
52 يوما من التصعيد.. ماذا خسر الحوثيون وواشنطن؟
على مدار 52 يوما، خاضت جماعة الحوثي صراعا مريرا مع التحالف الأمريكي الذي استأنف هجماته على اليمن في 15 مارس/ آذار الماضي، قبل أن يُعلن عن وقف إطلاق النار بين الجانبين بوساطة عمانية.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية العمانية أن اتصالات أجرتها مسقط مع كل من الولايات المتحدة وجماعة الحوثي أسفرت عن "اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين".
وسبق ذلك بساعات إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تصريحات صحفية، أن جماعة الحوثي "أبلغت واشنطن بأنها لن تنفذ أي هجمات إضافية على السفن التجارية، وأن الولايات المتحدة ستوقف بدورها الهجمات على اليمن".
وأكدت جماعة الحوثي الاتفاق، واعتبرته في أكثر من بيان "انتصارا لليمن"، نافية مزاعم أمريكية تحدثت عن طلبها وقف غارات واشنطن أو أنها استسلمت بفعل الضربات الأمريكية.
ولا يشمل هذا الاتفاق إسرائيل التي فوجئت به، فيما توعد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، بشن مزيد من الهجمات على اليمن حتى دون مشاركة "الأصدقاء الأمريكيين"، بينما أكدت جماعة الحوثي، في أكثر من بيان، استمرار عملياتها المساندة لغزة وتوعّدت إسرائيل بالعقاب.
وفي ظل هذه التطورات المفاجئة، يُثار تساؤل حول ما الذي خسره الحوثيون والولايات المتحدة خلال هذه الفترة من الصراع؟
فيما يلي عرض لحصيلة هذا الصراع الدامي الذي شمل غارات أمريكية مكثفة وهجمات حوثية متكررة:
تكبّدت الولايات المتحدة خسائر مادية كبيرة خلال هذه الحملة على الحوثيين، رغم أن مدتها لم تصل إلى شهرين، وفق ما ذكره إعلام أمريكي.
فقد نقلت شبكة "إن بي سي" الإخبارية عن مسؤولين أمريكيين الخميس، أن الحرب على الحوثيين كلّفت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار منذ مارس/ آذار الماضي.
وأفاد المسؤولون بأن الحرب مع الحوثيين كلفت الجيش الأمريكي آلاف القنابل والصواريخ، فضلا عن إسقاط 7 طائرات مسيّرة، وغرق مقاتلتين حربيتين.
واعتبر المسؤولون أن الجهود في عهد ترامب ضد الحوثيين جاءت بتكلفة باهظة واستنزفت المخزونات الأمريكية.
وبخلاف الخسائر العسكرية، تعاني الولايات المتحدة من خسائر اقتصادية أخرى جراء عرقلة الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر، لكن لا تتوفر أرقام بشأن تلك الخسائر خلال الفترة منذ مارس الماضي.
فوفقا لمقال نُشر على الموقع الرسمي للبيت الأبيض بعنوان "الرئيس ترامب يتصدى للإرهاب ويحمي التجارة الدولية"، خلفت أعمال "قطع الطريق" بالبحر الأحمر خسائر مالية كبيرة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنويا قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60 في المئة.
وأجبرت الهجمات "حوالي 75 بالمئة من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على إعادة توجيه مساراتها" حول قارة أفريقيا بدلا من عبور البحر الأحمر.
وأدى ذلك إلى إضافة نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة.
ووفقا لبيان البيت الأبيض، تسببت هذه الهجمات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7 بالمئة عام 2024.
وفيما يتعلق بالخسائر البشرية، تحطمت مقاتلة من طراز F/A-18F Super Hornet في البحر الأحمر، في 6 مايو/أيار الجاري بعد فشل نظام التوقيف أثناء محاولة هبوط على متن الحاملة.
تمكن الطياران من القفز بالمظلات وتم إنقاذهما، لكنهما أصيبا بجروح طفيفة.
