
فلسطين.. جدلية البناء والهدم وتمظهراتها الثقافية
في السنوات التي أعقبت "اتفاق أوسلو"، شهدت
الثقافة الفلسطينية
واحدة من أكثر التحوّلات جذرية في تاريخها الحديث. بعد أن كانت مرآة للصراع السياسي والاجتماعي، أُعيد تشكيل دورها تحت وطأة التغيّرات المتتالية التي مسّت البنية الوطنية نفسها. في محاولة لإعادة تنشيط الأسئلة الكبرى والضرورية، تطلق اليوم مؤسسة القطان مشروعها البحثي "
فلسطين
: هدم وبناء"، بالتعاون مع الباحث خالد عودة الله. يتضمن المشروع سبعة لقاءات تستكشف جدلية البناء والهدم كمقاربة لفهم تاريخ وواقع فلسطين، من خلال مساءلة تمظهراتها المادية، الثقافية، الاجتماعية، السياسية، بهدف خلق مغامرة فكرية جماعية تتأمل في معنى الكينونة الفلسطينية كحالة دائمة من الهدم والبناء. تسعى هذه اللقاءات إلى إنتاج ورقة مفاهيمية جماعية يحررها خالد عودة الله، وتعكس نتائج النقاشات والأفكار المطروحة.
منذ توقيع الاتفاق وحتى اليوم، خضعت الثقافة الفلسطينية لعملية إعادة تعريف مؤلمة؛ فمن كونها تجسّد حلم التحرر والاستقلال، تحولت شيئاً فشيئاً إلى مساحة هلامية وغير واضحة تطرح فيها أسئلة وجودية حول الذات والعلاقة مع المشروع السياسي الثقافي. لم تعد الثقافة تسير ضمن اتجاه موحد نحو "الدولة" أو "التحرر"، بل انفلتت من عباءة القداسة السياسية، لتصبح ساحة لتفكيك الروايات المؤسسة وإعادة التفكير بما يعنيه أن تكون فلسطينياً في واقع استعماري دائم ومستمر.
من التمجيد إلى التفكيك
شكّلت العقود الثلاثة الأخيرة انتقالاً حاداً من ثقافة المقاومة التقليدية إلى محاولات التفكيك والتحليل. ففي الفترة التي سبقت أوسلو، كان النقد الثقافي جزءاً لا يتجزأ من خطاب المقاومة، الذي يتمحور حول تمجيد الفدائي وتثبيت الرواية الوطنية، كما تجلّى في شعر محمود درويش وروايات غسان كنفاني. لكن بعد تأسيس السلطة الوطنية عام 1994، بدأت تظهر أصوات نقدية جديدة تتحدّى هذا الخطاب من داخله، وتطرح أسئلة عن معنى الدولة، وهوية المثقف، ودور الثقافة في مرحلة ما بعد الثورة.
تحوّلت الثقافة من ساحة للصراع الرمزي إلى مساحة آمنة
شهدت تلك المرحلة صدور كتب ومقالات ودراسات نقدية مهمة مثل: "تأملات حول المنفى ومقالات أخرى" (2000) ومنشورات "السلطة والثقافة والسياسة" (2001) لإدوارد سعيد، وكتاب "في قضايا الثقافة الفلسطينية" (2002) لزكريا محمد، التي مثّلت نقلة نوعية في النقد الذاتي. دعا فيها إلى تفكيك أوهام الثقافة الوطنية، واعتبارها نقطة فاصلة في إعادة التفكير بالنموذج الثقافي الوطني، والدعوة لتفكيك أوهامه، إذ لم تكن هذه الكتابات معزولة عن السياق، بل مثّلت ردة فعل نقدية على انفصال المؤسسات الثقافية عن الواقع السياسي المتغير.
بعد اندلاع انتفاضة الأقصى (2000-2005)، فقد الخطاب النقدي الكثير من زخمه، ولم تعد الأصوات الناقدة قادرة على التأثير كما في السابق. ظهرت أعمال فنية صادمة مثل فيلم "الجنة الآن" (2005)، الذي واجه أسئلة صعبة حول العمليات الاستشهادية، لكنه في الوقت نفسه كشف عن حدود التلقي العام للنقد داخل المجتمع الفلسطيني. اصطدم الفيلم بموجة من الاستهجان الشعبي، بينما عجز النقاش النقدي المتخصص عن تأطير الموقف بجدية متماسكة.
