
النفط يصعد لخامس يوم وسط مخاوف تقلص المعروض
ارتفعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء لليوم الخامس، بسبب مخاوف من تقلص المعروض العالمي، بعد إعلان الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية على الدول التي تشتري الخام الفنزويلي.
وارتفعت العقود الآجلة لخام "برنت" 27 سنتاً إلى 73.27 دولار للبرميل، بينما زاد خام "غرب تكساس" الوسيط الأميركي 26 سنتاً أيضاً إلى 69.37 دولار.
وارتفعت أسعار الخامين القياسيين بأكثر من واحد في المئة أمس الإثنين، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على الدول المستوردة للنفط والغاز من فنزويلا.
والنفط هو أهم صادرات فنزويلا، والصين هي أكبر مشتريه وتخضع بالفعل لرسوم جمركية أميركية.
وكتب محللون لدى بنك "آي أن جي" في مذكرة اليوم، أن هذه الخطوة قد تعني شحاً كبيراً إلى حد ما في ميزان النفط العالمي.
وأضافوا أن النفط، إلى جانب الأصول ذات الأخطار الأوسع نطاقاً، استفاد أيضاً من تلميحات إلى أن إدارة ترمب ربما تتبنى نهجاً انتقائياً مع الرسوم الجمركية المضادة التي من المقرر أن تفرضها الولايات المتحدة في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل.
وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي في معهد "أن أل آي" للأبحاث تسويوشي أوينو "يخشى المستثمرون من أن تؤدي رسوم ترمب الجمركية المتنوعة إلى إبطاء الاقتصاد والحد من الطلب على النفط".
عقوبات أميركية أكثر صرامة
واستدرك "لكن احتمال فرض عقوبات أميركية أكثر صرامة على النفط الفنزويلي والإيراني بما يكبح المعروض، إلى جانب التحولات السريعة في سياسته، يجعل من الصعب اتخاذ (المستثمرين) خطوات كبيرة".
وأضاف "نتوقع أن يظل سعر خام غرب تكساس الوسيط حول 70 دولاراً لبقية العام، مع مكاسب موسمية محتملة بفضل دخول الولايات المتحدة ودول أخرى موسم القيادة".
وفي الأسبوع الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة تستهدف صادرات النفط الإيرانية، وكذلك مددت إدارة ترمب أمس موعداً نهائياً لشركة "شيفرون" الأميركية للنفط لإنهاء العمليات في فنزويلا ليصبح 27 مايو (أيار) 2025.
وذكر محللون لدى "إي أن زد" أن سحب ترخيص عمليات "شيفرون" قد يؤدي إلى خفض الإنتاج في البلاد بنحو 200 ألف برميل يومياً.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال ترمب أيضاً إن الرسوم الجمركية على السيارات ستفرض قريباً، لكنه أشار إلى أنه لن تفرض كل الرسوم التي هدد بها في الثاني من أبريل المقبل، وأن بعض الدول قد تحصل على تعليق للرسوم، وهي خطوة اعتبرتها "وول ستريت" علامة على المرونة في مسألة هزت الأسواق لأسابيع.
في غضون ذلك، قالت أربعة مصادر إلى "رويترز" إنه من المرجح أن تلتزم مجموعة "أوبك+"، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء من بينهم روسيا، بخطتها لزيادة إنتاج النفط للشهر الثاني في مايو (أيار) 2025، وسط استقرار أسعار النفط وخطط لإجبار بعض الأعضاء على خفض ضخ النفط للتعويض عن فائض الإنتاج في السابق.
الصين تعارض
في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية الصينية اليوم الثلاثاء، إن بكين تعارض بشدة الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة بمعاقبة الدول التي تشتري النفط والغاز من فنزويلا بفرض رسوم جمركية على التجارة مع الولايات المتحدة.
وقال قوه جيا كون المتحدث باسم الخارجية الصينية في مؤتمر صحافي دوري، إن على الولايات المتحدة أن تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لفنزويلا وأن تلغي العقوبات أحادية الجانب "غير القانونية" المفروضة على فنزويلا.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الإثنين إن أي دولة ستشتري النفط أو الغاز من فنزويلا ستدفع رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على أي معاملات تجارية مع الولايات المتحدة.