وقبل ذلك في 28 أبريل/نيسان الماضي، سقطت مقاتلة أخرى من طراز F/A-18E في البحر أثناء مناورات لتجنب نيران محتملة من الحوثيين. وجراء ذلك، أُصيب أحد أفراد الطاقم بجروح طفيفة.
من جانبها، قالت جماعة الحوثي في تقرير مساء الخميس إن قواتها "كبدت العدو الأمريكي خسائر فادحة منذ منتصف مارس، تمثلت في إسقاط 8 طائرات من طراز MQ-9 (مسيرات كبيرة الحجم)، وطائرة استطلاع من نوع F360، بالإضافة إلى اعتراض طائرات شبح لأول مرة، ومقاتلات F-18، ما أجبرها على الانسحاب من الأجواء".
وأفادت بــ"تعرض حاملة الطائرات ترومان لـ24 عملية معلنة أجبرتها على الهروب إلى أقصى (شمال) البحر الأحمر، وإسنادها بحاملة الطائرات فيسنون".
وقالت: "تظل ترومان رمزا للفشل الأمريكي رغم التكتم الكبير الذي يحيط بملف الخسائر، حيث أُعلن خلال أسبوع واحد فقط عن سقوط طائرتين من نوع F18".
وذكرت أن "تكلفة الحرب العدوانية (للولايات المتحدة) تجاوزت 3 مليارات دولار (إذا تم حساب التكلفة الناجمة عن عرقلة الملاحة في البحر الأحمر)، بخلاف الخسائر المباشرة التي تجاوزت المليار دولار".
** خسائر الحوثيين
تكبدت جماعة الحوثي خسائر مادية كبيرة جراء الهجمات الأمريكية والإسرائيلية، دون وجود إحصائية إجمالية، باستثناء الخسائر الناجمة عن تدمير مطار صنعاء الدولي بغارات إسرائيلية الثلاثاء الماضي.
فقد أفاد مدير مطار صنعاء خالد الشايف، في تصريحات نقلتها قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، أن خسائر الهجوم الإسرائيلي على المطار تُقدّر بنحو 500 مليون دولار.
وأوضح أن إسرائيل "دمّرت صالات مطار صنعاء بكل ما تحويه من أجهزة ومعدات، بجانب تدمير مبنى التموين بالكامل، و6 طائرات، 3 منها تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية".
كما تسبب غارات إسرائيلية على ميناء الحديدة الإستراتيجي (غرب) مساء الاثنين في وقف العمل به، قبل أن تعلن للجماعة استئناف الملاحة عبره الخميس.
وفي 17 أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت جماعة الحوثي سقوط 80 قتيلا و150 جريحا جراء غارات أمريكية استهدفت منشآت تخزين وضخ الوقود بميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، ما أدى إلى تدميرها وخلق أزمة وقود في مناطق سيطرة الجماعة استمرت لأيام.
كذلك، تم تدمير مصنع إسمنت باجل في الحديدة ومصنع إسمنت عمران (شمال) بغارات إسرائيلية، دون تحديد كلفة الخسائر.
وعلى مستوى الخسائر العسكرية، ادعت الجماعة مرارا أن الغارات لم تؤثر على قدراتها العسكرية، رغم إعلانها المتكرر تشييع عناصر تابعين لها، بينهم ضباط، دون الكشف عن إجمالي القتلى.
وفيما يتعلق بالضحايا المدنيين، تم رصد مقتل نحو 280 مدنيا في عدة محافظات يمنية، فضلا عن إصابة المئات، بغارات أمريكية أو إسرائيلية، وفق رصد مراسل الأناضول استنادا إلى بيانات حوثية.
من جانبها، ادعت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، في 25 أبريل/ نيسان، أن ضرباتها "قتلت مئات من مقاتلي الحوثي وعددا من قادتهم".
وأضافت، في بيان أن عدد قتلى الحوثيين تجاوز 650.
