logo
تهديـــد وجودي للبشرية

تهديـــد وجودي للبشرية

جريدة الوطنمنذ 2 أيام
في خضم سباق عالمي محموم نحو تطوير الذكاء الاصطناعي، تحذِّر الأوساط العلمية من أن البشرية قد تجد نفسها إزاء واقع لا رجعة فيه، وأنها تقف الآن على أعتاب تهديد وجودي غير مسبوق قد يؤدي إلى فنائها بالكامل.
فما الذي يحدث حين تصبح الآلة أذكى من الإنسان، ولا تعرف حدودا في قدرتها على التخطيط والتعلم والتكاثر الرقمي؟ وما الذي يمكن أن يردع ذكاء فائقا يرى في البشرية مجرد عائق؟
ومن خلال إجابتها عن هذين السؤالين، حاولت صحيفة تايمز البريطانية، في تقرير علمي، تفكيك هذا المستقبل القاتم الذي بات أقرب مما نظن وفق رؤيتها.
وتفيد الصحيفة بأنه في وقت تتسارع فيه وتيرة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتنافس كبرى الشركات التكنولوجية على بلوغ ما يُعرف بـ«الذكاء الاصطناعي الفائق»، تتعالى أصوات من داخل المجتمع العلمي محذرة بشكل غير مسبوق من أن البشرية ربما تكون على مشارف فناء محتوم إذا استمر العالم في تجاهل المخاطر الكامنة وراء هذه التكنولوجيا الناشئة.
وتنبيها لهذه المخاطر، وقفت مجموعة صغيرة من الناشطين يرتدون قمصانا حمراء كُتب عليها «أوقفوا الذكاء الاصطناعي» -وهو اسم حركتهم الذي استوحوه من قضيتهم- أمام مقر شركة (أوبن إيه آي) في سان فرانسيسكو، في مشهد وصفته التايمز البريطانية بأنه بدا للوهلة الأولى كأنه احتجاج اعتيادي في مدينة اعتادت على مظاهر التعبير السياسي.
لكن خلف هذا التحرك تقبع رؤية سوداوية تشاركهم فيها نخبة من أبرز العلماء والخبراء في العالم، ممن يرون أن استمرار تطوير الذكاء الاصطناعي دون ضوابط قد يقود إلى انقراض البشرية.
ووفقا للصحيفة، فإن هذه التحذيرات لا تقتصر على الهواة أو أصحاب النظريات الهامشية، بل تأتي أيضا من شخصيات بحجم جيفري هينتون، الحائز على نوبل في الفيزياء عن أعماله في مجال الذكاء الاصطناعي، ويوشوا بنجيو، الفائز بجائزة تورينغ لعلوم الحاسوب، إلى جانب الرؤساء التنفيذيين لشركات رائدة مثل «أوبن إيه آي»، و«أنثروبيك»، و«غوغل ديب مايند».
وقد وقعت كل هذه الشخصيات على رسالة مفتوحة جاء فيها: «إن الحد من خطر الانقراض بسبب الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أولوية عالمية إلى جانب مخاطر أخرى بحجم المجتمع مثل الجوائح والحروب النووية».
وتوضح الصحيفة أن السيناريوهات المحتملة لذلك الانقراض متنوعة، تبدأ من إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي أسلحة بيولوجية ذكية تنشر عدوى صامتة في مدن كبرى حول العالم تصيب معظم الناس دون أعراض واضحة، إلى أنظمة خارقة تفوق البشر قدرة وذكاء، فتراهم مجرد كائنات غير ضرورية في معادلة البقاء.
وينقل التقرير عن نيت سوريس، المهندس السابق في شركة غوغل ورئيس «معهد أبحاث الذكاء الآلي» ومقره في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا، أن احتمالية انقراض الإنسان بسبب الذكاء الاصطناعي تقترب من 95% إذا استمر الحال على ما هو عليه، ويشبّه الوضع بمن يقود سيارة نحو حافة الهاوية بسرعة جنونية دون أن يحاول الضغط على المكابح.
طريق الانقراض
إن ما يثير القلق حقا، برأي التايمز، هو أن الذكاء الاصطناعي الذي نعرفه اليوم ما زال «ضيقا»، أي مخصصا لمهام محددة. لكن العلماء يتوقعون أننا نقترب مما يُعرف بــ«الذكاء الاصطناعي العام» «إيه جي آي» (AGI)، وهي المرحلة التي يتساوى فيها مع الذكاء البشري حيث تصبح الأنظمة الذكية قادرة على التفكير المنطقي والتخطيط واتخاذ القرارات عبر مجالات متعددة، دون أن تكون مقيدة بمهمة واحدة.
