logo
من "طظ في مصر" إلى "القطيع": خطاب الإخوان المهين للشعوب.. والمهووس بالسلطة

من "طظ في مصر" إلى "القطيع": خطاب الإخوان المهين للشعوب.. والمهووس بالسلطة

البوابة٣٠-٠٦-٢٠٢٥
نشرت جماعة الإخوان المسلمين عبر قنواتها على تطبيق تيليجرام الأحد 29 يونيو 2025، ما يشبه البيان أو التعليق السياسي، جاء بلهجة هجومية جارحة تجاه الشعوب العربية. البيان لم يحمل سوى نبرة لوم واتهام، وكأن الجماعة تنأى بنفسها عن الواقع وتلقي بكامل المسؤولية على الشعوب التي لم تعد تعبأ بخطابها ولا تستجيب لنداءاتها. ففي وقتٍ يُفترض فيه أن تكون الجماهير حليفًا وشريكًا في الوعي والتغيير، اختارت الجماعة أن تستخدم لغة تُقابل بالازدراء والنفور، مما يعكس انقطاعًا واضحًا عن المزاج العام وسوء تقدير لطبيعة التحولات التي مرّت بها المجتمعات العربية.
هذا الخطاب لا يُعد جديدًا، بل يأتي امتدادًا لسلسلة طويلة من مواقف متكررة عُرفت بها الجماعة، إذ كثيرًا ما لجأت إلى إهانة الجماهير كلما شعرت بأنها خذلت مشروعها في العودة إلى السلطة. فقد سبق لمرشد الجماعة الأسبق أن تلفّظ بعبارات مثل "طظ في مصر"، في إشارة واضحة إلى استخفافه بالشعب والدولة معًا، كما كرر قياديون منهم، بمن فيهم حسن البنا وسيد قطب، مواقف تنزع عن الأوطان أي قيمة مستقلة، وتعتبرها مجرد وسائل لا تساوي شيئًا ما لم تكن خاضعة لحكم الجماعة أو تعمل لصالح مشروعها.
البيان الأخير استخدم عبارات متعالية، واصفًا الشعوب بـ"القطعان التي تأكل وتنام ولا تحتج إلا بإيعاز"، كما حمّلها المسؤولية الكاملة عن استمرار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وسكوت الأنظمة عن سياسات "الصهاينة"، متجاهلًا تمامًا تعقيدات الواقع السياسي، وتوازنات القوة،. يظهر من هذا الخطاب أن الإخوان لا يرون في الشعوب شركاء حقيقيين، بل أدوات عليهم أن يتحركوا بأمر التنظيم، وفي حال لم يفعلوا، يتحوّلون في نظرهم إلى جُناة ومتواطئين. هذه النظرة التسلطية تكشف عن جوهر العلاقة التي تسعى الجماعة لفرضها: علاقة طاعة لا مشاركة، ووصاية لا شراكة.
جلد الشعوب بدلًا من نقد الذات
يبدو أن بيان جماعة الإخوان الأخير لم يكن سوى محاولة جديدة للهروب من نقد الذات، عبر توجيه اللوم الكامل للشعوب العربية. فبدلًا من أن تمارس الجماعة أي قدر من المراجعة لمسارها أو خطابها أو تحالفاتها، اختارت مجددًا سلوك الطريق الأسهل: جلد الجماهير. البيان جاء محمّلًا بكم هائل من التلميحات المهينة والاتهامات المغلّفة بالدين، وكأنه لا سبيل لفهم الواقع سوى من خلال تخوين الناس وتكفير نواياهم. فقد تحوّلت خيبة الجماعة في الشارع العربي إلى غضب أعمى يُصبّ على الشعوب بدلًا من مساءلة النفس.
من أبرز مظاهر هذا الخطاب، استدعاء الجماعة لآيات قرآنية في غير موضعها، كما في ختام البيان الذي تضمن الآية: "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قومًا فاسقين". هذه الآية، التي تتحدث عن فرعون واستخفافه بقومه، استُخدمت هنا في غير سياقها لتُسقِط صفة "الفسق" على الشعوب العربية، بحجة أنها لم تتحرك وفق ما تريده الجماعة: لم تخرج إلى الحدود، لم تتظاهر أمام السفارات، ولم تفتح المعابر بالقوة. هذا التوظيف التعسّفي للنصوص الدينية ليس جديدًا في أدبيات الجماعة، لكنه يعكس بوضوح مدى تعاليها الأخلاقي ورفضها للاعتراف بأن للناس أولويات ومخاوف تختلف عن شعاراتها الثورية.
