
إفيه يكتبه روبير الفارس: الأسئلة الوجودية البطنية
كرشه محور حياته، والأسئلة العميقة التي تشغل كيانه من نوعية: من الذي اكتشف ورق العنب وكيف تفتق ذهنه على حشوه بخلطة الأرز العامرة؟ والبيض من فكر أن يقليه أو يسلقه؟ وبعمق أكبر من الذي خطر بباله أن يكسره قبل أن يفقس ويجرب طعمه؟! وكيف دخل تقميع البامية التاريخ؟ وما هي المواصفات التي اختير على أساسها ورق الملوخية للخرط؟!
هذا الإنسان المفكر الذي يعاني شهقة ومشقة البحث عن ذلك المجهول المخزون في المطابخ عبر العصور والأزمنة. يجد نفسه فجأة وبدون مقدمات في ساحات حروب تزلزل الدول وتلهب الأعصاب وتحير العقول. حروب روسيا وأوكرانيا وإسرائيل وغزة واليمن وسوريا وإيران.
وهنا يرتدي عباءة المحلل الاستراتيجي وكأنه ملزم أن يعبر ويشرح ويحلل ويفند تلك الصواريخ التي تملأ السماء والعقد المتشابكة في العلاقات الدولية.
ومن عمق وسخونة المكرونة البشاميل إلى نار الانفجارات.
وهنا رأينا العجب العجائب والهبد السياسي برائحة الباذنجان والكباب.
ولأنه أمر لا يجب ولا يمكن منعه مع اتساع قوة ودور السوشيال ميديا، فمن الأفضل التحاور مع بعضنا لزيادة مساحة الوعي والإضاءة على الجيد منه أو نقد ما يستحق النقد ثم التجاهل التام لراحة الدماغ مع ما لا يعقل.
مع ملاحظة أن الطيور على البوستات التي تجد فيها نفسها وفكرها تقع. أمر ينمي التقوقع على الذات ورفض الرأي الآخر المختلف. فتصبح بعض الصفحات جيتوهات ذات لون واحد. وأي لون آخر هو رأي كافر وزنديق وعميل وخائن وماسوني قابض؟!
مع أن تلاقح الأفكار المختلفة والاحتكاك بها يولد أفكارًا جديدة ومدهشة. ولكن الهروب للجزر المعزولة والذي يسبب أمانًا نفسيًا هو سجن حقيقي مبني من أسوار الجمود والتحجر، ولنرى بعض الأمثلة.
فعلى الرغم من أننا نردد كثيرًا مقولة أن 'الحرب خدعة' إلا أننا لم نستوعب خدع ترامب. رغم تكرار ألاعيبه، ففي البداية أنكر أن إسرائيل أعلمته ببدء الحرب على إيران، ثم قال إنه يعطي فرصة أسبوعين ثم يقرر التدخل. وبعد نحو يومين هجمت أمريكا على المنشآت النووية الإيرانية. رأى البعض أن ترامب مرتبك ومتناقض، ولكنه في الواقع مخادع كبير.
يردد البعض مقولة أن 'عدو عدوي هو صديقي' من هنا جاء الاصطفاف مع إيران. وهو اصطفاف رفضه البعض الآخر من منطلق مذهبي في عداوة للمذهب الشيعي. ومنطلق إنساني رفضًا لنظام قمعي ديكتاتوري وحكم ديني متجبر، فهي من الدول القليلة في العالم التي تعدم الأطفال. وضحاياها من الإيرانيين أكثر من أعدائها الكثيرين. وهي منطلقات قد لا تؤثر على من يصطفون خلفها لفرحتهم في عدو متجبر يرون آثار عدوانه أمام أعينهم بصورة أكبر ومتابعة أنشط.
وكان من المؤلم عدم الاهتمام الكافي باصطياد علماء النووي الإيرانيين. رغم عددهم الكبير، فلم نجد كثيرين يقفون أمام هذه الاغتيالات لمن يحملون كتب الفيزياء والرياضيات. في حين أن رد الفعل يكون كبيرًا لو كان القتلى من حملة كتاب الله أو لو اغتيل خامئني أو غيره من المعممين.
