
ألمانيا ـ تكلفة باهضة لهيكلة مطار لاستيعاب الشبحية الأمريكية – DW – 2025/7/27
قالت وزارة الدفاع الألمانية ردا على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إنه المتوقع أن ترتفع التكاليف الإجمالية لإعادة هيكلة مطار بوشل العسكري في منطقة "آيفل" غرب البلاد والتي قدرت في البداية بـ1.2مليار يورو، إلى حوالي ملياري يورو، أي بتكلفة إضافية قدرها 800 مليون يورو وذلك حتى يتمكن المطار من استقبال طائرات إف ـ 35 الشبحبة الأمريكية الصنع.
وقالت متحدثة باسم الوزارة: "يشمل الحساب الأساسي جميع بنود الإنفاق المتوقعة حاليا وعوامل التكلفة، بما في ذلك أقساط المخاطر، ولكن نظرا للتحديات الخاصة التي يواجهها المشروع، لا يمكن أن يمثل هذا سعرا نهائيا ثابتا".
وأوضحت المتحدثة أنه لا يمكن استبعاد زيادات إضافية في الأسعار، على سبيل المثال بسبب زيادة عدد الموظفين لتلبية "الجداول الزمنية الطموحة للغاية"، وقالت "سيجرى تحديد التكاليف الإجمالية بعد اكتمال المشروع في عام 2027". وطلبت الحكومة الألمانية 35 طائرة مقاتلة من طراز "إف35-" من الولايات المتحدة الأمريكية بغرض مشاركة ألمانيا في الردع النووي لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
ويمكن تزويد تلك المقاتلات بالقنابل النووية الأمريكية المخزنة في بوشل. وفي أواخر يونيو/ حزيران الماضي، أقرت وزارة الدفاع الألمانية بأن التكاليف سترتفع بمئات الملايين من اليورو. ومن المقرر توقيع عقد مع المقاول العام على الإطار الجديد للمشروع في أغسطس/ آب المقبل.
ويعزى ارتفاع التكلفة إلى المتطلبات الأمنية الصارمة وضغط الوقت الشديد. وقالت المتحدثة باسم الوزارة إنه لم يكن من الممكن في بداية المشروع تقدير التكاليف الإضافية التي ستسببها "المتطلبات الأمنية الهائلة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية أيضا خلال العملية"، وأضافت "كان تأجيل المشروع لتجنب ارتفاع التكاليف خيارا غير وارد، إذ لا يمكن تأجيل الجدول الزمني الخاص بنشر طائرات إف35- اعتبارا من عام 2027"، موضحة أن تمديد فترة التنفيذ إلى ضعف المدة "في الظروف العادية" كان سيزيد أيضا التكاليف.
تحرير: عماد غانم

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 2 أيام
- DW
لماذا لا يستطيع عدد متزايد من الألمان العيش من عرق جبينهم؟ – DW – 2025/8/7
يميل السياسيون الألمان لترديد مقولة أن "العمل يجب أن يستحق العناء". لكن في الواقع، تحتاج أعداد متزايدة من العاملين بدوام كامل في ألمانيا لإعانات حكومية، فهل تعتبر الزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور "مخيبة للآمال"؟. صعد المستشار فريدريش ميرتس لمنبر البرلمان الألماني بوندستاغ هذا الأسبوع ليقدم بطريقته المعهودة موقف الحكومة بشأن ما وصفه بإحدى الأولويات الرئيسية القادمة لحكومته: خططه لإصلاح إعانة البطالة أو "دخل المواطن Bürgergeld". وكرر ميرتس نغمة مألوفة لدى الألمان بشأن العمل وأنه "لابد أن يستحق العناء والتعب"، موكداً على ضرورة ضمان أن يتمكن الناس في ألمانيا مرة أخرى من رؤية أن "جهودهم تؤتي بثمارها" وأن مبدأ الأجر المرتبط بالأداء سيُطبق مرة أخرى. إلا أن حديث المستشار الألماني تتناقض إلى حد ما مع إحصائية ظهرت قبل بضعة أيام عن وصول عدد العاملين الحاصلين على الإعانات المعروفة باسم "دخل المواطن Bürgergeld" لحوالي 826 ألف شخص في عام 2024، بزيادة تصل لنحو 30 