اللافت أن البيان لم يتضمّن أي إشارة إلى مسؤولية التنظيم عن ما آلت إليه الأوضاع، سواء على مستوى خطابه أو خياراته أو إخفاقاته السياسية والاجتماعية. وكأن الجماعة لا تعيش في العالم نفسه، ولا علاقة لها بفقدان الناس للثقة في مشروعها. هكذا تتحوّل الجماهير في خطاب الإخوان من ضحايا الاستبداد والقمع إلى متهمين بالفساد والفسق، في ظل تجاهل تام لحجم المعاناة التي يعيشها المواطن العربي. إن هذا النوع من الخطابات لا يعبّر عن حزن صادق على الواقع، بقدر ما يفضح عقلية الوصاية والتبرؤ من الفشل، التي لطالما اتسم بها نهج الجماعة في كل لحظة خسارة.
ازدراء الشعوب.. نهج متجذر
لم يكن ازدراء جماعة الإخوان المسلمين للشعوب والأوطان مجرد انفعال عابر أو خطاب ظرفي نتج عن الهزيمة أو الإقصاء، بل هو جزء متجذّر في بنيتها الفكرية منذ لحظة التأسيس. هذا الازدراء لم يتوقف عند مستوى التلميحات، بل صيغ بوضوح في أدبيات قادتها ومقولاتهم الشهيرة، التي ترسّخت في وجدان التنظيم كمسلمات فكرية لا تقبل النقاش. ففكرة الوطن، التي تعد حجر الزاوية في تشكيل الهوية والانتماء، كانت دومًا في أدبيات الإخوان قيمة هامشية لا تستحق الدفاع عنها إلا إذا خضعت بالكامل لمشروع الجماعة.
من أبرز ما يوضح هذا التوجّه، ما كتبه مؤسس الجماعة حسن البنا، حين قال بوضوح: "الوطن حفنة من تراب عفن"، وهي عبارة بالغة الدلالة، لأنها تختزل رؤية الجماعة للأوطان باعتبارها بلا معنى إن لم تكن في خدمة ما يسمونه بـ"الدعوة" أو "المشروع الإسلامي"، وهو الاسم الحركي للسلطة الدينية والتنظيمية التي يسعون لفرضها. هذه العبارة نفسها أعاد تكرارها سيد قطب، مُبرزًا مدى تجذّر هذه النظرة داخل المدرسة الفكرية للإخوان، حيث يُنظر للوطن كمجرد وسيلة لا غاية، وساحة للصراع لا مجالًا للمواطنة والانتماء.
هذا الموقف لم يتغير مع تطورات الزمن أو تغير القيادة داخل الجماعة، بل بقي ثابتًا يتكرّر كلما سنحت الفرصة. فقد سجّل المرشد العام السابق، محمد مهدي عاكف، موقفًا صادمًا حين قال: "طظ في مصر وأبو مصر، أنا أنتمي إلى المشروع الإسلامي لا إلى الوطن!"، في تعبير صارخ عن عقيدة الإخوان العابرة للحدود والتي تُقدّم الولاء للتنظيم على حساب الدولة والشعب. هذه التصريحات لم تكن زلات لسان كما يحاول البعض تبريرها، بل هي تعبير واضح عن عقل جمعي يرى في الوطن مجرد محطة للتمكين، فإن لم تخدم السلطة الدينية للإخوان، فلا قيمة له ولا ولاء له.
هل الجماهير هي المسؤولة حقًا؟
يتغاضى بيان جماعة الإخوان عن الظروف المعقدة التي تعيشها الشعوب العربية، متجاهلًا أن الواقع لا يسمح دائمًا بالتحرك الجماهيري أو الاحتجاج العلني. فليس من المنطقي اختزال غياب الحراك الشعبي في ضعف الوعي أو تقصير الشعوب، دون فهم حقيقي للضغوط السياسية والاجتماعية التي تجعل كثيرين يفضّلون السلامة والاستقرار على المغامرة بمصيرهم الشخصي أو مستقبل أسرهم. تحميل الجماهير كامل المسؤولية فيه قدر كبير من التجنّي، ويتجاهل حقيقة أن المجتمعات ليست دائمًا قادرة على التغيير من خارج المؤسسات، أو دون وجود بيئة آمنة ومُهيأة لذلك.
