logo
اعتقالات وإصابات بهجمات للمستوطنين في الضفة الغربية

اعتقالات وإصابات بهجمات للمستوطنين في الضفة الغربية

الجزيرةمنذ 10 ساعات
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي -فجر اليوم الثلاثاء- 3 فلسطينيين خلال اقتحمها عدة مدن وقرى في الضفة الغربية المحتلة، ومن جانب آخر أصيب فلسطينيون جراء هجمات جديدة للمستوطنين.
وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال اقتحمت فجر اليوم مدن طولكرم و نابلس وجنين شمالي الضفة.
وأضافت المصادر أن قوة إسرائيلية داهمت عدة منازل خلال اقتحامها الحي الشرقي في مدينة جنين.
وتابعت أن القوات المقتحمة اعتقلت والد أحد المطاردين في ضاحية شويكة شمال طولكرم ، للضغط على نجله لتسليم نفسه.
وشملت الاقتحامات كذلك مخيم العين غرب نابلس، حيث اعتقل شاب واحد على الأقل.
وفي وسط الضفة، اقتحمت قوات إسرائيلية حي الإرسال في مدينة رام الله واعتقلت فلسطينيا فيه.
كما اقتحمت قوات الاحتلال قرية سنجل شمال رام الله ، ومخيم شعفاط شرق مدينة القدس المحتلة.
وفي وقت سابق من مساء أمس، أصيب عدد من الفلسطينيين بجروح ورضوض في هجمات للمستوطنين والجيش الإسرائيلي شمال وجنوبي الضفة المحتلة، بينما طالت الاعتداءات كذلك متضامنين أجانب.
ومن جانبه قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه نقلت إلى المستشفى في مدينة طوباس (شمالي الضفة) إصابتين لمتضامنيْن أجنبيين نتيجة اعتداء المستوطنين والجيش عليهم في خربة بزيق في الأغوار الشمالية.
وجنوبي الضفة المحتلة، أصيب عدد من الفلسطينيين، في هجمات للمستوطنين على بلدتي حلحول وصوريف شمال مدينة الخليل.
كما أتلف المستوطنون محصول عنب لمواطنين في منطقة الحواور ببلدة حلحول، وسرقوا آخر، كما أشعلوا النار في محيط منزل أحد المواطنين.
ووفق تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ مستوطنون -خلال يوليو/تموز الماضي- 466 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، مما أسفر عن استشهاد 4 مواطنين، وترحيل قسري لتجمعين بدويين يتكونان من 50 عائلة فلسطينية.
وإثر بدء الحرب على غزة، تصاعدت اعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة المحتلة، وأدى ذلك لاستشهاد 1013 فلسطينيا وإصابة 7 آلاف واعتقال أكثر من 18 ألفا آخرين.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الفشل التام بانتظار نتنياهو في غزة
الفشل التام بانتظار نتنياهو في غزة

