو الدين أو الخوف. وكما قال نيتشه: "كل من يقاتل الوحوش عليه أن يحذر ألا يتحول هو نفسه إلى وحش." فلنحذر أن يصبح الصمت على العنف ضد المرأة، وحشا يلتهم ما تبقى فينا من ضمير.. مجتمع يعنف نساءه هو مجتمع ينتحر معنوياً كل يوم. ولا خلاص من هذا الموت البطيء إلا بإعادة الاعتبار للمرأة كذات حرة، كصوت لا يقصى، وكحضور لا يختزل في الدور أو الجسد. علينا أن نصغي إلى صرخة المرأة لا لأنها ضحية فقط، بل لأنها ناقوس الوعي. وكما قال نيتشه: كل ما لا يقتلني يجعلني أقوى، إلا أن المرأة لم تخلق لتنجو فحسب، بل لتحب، وتبدع، وتعيش. *كاتبة وباحثه في الفلسفة


البوابة
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- البوابة
مثقفون وأكاديميون يطلقون بيان دعم للدكتور سعد الهلالي في مواجهة حملات التشويه والتكفير
أصدر الدكتور حسن حماد أستاذ الفلسفه وعلم الجمال وأستاذ كرسي الفلسفه لليونسكو بياناً عاجلاً وتضامن معه عدد من المثقفين والأكاديميين المصريين البيان موجه إلى الجهات الرسمية في الدولة، وإلى رموز المجتمع المدني، دعوا فيه إلى الوقوف الحازم مع الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن، في معركته الفكرية ضد من وصفوهم بـ"حراس الظلام" من تيارات الإسلام السياسي. واعتبر الموقعون على البيان أن الحملة الممنهجة التي يتعرض لها الهلالي ليست مجرد خلاف فقهي، بل هي محاولة لإسكات كل صوت تنويري، وتصفية الدولة المدنية، وتحذير لكل من تسوّل له نفسه المساس بهيبة المؤسسة الدينية أو المطالبة بتجديد الخطاب الديني. نص البيان: رسالة إلى من يهمه الأمر: إلى جميع شرفاء مصر من كل الأجهزة الرسمية للدولة ومن رموز المجتمع المدني، ومن المثقفين الذين مازالوا على قيد الحياء. أرجوكم أيها السادة والسيدات الإنتباه والحذر وعدم التعامل مع المعركة التي يخوضها د. سعد الهلالي وحيداً في مواجهة حراس الفضيلة المطلقة من الإخوان والسلفيين والجهاديين بنوع من الاستخفاف أو التسلية، إنهامعركة بين التنوير وبين الظلام، بين دعاة التحرر وبين مُلاك الحقيقة المطلقة، ودعاة القمع ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على عقول الناس وأفئدتهم وحرياتهم. إنهم المتربصون دائماً وأبداً بالمثقفين والمبدعين، إنهم الحالمون بعودة دولة الخلافة الإسلامية وعودة ميليشيات حازمون إلى ميادين وشوارع مصر، المتطلعون إلى سقوط الدولة المصرية وانكسار الجيش المصري العظيم وعودة الفوضى والبلطجة وجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! إن القضية أيها السادة ليست- مجرد ـ خلافاً فقهياً أو رأياً يمكن الرد عليه برد مخالف، ولكنها أبعد من ذلك إن المؤامرة الخبيثة التي تحاك ضد د. سعد الهلالى الهدف منها تصميت جميع الأصوات التي تحاول أن تعلن الحقيقة أو تقول رأياً مغايراً ومخالفاً لرأي المؤسسة الدينية التي تسعي منذ عدة عقود إلي السيطرة على عقل الجموع. والنخبة، بل وتحاول أن تتمدد داخل الدولة المصرية وتنافس النظام القائم في اقتحام بعض الملفات السياسية والخارجية التي لا تخص الشأن الديني. ليس الهلالى هو الهدف ولكن الهدف هو ترويع المثقفين وكل من يجرؤ على فتح ملف الاجتهاد أو تجديد الخطاب الديني فتكون تهمته جاهزة على الفور: المساس بالمقدسات والثوابت. إن الهدف الحقيقي من وراء تكميم الأفواه وقمع أي محاولة لتطوير الخطاب الديني أوالتحرر من وصاية رجال الدين هوتصفية الدولة المدنية وتجفيف منابع الفكر والإبداع والحرية، وتعميق جذور الخوف والتكفير والإرهاب والإرعاب! إذا نجح هذا اللوبي في اغتيال د. سعد الهلالي معنوياً ومادياً فإن النتيجة ستكون كارثية على مستقبل مصر التي تحاول أن تنهض من عثرتها الاقتصادية والثقافية والحضارية. إن التضحية بالدكتور الهلالى إرضاءً للمؤسسة الدينية سندفع تكلفته غالية جدا. لا تنسوا