logo
إسرائيل وإيران.. قواعد الاشتباك من حروب الوكالة للمواجهة المباشرة

إسرائيل وإيران.. قواعد الاشتباك من حروب الوكالة للمواجهة المباشرة

الجزيرةمنذ 6 ساعات

تمثل المواجهة غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل نقلة نوعية في نمط الصراع المستمر بينهما منذ عقدين، وتحوله من حروب الوكالة والعمليات السرية إلى المواجهة المباشرة المفتوحة، أدت إلى تغير نوعي في قواعد الاشتباك بين الطرفين.
وتجلّى هذا التحول في ضربات متبادلة استهدفت العمقين الإستراتيجيَّيْن للطرفين، مما يعكس تغيرا جوهريا في حسابات الأمن القومي لكل منهما، وسط تحولات جيوسياسية إقليمية ودولية.
مقدمات أدت للمواجهة
وتدعو هذه التطورات الى تسليط الضوء على الأهداف الميدانية والإستراتيجية للطرفين، ودلالاتها السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى استعراض التداعيات متعددة المستويات محليا وإقليميا ودوليا.
لم تأتِ هذه المواجهة بمعزل عن تغيرات أوسع، خاصة بعد انهيار المحور التقليدي الذي كان يربط إيران بسوريا بعد سقوط النظام السابق، كما أن انسداد أفق التفاهمات النووية مع الغرب دفع نحو خيار التصعيد لفرض معادلات ردع جديدة.
وجدت إسرائيل بدورها في الظرف الإقليمي فرصة لتوجيه ضربات نوعية لإضعاف البرنامج النووي الإيراني وبنيته العسكرية، ضمن تصور يرى أن المعركة الحاسمة لا بد أن تكون مع إيران نفسها، وليس فقط عبر وكلائها.
في المقابل، أظهرت إيران قدرة على تبني إستراتيجية "الردع المتوازن"، وهي سياسة تهدف إلى توجيه ضربات نوعية رمزية تُظهر القدرة على إيذاء العدو دون الوصول إلى مستوى التصعيد الشامل.
الأهداف الإسرائيلية ودلالاتها
أعلنت إسرائيل أن أهدافها من الضربة التي وجهتها لإيران هي تقويض برنامجها النووي وتعطيل قدراتها النووية، وذلك وفقًا لبيان الجيش الإسرائيلي الصادر في 14 يونيو/حزيران.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على أن هذه الضربات تهدف إلى "تعطيل قدرات إيران على تطوير رأس نووي"، مشددًا على تصميم تل أبيب على "منع إيران من تجاوز العتبة النووية".
وقد استهدفت العملية أكثر من 200 موقع داخل إيران، شملت منشآت نووية رئيسية وقواعد صاروخية ومواقع دفاع جوي إضافة إلى منشآت ومؤسسات مدنية مهمة، كما استهدفت العملية كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين.
وحملت الأهداف الإسرائيلية دلالات سياسية وعسكرية، من أهمها:
على المستوى الداخلي، سعت إسرائيل، من خلالها، لمواجهة الانتقادات الموجهة لحكومة بنيامين نتنياهو عبر تصعيد خارجي يظهر قوة الدولة.
استهداف القيادات العليا، بما في ذلك اغتيال قادة الصف الأول، أرسل رسالة واضحة باستهداف "العقل المدبر" وراء البرنامج النووي.
على الصعيد الإقليمي والدولي، هدفت إسرائيل، بذلك، إلى تعزيز موقعها التفاوضي في أي ترتيبات أمنية مستقبلية، خاصة في ظل جمود المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن.
رغبة إسرائيل في اتخاذ مبادرة استباقية لردع أي تطورات مستقبلية تعتبرها تهديدا وجوديا.
وقد اعتبر مركز الدراسات الأمنية في تل أبيب أن هذه العملية تعكس انتقال إسرائيل من إستراتيجية "المعركة بين الحروب" إلى "الحرب الوقائية المحدودة"، مما يشير إلى تغيير جذري في عقيدتها الدفاعية تجاه التهديد الإيراني.
كما تسعى إسرائيل لفرض معادلة "الضربة الاستباقية" للحفاظ على تفوقها النوعي، في حين تريد إيران إثبات "القدرة على الردع" حتى لو كان الثمن اقتصاديًا أو سياسيًا.
ردت إيران بإطلاق أكثر من 70 صاروخًا وطائرة مسيرة على العمق الإسرائيلي، استهدفت تل أبيب ومحيطها، وقواعد عسكرية في الجنوب والنقب، ومنشآت حيوية مثل محطة كهرباء أشكلون.