ويتميز الذكاء الاصطناعي العام عن الإنسان بمزايا عديدة، منها أنه لا يحتاج إلى النوم أو الطعام، ولا يقضي سنوات في الفصول الدراسية لاكتساب الخبرة، بل ينقل مهاراته ومعرفته ببساطة إلى الجيل التالي من الذكاءات الاصطناعية، عبر آلية النسخ واللصق.
وبعد ذلك، سيصل إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي الفائق «إيه إس آي» (ASI)، الذي يتفوق على الإنسان في كل المجالات -من الطب إلى الفيزياء إلى السياسة- ويستطيع حينها أداء أشياء يحلم بها البشر، كعلاج السرطان، أو تحقيق الاندماج النووي البارد، أو السفر إلى النجوم.
سلوكيات غامضة
بيد أن هذا التقدم يحمل في طياته خطرا هائلا، وهو كيف نضمن أن هذه الكائنات الرقمية ستبقى تحت السيطرة؟ تتساءل الصحيفة لتضيف أن هذا ما يُعرف في أوساط البحث باسم «تحدي المواءمة»، أي جعل الذكاء الاصطناعي يتصرف وفقا للقيم والأهداف البشرية.
لكن الواقع يشير إلى أن ذلك قد يكون مستحيلا من الناحية التقنية، إذ إن الذكاء الاصطناعي، حتى في شكله البدائي، أثبت أنه قادر على الخداع، ولا يمكن دائما التنبؤ بكيفية تصرفه أو تفسير طريقة «تفكيره»، خاصة مع تطور لغاته الداخلية.
ويبدو أن الذكاءات الاصطناعية تطوّر سلوكيات مستقلة وغامضة وتسعى لتحقيقها بوسائل مريبة. فذكاء روبوت المحادثة المعروف باسم «غروك»، الذي طورته شركة (إكس إيه آي) المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، أثار جدلا واسعا بعد إطلاقه تصريحات معادية للسامية، ومدحه الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر.
أما محرك البحث «بينغ» من شركة مايكروسوفت فقد شهد تطورا كبيرا في مجال الذكاء الاصطناعي حيث حاول في إحدى المحادثات، فسخ زواج صحفي في جريدة نيويورك تايمز. هذه الحوادث قد تكون مجرد لمحات أولى لما يمكن أن يكون مستقبلا لا يخضع لأي ضوابط بشرية.
حلم الخلود الرقمي
في المقابل، ثمة من يرى أن المشكلة لا تكمن في الإبادة الشاملة وحدها، بل في تفريغ الإنسان من قدرته على التحكم بمصيره. وفي هذا الشأن، ترى هولي إلمور، مديرة حركة «بوز إيه آي» (PauseAI)، أن الذكاء الاصطناعي قد يقود إلى عالم يهيمن فيه النظام الرقمي على الاقتصاد والسياسة والمعرفة، ويُقصى فيه البشر إلى هامش لا سلطة لهم فيه ولا فهم لما يحدث حولهم.
وتشير إلمور إلى دراسة بعنوان «التجريد التدريجي من السلطة»، توقعت أن ينتهي الحال بالبشر ككائنات معزولة تعيش على أطراف المدن وتفتقر لأي تأثير فعلي.
ورغم أنها تقدر خطر الانقراض بنسبة 15 إلى 20 %، فإنها تدعو إلى تجميد تطوير الذكاء الاصطناعي مؤقتا إلى حين وضع اتفاقات دولية تنظم تطوره، أو على الأقل قوانين محلية تحكم أنشطته في أماكن مثل كاليفورنيا.
لكن التايمز تقول إنه في الوقت الذي تدعو فيه هذه الأصوات إلى الحذر، يواصل قادة التكنولوجيا المضي قدما. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي عن خطة لتحرير تنظيمات الذكاء الاصطناعي.
كما صرح الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، بأن الذكاء الاصطناعي الفائق «بات في مرمى البصر»، كاشفا عن سعيه لاستقطاب أفضل العقول من شركة (أوبن إيه آي) مقابل مكافآت توقيع تبلغ 100 مليون دولار.
بيد أن إلمور ترى أن دافع كثير من هؤلاء ليس علميا أو اقتصاديا فقط، بل أقرب إلى الاعتقاد الديني، فبعض المؤيدين يؤمنون بأن الذكاء الاصطناعي سيمنحهم الخلود، حتى إن أحدهم أخبرها بأنه لن يموت أبدا لأن الذكاء الاصطناعي سيُخلِّد وعيه.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تهديـــد وجودي للبشرية
تهديـــد وجودي للبشرية

