logo
القطار الأخير إلى الحرية: حكاية الخادمة تكتب فصلها الختامي

القطار الأخير إلى الحرية: حكاية الخادمة تكتب فصلها الختامي

Independent عربية٠٧-٠٥-٢٠٢٥
عام 1985 نشرت مارغريت أتوود روايتها الديستوبية "حكاية الخادمة" [الترجمة العربية للكتاب صدرت بعنوان "حكاية الجارية"] The Handmaid's Tale، التي تدور أحداثها في "غلعاد"، النسخة القمعية التي يسيطر عليها الحكم الديني من الولايات المتحدة، وذلك في وقت كان الرئيس الجمهوري آنذاك رونالد ريغان يدفع بالبلاد نحو الليبرالية الجديدة التي ستهيمن عقوداً تالية.
ثم عادت لتنشر جزءاً مكملاً بعنوان "الوصايا" The Testaments عام 2019 - وللقارئ أن يستنتج ما يشاء من هذا التوقيت. والآن، تقترب المعالجة التلفزيونية المستمدة من عالم أتوود من نهايتها، بعد مسيرة دامت ثمانية أعوام تزامنت مع تحولات عميقة ضربت نسيج المجتمع الأميركي. ومع إسدال الستار على "غلعاد"، يبرز السؤال: هل أصبح المسلسل الذي تعرضه قناة "تشانل 4" قريباً إلى حد مؤلم من واقعنا؟
في المشاهد الافتتاحية من الموسم السادس، نجد كلاً من جون (التي تجسدها إليزابيث موس) وسيرينا جوي (إيفون ستراخوفسكي) على متن قطار، متجهتين نحو آخر معقل للولايات المتحدة في ألاسكا. وبينما تعترف سيرينا قائلة: "أنت امرأة قوية بشكل استثنائي"، يتضح سريعاً أن دروبهما ستفترق مرة أخرى.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الجانب الآخر من الحدود في "غلعاد"، يواصل القائد لورانس (برادلي ويتفورد) دفع مشروعه قدماً لإنشاء "بيت لحم الجديدة" - المجتمع الليبرالي داخل حدود "غلعاد" - بينما أصبح نيك (ماكس منغيلا) ملازماً ذا تأثير كبير. لكن علاقته بجون، التي جعلته يتحول إلى عميل مزدوج ضد النظام، باتت على المحك بسبب وجود زوجها، لوك (أوتي فاغبنل)، الذي انضم إلى الثوار من مجموعة "ماي داي" جنباً إلى جنب مع صديقة جون القديمة، مويرا (سميرة وايلي).
لكن هناك أمراً واحداً لم تتمكن جون من معالجته أو إنهائه: ما زالت ابنتها هانا أسيرة في "غلعاد". فبالأصل، تدور أحداث "حكاية الخادمة" في عالم يشهد انخفاضاً في الخصوبة، وهي دراما تتعلق بالجيل القادم والصراع لضمان مستقبل. تقول جون نادبة: "لقد حاولت حقاً إنقاذها... لقد حاولت حقاً إخراجها، ولكن كما تعلم..."، والمشاهدون يعرفون تماماً ما تعنيه. فكلما بدا أن جون قد اجتازت مرحلة من الصراع، يظهر جدار آخر أمامها ويأتي الهرب قبل العودة. وفي النهاية، يبدو أن السلسلة تقول إنه ما لم تُدمر "غلعاد"، فلن تكون جون حرة حقاً. ومع تطور الأحداث في الموسم الأخير، تقترب القصة أكثر من تلك اللحظة الحاسمة.
على مدى مواسمه، ظل "حكاية الخادمة" محافظاً بشكل دائم على جودته. تعد إليزابيث موس واحدة من أفضل الممثلات التلفزيونيات، إذ قدمت أداءً رائعاً في دور البطولة الغامض والمثير، وكانت شخصية جون خير فرصة لإبراز مواهبها. ومع تقدم السلسلة، أصبحت موس أكثر تأثيراً في تطور العمل: فقد أخرجت في الموسم الرابع وللمرة الأولى إحدى الحلقات، ومن ثم أخرجت أربع حلقات في هذا الموسم، بما في ذلك الحلقة الختامية. في الوقت نفسه توسع المسلسل بصورة كبيرة عن الخيال الأصلي الذي كتبته أتوود، ليخلق عالماً معقداً مبنياً على قوى قمعية وأمل راديكالي. وعندما سئلت وايلي عما إذا كانت ستنضم إلى جزء مستقبلي من المسلسل، أجابت بالرفض قائلة: "لقد اكتفيت من الصدمة". وقد كان المسلسل صعباً على المشاهدين أيضاً، إذ عرض شخصياته لقسوة لا هوادة فيها ولم يمنحهم أي فترات راحة. إنه عالم حتى الملاذات فيه تكون غير آمنة.
مع ذلك وعلى رغم أن الاستمتاع بمشاهدة المسلسل قد يكون صعباً (بالمعنى الصافي لكلمة استمتاع)، فإن ضرورة متابعته قد ازدادت في الوقت نفسه مع تقدم أحداثه. رواية "حكاية الخادمة" هي كتاب يدرس في المدارس منذ أعوام، لكن النسخة التلفزيونية أصبحت دليلاً مفصلاً أكثر للقوى السياسية والبيروقراطية التي تتواطأ في تشكيل نظام استبدادي. في مشهد فلاش باك من حقبة ما قبل "غلعاد"، يقول والد سيرينا، وهو واعظ ديني، لابنته: "هذه أيام مظلمة. يحتاج الناس إلى أن يؤمنوا بشيء ما". تلك هي شمعة الأمل ذات الوميض المتردد التي تضيء طريق الطغيان، وهو موضوع تناولته "حكاية الخادمة" بشكل حيوي وملموس طوال العقد الماضي.
كاتب السيناريو بروس ميلر، إلى جانب إليزابيث موس، قدما فصلاً أخيراً قاتماً وحازماً في هذه السلسلة التي تعتبر حكاية تحذيرية لأميركا الحديثة. في لحظات الأزمات السياسية الحادة، يمكن للفن أن يكون بمثابة تحذير. لقد كان "حكاية الخادمة" عرضاً مثيراً يوضح كيف يمكن للخوف أن يتحول إلى فاشية. ربما تمنح نهاية العمل المشاهدين شعوراً بالراحة، لكنها بلا شك ستترك فراغاً كبيراً على الشاشة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تامارا ستيبانيان تكتشف أرمينيا المجهولة سينمائيا في لوكارنو
تامارا ستيبانيان تكتشف أرمينيا المجهولة سينمائيا في لوكارنو

