logo
هل هو الصيف الأخير؟

هل هو الصيف الأخير؟

شبكة النبأ١٥-٠٤-٢٠٢٥

هل يمكن ان يكون صيفنا الحالي هو الصيف الأخير بالنسبة للانقطاع المنتظم للتيار الكهربائي، ام سيمر كغيره من المواسم الحارة ونلتقي بصيف آخر أكثر حرارة بحسب المختصين؟ كلامنا السابق يستند الى حزمة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة فيما يتعلق بملف الكهرباء...
هل يمكن ان يكون صيفنا الحالي هو الصيف الأخير بالنسبة للانقطاع المنتظم للتيار الكهربائي، ام سيمر كغيره من المواسم الحارة ونلتقي بصيف آخر أكثر حرارة بحسب المختصين؟ كلامنا السابق يستند الى حزمة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة فيما يتعلق بملف الكهرباء.
وكان العراق قد وقع يوم الأربعاء الماضي التاسع من نيسان الجاري مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن مشروعات تشمل محطات كهرباء بقدرة 24 ألف ميغاوات، وذلك خلال زيارة وفد تجاري أميركي يمثل أكثر من 60 شركة إلى بغداد.
واكد ذلك المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيان له قال فيه "إن وزارة الكهرباء العراقية وشركة "جي إي فيرنوفا" وقعتا مذكرة تفاهم تشمل مشاريع لمحطات إنتاج الطاقة الغازية المركبة بحدود 24 ألف ميغاوات"، مشيرا إلى "إمكانية تأمين توفير التمويل الخارجي من البنوك العالمية".
وفي السياق ذاته حرك السوداني ليرعى مراسم توقيع "مذكرة ثانية تضمنت مبادئ التعاون بين وزارة الكهرباء ومجموعة "يو جي تي رينيوابلز" الأميركية لإنشاء مشروع متكامل للطاقة الشمسية بسعة 3 آلاف ميغاوات، بالإضافة إلى إنشاء ما يصل إلى ألف كيلومتر من البنية التحتية الجديدة لنقل التيار المباشر العالي الجهد.
الذهاب الى الولايات المتحدة هي الوجهة التي رغِب عنها جميع رؤساء الحكومات العراقية خوفا من الارتدادات او ردود الأفعال التي تصدر من الجارة، التي تخشى على مصير تصدير الغاز مقابل الحصول على العملة الصعبة، على الرغم من حاجة العراق لهذا الغاز، لكن يمكن ان تمتنع عن التجهيز نكاية بالولايات المتحدة.
لا نعرف ماذا يحصل في الكواليس السياسية، لكن ربما هذه الخطوة هي جزء من التحضيرات او التهيئة المسبقة للمحادثات الإيرانية الامريكية غير المباشرة في عُمان، فيمكن للولايات المتحدة ان تسمح للعراق ان يستورد الغاز الإيراني، خلال الأشهر القادمة، بما يخلق نوع من الاريحية لنظام طهران الذي يعاني من ضغوط خارجية وداخلية بسبب الازمة الاقتصادية واستمرار انهيار قيمة التومان.
يُقال في العامية، "فلان جابها من الأخير"، فالسوداني تأكد ان لا يمكن وضع حل لازمة الكهرباء في البلاد بعيدا عن حكومة البيت الأبيض، وخير الأدلة هو محاولة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي الذهاب صوب وجهة أخرى تمثلت بالصين وألمانيا، لكنه فشل في مسعاه ولا حاجة لذكر العواقب.
وربما موسم الصيف الحالي يختلف عن الفصول السابقة، ذلك لتزامنه مع خروج الآلاف من الملاكات التربوية في بعض المحافظات العراقية للمطالبة بحقوقها المشروعة، اذ يمكن ان يشكل ذلك ضغطا إضافيا على حكومة السوداني ويمكن ان يسهم في تأجيج الرأي العام.
الصيف الحالي قد يكون القشة التي قصمت ظهر البعير، الجماهير الشعبية محتقنة، ونحن لا يزال يفصلنا عن وقت ذروة الصيف شهران كاملان، بينما هنالك تراجع ملحوظ في ساعات التجهيز، دون أي تبريرات مقنعة من قبل وزارة الكهرباء، ففي الأشهر السابقة كان العارض هو امتناع الجانب الإيراني من التزويد نظرا للحاجة المحلية تارة، ولعدم تسديد العراق التزاماته المالية تارة أخرى.
ملف الكهرباء لا يشبه ملف الملاكات التربوية الذي ظهر الى الساحة في الأيام القليلة الماضية، فهو ملف مفتوح ومطروح امام المسؤولين على مدار اكثر من عقدين من الزمن، دون التوصل الى حل جذري لهذه المشكلة المزمنة.
ملف الكهرباء في بلد مثل العراق يمتاز مناخه بالحرارة الشديدة، يشكل حد كبير ومستمر، بينما كان امام الحكومات السابقة سنوات تمكنها من العمل مع المحيط الدولي لإنهاء الازمة في وقت قياسي، لكنها أخفقت ايما إخفاقا في هذا المجال.
تضاعف الازمة يأتي من مضاعفة الاستهلاك بشكل سنوي، نتيجة التوسع في الاحياء السكنية وبناء المعامل والمصانع، دون عملية تخطيط وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ومما يزيد الطين بلة ان الاستهلاك في زيادة مطردة، وهناك نقص واضح في الكمية المنتجة.
العراق ربما من أكثر البلدان اقتداء بغيره من دول المنطقة التي نجحت في تجاوز الازمات، فهو الى الآن غير ناجح في إيجاد حلول حاسمة لأزمة مستمرة، كتحديث البنية التحتية، وعدم إنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة منذ أكثر من 10 سنوات، وهو الأمر الذي زاد الضغط على المحطات القديمة، التي انتهى العمر التشغيلي لبعضها؛ لذا فإننا نذكر الحكومة بأن الكهرباء ليست ترفاً، ولا سيما في مناخ تتجاوز حرارته الـ60 درجة في بعض الأحيان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قيود جديدة على الصحفيين في البنتاغون... وهذا ما قاله هيغسيث
قيود جديدة على الصحفيين في البنتاغون... وهذا ما قاله هيغسيث