الجزيرة

timeمنذ 8 دقائق

  • الجزيرة

الفشل التام بانتظار نتنياهو في غزة

سبق مشروع نتنياهو لاحتلال مدينة غزة، مشروع يستهدف احتلال قطاع غزة بالكامل، وقد اضطر إلى التراجع عنه، بسبب معارضة قائد الجيش إيال زامير له. ولم تكشف الأسباب التي احتج بها زامير، لفرض هذا التراجع على نتنياهو. ولكن بالتأكيد، كانت تتعلق، بعدم قدرة الجيش على إنجازها، أو في الأقل، حجم الخسائر المتوقعة، لمعركة فاصلة بهذا الحجم. الأمر الذي يسمح بالاستنتاج، أن الجيش أصبح أضعف مما يتصور الكثيرون، بعد 21 شهرا، من حرب برية في قطاع غزة، ومن حرب إبادة إنسانية، وتدمير شبه شامل، وأخيرا، وليس آخرا، مع حرب فرض الجوع حتى الموت على الشعب الفلسطيني، خصوصا على آلاف الأطفال. لقد سُربت أخبار كثيرة، عن ضعف تلبية قوات الاحتياط، للانخراط في الجيش، والذهاب إلى غزة. وأُشير إلى خسائر فادحة، في سلاح الدبابات والآليات. وكذلك حول أعداد مقدرة، بانتشار الأمراض النفسية، بين الجنود الذين خدموا في المعارك البرية. من هنا يفسر تردد قائد الجيش وخوفه، ومن ثم عدم التأكد من نتيجة خوض حرب، بهذا الشمول والاتساع، بما في ذلك، لو حُصرت بمدينة غزة. على أن أهم ما يمكن الاستدلال به، بالنسبة إلى ميزان القوى، ما تمثله عشرات المقالات والتقييمات الصادرة، عن قادة عسكريين تاريخيين، خدموا بالجيش، والشاباك، والموساد، ألمحت كلها، إلى أنه لا جدوى للحرب التي خاضها نتنياهو، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ووصل البعض إلى اعتبار السياسات العسكرية، التي أمر بها نتنياهو، طوال الأشهر الماضية، كانت مدمرة للكيان الصهيوني، داخليا، وخارجيا، ولا سيما الإساءة لسمعة الكيان، لدى الرأي العام العالمي. وبالمناسبة، قليل من الخبراء من أيد نتنياهو، فيما راح يدعيه، من انتصارات وإنجازات. ولهذا، فإن أكثر الخبراء العسكريين والسياسيين، أبدوا مخاوف متشائمة، في حالة زج نتنياهو بالجيش، في حرب تستهدف احتلال قطاع غزة، أو حتى مدينة غزة، وحدها. ومن هنا لا حاجة إلى معرفة الأسباب، التي أوردها قائد الجيش إيال زامير، لعدم تنفيذ الاحتلال الكامل، لقطاع غزة. وذلك، لأن من الممكن الاستنتاج، أنها صبت في اتجاه المخاطر، التي تنتظر الجيش الصهيوني، عسكريا، إذا ما دفع قواته البرية لاحتلال كل القطاع. هذا، إذا لم يصل التشاؤم، في النتيجة المتوقعة إلى احتمال إنزال هزيمة عسكرية بالجيش، خصوصا، إذا حدثت اشتباكات، قد تدفع ببعض الجنود إلى الهرب. والهرب في الجيوش إذا ما حصل، يكون معديا للجنود الآخرين، كما يعدي وباء الطاعون. إن إنزال الهدف، ليقتصر على احتلال مدينة غزة يحمل، بالضرورة، كل الأخطار، أو التحفظات، التي حملها قائد جيش العدو لنتنياهو، من الاحتلال الشامل، وأن المساومة، على حصر الاحتلال في مدينة غزة، لا يغير شيئا. بل حتى في هذه المساومة، قد يكون التردد، لدى قيادة الجيش، بمستوى التردد في احتلال كل القطاع، تقريبا. طبعا، لا يُستبعد أن يكون نتنياهو، قد ركز على أمل الضغط على حماس وتخويفها، وعدم الوصول إلى مرحلة