وقد أعلن الحرس الثوري أن "الرد الإيراني هو تحذير واضح بأن أي عدوان لن يمر دون عقاب".
وأظهر هذا الرد -على الرغم من اعتراض جزء كبير منه- قدرة إيران على استهداف مناطق حيوية داخل إسرائيل، مما يمثل تحديًا مباشرًا للأنظمة الدفاعية الإسرائيلية.
وتوحي طبيعة الأهداف المنتقاة من قبل إيران إلى سعيها لإحداث أقصى تأثير نفسي وإظهار قدرتها على اختراق الدفاعات الإسرائيلية.
وحمل الرد الإيراني دلالات إستراتيجية، أهمها:
سعت طهران إلى تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال إظهار قدرتها على الرد السريع، مما أعاد تثبيت مكانتها أمام حلفائها الإقليميين.
حملت هجماتها الصاروخية رسائل طمأنة للداخل الإيراني بقدرة الدولة على الرد.
توجيه رسالة إلى الغرب، تربط فيها الصراع العسكري بمسار المفاوضات النووية، مما يضع ضغوطًا على واشنطن وبروكسل لاستئناف المفاوضات بشروط مواتية لإيران.
مثّل الرد اختبارًا لقدرات الدفاع الإسرائيلي، حيث تعمدت إيران استهداف العمق الإسرائيلي، مما أثار حرجًا للمنظومات الدفاعية أمام الرأي العام الداخلي.
عكس الرد إستراتيجية إيرانية تهدف إلى بناء ردع فعال ضد أي عدوان إسرائيلي مستقبلي.
وقد أشار تحليل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن الهجمات الإيرانية تمثل تطورًا نوعيًا في قدرة إيران على ضرب أهداف ذات قيمة إستراتيجية داخل إسرائيل، مما يؤكد تغير ميزان القوى في المنطقة.
التداعيات على إسرائيل
على الرغم من النجاح النسبي لأنظمة " القبة الحديدية" و"مقلاع داود" في اعتراض غالبية الصواريخ والطائرات المسيرة، فإن الضربات الإيرانية كشفت عن ثغرات خطيرة في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.
إعلان
وفقًا لبيانات الجيش الإسرائيلي فإن نحو 20% من الهجمات الإيرانية فقط تمكنت من اختراق الدفاعات.
وقد أقر رئيس الأركان الإسرائيلي في 16 يونيو/حزيران بأن "الاستجابة الإيرانية فاقت التقديرات الاستخباراتية الأولية".
ويشير هذا الاعتراف إلى ضرورة إعادة تقييم شاملة للقدرات الدفاعية والاستخباراتية الإسرائيلية في مواجهة التهديدات الإيرانية المتطورة.
شهدت إسرائيل تعميقًا في الأزمة الداخلية، حيث أشارت صحيفة "هآرتس" إلى تصاعد الأصوات المعارضة، خاصة من الوسط واليسار، الذين وصفوا الضربة بـ"المغامرة غير المحسوبة".
وقد يضعف هذا التصعيد موقف حكومة نتنياهو ويزيد من الضغط الشعبي عليها.
تأثير على التطبيع
على الصعيد الإقليمي، قد تتوسع التداعيات لتشمل مشاريع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، حيث أصبحت دول الإقليم أكثر حذرًا من الانجرار إلى صراع شامل.
تدهور المؤشرات الاقتصادية
تأثر الاقتصاد الإسرائيلي بشكل مباشر بالتصعيد العسكري، وقد انخفض مؤشر تل أبيب بنسبة 7.5% خلال أسبوع المواجهة، مما يعكس قلق المستثمرين وتراجع الثقة في الاقتصاد الإسرائيلي.
علاوة على ذلك، رفعت شركات تأمين عالمية أقساط التأمين على النقل البحري والجوي من وإلى إسرائيل بنسبة وصلت إلى 30%، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على البلاد في المدى القريب.
التداعيات على إيران
أكدت مجلة "فورين بوليسي" أن "الهجوم الإسرائيلي أعاد برنامج إيران النووي إلى الوراء 5 سنوات على الأقل"، مما يشير إلى نجاح إسرائيل في تعطيل جزء كبير من القدرات النووية الإيرانية.
كما تحدثت تقارير من داخل إيران عن اختراق خطير للأمن الداخلي، حيث فشلت الدفاعات الإيرانية في كشف جميع الأسراب المسيرة المهاجمة.
هذا الفشل الأمني يثير تساؤلات حول فعالية المنظومات الدفاعية الإيرانية وقدرتها على حماية المواقع الإستراتيجية، مما يعرضها لمزيد من الهجمات المستقبلية.
