logo
أبو عبيدة: نفاجئ العدو بتكتيكات وأساليب جديدة

أبو عبيدة: نفاجئ العدو بتكتيكات وأساليب جديدة

العربي الجديد١٨-٠٧-٢٠٢٥
قال الناطق العسكري باسم
كتائب القسام
أبو عبيدة في كلمة مصورة اليوم الجمعة إن المقاومة التي تخوضها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة هي "أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر"، مشيراً إلى أن المقاومة أوقعت خلال الأشهر الأخيرة المئات من جنود الاحتلال الإسرائيلي بين قتيل وجريح، والآلاف من المصابين بالأمراض النفسية والصدمات. وأضاف أن "أعداد جنود العدو المنتحرين تتزايد لهول ما يمارسون من أفعال قذرة دموية، ولعِظَم ما يواجهون من مقاومة".
وتابع أبو عبيدة: "يفاجئ مجاهدونا العدو بتكتيكات وأساليب جديدة ومتنوعة، بعد استخلاصهم للعِبَر من أطول حرب ومواجهة في تاريخ شعبنا، فنفذ مجاهدونا عمليات نوعية بطولية فريدة، ولا يزالون يستهدفون الآليات بالقذائف والعبوات، ويلتحمون مباشرة مع هذا العدو، ويقنصون جنوده وضباطه، ويفجرون المباني وفتحات الأنفاق والكمائن المركبة، ويغيرون على قوات العدو".
وقال أبو عبيدة إن "4 أشهرٍ مضت منذ أن استأنف العدوُّ الصهيوني عدوانه الهمجيَّ النازيَّ ضدَّ شعبنا وأهلنا في قطاع غزة، بعد أن غدر ونقض العهود، وانقلب على الاتفاق المبرم مع المقاومة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام، وبعد أن كذب على الوسطاء وعلى العالم، وعاد ليبحث عن نصره المزعوم، وليكمل ساديته ضدَّ المدنيين والأطفال، وليمارس هواية عصاباته في التدمير الممنهج للأحياء والمدن والتجمعات السكنية المدنية".
وذكر الناطق العسكري باسم كتائب القسام أن الاحتلال الإسرائيلي كان "قد أعلن في هذه الأشهر الأخيرة عن عملية سماها
عربات جدعون
، محاولًا إسقاط خرافات توراتية يُضفي بها قداسة مزيفة على معركته العنصرية النازية"، مضيفاً "واجهنا عملية عربات جدعون ولا نزال، بقوة الله، بسلسلة عمليات حجارة داوود". وشدد أبو عبيدة "يخوض مجاهدونا، وجنبًا إلى جنب مع المجاهدين والمقاومين من إخواننا في فصائل المقاومة، وخاصة إخواننا في سرايا القدس، مواجهة غير متكافئة، بإيمان منقطع النظير وبأس شديد وعزيمة لا تلين".
تقارير عربية
التحديثات الحية
غزة بين "عربات جدعون" وشروط نتنياهو
وكشف أن عناصر المقاومة حاولوا في الأسابيع الأخيرة "تنفيذ عدة عمليات أسر للجنود الصهاينة، كاد بعضها أن ينجح لولا إرادة الله أولًا، ثم بسبب استخدام العدو لأسلوب القتل الجماعي لجنوده المشكوك في تعرضهم لمحاولات أسر"، مشيراً إلى أن تلك العمليات انتشرت "من أقصى شمال وشرق بيت حانون وجباليا شمال القطاع، مرورًا بحي التفاح والشجاعية والزيتون في (مدينة) غزة، وصولًا إلى خانيونس ورفح، لتصبح مقاومة غزة أعظم مدرسة عسكرية لمقاومة شعب في مواجهة محتليه في التاريخ المعاصر".