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

تامارا ستيبانيان تكتشف أرمينيا المجهولة سينمائيا في لوكارنو

تنطلق أحداث الفيلم في فترة ما بعد اندلاع حرب ناغورنو كره باغ الثانية (2020). نتعرف إلى سيلين (كاميّ كوتان)، امرأة فرنسية من جيل المخرجة، يموت زوجها الأرميني فتقرر زيارة بلده الأم، لاستكمال أوراق الجنسية لابنهما، بيد أنها تجد نفسها وقد أصبحت تبحث عن جزء خفي من سيرة هذا الرجل، الذي عاش معها لسنوات من دون أن يفصح كثيراً عن ماضيه. علماً أنه كان جندياً في بلاده قبل أن يهاجر إلى فرنسا حيث تعرف إليها وتزوجها. تدخل سيلين أرمينيا، ومن حيث لا تدري تجد نفسها في دوامة بلد لا يشبه الروايات السياحية، بلد منهك جراء ثلاثة عقود من النزاع مع أذربيجان، مثقل بالخسارات، لا يظهر وجهه إلا عند من يقرأ الألم في تضاريسه. بلد غائب تماماً عن حسابات الإعلام، وسيحاول الفيلم الإضاءة عليه وعلى معاناة شعبه. الفيلم ليس عن الحرب (ولو أنها حاضرة)، بقدر ما هو عن صدمة ما بعد الحرب، واكتشاف أرض غير مكتشفة سينمائياً، وذلك عبر عينيّ سيدة غربية تحاول إتمام عملية الحداد على زوجها من خلال التوغل في بلاده وتنقل عبره شيئاً من إرثه إلى ولديه. تذهب إلى أرض لا تعرفها، فتعي جزءاً من مسؤوليتها كأم تجاه ابنها، الذي ينتمي أيضاً إلى هذا الوطن، وقد يُجبر على الانضمام إلى جيشه ذات يوم إذا اقتضت الحاجة. هذا كله سيفتح أمام سيلين باب الأسئلة التي ما كانت تعلم بوجودها حتى. الزوج الراحل، آرتو، تجسيد للهوية الأرمنية المعذّبة. فهو نجا من زلزال غيومري (ثاني أكبر المدن الأرمنية) عام 1988 الذي قضى على 60 في المئة منها، كما نجا أيضاً من حرب التسعينيات، لكنه لم يصمد أمام هزيمة 2020 عندما استعادت أذربيجان أراضي كان هو ورفاقه حاربوا من أجلها في شبابهم، فقرر أن ينهي حياته. هذا الموت الأخير هو المسمار الذي يثبّت سيلين في أرض أرمينيا، ويشرع أمامها بوابة حكاية يتداخل فيها العام والخاص. مرايا الذات لدى المخرجة تامارا ستيبانيان قدرة على تحويل الآخرين مرايا لذاتها. على غرار آرتو الذي هو تجسيد للذاكرة الجريحة، فإن المخرجة نفسها تجسّد، من خلال هذه الشخصية التي لا نراها بل تحضر على لسان الزوجة، شتاتاً شخصياً وتاريخياً معاً. تقول ستيبانيان: "كل أفلامي يسكنها المنفى والحنين. تركتُ أرمينيا في عام 1994 وأنا طفلة، وما زلت أبحث عن جذور... فوجدتُها في السينما. فقط في السينما أشعر بأني في بيت حقيقي". هذه ليست مجرد عبارة جميلة، بل حقيقة تؤكدها قائمة أعمالها الوثائقية، حيث تعيد بناء أرشيف شخصي من المنافي المتنقلة التي حطت فيها (لبنان، فرنسا…)، لتصوغ منه خطاباً إنسانياً يتجاوز الانتماء العرقي. مع "بلاد آرتو" ها إنها تنتقل من الوثائقي إلى الروائي. عن هذا الانتقال تقول: "بعد تخرجي من مدرسة السينما في لبنان، تابعتُ دراستي في الدنمارك. وهناك وقعتُ في حبّ السينما الوثائقية، لكن قلبي ظلّ متعلقاً دائماً بالسينما الروائية. يمكنني القول إنني، من خلال استكشافي للشكل الوثائقي طوال هذه السنوات، كنتُ أُحضّر نفسي للروائي. كما أنني أؤمن بوجود عنصر وثائقي في هذا الفيلم. غالباً ما أجد الأفلام الروائية مصطنعة ومُفتعلة، لذلك كنت أبحث عن روح وثائقية للفيلم". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن، على رغم صدق النوايا وثراء الرؤية الإنسانية، فإن "بلاد آرتو" لا يخلو من مشكلات بنيوية، تحول دون تحقّقه كعمل روائي مكتمل. التمثيل ضعيف، الخط الدرامي هشّ، ما يجعل الفيلم يتقدّم بخطوات بطيئة ومترددة. مشاهد كثيرة ليست سوى لنقل الحبكة من مكان إلى آخر، مليئة بحوارات ساكنة غير مقنعة، وشخصيات تقول أكثر مما تشعر، تُخبر من دون أن تُجسّد. والنتيجة: تجربة أقرب إلى سلسلة تأملات محبطة، تغيب فيها قوة الشهادة الوثائقية أو التماسك الروائي. الفيلم يعاني من علل عديدة تمنعه من بلوغ الاكتمال الفني، وكأنه لا يسعى أصلاً لبثّ انفعال، إنما يكتفي بالتحديق في الماضي من دون بناء فعل سينمائي عليه. إضافة إلى أنه يبدو مهذّباً أكثر مما يلزم، وهذا مأزق الأعمال التي تُنجز بصدق، لكن الإخلاص لمسألة لا يكفي وحده لصنع سينما كبيرة. كأي فنانة تعي محدودية الفن، لا تقدم ستيبانيان أي حل، لكنها تحاول أن تطرح أسئلة وتعمّقها، والأهم أنها تفتح ملفاً عانى لعقود من إهمال وتجاهل. لا بطل في الفيلم، فجميعهم من الخاسرين المكلومين، إنما الكثير من الأشباح التي تحوم فوق الحاضر وأولها آرتو نفسه. قد لا يُغيّر الفيلم شيئاً في الوعي الغربي، لكنه يمنح تجربة أنجاز فيلم في أرمينيا صوتاً أنثوياً، دافئاً، مشتتاً، يشبه البلاد التي يُحاول تصويرها.