على الرغم من الالتفاف الشعبي حول النظام بسبب عامل "العدو الخارجي" وتأجيج الشعور القومي، فإن مظاهرات صغيرة اندلعت في مدينتي شيراز وأصفهان، تطالب بـ"وقف المغامرات الخارجية والتركيز على الوضع المعيشي"، وفقًا لوكالة "بي بي سي فارسي".
ويخشى أن تتحول هذه المظاهرات المحدودة مع طول أمد الحرب إلى حالة استياء شعبي، خصوصا مع تأثير الحرب السلبي على استمرار تدهور الوضع الاقتصادي، مما يضع النظام الإيراني أمام تحديات كبيرة.
نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين غربيين توقعاتهم بأن العقوبات الأميركية ستشتد على إيران، خصوصًا على صادرات النفط الإيراني التي تشكل نحو 80% من العملة الأجنبية لطهران.
هذا التشديد المتوقع للعقوبات سيزيد من الضغوط الاقتصادية على إيران، ويؤثر سلبًا على إيراداتها المالية وقدرتها على تمويل برامجها العسكرية والنووية.
حزب الله وإستراتيجية الاحتواء المشروط
وفي هذا السياق، وقبل الحديث عن مخاوف الانزلاق إلى حرب إقليمية، تجدر الإشارة إلى موقف حزب الله اللبناني، حيث أعلن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن الحزب "لن يقف مكتوف الأيدي إذا تمادت إسرائيل في استهداف إيران"، لكنه أبقى الباب مفتوحًا أمام "الردود المحسوبة".
هذه التصريحات تعكس إستراتيجية الاحتواء المشروط التي يتبعها حزب الله لتجنب كارثة شاملة على لبنان.
ووفقًا لدراسة لمعهد كارنيغي فإن الحزب يوازن بين التزامه بدعم إيران ورغبته في حماية لبنان من حرب مدمرة، مما يجعله عاملًا حاسمًا في ديناميكيات التصعيد الإقليمي.
مخاوف الانزلاق إلى حرب إقليمية
أكد مركز الخليج للأبحاث أن دول المنطقة باتت أمام معادلة صعبة لتحديد مواقفها من طرفي الصراع، لكن الخوف الأكبر لديها هو الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة، مما يدفعها للقيام بمبادرات لتخفيف حدة التوتر وتجنب المواجهة الشاملة.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فقد عبرت تصريحات الرئيس دونالد ترامب عن دعم صريح لإسرائيل، لكن تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض حذرت من "مخاطر الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة".
ورغم مساعي واشنطن لتجنب التورط المباشر في صراع واسع النطاق، فإن البحرية الأميركية نقلت حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت أيزنهاور" إلى شمال بحر العرب، مما يؤكد الخشية من اتساع الصراع واستعدادها للتدخل في حال تفاقم الأوضاع.
روسيا من جهتها، تسعى لاستثمار الموقف لتعزيز موقعها في المنطقة كوسيط محتمل، في حين عبرت الصين عن قلقها البالغ على أمن إمدادات الطاقة، مما يجعلها معنية بشكل مباشر باستقرار المنطقة.
من جانبها، تمسكت تركيا بموقف الحياد الإيجابي، وأعربت عن استعدادها للمساهمة في أي ترتيبات تهدئة إقليمية.
وتعكس هذه المواقف المتباينة للقوى الكبرى التعقيدات الجيوسياسية للمنطقة وتأثير الصراع على المصالح العالمية.
وفي الختام، يبقى الفاعل الدولي الأساسي وهو الولايات المتحدة، في موقف حرج بين دعم إسرائيل ومنع اتساع دائرة الحرب، في حين تتأرجح القوى الإقليمية بين التورط والحياد.
ويبقى مستقبل الصراع رهينًا بقدرة الأطراف على إدارة الاشتباك دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة وهو سيناريو لم يعد بعيدًا، كما تحذر تقارير مجلس العلاقات الخارجية الأميركي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سماء مغلقة وأبواب موصدة.. إسرائيل في عزلة جوية بعد ضربات إيران
سماء مغلقة وأبواب موصدة.. إسرائيل في عزلة جوية بعد ضربات إيران

