logo
مواجهة إسرائيل وإيران.. نزال يُحسم بالنقاط ولا ضربة قاضية لأحد

مواجهة إسرائيل وإيران.. نزال يُحسم بالنقاط ولا ضربة قاضية لأحد

الجزيرةمنذ 5 ساعات

هل تشعل مواجهة إسرائيل وإيران حرباً إقليمية، وينزلق الكوكب إلى حرب عالمية ثالثة؟ الجواب على هذا السؤال الخطير، والذي لا يملك أحدنا إجابته، يمكن أن تقرَّب صورته في نزال بين ملاكمين يتنافسان على لقب "من يحكم منطقة الشرق الأوسط". ولكن هذا النزال يُحسم بالنقاط، ولن تكون هناك ضربة قاضية.
إيران لن تستسلم، وستقاتل حتى آخر رمق وآخر طلقة وصاروخ وطائرة مسيرة، وإسرائيل لن تتراجع إن لم تكن اللكمات على وجهها وفي المناطق التي تؤلمها، واللكمات هذه ليست فقط عسكرية أو بشرية بل اقتصادية أيضاً، وهذا العامل يؤثر على الجميع، متحاربين كانوا أو داعمين أو وسطاء.
وإسرائيل تريد إخضاع إيران إستراتيجياً، وأميركا تريد الإخضاع تفاوضياً، وهنا يكمن الخلاف بين الدولتين الحليفتين؛ فهما تسعيان لسلوك طريقين مختلفين، ولكنهما تتفقان على الهدف.. وعلى طريقة حائكي السجاد، تتلقى طهران الضربات وتتعامل معها، ثم تحضر لرد "مدمر" -بحسب المسؤولين الإسرائيليين- وغير مسبوق في تاريخ إسرائيل، ويخلف عشرات القتلى والجرحى.
ومن الواضح أن إيران لن تعود إلى التفاوض النووي دون امتلاك أوراق قوة، أو فرض واقع جديد يسمح لها بالجلوس إلى الطاولة بشكل ندّي. وواشنطن لن تسمح بأن تخرج حليفتها من هذه الحرب ضعيفة أو بصورة مهشمة؛ لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسّع دوافع شن الحرب لتصل إلى الوجود، وهذا يعني أن أي شيء غير الانتصار الكامل على إيران لن ينفع صورة نتنياهو التي تترنح داخلياً، وقد لا يقتصر التهديد لها على مستقبله السياسي فقط، بل يصل إلى الشخصي أيضاً.
على الضفة الأميركية، يتعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إيران بمبدأ رجل أعمال في "وول ستريت"؛ فهو يدعم إسرائيل في هجماتها على إيران، ويريد إضعافها وإضعاف نظامها، لكي تأتي إلى طاولة المفاوضات من دون أي أوراق، وبشروط مذلة وأقرب إلى الاستسلام. إذ إن ترامب لا يهتم، ولا تعنيه الكرامة الوطنية والشعور القومي، ولا رد فعل الشعب الإيراني حين يجد أن البرنامج النووي الذي ضحى من أجله عشرات السنوات، وتحمل الحصار، ينتهي أمام عينيه وبأيد إسرائيلية.
فواشنطن على ما يبدو لا تريد إسقاط النظام الإيراني بل إضعافه، أما نتنياهو فيريد تحقيق حلم طالما راوده منذ دخوله إلى عالم السياسة، وهو القضاء على إيران، والإطاحة بنظامها، وتقديم نفسه كـ"بن غوريون جديد".
ما حصل في إيران هو نسخة منقحة أو متطورة عما حصل مع حزب الله في الحرب الأخيرة على لبنان؛ واللافت أن المهاجم لم يتغير، والمستهدف هو الجهة نفسها
ولكن.. هل شُنت هذه العملية الإسرائيلية من دون ضوابط أميركية؟
ترامب لم يقف فقط عند إعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو لشن الهجوم، والتنسيق بين البلدين، بل وضع له الخطوط الحمراء والمحددات للضربة، وحرص على ألا تتحول إلى حرب إقليمية.
