logo
"من طهران إلى الشرق الأوسط.. كيف يعيق ولاية الفقيه الاستقرار؟"

"من طهران إلى الشرق الأوسط.. كيف يعيق ولاية الفقيه الاستقرار؟"

اليوم الثامنمنذ 7 ساعات

منطقة الشرق الأوسط کانت ولازالت تعتبر من المناطق الاستراتيجية الحساسة في العالم حيث کما تتشابك فيها المصالح الدولية فإنها وبنفس السياق تتقاطع، والمعروف عنها إنها کانت أيضا ولازالت من المناطق المتسمة بتوتر بسبب القضية الفلسطينية بالدرجة الاولى والتي وبسبب منها تداعى الصراع العربي ـ الاسرائيلي، ولکن هذا التوتر قد تزايد کثيرا حتى إنه قد فاق الحدود والتوقعات في بعض الاحيان بعد سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979، ومجئ نظام ولاية الفقيه الذي الى جانب قيامه بإستخدام القضية الفلسطينية من أجل تحقيق أهداف ومطامع خاصة وتنفيذ مخططات ذات طابع ديني متطرف، فإنه قد قام بإثارة النعرات الطائفية وإستخدمها کرأس حربة في ضرب أمن وإستقرار دول المنطقة وإضعافها وإبتزازها.
بعد فترة قصيرة نسبيا على مجئ هذا النظام، باتت البوادر المثيرة للتوجس والقلق تظهر على تصرفات وأفعال هذا النظام وبشکل خاص من حيث ميلها لزعزعة الامن والاستقرار وفرض الوصاية عليها، ومع إن بلدان المنطقة حاولت على الدوام التواصل مع هذا النظام السعي من أجل إيجاد القواسم المشترکة من أجل الوصول الى التآلف والعيش المشترك بأمان، لکن بوي هذا النظام مغردا خارج السرب ومع إنه کان يبدو في الظاهر کمن يسعى لمسايرة دول المنطقة والعالم والتماشي معها لکنه وفي حقيقة أمره کان يعمل بالاتجاه المخالف ووفق ما يملي عليه نهجه.
الامر الذي ساهم بتعقيد الدور السلبي لهذا النظام من حيث تأزيم الاوضاع في المنطقة وتوتر الاجواء فيها، إنه قد قام بإستخدام نفوذه في المنطقة وإثارة الحروب والازمات فيها کعامل وکوسيلة من أجل التأثير على أوضاعه الداخلية وبشکل خاص عندما بدأت الاصوات ترتفع ضده من جانب الشعب الإيراني وتسعى من أجل مواجهة دکتاتوريته التي فرضها تحت يافطة الدين.
وقد تداخلت وتعقدت الاوضاع في المنطقة ووصلت الى حد إثارة المخاوف من إخضاع الامنين القومي والاجتماعي في بلدان المنطقة لمخطط مشبوه يسعى النظام الإيراني الى تحقيقه بطرق ملتوية من خلال وکلائه وقد کان العامل الديني ببعده وعمقه الطائفي هو أساس هذا المخطط، وبقدر ما کانت دول في المنطقة تسعى من أجل مواجهة هذا المخطط وإجهاضه، فإن النظام الإيراني کان يتفنن في إيجاد الطرق والاساليب التي تقف بوجه تلك المواجهة وتضعف من قدارتها الفعالة، ولذلك فقد بقي هذا النظام لاعبا مهما في المنطقة من حيث إبقاء أسباب التوتر والتأزم قائمة والسعي من خلال ذلك لإظهار نفسه بمثابة صاحب القدح المعلى في رسم وتحديد الاوضاع في المنطقة.