وذكر ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال" أن هذه الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الثاني من أبريل المقبل.
وأوضح ترمب أنه فرض هذه الخطوة لأن فنزويلا أرسلت "عشرات الآلاف" من الأشخاص لهم "طبع عنيف جداً" إلى الولايات المتحدة.
في فبراير (شباط) الماضي حصلت الصين، بصورة مباشرة وغير مباشرة، على نحو 503 آلاف برميل يومياً من النفط الخام والوقود الفنزويلي، أي نحو 55 في المئة من إجمال صادرات البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وإسبانيا وإيطاليا وكوبا والهند من بين مستهلكي النفط الفنزويلي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ ساعة واحدة
- الوئام
الرياض تصعد كمركز عالمي للابتكار.. منظومة ناشئة تقودها الرؤية والطموح
الوئام – خاص تحولت الرياض بسرعة إلى محور إقليمي ودولي لريادة الأعمال والابتكار، مدعومة برؤية 2030 التي أعادت هندسة الاقتصاد الوطني على أسس معرفية واستثمارية، ودعم ريادة الأعمال والابتكار بما يسهم في تعزيز اقتصاديات المدن بشكل كبير. 60 مركزًا عالميًا وفقًا لتقرير منظومة الشركات الناشئة العالمية لعام 2025 الصادر عن Startup Genome والشبكة العالمية لريادة الأعمال، قفزت مدينة الرياض 60 مرتبة خلال ثلاث سنوات، لتحل في المركز 23 عالميًا ضمن أفضل 100 منظومة ناشئة في الأسواق الصاعدة. هذا الصعود اللافت يجعل العاصمة السعودية منصة استراتيجية لانطلاق الشركات الناشئة نحو سوق مجلس التعاون الخليجي، الذي تبلغ قيمته نحو تريليوني دولار. ولا يقتصر التقدم على المؤشرات التصنيفية فحسب، بل يظهر في الواقع الميداني من خلال الزيادة الكبيرة في التمويل والاستثمار الجريء، ما يعكس ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في بيئة الرياض الابتكارية. ثالث مركز تمويلي وتحتل الرياض اليوم المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث تمويل الشركات الناشئة، بفضل النمو المتسارع في عدد الصفقات وزيادة رأس المال المُخاطر. ويعد هذا التحول نتيجة مباشرة لجهود الحكومة، التي تعمل على تسهيل التشريعات وتحفيز نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تماشيًا مع مستهدفات رؤية 2030. فمنذ عام 2018، استقطبت المنظومة الريادية أكثر من 2.6 مليار دولار، بحسب موقع fastcompanyme الأمريكي. نمو مستدام رغم التباطؤ العالمي وفي الوقت الذي تعاني فيه العديد من منظومات الابتكار العالمية من تباطؤ الاستثمارات، تبرز الرياض كمركز عالمي يتمتع بالمرونة والقدرة على مواصلة النمو. ويصف التقرير العاصمة السعودية بأنها واحدة من أكثر البيئات الريادية 'استشرافًا للمستقبل'، مما يضعها في مصاف العواصم التقنية الكبرى. مؤشرات عالمية تعكس نضوج المنظومة السعودية تحتل مراكز متقدمة على عدة مؤشرات عالمية، حيث جاءت ثالثًا عالميًا في نسبة العائد على الاستثمار، ورابعًا في توفر المواهب. أما الرياض، فقد أصبحت توصف بأنها 'منصة انطلاق' Startups إقليمية، تستضيف مكاتب شركات عالمية مثل جوجل كلاود، أمازون، وغيرها. وفي مقدمة القطاعات النامية يأتي قطاع التكنولوجيا المالية، حيث تنشط أكثر من 200 شركة بدعم تنظيمي من البنك المركزي السعودي وشبكة فنتك السعودية، مما يوفر بنية تنظيمية قوية ومحفزة. البنية التحتية والقطاعات المستقبلية إلى جانب التكنولوجيا المالية، تشهد الرياض نموًا ملحوظًا في قطاعات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الصحة الرقمية، اللوجستيات، والبنية التحتية الذكية. وتتماشى هذه القطاعات مع توجهات المملكة نحو اقتصاد رقمي شامل ومستدام. بوابة للشراكات السيادية والاستثمار المؤسسي توفر الرياض للشركات الناشئة إمكانية الوصول المباشر إلى كيانات سيادية كبرى مثل صندوق الاستثمارات العامة، وشركات وطنية مثل شركة الاتصالات السعودية (STC)، وهي جهات لا تكتفي بالتمويل فقط، بل تسهم في الشراكة الاستراتيجية وتطوير الابتكار. كما شمل تقرير عام 2024 إدراج كل من جدة والخبر ضمن أبرز مراكز الشركات الناشئة، ما يشير إلى توسع المنظومة الريادية في مختلف مناطق المملكة، وليس فقط في العاصمة.