التنفيذ، وذلك ليمرر قرار احتلال مدينة غزة. هذا، ولا يمكن لتقدير موقف، مدقق جيدا في الحسابات والتقييم، أن يعتبر نتنياهو، طوال تجربة الحرب البرية، من جهة، وحرب الإبادة والتجويع، من جهة أخرى، إلا مرتكبا للأخطاء المدمرة عسكريا، بالنسبة إلى الجيش، حين أدخله في التجربة التي أدخله فيها، ونتائجها الميدانية، حيث لم يستطع أن يهزم المقاومة، ولم يستطع أن يتجنب سوء السمعة، التي حلت بالكيان الصهيوني، لدى الرأي العام العالمي. وما سيصحبها من خسائر إستراتيجية مستقبلا. وهنا، لا تفسير لهذا العناد، على ارتكاب الأخطاء والجرائم، والتدمير الذاتي، إلا حرص نتنياهو، على البقاء في السلطة، حفاظا على تحالفه، مع بن غفير وسموتريتش، اللاعبين الأحمقين في السياسة. ثم حرصه على عدم محاكمته وسجنه، في حال أوقف الحرب، ورفع غطاء ترامب، عنه. ولكن ما كان لهذا العناد، مع كل هذه الأخطاء والجرائم، والغطاء، فضلا عن عزلته الدولية، خاصة أوروبيا، وداخليا أميركيا، أن يستمر، لولا أن ما مُورس عليه من ضغوط، لم تكن كافية، لكسر هذا العناد. على أن هذه المعادلة لن تستمر طويلا، خصوصا، مع ما أخذ يتعاظم، من معارضة دولية، حتى من حلفائه. وذلك بسبب إستراتيجية الاحتلال الكامل لمدينة غزة. ولعل من مظاهر هذا التطور لكسر عناد نتنياهو، بيان الدول الأوروبية الثماني الأخير، وما أخذ يعلَن أوروبيا، عن وقف لإرسال السلاح، والتلويح بالعقوبات، مما يحرج ترامب، أيضا، إذ لم يعد ينفع ترك نتنياهو، ليستمر في ممارسة عناده، الخاسر لا محالة. وإن ما يسمح بتعزيز هذا التوقع، بكسر عناد نتنياهو، في الآتي من الأيام، هو ما راحت، تحققه المقاومة، من إنجازات عسكرية ميدانية، كل يوم. وما أخذت تبديه من تمسك بمطالبها، وشروطها العادلة والمحقة، لتوقيع اتفاق إنهاء الحرب. الأمر الذي يعني أن موقف كل من المقاومة والشعب، يشكل سدا منيعا وجدارا جبارا، لن يقهرا، إذا ما أقدم نتنياهو، على ارتكاب جريمة احتلال مدينة غزة. والخلاصة، لو حاولنا تلخيص العلاقة بين مقدري الموقف، أو المحللين السياسيين، طوال سنة وعشرة أشهر، في تقييم سياسات نتنياهو، وممارساته في حرب غزة، لوجدناه في كل مرحلة، يطرح برنامجا عسكريا للهجوم، وحسم الحرب، ومصعدا للحرب في كل مرة، بما يوهم، بعد كل فشل، أنه الآن في صدد خطة جديدة، سوف تأتي بالحل الذي يطرحه. وهذا ما يحدث الآن، في هذه المرحلة، التي أعلن فيها نتنياهو، إستراتيجية احتلال مدينة غزة. وهو ما ستختلف فيه التقديرات أو التحليلات، كما في كل مرة. ولكن من دون أخذ العبرة الأساسية، من التجارب السابقة، وهي أن نتنياهو، لا يملك إستراتيجية، مدروسة مفكّرا فيها جيدا، وإنما يتبنى كل مرة إستراتيجية، تعوض فشل الإستراتيجية التي سبقتها، وذلك من خلال الإيحاء بأنها خطة جهنمية جديدة. ونتنياهو يعتمد هذا النهج المكرر، بسبب عدم تسليمه بوجود تحليل دقيق لميزان القوى الذي أفشل خططه السابقة. هذا، وما زال أمام نتنياهو، في غزة، ما يُفشل إستراتيجيته الذاهبة إلى احتلال مدينة غزة. طبعا ما لم تفشل، قبل أن تبدأ.

