logo
تحالف «أوبك+» يضع النفط الصخري الأمريكي في مرمى سياسة زيادة الإمدادات لاستعادة حصته السوقية

تحالف «أوبك+» يضع النفط الصخري الأمريكي في مرمى سياسة زيادة الإمدادات لاستعادة حصته السوقية

القدس العربي ٢٦-٠٥-٢٠٢٥
موسكو/لندن – رويترز: يمضي تحالف «أوبك+» في خطة لزيادة إنتاج النفط ومعاقبة الأعضاء الذين يتجاوزون حصص الإنتاج المقررة، وفي الكواليس تضغط السعودية وروسيا اللتان تتزعمان التحالف لتحقيق هدف آخر يتمثل في مواجهة إنتاج النفط الصخري الأمريكي لاستعادة الحصة السوقية التي استحوذت عليها الولايات المتحدة.
وكانت آخر حرب أسعار شنتها منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» على المنتجين الأمريكيين قبل 10 سنوات قد باءت بالفشل، إذ سمحت تطورات التكنولوجيا والتنقيب لشركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي بخفض التكاليف والمنافسة بأسعار أقل، وتمكنت هذه الشركات في السنوات التالية من انتزاع حصة سوقية من «أوبك» التي تضم 12 عضواً.
ومع ذلك، فإن الإنتاج الأمريكي أصبح الآن أكثر ضعفاً وأقل مناعة في مواجهة حرب أسعار، بعد سجل منتجو النفط الصخري الأمريكي ارتفاعاً في التكاليف في السنوات الثلاث الماضية. كما تراجع دخل هذه الشركات بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية، وهو شيء ارتبط جزئياً بالتداعيات الاقتصادية لسياسات الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتحدثت رويترز إلى 10 من مندوبي تحالف «أوبك+» ومصادر في القطاع أطلعتهم السعودية أو روسيا على إستراتيجية الإنتاج.
ووفقا لأربعة من المصادر العشرة فإن استعادة جزء من الحصة السوقية هو أحد الدوافع وراء قرار التحالف في الثالث من مايو/أيار بإلغاء تخفيضات الإنتاج بسرعة أكبر مما كان مخططاً له سابقاً. إلا أن أياً من المصادر العشرة لم يقل إن الإستراتيجية تمثل حرب أسعار حتى الآن.
وقالت المصادر، التي رفضت جميعها الكشف عن هوياتها نظرا لحساسية الأمر، إنه لإلحاق ضرر بمنتجي النفط الصخري حالياً، سيحتاج تحالف «أوبك+» إلى دفع أسعار النفط إلى الإنخفاض بشكل أكبر من مستوياتها الحالية التي تبلغ نحو 65 دولاراً للبرميل لتصل إلى أقل من مستوى بين 55 و60 دولاراً.
وقال أحد المصادر المُطَّلِعة على تفكير السعودية «الفكرة هي إثارة الكثير من الغموض حول خطط الآخرين مع النزول بالأسعار إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل».
ولم يرد مركز التواصل الحكومي السعودي ولا مكتب نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك ولا «أوبك» على طلبات التعليق.
وأشار تحالف «أوبك+» إلى «أساسيات السوق الصحية الحالية، التي تنعكس في انخفاض مخزونات النفط» كأساس لقرار الإنتاج.
ومع ذلك، تأتي زيادات إنتاج «أوبك+» بالتزامن مع نفاد مخزون أفضل مناطق النفط الصخري عالي الجودة في أكبر حقول النفط الأمريكية، وهو حقل برميان. ومع توجه المنتجين نحو المناطق الثانوية، ترتفع تكاليف الإنتاج. كما فاقم التضخم تلك التكاليف.
ويحتاج منتجو النفط الصخري الأمريكيون الآن إلى سعر 65 دولاراً للبرميل في المتوسط لتحقيق الربح، وفقاً لمسح أجراه فرع بنك الاحتياطي الاتحادي في دالاس (المركزي الأمريكي) وشمل أكثر من 100 شركة نفط وغاز في تكساس ونيو مكسيكو ولويزيانا.
وفي المقابل، يقدر المحللون تكاليف الإنتاج في السعودية بما يتراوح بين ثلاثة وخمسة دولارات للبرميل الواحد، وفي روسيا بما يتراوح بين 10 و20 دولاراً للبرميل.
وخلال الذروة، كان إنتاج «أوبك» يشكل أكثر من نصف إنتاج النفط العالمي. لكن هذه الهيمنة آخذة في الانحسار، إذ تفيد بيانات المنظمة بأن حصتها السوقية تراجعت من 40 في المئة قبل 10 سنوات فقط إلى أقل من 25 في المئة هذا العام.
وارتفعت حصة الولايات المتحدة من 14 في المئة إلى 20 في المئة. وينتج تحالف «أوبك+» نحو 48 في المئة من النفط العالمي.