إصرار النظام الإيراني على التمسك بنهجه وعدم التخلي عن طموحاته بفرض الوصاية على المنطقة والمحافظة على نفسه، هو السبب الذي دفعه على الدوام لرفض ومواجهة أي إتجاه أو سياسة تستهدف المحافظة على السلام والامن في المنطقة وضمان إستتبابها، ومع إن الهزائم المنکرة التي لحقت بمشروع النظام إقليميا وتصور مراقبين ومحللين سياسيين بأن هذا النظام وبعد عودة دونالد ترامب سوف يرعوي ويستجيب للمطالب الدولية التي تدعو لتخليه عن صناعة وإنتاج الاسلحة النووية، لکن وبعد 5 جولات من المفاوضات النووية ظهر واضحا بأن هذا النظام لا يمکنه التخلي عن طموحاته ومخططاته التي رسمها في ضوء نهجه، وهذا ما يعيد للذکرى ما کانت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، قد أکدت عليه من إن هذا النظام لو تخلى ليوم واحد عن نهجه فإن ذلك سيٶدي الى سقوطه وإنهياره، ولذلك فإنه وعلى الرغم من هشاشته والمرحلة الحساسة التي يمر بها، فإنه أصر على رفض الانصياع للمطالب الدولية وأصر على متابعة مشواره في الاتجاه المضاد وهو الامر الذي قاد الى السيناريو الحالي الجاري بين إسرائيل وهذا النظام، فهو لا يريد البتة أوضاعا آمنة ومستتبة في المنطقة لأنها لا تناسبه وتعمل في النتيجة النهائية على التأثير السلبي على مخطتاته التي يريد تنفيذها في المنطقة وجعلها أمرا واقعا.
مفتاح حلّ قضية إيران
كلمة مريم رجوي في ندوة بالبرلمان الإيطالي بتأريخ 16 أبريل 2025
"... قبل عقدين، وفي اجتماع للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، قدّمتُ "الحلّ الثالث" بشأن قضية إيران، وقلتُ يومها:
إنّ المجتمع الدولي ليس مضطرًا للاختيار بين الملالي المزودين بالقنبلة النووية وبين الحرب.
هناك حلّ ثالث، وهو التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظّمة.
دعوني أؤكد اليوم مرةً أخرى:
الشعب الإيراني لا يرضى بأقلّ من إسقاط الديكتاتورية الدينية وإقامة جمهورية حرّة وديمقراطية.
إيران حرّة، غير نووية، قائمة على فصل الدين عن الدولة، وفقًا للبرنامج ذي النقاط العشر الذي طرحته المقاومة الإيرانية.
هذا النظام لن يتخلّى أبدًا عن القمع، وتصدير الحروب، والإرهاب، والمشروع النووي.
تجربة 46 عامًا الماضية أثبتت أن هذا النظام لا يلتزم بأيّ عهد أو تعهّد.
فحتى بعد كشف المقاومة لمواقع النظام النووية السرّية عام 2002، اضطر خامنئي إلى القبول بختم منشآت تخصيب اليورانيوم بالشمع الأحمر.
لكن بعد عام واحد فقط، كسرت جميع الأختام، وعادت أنشطة النظام النووية إلى التوسّع من جديد.
نعم، مفتاح قضية إيران بيد الشعب الإيراني ومقاومته.
يمكن إيقاف حروب النظام، ولكن الطريق إلى ذلك هو إسقاط هذا النظام.
يمكن قطع يد الملالي عن القنبلة النووية، ولكن السبيل إلى ذلك هو الإطاحة بهذا الاستبداد الوحشي.
ويمكن وضع حدٍّ لإرهابه العالمي، لكن ذلك يمرّ عبر إنهاء حكم عرّاب الإرهاب الرسمي.
نعم، عبر المقاومة المنظمة، والانتفاضة، وجيش تحرير الشعب الإيراني، يمكن ويجب إنهاء الاستبداد الديني الحاكم في إيران..."