جريدة الوطن

timeمنذ 2 أيام

  • جريدة الوطن

تهديـــد وجودي للبشرية

في خضم سباق عالمي محموم نحو تطوير الذكاء الاصطناعي، تحذِّر الأوساط العلمية من أن البشرية قد تجد نفسها إزاء واقع لا رجعة فيه، وأنها تقف الآن على أعتاب تهديد وجودي غير مسبوق قد يؤدي إلى فنائها بالكامل. فما الذي يحدث حين تصبح الآلة أذكى من الإنسان، ولا تعرف حدودا في قدرتها على التخطيط والتعلم والتكاثر الرقمي؟ وما الذي يمكن أن يردع ذكاء فائقا يرى في البشرية مجرد عائق؟ ومن خلال إجابتها عن هذين السؤالين، حاولت صحيفة تايمز البريطانية، في تقرير علمي، تفكيك هذا المستقبل القاتم الذي بات أقرب مما نظن وفق رؤيتها. وتفيد الصحيفة بأنه في وقت تتسارع فيه وتيرة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتنافس كبرى الشركات التكنولوجية على بلوغ ما يُعرف بـ«الذكاء الاصطناعي الفائق»، تتعالى أصوات من داخل المجتمع العلمي محذرة بشكل غير مسبوق من أن البشرية ربما تكون على مشارف فناء محتوم إذا استمر العالم في تجاهل المخاطر الكامنة وراء هذه التكنولوجيا الناشئة. وتنبيها لهذه المخاطر، وقفت مجموعة صغيرة من الناشطين يرتدون قمصانا حمراء كُتب عليها «أوقفوا الذكاء الاصطناعي» -وهو اسم حركتهم الذي استوحوه من قضيتهم- أمام مقر شركة (أوبن إيه آي) في سان فرانسيسكو، في مشهد وصفته التايمز البريطانية بأنه بدا للوهلة الأولى كأنه احتجاج اعتيادي في مدينة اعتادت على مظاهر التعبير السياسي. لكن خلف هذا التحرك تقبع رؤية سوداوية تشاركهم فيها نخبة من أبرز العلماء والخبراء في العالم، ممن يرون أن استمرار تطوير الذكاء الاصطناعي دون ضوابط قد يقود إلى انقراض البشرية. ووفقا للصحيفة، فإن هذه التحذيرات لا تقتصر على الهواة أو أصحاب النظريات الهامشية، بل تأتي أيضا من شخصيات بحجم جيفري هينتون، الحائز على نوبل في الفيزياء عن أعماله في مجال الذكاء الاصطناعي، ويوشوا بنجيو، الفائز بجائزة تورينغ لعلوم الحاسوب، إلى جانب الرؤساء التنفيذيين لشركات رائدة مثل «أوبن إيه آي»، و«أنثروبيك»، و«غوغل ديب مايند». وقد وقعت كل هذه الشخصيات على رسالة مفتوحة جاء فيها: «إن الحد من خطر الانقراض بسبب الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أولوية عالمية إلى جانب مخاطر أخرى بحجم المجتمع مثل الجوائح والحروب النووية». وتوضح الصحيفة أن السيناريوهات المحتملة لذلك الانقراض متنوعة، تبدأ من إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي أسلحة بيولوجية ذكية تنشر عدوى صامتة في مدن كبرى حول العالم تصيب معظم الناس دون أعراض واضحة، إلى أنظمة خارقة تفوق البشر قدرة وذكاء، فتراهم مجرد كائنات غير ضرورية في معادلة البقاء. وينقل التقرير عن نيت سوريس، المهندس السابق في شركة غوغل ورئيس «معهد أبحاث الذكاء الآلي» ومقره في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا، أن احتمالية انقراض الإنسان بسبب الذكاء الاصطناعي تقترب من 95% إذا استمر الحال على ما هو عليه، ويشبّه الوضع بمن يقود سيارة نحو حافة الهاوية بسرعة جنونية دون أن يحاول الضغط على المكابح. طريق الانقراض إن ما يثير القلق حقا، برأي التايمز، هو أن الذكاء الاصطناعي الذي نعرفه اليوم ما زال «ضيقا»، أي مخصصا لمهام محددة. لكن العلماء يتوقعون أننا نقترب مما يُعرف بــ«الذكاء الاصطناعي العام» «إيه جي آي» (AGI)، وهي المرحلة التي يتساوى فيها مع الذكاء البشري حيث تصبح الأنظمة الذكية قادرة على التفكير المنطقي والتخطيط واتخاذ القرارات عبر مجالات