وأشارت إلى أن "إطلاق الجماعة لصواريخ باليستية انخفض بنسبة 87 بالمئة، بينما انخفضت الهجمات بالطائرات المسيّرة ذات الاتجاه الواحد بنسبة 65 بالمئة منذ بدء العمليات".
أعلن زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، مساء الخميس، في كلمة مصورة، أن إجمالي عمليات الجماعة المساندة لغزة خلال هذه الفترة بلغ أكثر من 131 عملية.
وأضاف أن هذه العمليات "تم تنفيذها باستخدام 253 صاروخا باليستيا ومجنحا وفرط صوتي وطائرات مسيّرة"، معتبرا أن هذا العدد الكبير من الهجمات تم رغم "العدوان الأمريكي المكثف على اليمن".
كما أعلن الحوثي أن "عمليات القصف الجوي والبحري الأمريكي على اليمن منذ 15 مارس بلغت أكثر من 1712 غارة وضربة بحرية".
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في 29 أبريل/ نيسان، "تنفيذ 1000 ضربة منذ منتصف مارس قتلت مقاتلين وقادة حوثيين وأضعفت قدراتهم".
واستأنفت جماعة الحوثي في منتصف مارس استهداف مواقع داخل إسرائيل وسفن متجهة إليها عبر البحر الأحمر، ردا على استئناف تل أبيب حربها على غزة.
وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
فرض قيود على الصحفيين في «البنتاغون»
كما طلب البنتاغون من مؤسسات إعلامية قديمة، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست و(سي.إن.إن) و(إن.بي.سي نيوز)، إخلاء مكاتبها في البنتاغون في نظام تناوب جديد جلب مؤسسات أخرى، منها وسائل إعلام صديقة بوجه عام لإدارة ترمب مثل نيويورك بوست وبرايتبارت وديلي كولر وشبكة وان أمريكا نيوز. وتقول إدارة ترمب إن الهدف من تلك الخطوة هو إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام الأخرى لإعداد تقاريرها بينما تحظى بصفة أعضاء مقيمين في السلك الصحفي. وأوردت رويترز الجمعة أيضا أن إدارة ترمب نشرت أجهزة كشف الكذب للتحقيق في تسريب المعلومات غير المصنفة على أنها سرية، وتم إبلاغ بعض مسؤولي وزارة الأمن الداخلي بأنهم معرضون للفصل من العمل لرفضهم الخضوع لاختبارات كشف الكذب. ويقول البيت الأبيض إن ترمب لن يتهاون مع تسريب المعلومات لوسائل الإعلام وإن الموظفين الاتحاديين الذين يفعلون ذلك يجب أن يخضعوا للمساءلة. وجاء في المذكرة التي أصدرها هيغسيث الجمعة أنه يتعين على السلك الصحفي في البنتاغون الإقرار بمسؤوليته عن حماية معلومات المخابرات الوطنية والمعلومات الحساسة ومنحهم تصاريح جديدة تبرز هويتهم الصحفية بشكل أوضح. وذكرت المذكرة "نتوقع أيضا إعلانا قريبا عن تدابير أمنية إضافية وتشديد الرقابة على إصدار التصاريح". من جانب آخر، ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز الأحد أن مسؤولين من جمهورية الكونغو الديمقراطية متفائلون بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن الشهر المقبل لتأمين استثمارات أميركية في المعادن الحيوية، فضلا عن دعم الولايات المتحدة لجهود إنهاء التمرد المدعوم من رواندا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن معادن في الكونغو يمكن تصديرها بشكل مشروع إلى رواندا لمعالجتها بموجب شروط اتفاق سلام يجري التفاوض عليه مع الولايات المتحدة. وتتهم كينشاسا منذ فترة طويلة رواندا المجاورة باستغلال تلك المعادن بشكل غير قانوني. ونقلت الصحيفة عن مصدرين مقربين من المفاوضات قولهما إن إبرام اتفاق استثمار مع الولايات المتحدة واتفاق سلام منفصل مع رواندا ممكن "بحلول نهاية يونيو"، لكن العقبات المحتملة لا تزال كبيرة. ونقلت الصحيفة أيضا عن وزير المناجم في الكونغو كيزيتو باكابومبا القول إن إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة سيساعد على "تنويع شراكاتنا"، مما يقلل من اعتماد البلاد على الصين فيما يتعلق باستغلال الثروات المعدنية الهائلة. وترى كينشاسا أن نهب ثرواتها المعدنية محرك رئيسي للصراع بين قواتها ومتمردي حركة 23 مارس المدعومة من رواندا في شرق الكونغو الذي اشتد منذ يناير الماضي، وتتهم كيجالي بتهريب معادن بعشرات الملايين من الدولارات عبر الحدود شهريا لبيعها من رواندا. ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية بعد على طلب من رويترز للتعليق.