الجزيرة

timeمنذ 23 دقائق

  • الجزيرة

سماء مغلقة وأبواب موصدة.. إسرائيل في عزلة جوية بعد ضربات إيران

القدس المحتلة – تعيش إسرائيل واحدة من أكثر اللحظات توترا منذ تأسيسها عام 1948 بعد نكبة الشعب الفلسطيني ، مع تصعيد عسكري غير مسبوق ضد إيران، قابله هجوم صاروخي إيراني مضاد، مما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ خطوة دراماتيكية تمثلت في الإغلاق الكامل لمجالها الجوي ومطار بن غوريون، وفرض قيود شديدة على الحركة الجوية والبرية. هذا القرار لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة أشهر من التخطيط السري والمكثف، كما كشفت تقارير إسرائيلية في مقدمتها تقرير لصحيفة "غلوبس"، التي أزاحت الستار عن عملية "الدرع الجوي" التي نفذت قبل دقائق فقط من انطلاق الهجوم الإسرائيلي. في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الإسرائيلية تغير على العمق الإيراني، كانت آلاف الطائرات المدنية تغادر مطار بن غوريون وسط تعتيم إعلامي صارم، وبإشراف أمني مباشر، خشية أن يصبح المطار هدفا لصواريخ إيرانية طويلة المدى أو طائرات مسيرة. مع تنفيذ الإغلاق، تم إجلاء نحو 10 آلاف مسافر من المطار، وأُخليت الطائرات الإسرائيلية من المدارج، ونقلت إلى مطارات في أوروبا تحسبا لأي هجوم صاروخي مباشر قد يطال البنية التحتية الجوية في إسرائيل. ورغم أن القرار الأمني اعتبر "ناجحا" من وجهة نظر السلطات الرسمية، فإنه كشف عن هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وأطلق موجة من القلق والتساؤلات بين الإسرائيليين في الداخل والخارج، لا سيما أولئك العالقين في الخارج بعد إغلاق الحدود بشكل مفاجئ. خطة "العودة الآمنة" مع توقف حركة الطيران بالكامل، وجد أكثر من 150 ألف إسرائيلي أنفسهم عالقين في وجهات مختلفة حول العالم، من بانكوك إلى نيويورك، دون قدرة على العودة ووسط ارتباك في المعلومات وشحّ في الحلول. في مواجهة هذا الواقع، أعلنت وزيرة المواصلات ميري ريغيف، بالتعاون مع وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، عن إطلاق خطة طوارئ تحت عنوان "العودة الآمنة" لإعادة الإسرائيليين العالقين في الخارج عبر رحلات خاصة من وجهات رئيسية كأثينا، ولارنكا، وبانكوك، وروما، ونيويورك. ورغم الترحيب بهذه الخطوة، فإن الخطة لا تزال محدودة، إذ تنص على السماح بهبوط رحلتين فقط في الساعة، وفي ساعات النهار فقط، مع إغلاق مستمر أمام الإسرائيليين للسفر إلى الخارج. وقالت ريغيف بلهجة حازمة "لن نسمح بخروج الإسرائيليين في هذه المرحلة، والأولوية هي لإعادة المواطنين من الخارج فقط.. لسنا في وضع يسمح لنا بالمجازفة بحياة 300 راكب على متن طائرة واحدة قد تستهدف"، بحسب ما نقلت عنها القناة 13 الإسرائيلية. طرق بديلة للفرار في ظل تعقيدات الأجواء، بدأ عدد من الإسرائيليين البحث عن طرق بديلة. فقد تحولت موانئ مثل مارينا هرتسليا إلى نقاط انطلاق بحرية، شهدت ازدحاما غير مألوف لعائلات تجرّ حقائبها بحثًا عن وسيلة للخروج إلى قبرص. وقال بعضهم لصحيفة هآرتس إنهم "هربوا من الصواريخ"، في مشهد يذكر بأزمنة الطوارئ والحروب الوجودية. وبحسب هآرتس، فإن شركة "مانو كروز" استجابت للدعوات، وحصلت على إعفاء خاص من أوامر قيادة الجبهة الداخلية، لتبدأ بتسيير رحلات بحرية لنقل الإسرائيليين من قبرص إلى البلاد، في حين لا تزال وزارة المواصلات تدرس استخدام سفن إنزال عسكرية لنقل