أنس.. من الشاهد إلى الشهيد: تشريح إفلاس القاتل
أنس.. من الشاهد إلى الشهيد: تشريح إفلاس القاتل

الجزيرة

timeمنذ 30 دقائق

  • الجزيرة

أنس.. من الشاهد إلى الشهيد: تشريح إفلاس القاتل

"إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي".. بهذه الكلمات التي تخترق جدار الصوت والروح، لم يبدأ أنس الشريف، مراسل الجزيرة في غزة، نهاية قصته، بل دشن خلودها. لم تكن هذه وصية رجل يستسلم للموت، بل كانت نصا تأسيسيا لمعركة قادمة، إستراتيجية مضادة كُتبت باليقين في وجه صاروخ لم يكن يهدف إلى قتل جسد، بل إلى اغتيال حقيقة. إن استشهاد أنس الشريف وزميله محمد قريقع 10 أغسطس/ آب 2025 ليس مجرد جريمة حرب تُضاف إلى سجل طويل ومظلم؛ بل هو لحظة انكسار تكشف عن إفلاس إستراتيجي وأخلاقي كامل لـ"معسكر الاحتلال"، إنه ليس مجرد خبر، بل هو عارض مرضي لحالة تحتضر، وعلامة فارقة في معركة "الطوفان الثقافي" الذي يعيد تشكيل وعي العالم. هذا المقال ليس رثاء، بل هو تشريح دقيق لهزيمة القاتل في اللحظة التي توهم فيها أنه انتصر. تجريد أدوات المعركة: حين تصبح الكاميرا أخطر من الدبابة لفهم عمق ما حدث، يجب أن نجرد المعركة من أدواتها المادية ونتأمل في وظائفها الرمزية. في حروب القرن العشرين، كانت القوة تقاس بالحديد والنار، بالدبابات والطائرات. أما في حرب السرديات المعاصرة، حرب الوجود والهوية، فقد أصبحت "الكاميرا" هي خط المواجهة الأول، وسلاح الردع الأكثر فاعلية. في يد صحفي مثل أنس الشريف، لم تكن الكاميرا مجرد أداة نقل سلبية، بل كانت أداة "خلق للواقع" في وعي العالم، قوة فاعلة تُبطل مفعول آلة دعاية كلفت مليارات الدولارات. كل صورة بثتها، كل تقرير حي نقلته من قلب الدمار، كان يمثل طلقةَ حقيقةٍ في وجه سردية الخصم! لقد كشفت الكاميرا عن "عدم التوازن" الهائل بين قوة عسكرية غاشمة وحقيقة إنسانية مجردة، وأجبرت العالم على النظر إلى ما كان يُراد له أن يبقى في الظلام. هنا، لجأ المعسكر الآخر إلى أداته المضادة: الاغتيال! لكن، يجب أن نرى هذا الاغتيال على حقيقته، ليس كعمل عسكري تكتيكي، بل كعمل "معرفي" يائس. إنه إستراتيجية "اقتل الشاهد"، التي لا تهدف إلى القضاء على فرد، بل إلى القضاء على "زاوية الرؤية" التي يمثلها، إطفاء النور لخلق فراغ معلوماتي، صندوق أسود تُرتكب فيه الفظائع دون أن يراها أحد. إنه اعتراف صريح ومذل بالهزيمة في ساحة النقاش، والإقرار بأنهم لا يستطيعون مواجهة الصورة، فيلجؤون إلى تدمير العين التي تلتقطها. لكن، من رحم هذا العنف وُلدت الأداة الثالثة، الأقوى على الإطلاق: "الوصية" كسلاح للخلود. لقد ارتكب القاتل خطأ إستراتيجيا قاتلا؛ لقد حوّل الشاهد إلى شهيد، والشاهد يمكن إسكاته، أما الشهيد فهو شخصية لا تموت، تتجاوز الزمان والمكان. وصية أنس الشريف المسجلة أصبحت "نصا مقدسا" في هذه المعركة الثقافية، منشورا لا يمكن حذفه، وصوتا لا يمكن خنقه. فعل القتل، الذي هدف إلى الإنهاء، أطلق عملية "بعث" للسردية على مستوى أوسع وأكثر ديمومة، محققا بعمله ذاك عكس ما أراده تماما. البعد التاريخي: أصداء إستراتيجية اليائسين إن إستراتيجية "اقتل الشاهد" ليست ابتداعا جديدا، بل هي علامة مسجلة تاريخيا للأنظمة التي تبدأ بفقدان شرعيتها وتوازنها… إنها صدى يتردد عبر تاريخ الصراعات المظلمة. في فيتنام، لم تكن الطائرات الأميركية تخشى شيئا قدر خشيتها من عدسات مصورين مثل "نيك أوت"، الذي التقط صورة الطفلة الهاربة من جحيم النابالم، وهي الصورة التي فعلت ما لم تفعله الجيوش في تغيير الرأي العام الأميركي. وفي حصار سراييفو، كان قناصة الصرب يتعمدون استهداف