logo
بعد اشتعال سماء السودان.. من ينتصر في حرب المسيرات؟

بعد اشتعال سماء السودان.. من ينتصر في حرب المسيرات؟

الجزيرةمنذ 3 أيام

مع بداية ربيع هذا العام، وتحديدا في مارس/آذار الماضي، كان الجيش السوداني قد دحر قوات الدعم السريع التابعة لمحمد حمدان دقلو (حميدتي) من الخرطوم. استعادت القوات المسلحة السودانية القصر الجمهوري، وكان هذا تكليلا لسلسلة من هزائم قوات حميدتي، والتي استمرت حتى بعد استعادة السيطرة على الخرطوم.
لكن هذا لم يعن أن حميدتي اعترف بالهزيمة بعد، فعلاقاته الإقليمية وتحالفاته القبلية العابرة لحدود السودان، والموارد التي يسيطر عليها وتمنحه قدرة مالية غير عادية، كلها مكنته من نقل الحرب في السودان إلى مرحلة جديدة وخطيرة، يمكن عنونتها بحرب الطائرات المسيرة.
فقد شرعت قوات الدعم السريع، التي هُزمت على الأرض، في استخدام الطائرات المسيرة في هجمات مكثفة غير مسبوقة على مناطق كانت تُعد آمنة سابقًا، الأمر الذي قد يغير من شكل الحرب الحالية، أو ينقلها لمرحلة جديدة، ربما تكون الأخيرة على الأرجح.
فما بين 4 و7 مايو/أيار الجاري، استمرت قوات الدعم السريع في قصف بورتسودان يوميًّا بالطائرات المسيرة. وقد أصابت هذه الطائرات أهدافًا في الشرق البعيد عن معاقلها، مستهدفةً مواقع إستراتيجية تتضمن خزانات وقود، ومستودع ذخيرة، وقاعدة عسكرية، ومحطة الكهرباء الرئيسية في المدينة، إضافة إلى المطار. تعد بورتسودان العاصمة الفعلية للحكومة السودانية على ساحل البحر الأحمر.
وقد تسببت بعض هذه الهجمات في حرائق هائلة وانقطاع في التيار الكهربائي في جميع أنحاء المدينة، مما أجبر السلطات على تعليق الرحلات الجوية لبعض الوقت كإجراء احترازي، مما اثار صدمة وسط السكان.
توسع الهجوم
لم يقتصر استخدام قوات الدعم السريع للطائرات المسيّرة على بورتسودان. ففي الأشهر الأخيرة، ومع إنهاء القوات المسلحة السودانية نفوذ قوات حميدتي وسط السودان، وجّهت تلك القوات مسيّراتها بشكل متزايد إلى البنية التحتية الحيوية التي تخدم السودانيين، فضلًا عن الأهداف العسكرية في العديد من المناطق التي استعادتها أو يسيطر عليها الجيس السوداني.
تتصرف قوات الدعم السريع باعتبارها مليشيا متمردة تستهدف مقدرات السودانيين إلى جانب نقاط قوة الجيش فقط. ومن أبرز الحوادث التي تدلل على ذلك ما حصل في سد مروي في يناير/كانون الثاني الماضي حينما قصفت مسيرات تابعة لقوات الدعم السريع أكبر سد كهرومائي في البلاد، مما أدى إلى إتلاف المحولات وانقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة من شمالي السودان.
يُنتج سد مروي ما بين 40% و60% من كهرباء السودان، لذا كان لتعطيله آثار فورية على المستشفيات ومحطات المياه والحياة المدنية في المناطق.
وبالمثل، في 25 أبريل/نيسان الماضي قصفت طائرات مسيرة محطة كهرباء عطبرة الفرعية في ولاية نهر النيل، وتسبب ذلك في اندلاع حريق كبير وقطع للتيار الكهربائي عن ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، وقد زاد ذلك من إجهاد السكان الذين يعانون بالفعل.