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
وحده ترمب قادر على لجم إسرائيل
انهالت الإدانات الغاضبة سريعاً بسبب سلوك إسرائيل في الحرب على غزة. شهد النصف الثاني من عام 2024 موجة انتقادات، غلبت عليها اللهجة اللاذعة من الاتحاد الأوروبي وإدارة بايدن على خلفية الدمار غير الضروري الذي ألحقته إسرائيل بالقطاع، واستخدامها المفرط للذخائر ضد غير المقاتلين، وتجويعها للسكان، ومنعها المساعدات الإنسانية، ورفضها المشاركة في وضع إطار سياسي لحقبة ما بعد الحرب في غزة، وتلكؤها في إنهاء الحرب حتى، واتهامها بارتكاب أفعال ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. لكن هذا الأسبوع، ارتفع سقف الانتقادات وتصاعدت حدة التنديد. أين نبدأ؟ من البيان البريطاني – الكندي - الفرنسي المشترك في شأن إسرائيل، وتعليق بريطانيا المحادثات التجارية، واتخاذ الاتحاد الأوروبي قراراً بمراجعة الاتفاقات المشتركة. وصولاً إلى التوبيخ النادر إنما الشديد من وزير الخارجية البريطاني في مجلس العموم، وعودة الحديث عن اعتزام بعض الدول الأوروبية بالاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطينية. والأقسى من كل هذا ربما في عيون إسرائيل، تلك التسريبات من البيت الأبيض التي تعكس إنهاك الرئيس دونالد ترمب، واستيائه من تصرفات بنيامين نتنياهو. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) والامتعاض السائد داخل الحكومة الإسرائيلية هو أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا دانت إسرائيل ليس فقط لأنها - طبعاً - منافقة وجبانة، بل أيضاً لأن دونالد ترمب همش إسرائيل خلال جولته في الشرق الأوسط، مفضلاً زيارة السعودية والإمارات وقطر. وبالتالي، وجد هؤلاء الأوروبيون المعادون لإسرائيل أمامهم فرصة سانحة. لكن ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة، صحيح أن ترمب همش إسرائيل وأثار الشكوك حول قيمتها كحليف. وفعل ذلك حين دخل في محادثات مباشرة مع إيران حول صفقة نووية، وعلق العمليات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن من دون أن يأتي على ذكر إسرائيل، وسافر إلى السعودية والإمارات وقطر في جولة حصاد اقتصادي تفادى خلالها زيارة إسرائيل بكل وضوح، لكنه لم يقلل من شأن إسرائيل، بل نتنياهو من فعل ذلك بعد سنوات من التحدي والغرور والسياسات المتهورة. ترافق البيان البريطاني – الكندي - الفرنسي المشترك الصادر يوم الإثنين الماضي ضد سلوك إسرائيل مع تهديد مبطن، "لن نقف كالمتفرجين فيما تستمر حكومة نتنياهو بهذه التصرفات السافرة. وإن لم توقف إسرائيل هجومها العسكري المتجدد وترفع القيود عن المساعدات الإنسانية، سنرد على ذلك باتخاذ خطوات ملموسة أخرى". إن بريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي ليست ضد إسرائيل لكن ضد نتنياهو وحكومته، ولم يأخذوا إشارة للتحرك من واشنطن. اعترضت وزارة الخارجية الإسرائيلية بصورة درامية قائلة "انتهى الانتداب البريطاني منذ 77 عاماً"، لكن ذلك محض