وبعد خفض الإنتاج بما يصل إلى 5.85 مليون برميل يومياً، أو خمسة في المئة من الطلب العالمي، خلال السنوات الخمس الماضية لتحقيق التوازن في السوق بينما نما إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، يعمل تحالف «أوبك+» الآن على زيادة الإنتاج.
وذكر أحد المصادر في «أوبك+» لرويترز «حان الوقت لاستعادة الحصة السوقية المفقودة».
وتقول السعودية إن تكاليف الإنتاج المنخفضة لديها تعني أنها ستكون المنتج الأخير الصامد في أي منافسة.
وقالت المصادر لرويترز إن موسكو أصبحت بشكل تدريجي متفقة مع إستراتيجية السعودية المتمثلة في ضخ المزيد من النفط لمعاقبة أعضاء «أوبك+»، مثل العراق وقازاخستان، على الإنتاج الزائد والضغط على آخرين، مثل منتجي النفط الصخري.
وذكر مصدر روسي رفيع المستوى «السبب الرئيسي لاختلال توازن سوق النفط يأتي من نمو (إنتاج) النفط الصخري في الولايات المتحدة».
وأضاف المصدر أن وصول سعر النفط إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، وهو سقف السعر الذي فرضته مجموعة السبع على النفط الروسي بسبب الحرب في أوكرانيا، من شأنه أن يسهل الصادرات وربما يكون مناسباُ لموسكو.
يذكر أن سعر خام برنت القياسي كان يتراوح بين 70 إلى 80 دولاراً للبرميل خلال معظم فترات العام الماضي، لكنه تراجع إلى أدنى مستوى في أربع سنوات قرب 58 دولاراً للبرميل في أبريل/نيسان، وذلك مع زيادة الإنتاج من مجموعة أوبك+ ووسط مخاوف بشأن الاقتصاد العالمي.
وقال لينوا جوان الرئيس التنفيذي لشركة «سيرج إنِرجي»، وهي إحدى أكبر شركات إنتاج النفط الخام الخاصة في الولايات المتحدة ولديها عمليات في حوض برميان، إن التوقيت هو الأسوأ بالنسبة للمنتجين في أمريكا.
وأضاف أن إنتاج النفط الأمريكي من المرجح أن ينخفض خلال العام الجاري مع استنزاف مخزونات الخام عالية الجودة. وأوضح أن السياسات التجارية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية وما نتج عنها من تقلبات في السوق أثقلت كاهل القطاع ونتج عنها توقعات بإفلاس بعض الشركات.
وقال «زيادة إنتاج أوبك+ يؤثر على حصة السوق بالنسبة لمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة».
وذكرت شركة «بيكر هيوز» لخدمات حقول النفط والغاز أن عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة انخفض في وقت سابق من الشهر الجاري إلى أدنى مستوى له منذ يناير/كانون الثاني.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري خفضت شركة «دايموندباك إنِرجي» للنفط الصخري توقعاتها للإنتاج في 2025، قائلة إن الضبابية التي تحيط بالاقتصاد العالمي وزيادة إمدادات «أوبك+» دفعا إنتاج النفط الأمريكي إلى مرحلة قد يشهد خلالها تحولاً ملحوظاً. وحذرت «كونوكو فيليبس» الأسبوع الماضي من أن انخفاض الأسعار إلى نحو 50 دولارا للبرميل قد يؤدي إلى تخفيض واسع النطاق في العمليات، بما يشمل الشركات الكبيرة.
لكن حروب الأسعار تؤثر بشدة على الجميع.
وعلى الرغم من أن شركات النفط تتعرض لضغوط لخفض النفقات الرأسمالية والوظائف وتوزيعات الأرباح، يضع تراجع الأسعار ضغوطاً مالية على الدول التي تعتمد على إيرادات الخام.
ويُقَدِّر «صندوق النقد الدولي» أن روسيا بحاجة إلى أسعار نفط أعلى من 77 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، بينما تحتاج السعودية إلى أسعار تتجاوز 90 دولاراً للبرميل.
ولا يوجد لدى «أوبك+» هدف رسمي للسعر، لكن المسؤولين يناقشون بانتظام وجهات النظر حول مستويات الأسعار وتداعياتها على القطاع والاقتصاد العالمي.
وفي إشارة إلى استعدادها على الأقل لتحمل بعض الضغوط، أبلغ مسؤولون سعوديون حلفاء وخبراء في القطاع أن المملكة يمكنها تحمل انخفاض الأسعار إلى 60 دولاراً للبرميل، حتى لو اضطرت إلى الاقتراض لدعم الميزانية الحكومية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مبيعات التجزئة الأميركية سجلت ارتفاعاً في يوليو مدعومة بالإقبال على السيارات الكهربائية
مبيعات التجزئة الأميركية سجلت ارتفاعاً في يوليو مدعومة بالإقبال على السيارات الكهربائية