إفيه قبل الوداع
أنا لفيت كتير.. رحت إسكندرية شفت البطاطس وهي بتتقلى
على ربيع فيلم خير وبركة
أنت جبل 'استراتيجي' يا بني."

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
استطلاع: شعبية ترامب في أدنى مستوياتها
أظهر استطلاع حصري مشترك أجرته رويترز وإبسوس أن شعبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصلت إلى أدنى مستوى منذ توليه منصبه الحالي، بواقع 41% من الموافقين على أدائه، وسط تراجع واضح في الدعم العام. وكشف الاستطلاع، الذي شمل 1139 بالغاً أمريكياً، أن 79% منهم يخشون أن ترد إيران على الغارات الأمريكية، بتوجيه ضربات تستهدف المدنيين في الولايات المتحدة، كما أن 84% عبروا عن قلقهم الشديد من اتساع نطاق هذا الصراع المتصاعد بين البلدين. وتضمّنت النتائج أيضاً أن معظم الأمريكيين يخشون تصعيداً كبيراً بعد الضربات التي شنتها واشنطن على المنشآت النووية الإيرانية. ووفقاً لمسح رويترز–إبسوس الذي أُجري لمدة ثلاثة أيام قبل إعلان إيران شن هجوم على قاعدة أمريكية في قطر، فإن النسبة الداعمة لمواصلة الضربات تقلّ عن الثلث، بينما 49% عبروا عن معارضتهم الشديدة لفكرة استمرار القصف، ما يعكس قلقاً واسعاً من انزلاق النزاع إلى مواجهة مفتوحة. هذه الأرقام تعكس ضغطاً داخلياً متزايداً على إدارة ترامب، في وقت تبدو فيه الجمهور الأمريكي بعيدة عن تأييد موقف عدواني واضح، ما يضع خيارات البيت الأبيض في مواجهة اختبار التوازن بين ضرباتٍ عسكرية وتحاشي اندلاع حرب شاملة.


صقر الجديان
منذ ساعة واحدة
- صقر الجديان
إيران: رسالتنا واضحة لأمريكا وحلفائها ولن ندع أي اعتداء دون رد
طهران – صقر الجديان أعلنت إيران أن استهداف القاعدة الأمريكية في قطر كان بمثابة 'رسالة واضحة للولايات المتحدة وحلفائها بأن إيران لن تدع أي اعتداء على سلامة أراضيها وسيادتها وأمنها القومي دون رد مهما كانت الظروف'. جاء ذلك في بيان للجيش الإيراني بثه التلفزيون الرسمي الإيراني، الاثنين، بعد استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر. وجاء في البيان 'الهجوم رسالة واضحة للبيت الأبيض وحلفائها. إيران، متوكلة على الله تعالى وعلى الشعب الإيراني الوفي'. وكانت إيران قد أعلنت أنها شنت هجومًا صاروخيًا على قاعدة العديد الأمريكية في قطر ردًا على الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية. وفجر الأحد، لم تكتف الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري والاستخباري واللوجستي للعدوان الإسرائيلي على إيران، وشنت غارات جوية على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية. ومنذ 13 يونيو/ حزيران الجاري تستهدف إسرائيل منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين بإيران، التي ترد بضرب مقرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، مما خلف قتلى وجرحى لدى الجانبين.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
الزلزال الإقليمي.. ماذا بعد انخراط أمريكا في الحرب الإسرائيلية على إيران؟