"ماديون"... الحب سيبقى أحلى الأقدار
"ماديون"... الحب سيبقى أحلى الأقدار

Independent عربية

timeمنذ 3 أيام

  • Independent عربية

"ماديون"... الحب سيبقى أحلى الأقدار

لن يكون سهلاً على مشاعرك الإنسانية أن تمر بتجربة مشاهدة فيلم "ماديون"، فهو ينقلك بصورة حادة وقاسية بين عوالم تخضع للحسابات المفزعة وحدَّة سيف الواقع واختيارات الزواج وتعنُّت الرجال وازدواجية المعايير، وبين نعومة ورقَّة غريزتك الفطرية وحقك في الحب والسعادة ومتعة التجربة، وكلها أمور لا تخضع لمقاييس السن والشكل والمستوى الاجتماعي والرشاقة والجاذبية، لكن تنتصر فقط لكونك إنساناً تستحق أن تعيش الحياة من دون سوداويات الماديات. حدة الماديات ربما تعمدت المخرجة سيلين سونغ أن تكون شديدة الحدة في طرح ما اقترفته الماديات والحسابات من جرائم مؤلمة في حق المرأة، فهي لم تتطرق إلى الأمر كأنه مشكلة عابرة، بل ضغطت بشدة حتى ينزف الجرح ربما أملاً في أن يتشافى بالصدمة، أو لإيجاد حلول قد تغير المقاييس أو تجعلها أكثر هدوءاً ولطفاً. عرض الفيلم ما فعلته الماديات والحسابات من جرائم في حق المشاعر الإنسانية والمرأة (مواقع التواصل الاجتماعي) كررت المخرجة بين المشاهد والسطور عبارات كرَّست أن المادية التي نعيشها في عصر قاسٍ يخضع لمقاييس الطول والوزن والسن والجمال لم تؤثر إلا في فرص المرأة واستحقاقها فرص الحب والعشق. بدأت الأحداث بمشهد لرجل وامرأة في حالة حب خلال العصر الحجري أو ربما قبل التاريخ، ويُلبس الرجل حبيبته خاتماً عبارة عن زهرة بيضاء نقية تسبب لها سعادة غامرة، ثم ينتقل المشهد الثاني، حيث نيويورك والمدينة الصاخبة بأضوائها وشوارعها وحداثتها وضجيجها المفرط عام 2025. تظهر لوسي ماكارو التي لعبت دورها داكوتا جونسون، وهي امرأة في منتصف الثلاثينيات تعمل وسيطة زواج في شركة ضخمة تتخصص في التوفيق بين الرجال والنساء وتنسيق المواعدة في شقة فارهة، وهي في حالة من النشاط والطاقة المنظمة لأقصى الحدود. عرض وطلب تبدو لوسي امرأة جميلة، لكنها صلبة القلب وباردة المشاعر تتعامل مع كل شيء على أنه عرض وطلب ومقاييس تتوافق مع طلبات، فالشخص بالنسبة إليها يصنف ضمن قوائم صارمة، ويحدد موقعه منها السن والطول والوزن والمنصب الاجتماعي والدخل السنوي. تنسى لوسي أنها امرأة وتضع النساء أيضاً وفق المقاييس الصارمة نفسها، حسب تصنيفهن المادي والشكلي مع الرجل المناسب أو المنشود. جسد بيدرو باسكال دور هاري الثري الذي يمثل الجانب المادي من المجتمع (مواقع التواصل الاجتماعي) ولأن لوسي تفكر بحسابات المادة وقسوة الرجال في اختيار المرأة على رغم حداثة العصر والتحضر تنجح في عملها وتستطيع أن تتمم زواج 9 حالات سميت فرص العمر وارتباط الأحلام بحسب تصنيف وكالة المواعدة التي تعمل بها. تظل لوسي معتقدة أنها شخص لا يعتنق للحب مذهباً