logo
حادثة خطيرة في مجلس الحكومة

حادثة خطيرة في مجلس الحكومة

بديلمنذ 19 ساعات
مذبحة دستورية
مجزرة لمهنة الصحافة
مهزلة سياسية
نكبة للسلطة الرابعة
كل هذه العناوين الصحفية صالحة للحديث عن مشروع قانون إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة، الذي صادق عليه المجلس الحكومي هذا الصباح، ووافق عليه الوزراء ورئيسهم الذي يعلمهم منهجية الخروج عن الدستور والقانون وأبجديات الممارسة الديمقراطية.
وذهب مشروع القانون هذا بأشلائه الممزقة إلى البرلمان، حيث هناك أغلبية مطيعة، أليفة، تصوّت مغمضة العينين، صمّاء الأذنين، خرساء اللسان…
ماذا جرى؟
ببساطة، الذي جرى هو أن وزارة بنسعيد، الذي لا يملك بضاعة في الثقافة ولا في الاتصال ولا في السياسة، وزارته هذه وضعت مشروع قانون لقتل شرعية المجلس الوطني للصحافة، الذي عهد له المشرع بوظيفة التنظيم الذاتي للمهنة، والسهر على تخليقها، ولعب دور الوساطة والتحكيم، وإصدار البطاقات وتطوير المهنية باستقلالية ومهنية.
كل هذه الوظائف، وبعد سنتين من التخطيط والتفكير (والتشلهيب)، أصبحت في خبر كان…
ملاحظات على مشروع القانون الجديد:
هذا مشروع قانون غير دستوري، وإذا ما طعن فيه فريق برلماني في إحدى المجلسين أمام المحكمة الدستورية، فسيسقط لا محالة، لأنه يضرب الأسس الدستورية والقانونية الآتية:
* يضرب مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون: جعل مشروع القانون الجديد لتنظيم المجلس الوطني للصحافة اختيار الأعضاء السبعة الذين سيمثلون الصحافيين بالانتخابات المباشرة، وجعل تمثيل الناشرين بالتعيين من قبل الهيئة التي يمثلونها دون انتخابات، وهذا مس خطير وجلي بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون.
* ضرب مشروع القانون مبدأ دستوري آخر هو التنظيم الذاتي المستقل الديمقراطي للمجلس، حيث ينص الفصل 28 من الدستور على ما يلي:
(حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.
تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به).
في حين أن مشروع القانون هذا ميّز بين هيئتين داخله، واحدة ستُنتخب، والثانية ستُعيَّن، وهذا مس بالشرط الديمقراطي لتشكيل المجلس، فالانتخابات هي جوهر الطابع الديمقراطي لأي مؤسسة
٠مشروع القانون الجديد ضرب في الصميم مبدأ 'One man, one vote' الذي يعني حرفياً: 'رجل (مواطن كان، ذكرًا أو أنثى) واحد، صوت واحد'.
هذا مبدأ قانوني وديمقراطي يُقصد به المساواة السياسية بين الجميع، أي أن لكل مواطن صوتًا واحدًا في الانتخابات، بغضّ النظر عن العرق، الطبقة الاجتماعية، الثروة، الخلفية التعليمية أو القرب أو البعد من مصدر القرار.
أصل العبارة أعلاه ظهر بقوة في منتصف القرن العشرين، خاصةً في الولايات المتحدة، خلال نضال حركة الحقوق المدنية، حيث كان السود والأقليات يُمنعون من التصويت أو يُمنحون حق تصويت جزئي، بشكل رمزي فقط.
وقد استخدمها القاضي الأمريكي( إيرل وارن) في الستينيات في المحكمة العليا الأمريكية للدفاع عن مبدأ المساواة في التمثيل الانتخابي…