إضافة إلى ذلك، فإن موقف الجماعة يبدو بعيدًا عن أي مراجعة ذاتية، وكأنها لا تتحمل أي قدر من المسؤولية عمّا آلت إليه الأمور. فحين سنحت لها فرصة الحكم، سواء في مصر أو غيرها، لم تلتزم بما ترفعه اليوم من شعارات، ولم تقدم نموذجًا يرسخ الثقة في خطابها. بل بدا أن أولوياتها في تلك المرحلة كانت تتركّز على تثبيت وجودها السياسي وبناء نفوذها داخل مؤسسات الدولة، دون أن تعطي اهتمامًا كافيًا للقضايا الكبرى التي تعود اليوم لتضعها في مقدمة خطابها.
هذا التناقض بين ما ترفعه الجماعة من مواقف اليوم، وما قدّمته في تجربتها العملية، يضعف قدرتها على إقناع الجمهور، ويجعل خطابها أقرب إلى تسجيل المواقف منه إلى دعوة صادقة للمراجعة أو الإصلاح. إن تقييم واقع الشعوب يجب أن يكون نابعًا من تفهّم عميق لظروفها وتعقيداتها، لا من موقع الوصاية أو الإدانة، خصوصًا عندما تصدر من جهة لم تثبت في تجربتها السابقة أنها كانت البديل الأفضل.
أين المشروع؟ أين البديل؟
تكمن خطورة خطاب جماعة الإخوان في أنه لا يكتفي بلغة الاتهام واللوم، بل يكشف أيضًا عن فراغ فكري واضح. فالبيان الأخير لا يتضمن أي ملامح لمشروع بديل أو خطة عملية للخروج من الأزمات التي يشكو منها، ولا يطرح سبيلًا لبناء وعي جماهيري أو تفعيل أدوات سلمية للتعبير والتغيير. يغيب عنه أي دعوة حقيقية للتنظيم المجتمعي أو التثقيف أو العمل التراكمي، وكأن الغاية الوحيدة منه هي تسجيل موقف غاضب دون أي أثر يُذكر على الأرض.
هذا الغياب للمضمون يعكس حالة من الانفصال عن الواقع، حيث يبدو البيان وكأنه صدى لأزمة داخلية يعانيها التنظيم أكثر مما هو تعبير عن قراءة ناضجة للمرحلة. فبدلًا من أن يقدم رؤية تتجاوز التذمر وتفتح أفقًا للأمل أو التغيير، يكتفي بإلقاء التهم وتحميل الشعوب كامل العبء، دون أن يراجع أدواته أو يسائل ذاته. إنه خطاب لا يسعى إلى إقناع أو بناء، بل يصرخ في فراغ، عاجزًا عن التفاعل مع التحولات التي طرأت على المجتمعات العربية.
بهذا الشكل، يتحول البيان إلى مرآة مكسورة لا تعكس الحقيقة بل تشوّهها، فيزيد من حالة الإحباط والانقسام بدلًا من أن يساهم في تجاوزها. وبدل أن يكون عنصر إلهام أو تحفيز، يصبح عبئًا على الوعي العام، يعمّق الشعور بالعجز، ويُكرّس فقدان الثقة في قدرة الجماعة على تقديم أي أفق مختلف أو مسؤول.
خلاصة
الجماعة التي أسّست خطابها على نفي الوطنية، ووثّقت تاريخها بإهانة الشعوب، لم تتغيّر اليوم. لا تزال ترى الناس مجرد "أتباع"، والوطن مجرد محطة، والحكم غاية تتجاوز كل الاعتبارات. ومن ثمّ، فخطابها ليس فقط عديم الفعالية، بل عديم الأخلاق.
إن الشعوب لا تُستنهَض بالتحقير، بل بالاحترام والتنوير والتشاركية. أما من ينظر إلى الناس كقطيع، فلا يحق له أن يطلب منهم السير خلفه، بل أن يتساءل: لماذا لم يعد أحد يصدّقه؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فرنسا في مواجهة اختراق الإخوان.. من الرقابة إلى خنق التمويل
فرنسا في مواجهة اختراق الإخوان.. من الرقابة إلى خنق التمويل