حتى يأتي اليوم الذي يقلب حياتها، وهو عُرس إحدى وكيلاتها على فتى الأحلام ابن العائلة الثرية الناجح والوسيم، وفي اليوم ذاته تتعرف لوسي على شقيقه هاري شقيق العريس، وهو أكثر وسامة وأهمية ومالاً وجاذبية، فتطلق عليه "الرجل المثالي" أو "وحيد القرن"، بحسب تصنيفات الشركة في وصف جودة الرجال. تتفاجأ لوسي بوقوع هاري في حبها ورغبته في الارتباط بها، وتفضل أن تجعله مجرد زبون بوكالتها، وتتردد في عرضه لأنها بحسابات مادية تجد نفسها امرأة غير مناسبة لرجل في تميزه الفريد مادياً واجتماعياً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تقسو لوسي بصورة مفرطة على نفسها وعلى مجتمع النساء بصورة درامية سوداء عندما تقول في جمل الحوار لهاري أو الرجل المثالي الذي يعرض عليها الحب، "أنت تستحق امرأة أفضل مني، فأنت متميز وفريد وثري ووسيم، لماذا تتزوج امرأة في الثلاثينيات أمامها سنوات ويغادرها جمالها؟ ولماذا تربط نفسك بامرأة فرص إنجابها ستتقلص بعد مدة قصيرة؟". ويباغتها هاري بقوله إن هذه المعايير لا تعنيه، لكنها تزداد قسوة في الحكم على نفسها بأن العلاقات والزواج صفقة يجب أن تكون متوافقة، وما دمت تملك تلك الميزات كرجل عليك الإفراط في الطلب والتعنت في اختيار ميزات أكثر صعوبة في المرأة. قهر المرأة تعكس الجمل الحوارية للوسي حالاً من القهر الذي صنعته المعايير المادية في تصور المرأة لنفسها ومدى استحقاقها فرص الحب والزواج من رجل رائع طالما بدأت في عمر الـ30، إضافة إلى ألم تقدير المرأة لقيمتها وأنوثتها بخصوبتها وما تبقَّى فيها من مدة تستطيع فيها الإنجاب ويستمر فيها الجمال، وهو تفكير على رغم محاولة إنكاره، فإنه حقيقة لا تغيرها شعارات التحضر والمدنية ووصول أقصى درجات الوعي الإنساني عند معظم الناس في كل البلد حتى نيويورك نفسها، وهذا ما أكدته المخرجة بمنتهى الوضوح. كريس إيفانز تألق في دور جوني الذي جسَّد العاطفة في مواجهة المال (مواقع التواصل الاجتماعي) تستمر لوسي في الانبهار والتردد بسبب عرض هاري الثمين، ثم تقرر اقتناصه بوصفه صفقة العمر التي لن يكررها الزمان، وتدخل معه في علاقة في اليوم نفسه الذي تتقابل فيه مع النادل الوسيم جون الذي قام بدوره كريس إيفانز. وتسترجع الأحداث علاقة لوسي وجون، فهو لم يكن شخصاً عابراً في حياتها، بل الحب الحقيقي الذي فشل بعد محاولات جدية منهما بسبب صعوبة ظروفه المادية وعدم قدرته على إسعادها بمقاييس المال. وعلى رغم موت القصة، فإن هذا الرجل ظل بداخلها حلماً وشريكاً ورفيقاً لأجمل ما عاشته، وما تبقَّى في ذاكرتها من سنوات. تستمر علاقة لوسي مع هاري الذي ترى أن من أهم ميزاته أنه يدفع فواتير باهظة لعشائهما بسهولة، ويذهب بها إلى أماكن فاخرة لم تحلم يوماً أن ترتادها، كما يسكن في شقة لا يستوعب خيالها فخامتها. مثلث معقد يتشكل ويتعقد مثلث