الديار

timeمنذ 5 ساعات

  • الديار

قيود جديدة على الصحفيين في البنتاغون... وهذا ما قاله هيغسيث

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أصدر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، أوامر تلزم الصحفيين بأن يكون معهم مرافقون رسميون داخل جزء كبير من مبنى وزارة الدفاع (البنتاغون)، وهي الأحدث في سلسلة من القيود التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على الصحافة. وتمنع هذه الإجراءات، التي دخلت حيز التنفيذ على الفور، الصحفيين المعتمدين من دخول معظم مقرات وزارة الدفاع في أرلينغتون بولاية فرجينيا، ما لم يكن لديهم موافقة رسمية ومرافق. وقال هيغسيث في مذكرة إنه "بينما تظل الوزارة ملتزمة بالشفافية، فإنها ملزمة بنفس القدر بحماية المعلومات المخابراتية السرية والمعلومات الحساسة، والتي قد يؤدي الكشف عنها غير المصرح به إلى تعريض حياة الجنود الأميركيين للخطر". وأضاف أن حماية المعلومات المخابراتية الوطنية السرية وأمن العمليات "أمر لا غنى عنه بالنسبة للوزارة". وقالت رابطة صحافة البنتاغون، وهي منظمة بها أعضاء تمثل مصالح الصحفيين المسؤولين عن تغطية الأنباء المتعلقة بالجيش الأميركي، إن القواعد الجديدة تبدو كما لو كانت "هجوما مباشرا على حرية الصحافة". وأضافت في بيان "يقال إن القرار يستند إلى مخاوف بشأن أمن العمليات. ولكن كان بوسع السلك الصحفي في البنتاغون الوصول إلى الأماكن غير المؤمنة وغير السرية هناك على مدى عقود، في عهد إدارات جمهورية وديمقراطية، وفي أعقاب هجمات 11 أيلول 2001، دون أي قلق بشأن أمن العمليات من قيادة وزارة الدفاع". ولم يرد البنتاغون حتى الآن على طلب من رويترز للتعليق على بيان رابطة الصحافة. ومنذ عودة ترامب إلى الرئاسة في يناير كانون الثاني، بدأ البنتاغون تحقيقا في تسريبات مما أسفر عن منح 3 مسؤولين إجازة إدارية. كما طلب من مؤسسات إعلامية قديمة، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست و"سي.إن.إن" و"إن.بي.سي نيوز"، إخلاء مكاتبها في البنتاغون في نظام تناوب جديد جلب مؤسسات أخرى، منها وسائل إعلام صديقة بوجه عام لإدارة ترامب مثل نيويورك بوست وبرايتبارت وديلي كولر وشبكة وان أميركا نيوز. وتقول إدارة ترامب إن الهدف من تلك الخطوة هو إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام الأخرى لإعداد تقاريرها بينما تحظى بصفة أعضاء مقيمين في السلك الصحفي. وأوردت رويترز أمس الجمعة أيضا أن إدارة ترامب نشرت أجهزة كشف الكذب للتحقيق في تسريب المعلومات غير المصنفة على أنها سرية، وتم إبلاغ بعض مسؤولي وزارة الأمن الداخلي بأنهم معرضون للفصل من العمل لرفضهم الخضوع لاختبارات كشف الكذب. ويقول البيت الأبيض إن ترامب لن يتسامح مع تسريب المعلومات لوسائل الإعلام وإن الموظفين الاتحاديين الذين يفعلون ذلك يجب أن يخضعوا للمساءلة.