العين الإخبارية

timeمنذ 6 أيام

  • العين الإخبارية

فرنسا في مواجهة اختراق الإخوان.. من الرقابة إلى خنق التمويل

تم تحديثه الأربعاء 2025/7/16 03:36 م بتوقيت أبوظبي مع تصاعد القلق الرسمي من الاختراق الإخواني، تتحرك الحكومة الفرنسية نحو تشريع يضيق الخناق على الجماعة في مجالات التمويل. فقد أصبح تنظيم الإخوان في صلب النقاش حول الإسلام السياسي في فرنسا، لا سيما في وسائل الإعلام التي تضغط باتجاه اتخاذ خطوات عاجلة في هذا الملف، خاصة فيما يتعلق بوقف مصادر الدعم المالي. ورغم استمرار الجدل حول حجم وجود الجماعة في المشهد الديني الفرنسي، فإن القلق يتزايد من قدرتها على التمدد "الناعم" داخل المؤسسات، ما دفع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تبني استراتيجية أكثر صرامة تقوم على خنق التمويل وفرض رقابة قانونية واسعة. الإخوان.. تهديد يصعب تحديده ووفقا لما طالعته "العين الإخبارية" في مجلة Le Pèlerin، الفرنسية، بات اسم "الإخوان المسلمين" حاضرا بقوة في المشهد الإعلامي خلال الأسابيع الماضية، وغالبا ما يتم تقديمه كتنظيم يسعى إلى "أسلمة" المجتمع الفرنسي. وقد تناول تقرير رسمي صادر عن وزارة الداخلية هذا الخطر، حيث تم تقديمه لمجلس الدفاع في 21 مايو/أيار الماضي. وبعد مرور أربع سنوات على إقرار قانون "مكافحة الانفصالية"، يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الذهاب لأبعد من ذلك، عبر تسهيل تجميد الأصول وفرض عقوبات على الجمعيات المصنّفة إخوانية في فرنسا أو ذات طابع مجتمعي مغلق، وعلى رأسها جماعة الإخوان. ومن المنتظر تقديم مشروع القانون قبل نهاية الصيف. تاريخ الحضور الإخواني في فرنسا وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن نشأة الإخوان في مصر خلال عشرينيات القرن الماضي، على يد حسن البنا، وانتشار فكر الجماعة منذ ذلك الحين في عدد من الدول الإسلامية. أما في أوروبا، فقد بدأت جذور التنظيم بالظهور منذ ستينيات القرن الماضي، واندمجت لاحقا في فرنسا تحت مظلة "اتحاد المنظمات الإسلامية"، الذي تحول اسمه إلى "مسلمو فرنسا" عام 2017. وبحلول عام 2025، ارتبط "مسلمو فرنسا" بنحو 139 مكانا للعبادة، أي ما يعادل 7% من المساجد وقاعات الصلاة في البلاد. وعلى الرغم من أن عدد المنتسبين إلى التيار الإخواني في فرنسا لا يتجاوز ما بين 400 وألف عضو، فإن عددا من المراقبين يحذرون من تمدد نفوذ ناعم وخفي للجماعة داخل المؤسسات، بحسب المجلة الفرنسية. تحذيرات من التأثير الخفي وتحذر عالمة الأنثروبولوجية الفرنسية فلورانس بيرجو-بلاكلير، التي تعرضت لتهديدات بالقتل عقب صدور كتابها "الإخوان وشبكاتهم"، من أن تأثير هذا التيار لا يقتصر على الدين، بل يمتد إلى الجامعات والرياضة والمستشفيات والسجون، بل وحتى إلى القضاء ويشير تقرير وزارة الداخلية إلى أن جماعة الإخوان تركز نشاطها في المجال الثقافي والتربوي والجمعوي، بهدف نشر أيديولوجيتها التي تعلي الشريعة على قوانين الجمهورية، وتكرّس التمييز ضد المرأة. ويحذر بعض المسؤولين المحليين من تنامي نفوذ هذا التيار على المستوى البلدي. فقد صرّح ألكسندر بروجيير، محافظ إقليم "هوت دو سين"، أن "ثلث دور العبادة في الإقليم تقع تحت تأثير تيارات الإسلام السياسي – من بينها الإخوان – أو مستهدفة لاختراقها"، مشيرًا إلى إغلاقه مؤخرًا لمعهد لغات عُلّقت فيه صور لأشخاص بلا وجوه. من جهة أخرى، يرى بعض الباحثين أن التيار يمر بمرحلة ضعف وتراجع، خصوصا بعد توقف مؤتمراته السنوية الكبرى في منطقة لو بورجيه، والتي كانت تستقطب عشرات الآلاف قبل جائحة كورونا. وهو ما تحدث عنه عالم الاجتماع فانسون جيسير. ويشير جيسير إلى أن المسلمين المعتدلين في فرنسا سبق أن لعبوا دورا في مواجهة التطرف، لكن الانتقال من هذا الاعتدال إلى التمثيل المؤسسي للإسلام السياسي خلق ردة فعل عكسية. ماكرون يضرب محفظة الإخوان وبعد ستة أسابيع من صدور تقرير رسمي عن جماعة الإخوان المسلمين، أعلن الرئيس الفرنسي عن مجموعة من الإجراءات العملية لمواجهة خطر الاختراق. ويركز الإجراء الأول الذي اتخذه ماكرون على مواجهة تمويل التنظيم، فيما يهدف الثاني إلى تعديل الإطار القانوني لضمان رقابة أكبر على مصادر الدعم. وقد نشرت مجلة Franc-Tireur الفرنسية تحقيقا بعنوان: "الإخوان المسلمون: ماكرون يضرب المحفظة". واعتبرت أن الرئيس الفرنسي يسعى إلى تسليح الدولة قانونيا بهدف منع تسلل التنظيم في المجتمع الفرنسي، خاصة من خلال بوابة التمويل والجمعيات. aXA6IDQ1LjI0OS4xMDUuMTE3IA== جزيرة ام اند امز SG