هذا التراجع في الحضور النقدي لم يكن مجرد ضعف عابر، بل كشف عن هشاشة في آليات تفكيك المعنى لدى المؤسسة الثقافية، وغياب استراتيجيات فاعلة تواكب التحولات الاجتماعية والسياسية المتسارعة. أدى ذلك إلى اتساع الفجوة بين النقد والمجتمع، مما أعاق قدرة الخطاب الثقافي على المساهمة في بلورة مواقف جديدة، أو دعم المشروع الثقافي الوطني الذي أخذ بالتآكل تدريجياً. مثّل هذا التراجع نقطة تحول خطيرة، خاصة بعد عقود من الصمود الذي أبداه المثقفون الفلسطينيون في مواجهة سياسات الإلغاء والإبادة الثقافية التي انتهجها الاستعمار الإسرائيلي بحق الهوية الفلسطينية. في ظل غياب مشروع نقدي متماسك يعيد تعريف العلاقة بين الإبداع والمجتمع، بات المشهد الثقافي مهدداً بفقدان بوصلته التاريخية.
تآكل الدور النقدي
في العقدين التاليين، شهدت الساحة الثقافية حضوراً فاعلاً لمثقفين وكتّاب شكلوا ضميراً نقدياً للفلسطينيين، من بينهم إدوارد سعيد، الذي جسّد صوتاً نقدياً عالمياً للقضية، وإميل حبيبي، الذي فضح تناقضات الحياة الفلسطينية داخل حدود 1948 بنزعة سردية لاذعة. إلى جانبهم، برز كتاّب مثل سحر خليفة، ومريد البرغوثي، اللذين دمجا بين الأدب والنقد السياسي، مؤسسين لما يمكن وصفه بـ"الوعي الجمالي الملتزم"؛ وهو وعي يرى في الفن وسيلة لتفكيك السلطة لا تمجيدها.
لكن هذه المرحلة الحيوية أخذت بالانحسار خلال السنوات الأخيرة، إذ تراجع حضور الأصوات النقدية الجديدة، وغابت تقريباً التيارات النقدية الفاعلة في الصحافة الثقافية أو المنتديات الفكرية. يعود هذا التراجع إلى عوامل متداخلة عدة: رحيل الجيل المؤسس، انهيار البنية التحتية للمؤسسات الثقافية، الانقسام السياسي الفلسطيني، ظهور مشاريع ثقافية "توافقية" تتجنب الأسئلة الحادة وتكتفي بالاحتفاء الشكلي.
هشاشة في آليات تفكيك المعنى وغياب استراتيجيات فاعلة
تحولت الثقافة من ساحة للصراع الرمزي إلى مساحة آمنة، تنتج فيها مشاريع فنية تسوق كمبادرات "مجتمعية" أو "تمكينية"، لكنها تفتقر للعمق المفاهيمي، أو الرؤية، أو التخصص، وغالباً ما تعيد إنتاج الموضوعات نفسها دون مساءلة حقيقية. هذا لا يعني غياب الإنتاج الفني أو الأدبي، بل يشير إلى غياب المساحة التي تمكن من قراءته وتقييمه ضمن سياقاته الأوسع. تلاشى الدور الوسيط للناقد بين العمل والجمهور، وهو دور كان سابقاً محورياً وجدياً في تشكيل الذائقة العامة وتعريف القيمة الفنية، وارتباطها بالسياق السياسي العام.
في المقابل، ساهمت المنصات الرقمية منذ مطلع الألفية في فتح آفاق جديدة، مكّنت بعض التجارب الفردية من التحرر من المؤسسة، بحرية التعبير وتوزيع الإنتاج الثقافي. لكنها أيضاً ساهمت في تفكيك المشهد، وتجييش حالة الاستقطاب، وفرض منطق السوق، أو التسليع على الثقافة. وبالرغم من بعض المحاولات الجادة لإعادة إحياء النقد بصفته ممارسة فاعلة، فإنها غالباً ما تعاني من غياب الاستمرارية والتخطيط الاستراتيجي.