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"من طهران إلى الشرق الأوسط.. كيف يعيق ولاية الفقيه الاستقرار؟"
"من طهران إلى الشرق الأوسط.. كيف يعيق ولاية الفقيه الاستقرار؟"

اليوم الثامن

timeمنذ 7 ساعات

  • اليوم الثامن

"من طهران إلى الشرق الأوسط.. كيف يعيق ولاية الفقيه الاستقرار؟"

منطقة الشرق الأوسط کانت ولازالت تعتبر من المناطق الاستراتيجية الحساسة في العالم حيث کما تتشابك فيها المصالح الدولية فإنها وبنفس السياق تتقاطع، والمعروف عنها إنها کانت أيضا ولازالت من المناطق المتسمة بتوتر بسبب القضية الفلسطينية بالدرجة الاولى والتي وبسبب منها تداعى الصراع العربي ـ الاسرائيلي، ولکن هذا التوتر قد تزايد کثيرا حتى إنه قد فاق الحدود والتوقعات في بعض الاحيان بعد سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979، ومجئ نظام ولاية الفقيه الذي الى جانب قيامه بإستخدام القضية الفلسطينية من أجل تحقيق أهداف ومطامع خاصة وتنفيذ مخططات ذات طابع ديني متطرف، فإنه قد قام بإثارة النعرات الطائفية وإستخدمها کرأس حربة في ضرب أمن وإستقرار دول المنطقة وإضعافها وإبتزازها. بعد فترة قصيرة نسبيا على مجئ هذا النظام، باتت البوادر المثيرة للتوجس والقلق تظهر على تصرفات وأفعال هذا النظام وبشکل خاص من حيث ميلها لزعزعة الامن والاستقرار وفرض الوصاية عليها، ومع إن بلدان المنطقة حاولت على الدوام التواصل مع هذا النظام السعي من أجل إيجاد القواسم المشترکة من أجل الوصول الى التآلف والعيش المشترك بأمان، لکن بوي هذا النظام مغردا خارج السرب ومع إنه کان يبدو في الظاهر کمن يسعى لمسايرة دول المنطقة والعالم والتماشي معها لکنه وفي حقيقة أمره کان يعمل بالاتجاه المخالف ووفق ما يملي عليه نهجه. الامر الذي ساهم بتعقيد الدور السلبي لهذا النظام من حيث تأزيم الاوضاع في المنطقة وتوتر الاجواء فيها، إنه قد قام بإستخدام نفوذه في المنطقة وإثارة الحروب والازمات فيها کعامل وکوسيلة من أجل التأثير على أوضاعه الداخلية وبشکل خاص عندما بدأت الاصوات ترتفع ضده من جانب الشعب الإيراني وتسعى من أجل مواجهة دکتاتوريته التي فرضها تحت يافطة الدين. وقد تداخلت وتعقدت الاوضاع في المنطقة ووصلت الى حد إثارة المخاوف من إخضاع الامنين القومي والاجتماعي في بلدان المنطقة لمخطط مشبوه يسعى النظام الإيراني الى تحقيقه بطرق ملتوية من خلال وکلائه وقد کان العامل الديني ببعده وعمقه الطائفي هو أساس هذا المخطط، وبقدر ما کانت دول في المنطقة تسعى من أجل مواجهة هذا المخطط وإجهاضه، فإن النظام الإيراني کان يتفنن في إيجاد الطرق والاساليب التي تقف بوجه تلك المواجهة وتضعف من قدارتها الفعالة، ولذلك فقد بقي هذا النظام لاعبا مهما في المنطقة من حيث إبقاء أسباب التوتر والتأزم قائمة والسعي من خلال ذلك لإظهار نفسه بمثابة صاحب القدح المعلى في رسم وتحديد الاوضاع في المنطقة. إصرار النظام الإيراني على التمسك بنهجه وعدم التخلي عن طموحاته