علاقة لوسي وهاري وجون في الوقت نفسه من دون قصد من أي منهم، فعندما يعدها هاري بتحقيق كل الأحلام والسفر لآيسلندا التي تتمنى يوماً أن تقضي بها إجازتها يشعل جون عاطفتها ببساطة المشاعر وفرط الإحساس والشغف ونشوى الاقتراب والود الإنساني الحقيقي البعيد من أرقام الحسابات البنكية والعشاء في الأماكن الفاخرة والقصور. تظن لوسي أنها نجت من الاختيار وحسمت موقفها لمصلحة هاري بحكم طبيعتها المادية وتخلصها المسبق من حكايتها مع جون التي أعدمها الفقر بلا رحمة، لكنها تكتشف حقيقة رغباتها وقيمة مشاعرها التي لم تنجح المادة في تغييرها، فـ"هاري" بكل هدوئه وثرائه وعطائه لا تشعر معه بأي رغبة أو توافق، بل تجد الصمت رفيقهما الدائم والوحيد، ولم يستطع أن يلمس أي عمق داخلها لتعيش معه أي لحظة عفوية وصادقة، بينما جون الفقير لا تتوانى في أن تلجأ إليه بأعبائها وثرثرتها مع أول مشكلة، وهو الشخص الوحيد الذي تتحدث إليه من دون توقف عندما تريد أن تنفجر في الضحك أو البكاء أو أي مشاعر صادقة. يجدد هاري عرض الزواج على لوسي، فتجد نفسها في لحظة حاسمة وفارقة لا بد أن تختار ما تريده روحها، فتخلع رداء المادية الذي ظنت أنه يغلف روحها، وترفض العرض هاري وتصارحه بأن كل أمواله لم تستطع أن تكسر حاجز الصمت أو تذلل عقبات عدم الإحساس بالتوافق الروحي، فيُفاجئها هاري بقوله إن الزواج صفقة، وما دام هناك قبول فعلينا حساب ما سنكسبه منها. فترد لوسي بحسم على ماديته التي غلبت معتقداتها الحسابية أن الصفقة شرطها الأساس الحب، ومن دونه فهي معاناة لا ربح فيها. المعادلة الأصعب على الجانب الآخر يستسلم جون لفكرة استحالة عودة لوسي له وتركها الثري الرائع المتكامل بحسب فهمه لشخصيتها المادية، لكنها تفاجئه بقرارها وقولها إن المال يمكن الاجتهاد فيه وتحسين وضعه، لكن الشريك الحقيقي والمشاعر النابعة من القلب لا تشتريها كل أنواع الماديات، لذلك فالحب هو المعادلة الأصعب في هذا العالم منذ بداية الخلق حتى نهايته، ولم تستطع المادية ومعتنقيها هدم قلعته. المخرجة الكورية سيلين سونغ كشفت الصراع بين المادة والعاطفة واختارت نهاية حالمة (مواقع التواصل الاجتماعي) استعرض الفيلم بصورة حادة وسلسة في الوقت نفسه فصولاً من الصراع الإنساني الدائم بين الحب والمال، وكشفت المشاهد عن عيوب وميزات كل حالة، ووضعت أمامك على مدار ساعتين أن تختار بين الأمرين بعدما تعرَّت حقيقة كل جانب بلا خجل. وعلى رغم قسوة المخرجة وكاتبة السيناريو في سرد بعض المشاهد المادية، فإنها في النهاية قررت أن تحكم بقلبها فاختارت الحب على المادة، واختتمت بمشهد للزوجين نفسهما من العصر الحجري وهما يعيشان في سعادة والمرأة تلبس خاتماً من الورد وتحمل في طفل، وزاد وزنها وحجم بطنها، لتؤكد أن الغريزة والفطرة مهما لوَّثتها المادية لا يمكن هزيمتها أو منافستها.