وتابع "بعد مرور 21 شهرًا من معركة طوفان الأقصى والحرب الصهيونية النازية على شعبنا، نؤكد أن مجاهدينا وإخوتنا في فصائل المقاومة على جهوزية تامة لمواصلة معركة استنزاف طويلة ضد قوات الاحتلال، مهما كان شكل عدوانه وخططه العدوانية"، مشدداً "فقتالنا هو أمر مبدئي وحق لا جدال فيه، وواجب ديني ووطني مقدس، ولا خيار لنا سوى القتال بكل قوة وإصرار وبأس شديد، بعون الله وتأييده. سنقاتل بحجارة الأرض وبما نمتلكه من إرادة ورجال مؤمنين يصنعون بالقليل من السلاح المعجزات المبهرة بفضل الله".
وكشف أبو عبيدة أن "استراتيجية وقرار قيادة القسام في هذه المرحلة هو تأكيد إيقاع مَقتَلة في جنود العدو، وتنفيذ عمليات نوعية مركزة من مسافة الصفر، والسعي لتنفيذ عمليات أسر لجنود صهاينة"، مشدداً على أنه إذا اختارت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو "استمرار حرب الإبادة، فإنها تقرر في ذات الوقت استمرار استقبال جنائز الجنود والضباط".
وبخصوص المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، قال أبو عبيدة: "إننا ندعم بكل قوة موقف الوفد التفاوضي للمقاومة الفلسطينية في المفاوضات غير المباشرة مع العدو، وإننا عرضنا مرارًا خلال الأشهر الأخيرة عقد صفقة شاملة نسلّم فيها كل أسرى العدو دفعة واحدة، لكن مجرم الحرب نتنياهو ووزراءه من الحركة النازية رفضوا هذا العرض". وأضاف "تبيّن لنا أن حكومة المجرم نتنياهو ليست معنية بالأسرى كونهم من الجنود، وأن ملفهم ليس أولوية، وأنهم هيّؤوا الجمهور في الكيان لتقبّل فكرة مقتلهم جميعًا، لكننا تمسكنا بالحفاظ عليهم بقدر المستطاع حتى الآن".
وتابع أبو عبيدة "نُرَاقِب عن كثب ما يجري من مفاوضات، ونعمل على أن تُسفِر عن اتفاق وصفقة تضمن وقف الحرب على شعبنا، وانسحاب قوات الاحتلال، وإغاثة أهلنا. ولكن إذا تعنّت العدو وتنصّل من هذه الجولة كما فعل في كل مرة، فإننا لا نضمن العودة مجددًا بصيغة الصفقات الجزئية، ولا لمقترح الأسرى العشرة".
رصد
التحديثات الحية
"أكسيوس": الوسطاء يقدمون مقترحاً محدثاً لإبرام هدنة في غزة
من جهة أخرى، قال أبو عبيدة إن "أكذوبة معاداة السامية التي يقتات عليها أعداؤنا منذ عقود ستكون مهزلة وفضيحة. فليس ذنب شعبنا أن يدفع ثمن العقد النفسية للصهيونية المجرمة، بل على الصهاينة أن يعلموا أن سبب عداوة الأمم وكرهها الفطري لهم هو أفعالهم وجرائمهم بحق الإنسانية"، محذراً من توظيف مرتزقة وعملاء للاحتلال، داعياً هؤلاء إلى "الرجوع إلى أحضان شعبهم قبل فوات الأوان، حين لا ينفع الندم، وإلا فستكون نهايتهم مأساوية وعبرة لكل خائن وجبان".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مظاهرات حاشدة في المغرب واليمن دعما لغزة
مظاهرات حاشدة في المغرب واليمن دعما لغزة