مواطنين، رغم التعقيدات التشغيلية. كإجراء احترازي مواز، أغلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية عددا من سفاراتها في الخارج وعلقت الخدمات القنصلية، في إشارة إلى تقديرات بأن المواجهة مع إيران قد تطول، وأن المصالح الإسرائيلية حول العالم قد تصبح أهدافا. هشاشة الجبهة الداخلية القلق لا يتوقف عند حدود التنقل، تقول نوعا ليمونا مراسلة صحيفة هآترس، فالتقديرات الاستخباراتية التي تدفع باتجاه الإغلاق الكامل تعبر عن خشية حقيقية من استهداف رموز السيادة الوطنية، وعلى رأسها المطار، مما يثير مخاوف متنامية من أن تتحول هذه الأزمة إلى لحظة فارقة تدفع عشرات آلاف الإسرائيليين للتفكير في الهجرة الجماعية، خاصة أصحاب الجنسيات المزدوجة. وبينما تؤكد الحكومة الإسرائيلية أن الإغلاق مؤقت ومرتبط بالحالة الأمنية، تضيف الصحفية الإسرائيلية "إلا أن غياب جدول زمني لإعادة فتح الأجواء، والمشهد الكئيب لمطار بن غوريون الخالي من الطائرات، يتركان انطباعا بأن الوضع قابل للتصعيد أكثر من الانفراج". وأوضحت أن ما يجري ليس مجرد قرار فني بإغلاق مطار، بل هو تعبير عن أزمة وطنية تتجاوز الأمن العسكري إلى الأمن النفسي والسياسي، وتظهر حجم هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية حين توضع تحت ضغط التهديدات الإقليمية. ولفتت إلى أن الإجلاء الجاري، سواء عبر الجو أو البحر، لم يعد مجرد عملية إنقاذ تقني، بل هو مؤشر على اضطراب واسع في بنية الأمن القومي، وربما يعيد تشكيل العلاقة بين الدولة ومواطنيها في الداخل والخارج في زمن الحرب. المواطن رهينة حرب "الدولة سلبت مواطنيها حق الفرار"، تحت هذا العنوان، كتب أمير زيف نائب رئيس تحرير صحيفة "كالكليست" مقالًا ينتقد فيه قرار السلطات الإسرائيلية إغلاق مطار بن غوريون والمعابر الجوية، بالتزامن مع بدء الهجوم الإسرائيلي على طهران. فجأة، ومن دون سابق إنذار، يقول زيف، "فقد الإسرائيليون حقهم الطبيعي في مغادرة البلاد". لا فرصة للتفكير أو القرار، فقط إغلاق تام للسماء، دون استثناءات أو جدول زمني للفتح. حتى البحر لم يعد خيارا، إلا لمن يملك يختا ويأخذ إذنا مسبقا. رغم أن إسرائيل حافظت على عمل مطارها خلال حروب سابقة، بما فيها يوم الغفران وحرب الخليج، يضيف زيف، "فإنها في هذه المرة أغلقت الأفق تماما، وكأن لا حق للناس في الهروب أو البحث عن الأمان". لا حاجة لتجنيد جماعي، ولا قتال بري، ومع ذلك طُلب من المواطنين البقاء في المنازل، وكأنهم جنود دون أمر تجنيد. فشل في حرب البقاء وأوضح أن إسرائيل حولت مواطنيها المدنيين إلى أدوات صامتة في آلة الحرب. "عليهم البقاء أحياء فقط، بينما تسقط الصواريخ الثقيلة وتهدم الأحياء، ويطلب منهم الصبر والشكر على التحذير من الهجمات الصاروخية الإيرانية". وأشار إلى أن الحياة اليومية شلت، والمواصلات شبه متوقفة، والمدارس مغلقة، والعيادات خالية، والرعاية الأساسية غائبة. لا خطة واضحة، ولا استجابة مدنية حقيقية. قائلا "وكأن الدولة استسلمت لفكرة أن الكابوس هو الوضع الطبيعي". وختم "نعيش فقدانا مزدوجا، لا فرار من الحرب، ولا حياة طبيعية تحتها. الحكومة تطلب الطاعة والخوف دون توضيح أو أفق. حرية التنقل والسفر والاعتراض الرمزي على واقع الحرب سلبت بهدوء. حتى لو سميت حرب بقاء، فتاريخ إسرائيل مليء بسيناريوهات فاشلة، بعضها من توقيع بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، نفسه".