وخاف ترامب من أن يهرب نتنياهو إلى الأمام بسبب أزمته الداخلية واحتمال حل الكنيست، وبالتالي إسقاط حكومته، فيهاجم إيران ويشعل المنطقة.. فكان بين نارين؛ إما يسير معه في خططه المعدة -بحسب وسائل إعلام إسرائيلية- منذ 8 أشهر، أو يتركه ويضغط عليه، ولا أحد يعلم إن كان سينجح الضغط. فقرر ترامب أن ينقذ نتنياهو (الذي يتقن التعامل مع العقل الأميركي) من إنهاء مستقبله السياسي والذهاب إلى السجن، في مقابل أن ينسق معه ويبلغه مسبقاً بالضربة.
وبحسب تسريبات المواقع الأمنية الغربية، ترامب سمح بضربة، هي عبارة عن اغتيال قادة عسكريين ونوويين، وهؤلاء سيعتبرهم النظام الإيراني "شهداء"، وبناء عليه سيكون الرد الإيراني آتياً ولكنه عقلاني، كما وصفه الرئيس الإيراني. بمعنى آخر، لن ينتج عن ذلك إشعال المنطقة.
وبحسب تسريبات المواقع الأمنية الغربية، فإن الضربات الأولى التي أربكت إيران، وهشمت قدراتها على الردع والرد، كانت من داخل إيران، والمسيرات التي اغتالت كبار القادة العسكريين والنوويين جاءت من اختراقات أمنية وتجسسية. وعلى قاعدة أن "الحرب خدعة"، وعندما تكون الخدعة إستراتيجية وتتكرر، فإن النتيجة تكون كارثية.
ما حصل في إيران هو نسخة منقحة أو متطورة عما حصل مع حزب الله في الحرب الأخيرة على لبنان؛ واللافت أن المهاجم لم يتغير، والمستهدف هو الجهة نفسها.
كيف ذلك؟
الحزب ادّعى لنحو عام أنه يسند غزة، فيما كان الإسرائيلي يخطط لضربة قاضية له، وأسس هذه الضربة كانت أمنية واستخباراتية وليست عسكرية، فخدع الحزب وأعطاه "الأمان" فشعر الحزب أنه متفوق، وفي ضربة خاطفة (أجبر عليها الإسرائيلي لأنه كُشف، بحسب الصحف الغربية والإسرائيلية) كانت عمليتا البيجرز وأجهزة اللاسلكي، وبعدها اغتيالات الصف الأول، وقد استمر في هذه الحرب لمدة 66 يوماً.. هذه الحرب أنهكت الحزب، ودمرت أغلب سلاحه، وأفقدته توازن الردع والرعب.
وفي إيران، المشهد تكرر والخدعة أيضاً (وهذا مريب لدولة كبيرة ونووية مثل إيران)! كانت المفاوضات، وكان الحديث عن قرب اتفاق، ثم سجالات عالية السقف بين ترامب ونتنياهو، وتسريبات عن خلافات بين الرجلين لتطمئن إيران.. ثم تأتي الضربة من داخل إيران، وبشكل مفاجئ ومباغت اغتالت قادة البلاد العسكريين والنوويين، وتركت البلاد في حالة صدمة وفقدان للتوازن.
ويؤكد خبراء عسكريون وأمنيون وجود خروقات أمنية هائلة في الحالتين، والتفوق الإسرائيلي ليس فقط في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؛ فمن دون العملاء على الأرض تكون هذه التقنيات عمياء.
هل المنطقة تشتعل؟
هي على صفيح ساخن، وعود ثقاب أو تهور إضافي يشعلها.. الواقع ضربة بضربة على طريقة نزالات الملاكمة، ولكن لا قواعد في هذا النزال، ولا حكّام لاحتساب النقاط. والنزال قد يمتد لعدة جولات، والتهشيم يطول الطرفين، ومن سيبقى واقفاً سيفوز بالنزال، وإذا تمكن الملاكمان من الصمود فقد يُستدعى حكم نزيه، فيحتسب النقاط ويحسم هوية الفائز.
إعلان
هذا كله إذا بقي الصراع محصوراً بين الطرفين المتحاربين، ولم تنجرّ له دول أخرى تشعر أنها ستكون التالية على قائمة الاستهدافات، فتدخل استباقياً في الحرب.. ساعتها نعلن أن الحرب العالمية الثالثة بدأت.
المستقبل يُحتسب بالساعات المفصلية وليس بالأيام، والمساعي الدبلوماسية تدخل على الخط بقوة ليُبنى على الشيء مقتضاه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدلالات الرمزية والدينية لتسميات العمليات العسكرية الإسرائيلية
الدلالات الرمزية والدينية لتسميات العمليات العسكرية الإسرائيلية