متعددة، دون أن تكون مقيدة بمهمة واحدة. ويتميز الذكاء الاصطناعي العام عن الإنسان بمزايا عديدة، منها أنه لا يحتاج إلى النوم أو الطعام، ولا يقضي سنوات في الفصول الدراسية لاكتساب الخبرة، بل ينقل مهاراته ومعرفته ببساطة إلى الجيل التالي من الذكاءات الاصطناعية، عبر آلية النسخ واللصق. وبعد ذلك، سيصل إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي الفائق «إيه إس آي» (ASI)، الذي يتفوق على الإنسان في كل المجالات -من الطب إلى الفيزياء إلى السياسة- ويستطيع حينها أداء أشياء يحلم بها البشر، كعلاج السرطان، أو تحقيق الاندماج النووي البارد، أو السفر إلى النجوم. سلوكيات غامضة بيد أن هذا التقدم يحمل في طياته خطرا هائلا، وهو كيف نضمن أن هذه الكائنات الرقمية ستبقى تحت السيطرة؟ تتساءل الصحيفة لتضيف أن هذا ما يُعرف في أوساط البحث باسم «تحدي المواءمة»، أي جعل الذكاء الاصطناعي يتصرف وفقا للقيم والأهداف البشرية. لكن الواقع يشير إلى أن ذلك قد يكون مستحيلا من الناحية التقنية، إذ إن الذكاء الاصطناعي، حتى في شكله البدائي، أثبت أنه قادر على الخداع، ولا يمكن دائما التنبؤ بكيفية تصرفه أو تفسير طريقة «تفكيره»، خاصة مع تطور لغاته الداخلية. ويبدو أن الذكاءات الاصطناعية تطوّر سلوكيات مستقلة وغامضة وتسعى لتحقيقها بوسائل مريبة. فذكاء روبوت المحادثة المعروف باسم «غروك»، الذي طورته شركة (إكس إيه آي) المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، أثار جدلا واسعا بعد إطلاقه تصريحات معادية للسامية، ومدحه الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر. أما محرك البحث «بينغ» من شركة مايكروسوفت فقد شهد تطورا كبيرا في مجال الذكاء الاصطناعي حيث حاول في إحدى المحادثات، فسخ زواج صحفي في جريدة نيويورك تايمز. هذه الحوادث قد تكون مجرد لمحات أولى لما يمكن أن يكون مستقبلا لا يخضع لأي ضوابط بشرية. حلم الخلود الرقمي في المقابل، ثمة من يرى أن المشكلة لا تكمن في الإبادة الشاملة وحدها، بل في تفريغ الإنسان من قدرته على التحكم بمصيره. وفي هذا الشأن، ترى هولي إلمور، مديرة حركة «بوز إيه آي» (PauseAI)، أن الذكاء الاصطناعي قد يقود إلى عالم يهيمن فيه النظام الرقمي على الاقتصاد والسياسة والمعرفة، ويُقصى فيه البشر إلى هامش لا سلطة لهم فيه ولا فهم لما يحدث حولهم. وتشير إلمور إلى دراسة بعنوان «التجريد التدريجي من السلطة»، توقعت أن ينتهي الحال بالبشر ككائنات معزولة تعيش على أطراف المدن وتفتقر لأي تأثير فعلي. ورغم أنها تقدر خطر الانقراض بنسبة 15 إلى 20 %، فإنها تدعو إلى تجميد تطوير الذكاء الاصطناعي مؤقتا إلى حين وضع اتفاقات دولية تنظم تطوره، أو على الأقل قوانين محلية تحكم أنشطته في أماكن مثل كاليفورنيا. لكن التايمز تقول إنه في الوقت الذي تدعو فيه هذه الأصوات إلى الحذر، يواصل قادة التكنولوجيا المضي قدما. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي عن خطة لتحرير تنظيمات الذكاء الاصطناعي. كما صرح الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، بأن الذكاء الاصطناعي الفائق «بات في مرمى البصر»، كاشفا عن سعيه لاستقطاب أفضل العقول من شركة (أوبن إيه آي) مقابل مكافآت توقيع تبلغ 100 مليون دولار. بيد أن إلمور ترى أن دافع كثير من هؤلاء ليس علميا أو اقتصاديا فقط، بل أقرب إلى الاعتقاد الديني، فبعض المؤيدين يؤمنون بأن الذكاء الاصطناعي سيمنحهم الخلود، حتى إن أحدهم أخبرها بأنه لن يموت أبدا لأن الذكاء الاصطناعي سيُخلِّد وعيه.