الوئام
منذ 4 ساعات
- الوئام
سيناريوهات الحرب ومخاطرها
أبوبكر الديب – مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية لا تزال المخاوف مستمرة في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط والعالم بسبب استمرار الضربات المتبادلة والقصف بين إسرائيل وإيران وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي في ظل تعاظم التوترات الجيوسياسية وتعثرات في حركات التجارة البينية، فضلًا عن حالات من الصعود والهبوط في أسعار النفط والسلع الاستراتيجية. ومع الحديث عن توسع دائرة الحرب الإسرائيلية على إيران وبوادر انضمام الولايات المتحدة الأمريكية وتوجيهها ضربات عسكرية إلى طهران مع تحريك حاملات طائرات وقاذفات، وهو ما سيفاقم الأمور دوليًا واتساع حالة من الغضب الدولي ضد إسرائيل وانحيازات أمريكية بقيادة إدارة دونالد ترمب لسياسات إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو. ولا شك أن اتساع رقعة الحرب على إيران سيؤثر بشكل أكثر حدةً على ارتفاع أسعار التأمين والشحن البحري بشكل حاد نتيجة المخاطر الأمنية، ما يهدد استقرار سلاسل الإمداد ويزيد من تكلفة التجارة الدولية، فضلًا عن ارتفاع مرتقب في أسعار النفط بأكثر من 10% نتيجة مخاوف من تعطل الإمدادات وتهديد الملاحة. ارتفاع سقف المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران في ظل مساندة أمريكية عسكرية يزيد حالة عدم اليقين بين المستثمرين في دخول وإنشاء أسواق اقتصادية جديدة، وارتفاع كبير في كلفة الشحن البحري والتأمين على السفن، لا سيما في الممرات الحيوية، ومع تعطل دوائر الاقتصاد نتيجة تأزم الصراعات بالمنطقة ستزيد تكلفة النقل البحري وترتفع نسب البطالة وهو ما يتطلب جهودًا دبلوماسية أكثر سرعة وقوة لإنهاء بوادر حربًا إقليمية واسعة قد تأتي عىل الأخضر واليابس.