الجزيرة

timeمنذ 6 دقائق

  • الجزيرة

الدلالات الرمزية والدينية لتسميات العمليات العسكرية الإسرائيلية

سلطت عملية "الأسد الصاعد" -الاسم الذي اختارته إسرائيل لهجومها العسكري على إيران في يونيو/حزيران 2025- الضوء على دلالات التسميات التي تطلقها إسرائيل على عملياتها العسكرية، خاصة مع تصاعد وتيرة استعانة الجيش الإسرائيلي بالنصوص التوراتية في هذا الشأن مع توالي السنوات. وحسب ما ينص عليه بروتوكول التسميات في النظام العسكري الإسرائيلي، فإن أي عملية قتال ينفذها جيش الاحتلال يجب أن تحمل اسما يطلق عليها، ويفتح لها ملف في أرشيف وزارة الدفاع الإسرائيلية يوثق أدق تفاصيلها والعبر المستخلصة منها. نشأة الفكرة ومنذ تأسيس إسرائيل عام 1948، حرصت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على صياغة أسماء عملياتها بعناية، وعلى نحو يجعلها انعكاسا لرؤيتها الأيديولوجية وأداة تخدم أهدافها السياسية. وفي العقدين الأول والثاني من القرن الـ21، أصبحت الأسماء ذات الحمولة الدينية تهيمن على أكثر من 85% من العمليات العسكرية الإسرائيلية، في مؤشر واضح على تصاعد التيار الديني داخل المؤسسة العسكرية، خاصة بعد سيطرة التيار اليميني على مفاصل الحياة السياسية فيها. تستخدم إسرائيل هذا الانزياح نحو الرمزية الدينية أداة دعائية لتعزيز الشرعية الداخلية، وتعبئة المجتمع الإسرائيلي عاطفيا، وإضفاء طابع "القدسية" على المواجهات العسكرية، كما يكشف عن رؤية استعلائية تصور الصراع مع أعداء إسرائيل حربا دينية وتاريخية ممتدة منذ العهد التوراتي، بهدف تبرير العنف المفرط تحت شعارات " الدفاع عن النفس مقدس". في أكتوبر/تشرين الأول 1948 (النكبة)، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي اسم "يوآف" على إحدى كبرى عملياته العسكرية في فلسطين ، وهو اسم استمده من شخصية توراتية مهمة تدعى "يوآف بن صرويا"، وهو قائد جيش النبي داود، المعروف بشجاعته وكفاءته العسكرية حسب السردية الصهيونية. يربط هذا الاسم العملية العسكرية بـ"القوة والتاريخ البطولي لليهود" كما يعتقدون، ويضفي عليها شرعية دينية ووطنية، كما يحمل رسالة إلى الجنود والمجتمع الإسرائيلي تفيد بأنهم "يمشون على خطى قادة تاريخيين مقدسين"، مما يتوقع أن يرفع من منسوب الروح المعنوية ويقوّي الإحساس بالانتماء. وتقدم التوراة يوآف قائدا حازما وحكيما، واختيار الاسم يعكس رغبة الإسرائيليين في إظهار العملية خطوة حاسمة في تحقيق الأهداف العسكرية، إلا أنها في الوقت ذاته "إجراء مدروس ومخطط له ينم عن الحكمة ورجاحة العقل". عملية "السور الواقي" (2002) اعتمد الجيش الإسرائيلي هذا الاسم عنوانا لعمليته العسكرية أثناء اجتياح مدن الضفة الغربية في مارس/آذار 2002 بحجة حماية المستوطنات الإسرائيلية. تشير كلمة "السور" إلى جدار أو حاجز قوي يحمي من الاعتداءات، وهو رمز قديم للأمان والحماية من الخطر الخارجي، أما "الواقي" فيعني الحامي أو الدفاعي، مما يعطي انطباعا بأن العملية تهدف إلى الدفاع عن الأمن والاستقرار في الداخل الإسرائيلي ومنع التهديدات التي تستهدف دولة الاحتلال. ويحمل الاسم دلالة رمزية تفيد أن الجيش الإسرائيلي بنى "سورا يعزز حماية البلاد، ويصد الهجمات ويضمن سلامة الإسرائيليين"، مما يبرز "الجانب الدفاعي" للعملية ويعكس محاولة إسرائيل تقديم نفسها دولة تحمي حدودها وأمنها. كما يكتسي الاسم أيضا بعدا نفسيا، فاستخدام كلمة "السور" يعزز الشعور بالأمن والاستقرار لدى الجمهور الإسرائيلي، ويقلل من الطابع العدائي للعملية في الإعلام الدولي، إذ يدعي الاحتلال بأنها "رد ضروري لحماية النفس وليس اعتداء". الرصاص المصبوب (2008) عملية شنّها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في الفترة من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009، وينطوي اسمها على دلالات رمزية يتقاطع فيها ما هو عسكري بما هو ثقافي. وتشير التسمية إلى عملية صهر الرصاص وتشكيله علامة على القوة والصلابة، وتعكس رغبة إسرائيل في توجيه ضربة قوية ضد المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بهدف إضعاف قدراتها العسكرية. والرصاص المصبوب عنوان لأغنية عبرية ينشدها الأطفال بمناسبة عيد "الحانوكا" (عيد الأنوار)، تعبر كلماتها عن شجاعة المكابيين ، وهي جماعة يهودية متمردة قادت ثورة ضد الحكم السلوقي في يهودا أثناء القرن الثاني قبل الميلاد، رفضا للهيمنة الهلنستية ومحاولات فرض الثقافة الوثنية، مما جعلها رمزا للنضال الديني والقومي في الذاكرة اليهودية. تعكس التسمية رغبة إسرائيل في تشبيه جيشها بـ"المكابيين"، المدافعين عن الهوية اليهودية في محاولة لربط المعركة بالصراعات التاريخية لليهود، وتعزيز الأسطورة القومية لـ"المقاومة اليهودية". عمود السحاب (2012) عملية عسكرية شنّها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. يحمل الاسم دلالات توراتية واضحة، تعود إلى سفر الخروج "الإصحاح 13:21" وجاء فيه "خروج الرب ليسير أمام بني إسرائيل نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق". اسم "عمود السحاب" مستوحى من التوراة، إذ يُذكر أن بني إسرائيل أثناء فترة التيه في صحراء سيناء كانوا يتبعون "عمود السحاب" نهارا و"عمود النار" ليلا، ويتخذونه دليلا تنعكس فيه هداية الله وحمايته. ويعكس الاسم في السياق العسكري الإسرائيلي رمزا لـ"العقاب السماوي" أو "الانتقام الإلهي"، مما يكرس ما تعتبره إسرائيل طابعا عقابيا وردعيا للعملية ضد المقاومة الفلسطينية، كما يوحي الاسم بتبرير مبطن للعدوان واعتباره "مشيئة إلهية"، واستغلاله في خطاب إعلامي يعزز شعور المجتمع الإسرائيلي بـ"الحماية السماوية". حارس الأسوار (2021) عملية "حارس الأسوار" التي شنّها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/أيار 2021، ردا على عملية سيف القدس التي وجهت فيها المقاومة الفلسطينية ضربات صاروخية إلى العمق الإسرائيلي، على إثر اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ، وردا على المخططات الإسرائيلية الهادفة لترحيل سكان حي الشيخ جراح في القدس. أطلقت إسرائيل هذه التسمية لدواع دينية عميقة، إذ يستمد اسم "حارس الأسوار" رمزيته من نبوءة إشعياء في التوراة، إذ ورد فيه "عَلَى أَسْوَارِكِ يَا أُورُشَلِيمُ أَقَمْتُ حُرَّاسًا لاَ يَسْكُتُونَ كُلَّ النَّهَارِ وَكُلَّ اللَّيْلِ" (إشعيا 62:6). تتحدث هذه "النبوءة" عن حراس يراقبون الأسوار دون انقطاع، في إشارة لحماية القدس والمقدسات اليهودية، مما يعكس ترويج إسرائيل "لالتزامها