"آبل" تعمل على تطوير منافس لـ"شات جي بي تي"
"آبل" تعمل على تطوير منافس لـ"شات جي بي تي"

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

"آبل" تعمل على تطوير منافس لـ"شات جي بي تي"

تعمل " آبل" في الوقت الحالي على تطوير أداة دردشة وبحث معززة بالذكاء الاصطناعي على غرار " شات جي بي تي"، وفق تقرير نشرته بلومبيرغ. وتأتي هذه الخطوة عقب الأداء المرتبك لمزايا الذكاء الاصطناعي التي قدمتها الشركة في العام الماضي وتعاونها مع " أوبن إيه آي" للاستفادة من مزايا "شات جي بي تي". ويشير التقرير إلى أن إدارة قسم الذكاء الاصطناعي في آبل كانت ترفض سابقا تطوير أداة دردشة وبحث معزز بالذكاء الاصطناعي خاصة بها لاعتقادها بأن المستخدمين لا يحتاجون لهذه الأدوات بكثرة. ولكن تغيرت وجهة النظر هذه بعد طرح "آبل إنتليجينس" وتأجيل "سيري" المطورة وفقا للتقرير، فضلا عن الشعبية المتزايدة لأدوات الدردشة بالذكاء الاصطناعي. ويتزامن توجه آبل هذا مع أزمة أخرى تواجهها الشركة بسبب محرك بحث " غوغل"، إذ كانت تتقاضى سنويا 20 مليار دولار من "ألفابت" المالكة لمحرك البحث ليظل غوغل المحرك الرسمي في أجهزة آبل. غير أن هذا الأمر تغير عقب الحكم في قضايا الاحتكار التي تواجهها غوغل من وزارة العدل الأميركية، مما أفقد آبل مليارات الدولارات سنويا فضلا عن خسارتها لمحرك البحث الرئيسي. لذا أسست الشركة فريقا جديدا ضمن قسم الذكاء الاصطناعي وتحت قيادة روبي ووكر الذي كان مسؤولا في السابق عن تطوير "سيري"، ويحمل الفريق الجديد اسم فريق "الإجابات والمعرفة والمعلومات إيه كيه آي" (AKI) حسب التقرير. ويعمل هذا الفريق على بناء ما يعرف داخليا باسم "محرك الإجابات"، وهو منظومة قادرة على البحث في الإنترنت والإجابة على أسئلة المعلومات العامة بشكل يمزج بين أداء محركات البحث المعتادة و"شات جي بي تي" معا. ولا تزال آلية دمج هذا المحرك في أنظمة آبل مجهولة حتى الآن، إذ يشير التقرير إلى أنه قد يحصل على تطبيق منفصل خاص به فضلا عن إتاحة استخدامه من خلال "سيري" ومتصفح "سفاري" وأدوات البحث الأخرى في أنظمة الشركة. وتعزز إعلانات الوظائف التي نشرتها آبل مؤخرا من احتمالية وجود هذا المحرك وقدراته، إذ ركزت هذه الإعلانات على طلب المهندسين ذوي الخبرة في قطاع محركات البحث والخوارزميات الخاصة به. ورغم هذا التوجه الواضح من آبل لبناء الأداء الجديدة، فإن المنتَج النهائي قد لا يظهر قريبا لأن الشركة مازالت في المراحل الأولى لتطويره.