قد يكون من نافلة القول إن الثقافة الفلسطينية، وبعد أكثر من ثلاثة عقود على "اتفاق أوسلو"، تقف اليوم على مفترق طرق. لم تعد تعكس بالضرورة أحلام التحرّر، أو تصوغ مشروعاً وطنياً متماسكاً، بل تحوّلت إلى ساحة للصراع حول المعنى، تتنازعها الذوات الفردية، والشروط السياسية، وتقلّص الفضاء النقدي. أي إنّها ثقافة لم تتوقف عن إنتاج الأسئلة، لكنها فقدت جزءاً من قدرتها على إنتاج الأجوبة.
* فنان تشكيلي فلسطيني
فنون
التحديثات الحية
شادي الحرّيم.. الفن الفلسطيني خلف القضبان
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
ماركو روبيو يحذر من حرب أهلية في سوريا ويبرر رفع العقوبات
تحدث وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في جلسة استماع لمجلس الشيوخ بشأن دعم السلطة الانتقالية في سوريا محذرا أن القيام بالعكس قد يجر البلاد لحرب أهلية بعد "أسابيع فقط". ودافع روبيو عن السرعة التي اتخذ بها ترامب قرار رفع العقوبات عن دمشق. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.


BBC عربية
منذ 9 ساعات
- BBC عربية
"يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة"- الإندبندنت
أدى تفاقُم الأوضاع الإنسانية في غزة إلى إعلان عدد من العواصم الغربية أخيراً عن رفضها لاستمرار تلك الأوضاع، وقد ترددت أصداء هذا الموقف الغربي في عدد من أعمدة الرأي العالمية، ونستعرض في جولة الصحف لهذا اليوم بعضاً من تلك الآراء. نستهل جولتنا من الإندبندنت البريطانية، والتي نشرت افتتاحية بعنوان: "أخيراً الغرب يتحدث بصوت عالٍ عن غزة- لكن لا يجب أن يتوقف الأمر عند ذلك". وقالت الصحيفة إنه "يجب وضع حدّ لهذا الصمت المُطبق حيال ما يحدث في غزة، وإن الوقت قد حان للحديث بصوت عالٍ"؛ على أن يكون هذا الحديث مصحوباً بنشاط دبلوماسي قوي، مع التركيز على إقناع واشنطن بخطورة وأهوال ما يقع في القطاع الفلسطيني. ورأت الإندبندنت أن الأوضاع في غزة تُعطي دافعاً أخلاقياً وإنسانياً لإدارة ترامب لكي تتخذ موقفاً، كما تعطي أيضاً دافعاً سياسياً ودبلوماسياً قد يجده الرئيس الأمريكي والدائرة المحيطة به أكثر إقناعاً- وهو أن "تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تصُبّ في مصلحة أمريكا"، بحسب الصحيفة. وأوضحت الإندبندنت أن الحرب في غزة الآن يبدو أنها تستهدف تسوية القطاع بالأرض وإجبار أهله على النزوح منه، على نحو يستحيل معه تحقُّق طموح ترامب فيما يتعلق بتوسيع نطاق اتفاقيات أبراهام والاعتراف الرسمي بإسرائيل من قبل أصدقاء ترامب في دول الخليج، على حدّ تعبير الصحيفة. وقالت الإندبندنت إنه على الرغم من الصفقات المثمرة- العامة والخاصة- التي أبرمها ترامب في الخليج، فإن "المنطقة لن تنعم أبداً بالاستقرار ما لم تنتهِ الحرب في غزة". كما أن الاستثمارات الأمريكية في كل من السعودية والإمارات وقطر لن تكون آمنة، فضلاً عن أن الاتفاق النووي مع إيران سيكون مستحيلا، وفقاً للصحيفة. ونبّهت الإندبندنت إلى أن الرئيس ترامب أظهر قدرة على اتخاذ موقف مستقل إزاء الحوثيين في اليمن، وعلى صعيد العلاقات مع القيادة السورية الجديدة بل وحتى على الصعيد الإيراني- وكلها مواقف لا تروق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ "أما على صعيد غزة، فإن الرئيس الأمريكي لم يُحرّك ساكناً بعد"، على حدّ تعبير الصحيفة. وحذّرت الإندبندنت من أن المأساة في غزة قد تُسفر قريباً عن موجة من هجرة آلافٍ عديدة من الفلسطينيين إلى الغرب بحثاً عن حياة جديدة- فيما يُعتبر دافعاً آخر ومُبرّراً قوياً لإنهاء الحرب في غزة فوراً. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى تدابير أخرى يمكن أن يتّخذها المجتمع الدولي في هذا الصدد- ومنها "الحدّ من تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة"، وهناك أيضاً، "مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية" والتي يمكن أن تُطرَح أكثر للنقاش المفتوح، في إطار حلّ الدولتين، وفقاً للإندبندنت التي أشارت كذلك إلى خيار الضغوط الاقتصادية على حكومة نتنياهو. ورأت الصحيفة أنه سيكون مفيداً في هذا الصدد، أن يكسِب الساسة البريطانيون ونظراؤهم حول العالم، الجدال مع نتنياهو بشأن الحرب في غزة- بالإشارة إلى أنه "لم ينجح في إطلاق سراح الرهائن بسرعة؛ ولم يكسر حركة حماس ولا هو أنهى تماماً تهديد الهجمات الإرهابية؛ وأنه (نتنياهو) ربما نجح في التخلّص من عدد من قيادات حماس، لكن ذلك لم يأتِ نتيجة للقصف العشوائي وإنما نتيجة لسياسة الاغتيالات". "وليقُل الساسة البريطانيون لنتنياهو إن حربه في غزة لم تتسبب فقط في كارثة إنسانية مستمرة، وإنما فشلت في تحقيق أهدافها المُعلَنة؛ كما تركت هذه الحرب الشعب الإسرائيلي أقلّ أماناً مما كان عليه قبلها- وهذا في حدّ ذاته ينبغي أن يكون أكبر تُهمة توجّه إلى نتنياهو"، وفقاً للصحيفة البريطانية. "أقلّ ما يمكن فِعلُه في سبيل تحقيق السلام" وننتقل إلى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية والتي نشرت افتتاحية بعنوان "المساعدات الإنسانية تعود إلى غزة- وحماس". وقالت الصحيفة إن "إسرائيل أعادت تدفُّق المساعدات إلى غزة يوم الاثنين رغم إدراكها الكامل بأن الكثير من هذه المساعدات ستسرقه حركة حماس، وبأن بعض الإمدادات ستُباع مُجدداً للناس، بما يموّل المجهود الحربي لحماس ويساعدها في البقاء في حُكم القطاع". ونوّهت وول ستريت جورنال إلى أن إسرائيل كانت قد سهّلت دخول 25 ألف شاحنة مُحمّلة بالمساعدات الإنسانية أثناء الهدنة التي انتهت في 18 مارس/آذار، وأنها كانت واثقة أن غزة لديها إمدادات تكفيها لمدة تتراوح بين خمسة إلى سبعة أشهر، لكن بعد أن "سرقت حماس المساعدات"، ظهر نقص الإمدادات بشكل واضح بعد ثلاثة أشهر فقط، وفقاً للصحيفة الأمريكية. "فماذا كان للعالم أن يفعل- هل يضغط على حماس لإعادة ما سرقته؟ أم يضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المزيد لحماس لكي تسرقه؟ الإجابة دائما تأتي باختيار الشق الثاني من السؤال، رغم ما يعنيه ذلك من إطالة زمن الحرب"، بحسب الصحيفة. ورأت وول ستريت جورنال أنه "ينبغي أن يكون من مصلحة الجميع ألّا تصل المساعدات إلى أيادي حماس"، قائلة إن "التوقف عن تزويد الإرهابيين بالإمدادات هو أقل ما يمكن للمنظمات الحقوقية أن تفعله في سبيل تحقيق هدف السلام"، وفقاً للصحيفة الأمريكية. غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية" ونختتم جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وافتتاحية بعنوان "الحقيقة المزعجة هي أن يائير غولان مُحقّ بشأن ما أصبحت عليه إسرائيل". وقالت هآرتس إن عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الديمقراطيين المعارض يائير غولان "نطق بحقيقة غير مريحة للأُذن الإسرائيلية". ورأت الصحيفة أن "هذا هو التفسير الأكثر دقّة للهجوم الذي يتعرض له غولان من كل الطيف السياسي الإسرائيلي تقريباً- من أقصى اليمين إلى الوسط المعتدل، بعد أنْ أدلى بتصريحاته يوم الثلاثاء". ونقلت هآرتس بعضاً مما قاله غولان من أن "إسرائيل على الطريق لكي تصبح دولة منبوذة، على نحو ما كانت عليه جنوب أفريقيا ذات يوم، إذا هي لم تعُد وتتصرف كدولة عاقلة.. وإن الدول العاقلة لا تشنّ حرباً ضد مدنيين، ولا تقتل أطفالاً رُضّع كهواية ولا تضع لنفسها أهدافاً من قبيل طرد الشعوب". وأكدت هآرتس أن الحقيقة التي انطوت عليها هذه التصريحات هي بالضبط السبب وراء الهجوم الشامل الذي تعرض له صاحبها- غولان. ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو، الذي يعرف الجميع علاقته بهذه الحقيقة التي نطق بها غولان، اتّهم الأخير بالـ "تحريض ضد الجنود الإسرائيليين وضد دولة إسرائيل". كما حذّر وزير الخارجية جدعون ساعر من أن تصريحات غولان من شأنها أن "تغذّي نيران معادات السامية". أيضاً، وزير الدفاع يسرائيل كاتس وصف تصريحات غولان بأنها "افتراء دموي وضيع"، مطالباً بإقصاء صاحب هذه التصريحات من الحياة العامة. ووزير الاتصالات شلومو كرعي هو الآخر اتهم النائب يائير غولان بأنه "إرهابي"، وفق الصحيفة. ولفتت هآرتس إلى وصول هيستريا الهجوم على غولان إلى خطوط المعارضة؛ فاتهم أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا غولان بالإضرار بالأمن القومي الإسرائيلي. وقال زعيم حزب الوحدة الوطنية بِيني غانتس إن تصريحات غولان "تضع حرية الجنود الإسرائيليين في خطر". كما سارع زعيم حزب هناك مستقبل، يائير لابيد إلى الإعلان عن أن "القول إن الجنود الإسرائيليين يقتلون الأطفال الرُضّع كهواية هو خطأ وهديّة لأعداء إسرائيل". ونبّهت هآرتس إلى أن "الةقل التي تناضل من أجل إنهاء الحرب تخضع للاضطهاد ولتكميم الأفواه"، مشيرة إلى أن تسعة ناشطين أُلقي القبض عليهم هذا الأسبوع لأنهم تظاهروا احتجاجاً على استمرار الحرب. وطالبت الصحيفة بإطلاق سراح هؤلاء المحتجزين على الفور، قائلة إن "الطريق الوحيد للدفاع عن الحق هو: الانضمام لهؤلاء الذين تجرّأوا ونطقوا به؛ والدعوة إلى إنهاء الحرب والقتل؛ وإلى إطلاق سراح الرهائن".


BBC عربية
منذ 13 ساعات
- BBC عربية
الإمارات تتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن "مساعدات عاجلة" لغزة، واتهامات بعرقلة توزيعها
توصلت الإمارات العربية المتحدة إلى اتفاق مع إسرائيل للسماح بإيصال "مساعدات إنسانية عاجلة" إلى غزة، في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل اتهامات محلية ودولية بعرقلة المساعدات. وأفاد البيان الذي نشرته وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) أن الشيخ عبد الله بن زايد، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، أجرى اتصالاً هاتفياً مع جدعون ساعر، وزير خارجية إسرائيل، "أفضى إلى الاتفاق على بدء إدخال مساعدات إنسانية عاجلة من دولة الإمارات". وأضاف البيان أن هذه المساعدات تهدف إلى تلبية الاحتياجات الغذائية لنحو 15 ألف مدني في قطاع غزة كمرحلة أولى. كما تشمل المبادرة توفير المواد الأساسية اللازمة لتشغيل المخابز في القطاع، بالإضافة إلى مستلزمات الأطفال الضرورية، مع ضمان استمرارية توفير هذه المواد لتلبية احتياجات المدنيين. وأعلنت إسرائيل أن 93 شاحنة مساعدات دخلت غزة من إسرائيل يوم الثلاثاء، لكن الأمم المتحدة قالت إن توزيع المساعدات مُعطّل. وأكد آل نهيان خلال الاتصال على أهمية وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني في القطاع "بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق". كما بحث الجانبان الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية للسماح بوصول المساعدات إلى غزة، حيث تقول المنظمات الإنسانية إن الحصار الشامل المفروض