بفرض الوصاية على المنطقة والمحافظة على نفسه، هو السبب الذي دفعه على الدوام لرفض ومواجهة أي إتجاه أو سياسة تستهدف المحافظة على السلام والامن في المنطقة وضمان إستتبابها، ومع إن الهزائم المنکرة التي لحقت بمشروع النظام إقليميا وتصور مراقبين ومحللين سياسيين بأن هذا النظام وبعد عودة دونالد ترامب سوف يرعوي ويستجيب للمطالب الدولية التي تدعو لتخليه عن صناعة وإنتاج الاسلحة النووية، لکن وبعد 5 جولات من المفاوضات النووية ظهر واضحا بأن هذا النظام لا يمکنه التخلي عن طموحاته ومخططاته التي رسمها في ضوء نهجه، وهذا ما يعيد للذکرى ما کانت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، قد أکدت عليه من إن هذا النظام لو تخلى ليوم واحد عن نهجه فإن ذلك سيٶدي الى سقوطه وإنهياره، ولذلك فإنه وعلى الرغم من هشاشته والمرحلة الحساسة التي يمر بها، فإنه أصر على رفض الانصياع للمطالب الدولية وأصر على متابعة مشواره في الاتجاه المضاد وهو الامر الذي قاد الى السيناريو الحالي الجاري بين إسرائيل وهذا النظام، فهو لا يريد البتة أوضاعا آمنة ومستتبة في المنطقة لأنها لا تناسبه وتعمل في النتيجة النهائية على التأثير السلبي على مخطتاته التي يريد تنفيذها في المنطقة وجعلها أمرا واقعا. مفتاح حلّ قضية إيران كلمة مريم رجوي في ندوة بالبرلمان الإيطالي بتأريخ 16 أبريل 2025 "... قبل عقدين، وفي اجتماع للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، قدّمتُ "الحلّ الثالث" بشأن قضية إيران، وقلتُ يومها: إنّ المجتمع الدولي ليس مضطرًا للاختيار بين الملالي المزودين بالقنبلة النووية وبين الحرب. هناك حلّ ثالث، وهو التغيير الديمقراطي على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظّمة. دعوني أؤكد اليوم مرةً أخرى: الشعب الإيراني لا يرضى بأقلّ من إسقاط الديكتاتورية الدينية وإقامة جمهورية حرّة وديمقراطية. إيران حرّة، غير نووية، قائمة على فصل الدين عن الدولة، وفقًا للبرنامج ذي النقاط العشر الذي طرحته المقاومة الإيرانية. هذا النظام لن يتخلّى أبدًا عن القمع، وتصدير الحروب، والإرهاب، والمشروع النووي. تجربة 46 عامًا الماضية أثبتت أن هذا النظام لا يلتزم بأيّ عهد أو تعهّد. فحتى بعد كشف المقاومة لمواقع النظام النووية السرّية عام 2002، اضطر خامنئي إلى القبول بختم منشآت تخصيب اليورانيوم بالشمع الأحمر. لكن بعد عام واحد فقط، كسرت جميع الأختام، وعادت أنشطة النظام النووية إلى التوسّع من جديد. نعم، مفتاح قضية إيران بيد الشعب الإيراني ومقاومته. يمكن إيقاف حروب النظام، ولكن الطريق إلى ذلك هو إسقاط هذا النظام. يمكن قطع يد الملالي عن القنبلة النووية، ولكن السبيل إلى ذلك هو الإطاحة بهذا الاستبداد الوحشي. ويمكن وضع حدٍّ لإرهابه العالمي، لكن ذلك يمرّ عبر إنهاء حكم عرّاب الإرهاب الرسمي. نعم، عبر المقاومة المنظمة، والانتفاضة، وجيش تحرير الشعب الإيراني، يمكن ويجب إنهاء الاستبداد الديني الحاكم في إيران..."