كالكاليست: إسرائيل تتجه إلى عجز مالي وتضخم في الدين العام
كالكاليست: إسرائيل تتجه إلى عجز مالي وتضخم في الدين العام

الجزيرة

timeمنذ 41 دقائق

  • الجزيرة

كالكاليست: إسرائيل تتجه إلى عجز مالي وتضخم في الدين العام

نقلت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية -المختصة بالاقتصاد- عن اللواء احتياط رعام أميناح، المستشار المالي السابق لرئيس الأركان الإسرائيلي، تقديراته بأن الكلفة المباشرة للحرب مع إيران قفزت من نحو 5.5 مليارات شيكل (1.6 مليار دولار) إلى نحو 9.5 مليارات شيكل (2.75 مليار دولار) خلال أيام قليلة، مشيرا إلى أن هذا الرقم لا يشمل الأضرار غير المباشرة أو الخسائر الاقتصادية الناتجة عن شلل النشاط الاقتصادي. وقدّر أميناح أن الجيش الإسرائيلي أطلق أكثر من ألف ذخيرة هجومية، مشيرا إلى أن كل واحدة منها تكلّف نحو 500 ألف دولار، فيما تصل تكلفة كل صاروخ اعتراض من نوع "حيتس 3" إلى نحو 10 ملايين شيكل (2.9 مليون دولار). وأوضح أن القوات استخدمت المئات منها، مع استبعاد نسبة من الاعتراضات التي نفذتها جيوش أجنبية مثل الجيش الأميركي. استنزاف متسارع للموارد الدفاعية وأوضح أميناح أن الجيش يقوم بعمليات شراء طارئة لمعدات خاصة لا يمكن الإفصاح عنها، فيما تصل تكلفة ساعة الطيران الواحدة لسلاح الجو إلى نحو 25 ألف دولار. ويُضاف إلى ذلك تكاليف يومية تُقدّر بنحو 100 مليون شيكل (29 مليون دولار) فقط لجهود الجبهة الداخلية، وهي تكلفة تتجاوز عمليات سابقة مثل "سيوف الحديد" (العدوان الحالي على غزة)، التي بلغت يوميا نحو 80 مليون شيكل (23.2 مليون دولار). تضخم مقلق في موازنة الدفاع وكانت ميزانية وزارة الدفاع في الأصل مقدّرة بنحو 120 مليار شيكل (34.8 مليار دولار) للعام 2024، على أساس أن الحرب في غزة ستنتهي سريعا. غير أن استمرار القتال أدى إلى تعديل التقديرات إلى نحو 135 مليار شيكل (39.2 مليار دولار)، ثم إلى نحو 160 مليار شيكل (46.4 مليار دولار)، والآن يُتوقع أن تتجاوز نحو 200 مليار شيكل (58 مليار دولار) في عام 2025، حسب أميناح، الذي قال بوضوح "لا يوجد أي شك في ذلك". أزمة ديون تلوح بالأفق ويحذر أميناح من أن وزارة المالية لن تتمكن من الحفاظ على هدف العجز المحدد بـ4.9% من الناتج المحلي الإجمالي ، مؤكدا أن الوزارة ستتجاوز أيضا سقف الإنفاق وهدف الدين العام. وقال "عندما يتحول الاستثناء إلى قاعدة، لا يبقى شيء اسمه استثناء". وقدّر أميناح أن الدين العام