وبين أواخر عام 2024 ومارس/آذار 2025، سُجل ما يقرب من 50 هجومًا بطائرات بدون طيار على البنية التحتية والمواقع اللوجستية في شمالي السودان، وركز نحو نصف هذه الغارات على سد مروي ومطار دنقلا ومطار عطبرة.
أهداف إستراتيجية
تُسلط كل حادثة من هذه الحوادث الضوء على إستراتيجية قوات الدعم السريع الناشئة المتمثلة في استخدام الطائرات المسيرة لضرب مقدرات السودانيين والقوات المسلحة حتى تكون أقل جاهزية، ولإفقاد السودانيين الثقة في الجيش وقدرته على حمايتهم.
فمن خلال مهاجمة البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الكهرباء ومستودعات الوقود والقواعد النائية، تسعى قوات الدعم السريع إلى تقويض قدرة الحكومة المركزية على الحكم وشن الحرب، أو بمعنى أوضح، فإن الهدف هو جعل المناطق الامنة غير قابلة للحياة.
ومن ثم تهدف قوات الدعم السريع إلى إثبات أنه حتى لو سيطرت القوات المسلحة السودانية على مدن مثل الخرطوم أو بورتسودان، فإنها لا تستطيع تأمينها بالكامل من هذه الهجمات.
إذن، نحن أمام صورة من صور الحرب النفسية التي تهدف لزعزعة استقرار شرقي وشمالي السودان، وبالتالي تحاول قوات الدعم السريع أن تقول إنه حتى لو خسرت الخرطوم، فإن القوات المسلحة السودانية لا يمكنها الادعاء أنها انتصرت في الحرب.
أضف إلى ذلك جانبا آخر مهما، فبضرب المطارات والمستودعات البعيدة عن خطوط المواجهة، سعت قوات الدعم السريع إلى استنزاف دفاعات القوات المسلحة السودانية، وتقويض قدرتها على تعزيز أو إعادة إمداد القوات.
إلى جانب ذلك، تتناسب حرب المسيرات مع الوضع الحالي لقوات الدعم السريع. فبعد طردها من وسط السودان إلى قاعدتها الغربية، قد تجد صعوبة في شن عمليات تقليدية واسعة النطاق في الشرق. ولذلك تُتيح الطائرات المسيرة وسيلة لمواصلة العمل الهجومي عن بُعد، وبالتالي دخل السودان بالفعل مرحلة حرب المسيرات.
في النهاية، يُعدّ اعتماد قوات الدعم السريع على الطائرات المسيّرة اعترافًا بمحدودية قوتها البشرية وقدرتها الجوية مقارنةً بالجيش الوطني، في سعي لتوظيف التكنولوجيا لتحقيق التوازن في الصراع.
مسيرات متنوعة
في الواقع، تُعطي المسيرات قوات الدعم السريع ضربةً بعيدة المدى لتعويض خسارتها للأرض، مما يسمح لها بإلحاق أضرار إستراتيجية، ونشر الخوف إلى ما هو أبعد من خطوط المواجهة التقليدية.
وبشكل أساسي، تستخدم قوات الدعم السريع ما يُعرف بالذخائر المتسكعة في هذه المعارك، وهي مسيرات صغيرة الحجم نسبيا، تحلق فوق منطقة الهدف، وحينما تجد فرصة تُوجّه إليه ضربة وكأنها قذيفة. هذه الطائرات بدون طيار منخفضة التكلفة نسبيًا، ويمكن استخدامها في أسراب منسقة.
وُصفت المسيّرات الانتحارية التي تستخدمها قوات الدعم السريع بأنها طائرات ذات أجنحة دلتا مزودة بمحركات مكبسية وهياكل صندوقية، وهو تصميمٌ مُحسّن لمهام الهجوم في اتجاه واحد، ولاحظ المحللون أن الإصدارات الحديثة من هذه الطائرات المسيرة المتسكعة تبدو ذات أشكال أو ميزات مُحسّنة (مثل بصمات رادار أصغر أو سرعة أعلى) تجعلها أكثر قدرة على اختراق الدفاعات الجوية.