ومعناها أن كل صوت انتخابي يجب أن يكون متساويًا من حيث القيمة والتأثير، أي لا يُسمح بأن تكون أصوات بعض المناطق أو المجموعات أو الأشخاص أو الجمعيات ذات تأثير أكبر من غيرها في اي انتخابات.
لكن مشروع القانون الجديد هذا جعل من مؤسسات النشر الورقي والإلكتروني إقطاعيات كبرى، حيث منح 'للكبيرة' عشرين حصة في التمثيل، ولـ'الصغيرة' حصة واحدة فقط… وكل هذا بناء على معيار رقم المعاملات التجارية!
فإذا كنت رئيس مقاولة 'مرفحة'، مرضي عنها من قبل شركات الإعلانات ومن قبل السلطات، فأنت تملك حظوظًا تفوق عشرين مرة حظوظ رئيس مقاولة صغيرة أو متوسطة، ولو كانت مهنية ومستقلة، للوصول إلى عضوية المجلس الوطني للصحافة…
ومن ثم تتحكم في رقاب زملائك، وتُمرّر أجندة جهات معادية لحرية الصحافة، مقابل تعويض عن المهمة سيكون مجزيًا ولا شك…
. مشروع القانون هذا خرق أيضًا خاصية معروفة من خصائص القاعدة القانونية، يعرفها كل طالب في السنة الأولى من كلية الحقوق، وهي أن القاعدة القانونية عامة، مجردة وملزمة، مثل الميزان الذي لا يميز بين البضائع التي توضع فيه، بل يعطي الوزن بدقة وحياد.
وهذا المبدأ يعني أيضًا أن المشرّع لا يفصل القوانين على مقاس جهة دون أخرى، وهو ما تجاهلته وزارة الاتصال، وسايرتها الحكومة وأمينها العام، 'الخبير' في القوانين ومطابقتها للدستور؛ حيث فصلوا قانونًا على مقاس جمعية ضد فدرالية، في إطار بدعة جديدة عنوانها التمييز بين الصحافيين:
'هذا مرضي عنه، مدعو إلى الحفلة والزردة، وذاك مغضوب عليه، محروم من الدعوة إلى العرس!'
الفدرالية المغربية لناشري الصحف هي الأكثر تمثيلية، لكنها مستهدفة، في حين أن الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين هي الأغنى، والأكثر حظوة لدى السلطة.
وقد وُلدت هذه الجمعية أصلًا من الحاجة إلى 'إعلام ما بعد الحقيقة'، إعلام وظيفي مكلف بمهمة خاصة، وهي تكفين ما تبقى من صحافة، ودفنها في مقبرة جماعية بلا جنازة وتشكيل حائط صد في مواجهة الصحافة الحقيقية الحرة والمستقلة …
مشروع القانون هذا جاء لضرب روح المجلس الوطني للصحافة، وضرب شرعيته ومصداقيته، وتهيئته ليلعب دورًا مناقضًا للأهداف المعلنة له…
لقد أضافوا لسلطته الزجرية سلطة التوقيف المؤقت لصدور الصحف والمجلات الورقية والإلكترونية، وهذا اختصاص حصري للقضاء، لا تتمتع به حتى الحكومة نفسها، ولا يوجد أي مجلس تنظيم ذاتي للصحافة في العالم يملك هذه السلطات الزجرية كلها!
نحن أمام مخطط مدروس لإشعال الحروب الأهلية داخل قبيلة الصحافيين، ولتفويت مهمة قمع ما تبقى من الصحافة المهنية، على قلتها، إلى مجلس يحمل زورًا صفة 'الوطني' وصفة 'الصحافي'.
الكتاب يُقرأ من عنوانه… وهذه الحكومة تسارع الزمن السياسي للإفراج عن كل نص قانوني منزوع الدسم الإصلاحي، في آخر شهور عمرها السياسي، كأنها تسلط علينا عقابًا جماعيًا، لا لشيء سوى لأننا حلمنا قبل 14 عامًا بربيع موعود بزهور تحول ديمقراطي.
حلمنا فقط…
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالفيديو.. الحقوقي عمار أوبلا من تيزنيت: هذه هي آليات دمج الإعاقة في السياسات العمومية
بالفيديو.. الحقوقي عمار أوبلا من تيزنيت: هذه هي آليات دمج الإعاقة في السياسات العمومية