العربي الجديد

timeمنذ 9 ساعات

  • العربي الجديد

مبيعات التجزئة الأميركية سجلت ارتفاعاً في يوليو مدعومة بالإقبال على السيارات الكهربائية

شهدت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة زيادة كبيرة في الشهر الماضي، مدعومة بالطلب القوي على السيارات والعروض الترويجية من أمازون ومتاجر وول مارت لكن تباطؤ سوق العمل وارتفاع أسعار السلع قد يحدان من نمو إنفاق المستهلكين في الربع الثالث. وقال مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة اليوم الجمعة إن مبيعات التجزئة ارتفعت 0.5% الشهر الماضي بعد تعديل بالرفع في بيانات يونيو/ حزيران بواقع 0.9%. وكان خبراء اقتصاد استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا زيادة مبيعات التجزئة 0.5% لتصل إلى 726.3 مليار دولار، بعدما سجلت زيادة 0.6% في يونيو/حزيران. وقد يرجع أحد أسباب زيادة مبيعات التجزئة في الشهر الماضي إلى ارتفاع الأسعار، بسبب الرسوم الجمركية وليس إلى زيادة الكميات. وقال محللون في جيه.بي مورغان، إن الاندفاع لشراء السيارات الكهربائية قبل انتهاء أجل الإعفاءات الضريبية من الحكومة الاتحادية في 30 سبتمبر المقبل ساعد على زيادة مبيعات السيارات في يوليو/تموز. وقدمت شركة أمازون ومتاجر وول مارت عروضا ترويجية الشهر الماضي، لجذب المستهلكين المنهكين من التضخم عن طريق خصومات كبيرة على منتجات، من بينها المستلزمات المدرسية. أعمال وشركات التحديثات الحية عمالقة التكنولوجيا الخمسة يحصدون أرباحاً تفوق التوقعات رغم الرسوم وارتفعت مبيعات التجزئة، باستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء والخدمات الغذائية، 0.5% الشهر الماضي بعد تعديل بالرفع في بيانات يونيو/ حزيران بواقع 0.8%. وتأتي هذه النتائج في وقت تشير الاستطلاعات إلى تعافٍ جزئي في ثقة المستهلكين مقارنة بالربيع، بعد التراجع الحاد في سوق الأسهم عقب إعلان الرئيس دونالد ترامب في أوائل إبريل عن خطط لفرض زيادات واسعة وكبيرة في الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين. ومنذ ذلك الحين، خفّف ترامب من تلك الخطط، وعلّق العديد من الرسوم الأشد قسوة، كما أعلن عن اتفاقات تجارية أولية مع بعض الشركاء الرئيسيين مثل اليابان والاتحاد الأوروبي. وأظهرت بيانات صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع ارتفاعًا أكبر في أسعار الجملة مقارنة بأسعار المستهلك. وحذّر بعض المحللين من أن هذا الاتجاه قد يعني انتقال الضغوط السعرية قريبًا إلى المستهلكين. (رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

ارتفاع مبيعات المنازل في كندا للشهر الرابع
ارتفاع مبيعات المنازل في كندا للشهر الرابع