الصحفيين؛ لأن تقاريرهم كانت تجلب التعاطف الدولي، وتحشد الضغط السياسي. وفي نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، كانت كبرى المعارك هي معركة منع الكاميرات من توثيق حقيقة القمع. النمط ثابت وواضح: اللجوء إلى استهداف الصحفي هو العرض الأخير لمرض "الاستبداد المعرفي"، وهو يأتي دائما عندما يعجز النظام عن تبرير أفعاله، فيلجأ إلى منع توثيقها. إنه ليس علامة قوة، بل هو تشنج ضعف، واعتراف بأن الحقيقة التي يحملها هذا الصحفي أصبحت خطرا وجوديا على سردية الدولة بأكملها. ما يميز لحظة أنس الشريف هو أن هذا الفعل اليائس يحدث في عصر رقمي لا يرحم، حيث تتضاعف تداعيات قتل الشاهد بشكل لا نهائي. الطوفان الثقافي والسد المنهار وهنا، تتحول فكرة "الطوفان الثقافي" من كونها مجرد مفهوم نظري، لتصبح حقيقة ملموسة وهادرة يؤكدها القاتل بفعلته. هذا الطوفان ليس شيئا مجردا، بل هو النتيجة الحتمية والمباشرة لمحاولتهم اليائسة إخفاء الحقيقة. فالطوفان يتجسد واقعا في آلاف عمليات إعادة نشر وصية أنس الشريف، وفي ملايين التغريدات التي حولت اسمه إلى وسم عالمي، وفي وجوه المتظاهرين من طوكيو إلى نيويورك الذين رفعوا صورته. كل مقطع فيديو يحلل جريمته، وكل مقال يُكتب عن إرثه، وكل ناشط يحمل قصته.. كل شيء من ذلك هو قطرة في هذا الطوفان الذي أطلقوه بأيديهم. لقد ظنوا أنهم باغتيال الشاهد يبنون سدا من الصمت، لكن الصاروخ الذي قتله لم يكن حجرا في هذا السد، بل كان الديناميت الذي نسفه بالكامل، مُطلقا موجة عاتية من الوعي الجمعي والغضب الإنساني. إنهم لم يواجهوا الطوفان؛ بل إنهم، بفعلتهم هذه، من استدعوه وأثبتوا وجوده وقوته التي لا يمكن السيطرة عليها. الإفلاس الكامل لمعسكر الاحتلال إن اغتيال أنس الشريف ليس مجرد جريمة، بل هو شهادة إفلاس شاملة للمعسكر الذي ارتكبها، ويمكن تشريح هذا الإفلاس على ثلاثة مستويات: إعلان الإفلاس الأخلاقي: إن الانتقال من مرحلة التكذيب (اعتبار ما تقوله الجزيرة كذبا) إلى مرحلة الاغتيال المباشر، مع تبريره السخيف باتهام صحفي معروف بأنه "قائد خلية"، هو إعلان صريح بالتخلي عن آخر قناع أخلاقي، أو أي ادعاء بالانتماء إلى عالم يحترم القانون الدولي وحرية الصحافة. الإفلاس الإستراتيجي: على المدى الطويل، هذا الفعل هو انتحار إستراتيجي؛ فلقد حولوا صحفيا محترفا إلى أيقونة عالمية خالدة، لقد منحوا خصومهم رمزا لا يُقهر وقصة ملهمة ستتردد لعقود.. لقد حققوا خسارة إستراتيجية فادحة مقابل مكسب تكتيكي، يتمثل في إسكات صوت واحد ليوم واحد. الإفلاس السردي: وهذه هي النقطة الأهم.. عندما تلجأ إلى القوة الغاشمة لإسكات حامل القصة، فأنت تعترف بشكل قاطع بأن قصته كانت هي الحقيقة، وأنك لا تملك قصة مضادة مقنعة أو حجة فكرية تواجهها، لقد خسرت "حرب الأفكار" فلجأت إلى "حرب الأجسام". إنه الإفلاس المطلق في سوق الشرعية العالمية، وإعلان الهزيمة في معركة العقول والقلوب. أرادوا قتل الشاهد، فحوّلوه بجهلهم إلى "الدليل" نفسه؛ دليل أبدي، لا يمكن دحضه، على الجريمة وعلى إفلاس مرتكبها إرث الشاهد نعود من حيث بدأنا: وصية أنس الشريف.. لقد فهم بعمق قوانين المعركة الجديدة، فهم أن جسده "أداة" مؤقتة، لكن "الشهادة" كفعل يمكن أن تصبح إرثا خالدا. لم يكن مقتله نهاية سردية الحقيقة في غزة، بل كان الدليل الأكثر دموية وإقناعا على صحة كل حرف تم بثه من هناك. أرادوا قتل الشاهد، فحوّلوه بجهلهم إلى "الدليل" نفسه؛ دليل أبدي، لا يمكن دحضه، على الجريمة وعلى إفلاس مرتكبها. وهذا هو قانون الكون الأزلي، حيث يولد من رحم الظلم المطلق- وبشكل حتمي- الضوء الذي يكشفه ويهزمه.