ألف شخص مقارنة بعام 2023 الذي شهد أول ارتفاع لعدد العاملين الحاصلين على إعانات مالية منذ عام 2015. وربما لم يكن ذلك الأمر من قبيل المصادفة؛ إذ شهد عام 2015 تقديم أول حد أدنى أساسي للأجور في ألمانيا. واعتمد أكثر من مليون عامل على إعانات الدولة، وهو الرقم الذي انخفض بشكل مطرد منذ ذلك الحين. وكلفت زيادة الإعانات المالية الدولة ما يقرب من 7 مليارات يورو في عام 2024، بزيادة تقدر بحوالي مليار يورو مقارنة بـ 5.7 مليار يورو دفعتها خلال عام 2022. وكانت الحكومة قد كشفت تلك الأرقام رداً على طلب إحاطة من عضو البوندستاغ عن حزب اليسار، جيم إنجي، والذي قال في تصريح لـ DW: "من غير المقبول أن يعتمد مئات الآلاف من الناس على مساعدات الدولة على الرغم من كونهم يعملون. هذا يعني أننا ندعم الأجور المنخفضة ونعزز من استغلال العمال". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video يعتقد البرلماني جيم إنجي أن الأرقام تكشف أن الحد الأدنى للأجور في ألمانيا منخفض للغاية. فعلى الرغم من رفعه بشكل كبير من قبل الحكومة السابقة إلى 12 يورو في الساعة ببداية عام 2023، لم يرتفع الحد الأدنى منذ ذلك الحين سوى بشكل طفيف ليصل إلى 12.82 يورو في الساعة حاليًا. وأعلنت لجنة الحد الأدنى للأجور الألمانية، والتي تتكون من ممثلين عن جمعيات أصحاب العمل والنقابات العمالية، يوم الجمعة (27 حزيران/يونيو 2025) أن الحد الأدنى للأجور سيرتفع على مرحلتين: إلى 13.90 يورو في الأول من كانون الثاني/يناير عام 2026، ثم إلى 14.60 يورو بعد عام. وتعتبر هذه الأرقام أقل من مبلغ 15 يورو الذي كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط) يخوض حملته الانتخابية على أساسها. وتقول هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة "Sanktionsfrei"، التي تدعم الأشخاص المعتمدين على الإعانات، أن الزيادات الطفيفة لا تواكب زيادات الإيجارات وتكلفة المعيشة في السنوات القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال، ارتفع متوسط الإيجار في ألمانيا بنسبة 4.7 بالمئة في العام الماضي وحده ووصلت إلى 8.5 بالمئة في برلين. وتقول شتاينهاوس: هذا هو جوابنا على سبب اضطرار المزيد من الناس إلى زيادة دخولهم، لأن الحد الأدنى للأجور، حتى لو كنت تعمل بدوام كامل، لا يغطي ما يُفترض أن يغطيه". ومع ذلك، يجادل بعض الاقتصاديين بأن الحد الأدنى للأجور لا علاقة له بعدد العاملين الذين يحتاجون إلى إعانات. ويقول الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW)، هولغر شيفر: "معظم هؤلاء الأشخاص لا يعملون بدوام كامل. معظمهم في مرحلة التدريب والتكوين المهني أو يعملون بدوام جزئي". ويضيف هولغر شيفر: "لن يكون للحد الأدنى للأجور أي فائدة في هذه الحالة لأن السبب في عدم قدرة الناس على كسب لقمة العيش من دخلهم لا يرجع إلى انخفاض الأجر بالساعة ولكن إلى انخفاض عدد ساعات العمل". تؤكد بعض الاحصائيات هذا الرأي، فمن بين 826 ألف عامل يتلقون إعانات، كان حوالي 81 ألف عامل فقط يعملون بدوام كامل، وفق وكالة التوظيف الاتحادية. ولكن على الجانب الآخر، يرى البرلماني جيم إنجي أن ذلك لا يجب أن يكون مبرراً لدفع أجور منخفضة: "الحقيقة أن الحد الأدني للأجور الحالي هو أجر الفقر". ويتابع: "يتوقف عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات تكميلية إلى حد كبير على الأجور المنخفضة. كشف أحد طلبات