أيها السادة أن مصر العظيمة لم تزل محاصرة بقوي الإسلام السياسي النائمة والخاملة داخل الوطن، وأيضا بالقوى التي تحاصرنا من كل حدودنا الجغرافية. تذكروا دائماً أن من قتلوا الرئيس السادات هم أبناءه من أعضاء الجماعة الإسلامية، وأن من خلع الرئيس مبارك هم أعضاء جماعة الإخوان التي هيمنت إبان حكم الرئيس الراحل على الشارع وعلي المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية وعلى النقابات وعلى الإعلام، وكانت النتيجة هي السقوط المتهاوي لأحد أهم وأقوي أنظمة الحكم في المنطقة العربية، ولولا يقظة الجيش المصري لكانت مصر الآن في خبر كان. إن خطر الإسلام السياسي لم ينته بعد، ورغم تقديم بعض قيادات الإخوان للمحاكمة في مصر ، ورغم الشتات الذي يعانيه بعضهم إلا أن الخطر لم ينته، ولم تزل الأزرع والخلايا النائمة موجودة ومتغلغلة ومتمددة داخل المؤسسة الدينية وغير الدينية. أما الجماعات السلفية فهي تعمل في صمت داخل المناطق الريفية وداخل الأحياء الفقيرة، تضع السم في العسل وتمارس التقيه بأعمق وأوسع معانيها، وهي لاتؤمن دائماً كما يظن السذج: "بأنه لا خروج على الحاكم" فهذه مسألة هامشية وعارضة في استراتيجيات هذه الجماعات. نحن أمام مرحلة صعبة في تاريخ مصر، ورغم اليأس الذي ينتابنا أحياناً نتيجة انسداد الأفاق، إلا أننا مع ذلك لم نفقد الأمل في أن يتم إعداد استراتيجية متكاملة لتحرير الخطاب الديني من أوصياء الدين، لأن هذا هو الطريق الوحيد للتنوير، وللخروج من النفق المظلم للإرهاب. ولاستعادة مكانة مصر الكبيرة، مصر العظيمة، مصر الحضارة. أما إذا تخلت الدولة في هذه المرحلة الحرجة عن مثقفيها الشرفاء وقدمتهم قرباناً على مذبح الجماعات التكفيرية المارقة فلتعلم أن القادم أسوأ، وأن الظلام سيكون حالكاً ومخيفاً.


الوطن
٢٤-١١-٢٠٢٤
- الوطن
محمد الشرقي يلتقي نخبةً من الفلاسفة العرب والأجانب المشاركين بمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة
أكّد سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة دور الفلسفة في تعزيز وعي الفرد تجاه فهم القيم الإنسانية المشتركة بين مختلف الثقافات، والنهوض بالمجتمعات على أسس المعرفة والتنوير. جاء ذلك خلال لقاء سموه، في قصر الرميلة بالفجيرة، نخبةً من الفلاسفة والمفكّرين العرب والأجانب الضيوف والمشاركين في الدورة الرابعة لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، بحضور الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام. وأشار سموّه، إلى دعم ومتابعة صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة للنشاط الثقافي في الإمارة، والمشاريع التي تعزّز التواصل في مجالات الفكر والمعرفة بين إمارة الفجيرة، ودولة الإمارات ودول العالم. جرى خلال اللقاء تبادل الأحاديث حول مختلف المواضيع ذات المضمون الفلسفي والتي ارتكزت عليها مناقشات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة وجلساته خلال أيام انعقاده، والنتائج التي أسفرت عن حلقة الفجيرة الفلسفية. وأشاد سمو ولي عهد الفجيرة، بنتائج ومُخرجات المؤتمر، وسَعي المشاركين فيه إلى إثراء مواضيع الفلسفة وقضاياها وتداعياتها الراهنة، مؤكّدًا أهمية مدّ جسور التواصل والتعاون والشَّراكة نحو تعزيز الوعي الإنساني والقيم المشتركة بين مختلف التجارب والثقافات على مستوى الأفراد والمؤسسات حول العالم. وتقدّم الضيوف بالشكر والتقدير إلى سمو ولي عهد الفجيرة على حفاوة الاستقبال ودعمه للفلسفة خاصة، والثقافة عامة، وإسهامات سموه الكبيرة في نشر قيم الفكر والتنوير والمعرفة عبر المبادرات والنشاط الفلسفي النوعيّ في الفجيرة. حضر اللقاء سعادة الدكتور أحمد حمدان الزيودي مدير مكتب سمو ولي عهد الفجيرة، والدكتور أحمد برقاوي عميد بيت الفلسفة، وأحمد السماحي مدير بيت الفلسفة بالفجيرة.وام