شتوكة بريس

timeمنذ 38 دقائق

  • شتوكة بريس

بالفيديو.. الحقوقي عمار أوبلا من تيزنيت: هذه هي آليات دمج الإعاقة في السياسات العمومية

مداخلة الفاعل الحقوقي والمدني في مجال الإعاقة والطفولة السيد عمار اوبلا في الندوة الجهوية بمدينة تزنيت حول 'آليات الديمقراطية التشاركية ودورها في دمج بعد الإعاقة في السياسات الترابية العمومية'

زيادات جديدة في تسعيرة الحافلات تشعل الغضب في الرباط وسلا
زيادات جديدة في تسعيرة الحافلات تشعل الغضب في الرباط وسلا

بديل

timeمنذ 39 دقائق

  • بديل

زيادات جديدة في تسعيرة الحافلات تشعل الغضب في الرباط وسلا

أثار ارتفاع أسعار تذاكر حافلات النقل الحضري في الرباط وسلا وتمارة ابتداء من فاتح يوليوز الجاري، موجة من الغضب والاستياء في صفوف المواطنين، خاصة من الفئات الهشة التي تعتمد على النقل العمومي بشكل يومي. وتراوحت الزيادة الجديدة بين '0.50 درهم و1.50 درهم'، وفق ما ورد في سؤال برلماني موجه إلى وزير النقل واللوجستيك، والذي نبه إلى أن هذه الزيادات تمت بشكل 'مفاجئ ودون أي إشعار مسبق'، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة غلاء خانقة. واعتبرت برلمانية فدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، ضمن سؤال موجه لوزير الداخلية، أن هذه الزيادة تشكل 'مساسا مباشرا بالقدرة الشرائية للمواطنين'، مضيفا أن المتضررين الأوائل هم 'الطلبة والعمال والموظفون الذين يستعملون الحافلات بشكل يومي'. وانتقد السؤال البرلماني 'تدهور جودة الخدمات' التي تقدمها الشركة المفوض لها تدبير النقل الحضري، مشيرا إلى 'الاكتظاظ المتواصل، وغياب شروط الراحة والسلامة، وعدم احترام المواعيد'. وساءلت البرلمانية وزير النقل عن 'الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادة'، وطالبته بالكشف عن 'التدابير التي تعتزم الوزارة اتخاذها للتراجع عن هذا القرار المجحف'، و'الإجراءات الكفيلة بضمان جودة خدمات النقل العمومي وكرامة المواطنين'. وتأتي هذه الزيادة في ظل سياق اجتماعي دقيق، يميّزه الغلاء المتصاعد واحتقان شعبي يتغذى من تدهور الخدمات العمومية، ما يجعل أي رفع في أسعار النقل 'قابلا للاشتعال في أية لحظة'، وفق تعبير عدد من النشطاء على منصات التواصل.

نقابة العدل بفاس ترصد 'اختلالات' بمحاكم المدينة وتنتزع وعودا من المديرية
نقابة العدل بفاس ترصد 'اختلالات' بمحاكم المدينة وتنتزع وعودا من المديرية