هراء، والشيء الوحيد الصحيح فيه هو التاريخ: لم يكن لإسرائيل صديق أفضل في أوروبا من بريطانيا منذ كارثة السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، والحرب التي تلتها في غزة. ولم يلطف أي من كير ستارمر أو ديفيد لامي، وهما حليفان طويلا الأمد لإسرائيل، كلامهما تعقيباً على ذلك، فقال ستارمر: "وصلت المعاناة في غزة إلى مستوى لا يطاق". أما لامي فكان أكثر صرامة، إذ استشهد بدعمه الصادق ل إسرائيل منذ بداية الحرب عام 2023، قبل أن يقول "علينا أن نسمي الأشياء [التطهير العرقي] بأسمائها. هذا تطرف. وهو بغيض. ووحشي". ثم علقت بريطانيا المحادثات التجارية مع إسرائيل، وفرضت بعض العقوبات، يجب القول من باب الإنصاف إنها كانت خفيفة، على عدد من المستوطنين وبعض المنظمات الاستيطانية المتشددة في الضفة الغربية. ومن خلال مبادرة هولندية، أعلن الاتحاد الأوروبي نيته "مراجعة" اتفاق الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل، وهو الاتفاق الساري منذ عام 1995. ولعل الساسة الفاسدين الذين يتصدرون الحكومة الإسرائيلية نسوا أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، إذ يمثل 34 في المئة من وارداتها، ونحو 30 في المئة من صادراتها. وبرر الاتحاد الأوروبي هذه الخطوة بالاشتباه في أن إسرائيل قد لا تلتزم بحسن نية بالمادة الثانية من الاتفاق، التي تنص على أن "العلاقات بين الطرفين، وكذلك جميع أحكام الاتفاق، يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، وهو ما يعد بنداً جوهرياً في الاتفاق". فهل يكون هذا هو التسونامي الدبلوماسي الذي حذر منه كثيرون طوال سنوات، الذي يعمق عزلة إسرائيل وتهميشها، وبدرجة أكبر منذ أن أطلق نتنياهو انقلابه الدستوري في مطلع عام 2023؟ تظل الولايات المتحدة الطرف الحاسم في هذه المعادلة، وكما شددت افتتاحية "اندبندنت"، فإن الضغط الأميركي هو السبب الوحيد الذي دفع إسرائيل إلى السماح، ولو بحد أدنى، بدخول المساعدات إلى غزة. ومع ذلك فإن التوسع البري الإسرائيلي الجديد يثير تساؤلات حول ما ناقشه نتنياهو مع ترمب، وما الذي تعهد ترمب بتنفيذه – أو الامتناع عنه - رداً على ذلك. يمكن لترمب، الذي رجته السعودية أن ينهي الحرب، أن يمارس ضغطاً حقيقياً على إسرائيل، ولن يواجه معارضة شديدة في واشنطن إن فعل ذلك. كما يمكنه، في المقابل، أن يظل بعيداً ويقول "اتصلوا بي حين تصبحون جديين، أسحب يدي من الموضوع". وأي من الخيارين قد يثير انتقادات أوروبية جديدة، وربما حتى اتخاذ خطوات ملموسة ضد إسرائيل. عندما تتجاهل أفكار حلفائك واقتراحاتهم في السياسة وتزدريها وتتحداها منذ عام 1967، وتغذي في المقابل حساً كاذباً بعقلية الضحية، وبأن "العالم ضدنا" في سبيل جني مكاسب سياسية، قد يأتيك بالفعل يوم حساب. ومن أجل تفادي ذلك، تحتاج إسرائيل إلى تخليص نفسها من هذه الحكومة. ألون بينكاس هو قنصل عام إسرائيلي سابق لدى الولايات المتحدة، وكان مستشاراً سياسياً لرئيسي وزراء سابقين هما شمعون بيريز وإيهود باراك.