منذ 2 مارس/آذار تسبب في نقص حاد في الغذاء والدواء. "ذراً للرماد في العيون" من ناحية أخرى، اتهم أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة إسرائيل بمواصلة عرقلة دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وأكد الشوا أن شاحنات الإغاثة لم تصل بعد إلى مخازن الأمم المتحدة في غزة، قائلاً إن إسرائيل تحاول التهرب من الضغوط الدولية بـ "ادعاء السماح بدخول المساعدات"، على حد تعبيره. وفي السياق ذاته، قالت منظمة أطباء بلا حدود، الأربعاء، إن "كمية المساعدات التي بدأت إسرائيل بالسماح بدخولها إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب ليست كافية على الإطلاق". وأضافت أن المساعدات الحالية جاءت في إطار التمويه "ذراً للرماد في العيون، للتظاهر بانتهاء الحصار"، في إطار نفي تهمة تجويع سكان القطاع عن نفسها. وقالت باسكال كويسارد، منسقة الطوارئ في المنظمة في خان يونس بغزة: "إن قرار السلطات الإسرائيلية بالسماح بدخول كمية غير كافية من المساعدات إلى غزة على نحو مثير للسخرية بعد أشهر من الحصار المشدد، يشير إلى نيتها تفادي تهمة تجويع سكان غزة، بينما في الواقع تُبقيهم على قيد الحياة بالكاد". وأضاف البيان أن "التصريح الحالي بإدخال 100 شاحنة يومياً، في ظلّ الوضع المتردّي للغاية، غير كافٍ على الإطلاق". "لا نعرف إلى أين نُحيل الحالات المرضية الصعبة"، طبيبة من غزة تتحدث لبي بي سي عن انهيار القطاع الصحي في غضون ذلك، تواصل أوامر الإخلاء تهجير السكان، بينما لا تزال القوات الإسرائيلية تُخضع المرافق الصحية لغارات مكثفة. وأعلنت الأمم المتحدة يوم الاثنين أنها حصلت على الموافقة لإرسال مساعدات لأول مرة منذ أن فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً في 2 مارس/آذار، ما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء. وأعلنت إسرائيل أن 93 شاحنة دخلت غزة من إسرائيل يوم الثلاثاء، محملة بمساعدات شملت الطحين وأغذية أطفال ومعدات طبية وأدوية، لكن الأمم المتحدة قالت إن المساعدات مُعطّلة. وأوضحت الأمم المتحدة أن المساعدات لم توزَّع في غزة حتى الآن، على الرغم من وصول الشاحنات إلى الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم، بعد حصار دام 11 أسبوعاً. وقال المتحدث باسمها، ستيفان دوجاريك، إن الفريق "انتظر عدة ساعات" حتى تسمح له إسرائيل بالدخول إلى المنطقة، لكن "للأسف، لم يتمكنوا من إدخال تلك الإمدادات إلى مستودعاتنا". الاتحاد الأوروبي: "وضع كارثي" وفي إطار الضغوط الدولية، أعلنت بريطانيا، الثلاثاء، تعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل، واستدعاء سفيرة إسرائيل، على خلفية توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مراجعة شراكته مع إسرائيل على خلفية الأوضاع في غزة. وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الثلاثاء إن "الوضع في غزة كارثي، ويجب زيادة إدخال المساعدات إلى القطاع في أسرع وقت". وأوضحت كالاس أن التكتل سيطلق مراجعة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، على ضوء المستجدات الأخيرة في قطاع غزة. بريطانيا تعلّق المفاوضات التجارية مع إسرائيل، والاتحاد الأوروبي يراجع شراكته معها على خلفية الأوضاع في غزة وهناك دعوات متزايدة لمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية بقطاع غزة، وتصاعد الانتقادات الأوروبية لسياسات إسرائيل. وتقود هولندا هذه المبادرة، وتسعى لحشد دعم غالبية الدول الأعضاء من أجل الضغط على المفوضية