ندوة في منتدى الحموري تبحث مستقبل إيران
وحدد عبد الحي رؤية إيران للعام 2025، التي أُطلقت عام 2005، مرجعا لقراءة مستقبل إيران في ظل ما تحقق منها حتى الآن، بناءً على تحليل أثر المؤشرات المذكورة عبر السنوات الماضية واستشراف مستقبلها، مع تسليط الضوء على تسارع وتيرة بعض المؤشرات مقارنة بغيرها.
وفي قراءته للضربة الأخيرة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، اعتمد عبد الحي على نتائج دراسات صادرة عن 17 مركز أبحاث دولي من الولايات المتحدة وروسيا والصين وإسرائيل، خلص من خلالها إلى أن حجم الأضرار كان أكبر مما تعلن عنه إيران، وأقل مما يروج له الجانب الأمريكي. وأشار إلى أن إيران قامت، استباقًا للضربة، بتغطية مواقع مفاعلاتها بكميات كبيرة من الأتربة للحد من الخسائر، بحسب معهد بريماكوف الروسي.
وتحدث عبد الحي عن الاستراتيجية الإيرانية في توزيع منشآتها النووية، حيث تفصل بين كل مفاعل وآخر مسافة لا تقل عن 450 كم، ما يُصعّب من استهدافها بشكل شامل. ووفق معهد العلاقات الدولية الصيني، فقد تم نقل كميات من اليورانيوم إلى أماكن غير معلومة قبيل الضربة، مما ساهم في الحد من آثارها.
كما أشار إلى أن الضربة استهدفت منع إيران من التخصيب النووي، ومنعها من التحول إلى دولة محورية، فضلًا عن محاولة زعزعة النظام السياسي من خلال قتل العلماء والقادة وتهيئة الداخل للثورة، إلا أن المعارضة الإيرانية – التي تتمثل أساسًا في التيار الإصلاحي – اعتبرت الضربة تهديدًا خارجيًا، فتوحدت مع الدولة في مواجهته، رغم تشتت أطياف المعارضة بين الداخل والخارج .
وأشار إلى أن النظام الإيراني أعاد ملء الفراغ القيادي خلال 12 ساعة فقط، حيث تم تعيين بدلاء عن القادة والعلماء الذين قتلوا، مؤكدًا أن إيران تمتلك 1300 عالم بمستوى من قُتلوا.
وبين عبد الحي أن مؤشر التعليم هو الأهم في منظومة المؤشرات الـ112. وأوضح أن عدد المنشورات العلمية الإيرانية يفوق نظيرتها المصرية بـ34 ضعفًا، وأن إيران تحتل المرتبة 23 عالميًا في النشر العلمي، والأولى في تسارع الإنتاج المعرفي البحثي.
وعلى الصعيد العسكري، بيّن عبد الحي أن الإنفاق العسكري الإيراني لعام 2024 بلغ 7.9 مليار دولار مقارنة بـ46.5 مليارًا لإسرائيل، مما يتطلب من إيران إدارة المواجهة بطرق غير تقليدية.
وعن المؤشر الاقتصادي ذكر عبد الحي أن الدراسات بينت أنه مستقر نسبيا بمعدل نمو 2.8%، رغم وجود تحديات كبرى أبرزها الإدمان، الفساد والتفاوت بين الخطاب الديني الرسمي والمجتمع وسوء العلاقات مع الجوار العربي.
وفي إجابته على أسئلة الحضور حول المصلحة العربية في العلاقة مع إيران أو إسرائيل، قال عبد الحي إن نظرة العرب لإيران تفتقر للموضوعية، مشيرًا إلى أن العامل الديني لا يحدد سياسات إيران الخارجية، مستشهدًا بسوء علاقتها مع أذربيجان ذات الأغلبية الشيعية، وبالمقابل قوة العلاقات بين إسرائيل من جانب والهند وأذربيجان من جانب آخر رغم وجود ملايين الشيعة في كلتيهما.
وأشار إلى أن تراجع دور "محور المقاومة" أضعف إيران في المنطقة، وقد يدفعها للتوجه نحو آسيا الوسطى والقفقاس، متوقعًا أن يكون الدعم الأساسي لها في المرحلة المقبلة سياسيًا واقتصاديًا من الصين، واستمرار التعاون العسكري مع كوريا الشمالية، خاصة تجارب كوريا الشمالية الصاروخية التي تخدم البرنامج الصاروخي الإيراني
وبين عبد الحي أن عضوية إيران في منظمة شنغهاي ستخدمها دوليا، خاصة بعد أن أخذت المنظمة بعدا أمنيا ودفاعيا بالاضافة للاقتصادي. والتنافس بين مشروع "الحزام والطريق" الصيني والممر الاقتصادي الهندي الجديد.
وختم عبد الحي قراءته بالتأكيد على أن سقوط النظام الإيراني أمر مستبعد خلال العقد القادم، لكنه استبعد في الوقت ذاته أن تتحول إيران إلى دولة محورية إقليميًا في المدى المنظور، لأسباب تتعلق بتركيبتها الاجتماعية والاقتصادية وبيئتها الإقليمية.