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
ماكرون يتطلع لاتفاقات في الدفاع والطاقة والتكنولوجيا مع آسيا
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الأحد خلال وصوله إلى فيتنام في مستهل جولة آسيوية تستغرق نحو أسبوع، إنه يتطلع إلى إبرام اتفاقات في مجالات مثل الدفاع والطاقة والابتكار التكنولوجي. ووصل ماكرون إلى هانوي اليوم الأحد في أول زيارة لرئيس فرنسي إلى فيتنام منذ ما يقارب 10 أعوام، وسيتوجه بعد ذلك إلى إندونيسيا قبل أن يواصل رحلته إلى سنغافورة حيث يلقي كلمة أمام حوار "شانجري-لا" السنوي الذي يعد أكبر مؤتمر دفاعي في آسيا. وتأتي زيارة ماكرون في وقت تسعى فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى تعزيز علاقاتهما التجارية في آسيا لتبديد حال عدم اليقين التي تمخضت عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وكتب عبر منصة "إكس"، "أتيت إلى هنا لتعزيز علاقاتنا في مجالات الدفاع والابتكار والتحول في مجال الطاقة والتبادل الثقافي"، مضيفاً أن "فرنسا شريك موثوق يؤمن بالحوار والتعاون". وسيمثل ماكرون فرنسا وأوروبا كداعمين للتعاون الدولي والتجارة القائمة على القواعد في وقت تلجأ قوى عالمية أخرى مثل الصين والولايات المتحدة في عهد ترمب إلى أساليب قسرية أو استغلالية، ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الفيتنامي لونغ كوونغ والأمين العام للحزب الشيوعي تو لام الرئيس الفرنسي رفقة زوجته بريجيت ماكرون غداً الإثنين في المحطة الأولى ضمن ثلاث زيارات دولة يجريها خلال أقل من أسبوع، كما سيلتقي ماكرون الثلاثاء فاعلين في قطاع الطاقة، الموضوع الرئيس لزيارته، وسيجري حواراً مع طلاب فيتناميين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبعدما زار الهند والصين مرات عدة، وأيضاً بلداناً في المحيط الهادئ مثل فانواتو وبابوا غينيا الجديدة وأخيراً المحيط الهندي، يعتزم الرئيس الفرنسي أن يروج خلال الجولة الجديدة لـ "إستراتيجيته في منطقة المحيطين الهندي والهادي" التي أعلنها عام 2018، وتتضمن اقتراح مسار ثالث على دول المنطقة الواقعة بين فكي المواجهة، الولايات المتحدة والصين، وقد أصبحت أكثر أهمية الآن بحسب باريس، منذ عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض وتهديداته التجارية. وفي فيتنام التي يزورها للمرة الأولى فقد تجد هذه الإستراتيجية صدى، فالدولة الآسيوية حريصة على إيجاد التوازن في علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة من أجل رعاية مصالحها التجارية قدر المستطاع، وبما يتماشى مع سياستها المسماة "دبلوماسية الخيزران". ويأمل الإليزيه في "تعزيز التعاون في القطاعات الإستراتيجية مثل الطاقة والنقل والدفاع"، ويرافق الرئيس في كل أو جزء من جولته عدد من قادة الأعمال الفرنسيين ومن بينهم ممثلون عن شركات "إي دي إف" و"داسو للطيران" و"إيرباص" و"نافال غروب" و"سي أم إيه-جي سي إم". ولأن الروابط الاستعمارية القديمة تجعل العلاقة الفرنسية - الفيتنامية معقدة، فسيقوم ماكرون صباح الإثنين بتكريم ذكرى جنود حرب الهند الصينية الذين قاتلوا من أجل الاستقلال.