بحماية حدودها"، خاصة في ظل التصعيد الذي شهدته القدس آنذاك. السيوف الحديدية (2023) عملية عسكرية نفذها الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ردا على عملية " طوفان الأقصى"، وبدأت بقصف جوي مكثف على القطاع، ثم اجتياح بري تحول لاحقا إلى إبادة جماعية. استلهمت إسرائيل هذه التسمية من التوراة، فقد وردت السيوف أداة للعقاب الإلهي في نصوص مثل مزامير داود و إشعيا منها: "بِسَيْفٍ مِنْ حَدِيدٍ أُعَاقِبُهُمْ" (إشعيا-27:1). أرادت إسرائيل بهذه التسمية أن تصور هجومها على قطاع غزة على أنه حرب دينية تطهيرية بقيادة إلهية، وأن الجيش الإسرائيلي وسيلة إلهية للانتقام والعقاب، مركزة على فكرة الحسم المطلق والتدمير الكامل لمن تعتبره عدوا. تجسد "السيوف الحديدية" الغطرسة الإسرائيلية، وتعبر عن القوة الصلبة في معناها المطلق الذي ينتمي للعصور الوسطى المنفلت مما وصلت إليه الإنسانية من قواعد في القانون الدولي الإنساني تحكم الحروب. عربات جدعون (2025) أو " ميركافوت جدعون" بالعبرية، وهي عملية عسكرية تهدف إلى توسيع العدوان الإسرائيلي في غزة مطلع 2025، وتحمل دلالات دينية وتاريخية وعسكرية، إذ سبق لإسرائيل أن أطلقت الاسم نفسه على إحدى عملياتها في "نكبة 1948" حين سيطرت على منطقة بيسان الفلسطينية وطردت سكانها. وجدعون كلمة عبرية تعني المصارع، وهو شخصية توراتية ذكرت في سفر القضاة، حاربت المديانيين "الذين سلطهم الله على بني إسرائيل لشر أفعالهم، فأمر الله جدعون بتخليص بني إسرائيل، وطلب منه هدم مذبح بعل فثار عليه قومه، ولم يقف معه منهم سوى القليل". وحسب ما ورد في التوراة (سفر القضاة-الإصحاح 7)، فإن جدعون قلَّص عدد جيشه من 30 ألفا إلى 300 مقاتل فقط، بناء على أمر إلهي باستبعاد "الخائفين" منهم، ورغم ذلك استطاعوا التغلب على جيش مدين -وهم بدو من الحجاز- وجعلهم يتراجعون إلى ما بعد نهر الأردن، وقضوا على ملوكهم ومن تبقى من جيشهم. ويشار لجدعون في الصحافة الإسرائيلية باعتباره بطلا قوميا أنقذ بني إسرائيل من جيش مدين المتطور آنذاك، إذ كانوا يجيدون قيادة الجمال، وعرفوا "بعنفهم وسرعتهم ومباغتتهم في الهجوم"، بينما استطاع جدعون التغلب عليهم "بجيش بسيط وبأدوات بسيطة منها العربات، بخطة عسكرية محكمة". الأسد الصاعد (2025) عملية عسكرية، شنت أثناءها إسرائيل هجمات واسعة على مناطق متعددة بإيران في يونيو/حزيران 2025، مستهدفة منشآت عسكرية ونووية وقادة إيرانيين كبارا في مؤسسات أمنية وعسكرية وبحثية. استوحت إسرائيل اسم هذه العملية (الأسد الصاعد) من التوراة في أحد نصوص العهد القديم، يتحدث عن "مستقبل مزدهر تنتصر فيه إسرائيل القوية"، وورد التعبير في "الإصحاح-23/24": وجاء فيه "شعب كالأسد يقوم، وكالليث يشرئب، لا ينام حتى يأكل فريسته ومن دم ضحاياه يشرب". وللأسد مكانة رمزية في التعاليم التلمودية اليهودية، ففي نبوءة لبلعام بن باعوراء، وهو نبي وعراف تنبأ بقوة إسرائيل وسلطانها، شبهها بأسد لا يهدأ حتى يشبع جوعه. وقبل يوم واحد من العملية، وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورقة مكتوبة بخط اليد في شقّ على حائط البراق في القدس المحتلة، قبل أن ينشر مكتبه لاحقا صورة للورقة التي وضعها، وكُتب عليها "سينتفض الشعب كالأسد".