الإحاطة التي تقدمت بها مؤخراً أن الأشخاص الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجور مقابل العمل بدوام كامل لا يستطيعون تحمل تكاليف السكن اللائق في نصف المدن الكبرى في ألمانيا ويعتمدون على الدعم المالي". من جانبها، ترى هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة "Sanktionsfrei"، التي تدعم الأشخاص المعتمدين على الإعانات، أن السبب وراء عمل الكثيرين بدوام جزئي بسيط هو أن لديهم أطفالاً في حاجة إلى رعاية، في الوقت الذي تفتقر فيه العديد من المدن في ألمانيا إلى البنية التحتية اللازمة لرعاية الأطفال. ويوجد في ألمانيا حوالي 306 ألف طفل دون سن الثالثة بلا مكان في حضانات الأطفال، على الرغم من حقهم القانوني في الحصول على هذه الخدمة، بحسب المعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW). ووجدت دراسة أجراها معهد أبحاث التوظيف (IAB) عام 2021 أنه كلما زاد عدد الأطفال لدى العاملين، زاد احتمال حاجتهم إلى إعانات. ويقول النائب عن حزب اليسار، جيم إنجي، أنه إذا استثمرت الدولة المزيد لتوفير أماكن رعاية للأطفال، "سيسمح ذلك للكثير من الناس الإفلات من فخ العمل بدوام جزئي". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ومع ذلك، يجادل الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW)، هولغر شيفر، بأن رفع الحد الأدنى للأجور ليس هو الحل وقد يكون له نتائج عكسية حيث يقول لـ DW: "قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع إذا خفضت الشركات طلبها على العمالة بسبب ارتفاع التكلفة". ولا تقتنع هيلينا شتاينهاوس بذلك الرأي حيث تقول: "لقد دأبت جمعيات أصحاب العمل على الترويج لهذه الحجة على مدى السنوات العشر الماضية، ولكن لم يثبت صحتها ولو مرة واحدة خلال هذه السنوات العشر". وأضافت: "بالطبع تواجه بعض الشركات صعوبات عند رفع الحد الأدنى للأجور، ولكن العديد من الشركات تستفيد من قدرتها على توظيف العمال بأجور زهيدة". يعتقد الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا، هولغر شيفر، أن الارتفاع الأخير في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى إعانة إضافية يعتبر ضئيلاً نسبياً، وأن الاتجاه العام المنخفض منذ عام 2015 لا يزال قائماً، ويرى أن ارتفاع العام الماضي ربما كان مرتبطًاً بالظروف الاقتصادية العامة في سوق العمل أكثر من أي شيء آخر. ومن المرجح أن يتمسك المستشار الألماني الجديد بخططه لإصلاح نظام إعانات البطالة في محاولة لجذب المزيد من العمال إلى سوق العمل، حتى إن احتاج بعضهم إلى مساعدات حكومية. وتقول هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة "Sanktionsfrei"، التي تدعم الأشخاص المعتمدين على الإعانات: "للأسف، فإن حجج ميرتس بشأن العمل خاطئة. عندما يقول: 'يجب أن يكون العمل ذا قيمة'، فإنه يعني أنه يجب تخفيض إعانات البطالة. لكن الحد الأدنى الذي تحتاجه للعيش بعيد عما يكسبه العمال الفقراء. يجب أن يكسبوا أكثر، لا شك في ذلك. لكن مجرد خفض الإعانات أمر غير مثمر ويؤدي إلى تنافس سلبي بين الفقراء". أعدته للعربية: دينا البسنلي


DW
منذ 4 أيام
- DW
ألمانيا تشد الأحزمة: مكافحة "العمل بالأسود" والتهرب الضريبي – DW – 2025/8/5