حضرموت نت
منذ 4 ساعات
- حضرموت نت
ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟
ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟ في اليمن، لطالما مثّلت صادرات النفط شريان حياة للاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا لتغطية نفقات الدولة. لكن مع نهاية عام 2022، تلقت هذه العجلة المالية ضربة كبيرة نتيجة هجمات حوثية استهدفت موانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة بجنوب اليمن، ما أدى إلى توقف شبه كامل في عمليات التصدير. توقف الصادرات لم يكن مجرد خلل عابر في موازنة الدولة، بل تسبب بسلسلة من التداعيات الهيكلية طالت المالية العامة، وقيمة العملة المحلية، ومستوى معيشة المواطنين، وأدت إلى تفاقم أزمة رواتب الموظفين وتمويل الخدمات. أمام هذا الوضع المعقّد، تُطرح تساؤلات جوهرية حول الخيارات المتاحة أمام الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا: هل يمكن تجاوز هذا الانهيار عبر تفعيل موارد بديلة؟ أم أن الأمر يتطلب إصلاحًا أعمق في البنية الإدارية والاقتصادية المهترئة؟ التقرير التالي يحاول استكشاف جذور الأزمة الاقتصادية الحالية في اليمن، ومدى ارتباطها بتوقف صادرات النفط، ويستعرض أبرز البدائل والمقترحات المطروحة من قبل خبراء اقتصاديين ومختصين يمنيين، ضمن رؤية تحليلية تسعى لفهم ما إذا كانت البلاد تقف عند حافة الهاوية أم على أعتاب تحول اقتصادي ممكن. الضربة النفطية شكّل توقف صادرات النفط، منذ أواخر عام 2022، نقطة تحول مفصلية في مسار الانهيار المالي الذي تشهده الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. فعلى مدار سنوات الحرب، مثّل النفط الخام مصدرًا مركزيًا للإيرادات، وكان يشكّل ما بين 60 إلى 70 في المئة من الموازنة العامة بحسب تقديرات الخبراء. لكن مع استهداف جماعة الحوثي لميناءي 'الضبة' في حضرموت و'النشيمة' في شبوة، فقدت الدولة هذا الشريان الحيوي دفعة واحدة. وفقًا لإحاطة في مايو الماضي قدمها عبدالله السعدي، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، فقد بلغت الخسائر الناتجة عن توقف الصادرات النفطية نحو 7.5 مليار دولار منذ أكتوبر 2022 وحتى منتصف عام 2025، وهو رقم يعكس حجم الفجوة التي خلفها غياب المورد النفطي في موازنة تعاني أساسًا من الهشاشة. ويرى الخبير الاقتصادي اليمني ووزير التخطيط السابق رأفت الأكحلي أن التوقف لم يكن مجرد عثرة في طريق الموارد بل بمثابة 'ضربة قاصمة' لكيان مالي هشّ بالأساس. وأكد في تصريح لمركز سوث24 أن حرمان الدولة من العملة الصعبة الناتجة عن تصدير النفط أفقدها القدرة على الوفاء بالالتزامات الأساسية، وعلى رأسها دفع رواتب موظفي القطاع العام ودعم خدمات مثل الكهرباء والمياه. وأشار إلى تأثيرات مضاعفة، ليست فقط على المالية العامة، بل تمتد إلى تدهور قيمة الريال اليمني وارتفاع معدلات التضخم، بما يفاقم من فقر المواطنين ويضعف القدرة الشرائية بشكل كارثي. كما لفت إلى أن رحيل الشركات النفطية الأجنبية بسبب المخاطر الأمنية يشكل خسارة استراتيجية إضافية، لأن استعادة ثقتها وعودتها ستتطلب وقتًا وجهدًا في بيئة استثمارية غير مستقرة. وفي هذا الصدد، حذر الخبير الاقتصادي مصطفى نصر من التداعيات العميقة لتوقف صادرات النفط، مشيرًا إلى أن هذا المورد ركيزة أساسية للمالية العامة. وأوضح نصر أن ذروة الإيرادات النفطية سُجلت خلال الفترة ما بين 2018 و2022، حيث تجاوزت المليار دولار، وهو رقم يُعد ضخمًا مقارنة ببقية مصادر الإيرادات الأخرى المتواضعة نسبيًا. وأضاف أن الأثر المباشر لهذا التوقف بدأ ينعكس بوضوح منذ عام 2024، متوقعًا أن يستمر