في ذكرى ثورة 30 يونيو.. أعمال درامية وثقت واقع جماعات الظلام
في ذكرى ثورة 30 يونيو.. أعمال درامية وثقت واقع جماعات الظلام

البوابة

time٣٠-٠٦-٢٠٢٥

  • البوابة

في ذكرى ثورة 30 يونيو.. أعمال درامية وثقت واقع جماعات الظلام

في ذكرى ثورة 30 يونيو، قدمت الدراما العديد من الاعمال التي واجهت ظلام الارهاب، ووقفت كمنصات تنوير للعقول ضد الأفكار المسمومة التي اتشرها جماعات الظلام.. مسلسل الجماعة "مراحل نشأة جماعة الإخوان " قدم الكاتب وحيد حامد مسلسل الجماعة على جزءين، وفي كل منهما رصد مراحل جماعة الإخوان بكل تفاصيلها، فالجزء الأول بدأ مع البداية المنطقية لمرحلة ميلاد الفكرة على يد حسن البنا، وكيف طاف المحافظات والمدن والقرى، حتى يجند أتباعه، وكيف كانت بدايات النشأة الخاصة بالجماعة تؤسس على مرجعية وأهداف دعوية دينية. وتناول الكاتب وحيد حامد مرجعية الجماعة وكيف يتم الحشد النفسي والوجداني وتجييش المشاعر حتى تنساق خلف ستار الطاعة المطلقة لمؤسسها حسن البنا. وتطرق الجزء الأول إلى تشكيلات الجماعة والشكل الشبكي الذي يدور في سلسال من الحلقات، يظهر خيطها في يد مؤسسها والذي كان يحرك كل أماكن التشكيلات بالجمهورية بمجرد تمتمات الكلمات. الجزء الثاني "السلطة والأقنعة" في الجزء الثاني من المسلسل، طرح الكاتب وحيد حامد عددا من الأسئلة التي تخلق حراكا من الوعي لدى العقول المغيبة. وكان الجزء الثاني يرصد مراحل ثقل الجماعة في الشارع، وتأثر الشارع بشعارات الدين، وكيف أصبحت الجماعة طرفا فاعلا في المعادلة السياسية. وناقش المسلسل الصدام بين الجماعة وثورة ١٩٥٢، وكيف جلست جماعة الإخوان على طاولة المساومات بعيدًا عن أي مصلحة وطنية، بل لكل مصلحة تخص الجماعة فقط. وقدم المسلسل بشكل عام تاريخ الجماعة الدموي من عمليات الاغتيالات، والتي لا يمكن نكرانها من أفراد جماعة الظلام أنفسهم. مسلسل الاختيار "ملحمة التوثيق والوعي" جاء مسلسل الاختيار بثلاثة أجزاء، تمثل ملحمة متكاملة من الوعي والتوثيق، للفترة الأكثر حرجًا وشائكية في عمر الوطن، بعد عام من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وبعد انتفاض الشعب المصري والخروج في ثورة للقضاء على حكم الإخوان، بإرادة قررت أن تحمي وطنها من مصير مجهول. وقدم المسلسل نماذج في كل جزء، تمثل خلفها قطاعا عريضا من القطاع الذي تمثله، على سبيل المثال في الجزء الأول ومواجهة الإرهاب في سيناء، كان الشهيد أحمد منسي بطلا ورمزا له دلالة على الكثير من رجال القوات المسلحة المصرية البواسل. وبعد معركة الإرهاب تظهر مواجهات من شكل آخر، بتتبع رجال الأمن الوطني والمخابرات في معارك الرصد كحائط صد منيع يفند مخططات جماعات الظلام، ويسبق بخطوة كل محاولة آثمة من أيادي تاريخها لطخ الدماء. مسلسل "كلبش" يستعرض مسلسل كلبش زوايا مختلفة من المرحلة التي مرت بها البلاد، بعد ثورة ٣٠ يونيو، وكيف واجه رجال الجيش والشرطة البواسل كل أعمال الإرهاب بشجاعة، منذ اللحظة الأولى للمسلسل، ومشاهد استشهاد رجال الشرطة في عملية مداهمة لأوكار الخلايا الإرهابية. وتصاعد المسلسل بالأحداث ليقدم انتقام الجماعات من رجال الأمن، وكيف واجه الأبطال وأسرهم كل تلك الصراعات النفسية الدقيقة، فداء وتغليبا لمصلحة الوطن. مسلسل "الاكسلانس" يطرح مسلسل الاكسلانس، صوره أخرى من صور فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، وما قاموا به في الغرف المغلقة، بعد الوصول لسدة الحكم، خاصةً في ملف التعامل مع رجال الأعمال، ومحاولات السيطرة على مفاصل الاقتصاد المصري بالاستحواذ على الكيانات الناجحة ما بين الابتزاز والعنف. وتتصاعد أحداث المسلسل بمحاولات الضغط المتواصل على رجل الأعمال الشاب الذي جسد شخصيته الفنان أحمد عز، وكيف حاولت جماعة الإخوان الانقضاض على الكيان الاقتصادي الذي يملكه، إلى جانب تسخير الحكومة في التنكيل به ومثله الكثير، للوصول لأغراضهم الدنية، والسعي للتكسب والتربح والسيطرة على مفاصل الدولة في كل الجوانب والاقتصادي منها أيضا.