باريس والرياض تطالبان بـ"إجراءات" ملموسة باتجاه حل الدولتين
باريس والرياض تطالبان بـ"إجراءات" ملموسة باتجاه حل الدولتين

النهار

timeمنذ 6 ساعات

  • النهار

باريس والرياض تطالبان بـ"إجراءات" ملموسة باتجاه حل الدولتين

دعت فرنسا والسعودية اللتان ترأسان مؤتمراً دولياً بشأن القضية الفلسطينية الشهر المقبل إلى اتخاذ "إجراءات" ملموسة لتنفيذ "خطة" نحو حل الدولتين. تترأس فرنسا بالاشتراك مع السعودية مؤتمراً دولياً في نيويورك بين 17 و20 حزيران/ يونيو لإعطاء دفع لحلّ الدولتين. وقالت آن كلير لوجاندر مستشارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للشرق الأوسط أمام الأمم المتحدة الجمعة خلال اجتماع تحضيري للمؤتمر إنَّه في سياق الحرب في غزة و"توسع الاستيطان في الضفة الغربية"، هناك "ضرورة ملحة ليعود الى الواجهة البحث عن حل سياسي". وأضافت: "يجب أن يكون مؤتمر حزيران/ يونيو خطوة حاسمة نحو التنفيذ الفعال لحل الدولتين. يجب أن ننتقل من الأقوال إلى الأفعال، ومن نهاية الحرب في غزة إلى نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". وأصرت على الحاجة إلى "نزع سلاح وإزالة حماس" من أجل بناء "إطار قوي وموثوق لليوم التالي". غزة (وكالات). من جانبها، أكدت منال رضوان مستشارة وزير الخارجية السعودي أن نتائج هذا المؤتمر "يجب أن تكون أكثر من مجرد إعلان بل يجب أن تكون خطة عمل"، مؤكدةً أن السلام في المنطقة "يبدأ بالاعتراف بفلسطين". وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو أكد هذا الأسبوع أن فرنسا عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، وهو قرار من المرجح أن يسبب اضطرابات في العلاقة مع إسرائيل. لكن لوجاندر أصرت على أن "المسار الذي نريد اتباعه واضح وهو مسار الاعتراف المتبادل". وفي العام 2020، أدت "اتفاقات أبراهام" التي رعاها دونالد ترامب خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وثلاث دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب. لكن العديد من الدول العربية ترفض حتى الآن الانضمام إلى هذه الاتفاقات، خصوصاً السعودية، وكذلك جارتي إسرائيل سوريا ولبنان. ويعترف نحو 150 بلداً بدولة فلسطين التي تتمتع بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، ولكنها لا يمكن أن تمنح العضوية الكاملة إلا بتصويت مؤيد من مجلس الأمن.