الوكالة الدولية الذرية تؤكد تدمير إسرائيل لمنشآت نووية قرب طهران
الوكالة الدولية الذرية تؤكد تدمير إسرائيل لمنشآت نووية قرب طهران

الجزيرة

timeمنذ 6 دقائق

  • الجزيرة

الوكالة الدولية الذرية تؤكد تدمير إسرائيل لمنشآت نووية قرب طهران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الأربعاء أن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على إيران أدت إلى تدمير منشأتين في كرج قرب طهران، تُستخدمان في تصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي، التي تُعد أساسية في عملية تخصيب اليورانيوم. كما استهدفت الضربات الإسرائيلية مركز طهران للأبحاث ومبنى يُستخدم لاختبار دوارات الطرد المركزي المتطورة. وذكرت الوكالة الأممية أن هذه المواقع كانت سابقا تحت مراقبتها في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015). وجاء ذلك بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ أكثر من 50 غارة جوية خلال الساعات الماضية على منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني ومصانع أسلحة في طهران ومحيطها. وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربات استهدفت مواقع لإنتاج المواد الخام ومكونات صواريخ أرض-أرض وأخرى مضادة للطائرات، زاعما أن هذه المنشآت تُستخدم لتوسيع قدرات إيران في تخصيب اليورانيوم وتطوير أسلحة. ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على إيران فجر الجمعة، قُتل ما لا يقل عن 224 شخصا وأُصيب أكثر من 1000 آخرين، بينهم قادة بالحرس الثوري وعلماء في المجال النووي. وردّت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، خلفت نحو 24 قتيلا ومئات المصابين داخل إسرائيل، بحسب مكتب رئيس الوزراء.

الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"
الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"

الجزيرة

timeمنذ 6 دقائق

  • الجزيرة

الجزيرة للدراسات يختتم مؤتمر "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط"