العربي الجديد

timeمنذ 15 ساعات

  • العربي الجديد

ارتفاع مبيعات المنازل في كندا للشهر الرابع

ارتفعت مبيعات المنازل في كندا للشهر الرابع على التوالي مدفوعة بعودة الثقة لدى المشترين بقدرة الاقتصاد على الصمود أمام تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية، ما عزز النشاط في سوق العقارات بعد فترة من التباطؤ. ووفقًا للبيانات الصادرة اليوم الجمعة عن الجمعية الكندية للعقارات نقلاً عن "بلومبيرغ"، ارتفعت المبيعات الوطنية للمنازل بنسبة 3.8% في يوليو/حزيران مقارنة بيونيو/ تموز، لترتفع المعاملات منذ مارس/آذار بنسبة إجمالية بلغت 11.2%. وقادت هذه الزيادة مدينة تورونتو، كبرى مدن البلاد، التي سجلت قفزة في المعاملات بنسبة 35.5% منذ مارس، رغم أن إجمالي المبيعات ما زال دون المستويات التاريخية المعتادة. وبحسب "بلومبيرغ"، تشهد السوق عودة تدريجية للمشترين المحتملين في ظل تحسن ميزان القوة لصالحهم، إذ ارتفع إجمالي العقارات المعروضة للبيع على مستوى البلاد الشهر الماضي بنسبة 10.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما بلغ السعر المرجعي للمنازل 688 ألفًا و700 دولار كندي (498 ألفًا و690 دولارًا أميركيًا)، وهو مستقر مقارنة بالشهر السابق وأقل بنسبة 3.4% عن العام الماضي، وهو تراجع سنوي أقل حدة مما سُجّل في يونيو/حزيران. وتتوقع الجمعية استمرار تقلص وتيرة التراجعات السنوية خلال الأشهر المقبلة. وفي السياق، قال شون كاثكارت، كبير خبراء الاقتصاد في الجمعية، لـ"بلومبيرغ"، إن الصدمة وربما الخوف الذي شعرنا به في فبراير ومارس وإبريل يبدو أنه قد تلاشى، مضيفًا: "إذا لم يعد الناس قلقين بشأن وظائفهم المستقبلية كما كانوا قبل خمسة أشهر، فمن المرجح أن نشهد مزيدًا من المشترين يعودون إلى السوق". وكانت المخاوف من الركود الاقتصادي نتيجة الحرب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أدت إلى تباطؤ الاقتصاد الكندي وسوق الإسكان خلال الربع الأول من 2025، إذ أثرت الرسوم بشكل مباشر على قطاعات محددة مثل صناعة السيارات والصلب والألومنيوم. اقتصاد دولي التحديثات الحية كندا ترفع سعر الكهرباء لأميركا وسوق ائتمانها تهتز يُعد سوق العقارات في كندا من المؤشرات الاقتصادية الحساسة التي تعكس ثقة المستهلكين واستقرار الأوضاع الاقتصادية. فعادة ما تتأثر مبيعات المنازل بسرعة بعوامل مثل أسعار الفائدة ومعدلات التوظيف ومستوى الثقة بالمستقبل الاقتصادي. خلال الأشهر الأولى من 2025، دفعت الحرب التجارية مع الولايات المتحدة إلى زيادة حالة عدم اليقين، ما أدى إلى تراجع الاستثمارات والاستهلاك في بعض القطاعات. إلا أن الاقتصاد الكندي أظهر مرونة نسبية بفضل تنوعه واعتماده على قطاعات خدماتية وتكنولوجية قوية، إلى جانب ارتفاع الصادرات في مجالات غير مشمولة بالرسوم الجمركية. كما ساهمت سياسات بنك كندا النقدية في دعم الاستقرار، إذ حافظ على معدلات فائدة متوازنة تسمح بتخفيف الضغوط على المقترضين، وفي الوقت نفسه تجنب تضخم مفرط في الأسعار. هذا المناخ شجع العديد من المشترين المحتملين على إعادة النظر في قراراتهم المؤجلة، خصوصًا في ظل استقرار الأسعار نسبيًا وزيادة المعروض العقاري، ما منحهم مساحة تفاوض أكبر. من جانب آخر، يُتوقع أن يؤدي استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية وانحسار المخاوف من فقدان الوظائف إلى تعزيز الطلب على العقارات في النصف الثاني من العام، لا سيما إذا تراجعت حدة النزاع التجاري أو تم التوصل إلى اتفاقيات جديدة تحد من تأثير الرسوم. ومع ذلك، تبقى السوق عرضة للتقلبات في حال تجددت الضغوط التضخمية أو شهدت أسعار الفائدة ارتفاعًا مفاجئًا، وهو ما قد يعيد حالة الحذر بين المشترين والمستثمرين.

تباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني مع تفاقم آثار الحرب التجارية
تباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني مع تفاقم آثار الحرب التجارية

العربي الجديد

timeمنذ 19 ساعات

  • العربي الجديد

تباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني مع تفاقم آثار الحرب التجارية

شهد الاقتصاد الصيني تباطؤاً على نطاق واسع في يوليو/تموز، حيث جاءت بيانات النشاط الصناعي والاستثمار ومبيعات التجزئة مخيبة للآمال، في إشارة إلى أن حملة بكين على حروب الأسعار المدمرة، إضافة إلى تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب، تلقي بظلالها على ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وارتفع الإنتاج في المصانع والمناجم الصينية بأبطأ وتيرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني، مسجلاً زيادة أسوأ من المتوقع بلغت 5.7% الشهر الماضي على أساس سنوي، بحسب بيانات المكتب الوطني للإحصاء الصادرة اليوم الجمعة، مقارنة بنمو 6.8% في يونيو/حزيران، بحسب "بلومبيرغ". أما مبيعات التجزئة فقد نمت بنسبة 3.7% على أساس سنوي في يوليو، وهي النسبة الأضعف هذا العام، مقارنة بـ4.8% في الشهر السابق. وتباطأ نمو الاستثمار في الأصول الثابتة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام إلى 1.6%، مع تعمق انكماش قطاع العقارات. كما ارتفع معدل البطالة في المناطق الحضرية بأكثر من المتوقع ليصل إلى 5.2%. وبحسب "بلومبيرغ"، قال هومين لي، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في شركة لومبارد أودير في سنغافورة: "تشير المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لشهر يوليو إلى أن التراجع المرتبط بالرسوم الجمركية قد بدأ بالفعل، إن فقدان الزخم الواضح في مؤشرات الطلب والعرض يستدعي تعديلاً في السياسة المالية في منتصف العام". واستقر اليوان الخارجي بعد صدور البيانات، بينما تراجع العائد على السندات الحكومية الصينية لأجل عشر سنوات بشكل طفيف. وتراجع مؤشر "هانغ سنغ للمؤسسات الصينية" بنسبة وصلت إلى 1.5%، في حين أنهى مؤشر "سي إس آي 300" المحلي جلسة الصباح مرتفعاً بنسبة 0.5% بعد تذبذبه بين مكاسب وخسائر طفيفة. اقتصاد دولي التحديثات الحية الصين مدعوة لتعزيز اليوان وسط تصاعد التوترات التجارية وأشارت أحدث صورة للاقتصاد إلى أن وتيرة النمو فقدت قوتها بعدما سمح الأداء القوي في وقت سابق من العام لبكين باتباع نهج الترقب والانتظار بشأن المزيد من الحوافز. وقد لمّح كبار القادة إلى أنهم سيواصلون العمل بالإجراءات الداعمة المخطط لها بالفعل، مع التعهد بضخ مزيد من الدعم عند الحاجة، وهي استراتيجية يتوقع المحللون أن يتم تعديلها بناءً على البيانات الاقتصادية في الأشهر المقبلة. بدوره، قال المكتب الوطني للإحصاء في بيان: "تغلب الاقتصاد الصيني على عوامل سلبية، بما في ذلك بيئة خارجية معقدة وسريعة التغير، وظروف مناخية قاسية في الداخل، وحافظ على التقدم وسط الاستقرار. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد يواجه العديد من المخاطر والتحديات". وعلى الرغم من حالة عدم اليقين التي تحيط بآفاق التجارة العالمية، فقد تأثر النشاط الصناعي وقطاع البناء أيضاً بالظروف المناخية القاسية في يوليو، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة والأمطار الغزيرة والفيضانات في مناطق واسعة من الصين، ما أضاف عبئاً على موسم يعتبر تقليدياً أبطأ من غيره للاقتصاد. كما انكمش نمو القروض الجديدة المقومة باليوان خلال الشهر، ولأول مرة منذ 20 عاماً، ما يعكس ضعف الرغبة في الاقتراض والإنفاق. بدلاً من الإعلان عن إجراءات ضخمة جديدة لتحفيز النمو، كثفت بكين في الأسابيع الأخيرة جهودها للحد من المنافسة الشرسة بين الشركات، وهي حملة جذبت اهتماماً كبيراً من المستثمرين نظراً لأهميتها