منارة للابتكار غيرت وجه العالم
منارة للابتكار غيرت وجه العالم

جريدة الوطن

timeمنذ 4 أيام

  • جريدة الوطن

منارة للابتكار غيرت وجه العالم

عندما نتحدث عن مراكز البحث التي شكَّلت وجه التكنولوجيا الحديثة، يبرز اسم «مختبرات بيل» (Bell Labs) التي لم تكن مجرد معمل أبحاث، بل هي مكان أنتج مجموعة من أعظم الاختراعات في القرن العشرين.ومنذ نشأتها، أثبتت هذه المختبرات أنها إحدى أبرز المؤسسات البحثية في تاريخ البشرية، ومحركًا للابتكار العلمي والصناعي على مدى عقود طويلة. ومهدت «مختبرات بيل» الطريق لظهور اختراعات غيرت وجه الحياة البشرية، ووضعت حجر الأساس للعديد من الصناعات التي نعرفها اليوم. رحلة من الهاتف إلى العصر الرقمي عندما نشأت «مختبرات بيل» رسميًّا عام 1925 كان العالم على أعتاب ثورة تكنولوجية، إذ لم تكن هناك أجهزة تليفزيون، ولا ترانزستورات، ولا كابلات هاتف عابرة للمحيطات، ولا أقمار صناعية للاتصالات، ولا شبكات خلوية، ولا ألياف بصرية عالية السرعة، ولا كاميرات رقمية، ولا ليزر، ولا خلايا شمسية. وعلى مدار القرن التالي، أثبتت المختبرات دورها المحوري من خلال عشرات الاكتشافات والابتكارات الرائدة التي وضعت أسس الاتصالات الحديثة، والحوسبة، والإنترنت. وأعادت هذه المختبرات تشكيل الحياة العصرية. وأينما ذهبت، وأينما كنت، فإنك تحمل معك شيءًا من تاريخ «مختبرات بيل» حيث أصبح الاسم نفسه مرادفًا للاختراع والإبداع. وتشمل إنجازاته العديدة 10 جوائز نوبل و5 جوائز تورينغ، بالإضافة إلى 3 جوائز إيمي وجائزتي غرامي وجائزة أوسكار. من الهواتف إلى الاتصالات تمحورت الابتكارات الأولى حول توفير اتصالات هاتفية واضحة وموثوقة. وتميزت السنوات الأولى للمختبرات بسعي دؤوب للابتكار في مجالي الكلام والصوت. وقدمت المختبرات العديد من الاختراعات، مثل البث التلفزيوني لمسافات طويلة، ونظام الصوت المتزامن، ونظام التشفير ذي اللوحة الواحدة. كما وضعت المختبرات أسس علم الفلك الراديوي، وبثت إشارات ستيريو مباشرة من فيلادلفيا إلى واشنطن العاصمة، وطورت جهاز ضغط كلام إلكتروني، وجهاز مركب كلام إلكتروني. حجر الزاوية في الإلكترونيات الحديثة طورت المختبرات أوائل أربعينيات القرن الماضي الخلية الكهروضوئية، إلى جانب تطوير أول نظام رقمي لنقل الكلام المشفر. وخلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ركزت الأبحاث على نقل الموجات الدقيقة العريضة النطاق للصوت والبيانات والتلفزيون، وكابلات الهاتف العابرة للمحيطات، وأنظمة التبديل الآلية. وخلال عام 1947، اخترع باحثو «مختبرات بيل» الترانزستور ليحل محل الصمامات المفرغة في شبكة الهاتف، الأمر