في ظل تحولات متسارعة يشهدها النظام الدولي، وتزايد حدة التنافس بين القوى الكبرى على النفوذ والموارد، استضافت جامعة بوغازيجي التركية يومي 16 و17 يونيو/حزيران الجاري مؤتمرا دوليا رفيع المستوى بعنوان "التنافس بين القوى العظمى والشرق الأوسط.. إعادة رسم طرق التجارة والشبكات". جاء المؤتمر بتنظيم مشترك مع مركز الجزيرة للدراسات ، وبمشاركة مؤسسات أكاديمية من الصين و تركيا وأوروبا، وبحضور نخبة من الباحثين والخبراء. وناقش المؤتمر الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية لمشاريع الربط والبنى التحتية العالمية، وفي مقدمتها مبادرة الحزام والطريق الصينية، و الممر الاقتصادي الهندي- الشرق أوسطي- الأوروبي ، ومشروع طريق التنمية بين العراق وتركيا ، فضلا عن المبادرة الأوروبية للبنية التحتية، مع تركيز خاص على موقع الشرق الأوسط ضمن هذه المبادرات باعتباره منطقة تقاطع إستراتيجي في إعادة تشكيل شبكات التجارة والتحالفات الدولية. طبيعة الصراع الدولي وفي كلمته الافتتاحية، قدّم مدير مركز الجزيرة للدراسات الدكتور محمد المختار الخليل قراءة إستراتيجية معمقة لطبيعة التنافس الراهن، مؤكدا أن القوى العظمى لا تتصارع اليوم على "إعادة رسم الخرائط" فحسب، بل تسعى إلى بناء شبكات مصالح متجددة ومسارات بديلة لطرق التجارة ترسم بها خريطة النفوذ المستقبلي. واعتبر أن النظام العالمي الجديد لا يمكن أن يولد دون تفكيك ما تبقى من القديم، وأن ما يجري في قطاع غزة وإيران ليس إلا تمظهرا حيا لهذا التحول. ورأى الخليل أن التنافس القائم في المنطقة يجسد مواجهة بين 3 كتل: قوى صاعدة، وقوى متراجعة، وقوى نزاعة للاستقلال، وأن هذا المؤتمر يسعى إلى صياغة فهم جماعي لهذه التحولات بما يُمكّن الباحثين وصنّاع القرار من استشراف سيناريوهات الخروج من الأزمات المتكررة في الشرق الأوسط. من جانبه، شدد وو شويمينغ نائب رئيس أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية على الأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط ضمن مبادرة الحزام والطريق، واعتبر أن الصين تسعى إلى بناء علاقات قائمة على التفاهم والتكامل في مجالات الطاقة المتجددة والاتصالات والتبادل الثقافي، وليس على الهيمنة أو الاستقطاب. كما أكد التزام بكين بتعزيز التعاون الدولي ودعم الاستقرار في المنطقة بعيدا عن الإستراتيجيات القائمة على الفوضى أو التفتيت. هشاشة النظام الدولي من تركيا، اعتبر مدير دراسات السياسة الخارجية في مؤسسة "سيتا" مراد يشلطاش أن الحرب على إيران ليست مجرد تطور عابر، بل هي حدث مفصلي يعكس إعادة تشكيل العلاقات الدولية وتحولات ميزان القوى. كما نبّه إلى فشل النظام الدولي ومؤسساته الأممية في التعامل مع أزمات الشرق الأوسط بسبب غياب المرجعيات القيمية الموحدة والتناقضات البنيوية في المنظمات الدولية. وفي كلمته، رأى سلجوق أيدين نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة بوغازيجي، أن الأحداث الجارية في أكثر من مكان، من الحرب على غزة إلى التصعيد في أوكرانيا، مرورا بالتوتر المتصاعد بين القوى الغربية، تكشف عن هشاشة عميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية للنظام الدولي، وتؤشر على خلل متزايد في قدرته على الاستجابة للأزمات المتراكمة. واعتبر أن سلاسل التوريد والممرات التجارية لم تعد مجرد مسارات لوجستية، بل تحولت إلى أدوات للتنافس الجيوسياسي والاستقطاب الإستراتيجي، داعيا إلى مراجعة شاملة للمفاهيم السائدة حول الأمن الاقتصادي العالمي في ظل تزايد تداخل الاقتصاد بالتوازنات العسكرية والسياسية. أبرز مداولات اليوم الأول: تفكك النظام الدولي، وصراع المصالح، وتحولات التكنولوجيا ناقشت جلسات اليوم الأول من المؤتمر مظاهر تفكك النظام الدولي الراهن؛ حيث شددت المداخلات على أن الأحداث الجارية، ولا سيما في غزة، كشفت عن هشاشة عميقة في البنية الاقتصادية والاجتماعية العالمية، في ظل تنامي التوترات وتزايد الاعتماد على سلاسل الإمداد والممرات الدولية كمجالات للتنافس الجيوسياسي. ورصد في هذا السياق تصاعد حاد في التنافسية الإستراتيجية بين القوى الغربية وفي الشرق الأوسط. ولم تغب الإشارة إلى ضعف النظام القانوني الدولي في ضوء غياب المساءلة الفعلية عن الانتهاكات العسكرية، ولا سيما في السياق الفلسطيني. توقفت النقاشات كذلك عند التحولات في الدور التركي الإقليمي؛ حيث رفضت التصورات التي تربط بين الحضور التركي في بعض الملفات و"الحنين العثماني"، في مقابل التأكيد على دور أنقرة الوسيط والتوازني القائم على الثقة في النفس والسعي نحو التهدئة. أما في المجال التكنولوجي، فقد طرحت مقاربات تؤكد أن الصراع العالمي بات يتمحور حول الهيمنة الرقمية والتفوق التكنولوجي، لا حول التوسع العسكري فقط، مع تحذيرات من أن الولايات المتحدة تسعى لتطويق صعود قوى أخرى كالصين وتركيا من خلال التحكم في المجال الرقمي والتحالفات الأمنية. شكلت مداولات اليوم الأول إطارا تحليليا لرؤية القوى الإقليمية والدولية لمستقبل النظام العالمي في ظل عالم تتزايد فيه مؤشرات التمزق أكثر من ملامح الاستقرار. أبرز مداولات اليوم الثاني الشرق الأوسط.. مختبر التعددية القطبية شكل اليوم الثاني من المؤتمر مناسبة لتوسيع النقاش حول موقع الشرق الأوسط داخل نظام عالمي آخذ في التشظي وإعادة التشكل؛ حيث لم يعد العالم محكوما بثنائية الحرب الباردة، ولا باستقرار القطب الأوحد، بل بات ساحة لتفاعلات بين قوى صاعدة وأخرى متراجعة، وتحالفات مرنة تتبدل بحسب المصالح والظروف. وفي هذا السياق، ناقشت الجلسات بإسهاب إمكانيات أن تتبنى دول المنطقة مبادرات تكاملية خاصة بها بعيدا عن الارتهان للمشاريع العابرة من الخارج، وطرحت تساؤلات عميقة حول ما إذا كان الشرق الأوسط قادرا، في ظل واقعه السياسي المعقد، على صوغ أجندة تكامل إقليمي مستقل. تناولت المداخلات دور المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة الدول التركية، باعتبارها منصات محتملة لتفعيل هذا الدور، إلا أن غالبية المشاركين أقروا بأن غياب الرؤية الموحدة والانقسامات السياسية والصراعات الداخلية لا تزال تشكل عائقا حقيقيا أمام بناء مسارات تجارية واقتصادية مشتركة تنطلق من داخل المنطقة نفسها وتستجيب لأولويات شعوبها. كما استعرضت الجلسات التحديات السياسية واللوجستية التي تواجه هذه المبادرات، بما فيها نقص البنية التحتية العابرة للحدود، والشكوك بين الدول المتجاورة، وتداخل الأجندات الأمنية مع المشاريع الاقتصادية، مما يجعل فكرة "تكامل إقليمي مستقل" هدفا صعب المنال، وإن لم يكن مستحيلا. وسلط المؤتمر الضوء بشكل خاص على استبعاد تركيا من مبادرة الممر الاقتصادي الهندي- الشرق أوسطي- الأوروبي، معتبرا ذلك مؤشرا على الاصطفافات الجيوسياسية الجديدة التي تعيد تشكيل شبكة النفوذ والمصالح في المنطقة. مخرجات بحثية اختتم المؤتمر أعماله بإعلان مجموعة من المخرجات البحثية التي تسعى إلى ترجمة النقاشات النظرية إلى أدوات معرفية وسياساتية قابلة للتوظيف. وشملت هذه المخرجات إعداد كتاب جماعي محرر يوثق أبرز أوراق المؤتمر ومداولاته، بالتعاون مع مركز الجزيرة للدراسات ودار نشر دولية، إلى جانب إصدار موجزات سياسات تستند إلى التحليلات والقراءات التي طرحت خلال الجلسات. كما تم التأكيد على التوجه نحو تنظيم فعاليات بحثية لاحقة، تشمل مؤتمرات متخصصة وورشا ولقاءات تشاورية، بهدف تعميق النقاش في القضايا التي تناولها المؤتمر، وتوسيع نطاقها ضمن دوائر البحث وصنع السياسات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store