تحمل كل طائرة مسيرة حمولة محدودة، لكن السرب المنسق يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمة، كما حدث في هجمات بورتسودان والتي أشعلت النيران في خزانات الوقود وألحقت أضرارا بالبنية التحتية.
وإلى جانب ذلك، تستخدم هذه المسيرات بتكتيك عسكري واضح. في بورتسودان، على سبيل المثال، أطلقت قوات الدعم السريع موجةً أولى من 11 طائرة مسيرة انتحارية في هجومٍ سربي على قاعدة عثمان دقنة الجوية ومواقع أخرى.
أُسقطت معظم هذه الطائرات الصغيرة من قبل قوات الجيش، لكنها كانت بمثابة تشتيت تكتيكي، لأنه بينما كانت الدفاعات الجوية منشغلة بالتصدي للسرب، انطلقت هجمة ثانية بطائرةٍ مسيّرةٍ واحدة "إستراتيجية" أكبر حجمًا، والتي استطاعت اختراق التحصينات، وضربت الهدف ذا القيمة العالية في القاعدة العسكرية.
يسلّط هذا التكتيك، المتمثل في إغراق الدفاعات بمسيرات انتحاريةٍ متعددة قبل إرسال مسيرة أكثر فتكًا، الضوء على إستراتيجية الطائرات المسيّرة المتطورة نسبيا لقوات الدعم السريع.
إلى جانب المسيرات الانتحارية، رصدت طائرات مسيّرة قتالية أكبر حجمًا وبعيدة المدى يُعتقد أنها صينية الصنع، حيث كشفت صور الأقمار الصناعية في أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025 عن وجود طائرات مسيّرة متطورة في مطار نيالا، الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع في جنوب دارفور.
وحدّد محللو الدفاع من مؤسسة "جاينز" هذه الطائرات المسيّرة، ووجدوا على الأرجح أنها من طراز "سي إتش-95" (CH-95) التابعة لشركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، وهي طائرات متطورة قادرة على المراقبة والضربات الدقيقة على مسافات تصل إلى 200 كيلومتر أو أكثر، مع مدة تحليق من 6 إلى 12 ساعة، ومدى ارتفاع أقصى 7 آلاف متر، وسرعة الانطلاق أكثر من 200 كلم/ساعة.
يعني ذلك أن المسيرة متوسطة الارتفاع وطويلة الأمد، ويبلغ طول جناحيها حوالي 12 مترًا، وقادرة على حمل أنظمة استطلاع كهروضوئية نهارية وليلية، ورادار متخصص، وذخائر موجهة بدقة، ووسائل اتصالات، ومعدات حرب إلكترونية.
من الناحية الفنية، يمكن لهذه الطائرات المسيرة الأكبر حجمًا أن تحلق على ارتفاعات عالية لفترات طويلة وتحمل حمولة أثقل بكثير من ذخائر قوات الدعم السريع الانتحارية. على سبيل المثال، يمكن لطائرة بدون طيار من طراز "سي إتش-95" إطلاق قنابل موجهة أو صواريخ جو-أرض ضد أهداف نقطية، أو حتى استخدامها كقاذفة متسكعة لتنفيذ هجوم انتحاري بحد ذاتها.
يمنح مداها وقدرتها على التحمل؛ قوات الدعم السريع القدرة على ضرب البنية التحتية الإستراتيجية مثل مستودعات الوقود في بورتسودان أو شبكة مروي، دون الحاجة إلى وجود فعلي في مكان قريب. ومع ذلك، فإن تشغيل مثل هذه الطائرات المسيرة المتطورة يتطلب تدريبًا ودعما لوجستيا وربما خبرة خارجية، وهي عوامل تشير إلى التدخل الأجنبي في تعزيز برنامج الطائرات المسيرة لقوات الدعم السريع.