الذي غير كل شئ. وكان الترانزستور قادرًا على تضخيم الإشارات الإلكترونية وتحويلها، مما شكل حجز الزاوية في الإلكترونيات الحديثة، ووضع الأساس لعصر الحاسوب والحوسبة والإلكترونيات الحديثة. وقدمت المختبرات عام 1948 نظرية المعلومات التي أرست مبادئ الاتصالات الحديثة، والحوسبة، والوسائط الرقمية، والضغط، والتشفير، والإنترنت. وكان ابتكار الفأرة الميكانيكية «ثيسيوس» (Theseus) أحد أوائل استخدامات الذكاء الاصطناعي، كما شهدت تلك الحقبة تطوير أنظمة التشفير الثنائي. وخلال عام 1954، طورت المختبرات أول خلية شمسية من السيليكون قادرة على تحويل الضوء إلى كهرباء. وشارك باحثو المختبرات عام 1955 في تأليف الورقة البحثية التي صاغت مفهوم الذكاء الاصطناعي كمجال دراسي. وجرى عام 1956 مد أول كابل اتصالات عبر الأطلسي لنقل المكالمات الهاتفية، في جهد مشترك بين «إيه تي آند تي» (AT&T) و«مختبرات بيل» وشركات الهاتف البريطانية والكندية. شعاع ضوء غير العالم خلال عام 1958، نشرت المختبرات ورقة علمية تحدد المبادئ النظرية لليزر، مما مهد الطريق لتطوير أول ليزر عامل عام 1960. ونجحت المختبرات عام 1970 في إظهار أول تشغيل مستمر لليزر الصمام الثنائي في درجة حرارة الغرفة، وهو إنجاز محوري سمح بظهور الاتصالات العالية السرعة والبعيدة المدى دون تشتت الإشارة. وأدت جهود «مختبرات بيل» في دمج ليزر الصمام الثنائي العاملة بالكهرباء في أنظمة الألياف الضوئية إلى تعزيز عمليتها وكفاءتها، مما جعل الإنترنت العالي السرعة والمكالمات الهاتفية الواضحة ممكنة اليوم. الأقمار الصناعية وأجهزة اقتران الشحنات خلال عام 1962، أطلقت «مختبرات بيل» ووكالة «ناسا» (NASA) القمر الصناعي «تلستار ون» (Telstar 1) وهو أول قمر صناعي مداري للاتصالات يرسل إشارات تلفزيونية، مما أحدث نقلة نوعية في عالم الاتصالات العالمية. وركزت «مختبرات بيل» هذه الفترة على مجال البرمجيات والإلكترونيات، وبدأت التجارب البحثية على أنظمة نقل الموجات الضوئية التي تستخدم الفوتونات بدلاً من الإلكترونات. ومع نهاية ستينيات القرن الماضي، طورت «مختبرات بيل» نظام التشغيل «يونكس» (Unix) لدعم أنظمة تبديل الاتصالات، بالإضافة إلى الحوسبة للأغراض العامة. كما اخترعت المختبرات عام 1969 جهاز اقتران الشحنة «سي سي دي» (CCD) الذي مكن التصوير الرقمي. وشهدت سبعينات القرن الماضي تزايدًا في الاختراعات المتعلقة بالحاسوب في «مختبرات بيل» كجزء من ثورة الحوسبة الشخصية، حيث طورت عام 1972 لغة البرمجة المجمعة «سي» (C). واختبرت عام 1976 أنظمة الألياف الضوئية لأول مرة في جورجيا. وبدأ إنتاج أول معالج دقيق مُصمم داخليًا