تتجه التوقعات إلى ارتفاع حدة ووتيرة المواجهة بين إيران والكيان الإسرائيلي بعد انخراط الولايات المتحد الأمريكية في هذه الحرب وضربها منشآت نووية في فوردو ونطنز وأصفهان. وتتزايد المخاوف من انزلاق أوسع في ضوء زيادة نسق الضربات المتبادلة والتهديد المتكرر من الرئيس ترامب لإيران إذا ما رفضت "صنع السلام". ولا أدري عن أي سلام يتحدث ترامب وهل من الممكن أن تنتهي حرب كهذه بشكل مفاجئ وسريع دون أن تلوح في الأفق أي حلول دبلوماسية بل فقط مؤشرات لفوضى عارمة قد تتضرر منها بشدة المنطقة بأكملها؟. أما السؤال الذي يواجه المنطقة حالياً، وهو في رأيي الأكثر أهمية وخطورة في الشرق الأوسط خلال هذا القرن: هل ستسمح الولايات المتحدة للفوضى بأن تصبح سياسةً؟ وهل تستغل تلك الفوضى لتدمير ما تبقى من البنية التحتية النووية الإيرانية والإطاحة بالتوازن الذي كان قائماً في المنطقة.. أم ستدفع باتجاه تهدئة تفاوضية يتلوها سلام "المهزوم" بعد أن لاحت نذور الحرب المفتوحة في سماء الشرق الأوسط؟. هذا يتوقف على الموقف الإيراني بعد أن حطم اندلاع حرب مفتوحة مع إسرائيل مع انخراط أمريكي عقودًا من التوازن الهش في الشرق الأوسط. ولا شيء أهم الآن من الحديث عن تداعياتها الأوسع -الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية – التي تمتد إلى الدول المجاورة، والسيناريوهات مفتوحة لإعادة تشكيل البنية الأمنية الهشة في المنطقة. وقد يدخل الشرق الأوسط الأوسع مرحلةً من التقلبات غير المسبوقة. وكلما طال أمد الحرب زادت احتمالات نشر الفوضى والتصعيد العرضي والامتداد الإقليمي، مما يعرض العديد من الدول -الهشة أصلًا- لخطر الانهيار. وقد تتطور الجماعات بالوكالة إلى أطراف رئيسية في الصراع. ولعل منطق الردع النووي متمثلاً في إيران، والذي كان يكبح جماح هذه المواجهة طيلة عقود ماضية، لم يعد قائماً بل وينهار كل يوم أكثر من اليوم السابق له. وفي ضوء أن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الدولة العبرية لديهما رغبة وتصميم في إحداث تعميق "للصدمة القوية" لإجبار إيران على تقديم تنازلات "ذات معنى" بحسب ترامب، فقد يكون أمام إيران خيار واحد وهو وقف تخصيب اليورانيوم والقبول بالشروط الأمريكية الإسرائيلية. أما خلاف ذلك فهو دخول في مغامرة "شعارها عليَّ وعلى أعدائي" في حال فكرت في استخدام السلاح النووي وستكون عواقبها كارثية!. لكن لفهم الملف النووي الإيراني والتطورات التي أدت لضربة أمريكية لثلاثة مفاعلات يجب العودة إلى بدايات رحلة إيران النووية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، في عهد الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني. وبحلول عام 1994، وقّعت إيران اتفاقية مع الصين لبناء مفاعلين نوويين بقدرة 300 ميجاواط ومنشأة لتحويل اليورانيوم في أصفهان. لكن الضغط الدبلوماسي الأمريكي أدى إلى إلغاء هذه الاتفاقية عام 1997. بحلول منتصف تسعينيات القرن الماضي، غيّرت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI) مسارها. وأصبح الهدف توليد 7000 ميجاواط من الكهرباء باستخدام الوقود النووي المحلي. وترأس خاتمي المجلس الأعلى للتكنولوجيا للإشراف على هذا التحول. وعندما انسحبت الصين من مشروع بناء المفاعلين النوويين، قررت إيران بناءه بشكل مستقل عام 1999 بمساعدة من القطاعين العام والخاص. وبدأ البناء تحديداً عام 2004، ونُفذ مشروع تخصيب اليورانيوم بسرعة، غالبًا في غضون أسابيع. وقد جاءت تلك الخطوات الفنية بالتوازي مع المفاوضات الدبلوماسية والضغوط المتزايدة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. رغم التدقيق الدولي المكثف، أكدت إيران مرارًا وتكرارًا أنها لن تتخلى عن التخصيب، حتى مع تقديمها تطمينات بشأن النوايا