تأثيره السلبي خلال النصف الأول من عام 2025، لا سيما في ظل غياب بدائل حقيقية. وأكد أن هذا الانقطاع فاقم الأزمة المالية الراهنة وأسهم في تدهور مستويات المعيشة، نتيجة ضعف القدرة الشرائية وتراجع قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين تداعيات التوقف لم يتوقف أثر توقف صادرات النفط عند حدود ميزانية الدولة، بل امتدّ سريعًا إلى عمق الحياة اليومية للمواطن اليمني، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. فقد أدى غياب تدفقات العملة الصعبة إلى تراجع غير مسبوق في قيمة الريال اليمني، الذي سجّل في يوم الخميس 19 يونيو 2025 أعلى مستوى من الانهيار في تاريخه، إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي نحو 2700 ريالًا للشراء و2727 ريالًا للبيع في العاصمة عدن ومحافظات أخرى. هذا الانهيار في العملة، المصحوب بشلل في مصادر التمويل الحكومية، أطلق موجات تضخّم حادة طالت أسعار السلع والخدمات الأساسية، وألقت بأعباء ثقيلة على المواطن، الذي يعيش في ظروف معيشية هشة أصلًا. ومع تآكل القدرة الشرائية وتضاعف أسعار الغذاء والوقود، باتت رواتب الموظفين – حين تُصرف – غير قادرة على تأمين الحاجات الأساسية. في موازاة ذلك، تعطلت عشرات المشاريع الحكومية التي كانت تعتمد في تمويلها على عائدات النفط، وتوقفت أعمال صيانة البنية التحتية، وتراجعت خدمات الكهرباء والمياه والنقل، فيما ازدادت معاناة القطاعات الصحية والتعليمية بفعل نقص الموارد التشغيلية. الأزمة لم تكن اقتصادية فقط، بل تحوّلت إلى ورقة ضغط سياسي بيد الحوثيين، الذين وجدوا في ضعف الحكومة وعجزها عن صرف الرواتب فرصة لتعزيز موقفهم، خصوصًا في ظل تباينات حادة داخل صفوف الحكومة نفسها. فقد بات العجز عن تقديم الخدمات والتزامات الدولة مدخلًا لاستنزاف مشروعيتها أمام المواطنين، في الوقت الذي يستخدم فيه الحوثيون هذه الورقة كأداة لتقويض شرعية خصومهم وفرض خطابهم السياسي. أزمة إدارة رغم فداحة الخسائر التي نجمت عن توقف صادرات النفط، يرى كثير من الخبراء أن الأزمة أعمق من مجرد غياب هذا المورد، بل تعكس فشلًا هيكليًا في الإدارة العامة، وسوء تخطيط مزمن، وتفشيًا للفساد في مفاصل الدولة. في هذا السياق، تقول د. فاطمة باعمر، عضو الهيئة الاقتصادية في المجلس الانتقالي الجنوبي، إن الحكومات المتعاقبة لم تمتلك في أي وقت أجندة اقتصادية واضحة، وإن ما يجري هو نتيجة 'فشل ذريع في إدارة الموارد وتحديد الأولويات'. وتشير إلى أن المجلس الانتقالي قدم منذ عام 2021 مقترحات استراتيجية لمعالجة الوضع الاقتصادي، غير أن معظمها تم تجاهله، ما قاد إلى تفاقم الانهيار الحاصل. وتضيف باعمر أن الإنفاق الحكومي ظل مفرطًا في بنود غير ضرورية، منها الامتيازات الممنوحة للوزراء والنفقات الباهظة للسفارات بالخارج بالعملة الصعبة، في وقت يواجه فيه المواطنون في الداخل أزمة معيشية خانقة. الأدهى من ذلك، كما تقول، أن سياسة الإنفاق لم تتغير حتى بعد خسارة الدولة 70% من إيراداتها النفطية، ما يعكس غيابًا تامًا للمسؤولية. وجهة النظر ذاتها يتبناها الصحفي المصري المتخصص في الشأن اليمني، حسام السعيدي، الذي يرى أن التركيز على النفط بوصفه السبب الوحيد للأزمة هو تشخيص مضلل. ويشير إلى أن هناك موارد كبيرة تم تعطيلها بفعل الإهمال أو التواطؤ، مثل الجمارك والضرائب، إضافة إلى التهريب الممنهج عبر المنافذ، الذي يحدث أمام أعين السلطات دون أي تدخل فعّال. ويضيف السعيدي أن الحكومات المتعاقبة اكتفت بلعب دور 'المتفرج' على مظاهر الانفلات المالي، متجاهلة الإصلاحات الضرورية، ويقترح حزمة من الإجراءات العاجلة، منها تقليص البعثات