بتعديل قانون جديد يهدف لتحقيق زيادة كبيرة بالإيرادات المالية للدولة الألمانية، تعتزم وزارة المالية مكافحة ممارسة العمل غير القانوني والتهرب الضريبي. ولكن كيف؟. يعتزم وزير المالية الألماني لارس كلينغبايل تعزيز مكافحة العمل الذي من غير ترخيص والتهرب الضريبي من خلال تعديل قانوني جديد. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية اليوم الثلاثاء (الخامس من أغسطس/آب 2025) أن هذه الخطوة تهدف أيضا إلى تحقيق زيادة كبيرة في إيرادات الدولة. وأفاد بيان من وزارة المالية بأن هذا التعديل يهدف إلى مجابهة التهرب الضريبي والعمل بدون ترخيص بـ"أقصى درجات الحزم". ومن المقرر أن يعد مجلس الوزراء الألماني خلال جلسته الأسبوعية بعد هذا مشروع قانون لتعزيز دور هيئة الرقابة المالية على العمل غير القانوني. ووفقا للبيان فإن غرض مشروع القانون يتمثل في تمكين هيئة الرقابة من التصدي بشكل أكثر فاعلية للجرائم الاقتصادية الكبرى والجريمة المنظمة. وتشمل الخطط تحسين الربط الرقمي وتبادل البيانات بين الجهات المعنية. كما يفترض أن توجه الهيئة جهودها بشكل أكثر دقة ضد أصحاب العمل الذين يحققون أرباحا من خلال العمل غير المصرح به وانتهاك الحد الأدنى للأجور، على حساب المنافسين الشرفاء، ومن خلال استغلال العمال وإلحاق الضرر بنظام الرعاية الاجتماعية. ويتمثل أحد الأهداف في تحسين اكتشاف "العناصر المخالفة" ضمن سلاسل المتعهدين الثانويين، مثل تلك العاملة في مشاريع البناء الكبرى. وفي الوقت ذاته، سيتم تقليل عمليات التفتيش لدى الشركات الملتزمة بالقانون. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video ومن المقرر أيضا أن تركز هيئة الرقابة، في إطار ما يعرف بـ"إدارة المخاطر"، على مناطق جديدة تعتبر بؤرا محتملة للعمل غير النظامي (أو العمل الأسْوَد) - وذكرت مصادر حكومية صالونات الحلاقة كمثال على هذه البؤر، حيث لا يمارس فيها العمل بدون تصريح وحسب، بل يشتبه أيضا أن بها أنشطة لغسل الأموال وارتباطات بشبكات الجريمة المنظمة المعروفة بـ "الجريمة العشائرية". وأضافت هذه المصادر أنه تم تسجيل حالات من التوظيف غير القانوني وأشكال استغلالية من العمل أيضا في صالونات التجميل الخاصة بالأظافر، مشيرة إلى أنه لهذا السبب، سيتم إدراج قطاع الحلاقة والتجميل ضمن قائمة القطاعات التي تتأثر بشكل خاص بالعمل غير القانوني. وسيعني التعديل القانوني بشكل محدد إلزام العاملين في هذه القطاعات بحمل بطاقة الهوية وتقديمها عند التفتيش من قبل الجمارك عند الطلب – وهي قاعدة كانت تطبق مسبقا على قطاعات مثل البناء والمطاعم. كما سيتم إلزام أصحاب العمل بالإبلاغ الفوري عن أي موظف جديد لدى مؤسسة التأمين التقاعدي. ومن المقرر أيضا إدماج هيئة الرقابة المالية على العمل غير القانوني ضمن شبكة المعلومات الشرطية، ما يعني أنها ستتمكن مستقبلا بنفسها من تحديد العمال الذين يعملون بشكل غير مشروع والمجرمين. ولتخفيف العبء عن النظام القضائي، ستمنح الهيئة كذلك صلاحية كشف حالات الاحتيال بشكل مستقل. وذكرت وزارة المالية أن هذا التعديل القانوني سيسهم أيضا في تحسين الوضع المالي للدولة، حيث أفادت توقعات بأن من المنتظر أن تحقق الدولة من خلال هذا التعديل القانوني إيرادات إضافية تصل إلى نحو ملياري يورو لصالح الحكومة الاتحادية والولايات وصناديق التأمينات الاجتماعية حتى عام 2029. وكان كلينغبايل كان أعلن مسبقا عن نيته تعزيز جانب الإيرادات من خلال تكثيف جهود مكافحة التهرب الضريبي والجرائم المالية، في ظل وجود عجز بمليارات اليوروهات في الخطة المالية للسنوات 2027 حتى 2029.