السلمية. وأعربت حكومة خاتمي عن استعدادها للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتفاوض على ضمانات جوهرية. في أغسطس 2005، استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم في منشأة أصفهان. وأكد المفاوضون الإيرانيون أن تعليقهم للتخصيب كان مؤقتًا وطوعيًا، وكان مقصودًا به فقط بادرة حسن نية. إلا أن أوروبا أصرت على وقف دائم للأنشطة النووية الرئيسية. ربما إصرار الاتحاد الأوروبي كان مدروسًا، ومبنياً على توقعات تُعيد رافسنجاني للسلطة في الانتخابات الرئاسية، يونيو 2005، وهو الذي أظهر استعداداً أكبر للتسوية. لكن فشلت التوقعات، وبحلول عام 2006، انهارت المفاوضات. وعززت إيران قدراتها النووية بعد ذلك، حتى مع تصاعد العقوبات الاقتصادية. ثم جاء الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، ليحدّ من مستويات التخصيب إلى 3.67٪، ويخفّض المخزونات بشكل كبير، مع فرض عمليات تفتيش. لكن تم تفكيك هذا الاتفاق عام 2018 من قبل إدارة ترامب. وعندما حاول الرئيس بايدن إحياء المفاوضات مجدداً انهارت بحلول عام 2022. في أعقاب ذلك، ارتفع مخزون إيران النووي ومستويات التخصيب إلى مستويات قياسية جديدة. وبحلول عام 2023، رصدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية جزيئات مُخصبة بنسبة 83.7٪. وبحلول عام 2024، وصل مخزون إيران من اليورانيوم المُخصب بنسبة 60٪ إلى 408 كيلوجرامات، وهو ما يكفي لصنع تسعة أسلحة نووية إذا تم تخصيبه بالكامل. وكانت إسرائيل تراقب تلك التطورات وتتصيد الفرصة السانحة، بعد تعدد الاستفزازات، لتوجيه الضربة وتحطيم الردع النووي، خاصة بعد "تقليم أظافر" إيران في امتداداتها داخل لبنان وسوريا. وجاءت "عملية الأسد الصاعد" التي وصفها نتنياهو بـ"لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل"، وهي اللحظة التي انتظرها المشروع الصهيوني للهيمنة على المنطقة. ورغم الخسائر الفادحة وآخرها المفاعلات النووية الثلاث، ظلت إيران حريصة على عدم طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، رغم دعوة البرلمان إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز. لكن القيادة الإيرانية ستنفذ الخيار الأخير (إغلاق مضيق هرمز) كأداة ضغط على إمدادات الطاقة وستستمر في مشاركتها في معاهدة حظر الانتشار النووي باعتبارها ضرورة استراتيجية وقانونية حتى تمنع إسرائيل من تقديم حجج قانونية موثوقة بأن إيران في مرحلة التسلح النووي. ورغم وجود مؤشرات عديدة تعكس محاولة إيران لضبط النفس إلا أنها لن تتردد في استخدام ترسانتها الاستراتيجية في ضربات موسعة، ومنها التقنيات الجديدة مثل طائرة "شاهد-107" المُسيّرة، المُزوّدة برأس حربي يزن طنًا ونصف، وهي قدرات لم تُنشر بالكامل بعد، خاصةً وأن المراهنة الإيرانية على توجيه ضربات تكتيكية دون التصعيد الشامل قد انتهى وقتها. وتتخوف أطراف عديدة ليس في المنطقة فحسب بل من داخل الولايات المتحدة من عواقب إغراق المنطقة في حرب إقليمية والتداعيات المحتملة لإغلاق مضيق هرمز؛ وقد حذر وزير الدفاع الأمريكي السابق من ذلك مستحضراً ما وصفه بـ"خطأ فادح" عندما دخلت بلاده العراق قبل عقدين من الزمن، مما أدى إلى حرب امتدت لسنوات وفوضى ماتزال مستفحلة. ولكن لا يبدو أن الرئيس ترامب تعلّم من دروس الماضي ولم يحسب جيداً تداعيات هذه الورطة التي قد تؤدي لاستهداف المصالح الأمريكية في كل مكان!.