الدبلوماسية، ووقف رواتب المسؤولين في الخارج، وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغّرة لإدارة المرحلة بفعالية أكبر. البدائل المتاحة في ظل هذا الواقع المتأزم، لا تبدو خيارات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا واسعة، لكنها تظل ممكنة في حال توفرت الإرادة السياسية والخطط القابلة للتنفيذ. فالاعتماد المفرط على النفط بوصفه المورد الوحيد أظهر هشاشة المنظومة الاقتصادية، وفتح الباب أمام طرح تساؤلات جادة حول سبل تنويع الإيرادات وتفعيل البدائل الكامنة. الخبير الاقتصادي مصطفى نصر يرى أن الحكومة، رغم مرور أكثر من عامين على توقف التصدير، لم تطور أي بدائل مستدامة حقيقية، واكتفت خلال الفترة الماضية على تلقي المنح من المانحين الإقليميين والدوليين. وبرأيه، تمثل الأزمة الحالية فرصة سانحة لإعادة هيكلة الإيرادات العامة، والتحول نحو مصادر دائمة لا ترتبط بأزمات سياسية أو عسكرية. في الاتجاه ذاته، يقترح رأفت الأكحلي خارطة طريق من خمس أولويات إصلاحية يمكن للحكومة السير فيها لإنعاش الوضع الاقتصادي على المدى المتوسط: 1. إصلاح النظام المالي والضريبي: عبر رفع كفاءة تحصيل الموارد المحلية، وتحديث المنظومة الضريبية، وتفعيل آليات الجباية من مختلف الأنشطة التجارية والمناطق غير الملتزمة بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي، كمارب وتعز. 2. التركيز على القطاعات التصديرية غير النفطية: خاصة المنتجات الزراعية والثروة السمكية، وهي قطاعات تمتلك ميزة تنافسية في اليمن، ويمكن أن تدرّ عملة صعبة وتوفر فرص عمل واسعة النطاق. 3. تسريع التحول الرقمي في إدارة الدولة: بما يعزز الشفافية ويقلّص فرص الفساد، مع الاعتماد على أنظمة مالية رقمية تتيح تتبع الإنفاق والإيرادات بفعالية. 4. الاستثمار في الطاقة المتجددة: لا سيما في الأنظمة اللامركزية للطاقة الشمسية، بما يقلل الاعتماد على الوقود المستورد ويوفر حلولًا دائمة للمناطق الريفية والقطاعات الإنتاجية. 5. دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة: كوسيلة لتحريك عجلة الاقتصاد من القاعدة إلى القمة، وبناء قطاع خاص محلي قادر على التوسع والنمو خارج إطار الاعتماد على الدولة. وبرغم واقعية هذه المقترحات، يشدد الأكحلي على أن نجاحها مرهون بدعم دولي عاجل ومشروط، داعيًا السعودية والإمارات إلى ربط أي دعم مالي جديد ببرنامج إصلاح واضح، وتقديم المساعدة الفنية اللازمة لتطبيقه، مع ضرورة بناء شراكة قوية مع القطاع الخاص اليمني. لكن نظرة حسام السعيدي أقل تفاؤلًا، إذ يرى أن الفساد المستشري سيبتلع أي دعم أو خطة إصلاحية. ويتساءل بمرارة: 'أين ذهبت مليارات الدولارات التي قُدمت سابقًا؟'. في إشارة إلى ضعف الرقابة وغياب الشفافية. ويقارن بين أداء الحكومة اليمنية خلال أكثر من عقد، وبين ما يسميه 'النجاح النسبي السريع' الذي حققته حكومة دمشق الجديدة في سوريا، معتبرًا أن الانطلاقة الحقيقية لأي إصلاح يجب أن تأتي من الداخل، لا من الخارج. هذا الطرح تعززه مجددًا فاطمة باعمر، التي تكشف عن عمليات تهريب ممنهج للعملة الصعبة إلى مناطق الحوثيين، تُسهم عمليًا في تمويل الحرب ضد الحكومة نفسها. كما تنتقد عجز البنك المركزي عن إلزام مؤسسات الإيرادات الكبرى بتوريد أموالها، مما يفرغ صلاحياته من مضمونها، ويُضعف ثقة الشركاء الدوليين بأي إصلاح مرتقب. من هذا المنظور، فإن البدائل موجودة، لكنها مُعلقة بالإرادة، ومشروطة بمعركة جادة ضد الفساد، ومرتبطة بإعادة تعريف دور الدولة بعيدًا عن منطق الريع والهدر، نحو نموذج إنتاجي مستدام. عبد الله الشادلي صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.