لإسرائيل بلغ نحو 1.3 تريليون شيكل (377 مليار دولار)، مع توقعات بارتفاع خدمة الدين إلى نحو 57 مليار شيكل (16.5 مليار دولار) هذا العام، مقارنة بنحو 50 مليار شيكل (14.5 مليار دولار) في العام الماضي، نتيجة زيادة الكتلة النقدية من جهة وارتفاع الفوائد من جهة أخرى. ووجّه أميناح نقدا واضحا لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش ، قائلا إنه "يكرر الحديث عن استثناءات 7 مرات، لكن الواقع يقول إن الأمور خرجت عن السيطرة". وعلّق على تصريحات الوزير حول الجهوزية المسبقة للميزانية العسكرية بالقول إن هذا لا يلغي الحاجة لإعادة فتح الميزانية وتعديلها بشكل عميق. سموتريتش متفائل وفي تصريحات نقلتها كالكاليست عن سموتريتش، قال إن الهجوم على إيران كان ضروريا لمنع طهران من الوصول إلى امتلاك نحو 10 آلاف صاروخ خلال عامين، وأوضح أن "كل شيء كان جاهزا مسبقا" من حيث الخطط والميزانيات. إلا أن الوزير تجاهل، وفق تحليل الصحيفة، أن الميزانية العسكرية، رغم إعدادها المسبق، لم تكن كافية لتغطية العمليات المتسارعة في غزة وإيران معا. وأضاف سموتريتش "سنضطر لزيادة الميزانية، وسنصل سريعا للكنيست لإقرارها". وكشف الوزير عن تقديم نحو 500 شيكل (145 دولارا) لكل مواطن تم إخلاؤه، ونحو 1500 شيكل (435 دولارا) للسلطات المحلية، وهي أرقام تبدو ضئيلة مقارنة بحجم الدمار. وذكر أن هناك نحو 2700 مواطن بلا مأوى، و47 مبنى سيُهدم كليا، في حين بلغ عدد الطلبات للمساعدة أكثر من 14500 طلب. تفاؤل مصطنع بشأن الاقتصاد وقال الوزير إن الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال صامدا، مشيرا إلى ارتفاع البورصة يومين متتاليين، لكنه تجاهل التدهور العميق في القدرة الشرائية وارتفاع مستويات الفقر والعجز، حسب ما نقلته كالكاليست عن خبراء اقتصاديين. ورغم إعلان سموتريتش عن استمرار الدعم والاستعداد المسبق، فإن كالكاليست تنقل عن خبراء أن إسرائيل مقبلة على فترة مالية حرجة، مع تضخم في الإنفاق العسكري وضعف في الاستثمارات المدنية، مما يجعل تحقيق الاستقرار المالي بعيد المنال في المدى القصير. وتختم الصحيفة نقلها عن أميناح بتحذير من أن "الحرب يتم احتسابها فقط عندما تُطلق النيران"، مشيرا إلى أن الحسابات الرسمية لا تعكس حجم الاستنزاف الحقيقي الذي يحدث في البنية التحتية للاقتصاد الإسرائيلي، وأن تراكم النفقات الدفاعية دون رؤية مدنية اقتصادية شاملة يُنذر بانهيار طويل الأمد في الاستقرار المالي.