الصراع الإسرائيلي–الإيراني.. من تعاون الشاه إلى ضربات النووي
الصراع الإسرائيلي–الإيراني.. من تعاون الشاه إلى ضربات النووي

اليوم الثامن

timeمنذ 2 أيام

  • اليوم الثامن

الصراع الإسرائيلي–الإيراني.. من تعاون الشاه إلى ضربات النووي

يُعد الصراع العربي–الإسرائيلي من أقدم وأعمق الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وهو صراع محوري تمحور في جذوره حول الأرض والهوية، وارتبط تاريخيًا ودينيًا بالمرويات الإسلامية واليهودية على السواء، وتجلى بصورة سياسية وعسكرية ممتدة لأكثر من سبعين عامًا، منذ نكبة عام 1948، مرورًا بالحروب العربية–الإسرائيلية، ووصولًا إلى مشهد التطبيع والتحولات الجارية اليوم. أما الصراع الإسرائيلي–الإيراني فيُعد استثنائيًا في طبيعته، ويتسم بطابع براغماتي متقلب، يتجاوز الثنائيات التقليدية للصراعات العقائدية أو القومية، ليعكس في جوهره تعقيدات المصالح والتقاطعات الجيوسياسية في الإقليم. فرغم ما يبدو من عداء صارخ في الخطاب السياسي والإعلامي بين طهران وتل أبيب في العقود الأخيرة، إلا أن تاريخ العلاقات بين إيران وإسرائيل – لا سيما في عهد الشاه – يروي وجهًا آخر؛ حيث شهدت تلك المرحلة تعاونًا وثيقًا، خاصة في مجالات الطاقة والتسليح. ولعل أبرز مثال على ذلك هو دعم إسرائيل لإيران بالسلاح خلال حرب الخليج الأولى (1980–1988)، حين كانت إيران في مواجهة نظام صدام حسين، حليف الغرب في تلك المرحلة. كما أن تأسيس البرنامج النووي الإيراني يعود إلى فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، بدعم مباشر من الولايات المتحدة ودول غربية، في إطار ما عُرف بمشروع "الذرة من أجل السلام"، ما يعكس وجود شبكة مصالح استراتيجية بين طهران والغرب آنذاك، تتجاوز السرديات السياسية الراهنة. عند التأمل في نمط الضربات الإسرائيلية الأخيرة، يتضح أنها لا تأتي في سياق حرب شاملة بقدر ما تُستخدم كأدوات لإعادة ضبط ميزان القوى أو إفشال تقاطعات سياسية غير مرغوبة. فقد استهدفت هذه الضربات شخصيات وقيادات تعتبرها تل أبيب "غير منضبطة" أو تشكّل خطرًا على حالة الردع الإقليمي، ما يعكس أن تلك الضربات تمثل سياسة "مواجهة للتوازن" لا "مواجهة للحسم". ويُلاحظ أن هذه الاستراتيجية تتكرر في عدة مسارح إقليمية، كما في الضربات التي طالت قيادات عسكرية أو أمنية في سوريا ولبنان، وكذلك في الضربات التي وُجّهت مؤخرًا إلى مواقع داخل اليمن – وهي ضربات تحمل رسائل سياسية بالدرجة الأولى، تسعى من خلالها إسرائيل إلى عرقلة أي تقارب في الشروط التفاوضية سواء على المستوى النووي الإيراني، أو في ملفات التطبيع والتهدئة الإقليمية. تعمل إسرائيل من خلال هذه العمليات المحدودة على منع خصومها من امتلاك هامش استراتيجي واسع يمكن استثماره في أي مفاوضات مستقبلية، كما تحاول فرض معادلة ردع قوامها الاستباق والمباغتة، دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة واسعة النطاق، وهو ما يؤكد الطبيعة "الاحتوائية" لهذه الاستراتيجية أكثر من كونها حربًا صريحة. في ضوء المتغيرات الإقليمية الراهنة، يُطرح تساؤل جوهري حول مآلات العلاقة بين إيران وإسرائيل: هل تتجه نحو توازن طويل الأمد؟ أم إلى شكل من أشكال الاتفاق الضمني أو المعلن؟ أم أنها مرشحة للاستمرار كحالة استنزاف مدروسة؟ في كل الحالات، يبقى الوطن العربي هو ساحة التوترات، والميدان الذي تُخاض فيه حروب بالوكالة تُشعلها أطراف خارجية، وتُدار بدماء عربية. وما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن الاستراتيجية الإسرائيلية لا تقوم على إنهاء الخصم الإيراني بشكل نهائي، بل على إضعافه وإبقائه في حالة استنزاف دائم، بما يضمن انشغاله في محيطه الجغرافي والطائفي. وهذا الإضعاف – لا الإنهاء – يتيح لإسرائيل هامشًا أوسع من التحرك الاستراتيجي لاستكمال مشروعها الإقليمي، الذي تُحركه رؤية "إسرائيل الكبرى" – أكانت بحمولتها الدينية أو بصيغتها الواقعية القائمة على التفوق والسيطرة الجيوسياسية والاقتصادية. ومن هنا، يكمن التحدي الحقيقي الذي يواجه الوطن العربي: ما بعد لحظة "توازن" أو "تفاهم" محتمل بين إسرائيل وإيران، إذ قد تجد إسرائيل نفسها في وضع يسمح لها بتكريس تفوقها دون مقاومة حقيقية، إذا ما تم إنهاك القوى العربية وتفكيك الهياكل الوطنية بفعل صراعات داخلية أو إقليمية مدارة خارجيًا. وبذلك، فإن الحرب التي أشعلت نيرانها منذ عقود لم تُخمد، بل أعادت تشكيل أدواتها وحدودها ومفاعيلها، ليبقى الوطن العربي هو الرهان، وهو أيضًا الخاسر الأكبر إن لم يُعدّ مشروعًا استراتيجيًا جماعيًا يستشرف القادم ويتجاوز ردود الفعل اللحظية. انطلاقًا مما سبق، يمكن استشراف سيناريو بالغ الخطورة يتمثل في أن إضعاف إيران ومحورها – سواء عبر الضربات العسكرية، أو التفاهمات النووية، أو اتفاق شامل مع إسرائيل – ليس هدفًا نهائيًا بحد ذاته، بل مرحلة انتقالية نحو الهدف الأعمق: تفكيك البنية الجغرافية والسياسية للعالم العربي، وتفتيت وحدته الإقليمية لصالح مشروع توسعي إسرائيلي يجد في الضعف العربي بيئة خصبة للتمدد. في هذا السياق، تبدو دول مركزية كالسعودية ومصر وسوريا والعراق عرضة لموجة جديدة من الضغوطات الجيوسياسية، التي قد تتخذ شكل تدخلات مباشرة أو ناعمة، أو تفجيرات داخلية مدعومة خارجيًا، ضمن مسار يهدف إلى تفتيت النفوذ القومي وتحويل هذه الدول إلى كيانات وظيفية مجزأة، غير قادرة على بناء مشروع نهضوي جامع. وتعكس خطابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب – لا سيما في حديثه عن غزة، أو عن شبه الجزيرة العربية – نَفَسًا استعماريًا جديدًا يعبّر عن أطماع دولية في قلب العالم العربي، بوصفه الفضاء الجغرافي الأهم من حيث الثروات والموقع، والمجال الذي لم تُحسم فيه معركة النفوذ بعد. فمساحة إسرائيل الضيقة، مقارنة بشبه الجزيرة العربية أو دول وادي النيل وبلاد الشام، تُغري المشروع الصهيوني بالسعي نحو "تمدد استراتيجي" يتجاوز الأمن العسكري إلى الهيمنة الاقتصادية والسياسية والثقافية، خاصة في ظل ما يُسمى بـ"صفقة القرن" أو مشاريع التطبيع المشروطة. إنّ مظاهر الابتهاج العربي المصاحبة للضربات الإسرائيلية ضد إيران، وإن بدت في ظاهرها نوعًا من التشفي أو الانتصار الرمزي، إلا أنها في جوهرها تعبّر عن انزلاق خطير نحو غياب البوصلة الاستراتيجية. فهذه الضربات، مهما حملت من رسائل تكتيكية، لا تصب في مصلحة القضايا العربية الكبرى، بل قد تُسهم في فتح الباب أمام مرحلة جديدة من تمدد المشروع الإسرائيلي داخل الجغرافيا العربية. شهدت المنطقة فجر السبت تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، شمل تبادل ضربات جوية وصاروخية استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة. الحادثة تعكس انتقال المواجهة بين الطرفين من حرب الظل إلى الاشتباك المباشر، ما ينذر بانفجار إقليمي واسع ما لم تتدخل القوى الدولية لاحتواء الموقف بسرعة.