رد فعل الجيش
يتعيّن على الجيش السوداني الآن تحويل وحداته المضادة للطائرات وأنظمة المراقبة لحماية البنية التحتية في قلب البلاد، مما قد يحد مما يمكن توفيره لهجمات الخطوط الأمامية في كردفان أو دارفور، وقد يُؤخّر هذا خطط شنّ هجوم كبير في غربي السودان الذي تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من غرب السودان، وهو هدف القوات المسلحة السودانية بعد استعادة الخرطوم.
في مواجهة تهديد مسيرات قوات الدعم السريع، لجأت القوات المسلحة السودانية بالفعل إلى التكيّف مع هذا التهديد من خلال دفاعات وتكتيكات خاصة بها لمواجهة الطائرات المسيرة.
على المدى القريب، ردت وحدات القوات المسلحة السودانية حول بورتسودان على هجمات مايو/أيار الجاري باستخدام نيران مضادات الطائرات لاعتراض وإسقاط العديد من الطائرات المسيرة القادمة.
ويرجح أن القوات المسلحة السودانية قد أعادت نشر أنظمة دفاع جوي قصيرة المدى (مثل المدافع المضادة للطائرات ووحدات الصواريخ المحمولة) في مواقع مُستهدفة مُحتملة في الشمال والشرق لتعزيز قدراتها على اعتراض الطائرات المسيّرة.
كما تُشير تقارير إلى أن الجيش يستخدم تدابير الحرب الإلكترونية، مثل تشويش الإشارات وأجهزة كشف الترددات الراديوية لتعطيل توجيه الطائرات المسيّرة.
إلى جانب الدفاعات الميدانية، اتخذت القوات المسلحة السودانية خطوات أوسع للتخفيف من خطر الطائرات المسيّرة. ومن بين هذه الخطوات توجيه ضربات استباقية لقواعد الطائرات المسيّرة التابعة لقوات الدعم السريع، إذ قصف سلاح الجو السوداني مرارا مطار نيالا الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع في جنوب دارفور، والذي يُعتقد أنه نقطة إطلاق أو تخزين بعض طائرات الدعم السريع الأكبر حجمًا.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن مطار نيالا تعرض لقصف متكرر في أوائل عام 2025، حيث أدت الغارات الجوية إلى تدمير مدارج الطائرات وحظائر الطائرات المبنية حديثًا والتي يُعتقد أنها تحتوي على مسيرات.
وفي أوائل فبراير/شباط الماضي، أفادت التقارير بأن غارة جوية شنتها القوات المسلحة السودانية على نيالا أسفرت عن مقتل العشرات وتدمير جزء كبير من البنية التحتية للمسيّرات الخاصة بالدعم السريع. ويُعد القضاء على الطائرات بدون طيار على الأرض أو اعتراضها قبل وصولها إلى أهدافها جزءًا أساسيا من إستراتيجية القوات المسلحة السودانية.
كما تستخدم القوات المسلحة السودانية أسطولها الخاص من الطائرات المسيرة في مواجهة التهديدات. وبفضل تزويدها بطائرات بيرقدار التركية ، وربما طائرات مسيرة أخرى، يُمكنها إجراء عمليات مراقبة جوية لرصد أنشطة إطلاق طائرات الدعم السريع، بل ومحاولة إسقاطها أثناء تحليقها بصواريخ دقيقة يُمكن استخدامها ضد أهداف جوية بطيئة الحركة، مع أن دورها الرئيسي كان ضرب الأهداف الأرضية.
وخلال هجمات بورتسودان، أوقف الجيش مؤقتًا حركة الطيران المدني، وفرض مناطق حظر طيران لتجنب أي تصادمات عرضية ولإطلاق العنان للدفاعات الجوية في التصدي للطائرات المسيرة. يُؤكد هذا الإجراء التفاعلي على مدى جدية القوات المسلحة السودانية في التعامل مع التهديد فور ظهوره.
تطور قدرات الجيش
يعني ذلك أن الجيش يطور من قدراته على مواجهة حرب السلاح المسير، والتي تعد بالأساس أحد اعترافات الدعم السريع بالهزيمة (عن طريق الضرب من بعد).