DW
منذ 6 أيام
- DW
ما سبب ازدهار العمالة غير القانونية في ألمانيا؟ – DW – 2025/8/3
فيما ينكمش الاقتصاد الألماني؛ تزدهر العمالة غير القانونية في البلاد. فهل لذلك علاقة بالوضع الاقتصادي؟ وما الدور الذي يلعبه في إثارة الجدل حول الإعانات التي تقدمها الدولة للعاطلين عن العمل والتي تعرف بـ "أموال المواطن"؟ الاقتصاد الألماني يشهد انكماشا منذ سنوات وحتى في عام 2025 لا يُتوقّع سوى نمو طفيف. لكن العمالة غير القانونية تشهد ازدهارا وكذلك جميع الأنشطة الاقتصادية التي تتم في الظل. فما السبب وراء ذلك خاصة عندما ترتفع نسبة هذه الاقتصاديات غير الرسمية في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 11 بالمئة خلال عام واحد فقط؟ في عام 2024 بلغ حجم الاقتصاد الموازي 482 مليار يورو متجاوزا بذلك ميزانية الدولة الاتحادية، وهو أعلى مستوى منذ ما يقرب من عشر سنوات. أما بالنسبة لعام 2025 فيتوقع الخبير الاقتصادي فريدريش شنايدر من جامعة لينس، أن يصل الرقم إلى 511 مليار يورو أي بزيادة جديدة قدرها 6.1 بالمئة. ويراقب شنايدر هذه الظاهرة منذ أكثر من 40 عاما. وبدلا من استخدام مصطلح "العمل غير القانوني" يفضّل مصطلح "الاقتصاد الموازي". ويقول في مقابلة مع DW: "هذه أنشطة اقتصادية قانونية في الأصل مثل إصلاح السيارات أو التنظيف، لكنها تُنجز خارج نطاق رقابة الدولة دون دفع أي ضرائب أو مساهمات اجتماعية" وتعرف "بالعمل الأسود". ويضيف أن الأنظمة القانونية مثل الحد الأدنى للأجور أو الحد الأقصى لساعات العمل لا تُطبّق في هذه الحالات. وبالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي تحتل ألمانيا مرتبة متوسطة بين الدول الصناعية فيما يخص الاقتصاد الموازي بنسبة تتراوح بين 11 و12 بالمئة. أما في رومانيا فتصل النسبة إلى 30 بالمئة، وفي اليونان حوالي 22 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وللوصول إلى هذه الأرقام يقارن الباحث في المقام الأول كمية النقود المتداولة بحجم النشاط الاقتصادي الرسمي. لكن ما هي العوامل الحاسمة وراء ارتفاع العمالة غير القانونية والاقتصاد الموازي؟ هنا يلعب شعور المواطنين بدفع ضرائبومساهمات مرتفعة دورا مهما، كما يؤكد شنايدر. ويقول: "في ألمانيا يشعر الناس بشكل واضح بأن خدمات القطارات سيئة وأن العديد من الجسور والطرق السريعة متهالكة وتحتاج إلى إصلاح مما يؤدي إلى اختناقات مرورية وتأخيرات طويلة. وعندما يشعر المواطن أنه لا يحصل من الدولة على خدمات جيدة مقابل ما يدفعه فإن التزامه بدفع الضرائب يتراجع". ولا يستغرب الخبير الاقتصادي الألماني النمساوي، شنايدر، من أن الكثير من الناس يعملون بشكل غير قانوني. وبالنسبة إليه تُعتبر العمالة غير القانونية "تمردا ضريبيا من المواطن البسيط". وليس المقصود هنا التهرب الضريبي على نطاق واسع، بل "بالنسبة للمعلم تكون هنا الدروس الخصوصية وبالنسبة لعامل تركيب البلاط يكون الحمام المُبلّط". ويضيف شنايدر: "عندما تكون الأعباء الضريبية مرتفعة، وفي المقابل تكون خدمات الدولة ممتازة يمكن تقبّل ذلك. لكن في ألمانيا لدينا وضع يتمثل في أن العبء الضريبي مرتفع جدا أي أن نسبة الاقتطاعات من الأجور عالية، في حين أن ما تقدمه لي الدولة مقابل ذلك غير مرضٍ في نواحٍ كثيرة". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video عندما ترتفع معدلات البطالة وتقل الطلبات ولا يتم القيام بساعات عمل إضافية ويتم تقليص ورديات العمال، حينها يحل وقت ازدهار العمالة غير القانونية. ويقول شنايدر إن الأشخاص المتأثرين يفكرون بهذه الطريقة: "الآن أصبح لديّ دخل أقل من عملي الرسمي، لكنني لا أزال أرغب في قضاء إجازة أو الاستمتاع بأمور أخرى. والطريقة الأسهل لتحقيق ذلك هي العمل بشكل غير قانوني لتعويض النقص". ويضيف: "وهذا ما ألاحظه منذ أكثر من 40 عاما: عندما يضعف الاقتصاد تزدهر العمالة غير القانونية" في ظل الانكماش الاقتصادي. يُثار جدل كبير في الأوساط الألمانية حول دعم المواطنين. ويعتقد المنتقدون أن المساعداتوالإعانات الاجتماعية المرتفعة في ألمانيا تُشجّع على العمالة غير القانونية أي "العمل الأسود". ويقول شنايدر إنه بعد رفع قيمة الإعانات الاجتماعية التي تعرف بأموال المواطنين (Bürgergeld) بنسبة تفوق 12 بالمئة اعتبارا منذ بداية يناير 2024 "تخلّى حوالي 88 ألف إلى 100 ألف شخص عن وظائفهم البسيطة وهي وظائف في قطاعات تعاني من نقص في الأيدي العاملة". وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث ميزانية الدولة الاتحادية يُخصص حاليا بالفعل لقطاع العمل والشؤون الاجتماعية. وبحسب موقع البرلمان الألماني تتوقع وزيرة العمل، بيربل باس، أن تصل نفقات إعانات المواطنين (Bürgergeld) في عام 2025 إلى ما يقارب 52 مليار يورو أي أكثر بحوالي خمسة مليارات يورو مقارنة بالعام السابق. من هذا المبلغ يُخصّص حوالي 29.6 مليار يورو للمدفوعات الشهرية لحوالي 5.64 مليون شخص من مستحقي هذه الإعانات. كما تم تخصيص حوالي 13 مليار يورو لتغطية تكاليف الإيجار والتدفئة، أما الباقي فيُوجّه لبرامج إدماج العاطلين عن العمل وتأهيلهم لسوق العمل وتكاليف الإدارة. النقاش حول الإعانات وعبئها الثقيل على الدولة والميزانية الاتحادية حاد وفي أوجه. وقد اقترح المستشار فريدريش ميرتس وضع حدود للدعم المخصص للسكن لمتلقي هذه الإعانة، وهو ما قوبل بانتقادات شديدة من بعض أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحكومي والمعارضة. واعترفت الوزيرة بيربل باس مؤخرا بأن الدعم الحكومي يجذب أيضا مجرمين. ففي مقابلة مع مجلة "شتيرن" تحدثت عن وجود "هياكل مافيوية" في حالات الاحتيال على نظام الدعم الاجتماعي. وأشارت إلى هياكل استغلالية يُستدرج فيها أشخاص من الخارج إلى