الرفاق الأربعة.. أصوات الحقيقة لا تموت
الرفاق الأربعة.. أصوات الحقيقة لا تموت

الجزيرة

timeمنذ 31 دقائق

  • الجزيرة

الرفاق الأربعة.. أصوات الحقيقة لا تموت

أعترف أنه نادرا ما اضطربت الكلمات عندما أردت كتابتها، أو ارتجفت عندما قررت تنظيم حروفها، فأنا أمام حكاية مجد قد لا يتكرر بسهولة، مجد نادر بطعم الصدق، والنضارة، والعنفوان الأصيل الغض والقوي.. أمام حكاية تتجدد. حكاية الأربعة، أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، هي حكاية الوجع الفلسطيني، وخريطته من مجدل كوكبا وديشوم بقضاء صفد حتى أم الرشراش جنوبا، مرورا بالجورة والمجدل وأسدود وعسقلان.. أمل العودة، وحكاية المسير الطويل، والعذاب. هب أنك، أيها الجلاد، قتلت أنس ومحمد وإبراهيم ومحمد، وطاردت عوائلهم، ومحوتهم كما محوت مئات العائلات من الجد السابع حتى الحفيد الرضيع، فهل ستُسكت الملايين حول العالم الذين باتوا يفهمون، ويدركون؟ حكاية الأربعة هي حكاية محاولة إسكات صوت الحق والحقيقة، الصوت الموجع الذي يؤلم الجلاد.. لماذا لا تزال الضحية قادرة على الحركة، وقادرة على الكلام؟ لماذا هي كذلك رغم أننا نطارد حناجرها الناطقة، وعيونها الكامنة خلف العدسات، محاولة اقتناص اللحظات، وتوثيق الجريمة؟ حكاية الأربعة هي حكاية استمرار استهداف الحق كلمة وصورة، وجعا وألما، حكاية إخلاء المسرح لما هو أشد وأنكى! ولكن، هل يمكن إسكات الحق؟ هل يمكن إخراس الذاكرة؟ هل يمكن حبسها عن الحديث والتذكر والاحتفاظ والاسترجاع؟ تقول بعض القصص إن الدماء البريئة الطاهرة لا تبتلعها الأرض، وسواء كان هذا صحيحا أم لا، فإن الثابت أن الأرض تحكي وتخبر وتدون، وستحكي، وهذا حتى قبل اليوم الآخر حين تخرج أثقالها، وتحدّث أخبارها، ويقول الإنسان: ما لها؟ قبل ذلك كله.. من قال إن الذاكرة تُمحى بسهولة؟ من قال إن الجذور يمكن اقتلاعها؟ من قال إن الناس تنسى؟ هب أنك، أيها الجلاد، قتلت أنس ومحمد وإبراهيم ومحمد، وطاردت عوائلهم، ومحوتهم كما محوت مئات العائلات من الجد السابع حتى الحفيد الرضيع، فهل ستُسكت الملايين حول العالم الذين باتوا يفهمون، ويدركون؟ هب أنك اقتلعت الأسر الغزيّة من أحيائها، ورميت بها إلى أقاصي الأرض، فهل سينسى الغزي أنه ابن غزة هاشم؟ هذه هي الحقيقة المرة.. يبدو أن الجلاد نسي تعلُّم الدرس القديم، إن ما قيل عن أن الكبار يموتون، والصغار ينسون، ثبت تماما فشله! فمن الذي نسي؟ الجلاد أم ضحيته الصامدة؟ الخلود لمن ارتقوا شهداء للأعالي، حيث ينتظرهم نهر بارق، ويرفرفون طيورا خضرا حيث شاؤوا في الوطن الأقدم، فإن لم يعودوا لمواطن آبائهم، فقد عادوا لمفهوم الوطن القدسي البعيد التجويع انتقلت صوره عبر الدنيا بسبب مصورين جريئين طاردهم الجلاد، وهاجمهم، وحاول تخويفهم فأخفق، فقرر تصفيتهم، ثم ماذا؟ قصة التجويع المروعة انتقلت عبر المايكات، نقلتها أصوات الحق فطاردها الجلاد وهاجمها وقتلها.. فكان ماذا؟ هب أننا نسينا، فهل سينسى الملايين الذين استيقظت فيهم الإنسانية، وتحركت بأصدق ما تكون الحركة لما سمعوا أصوات المراسلين تصدح بالأنين المكتوم خلف نقل الحقيقة كما هي؟ فلا داعي للوصف؛ فالواقع أسوأ من الخيال. 200 صحفي بين عشرات آلاف الشهداء ومئات آلاف الجرحى والمعاقين ليسوا أرقاما، بل لعنات ستطارد الجلاد، وتؤرق الطارئ، وتعذب المعتدي، وترهق ضمير الإنسانية. سيقول التاريخ دوما كلمته، سيبقى صاحب الحق ثابتا في أرضه، سيبقى صاحب القضية قابضا على جمرها. الخلود لمن ارتقوا شهداء للأعالي، حيث ينتظرهم نهر بارق، ويرفرفون طيورا خضرا حيث شاؤوا في الوطن الأقدم، فإن لم يعودوا لمواطن آبائهم، فقد عادوا لمفهوم الوطن القدسي البعيد. وعلينا أن نطلب من الله أن يرحمنا؛ فهو أعلم بما نقاسي في مواجهة مشاهد مهولة من القسوة، لا نجد معها للعيش طعما.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store