القدس العربي

timeمنذ 8 ساعات

  • القدس العربي

مظاهرات حاشدة في المغرب واليمن دعما لغزة

الرباط: نظم آلاف المغاربة وقفات تضامنية مع غزة، الجمعة، طالبوا خلالها العلماء بدعم غزة، كما شهدت العاصمة اليمنية صنعاء ومدن أخرى مظاهرات حاشدة دعما للشعب الفلسطيني وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. ففي المغرب، نظمت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة (غير حكومية)، الجمعة، 95 مظاهرة في 58 مدينة بالمملكة تضامنا مع غزة وتنديدا بسياسة التجويع الإسرائيلي على القطاع. وقالت الهيئة، في بيان لها، إن 'المحتجين رددوا شعارات تندد بالحصار الخانق المفروض على القطاع'. كما ندد المحتجون، وفق البيان، 'بما يقع في غزة من تقتيل وتشريد وتجويع ممنهج، واستهداف لكل معاني الحياة الكريمة التي تضمنها كل الأعراف والمواثيق الدولية في ظل أكبر عملية قتل يعرفها التاريخ'. واستنكر المتظاهرون ما اعتبروه 'صمت العلماء إزاء ما يقع من مجازر وتجويع ممنهج وقتل أثناء توزيع المساعدات فيما بات يعرف بمصائد الموت، كما دعوهم إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية دفاعا عن الفلسطينيين'. ومن بين المدن التي عرفت المظاهرات، الدار البيضاء والجديدة والرباط (غرب) وأكادير (جنوب غرب) وبركان ووجدة (شرق). ونظمت الهيئة جمعة طوفان الأقـصى 88 تحت شعار: 'نصرة غزة العزة.. واجب العلماء أولا'. كما شهدت العاصمة اليمنية مظاهرة شارك فيها آلاف المواطنين تحت شعار: 'ثابتون مع غزة.. وجهوزيتنا عالية لمواجهة كل مؤامرات الأعداء، بتنظيم من جماعة الحوثي، بحسب مراسل الأناضول. ورفع المتظاهرون الأعلام اليمنية والفلسطينية، إلى جانب لافتات وشعارات' تطالب بوقف العدوان وتدين الصمت الدولي'. كما رددت الحشود هتافات تؤكد ثبات موقف اليمنيين، من بينها: 'ما دام الله لنا مولى.. عن غزة لا لن نتخلى'. وشدد بيان صادر عن منظمي المظاهرة، على 'الوقوف المتكامل مع إخواننا في غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي'. كما شهدت محافظات أخرى واقعة تحت سيطرة الحوثيين مظاهرات حاشدة بنفس الشعار، منها: الحديدة (غرب) وصعدة (شمال) وتعز والضالع (جنوب غرب)، حسب قناة المسيرة الفضائية التابعة للجماعة. ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و258 شهيدا، و152 ألفا و45 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. (وكالات)

قنوات مصابة بفقر الدم الإعلامي!
قنوات مصابة بفقر الدم الإعلامي!

القدس العربي

timeمنذ 8 ساعات

  • القدس العربي

قنوات مصابة بفقر الدم الإعلامي!