من "طظ في مصر" إلى "القطيع": خطاب الإخوان المهين للشعوب.. والمهووس بالسلطة
من "طظ في مصر" إلى "القطيع": خطاب الإخوان المهين للشعوب.. والمهووس بالسلطة

البوابة

time٣٠-٠٦-٢٠٢٥

  • البوابة

من "طظ في مصر" إلى "القطيع": خطاب الإخوان المهين للشعوب.. والمهووس بالسلطة

نشرت جماعة الإخوان المسلمين عبر قنواتها على تطبيق تيليجرام الأحد 29 يونيو 2025، ما يشبه البيان أو التعليق السياسي، جاء بلهجة هجومية جارحة تجاه الشعوب العربية. البيان لم يحمل سوى نبرة لوم واتهام، وكأن الجماعة تنأى بنفسها عن الواقع وتلقي بكامل المسؤولية على الشعوب التي لم تعد تعبأ بخطابها ولا تستجيب لنداءاتها. ففي وقتٍ يُفترض فيه أن تكون الجماهير حليفًا وشريكًا في الوعي والتغيير، اختارت الجماعة أن تستخدم لغة تُقابل بالازدراء والنفور، مما يعكس انقطاعًا واضحًا عن المزاج العام وسوء تقدير لطبيعة التحولات التي مرّت بها المجتمعات العربية. هذا الخطاب لا يُعد جديدًا، بل يأتي امتدادًا لسلسلة طويلة من مواقف متكررة عُرفت بها الجماعة، إذ كثيرًا ما لجأت إلى إهانة الجماهير كلما شعرت بأنها خذلت مشروعها في العودة إلى السلطة. فقد سبق لمرشد الجماعة الأسبق أن تلفّظ بعبارات مثل "طظ في مصر"، في إشارة واضحة إلى استخفافه بالشعب والدولة معًا، كما كرر قياديون منهم، بمن فيهم حسن البنا وسيد قطب، مواقف تنزع عن الأوطان أي قيمة مستقلة، وتعتبرها مجرد وسائل لا تساوي شيئًا ما لم تكن خاضعة لحكم الجماعة أو تعمل لصالح مشروعها. البيان الأخير استخدم عبارات متعالية، واصفًا الشعوب بـ"القطعان التي تأكل وتنام ولا تحتج إلا بإيعاز"، كما حمّلها المسؤولية الكاملة عن استمرار التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وسكوت الأنظمة عن سياسات "الصهاينة"، متجاهلًا تمامًا تعقيدات الواقع السياسي، وتوازنات القوة،. يظهر من هذا الخطاب أن الإخوان لا يرون في الشعوب شركاء حقيقيين، بل أدوات عليهم أن يتحركوا بأمر التنظيم، وفي حال لم يفعلوا، يتحوّلون في نظرهم إلى جُناة ومتواطئين. هذه النظرة التسلطية تكشف عن جوهر العلاقة التي تسعى الجماعة لفرضها: علاقة طاعة لا مشاركة، ووصاية لا شراكة. جلد الشعوب بدلًا من نقد الذات يبدو أن بيان جماعة الإخوان الأخير لم يكن سوى محاولة جديدة للهروب من نقد الذات، عبر توجيه اللوم الكامل للشعوب العربية. فبدلًا من أن تمارس الجماعة أي قدر من المراجعة لمسارها أو خطابها أو تحالفاتها، اختارت مجددًا سلوك الطريق الأسهل: جلد الجماهير. البيان جاء محمّلًا بكم هائل من التلميحات المهينة والاتهامات المغلّفة بالدين، وكأنه لا سبيل لفهم الواقع سوى من خلال تخوين الناس وتكفير نواياهم. فقد تحوّلت خيبة الجماعة في الشارع العربي إلى غضب أعمى يُصبّ على الشعوب بدلًا من مساءلة النفس. من أبرز مظاهر هذا الخطاب، استدعاء الجماعة لآيات قرآنية في غير موضعها، كما في ختام البيان الذي تضمن الآية: "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قومًا فاسقين". هذه الآية، التي تتحدث عن فرعون واستخفافه بقومه، استُخدمت هنا في غير سياقها لتُسقِط صفة "الفسق" على الشعوب