الأوروبية لتفعيل بند مراجعة الاتفاق. وتنص الاتفاقية في مادتها الثانية على احترام حقوق الإنسان، وهو ما تقول دول أوروبية إنه لم يعد قائماً في ظل الوضع الحالي. ويؤكد دبلوماسيون، أن حصول المبادرة على تأييد 14 دولة سيكون كافياً لدفع المفوضية إلى التحرك أو تبرير موقفها رسمياً. من جهته، قال المكتب الحكومي التابع لحماس في غزة إن إسرائيل تواصل لليوم الثالث على التوالي، منع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، في "انتهاك صارخ" لما أُعلِن سابقاً من التزامات وتعهدات. وأضاف في بيان أن هذا يأتي استمراراً لسياسة الحصار والتجويع "الممنهجة"، ضد أكثر من مليوني مدني فلسطيني يعيشون أوضاعاً إنسانية صحية ومعيشية متدهورة ونقصاً حاداً في الغذاء والدواء والوقود، ما ينذر بكارثة إنسانية متفاقمة تهدد حياة السكان. واتهم المكتب الحكومي السلطات الإسرائيلية بتعمد استخدام الغذاء والدواء كسلاح حرب ضد المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية بالتحرك العاجل والضغط الفوري لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات دون تأخير أو عراقيل، والعمل الجاد على إنهاء "الحصار الظالم" المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 18 عاماً. مقتل جندي إسرائيلي وأكثر من 40 فلسطينياً على الصعيد الميداني، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، مقتل جندي برتبة رقيب أول خلال المعارك الجارية في جنوب قطاع غزة، ليكون ثاني جندي يُقتل خلال أقل من 24 ساعة في القطاع. وبذلك، يرتفع عدد القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين منذ بدء الحرب على غزة إلى 858، وفقاً لبيانات الجيش الإسرائيلي. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجندي قُتل جراء تفجير عبوة ناسفة استهدفت المبنى الذي كان بداخله. وذكرت الإذاعة أن المبنى الذي قُتل فيه الجندي فُحِص مسبقاً باستخدام كلب وطائرة مُسيّرة، واستُبعِد وجود قنبلة قبل دخوله إليه، إلا أن الجندي علق تحت الأنقاض لساعات طويلة، واستمرت عملية الإنقاذ حتى وقت متأخر من ليل الثلاثاء. أما على الجانب الفلسطيني، فقال مسعفون فلسطينيون إن سبعة على الأقل قتلوا صباح الأربعاء، في قصف جوي طال سوقاً في مدينة غزة، بعد مقتل العشرات في غارات إسرائيلية، ما يرفع عدد القتلى منذ فجر الأربعاء إلى أكثر من 40 فلسطينياً. وبحسب المصادر، فإن 11 فلسطينياً قُتلوا في قصف منزل بمنطقة جباليا البلد شمالي قطاع غزة، ما أسفر كذلك عن جرح 13 آخرين جميعهم ينتمي إلى عائلة واحدة. وفي المنطقة نفسها، قُتل طفل وجُرح 22 فلسطينياً في قصف ضرب إحدى البنايات. وقال الشهود إن الغارات التي وقعت خلال الساعات القليلة الماضية في شمالي قطاع غزة، استهدفت كذلك منزلين في منطقتي بئر النعجة والفالوجة إلى الغرب من مخيم جباليا، وكذلك المناطق المحيطة بمقبرة الفالوجة. أما في وسط قطاع غزة، فقد قتل خمسة أشخاص، بينهم 3 أطفال أحدهم رضيع، في غارة جوية على منزل في مدينة دير البلح. كما قُتل آخران جراء قصف لطائرة مسيرة إسرائيلية على مخيم المغازي. وفي جنوبي القطاع، قُتل أربعة وجرح آخرون، في قصف جوي طال منزلاً في بلدة عبسان الكبيرة إلى الشرق من مدينة خان يونس. كما قُتل ثلاثة في قصف لمنزل في منطقة معن إلى الجنوب من المدينة نفسها. من جهة أخرى، ووفقاً لشهود عيان، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية نسف لعدد من المباني إلى الغرب من بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.