يحدث للقراء أحيانا أن يكتشفوا في نصوص الكتّاب أو الصحافيين أو المعلقين الأثيرين لديهم، أي الذين خبروهم زمنا فتأكد لهم أنهم من الجادين المُجيدين، أخطاء في أسماء الأشخاص أو الأماكن أو افتقارا إلى الدقة في توصيف الأحداث، بل وحتى نقصا أو اضطرابا في المعلومات أصلا. ويقع هذا في الأغلب عندما يتطرق الكاتب أو الصحافي، ولو في فقرة وجيزة أو جملة عارضة، إلى بلد القارئ أو بلدته أو إلى مجال تخصصه المهني أو الدراسي، أو إلى وقائع صادف أن كان القارئ قد شهِدها عيانا. ورغم أن هذه الحالات قليلة، فهي مما يؤلم القارئ الجاد لأنها تبث في نفسه الشك في مصداقية من يثق فيهم من أصحاب القلم. ويتعلق الأمر هنا بالوقائع والمعلومات تحديدا، وليس بالآراء أو التحليلات. ذلك أن «التعليق حر أما الوقائع فمقدسة»، مثلما تقول القاعدة الذهبية التي صاغها محرر الغارديان تشارلز سكوت بمناسبة مئويتها الأولى عام 1921. وأذكر أن الأستاذ الراحل دونالد جي برنّر كان يقول إن مصداقية الجريدة أو الكتاب لا تتعلق بالجوهر فحسب، بل وبالمظهر أيضا. فأخطاء الطباعة أو أخطاء الرسم، مثلا، هي مما ينال من المصداقية إذا تكاثرت في النسخة الواحدة أو إذا تكررت على مدى الزمن. ومن الأمثلة على ذلك أن عنوان كتاب أنيس منصور الشهير «عبد الناصر المفترَى عليه والمفترِي علينا» قد أتى في طبعاته المختلفة مرسوما بالألف المقصورة في الحالتين، إبطالا (بسبب عدم اكتراث الناشرين) للمعنى المقصود والأثر المطلوب. وبما أن المجال لا يتسع، فلنذكر مثالا واحدا على أخطاء المعلومات الباعثة على الشك في مصداقية الكاتب. إذ سبق أن أشدنا هنا العام الماضي بكتاب رونن برغمان الصادر عام 2018 بعنوان «بَكِّرْ بالنهوض واقتُل أوّلا» وقلنا إنه هو المرجع في تاريخ الاغتيالات التي نفذتها أجهزة الموساد، والشين بيت، والجيش الإسرائيلي منذ مولد دولة عصابات الإرهاب الصهيوني عام 1948. أخطر أنواع الخطأ المعلوماتي في الإعلام الغربي هو ذلك المتعلق بتناول حقيقة دولة الاحتلال لأنه لا يتعلق بخطأ في المعلومات، بل بفقر مدقع فيها وحدث أن شاهدت قبل أيام الحوار القيّم والممتع الذي أدلى به مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر للمذيع القدير داريوس روشبان (وهو سبق صحافي لأنه أول حوار من هذا النوع يبث على شاشات التلفزة) فإذا بي أفاجأ بليرنر ينصح، في موضعين مختلفين، أي مهتم بأساليب عمل الموساد أن يقرأ كتاب برغمان! وكنت قد قرأت قُبيْل ذلك فصولا من كتاب برغمان المهم الآخر «الحرب السرية على إيران»، فوجدته يقول إن الخميني طلب من أعضائه فور عودته إلى طهران مطلع عام 1979 إنزال الصورتين اللتين عُلق منهما الآلاف في الشوارع: الأولى لأنها تظهره بالنظارات، وقد خشي أن تُعَدّ النظارات من إمارات اللين والضعف، والأخرى لأنها تظهره مبتسما بوداعة. وتفسير برغمان هو أن «التقاليد الإسلامية (ولعله يقصد السنة النبوية) تنص بوضوح أن الرسول محمدا لم يبتسم أبدا (كذا!) وأنه كان ينعى على المبتسمين خفتهم وسوء خُلُقهم». وبَدَهي أن مثل هذه الأخطاء المعلوماتية الجسيمة هي مما يثير الشك في مصداقية الصحافي. ذلك أن من اليسير لأي كان أن يبحث فيجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بسّاما بشوشا دائم البِشْر، وأنه كان يحض المسلمين على الابتسام قائلا «تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة»، و»إنكم لا تَسَعُون الناس بأموالكم، ولكن يَسَعُهم منكم بَسْطُ الوجه وحُسن الخُلق». ولكن أخطر أنواع الخطأ المعلوماتي في الإعلام الغربي هو ذلك المتعلق بتناول حقيقة دولة الاحتلال لأنه لا يتعلق بخطأ في المعلومات، بل بفقر مدقع فيها، أو بإغفال للمحرج منها. ومن أمثلة ذلك أن المتابع للإعلام التلفزي الغربي يلاحظ على مدى العقود أن المذيعين والمعلقين لا ينفكون يذكّرون بأن حماس «لا تؤمن بحق إسرائيل في الوجود» وبأنها نفذت منذ منتصف التسعينيات «أعمالا إرهابية لإفشال مسار السلام». ولكن لا أحد منهم يَذكر ولو مرة واحدة التصميم الإسرائيلي على إبطال هذا المسار من الأساس منذ أن قال شامير، لما أرغمه جيمس بيكر على حضور مؤتمر مدريد إرغاما، إنه سوف يدوخ الفلسطينيين في متاهة سنوات من المفاوضات التي لا تفضي إلى شيء. ولا أحد يذكر أن سياسة اليمين في مجال مبادلة السلام بالأرض هي «ولا سنتمتر واحد!»، أو أن الذي اغتال رابين ليس فلسطينيا وإنما هو متطرف ديني صهيوني لا يؤمن بحق فلسطين في الوجود. كاتب تونسي