العربية، بحجة أنها لم تتحرك وفق ما تريده الجماعة: لم تخرج إلى الحدود، لم تتظاهر أمام السفارات، ولم تفتح المعابر بالقوة. هذا التوظيف التعسّفي للنصوص الدينية ليس جديدًا في أدبيات الجماعة، لكنه يعكس بوضوح مدى تعاليها الأخلاقي ورفضها للاعتراف بأن للناس أولويات ومخاوف تختلف عن شعاراتها الثورية. اللافت أن البيان لم يتضمّن أي إشارة إلى مسؤولية التنظيم عن ما آلت إليه الأوضاع، سواء على مستوى خطابه أو خياراته أو إخفاقاته السياسية والاجتماعية. وكأن الجماعة لا تعيش في العالم نفسه، ولا علاقة لها بفقدان الناس للثقة في مشروعها. هكذا تتحوّل الجماهير في خطاب الإخوان من ضحايا الاستبداد والقمع إلى متهمين بالفساد والفسق، في ظل تجاهل تام لحجم المعاناة التي يعيشها المواطن العربي. إن هذا النوع من الخطابات لا يعبّر عن حزن صادق على الواقع، بقدر ما يفضح عقلية الوصاية والتبرؤ من الفشل، التي لطالما اتسم بها نهج الجماعة في كل لحظة خسارة. ازدراء الشعوب.. نهج متجذر لم يكن ازدراء جماعة الإخوان المسلمين للشعوب والأوطان مجرد انفعال عابر أو خطاب ظرفي نتج عن الهزيمة أو الإقصاء، بل هو جزء متجذّر في بنيتها الفكرية منذ لحظة التأسيس. هذا الازدراء لم يتوقف عند مستوى التلميحات، بل صيغ بوضوح في أدبيات قادتها ومقولاتهم الشهيرة، التي ترسّخت في وجدان التنظيم كمسلمات فكرية لا تقبل النقاش. ففكرة الوطن، التي تعد حجر الزاوية في تشكيل الهوية والانتماء، كانت دومًا في أدبيات الإخوان قيمة هامشية لا تستحق الدفاع عنها إلا إذا خضعت بالكامل لمشروع الجماعة. من أبرز ما يوضح هذا التوجّه، ما كتبه مؤسس الجماعة حسن البنا، حين قال بوضوح: "الوطن حفنة من تراب عفن"، وهي عبارة بالغة الدلالة، لأنها تختزل رؤية الجماعة للأوطان باعتبارها بلا معنى إن لم تكن في خدمة ما يسمونه بـ"الدعوة" أو "المشروع الإسلامي"، وهو الاسم الحركي للسلطة الدينية والتنظيمية التي يسعون لفرضها. هذه العبارة نفسها أعاد تكرارها سيد قطب، مُبرزًا مدى تجذّر هذه النظرة داخل المدرسة الفكرية للإخوان، حيث يُنظر للوطن كمجرد وسيلة لا غاية، وساحة للصراع لا مجالًا للمواطنة والانتماء. هذا الموقف لم يتغير مع تطورات الزمن أو تغير القيادة داخل الجماعة، بل بقي ثابتًا يتكرّر كلما سنحت الفرصة. فقد سجّل المرشد العام السابق، محمد مهدي عاكف، موقفًا صادمًا حين قال: "طظ في مصر وأبو مصر، أنا أنتمي إلى المشروع الإسلامي لا إلى الوطن!"، في تعبير صارخ عن عقيدة الإخوان العابرة للحدود والتي تُقدّم الولاء للتنظيم على حساب الدولة والشعب. هذه التصريحات لم تكن زلات لسان كما يحاول البعض تبريرها، بل هي تعبير واضح عن عقل جمعي يرى في الوطن مجرد محطة للتمكين، فإن لم تخدم السلطة الدينية للإخوان، فلا قيمة له ولا ولاء له. هل الجماهير هي المسؤولة حقًا؟ يتغاضى بيان جماعة الإخوان عن الظروف المعقدة التي تعيشها الشعوب العربية، متجاهلًا أن الواقع لا يسمح دائمًا بالتحرك الجماهيري أو الاحتجاج العلني. فليس من المنطقي اختزال غياب الحراك الشعبي في ضعف الوعي أو تقصير الشعوب، دون فهم حقيقي للضغوط السياسية والاجتماعية التي تجعل كثيرين يفضّلون السلامة والاستقرار على المغامرة بمصيرهم الشخصي أو مستقبل أسرهم. تحميل الجماهير كامل المسؤولية فيه قدر كبير من التجنّي، ويتجاهل حقيقة أن المجتمعات ليست دائمًا قادرة على التغيير من خارج المؤسسات، أو دون وجود بيئة آمنة ومُهيأة لذلك. إضافة إلى ذلك، فإن موقف الجماعة يبدو بعيدًا عن أي مراجعة ذاتية، وكأنها لا تتحمل أي قدر من المسؤولية عمّا آلت إليه الأمور. فحين سنحت لها فرصة الحكم، سواء في مصر أو غيرها، لم تلتزم بما ترفعه اليوم من شعارات، ولم تقدم نموذجًا يرسخ الثقة في خطابها. بل بدا أن أولوياتها في تلك المرحلة كانت تتركّز على تثبيت وجودها السياسي وبناء نفوذها داخل مؤسسات الدولة، دون أن تعطي اهتمامًا كافيًا للقضايا الكبرى التي تعود اليوم لتضعها في مقدمة خطابها. هذا التناقض بين ما ترفعه الجماعة من مواقف اليوم، وما قدّمته في تجربتها العملية، يضعف قدرتها على إقناع الجمهور، ويجعل خطابها أقرب إلى تسجيل المواقف منه إلى دعوة صادقة للمراجعة أو الإصلاح. إن تقييم واقع الشعوب يجب أن يكون نابعًا من تفهّم عميق لظروفها وتعقيداتها، لا من موقع الوصاية أو الإدانة، خصوصًا عندما تصدر من جهة لم تثبت في تجربتها السابقة أنها كانت البديل الأفضل. أين المشروع؟ أين البديل؟ تكمن خطورة خطاب جماعة الإخوان في أنه لا يكتفي بلغة الاتهام واللوم، بل يكشف أيضًا عن فراغ فكري واضح. فالبيان الأخير لا يتضمن أي ملامح لمشروع بديل أو خطة عملية للخروج من الأزمات التي يشكو منها، ولا يطرح سبيلًا لبناء وعي جماهيري أو تفعيل أدوات سلمية للتعبير والتغيير. يغيب عنه أي دعوة حقيقية للتنظيم المجتمعي أو التثقيف أو العمل التراكمي، وكأن الغاية الوحيدة منه هي تسجيل موقف غاضب دون أي أثر يُذكر على الأرض. هذا الغياب للمضمون يعكس حالة من الانفصال عن الواقع، حيث يبدو البيان وكأنه صدى لأزمة داخلية يعانيها التنظيم أكثر مما هو تعبير عن قراءة ناضجة للمرحلة. فبدلًا من أن يقدم رؤية تتجاوز التذمر وتفتح أفقًا للأمل أو التغيير، يكتفي بإلقاء التهم وتحميل الشعوب كامل العبء، دون أن يراجع أدواته أو يسائل ذاته. إنه خطاب لا يسعى إلى إقناع أو بناء، بل يصرخ في فراغ، عاجزًا عن التفاعل مع التحولات التي طرأت على المجتمعات العربية. بهذا الشكل، يتحول البيان إلى مرآة مكسورة لا تعكس الحقيقة بل تشوّهها، فيزيد من حالة الإحباط والانقسام بدلًا من أن يساهم في تجاوزها. وبدل أن يكون عنصر إلهام أو تحفيز، يصبح عبئًا على الوعي العام، يعمّق الشعور بالعجز، ويُكرّس فقدان الثقة في قدرة الجماعة على تقديم أي أفق مختلف أو مسؤول. خلاصة الجماعة التي أسّست خطابها على نفي الوطنية، ووثّقت تاريخها بإهانة الشعوب، لم تتغيّر اليوم. لا تزال ترى الناس مجرد "أتباع"، والوطن مجرد محطة، والحكم غاية تتجاوز كل الاعتبارات. ومن ثمّ، فخطابها ليس فقط عديم الفعالية، بل عديم الأخلاق. إن الشعوب لا تُستنهَض بالتحقير، بل بالاحترام والتنوير والتشاركية. أما من ينظر إلى الناس كقطيع، فلا يحق له أن يطلب منهم السير خلفه، بل أن يتساءل: لماذا لم يعد أحد يصدّقه؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store