ألمانيا ويتم تشغيلهم بشكل غير قانوني من قبل مجرمين، بينما يتقدّمون في الوقت نفسه بطلب للحصول على الدعم الحكومي! هذا المزيج من العمالة غير القانونية والاحتيال على الدعم الاجتماعي، لاحظه ماركوس كاربوم بشكل متكرر. وهو مدرّب قدم العديد من الدورات التدريبية للتأهيل الوظيفي لمتلقي الإعانة الاجتماعية "أموال المواطنين" في منطقة برلين الكبرى. ويُطلق على هذا المزيج من العمل القانوني والعمل الأسود والإعانة اسم "نموذج الأجر التكاملي الخاص". ويقول ماركوس كاربوم في حديثه مع DW "هناك أصحاب عمل لا يقدّمون لموظفيهم عددا كافيا من ساعات العمل بحيث لا يستطيع الموظف الاعتماد على هذا الدخل وحده لتغطية نفقاته." ويوضح بأن "نموذج الأجر التكاملي الخاص" يتكوّن من ثلاث مكونات: دخل قانوني من وظيفة بدوام جزئي أو ما يُطلق عليه بالالمانية "ميني-جوب" ودخل غير قانوني من عمل أسود خاصة في قطاعات مثل قطاع المطاعم والتي "تكون عرضة للتعامل بالنقود غير المصرح بها". والجزء الثالث يتمثل في ما يقوله صاحب العمل للموظف الذي لا يكفيه هذا الدخل للعيش: "بإمكانك الحصول على الباقي من مركز العمل (Jobcenter).". ويضيف كاربوم "هذه هي المكونات الثلاث التي لاحظتها كثيرا في عملي المهني". ويضيف أن هناك أيضا نوعا من عقلية المطالبة بالحقوق، حيث يقول أحدهم "أنا أمتلك حق الحصول على إعانة أموال المواطن-Bürgergeld، وأمتلك حق الاستفادة من المساعدات الاجتماعية. لا تأخذوا مني هذا الحق أو تمنعوا هذه الأموال عني"، ويعلق كاربوم هكذا "يمكننا وصف هذه الذهنية (الاحتيالية)". ويقول كاربوم إنه التقى بأشخاص يأتون إلى دورات التدريب على كيفية تقديم طلب لوظيفة أو عمل بسيارات حديثة فارهة ويحملون أحدث الهواتف الذكية ويخبرونه أنهم "يسافرون مرة واحدة في السنة، حسب ما يسمح به مركز العمل هنا لمدة ثلاثة أسابيع مع العائلة بأكملها إلى الخارج لقضاء العطلة". ويضيف: "هذا الأمر لا يمكن تغطيته من إعانة أموال المواطنين (Bürgergeld)، لكنه يحدث في الواقع العملي. هذه حالات فردية طبعا ولا نتحدث عن الأغلبية". ويؤكد: "لكنها تحدث وهذا بالتأكيد مؤشر على وجود احتيال هيكلي". ولمكافحة هذا النوع من الاحتيال يرى كاربوم أنه يجب أن يكون هناك مزيد من تبادل البيانات والمطابقة بين الجهات الرسمية المختصة. وهذا ما تخطط له أيضا الحكومة الائتلافية مثل التنسيق بين مراكز العمل والجمارك التي تتولى مكافحة ومراقبة حالات العمالة غير القانونية "العمل الأسود". ويتفق معه في ذلك أيضا الخبير الاقتصادي فريدريش شنايدر. لكن بعد حوالي 40 عاما من التحليل العلمي يعرف هذا الاقتصادي أن العامل الأهم هو ازدهار الاقتصاد: "عندما نكون في مرحلة ازدهار مطلقة تنخفض العمالة غير القانونية أيضا". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video أعده للعربية: م.أ.م تحرير: عارف جابو