ومن الناحية الإستراتيجية، تخاطر حملة الطائرات المسيرة بتوسيع البعد الإقليمي للصراع، حيث لاحظ جيران السودان والداعمون الدوليون قدرة قوات الدعم السريع على ضرب مدينة ساحلية على البحر الأحمر.
و يحذر المحلل العسكري آلان بوسويل قائلاً لواشنطن بوست إن هذا تصعيد دراماتيكي يُوسّع النطاق الجغرافي والإستراتيجي للحرب، مضيفًا أن مثل هذه الضربات تعمّق التوترات الإقليمية بنقلها الحرب حرفيا إلى أبواب دول مثل المملكة العربية السعودية ومصر عبر البحر الأحمر.
في أسطورة شمشون الجبار، يقف البطل التوراتي على حافة الخراب أسيرًا بين أعدائه بعد أن سُلبت منه قوته. لكنه في لحظة غضب ويأس أخيرة، يستجمع آخر ما تبقى من جبروته ويدفع أعمدة المعبد ليسقطه فوق رؤوس الجميع.
هل تشبه قوات الدعم السريع في السودان، في جانب من سلوكها اليوم، شمشون وقد فقد بوصلته؟ ربما يمثل ذلك جانبًا من حرب قوات الدعم السريع بالمسيرات، فجزء مهم منها يضغط عن عمد على حياة السودانيين أنفسهم، وبعد أن تشكّلت قوات الدعم السريع، وبدأت الحرب قبل عامين بدعوى حماية الدولة والهوية، ها هي تضرب المدن والقرى.
وكأنها، بعد أن هُزمت واستُبعدت من مركز السلطة ويئست من العودة، قررت أن لا تبقي شيئًا ولا تذر، وكانت المسيّرات هي السلاح الذي استخدمته قوات حميدتي في محاولة منها لهدم المعبد على رؤوس الجميع، لكن سلوك الجيش السوداني في المقابل من ذلك يتطوّر بالتوازي مع شكل المعركة، ويتكيّف مع متغيراتها على الأرض، مما يعني أنه يدرك نوايا الدعم السريع، ويعمل على تحييدها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على منطقة العطرون الإستراتيجية بدارفور؟
ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على منطقة العطرون الإستراتيجية بدارفور؟

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على منطقة العطرون الإستراتيجية بدارفور؟

الخرطوم-"ضربة قاصمة لظهر مليشيا الدعم السريع" هكذا وصف قادة ميدانيون ومحللون عسكريون تحدثوا للجزيرة نت استعادة الجيش السوداني لمنطقة العطرون الإستراتيجية بولاية شمال دارفور ، صباح أمس، مؤكدين أنها تمثل نقطة تحول حاسمة في مسار الحرب التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان 2023. وتتحكم منطقة العطرون الواقعة بمحلية المالحة في أقصى شمال ولاية شمال دارفور بمحور صحراوي حيوي، يربط بين الولاية الشمالية وشمال دارفور، ويمتد نحو المثلث الحدودي الذي يربط السودان وليبيا وتشاد، كما يوجد بها مطار، مما يجعلها نقطة عبور رئيسية للإمدادات العسكرية. وقال مصطفى تمبور، والي ولاية وسط دارفور، ورئيس حركة تحرير السودان للجزيرة نت إن "الانتصارات الكاسحة التي حققتها القوات المسلحة الباسلة والقوات المساندة في منطقة العطرون الإستراتيجية بشمال دارفور جعلت الطريق سالكا نحو مدينة الفاشر لفك حصارها". وأفاد أن هذا الانتصار يمهد كثيرا لتقدم القوات نحو ولايات غرب وجنوب وشرق ووسط دارفور، لضمها قريبا لحضن الوطن، وأضاف "نبشر شعبنا الأبي بأن إنهاء التمرد بات قريبا، وكل المؤشرات تدل على ذلك". قطع خطوط الإمداد قال معتصم أحمد صالح، الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة السودانية، التي شاركت باستعادة منطقة العطرون من قبضة قوات الدعم السريع ، للجزيرة نت، إن "استعادة السيطرة على المنطقة من قبل القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح -المتحالفة مع الجيش- يُعد تحولا إستراتيجيا في مسار الحرب". وأفاد بأن فقدان الدعم السريع لمنطقة العطرون يعني حرمانها من أحد أهم خطوط الإمداد اللوجستي، مما يضعف قدرتها على المناورة والتحرك في شمال وغرب دارفور ودعم جيوبها في شمال غرب كردفان. وأكد معتصم أن القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة تستطيع من خلال السيطرة على منطقة العطرون "مراقبة التحركات العسكرية للمليشيا في المنطقة، وقطع طرق إمدادها القادمة من ليبيا وتشاد، مما يُسهم في تقليص نفوذها في الإقليم". وقال إن أهمية العطرون كمنطقة إستراتيجية تُحدد موازين القوى في دارفور، "وتُشكل نقطة تحول كبرى ضمن الخطط الرامية لفك الحصار عن الفاشر، وهزيمة قوات الدعم السريع في غرب كردفان، ودحرها في دارفور". استعادة مباغتة وأكد نور الدائم طه، مساعد رئيس حركة جيش تحرير السودان، التي يرأسها حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي ، أن السيطرة على منطقتي المالحة والعطرون تمثل "ضربة إستراتيجية قاصمة" لقوات الدعم السريع ولمن يقف خلفها إقليميا. وقال نور الدائم الذي شاركت قواته الجيش السوداني باستعادة منطقة العطرون للجزيرة نت، إن هذه المناطق التي تم تحريرها لم تكن مجرد نقاط إمداد، "بل كانت ممرات حيوية لتهريب السلاح، والمرتزقة واستهداف السودان عبر الحدود الليبية". واعتبر أن ما جرى هو "كسر فعلي لعمود الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي اعتمدت عليه المليشيا، وإغلاق لأحد أخطر المنافذ التي استُخدمت لإغراق السودان بالفوضى"، وأضاف "الرسالة واضحة، وهي أن السودان ليس ساحة مستباحة، والجيش والقوة المشتركة ماضون في حماية الدولة السودانية من الانهيار". ورأى مراقبون أن الاستعادة المباغتة للجيش السوداني والقوة المشتركة لمنطقة العطرون الإستراتيجية تعني السيطرة بشكل كامل على مفاصل الحركة عبر الصحراء الغربية، وعلى نقطة تجمع المقاتلين القادمين من خارج السودان للقتال بجانب الدعم السريع، وهو ما يمنح القوات المسلحة والقوة المشتركة الأفضلية في الميدان. سيطرة كاملة تقع منطقة العطرون في قلب الصحراء بشمال دارفور، وهي أرض منخفضة يوجد بها مطار قديم يصلح لاستقبال طائرات الشحن التجارية والمسافرين. و يرى المحلل العسكري والعميد المتقاعد بالجيش السوداني إبراهيم عقيل مادبو أن هذا الموقع جعل لها بعدا إستراتيجيا، كونها تُشكل ملتقى وتقاطع طرق لـ3 دول. وقال العميد مادبو للجزيرة نت، إن سيطرة الجيش على المالحة والعطرون تمثل انفتاحا على مناطق الصحراء الأخرى مثل بئر راهب وواحة النخيلة، وقفلا لمنطقة المثلث الحدودي، وإعلانا للسيطرة الكاملة على الصحراء والحدود مع ليبيا. وأضاف "وبذلك يتم قطع كل طرق الإمداد على المليشيا، التي كانت تستغل عدة بوابات، وتقوم بجلب الإمداد اللوجستي والمرتزقة". وأشار العقيد المتقاعد إلى أنه "من خلال تتبع خارطة بنك أهداف وضربات طيران الجيش، ونتائج العمليات البرية الخاصة، يتضح أن منظومة وأولوية الاستهداف كانت على موعد مع العديد من التطورات النوعية المهمة". وتوقّع أن تدفع هذه التطورات قوات الدعم السريع لنقطة "حافة الهاوية والانهيار"، أو لتجريدها ومنعها من تحريك وسحب قواتها من كردفان لحشدها في الفاشر، وذلك عن طريق قطع خط انسحابها التدريجي غير المنظم وغير المحسوب، الذي جاء كأحد ارتدادات