في إعادة تنشيط الاقتصاد والتأثير المحتمل على ربحية الشركات في قطاعات مثل الصلب والطاقة الشمسية و السيارات الكهربائية . وتراجعت الاستثمارات في قطاعات الصناعة التحويلية والعقارات والبنية التحتية على حد سواء في يوليو، وهو أمر "نادر للغاية" وفقاً لما ذكرته جاكلين رونغ، كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في بنك "بي إن بي باريبا". وأوضحت رونغ أن الجهود المبذولة للحد مما يُسمى بـ"التنافس الداخلي المفرط" دفعت الحكومات المحلية إلى "التحكم الصارم" في الاستثمارات الجديدة في الصناعات التي تعاني من منافسة شديدة أو لديها مشكلات فائض طاقة إنتاجية، ما أعاق الإنفاق في قطاع التصنيع. وأضافت: "إذا وصفت البيانات الاقتصادية لشهر أغسطس/آب بالضعف وتجاوزت التوقعات سلباً، فقد يضطر صناع السياسات إلى تقديم تدابير دعم إضافية في أواخر سبتمبر/أيلول أو أوائل أكتوبر/تشرين الأول لدعم النمو في الربع الرابع"، ورجحت أن تكون أي حزمة تحفيز محتملة أصغر حجماً من تلك التي تم تقديمها في الفترة نفسها من العام الماضي، نظراً لانخفاض مخاطر الإخفاق في تحقيق هدف النمو السنوي البالغ حوالي 5%، وتحسن أوضاع سوق الأسهم بشكل ملحوظ. اقتصاد دولي التحديثات الحية تمديد الهدنة التجارية بين الصين وأميركا يخفف قلق الأسواق بيانات الاقتصاد الصيني وفق بلومبيرغ إيكونوميكس فقد الاقتصاد الصيني زخمه في يوليو بوتيرة أسرع من المتوقع، وهو ما يعزز مبررات تقديم المزيد من الحوافز من بكين. والأهم أن الاستهلاك واصل التباطؤ بسرعة بعد مفاجأة سلبية في يونيو/حزيران، بينما انكمش الاستثمار — وهو أداة رئيسية للتحفيز المالي — على أساس سنوي في يوليو، وهو أمر نادر الحدوث. وهناك مؤشرات إلى أن برامج الدعم الحكومية للمستهلكين بدأت تفقد تأثيرها في تحفيز الطلب، حيث تباطأت مبيعات التجزئة للأجهزة المنزلية والمستلزمات المكتبية والأثاث في يوليو مقارنة بالشهر السابق. كما تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 1.5% على أساس سنوي، وهو أول انخفاض منذ الفترة ما بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط. وقد واجهت بعض الحكومات المحلية نقصاً في التمويل المخصص لبرنامج الدعم منذ يونيو، قبل أن يخصص جهاز التخطيط الاقتصادي الأعلى في البلاد مزيداً من الأموال لها في أواخر يوليو/تموز. وقد ينظر المسؤولون في توسيع برنامج "الاستبدال" ليشمل المزيد من السلع وحتى الخدمات، باعتبار ذلك جزءاً من استجابتهم للتباطؤ الاقتصادي الأوسع، وفقاً لما ذكره دينغ شوانغ، المحلل في بنك "ستاندرد تشارترد"، الذي يتوقع أن تضع الحكومة خططاً احتياطية لمنع أي تراجع إضافي. وقال دينغ: "يجب أن تدق هذه البيانات ناقوس الخطر لدى صناع السياسات، لكنهم قد لا يغيرون السياسات بشكل مفاجئ استناداً إلى بيانات شهر واحد فقط. الاستثمار هو العامل الرئيسي المثبط للنمو". كما انخفض إنفاق رأس المال الخاص بنسبة 1.5% في الأشهر السبعة الأولى من العام على أساس سنوي، وهو أسوأ أداء لهذا المؤشر منذ سبتمبر/أيلول 2020. وتبحث السلطات أيضاً عن سبل لتعزيز الاستهلاك المحلي لتقليل الاعتماد على الطلب الخارجي على المدى الطويل، وسط تصاعد المنافسة مع الولايات المتحدة. وأعلنت الحكومة هذا الأسبوع عن خطة لدعم جزء من مدفوعات الفائدة على بعض القروض الاستهلاكية، بعد إعلان سابق عن الإعفاء التدريجي من رسوم التعليم ما قبل المدرسي لتخفيف تكاليف التعليم، وتقديم إعانات لرعاية الأطفال للأسر في مختلف أنحاء البلاد. وقالت شياوجيا تشي، كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في "كريدي أغريكول سي آي بي" في هونغ كونغ: "بالنظر إلى المستقبل، من المرجح أن تُظهر بيانات النشاط الاقتصادي مزيداً من علامات تباطؤ النمو، وربما بوتيرة أسرع في الأشهر المقبلة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store