وتأتي هذه الندوة ضمن سلسلة فكرية أطلقها المنتدى مطلع العام الجاري تحت عنوان "حرب الوعي والرواية"، والتي تهدف إلى مواجهة الروايات التي تستهدف الهوية الوطنية، وتعزيز الوعي الجماعي من خلال قراءات نقدية للتاريخ والتحولات السياسية في الأردن والإقليم.
وكان المنتدى قد استضاف ضمن هذه السلسلة عددًا من الشخصيات السياسية والفكرية العربية البارزة، من بينهم عمرو موسى، الدكتور مروان المعشر، عبد الرؤوف الروابدة، سمير الرفاعي، وعمر الرزاز، الذين قدموا رؤى معمّقة حول الهوية والسردية الوطنية والتحولات الإقليمية.
يُذكر أن منتدى محمد الحموري للتنمية الثقافية هو مؤسسة فكرية مستقلة تسعى إلى فتح فضاء حر للحوار حول القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية، وتشجيع التفكير النقدي وتبادل الرؤى بين المفكرين والمهتمين بالشأن العام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 39 دقائق
- عمون
الجيش يسقط 15 طن مساعدات فوق غزة بمشاركة إماراتية
عمون - نفذت القوات المسلحة الأردنية، اليوم الثلاثاء، إنزالين جويين لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء في قطاع غزة بمشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة، دعماً لصمود الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته الإنسانية. وجرى تنفيذ الإنزالين بواسطة طائرتين من نوع (C 130) تابعتين لسلاح الجو الملكي الأردني والقوات الجوية الإماراتية، حملتا على متنهما نحو 15 طناً من المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية. وتأتي هذه الإنزالات، التي نُفذت بالتعاون مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة الأردنية الهاشمية لإيصال المساعدات الغذائية والاحتياجات الأساسية إلى داخل القطاع، بهدف ضمان وصول الدعم الإغاثي في ظل التحديات الإنسانية المتفاقمة. وبذلك يرتفع عدد الإنزالات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة منذ بدء الحرب على القطاع، إلى 129 إنزالاً جوياً أردنياً، إضافة إلى 269 إنزالاً جوياً مشتركاً نُفذت بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة.


جفرا نيوز
منذ 3 ساعات
- جفرا نيوز
ترامب يكشف جانبًا جديدًا من صفقته الأخيرة
جفرا نيوز - قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء، إن اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هي أكبر صفقة تجارية على الإطلاق. وكشف ترامب في تصريحات لصحيفة "نيويورك بوست" أن الأوروبيين سيستثمرون 300 مليار دولار بالمجال العسكري و400 مليار دولار بالمعدات العسكرية. في 27 يوليو، أبرمت الولايات المتحدة اتفاقا تجاريا مع الاتحاد الأوروبي، تم التوصل له خلال اجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وذكر ترامب أن الاتحاد الأوروبي وافق على شراء موارد طاقة أمريكية بقيمة 750 مليار دولار، واستثمار 600 مليار دولار أخرى في الاقتصاد الأمريكي. وقال الرئيس الأمريكي إن بروكسل ستشتري أيضا "كميات هائلة" من المعدات العسكرية من الولايات المتحدة. وأضاف ترامب أن بروكسل ستفتح أسواقها أمام الصادرات الأمريكية دون رسوم جمركية. ووصف ترامب الاتفاق بأنه "أكبر اتفاق على الإطلاق". وقالت فون دير لاين إن الاتفاق سيحقق الاستقرار والقدرة على التنبؤ. وبعد إبرام الاتفاق، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية ترامب بأنه مفاوض صعب المراس.

عمون
منذ 3 ساعات
- عمون
بروكسل تعلق التعاون العلمي مع إسرائيل بسبب غزة
عمون - أعلنت المفوضية الأوروبية في خطوة غير مسبوقة اليوم الثلاثاء، موافقتها على اقتراح يقضي بتعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج الأبحاث الأوروبي الرائد "أفق أوروبا" الذي تصل ميزانيته إلى 100 مليون يورو، ردا على تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. وأشارت صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية، إلى أن هذه الموافقة جاءت خلال اجتماع مغلق عُقد مساء أمس الاثنين في العاصمة البلجيكية، حيث أقر كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي الخطوة، بانتظار قرار نهائي من الدول الأعضاء. ويُعد برنامج "أفق أوروبا" منصة رئيسية لتمويل الأبحاث العلمية والتطوير التكنولوجي والتعاون الدولي، وقد انضمت إسرائيل إليه كشريك منذ 2021 بموجب اتفاقية خاصة، ويُعتبر هذا البرنامج أحد أهم أدوات الاتحاد الأوروبي في مجال الابتكار والبحث العابر للحدود. وفي أيار الماضي، حذرت الأكاديمية الإسرائيلية للعلوم من أن استبعاد إسرائيل من البرنامج سيكون بمثابة "حكم بالإعدام" على مجتمعها البحثي. وتأتي هذه الخطوة كجزء من مجموعة خيارات طرحها جهاز العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي، بهدف الرد على استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، التي بدأت في تشرين الأول 2023.