التحرك النشط للقوات المسلحة بمحاور كردفان والنيل الأبيض وأم درمان. تأمين الولاية الشمالية اعتبر قادة ميدانيون تحدثوا للجزيرة نت، أن استعادة منطقة العطرون في المثلث الحدودي شديد الأهمية بين السودان وليبيا وتشاد، تضيّق الخناق على قوات الدعم السريع وتمهد الطريق أمام تحرير كامل إقليم دارفور. وحسب بيان للعقيد أحمد حسين، المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح فإن "تحرير منطقة العطرون الإستراتيجية يُعد إنجازا عظيما، تم نتيجة عملية عسكرية دقيقة ومنسقة نفذتها القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، بالتعاون مع القوات المسلحة السودانية". وأضاف البيان أن "تحرير منطقة العطرون كبّد العدو خسائر فادحة بالأرواح والعتاد، ويمثل خطوة حاسمة في سبيل استعادة الأمن والاستقرار في إقليم دارفور، ويعكس التزامنا الراسخ بحماية المدنيين وتأمين الأراضي السودانية". ويرى عسكريون أن تحرير العطرون يسهم في تعزيز تأمين الولاية الشمالية من الهجوم الذي توعدت به الدعم السريع على مدينة الدبة، بعد تجميع "المرتزقة" في العطرون، لأن ظهرها سيكون مكشوفا أمام ضربات الجيش السوداني والقوة المشتركة لو غامرت بالتفكير في الهجوم على الشمالية.

البرهان يعيّن كامل الطيب إدريس رئيسا للوزراء
البرهان يعيّن كامل الطيب إدريس رئيسا للوزراء

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

البرهان يعيّن كامل الطيب إدريس رئيسا للوزراء

أفاد مراسل الجزيرة بأن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أصدر -اليوم الاثنين- مرسوما دستوريا يقضي بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسا لمجلس الوزراء. كما أصدر البرهان مرسوما بتعيين سلمى عبد الجبار المبارك ونوارة أبو محمد محمد طاهر أعضاء في مجلس السيادة. وكامل إدريس هو سفير وسياسي سوداني بارز، شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) بين نوفمبر/تشرين الثاني 1997 وسبتمبر/أيلول 2008، كما عمل أمينا عاما للاتحاد الدولي لحماية المصنفات النباتية الجديدة. وعام 2010، خاض الانتخابات الرئاسية السودانية بصفته مرشحا مستقلا، وواجه حينئذ الرئيس السابق عمر البشير. ولد إدريس في قرية الزورات شمال دنقلا في شمال السودان، وهو ينتمي إلى مجتمع النوبة. وحصل على بكالوريوس الفلسفة من جامعة القاهرة، كما نال ليسانس الحقوق من جامعة الخرطوم. وبعد ذلك، حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية في جامعة جنيف بسويسرا. ويُعتبر إدريس شخصية محورية في الدبلوماسية السودانية، إذ توسط بين الفرقاء في الأزمات الحادة التي شهدتها البلاد، كما مثّل السودان في مؤتمرات دولية وإقليمية عديدة، وألقى محاضرات في مواضيع أكاديمية متقدمة. ويواجه رئيس الوزراء الجديد تحديات كبيرة، أبرزها إدارة الأزمة السياسية والاقتصادية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتحقيق الاستقرار في ظل الحرب المستمرة بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع. ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

ترقب لمشاورات تشكيل حكومة جديدة بالسودان بعد تعيين رئيس للوزراء
ترقب لمشاورات تشكيل حكومة جديدة بالسودان بعد تعيين رئيس للوزراء

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

ترقب لمشاورات تشكيل حكومة جديدة بالسودان بعد تعيين رئيس للوزراء