فيلم "Heads of State" ينطلق بقوة على Prime Video منذ عرضه الأول (فيديو)
فيلم "Heads of State" ينطلق بقوة على Prime Video منذ عرضه الأول (فيديو)

الرجل

timeمنذ 4 أيام

  • الرجل

فيلم "Heads of State" ينطلق بقوة على Prime Video منذ عرضه الأول (فيديو)

حقق فيلم الأكشن الكوميدي "Heads of State" انطلاقة قوية بعد عرضه الأول عبر منصة Prime Video في 2 يوليو 2025. ووفقًا لتصنيف موقع Flixpatrol، تصدر الفيلم قوائم المشاهدة العالمية في أول أيام عرضه. قصة فيلم Heads of State يتناول الفيلم قصة مثيرة لرئيس أمريكي ورئيس وزراء بريطاني على خلاف دائم، يضطران للتعاون بعد تعرض طائرتهما الرئاسية لهجوم من قبل جهة إرهابية روسية، ما يؤدي إلى سقوطهما في بيلاروسيا. يضم الفيلم نخبة من النجوم العالميين مثل إدريس إلبا، جون سينا، جاك كويد، بريانكا تشوبرا، بادي كونسيدين، كارلا جوجينو، وستيفن روت. وقد لاقى الفيلم استقبالًا نقديًا جيدًا، حيث سجل نسبة تقييم 67% على موقع Rotten Tomatoes. وعلى الرغم من الانتقادات المتفاوتة، وصف العديد من المشاهدين العمل بأنه "فوضى ممتعة" و"مليء بالطاقة"، وأشادوا بالكيمياء غير المتوقعة بين إلبا وسينا. رأي الجمهور في فيلم Heads of State تلقى الفيلم إشادات من الجمهور، حيث أكد العديد من المتابعين أن العمل كان "مليئًا بالحركة والإثارة"، واعتبروا أن هذه التوليفة بين الأكشن والكوميديا تمثل إضافة مميزة إلى أفلام Prime Video، ما جعل الفيلم يتصدر القوائم بسرعة. وعلى الرغم من أن الفيلم تلقى بعض الانتقادات، إلا أن حضوره المميز في المسابقات العالمية وتصدره للمشاهدات في فترة زمنية قصيرة يعكس مدى النجاح الكبير الذي حققه، مع توقعات بزيادة نسب المشاهدة خلال الأسابيع المقبلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store