ليسوا برابرة
ليسوا برابرة

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

ليسوا برابرة

هذه حقيقة بسيطة، ومذهلة، تقول إنّ الذين أحرقوا بيتي، في قريتي، في السويداء ، وأحرقوا بيوت القرية كلّها، كما أحرقوا البيوت في اثنتين وثلاثين قرية، عدا الأحياء الغربية من المدينة، ليسوا برابرة، ولم يأتوا من دول أخرى، وليسوا صهاينة أيضاً، بل هم سوريون من جميع جهات الجغرافيا السورية المنكوبة. سوريون من أعطوا الأوامر، ومن لم يمنعوا المجازر، وسوريون من قاتلهم، وسوريون من حملوا المعاول التي كانت في ما مضى تُستخدم لإصلاح الأراضي البور، كي يهدموا بها المنازل العامرة، وسوريون من حملوا القنابل اليدوية لإحراق البيوت، بدل أن تظلّ من مخصصات الدفاع عن الحدود . وفي خمسة عشر يوماً، تمكّن السوريون من تهديم وطن صار عمره مئة عام، حتى إن جندياً صغيراً قاتلاً بات بوسعه أن يسأل: "إيش يعني سوري؟". لم يكتمل المشهد بعد؛ فالجنود لا يزالون يحاصرون بيتي حتى ساعة كتابة هذه المقالة، يمنعوننا من أن نأخذ صوراً لمحنتنا، للحرائق التي أشعلوها في ذكرياتنا، والدخان الذي غطّى بكثافته السوداء ما كنا نبتهج به من طلاء الحيطان والنوافذ والأبواب. يخيَّل للمرء أن الحوار محظور بين أبناء البلد، ومسموح فقط تجاه الأعداء ولكن، ماذا سنفعل حين نعود، غير أن نبكي، أو نشتكي إلى الله وحده، إذ لم يعد أحد من البشر يريد أن يسمع شكوى الأبرياء الذين لم يفعلوا شيئاً، غير أنّ التاريخ والجغرافيا، والحروب، والهجرات القديمة، حشروهم هنا في هذه الزاوية الضيقة المسدودة من الوعر الصخري الذي تراكم منذ آلاف السنين، فارتاحوا إلى التراب الأحمر، وانتظار المطر من السماء. ومثلما كانت صخور البراكين، وأشجار البلوط في جبالهم، أصبحوا هم كذلك. يعبدون الله نفسه الذي يعبده غيرهم، غير أن الطريق إليه ليست هي الطريق نفسها، ولا يغضب الله من تعدد الطرق إليه، ولا يرى فيها ذنوباً. من الناس من رآها ذنوباً، جعلت الآخرين — من السوريين، لا من البرابرة، ولا من أي شعب آخر — يقرّرون غزوهم. وبفضل اللغة العربية التي تمنح بعض البشر المساحة الآمنة كي يفعلوا ما يريدون من أفعال، ويعيدوا تسمية الأشياء بالمسمّى المناسب، فقد سُمِّي الهجوم الأول الذي نُهب فيه بيتي: "فض الاشتباك"، بينما سُمِّي الهجوم الثاني، الذي اجتاح فيه عشرات آلاف السوريين قريتي، وأحرقوا مكتبتي: "الفزعة". لماذا؟ فغزة تحترق وتموت منذ سنتين، ولم تفزع لها قبيلة عربية واحدة، وإذا كان قد قُتل بضعة أشخاص في المدينة من العشائر — وهو فعل أدانه الآلاف من أبناء المحافظة — فقد قتلت إسرائيل عشرات الآلاف، ولا تزال تقتل، من الفلسطينيين في غزة، من العشائر ومن غيرهم، ولم تفزع القبائل العربية. هل كان بالوسع أن نجد طرقاً أخرى غير طريق المذبحة؟ نعم، بالتأكيد. ثمة من يحاور إسرائيل، ولا يريد أن يحاربها، وهذا يعني أن لديه حلّاً للحوار مع أبناء الوطن الواحد، بدلاً من أن يُجَرِّد السيف ضدهم (تجريد السيف حقيقة مادية ينفذها مقاتلو العشائر). سبق لبشار الأسد أن اختار الطريق ذاته، حتى ليُخيَّل للمرء أن الحوار والتفاوض محظوران بين أبناء هذا البلد، ومسموحان فقط تجاه الأعداء، أو أن يكون الإخضاع لغة السلطة تجاه المواطن، والخضوع لغتها تجاه العدو. * روائي من سورية موقف التحديثات الحية لماذا تكرهني؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store