إيرانيون حول العالم ينتفضون ضد الإعدامات ويطالبون بتحرك دولي عاجل (صور)
إيرانيون حول العالم ينتفضون ضد الإعدامات ويطالبون بتحرك دولي عاجل (صور)

اليوم الثامن

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • اليوم الثامن

إيرانيون حول العالم ينتفضون ضد الإعدامات ويطالبون بتحرك دولي عاجل (صور)

شهدت 14 مدينة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا تظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف الإيرانيين ومؤيدو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، احتجاجًا على إعدامات السجناء السياسيين في إيران، خاصة مؤيدي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. ركزت التظاهرات على الدعوة لاتخاذ إجراءات دولية عاجلة لوقف تنفيذ أحكام الإعدام، لا سيما بحق خمسة سجناء سياسيين مهددين بالنقل القسري من سجن إيفين إلى سجن قزل حصار، المعروف بتنفيذ الإعدامات، إضافة إلى ثلاثة آخرين تم نقلهم بالفعل إلى هذا السجن. خلفية التظاهرات والسياق التاريخي تزامنت التظاهرات مع الذكرى السنوية لفظائع عام 1975 التي نفذها جهاز السافاك التابع لنظام الشاه، حيث قُتل تسعة سجناء سياسيين في تلال إيفين بدعوى محاولة الفرار. كما أُعدم في نفس اليوم من عام 1972 أربعة أعضاء من اللجنة المركزية لمنظمة مجاهدي خلق. استُغلت هذه الذكرى لتسليط الضوء على استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، حيث أفادت منظمة العفو الدولية بإعدام 1015 شخصًا منذ تولي مسعود بزشكيان الرئاسة في أغسطس 2024، بما يشكل 64% من إجمالي الإعدامات العالمية في 2024. وقبل التظاهرات مباشرة، أُعدم 22 سجينًا، بينهم خمسة سجناء سياسيين وثلاث نساء، في 10 سجون إيرانية. كلمة مريم رجوي ومطالب المتظاهرين خاطبت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتظاهرين عبر الفيديو، مشيدة بشهداء السجناء السياسيين تحت حكم الشاه وملالي الثيوقراطية الحالية. وأكدت أن "شعب إيران مصمم على إقامة مجتمع ديمقراطي لا مكان فيه للشاه أو الملالي"، مشيرة إلى أوجه التشابه بين قمع نظام الشاه وجرائم النظام الحالي. ردد المتظاهرون شعار انتفاضة 2022: "الموت للظالم، سواء كان الشاه أو الملالي"، مطالبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا باتخاذ إجراءات حاسمة، بما في ذلك تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية في أوروبا، ووقف الإعدامات، والدفاع عن حق الشعب الإيراني في مقاومة القمع. مشاركة سياسيين ونشطاء حقوق الإنسان شهدت التظاهرات مشاركة شخصيات بارزة، منها في باريس دومينيك أتياس وبيير-إيف بورنازيل، النائب السابق في الجمعية الوطنية الفرنسية، وفي برلين مارتن باتزلت، عضو سابق في البوندستاغ، وديتليف فاغنر، نائب رئيس بلدية شارلوتنبورغ-فيلمرسدورف، إلى جانب الدكتورة معصومة بلورجي، ممثلة المجلس الوطني للمقاومة في ألمانيا. عززت هذه المشاركات من رسالة التظاهرات الداعية إلى العدالة وحقوق الإنسان. أنشطة التظاهرات وتأثيرها في مدن مثل برلين وكولونيا، سار المتظاهرون حاملين الأعلام الإيرانية التقليدية التي تحمل شعار الأسد والشمس، مع تنظيم معارض بصرية تعرض صور ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، مما لفت انتباه الجمهور إلى الأزمة المستمرة. نجحت هذه الأنشطة في تعزيز الوعي العالمي بالانتهاكات وتجديد الدعوات لتحرك دولي ضد النظام الإيراني. مثلت تظاهرات 18 و19 أبريل 2025 صرخة عالمية ضد الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، مع تأكيد على رفض كل من نظام الشاه والملالي. من خلال مشاركة واسعة وتنظيم فعال، بعث المتظاهرون برسالة واضحة تدعو إلى ثورة ديمقراطية تحقق العدالة والحرية للشعب الإيراني، مع حث المجتمع الدولي على اتخاذ موقف حاسم ضد القمع المستمر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store