الشرق الأوسط على شفير التحوّل: لبنان بين الانكشاف والصمود
الشرق الأوسط على شفير التحوّل: لبنان بين الانكشاف والصمود

المردة

timeمنذ 6 ساعات

  • المردة

الشرق الأوسط على شفير التحوّل: لبنان بين الانكشاف والصمود

تتشكل خرائط جديدة في الإقليم، وتتراجع أخرى كانت ثابتة لعقود. ليس في السياسة شيء دائم، لكن ما يجري اليوم في الشرق الأوسط لا يُقاس بالمواسم السياسية العابرة، بل بالزلازل الجيوسياسية التي تُعيد صياغة موازين القوة، وتفرز محاور، وتُسقط أخرى. في قلب هذا المشهد المتحرك، يقف لبنان كعادته، وسط العاصفة، لا يملك ترف الحياد، ولا رفاهية العزلة. الولايات المتحدة لم تغادر المنطقة رسميًا، لكنها تراجعت فعليًا. منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام 2025، تسير واشنطن في مسار مختلف: لا حروب جديدة، ولا التزامات ثقيلة، بل تحالفات تجارية، وصفقات نفطية، وإعادة توزيع للأولويات نحو المحيط الهادئ. في هذا السياق، تحوّل الشرق الأوسط إلى ساحة 'إدارة مصالح' بدل 'مشروع نفوذ'، وهو ما فتح الباب أمام قوى إقليمية أخرى لتوسيع أدوارها. إسرائيل، شهدت فترة ولاية دونالد ترامب الثانية بداية عام 2025 تحولًا جذريًا في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، حيث برز توجه جديد يضع المصالح الاقتصادية في المقام الأول على حساب التحالفات التقليدية، بما في ذلك العلاقة مع إسرائيل. رغم الدعم العسكري الضخم لإسرائيل، شهدت العلاقة بين الطرفين توترًا ملحوظًا بسبب قرارات أميركية تركز على صفقات النفط والتجارة مع دول إقليمية أخرى، مثل السعودية وقطر، دون التنسيق الكامل مع تل أبيب. هذا النهج أدى إلى إحباط في الأوساط الإسرائيلية التي شعرت بتراجع الدعم السياسي في بعض الملفات الحساسة، كالتعامل مع إيران والتوسع الاستيطاني، ما دفع إسرائيل إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية في ظل سياسة أميركية باتت تُدار بمنطق 'المصلحة أولاً' وليس الحليف أولًا. إيران، على الرغم من العقوبات والضغوط، لا تزال لاعبًا أساسيًا في هذا التحول. ففي العراق، رسّخت طهران نفوذها من خلال دعم حكومة ائتلافية قوية منذ منتصف 2024، بينما استمرت فصائل الحشد الشعبي في تعزيز قدراتها، وهدنة أميركا مع الحوثيين كان لها أثر ايجابي على مستقبل دور إيران في المنطقة، وكذلك صمود حزب الله في لبنان بوجه العدوان الإسرائيلي الأخير وعدم قدرتها على تفيكه والقضاء عليه بالرغم من الضربات غير المسبوقة التي تعرض لها، أيضا تعطي إيران دون شك ورقة قوة إضافية. أما تركيا، فقد دخلت هي الأخرى مرحلة جديدة من الدور الإقليمي، خاصة بعد نجاح الانتخابات الرئاسية في مايو 2023، والتي منحت الرئيس رجب طيب أردوغان تفويضًا أقوى لإعادة هندسة السياسة الخارجية. انخرطت أنقرة في عمق المشهد العراقي، ووسعت وجودها العسكري شمال الموصل، كما أطلقت مبادرة جديدة للحوار مع طهران، وطرحت نفسها كضامن مشترك في معادلات غزة ولبنان. تركيا لم تعد تكتفي بدورها كتوازن بين الغرب