إسرائيل تقصف طهران وأصفهان ونهاوند وإيران تعلن إسقاط 28 هدفا
إسرائيل تقصف طهران وأصفهان ونهاوند وإيران تعلن إسقاط 28 هدفا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

إسرائيل تقصف طهران وأصفهان ونهاوند وإيران تعلن إسقاط 28 هدفا

شنت إسرائيل هجمات جديدة في اليوم الخامس من حربها على إيران، حيث قصفت مواقع في طهران وأصفهان ونهاوند وتبريز، وأعلنت تدمير عشرات من بطاريات الدفاع الجوي، بينما أعلن الجيش الإيراني إسقاط 28 هدفا خلال 24 ساعة. وسُمع دوي الانفجارات في عدة مناطق بالعاصمة الإيرانية، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه يهاجم مقرات الحرس الثوري ومن بينها فيلق القدس التابع للحرس. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن الغارات الجديدة شملت مواقع في أصفهان ونهاوند وتبريز، وأفادت بوقوع قتلى وجرحى. وأعلنت محافظة أصفهان مقتل 3 أشخاص في قصف لنقطة تفتيش بمدينة كاشان. في غضون ذلك، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو يقصف منظومات دفاع جوي في غرب إيران. وأقر المتحدث بأن "النظام الإيراني لا يزال يتمتع بقدرات كبيرة تسمح له بإلحاق الأضرار بنا"، مؤكدا أن هناك "عددا كبيرا من الأهداف التي علينا ضربها في إيران". وفي وقت سابق اليوم قال الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو دمر أكثر من 70 بطارية صواريخ للدفاع الجوي الإيراني منذ بدء الحرب. "لن ننجر لحرب طويلة" ونقلت صحيفة هآرتس عن مصادر بالجيش قولها إن إسرائيل ستنهي بنك أهدافها في إيران الأسبوع المقبل، وقد تحتاج أسبوعا إضافيا لتحقيق أهداف الحرب، "لكننا لن ننجر إلى حرب طويلة". وتشن إسرائيل حربا على إيران منذ يوم الجمعة الماضي، حيث استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية واغتالت قادة عسكريين كبارا -بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان- وعلماء نوويين بارزين، وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلفت دمارا غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية. إعلان دفاعات إيران في المقابل، أعلن الجيش الإيراني أن منظومات الدفاع الجوي رصدت ودمرت خلال الـ24 ساعة الماضية 28 هدفا معاديا. كما نقلت وكالة مهر عن الجيش قوله إنه أسقط طائرة تجسس من نوع هيرميس. في تلك الأثناء، بث التلفزيون الإيراني كلمة لرئيس هيئة الأركان عبد الرحيم موسوي أكد فيها أن "مقتل مواطنينا وعلمائنا وقادة قواتنا المسلحة سيزيد عزمنا على معاقبة الصهاينة". وأضاف "شعبنا لم يخضع يوما لأي عدوان وسيحاسب الكيان الصهيوني على أفعاله الإجرامية". وتم تعيين موسوي رئيسا للأركان قبل أيام ليحل محل محمد حسين باقري الذي اغتالته إسرائيل في الضربة الأولى يوم الجمعة. من ناحية أخرى، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو تمكن، أمس الاثنين، من تصفية من وصفه برئيس الأركان الإيراني علي شادماني ، في إشارة إلى قائد مقر "خاتم الأنبياء" المركزي للحرس الثوري، وكان شادماني قد حل محل غلام علي رشيد الذي اغتالته إسرائيل يوم الجمعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store