الخرطوم- يترقب المشهد السياسي في السودان إطلاق مشاورات لتشكيل حكومة جديد، وذلك بعد تعيين كامل الطيب إدريس رئيسا للوزراء. وكان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عيّن -اليوم الاثنين- كامل الطيب إدريس رئيسا للحكومة بعد شغور المنصب لنحو 4 سنوات. كذلك عيّن البرهان عضوين في مجلس السيادة الانتقالي. وأصدر البرهان مرسوما دستوريا بتعيين سلمى عبد الجبار ونوارة أبو محمد محمد طاهر عضوين في مجلس السيادة ليرتفع أعضاء المجلس إلى 9، كما نصت الوثيقة الدستورية المعدلة في فبراير/شباط الماضي. تمثل سلمى عبد الجبار وسط السودان، في حين تمثل نوارة منطقة الشرق، وذلك حتى يشمل المجلس الطيف الاجتماعي والتوازن الجهوي (الجغرافي) في البلاد. يذكر أن سلمى عبد الجبار كانت عضوا في مجلس السيادة قبل الحرب وأقيلت مع آخرين في يوليو/تموز 2022. وكشفت المصادر -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها- أن رئيس مجلس السيادة اختار كامل إدريس لرئاسة الحكومة بعد دراسة عدة أسماء مرشحة. ورجحت أن يؤدي رئيس الوزارة اليمين الدستورية الأربعاء المقبل ويحل الحكومة، قبل الدخول في مشاورات لتشكيل حكومته بتفويض كامل كما نصت الوثيقة الدستورية المعدلة، حسب المصادر ذاتها. فراغ 4 أعوام وأفادت المصادر نفسها بأن قرارا صدر بإنهاء إشراف أعضاء مجلس السيادة على الوزارات، لمنح رئيس الوزراء الجديد كامل الصلاحيات في إدارة الجهاز التنفيذي. وتوقعت أن يحتفظ إدريس بوزيري الخارجية عمر صديق والمالية جبريل إبراهيم خلال مرحلة المشاورات لاختيار الوزارة الجديدة، تقديرا لظروف البلاد الحالية. وكان البرهان أصدر قرارا نهاية أبريل/نيسان الماضي بتكليف السفير دفع الله الحاج علي وزيرا لشؤون مجلس الوزراء ومكلفا بتسيير مهام رئيس الوزراء. كما عيّن السفير عمر محمد أحمد صديق وزيرا للخارجية، خلفا لوزير الخارجية السابق علي يوسف. وظل منصب رئيس الوزراء شاغرا أكثر من 4 أعوام، إذ كلف البرهان الأمين العام لمجلس الوزراء عثمان حسين وزيرا لشؤون مجلس الوزراء وتسيير مهام رئيس الوزراء. ينحدر الدكتور كامل إدريس من منطقة الزورات شمال دنقلا عاصمة الولاية الشمالية. وقد ترشح في انتخابات الرئاسة السودانية عام 2010 بوصفه مرشحا مستقلا، وواجه حينها الرئيس السابق عمر البشير. ولعل أكثر ما اشتهر به هو عمله مديرا عاما للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) وأمينا عاما للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف) إلى جانب عضويته في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. نال بكالوريوس الفلسفة من جامعة القاهرة وليسانس الحقوق من جامعة الخرطوم، وحاز شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف (سويسرا). وله عدة شهادات في القانون والعلوم السياسية والشؤون الدولية والمالية من معاهد عليا للدراسات الدولية في جنيف. وعمل إضافة لوظيفته الدبلوماسية أستاذا في الفلسفة والقضاء بجامعة القاهرة، وأستاذا في القضاء بجامعة أوهايو، وأستاذا في القانون الدولي وفي قانون الملكية الفكرية بجامعة الخرطوم، وأستاذا فخريا للقانون بجامعة بكين. وحاز إدريس نحو 20 شهادة دكتوراه فخرية من جامعات عالمية بالولايات المتحدة والصين وبلغاريا ورومانيا وكوريا الجنوبية والهند وغيرها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store