والشرق، بل باتت تسعى لتشكيل قطب ثالث قادر على التفاوض من موقع القوة. في هذا المناخ المتحرك، يبدو لبنان مكشوفًا أكثر من أي وقت مضى. منذ نوفمبر 2022، والأزمة المالية التي التهمت أكثر من 90% من القدرة الشرائية للبنانيين، تعيش الدولة حالة شللًا تامًّا. ومع توقف الدعم الخليجي، وتراجع الانخراط الغربي، باتت بيروت في عين العاصفة بلا مظلة. على الرغم من كل المتغيرات والتحولات الإقليمية، بقيت المقاومة في لبنان حجر الزاوية في معادلة التوازن الإقليمي. حزب الله وجناحاته العسكرية والسياسية استطاعوا الحفاظ على قوتهم التنظيمية والقتالية، مع تطوير قدراتهم الدفاعية والهجومية في مواجهة التحديات المتجددة. فقد برزت المقاومة خلال التصعيدات الأخيرة في الجنوب، وخاصة في مواجهات عدة مع إسرائيل، كقوة قادرة على الحفاظ على الاستقرار النسبي رغم الضغوط الدولية والإقليمية. كذلك، استمرت في تعزيز تحالفاتها مع القوى المقاومة في العراق وفلسطين واليمن، مما يعكس قدرتها على التكيف مع المشهد الجديد، والحفاظ على دورها المركزي كحامٍ للمقاومة والمشروع الوطني في وجه محاولات الإضعاف والتطبيع. هذا الحضور يؤكد أن المقاومة ليست مجرد قوة مسلحة، بل مشروع سياسي واجتماعي لا تزال تمثل خيارًا حيويًا لدى قطاعات واسعة من الشعب اللبناني. هذا الحضور العسكري يتكامل مع بنية سياسية تعبّر عنها قوى متحالفة داخل البرلمان، ورصيد اجتماعي لا يزال قائمًا في البيئة المقاومة، رغم الأزمة الاقتصادية؛ فبحسب استطلاع أجراه 'مركز الدراسات الوطنية' في مارس 2025، فإن 61% من سكان الجنوب والبقاع لا يزالون يعتبرون أن سلاح المقاومة 'ضرورة في مواجهة إسرائيل'، مقابل 27% فقط يطالبون بتجريده دون ضمانات، وظهر ذلك جلياً من خلال الانتخابات المحلية في البقاع وتسونامي الجنوب، حيث فازت ٩٥ بلدية و ٧٧ مختاراً بالتزكية في محافظتي النبطية ولبنان الجنوبي، لكن الأزمة لا تقتصر على المقاومة. القوى السيادية تعاني من انكشاف مماثل. مع تراجع الدعم الغربي، لم تعد تمتلك قدرة التفاوض أو التأثير، بل باتت أسيرة رهانات خارجية لم تعد قائمة. تيارات كانت تراهن على تدخل دولي أو مبادرة فرنسية أو غطاء خليجي، وجدت نفسها فجأة في العراء، تتنازع المواقف، دون مشروع جامع أو قدرة على الفعل. هكذا، يعود السؤال الجوهري إلى الواجهة: من يحمي لبنان؟ هل المشروع هو بناء دولة تعتمد على ميزان قوى خارجي متبدل، أم إعادة إنتاج دولة مقاومة، تنبع من قدراتها الذاتية وتحالفاتها الحقيقية؟ في زمن الخرائط المتبدلة، لا مكان للفراغ، ولا مكان للضعفاء. وحدهم الذين يملكون رؤية متماسكة، وقدرة على الفعل، يستطيعون فرض وجودهم في معادلة لا تعرف الانتظار. لبنان لا يحتاج إلى وهم الحياد، بل إلى وضوح التموضع. فالمعركة اليوم لم تعد بين محورين فقط، بل بين من يملك قراره وبين من ينتظر أن تُكتب له الأدوار من الخارج. وفي هذا الشرق، من لا يكون فاعلًا يُصبح مفعولاً به… أو خارج المعادلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store