بديل

timeمنذ 39 دقائق

  • بديل

نقابة العدل بفاس ترصد 'اختلالات' بمحاكم المدينة وتنتزع وعودا من المديرية

‏بادر المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للعدل بفاس إلى تنظيم جولات استطلاعية بعدد من محاكم المدينة والمديرية الاقليمية، لرصد ظروف العمل والاستماع لشكايات الموظفين، في خطوة تروم، وفق بلاغ، معالجة الاختلالات وتحسين جودة الخدمات العدلية. ‏ ‏وقال المكتب النقابي إنه عقد لقاء مع المدير الاقليمي للعدل يوم 2 يوليوز الجاري، تم خلاله طرح عدد من القضايا الملحة، من أبرزها وضعية المكيفات والنقل الوظيفي والولوج إلى المرائب، إضافة إلى تقدم الأشغال بالمقر الجديد للمديرية. ‏ ‏وأكد المكتب، وفق نص البلاغ، أن اللقاء مر في أجواء إيجابية، حيث 'عبر المدير الاقليمي عن استعداده للتجاوب مع المطالب المشروعة في إطار الامكانات المتاحة وضمان السير السليم للمرفق القضائي'. ‏ ‏أعطاب المكيفات تحت مجهر النقابة ‏ ‏فيما يخص وضعية المكيفات الهوائية، أبرز المكتب النقابي معاناة الموظفين مع الاعطاب المتكررة، خاصة في ظل موجات الحرارة المرتفعة. ‏ ‏وأوضح المدير الاقليمي، حسب البلاغ، أن 'نظام التكييف بقصر العدالة يشتغل بشكل عادي'، مشيرا إلى أن 'المديرية رهن إشارة الادارة القضائية وكتابة الضبط للتدخل الفوري عند الحاجة'. ‏ ‏أما بخصوص المحكمتين التجاريتين وقسم قضاء الاسرة، فقد أكد أن 'فريق الصيانة تدخل فعليا وتمت إعادة تشغيل المكيفات'، فيما التزم بإيجاد 'حل نهائي' لأعطاب المحكمتين الاداريتين في غضون أسبوع إلى أسبوعين، مع موافاة المكتب بتقارير دورية. ‏ ‏النقل الوظيفي وحقوق السائقين ‏ ‏في موضوع النقل الوظيفي، شدد المكتب المحلي على ضرورة ضمان استمراريته خلال فترة العطلة القضائية، وهو ما استجابت له المديرية التي أكدت أن 'الخدمة ستستمر بنفس الوتيرة'، مع التأكيد على 'تمتيع السائقين بحقوقهم في العطل السنوية إسوة بباقي الموظفين'. ‏ ‏بطائق المرور إلى مرآب قصر العدالة ‏ ‏أثار المكتب النقابي التأخر في تفعيل نظام بطائق المرور الالكترونية الخاصة بولوج مرآب قصر العدالة، حيث وعد المدير الاقليمي بـ'بدء العمل بهذه البطائق مباشرة بعد انتهاء العطلة القضائية'. ‏ ‏تهيئة مرائب المحاكم ومقر جديد للمديرية ‏ ‏شمل الاجتماع أيضا مناقشة وضعية مرآب المحكمتين التجاريتين وقسم قضاء الاسرة، حيث التزمت المديرية بـ'إطلاق أشغال تأهيله في أقرب الآجال، بما يضمن تنظيمه وتحسين ظروف استعماله من طرف الموظفين'. ‏ ‏كما أشار المدير الاقليمي إلى أن 'أشغال البناية الجديدة للمديرية الاقليمية تتواصل وفق البرنامج المسطر'، مع التطلع إلى 'الانتقال إلى المقر الجديد قبل نهاية السنة، لتوفير فضاء إداري يليق بالأطر والموظفين'. ‏ ‏النقابة تؤكد تمسكها بالدفاع عن كرامة الموظفين. ‏ ‏وجدد المكتب المحلي تأكيده أن 'كرامة موظفي وموظفات هيئة كتابة الضبط خط أحمر لا يقبل التهاون فيه'، مشددا على أن 'تحسين ظروف العمل وتأمين بيئة مهنية سليمة يظل من أولويات نضاله اليومي'. ‏ ‏ودعا المكتب إلى 'المزيد من التعبئة واليقظة والتشبث بإطارهم النقابي، صونا للحقوق المشروعة وتحصينا للمكتسبات المحققة بنضالات طويلة'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store