عام 1977. الترحيب بعصر الإنترنت واصلت «مختبرات بيل» مسيرة الابتكار، حيث صدرت عام 1985 لغة البرمجة «سي بلس بلس» (++C) تجاريًا لأول مرة بصفتها امتدادا للغة البرمجة «سي». وفي منتصف ثمانينيات القرن الماضي، طورت المختبرات أنظمة اتصالات طويلة المدى عالية الموثوقية، بالإضافة إلى تقنيات تشغيل الشبكات التي أتاحت إجراء اتصالات عالية السرعة وشبه فورية عبر قارة أميركا الشمالية. وخلال فترة التسعينيات، شهد العالم تغيرات جذرية في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، حيث ظهرت الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) التي غيرت طريقة العيش والتعلم والعمل والتفاعل، وأحدثت تحولاً في مختلف القطاعات. وركزت الأبحاث حينها على توفير الوصول الفوري إلى الصوت والبيانات والفيديو عبر الشبكات السلكية واللاسلكية. وابتكرت المختبرات خط المشترك الرقمي «دي إس إل» (DSL) وهي التقنية التي حققت نقلًا بسرعة ميغابت عبر خطوط الهاتف النحاسية المثبتة، مما سهّل عصر النطاق العريض. وقادت «مختبرات بيل» هذه التحولات الجذرية من خلال اختراع تقنية المدخلات المتعددة والمخرجات المتعددة «إم آي إم أو» (MIMO) التي عززت سعة الشبكة بشكل كبير دون زيادة متطلبات الطاقة أو عرض النطاق الترددي. كما طورت تقنية «المدخلات المتعددة والمخرجات المتعددة الضخمة» (Massive MIMO) التي أصبحت مكوناً أساسياً في شبكات الجيل الخامس «جي 5» (5G). وقد ضخت «مختبرات بيل» دماء جديدة بخطوط الهاتف النحاسية من خلال ابتكارات «غي فاست» (GFast) و«إكس غي فاست» (XGFast) عامي 2013 و2014 على التوالي. الدور المستمر في الابتكار تواصل «مختبرات بيل» في الوقت الحالي البحث في مجالات متطورة، مثل التقنيات الكمومية، واتصالات الفضاء، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الأساسية، والاستشعار. كما تركز الأبحاث الحالية على منتجات الجيل التالي للاتصالات الصوتية والبيانات، إلى جانب استكشاف تقنيات الجيل السادس «جي 6» (6G) والتقنيات والاستخدامات التي تدمج العالمين الرقمي والمادي. وختامًا، فإن «مختبرات بيل» لم تكن مجرد معهد بحثي، بل منظومة إبداعية حولت العلم النظري إلى تقنيات غيرت مسار البشرية، ولا تزال اختراعاتها تشكل عالمنا اليوم، مما يجعلها نموذجًا يحتذى به لأهمية الاستثمار بالبحث العلمي الطويل الأمد. وفي زمن تسوده المنافسة التكنولوجية، تبقى هذه المختبرات تذكيرًا بأن الابتكار يحتاج إلى رؤية مستقبلية، وحرية علمية، ودعم مستمر، وهي الدروس التي يجب أن تستخلصها مراكز الأبحاث الحديثة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store